[هايل هتلر!]
1.
هل ثمة فرق ما بين قانون"الكذب النازي" وقانون"الكذب الإسلامي"؟
إذا انطلقنا من المبدأ الأساسي وهو أنَّ كلَّ أنواع الكذب هي كذبٌ مهما تعددت الأساليب والغايات، فإنَّ لا فرق ما بين قانوني الكذب النازي والإسلامي. فكلاهما يسعيان إلى الخداع والتضليل:
الأولُ خدمة للنازية؛
والثاني خدمة للسلطة الدينية الإسلامية والدول الإسلامية.
وفي الحالتين يدفع الناس ثمناً باهضاً من جراء الخراب والتدمير والإبادة الجماعية التي أحدثتها وقامت بها الحرب النازية والغزو الإسلامي.
2.
إن الغازي لا ذاكرة له؛
والدَّمُ بالنسبة له "لونٌ" أحمرُ قانٍ لا غير؛ واحتلال الشعوب الأخرى وإلغاء تاريخها الشخصي بقوة السلاح ونشر الموت يسمى "تحرير" أو"فتح"؛ والاستحواذ على ثروات هذه الشعوب واغتصاب نسائها وتحويلها إلى إماء حيث ستخضع فيما بعد إلى مبدأ ملك اليمين يستحيل إلى "حقٌ" إلهي مقدس تبرره أهداف القائد – الفوهرر "Führer" بالنسبة للنازية، والرسالة المحمدية بالنسبة للإسلام.
3.
إن كوارث الكذب كوراث لا يمكن المفاضلة فيما بينها.
ولكن مع ذلك فثمة فرق بنيوي ما بين قانوني الكذب النازي والإسلامي وإن لهذا الفرق نتائج تاريخية مختلفة.
حينما أطلق وزير الدعاية الهتلري بول جوزيف غوبلز قانون: "اكذب .. اكذب حتى يصدقك الناس" فإنه موجه بالدرجة الرئيسية إلى التأثير على الآخرين ونشر العقيدة النازية باعتبارها عقيدة تحرير للفرد "الآري" وإعلاء شأنه.
ولأن "الدعاية" منظومة من الأفكار السياسية والأساليب والوسائل التي تسعى إلى إقناع الآخرين بهذه الأفكار فإن منظم الدعاية يدرك جيداً مكونات المادة الدعائية. وبدون هذا الإدراك فإنه من الصعب أن يتوصل إلى نتائج إيجابية.
4.
النازية كانت تكذب 24 ساعة (لقد استمر هتلر بالكذب رغم أن الجيش السوفياتي وجيش الحلفاء كانا على مشارف مدينة برلين) بما يتعلق بجميع الغايات المبطنة وبما يتعلق بالآخرين حتى يتحول الكذب إلى مادة وحيدة ومصدر أساسي للمعلومات، فَيَكُفُّ الواقع عن الوجود ويحل محله عالم مصنوع من نسيج الدعاية الكاذبة: كل شيء تحول إلى مادة دعائية: الفن والرياضة والإنتاج والإذاعة والصحف، بل وحتى الزواج وإنجاب الأطفال. وعلى هامش القمع اليومي المنظم التي بدأته كتائب القمصان البنية بدأت بمحارق الكتب.
محارق الكتب "المعادية!":
إنه المعيار الذي لا يخطأ لقيام الأنظمة الشمولية. وينبغي ألا تُفهم عبارة "محارق كتب" بصورة حرفية دائماً وفي أي مكان. فهناك أشكال أخرى لها وهي إذابة الكتب "المعادية!" بمحاليل كيميائية وتحويلها إلى عجينة تستخدم كمادة خام لصناعة الورق من جديد، وهناك من يرمي هذه الكتب إلى مقبرة النفايات. غير أن الهدف واحد لا غير:
"قتل" الفكر المخالف إذا لم تتوفر الإمكانية لقتل المخالف نفسه!
وقد تسنت لي الفرصة شخصياً لرؤية الكتب والمجلات الدورية في مخازن "هيئة المطبوعات" والمهيئة للتدمير في مراكز تدوير النفايات في دولتين عربيتين.
5.
الكذب الإسلامي:
إما الكذب الإسلامي فهو نوع مختلف في طبيعته وآلية عمله وتاريخه. فإذا كان اتجاه الكذب النازي من الداخل إلى الخارج، إذا صح التعبير، وذلك لأنه وحينما تردد النازية الأكاذيب تسعى إلى خداع الآخرين، فإن اتجاه الكذب الإسلامي من الداخل إلى الخارج مرة ومن الخارج إلى الداخل مرة أخرى:
اكذب . . اكذب حتى تصدقَ نفسك!
إنه ما يشبه التعاويذ الدينية الممتزجة بخليط الصلوات والأدعية و"أحلام اليقظة" و"الإيمان الديني" و"المعارف المتدنية" حيث لم يعد لها هدف آخر إلا السعي إلى إقناع النفس.
غير أنه ثمة فرق آخر أكثر مدعاة للرعب والهلع:
لقد بعثت البشرية بالنازية إلى سلة مهملات التاريخ. أما الإسلام فلا يزال يطوف كالشبح في عالمنا.
![]() |
أمين الحسيني مفتى فلسطين ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي عام 1941: هايل هتلر! |
6.
بدأ الكذب الإسلامي منذ حوالي 14 قرناً، ولم يزل لحد الآن!
وهو إذ بدأ بصناعة نبي وكتاب وحواريين "صحابة" فقد ترافقت عمليات الكذب بالعنف الشامل عن طريق جحافل الغزو والفرض القسري مستلهمين نداء محمد:
"أُمرتُ أنْ أقاتلَ الناسَ حتى يشهدوا أنَّ لا إله إلا الله وإنَّ محمداً رسول الله"!
وليس أمام الآخرين إلا واحد من اثنين:
إذا لم يكونوا من "أهل الكتاب": فإما قبول القتل والتعذيب البشع والاستحواذ على النساء والأطفال كغنائم حرب، وإمَّا دخول الإسلام!
وأما إذا كانوا "كتابيين": فإما القتل وإما دخول الإسلام وإما دفع الجزية والخضوع والذل:
"قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ"!
فهل اشترى أهل الكتاب حياتهم بدفع الجزية؟
تقريباً.
ولكن هل اشتروا حريتهم؟
لا!
وهل انتهت محنتهم؟
لا!
7.
إنْ كان التاريخ يكتبه المنتصرون فهذه حقيقة ساطعة في كتب المسلمين ولا تحتاج إلى براهين. إلا أن ثمة خاصية متميزة للغاية هي أنَّ هؤلاء المنتصرين المسلمين قد مارسوا خلال قرون الغزو وفيما بعد رقابة شاملة على كل ما يكتب: تدمير ما لا يروق لهم من كتب المعارضة السياسية أو الفقهية أو التاريخية. والكارثة هي أنه لا توجد بدائل تدوين لما كان يحدث.
فبالرغم مِنْ أن هناك مَمَّنْ هُمْ مِنْ أهل الكتاب قد تعرضوا للقتل والتعذيب أيضاً، لأنهم رفضوا دفع الجزية فإن سياسة القهر الإسلامي له وجه مستتر وهو دخول مواطني سوريا وفلسطين والعراق وفارس ومصر إلى الإسلام بأكثر من طريقة. وقد كان حد السيف أكثرها بادياً للعيان والتاريخ.
فهل كان دخول المسيحيين واليهود وأصحاب العقائد الأخرى إلى الإسلام نتيجة لقناعة شخصية دينية؟
إن قراءة وثائق الإسلام بتأمل تكشف عن حقائق مثيرة للاهتمام يمتنع المسلمون عن قبولها أو حتى التفكير فيها.
8.
بعد أراقة الدماء ودمار المدن واستعباد النساء وتحويلهن إلى جوارٍ فإنه يأتي دور القمع المنظم وآليات الجبر "المستتر":
أولاً: إن استحواذ العرب المسلمون على السلطة وعلى جميع مقدرات الحياة فإن حياة السكان الأصليين كانت مهددة بالخطر دائماً وأصبح الانتماء إلى القبائل العربية وتحولهم إلى "موالي" وسيلة لحماية النفس. والانتماء إلى القبائل العربية يعني الانتماء إلى الإسلام. إلا أن "للموالي" مكانة هي أقرب إلى العبودية منها إلى ابن القبيلة المسلم. وإن هذه المكانة الدونية للموالي، وخصوصاً في زمن الأمويين، هي التي استدعت ما يسمى بـ"الشعوبية" التي لم تكن إلا ردة فعل على المعاملة المجحفة وغير العادلة ومظاهر الظلم والقسوة التي كان يتعرض لها الموالي.
ثانياً: بعد هيمنة العرب المسلمين على الأجهزة الإدارية ومرافق الدولة آنذاك سواء في عصر الأمويين أو العباسيين فإن إتقان اللغة العربية والظهور بمظهر العربي أصبح ضرورة لابد منها للحصول على الوظائف في إدارة الخلافة. وقد قاد هذا الأمر وببطء إلى انسلاخ السكان الأصليين عن طوائفهم وأصولهم المختلفة والظهور بمظهر المسلمين. وقد كان الكثير من هؤلاء متعلمين يتقنون لغات أخرى غير العربية ساهموا بفعالية في إغناء الثقافة العربية عن طريق الترجمة والتأليف.
ثالثاً: لقد ساهمت "الجزية"، وبكلمة أدق عدم القدرة على دفعها إلى دخول الكثير من غير المسلمين إلى الإسلام. إذ أن "التفاوت الضريبي الذي دشنه القرآن بين المسلمين وغير المسلمين الحافز الرئيسي إلى التحول إلى اعتناق الإسلام"[المسيحيون واليهود في التاريخ الإسلامي العربي والتركي، فيليب فارج ويوسف كرباج، القاهرة 1994]. وبسبب تضخم الضريبة بالنسبة لغير المسلمين (الخراج زائداً الجزية) في العراق مثلاً كان من العوامل الحاسمة إلى تسارع وتيرة اعتناق الإسلام سريعاً بحيث أن الوالي سعياً منه إلى صون موارد الخزانة، يضطر إلى فرض ضريبة الرأس حتى على المتحولين إلى اعتناق الإسلام [المصدر السابق].
ويشير مؤلفا " المسيحيون واليهود في التاريخ الإسلامي العربي والتركي" إلى حقائق تبطل الانتماء الطوعي إلى الإسلام.
فقد ترتبت على النظام الضريبي نتيجة أخرى وصفاها عن بأنها "أكثر خبثاً". إذ أن هبوط "عدد الدافعين الخاضعين للجزية يستتبع زيادة مبلغها الواجب الأداء عن كل فرد. ويمكن للضرائب أن تصبح غير محتملة بالنسبة لأولئك الذين يكابدون في آن واحد الجزية والخراج، إلى درجة أنهم يضطرون إلى هجر الأولى أو الثاني. فسعياً إلى تجنب ضريبة الأرض، يهجر كثيرون من المسيحيين الثابتين على ديانتهم الريف عندئذ. وإلى هذا الزمن البعيد يرجع على الأرجح الانغراس الحضري لجزء هام من المسيحيين".[المصدر السابق]
9.
ولكن ماذا يهم كل هذا؟
فعمليات الكذب على النفس لها مفعول المخدرات تدفع حيناً إلى النسيان وحيناً أخر إلى الهلوسة!
إن هذا الوهم الذي يعيش فيه المسلمون له في بعض الأحيان تأثيرات علاجية يعيد إليهم نوعاً من التوازن المفقود والشعور بالدونية. فهم قد صدقوا أكاذيبهم بـ"دخول الناس أفواجاً" وجعلوا من تصديقهم لأكاذيبهم عقيدة دينية لا يمكن زحزتها أو الشك بها ومناقشتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق