منع

الشرخ [1-4]: لماذا لا يَشُكُّ المسلمُ بما يقول ومصداقية ما يؤمن؟



إهداء:
إلى المسلمين والمسلمات الشباب الذين لم يودعوا عقولهم ويرفضون تسليمها لمعامل تدوير المواد البلاستيكية التابعة لهيئات الفقه الإسلامية!
1.
من أولى انطباعاتي عن المسلمين "الممارسين/المحترفين" للعقيدة الدينية (وكأنها وظيفة في إحدى الدوائر الحكومية السرية)، هو ثقتهم العالية والمطلقة بصحة ما يقولون ومصداقية ما يؤمنون.
إنهم ينظرون إليك نظرات خالية من المعنى وكأنهم ينظرون من خلالك وفي نظرتهم ترى الكراهية فقط.
وكما يقول المثل: لا يمكن أن تهزهم المدافع!
وهم يكتسبون بذلك شخصية تشبه حيوان الكركدن الذي يعتقد بأنه قادر على دحر الجميع لا لسبب إلا لأنه يملك قرناً واحداً!
2.
وقد شغلتني بهذا الصدد ومنذ ذلك الحين مجموعة من الأسئلة الصعبة كانت ولا تزال تشغلني.
إلا أنه ومع الزمن والتجربة أخذت بعض الأجوبة تتكشف شيئاً فشيئاً وأبعاد هذه "الثقة" تتوضح ولم تعد "صلابة" الأسئلة بتلك الصلابة ولا هي بعيدة عن الإدراك كما كانت تبدو للوهلة الأولى.
3.
من بين هذه الأسئلة ثمة سؤالان يستويان في المقدمة ويناقض أحدهما الآخر:
لماذا لا يشكَّ المسلمُ (ولَوْ لـ"نانو" من الثانية!) بصحة ما يقول ومصداقية ما يؤمن؟
وفي نفس اللحظة التي يطرح بها المرء على نفسه هذا السؤال المحير يتداعى إلى ذهنه عنوة سؤال آخر لا يقل حيرة:
وهل حقاً لا يشكُّ المسلمُ بصحة ما يقول ومصداقية ما يؤمن؟!
هذان سؤالان مترابطان بوشائج منطقية قوية ويؤدي أحدهما إلى الآخر. وأعتقد أنهما من أكثر "المواد" التي يجب أن يعمل عليها الملحدون ويتأملوا مضامينها ويبحثوا عن أجوبة لألغازها.
وقد قادتني تأملاتي الشخصية إلى هذه النتيجة:
4.
لكي يشكَّ المرءُ بنفسه وبتصوراته فإنَّ عليه أنْ يكُونَ قد كوَّنَ لنفسه تصوراته الخاصة عن نفسه والكون والأحداث التي تجري خارج وجوده الزمني وأن يكون قد تأمل تاريخ الأفكار والتصورات الدينية بنفسه بصورة حرة وأنْ يكون قد انطلق مما قاده إليه عقله.
وهذا شرط "واجب الوجوب!".
وإلا بأيِّ شيء سوف يشكُّ؟!
فحتى لو شكَّ المرء بتصورات الآخرين فإنه لابد وأنْ يكون قد كوَّن بنفسه (حتى لو كانت بصورة أولية) تصورات حول موضوع الشك.
أي لا مناص من الموقف الذاتي الشخصي للتصورات التي يشكُّ المرء بصحتها ومصداقيتها أولاً، ومن ثم يأتي الشَّكُّ.
5.
والمسلم – وبشكل خاص المسلم "الممارس/المحترف" لا يحمل أية تصورات ذاتية عن العقيدة الإسلامية – وأقل ما يحمل تصورات شخصية عن الحياة والكون؛ إنه يؤمن لا غير بمنظومة من التصورات الجاهزة المطبوخة على امتداد قرون في قدور على نار هادئة والمنقحة بين فترة وأخرى من قبل شيوخ العته السنة والشيعة.
أما "تصريحات" هذا المسلم الناريَّة عن "العقل" و"التفكير" و"تأمل قدرة الله" فهي أكاذيب للتغطية على/ والتملص من تهمة الإيمان التسليمي. إنه نوع من "حفظ ماء الوجه" ودرء الشبهات!
وإنْ حاول المسلم أن "يفكر" وأن "يفلسف" عقيدته فإنه ينطلق من إيمان مسبق ويصل إلى نتائج لا يمكن إلا أن تصب في مستنقع الإيمان ذاته وفي منطقهم يُسمى: دَوْر – الذي يدورون حوله وحول أنفسهم كالدراويش صارخين بأنَّ "الله حيٌّ"!
هذا هو منشأ "القَدَرِ" إنْ كان ثمة قَدَر يدفع المسلم ثمنه!
6.
ولهذا فإن إيمان المسلم التسليمي وآراءه المسبقة وسيكولوجيته المغلقة لا تسمح له - لا تقنياً ولا إجرائياً أن يشكَّ.
باختصار:
لا توجد لديه أية شروط موضوعية للشَّكِّ.
إنَّه يعيش وفق إرادة هي خارجة عن إرادته حيث يقوم الكهنوت بتغذية ثقافة الخضوع والتسليم ومغادرة العقل.
7.
ولكنَّ دواعي ثبات الإيمان هذه – للأسف – هي دواعي انهياره وهذه هي المفارقة الكبرى!
وإلا كيف يمكن أنْ نفسر خروج الكثير من المسلمين من الإسلام ورفضهم للعقائد الإسلامية جملة وتفصيلاً؟
ولهذا فإنَّ سؤالاً من نوع "هل حقاً لا يشكَّ المسلمُ بصحة ما يقول ومصداقية ما يؤمن؟!" له ما يسوغه ويمنحه المنطق والمصداقية.
فكيف يحدث هذا الشَّرْخ: الشَّك؟!


[المسلم الحركي المحترف لا يعرف الشَّك فهو قد ودع التفكير النقدي. ولكن إنْ شكَّ صدفةً فإنَّه سيقوم بمسح الشك بطرف رداءه!]


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر