مقدمة:
كيف بزَّت أسماء محمد الحسنى الخرافية أسماء ربه الأكثر خرافة؟
عندما هاجر المسلمون (على شكل غزو وحروب) إلى العراق والشام ومصر في القرون الثامن والتاسع والعاشر اصطدموا بمجتمعات مسيحية تتمركز فيها مجموعة من العقائد الأساسية وهي تعظيم يشوع واعتباره ابن الله؛ مثلما كانوا يعظمون أم يشوع العذراء: مريم.
وهذا ما دفع اللاهوت الإسلامي إلى محاكاة المسيحية:
تعظيم محمد إلى حد تمَّ جعله أكثر أهمية من خرافة "الله" أسوة بتعظيم يشوع (ابن الله!)؛
وتعظيم عائشة (من قبل السنة) وفاطمة (من قبل الشيعة) أسوة بتعظيم مريم.
1.
منذ بداية الإيمان التقديسي التسليمي والخرافي الغريب لشخصية محمد أخذ المسلمون يطلقون عليه مختلف الأسماء والألقاب والصفات والكنى التبجيلية حتى تم إخراجه نهائياً من حدود البشر ووضعه في مصاف إله أزاح في الكثير من الأحيان مكانة "الله" المبجلة.
[ملاحظة اعتراضية: أكرر للمرة الألف بأنني أتحدث عن "محمد" الشخصية الأدبية في السيرة الأدبية الإسلامية]
فقد تحولت العلاقة التقديسية إزاء محمد إلى هوس ديني وعقيدة دينية لا تقل أهمية عن العقيدة الدينية الإسلامية نفسها.
وكالعادة فإنَّ المسلمين وفي عملية صناعة الخرافة لابد وأن يعودوا إلى الوراء – إلى محمد نفسه واستناداً إلى هذه الصناعة فإنه هو الذي وضع أسس التقديس هذه واصفاً نَفْسَهُ بنَفْسِهِ:
" لِي خمسة أسماء: أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحِي الذي يَمْحُو الله بي الكفر، وأنا الحاشِر الذي يُحشَر الناس على قَدَمِي، وأنا العاقِب"!
2.
وفي عملية البحث في كتب الخرافات الإسلامية السنية والشيعية عن هوس التسميات المحمدية عثرت على كتاب [أسماء النبي في القرآن والسنة] وَفَّر علي قراءة عشرات الصفحات من السخف اللاهوتي وقدم لي صورة مدهشة لهذا الهوس على طبق من فضة (فأنا أكره الذهب)!
ففيه كلُّ ما لذ وطاب من الأسماء – بل يمكن القول أنه معجم جامع لأسماء التقديس لشخصية محمد التي حار المسلمون في وضعها واختلاقها. والحيرة التي أتحدث عنها لا تتعلق بـ"ضيق حال" الثقافة الخرافية على التسمية بل ضيق العمر وطول السنين على اختلاقها والتلذذ من قبل الكتاب المسلمين بسماعها.
3.
والكتاب يتكون من "بابين!":
يتضمن الباب الأول عدداً "متواضعاً جداً جداً " من الأسماء في الفهرس المنشور في نهاية هذا الموضوع.
أما الباب الثاني فيعود إلى "مؤلف" آخر قرر أن يذهب من غير رجعة إلأى ما وراء حدود اللامعقول والهوس الإيماني إذ كاد يجمع فيه [أو كان على قاب قوسين أو أدنى أن يدمع فيه!] كل الأسماء "الحسنى" الممكنة على كوكب الأرض [ولأنه كسيح فقد اكتفى بالأرض فقط] مانحاً إياها مرة واحدة لشخص واحدٍ وحيدٍ أحدٍ لا شريك له وهو:
محمد!
4.
ومن لا يفهم دلالة كلمة "اللامعقول" فهماً عميقاً فإنه آن الأوان أن يفهم هذه الكلمة حين يطالع مئات الأسماء الخرافية التي يجمعها "المؤلف" من "بطون" الكتب الإسلامية و "أعجازها" [جمع العَجُز: المؤخرة]جاعلاً أفضل الصفات في اللغة العربية صفات لمحمد وكأن اللغة ظهرت من أجله وتمجيداً له أو أنها لم تظهر إلا بظهوره والأمر واحد!
لكنه، والحق يقال، "ينظمها" نُظماً كسيحاً مقززاً ومبتذلاً ومثيراً للضحك ولا مناص من هذه الكساحة طالما يستند إلى وعي مزيف كسيح بادئاً من [حرف الألف]:
ومنتهياً بـ [حرف الياء]:
وما بين [حرف الألف] و[حرف الياء] فإنَّ أسماء وصفات محمد تتراكم لتشكل جبلاً لغوياً عبثياً من الثقافة الخرافية التي، كما يبدو، لا يخجل أحد منها.
وهكذا لم تعد الأسماء الحسنى لخرافة "الله" غير صدى باهت ضئيل لا حد لضآلته.
ملاحظة:
أنا لا أتحدث هنا عن الكتب التي تتحدث عن محمد وصفاته ومحاسنه الشخصية ومنزلته وخلقه العجيبة الغريبة وإنما عن أسماءه فقط. ومن يريد أن يطلع على "عجائب" محمد فلا يجتاج غير تصفح أحد كتب الموتى من قبيل " الشفا في حقوق المصطفى" للقاضي عياض الذي شغل ما يقارب 900 صفحة من المديح العجائبي والوصف اللامعقول لشخصية محمد التي لا تخالف كل ما عرفه التاريخ فقط وإنما تخالف المنطق والمألوف والحقائق.
5.
وفي هذا الجنون الشامل – وربما بسبب هذا الجنون بالذات- تجاهل المسلمون بصورة متعمدة تجاهلاً صارخاً ليس جميع الوقائع التاريخية المنافية لهذه "الأسماء والألقاب والصفات" التي تقولها لنا سيرته المشبوهة فحسب، وإنما تجاهلوا حتى اسمه الحقيقي أيضاً وقرروا التخلي عنه، مثلما تخلوا عن اسم ابيه- وقرروا أنَّ اسميهما لا يليق بـ"نبي" و"أبي نبي"!
فأصبح "قثم" وهو اسم نبيهم الحقيقي بالولادة إلى "محمد" أولاً، وتحول اسم أبيه "عبد اللات" إلى "عبد الله" لكي يستجيب للتصورات والتقاليد الدينية الجديدة ثانياً!
وهم لا يزالون يرفضون اسمه ولقبه الحقيقي – رغم ما تقوله كتبهم ذاتها واختلقوا له اسماً ولقباً آخرين تليقان بمظاهر التقديس والتبجيل العبثية التي أضفوها عليه.
وعلى سبيل المثال أشار ابن الجوزي إلى أنَّ "القثم" من أسماء محمد [المدهش، أبو الفرج جمال الدين بن علي بن محمد بن الجوزي، 2005، صفحة: 49]. وفي "غريب الحديث في بحار الأنوار" لحسين الحسيني البيرجندي، باب "القاف"، يشير المؤلف إلى أن "القُثم" بضم القاف من أسماء محمد.
6.
ومن الناحية التاريخية والمنطقية فإنَّ تسمية محمد بـ"قثم" ليس صدفة أو أمراً اعتباطياً. فهذا الاسم له جذور في عائلة عبد المطلب.
فعبد المطلب له ابن اسمه "قثم" ويقال أنه مات قبل ولادة "قثم/محمد" بثلاث سنوات وقد كان عبد المطلب يحبه كثيراً. ولما ولد "قثم/محمد" سماه "قثماً" [جُمَلٌ من أنساب الأشراف - ج 4، البلاذري، بيروت 1996، ص 411].
ومن ثم قرروا صناعة قصة لتحول الاسم من قثم إلى محمد. إذ يقول البلاذري: "فأخبرته أمه أنها أُرِيت في منامها أن تسميه محمداً". ولهذا قرر عبد المطلب تسميته "محمداً".
وهذا من غير شك من الإضافات المتأخرة لقضية الاسم حتى تضفي على صيغة "محمد" نوعاً من الأصالة.
7.
وبالإضافة إلى هاتين الحالتين ثمة حالة ثالثة لوجود اسم "قثم" في عائلة المطلب:
فالعباس بن عبد المطلب له ولد اسمه "قثم" الذي ولاه علي بن أبي طالب على مكة [المصدر السابق: ص 85]. وهذا ما يذكره ابن حجر في [الإصابة في تمييز الصحابة – ج5، ص:32، حرف القاف بعدها الثاء]. ويشير إلى أن "قثم" هذا كان يشبه "قثماً/محمداً" وقد كان أحدث الناس بـ"قثم/محمد".
8.
إذن:
بدلاً من “قثم” تحول نبي المسلمين إلى “محمد” زائداً مئات الأسماء الحسنى صانعةً خرافة مترامية الأطراف وعميقة الجذور في وعي جيش من السذج!
ولكن ماذا عن اسم أبيه – كيف ظهر "عبد الله" بدلاً من "عبد اللات" (أو "عبد العزى) باعتباره من عبدة الأصنام كما كان جده وأعمامه وأخواله [أم هذا أمر يخالف قوانين الطبيعة!]؟
إذ لا وجود لاسم "محمد" و"أحمد" عند العرب قبل أن يظهر اسم محمد المرتبط بـ"محمد/قثم". وهذا ما يعترف به القاضي عياض في "الشفا في حقوق المصطفى". فمن عجائب اسم "محمد"، كما يقول عياض، هو أن الله قد حمى أن يسمى بهما احد قبل زمانه [ص286].
ويقوا أيضاً"
"لم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده وميلاده أن نبياً يبعث اسمه محمد"!
وهذا ما يؤكد مؤرخ مسلم معاصر مثل هشام جعيط في "السيرة النبوية - تاريخ الدعوة النبوية".
[ملاحظة أخيرة لا ينبغي عبورها:
كانت قريش تسميه "المُذّمِّم" ضد ما يسميه جماعته "مُحَمَّداً" لأنه كان يذمُّ كل من اختلف معه؛
كما كانوا يسموه "ابن كبشة" - وكبشة هو زوج حليمة السعدية مرضعة "قثم - محمد]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق