منع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات ثقافة الإرهاب. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ثقافة الإرهاب. إظهار كافة الرسائل

النازيون الصغار وسارقة الكتب

لقطة من فيلم "سارقة الكتب The Book Thief " 2013



1.
يتحدث فيلم "سارقة الكتب The Book Thief " 2013 (إنتاج مشترك أمريكي ألماني من إخراج Brian Percival) عن فتاة صغيرة " Liesel " فقدت أخيها الصغير واعْتُقلت أمُّها من قبل الغستابو لأسباب سياسية خلال الحرب العالمية الثانية في ألمانيا فتبنتها عائلة ألمانية بسيطة.
رغم الخوف والقلق الذي كان يعتمل في أعماق الفتاة الصغيرة فقد استطاعت وبطريقة غير تقليدية أن تتكيف مع أوضاع الحرب وأن تتغلب روحياً على الواقع القاسي عن طريق قراءة الكتب. فرغم المخاطر الهائلة التي يمكن أن تتعرض لها بدأت تسرق الكتب من محارق الكتب التي تقوم بها منظمات الشباب النازية.
في إحدى "المهرجانات" النازية لحرق الكتب وقد كان على تلاميذ المدرسة في المدينة الصغيرة حضور هذه "الطقوس" كانت ليزيل تنظر إلى الكتب وهي تحترق بألم ولوعة. فثمة قوة لا تقاوم كانت تدفعها من الداخل لكي تقوم بإنقاذ الكتب المحروقة. مما أثار هذا السلوك انتباه أحد صبيان منظمة الشباب النازية.
فقام بإصدار الأوامر إلى الفتاة بأن ترمي الكتاب بيدها إلى المحرقة عقاباً على تعاطفها!
كان يلعب دور النازي الحقيقي وكأنه صورة طبق الأصل من النازيين الكبار: وإذا ما طالت الحرب فإن هذا الصبي الصغير (المغيب وممسوخ التفكير) كان من الممكن أن يكون نازياً من الدرجة الأولى.
فكم من القتلى سوف يسقطون صرعى لأنهم لا يخضعون لقائده: هتلر؟
2.
إن هؤلاء النازيون الصغار لهم صور شتى وصيغ مختلفة في جميع الشعوب: وقد صنع المسلمون "نازييهم" الصغار وكأنهم صورة طبق الأصل من أولئك النازيين الصغار!
هذه ليست مبالغة. فهي مقارنة تستجيب لوقائع وأحداث وحقائق يومية كشف عنها تاريخ الدولة الإسلامية الأسْوَد في العراق وسوريا وهم لا يزالون في أماكن مختلفة بالسر أو بالعلن!
وها هم النازيون الصغار الجدد:
الداعشيون الصغار



إنها جريمة في أن تمسخ عقول الأطفال وتحولهم إلى "كيانات" حاقدة على البشر جميعاً وحقنهم بـ"بعقيدة"، فَتُغْسل أدمغتهم وتمسخ طفولتهم وتحويلهم إلى مشروع للقتل.
3.
لا أستطيع نسيان ما عانيناه في اختيار الحصول على الكتب "الصالحة للقراءة" من مكتبة المدرسة والمكتبة المحلية القريبة.
كانت موظفة المكتبة، وعندما لم تكن قادرة على "معرفة" الكتاب من العنوان واسم المؤلف، تسألنا عن مضمون الكتاب وفكرته "ونحن لم نقرأه بعد!" حتى تتأكد من "سلامة" الكتب التي ستقع في أيدينا!
هل كانت تنفذ سياسة ما؟
وهل كان هذا جزء من عملها؟
أشك في ذلك.
إنها الثقافة الدينية المغلقة والمعادية لأي تصورات أخرى لا تنسجم مع تصوراتها التي تربت عليها والمبادئ الأخلاقية التي رافقت دراستها المضادة "للكتب المنحرفة"!
4.
هل توجد في الدول الإسلامية إلى جانب النازيين الصغار محارق للكتب؟
الإجابة القاطعة: نعم.
من له علاقة بالكتب والكُتَّاب ودور النشر لابد وأن تكون في حوزته الكثير من المعلومات عن مصير أطنان "المنشورات الممنوعة" كتباً ومجلات وإصدارات مختلفة تدخل البلدان العربية.
إن اعتبار إصدار ما "ممنوعاً" يعني مصادرته من هيئة الرقابة على المطبوعات. هذا حق منحته الدولة لنفسها وهي التي تدعي بأنها تحترم حقوق الملكية.
5.
محارق الكتب "المعادية!":
إنه المعيار الذي لا يخطأ لقيام الأنظمة الشمولية. وينبغي ألا تُفهم عبارة "محارق كتب" بصورة حرفية دائماً وفي أي مكان. فهناك أشكال أخرى لها وهي إذابة الكتب "المعادية!" بمحاليل كيميائية وتحويلها إلى عجينة تستخدم كمادة خام لصناعة الورق من جديد، وهناك من يرمي هذه الكتب إلى مقبرة النفايات. غير أن الهدف واحد لا غير:
"قتل" الفكر المخالف إذا لم تتوفر الإمكانية لقتل المخالف نفسه!
وقد تسنت لي الفرصة شخصياً لرؤية الكتب والمجلات الدورية في مخازن "هيئة المطبوعات" والمهيئة للتدمير في مراكز تدوير النفايات.
وعندما عبرت عن استغرابي أمام معارفي الذي كان يعمل هناك:
- هذه كميات هائلة من الكتب!
فأجابني مستغرباً من "استغرابي":
- أنت لم تر شيئاً، هذا حصاد الشهر فقط!
6.
إننا أنقذنا ما كان باستطاعتنا من الكتب الممنوعة عندما قرأناها.
وجاء دور تلاميذ المدارس الآن بإنقاذ ما يستطيعون من الكتب الممنوعة والمحرمة وذلك بقراءتها.
ابحثوا عن الكتب الممنوعة حتى لا تُغَيَّب في مملكة الطغيان!


مهزلة [تعقيب] [14/حول أحداث 10/7]

[الاعتصام على الحدود العراقية والأردنية]

1.
كما هو متوقع وبعد أن عجزت الدولة العراقية بجيشها وشرطتها من السيطرة على "الموقف!" الداخلي الذي تحدثنا عنها في الموضوع، وبعد أن قام قادة "قوات الحشد الشعبي" [التي تأتمر مباشرة لأوامر الحرس الثوري الإيراني] ومقتدى الصدر بتحريض أنصارهم للتوجه إلى الحدود العراقية الأردنية ومحاولة اجتياز الحدود وتنظيم "اعتصامات سلمية!" عند منفذ «طريبيل» مع الأردن لتسهيل وصولهم إلى الحدود الأردنية – الإسرائيلية!
وبعد أن قامت "الجماهير الهادرة "الشيعية المحرض من الفصائل التي تنتمي إليها و"دفاعاً عن الأشقاء العرب الفلسطينيين!" بمنع صهاريج محملة بالنفط المتوجهة إلى "الأشقاء العرب الأردنيين “من العبور إلى الأردن مما اضطر هذه الصهاريج إلى العودة؛
وكما سبق ذلك قبل أسبوعين دعوة  الفصائل الشيعية "العراقية "و مقتضى الصدر لأنصارهم إلى الخروج في مظاهرات مناهضة لإسرائيل والتجمع في ساحة التحرير في مركز العاصمة بغداد تحت "نصب الحرية"!
بعد كل هذه المهازل فقد اضطر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أخيراً "التوجه" صوب إيران "الشقيقة" في زيارة خاطفة وقد التقى بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
2.
ولم تنقل لنا الأخبار المصورة في أثناء التصريحات الصحفية للسوداني ورئيسي غير الكلمات الطقوس الدبلوماسية بـ"الأسلوب الإيراني" والمتضمن إدانة إسرائيل والصهيونية وشتيمة من هنا وشتيمة من هناك وانتهى الموضوع!
3.
غير أن الناس تعرف – وتعرف جيداً، أن هدف زيارة رئيس الوزراء العراقي ليس إدانة إسرائيل [فهذا ما يمكن القيام به من العراق من غير أن يحمل نفسه أهباء السفر ] وإنما تقديم "عريضة" وشكوى أخوية شيعية إلى الحكومة الإيرانية بالتدخل فيما يحدث في العراق. وإنَّ مثل هذه "الطلبات" الأخوية لا تعني غير شيء واحد:
عجز العراق عن أن تكون "دولة"!
 
ملاحظات:
- إن ما تقوم به الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران وبشكل خاص "حزب الله" العراقي و"الحشد الشعبي" الأداة المباشرة للحرس الثوري الإيراني ومقتضى الصدر بؤرة التطرف الشعبي في العراق هو جرائم جنائية وخرق للدستور والقوانين العراقية.
- إن محاولة اجتياز الحدود العراقية الأردنية من غير موافقة الأجهزة المعنية في العراق والأردن جرائم جنائية ؛
- إجبار الصهاريج المحملة بالبترول إلى الأردن جريمة جنائية. وبالإضافة إلى ذلك فهي جريمة أخلاقية لأنها تحرم المواطن الأردني من الوقود.
وكل هذه الجرائم تخضع للمحاسبة القانونية إلى جانب الجرائم السياسية المتعلقة بالعمل السياسي المضاد للدولة العراقية
الهدف:
كل ما تقوم به وأكررها من جديد الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران وبشكل خاص "حزب الله" العراقي و"الحشد الشعبي" الأداة المباشرة للحرس الثوري الإيراني ومقتضى الصدر بؤرة التطرف الشعبي في العراق هو جزء من المخطط الإيراني لـ"إدارة الفوضى في العراق"!

مهزلة [13/حول أحداث 10/7]


مظاهرات احتجاج  تحت نصب الحرية

1
.
يثير نصب الحرية في مركز بغداد بالنسبة للعراقيين مشاعر مزدوجة:
التاريخ العريق والروح التي لم تهدأ، رغم التاريخ الدموي للحكام منذ المتوكل، نحو الحرية. غير أنَّ الواقع السياسي، الذي يتعالى فيه نصب الحرية الآن لا يمكن تسميته بغير المهزلة.
الحق أنني بحثت عن عنوان مناسب وجربت عنوانين أخرى مختلفة. ولكن كان علي إلغاءها وفي كل مرة كانت تبقى كلمة "مهزلة" فقط.
ولهذا فالعنوان "مهزلة" فقط.
2.
ليس ثمة مفاجآت.
فـ"القانون" الذي طالما سعيت إلى قوله يصح بكامل القوة على العراق:
لا يمكن إدارة الحياة بالتفكير الديني – علناً كان أو تستر بكل ما لذ وطاب من واجهات الحياة المعاصرة.
الحكومات العراقية الشيعية منذ الإطاحة بنظام البعث شاءت أم أبت كانت وستبقى رهينة لمنطق المنظمات الدينية ومراجع اللاهوت الموتى والأحياء/الموتى.
3.
لا يمكن إقامة "دولة حديثة" قبل إقامة "الدولة" أولاً.
ولا يمكن إقامة "دولة" ثانياً باستشارة "مرجع!" كهنوتي إيراني لا يعرف حتى العربية – أما أصله وتاريخه الشخصي فهو أكثر غموضاً من لغته العربية المفككة.
فقد اخترع الشيعة بعد عام 2003 قاعدة جديدة في الحكم لم تكن قائمة حتى في العهد الصفوي:
إنْ تحظى الحكومة الجديدة المشكلة برضى ومصادقة " آية الله/مرجع" لا أحد يعرف من أين جاء إلى العراق وهو مضطجع على مخدة يقرأ في كتاب أصفر باللغة الفارسية في دار في النجف ومحاط بالحماية والمستشارين والمصفقين والمكبرين وأنواع مختلفة من النماذج البشرية التي تعتقد بأنها تمتلك حقاً سماوياً بأن تحكم وتقرر مصير البلاد.
4.
والآن ثمة خبران أحدهما سار [لا علاقة له ببشارة يشوع] والآخر [لا تتوقعوا مني كلمة سيئ] مهزلة:
الخبر السار [ولا أحد يعرف بالضبط درجة السرور] هو أن في العراق جيشاً يُحتفل بتأسيسه؛
لكن الخبر المهزلة – ومن لا تعجبه الكلمة فلنعود إلى كلمة: السيء، هو أنَّ بالتوازي مع هذا الجيش يوجد جيش من الفصائل المسلحة التي لا تأتمر لأي سلطة عراقية في البلاد – وبشكل خاص رئيس الوزراء الحالي.
فغرفة العمليات التي تأتمر لها هذه الفصائل "المسلحة" هي في بناية "الحرس الثوري الإيراني" في طهران!
5.
والمهزلة [هذه المرة لا أستطيع تغيير الكلمة] أن تقوم هذه الفصائل الشيعية المسلحة [أنظر للمعلومات: أذرع الأخطبوط: الوكلاء الرسميون لإيران لـ"إدرارة الفوضى"]بقصف مواقع أمريكية في العراق وسوريا مستخدمة مختلف الأسلحة والصواريخ والمسيرات من داخل الأراضي العراقية تظاهراً بدعمها لـ"فلسطين" ومع "حماس" وتنفيذاً لتعليمات من "الحرس الثوري الإيراني" مباشرة.
لكن المهزلة هذه هي من نوع "أضعف المهازل". إذ توجد "مهزلة" مختلفة وأكثر هزلاً.
فرداً على هذه الأحداث صرح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني [طبعاً هو عراقي وليس سوداني] بأن الحكومة العراقية سوف تقوم بالتحري والكشف عن هوية الفصائل المنفذة لهذه العمليات!!!
6.
ولكن "المهزلة" لم تنته عند هذا الحد.
فما تقوم به الفصائل الشيعية [العراقية اسماً والإيرانية انتماء] مخالف للدستور والقوانين المكتوبة والمصادقة عليها من قبل برلمانات ما بعد عام 2003.
لكن "المهزلة" [الني لم تنته عند هذا الحد]، تبدأً من جديد وتواصل عملها:
فحسب الأخبار الواردة من العراق تسود الآن حالة من التوتر إلى حد [كما يقول المراسلون الصحفيون] أن الدولة العراقية تقوم بتغيير مواقع مراكز تواجد الأسلحة الهامة والطائرات خوفاً من تستحوذ عليها "الفصائل المسلحة" فيما إذا تم تصعيد في العمليات! 
كما أن الجيش العراقي يقوم بحماية وحراسة المنشآت العسكرية العراقية. بل أن الأسوأ من هذا تم تغيير مقرات قادة الجيش وطبيعة الاتصالات حتى لا يتم التدخل فيه من قبل الفصائل.
ولحد الآن يسمون العراق: دولة!
7.
ولكي يستطيع القارئ أن يدخل بصرياً ومعلوماتياً في إطار اللوحة العراقية وإن يدرك حجم "المهزلة" التي طالما كررتها كما هي من غير مبالغة فعليه أن يعرف بأنَّ أي مواطن عراقي يلتقيه عند الحدود [أي نقطة حدود]  يستطيع أن يخبره باسم الفصائل التي قامت بتنفيذ العمليات المشار إليها ومواقعها الرسمية الإدارية العلنية في بغداد والمعسكرات التي يتواجدون فيها في أماكن مختلفة من العراق وأسماء قادة هذه الفصائل وأرقام السيارات التي تقلهم وأرقام التلفونات .. و .. و ....و ....و .....و ...
8.
لكن الحكومة العراقية والمؤسسات الأمنية ووزارة الداخلية ومديريات الشرطة ودائرة الضرائب ودائرة النفوس ومصلحة السكك الحديدية وشركة التنظيف ومراكز التدوير ومحطات الإذاعة والفضائيات العراقية والفريق الوطني لكرة القدم ومنظمة الرفق بالحيوان [هل توجد منظمة للرفق بالحيوان في العراق؟] ومصنع الغزل والنسيج وشركة تبليط الشوارع لا تزال [وحتى كتابة هذه السطور] مستمرة في البحث الجاد عن منفذي العمليات العسكرية ضد المواقع العسكرية [العراق رسمياً يسميها استشارية] الأمريكية وبصواريخ ومسيرات إيرانية، ومن الأراضي العراقية حيث يرفع العلم العراقي وليس الإيراني!
وإذا كانت القوات الأمريكية قد اكتفت مرحلياً بقصف مواقع في سوريا رداً على تنفيذ عمليات مشابهة من قبل "فصائل مسلحة سورية" وامتنعت عن الرد على العمليات المنفذة من الأراض العراقية، فإن مثل هذا التكتيك قد يتغير والسياسة الأمريكية إزاء العراق قد تنحى منحى آخر يؤدي إلى اضرار اقتصادية جدية في إطار وضع اقتصادي سيء من حيث المبدأ.
ولكن الأضرار القائمة الآن: هو أن العالم سياسياً واقتصادياً سيفقد الثقة بالحكومة العراقية والدولة العراقية على حد سواء. فالدولة التي لا تستطيع السيطرة على فصائل مسلحة التي تتحرك وتنشط بحرية، ليست دولة.
9.
 والآن بعد كل هذه المهازل يبدو "نصب الحرية" ،الذي يتراءى من بعيد في مركز بغداد وهو يروي تاريخ العراق الدامي من أجل الحرية، مفارقة محزنة. فالحرية هذه والتي دفع العراقيون من أجلها ثمناً باهضاً تبدو أقرب إلى الوهم في ظل النفوذ الإيراني في العراق الذي يتعدى مرات كثيرة نفوذها في لبنان عن طريق حزب الله.
إن الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران والتي تقوم بتنفيذ مشاريع إيرانية في العراق هي جزء من القوى السياسية الشيعية المؤثرة في إدارة الدولة من حيث المبدأ وهي مدعومة ومسنودة من قبل ما يسمى "المراجع الدينية".
ألم أقل لكم:
مهزلة!
حَمَامٌ تحت نصب الحرية




 








أذرع الأخطبوط: الوكلاء الرسميون لإيران [8/حول أحداث 10/7]




1.
ليس ثمة شك في دور إيران [مالياً وتدريباً وتسليحاً] في عمليات "حماس" وحركة "الجهاد" [بشكل خاص]. وإنَّ هجوم "حماس" وحركة "الجهاد" في السابع من أكتوبر الحالي يصبُّ مباشرة في الخطط الإيرانية لـ"إدارة الفوضى" على الطريقة ملالي إيران [وهم لا يختلفون من حيث الأدوات عن سلفيي السنة] في الشرق الأوسط عن طريق الفصائل الشيعية أو السنية التي تلتقي في برامجها مع إيران.
2.
إنَّ أهداف إيران الأساسية في الشرق الأوسط هو الحصول على أكبر قدر ممكن من أدوات المساومة مع أمريكا وأروبا للتخلص من العقوبات الدولية الاقتصادية والتجارية والعلمية والتقنية المفروضة عليها. ولم تأت هذه العقوبات الدولية إلا تعبيراً عن موقف الرفض الدولي لسياسة الملالي القمعية في الداخل، وعمليات الاغتيال والإرهاب في الخارج عن طريق أذرعها وتعاونها ودعمها للجماعات الإرهابية [الشيعية والسنية على حد سواء]المحظورة في أمريكا وأوربا وغيرها الكثير.
مثلما يسعى نظام الملالي إلى ترحيل الأزمات السياسية الداخلية إلى الخارج. ولهذا فهي بأمس الحاجة إلى نقاط توتر في الشرق الأوسط كأوراق ضغط مثلما هي بحاجة إلى أدوات وأجندات تقوم بتنفيذ مشاريعها المشار إليها.
وهذه الأدوات "أذرع الاخطبوط" هي الفصائل الدينية/السياسية المرتبطة بها عقائدياً كـ"حزب الله" في لبنان و"منظمة  بدر" في العراق مثلاً، أو سياسياً كالحوثيين الزيدية و"حماس".
3.
أما تنسيق إيران السياسي مع روسيا ودعمها لها سياسياً وعسكرياً في حربها الغاشمة ضد أوكرانيا ودعمها لنظام الأسد اقتصادياً وعسكرياً وعملياتياً فهي أمثلة فقط على سياسة نظام ولاية الفقيه التي تشكل مخاطر جدية على الأمن في الشرق الأوسط.
4.
إذا كانت حماس مجرد عامل سياسي إيراني فإن الفصائل العقائدية الشيعية الموالية لها إلى حد الاندماج بالدولة الإيرانية منفذة مخططات الحرس الثوري الإيراني كـ"حزب الله" اللبناني و"كتائب سيد الشهداء" و"قوات الحشد" وكتائب "حزب الله" العراقي و"عصائب أهل الحق" و"سرايا الخرساني" و"منظمة بدر" العراقية هي اذرع إيرانية بالمعنى الحرفي للكلمة.
وينبغي إضافة أذرع إيرانية إضافية:
الحوثيين في اليمن [رغم الاختلاف العقائدي] ونظام الاسد والتجمعات الشيعية في مصر وتونس والمغرب والسعودية ودول الخليج والكثير من التجمعات الشيعية في أوربا التي لا تخفي ولاءها العقائدي والسياسي المباشر لإيران بالذات.
5.
وهذا ما يفسر سلوك الكثير من المنظمات والفصائل المسلحة الشيعية إلى الشروع ليس بالتضامن مع حماس وإنما التلويح بالاشتراك بالحرب [دفاعاً عن القدس والأقصى!!!].
ولهذا  قامت فصائل عراقية شيعية موالية لإيران بمهاجمة قواعد أمريكية في بلدة "عين الأسد" وفكتوريا" و"حرير".
كما قامت" الجماعات المسلحة" السورية التي هاجمت بالمسيرات القاعدتين الأمريكيتين "كونيكو" و"التنف" قرب الحدود العراقية في سوريا.
وقام الحوثيون [وهم زيديون متحالفون سياسياً مع إيران] بإطلاق صواريخ ومسيرات أسقطتها إحدى المدمرات الأمريكية المتواجدة في البحر الأحمر.
[لكن مخاطر الحوثيون الحقيقية في حالة اتساع رقعة الحرب الجارية الآن ما بين إسرائيل من جهة و"حماس" وحركة "الجهاد" من جهة أخرى تأتي من جانب آخر تماماً: وهي السيطرة على باب المندب].
6.
بعد انهيار الدولة الإسلامية [أو تشتت فصائلها] فقد حلت محلها نشاطات إيران ولهذا فإنه يجب حساب الدور الخطر للسياسة الإيرانية دائماً.
إن هزيمة "حماس" والفصائل المرتبطة بها عسكرياً سوف يمهد الطريق إلى تحرير القضية الفلسطينية من التأثير المباشر لإيران من جهة، وفتح الطريق أمام الحلول السلمية من جهة أخرى.




"الخنزير المدهون بالوحل" ومنطق تبرير "حكم الردة"

مقدمات:

[1] في عدد من المدن الأوربية وبعض الولايات الأمريكية وفي المهرجانات المخصصة للمحاصيل الزراعية وتربية الحيوانات تجري سباقات مسك الخنزير المدهون بالسمن.
كما توجد مسابقات قريبة من هذا النوع وهي مسك الخنزير في حلبات من الوحل مخصصة لغرض السباق.
فمن المعروف أنَّ مَسْكَ الخنزير وفي الحالات الاعتيادية مهمة صعبة جداً وخصوصاً عندما يكون الخنزير سيء الطبع! فهو قادر على التملص من قبضة أكثر الرجال قوة وتجربة. ولهذا فإنَّ مهمة مسكه مدهوناً بالسمن أو بالوحل مهمة مضاعفة وتكاد تكون " Mission: Impossible “!
[2] هذا الوصف المرئي "لمنطق التملص" يكشف عن طبيعة نوع من المنطق الإسلامي المداهن وأسلوب التملص من المآزق الفكرية والأخلاقية واللاهوتية التي لابد وأن يقع فيها المسلم عاجلاً أم آجلاً – وفي أغلب الأحيان عاجلاً!
فالتناقضات ما بين حقائق الحياة واشتراطاتها وقوانين التطور الطبيعية للوجود البشري من جهة والمكونات الداخلية للعقيدة الدينية الإسلامية من جهة أخرى لابدَّ وأنْ تنفجر في كل لحظة من النقاش.
[3] للحق والحقيقة يمكن القول أنَّ منطق الخنزير المدهون بالسَّمن أو بالوحل ليس حكراً على المسلمين. فهو سمة لموقف كل من يرفض الحقائق بجلافة وسماجة وابتذال وصلافة لاهوتية.
1.
في هذا الموضوع لا أناقش قضية "حكم الردة" من حيث الجوهر. فقد سبق لي مناقشته وعبرت عن رأيي فيه وكشفت عن منطق الإيديولوجيا الشمولية الاستبدادية التي ينتمي إليها ولا ضرورة لتكرار هذه المناقشات إذا يمكن الاطلاع عليها في المنتدى.
ولكن ثمة جانب هام آخر من الموضوع غالباً ما يظل خارج الضوء والاهتمام رغم أنَّ المسلمين العلنيين والمستترين لا يتوانون عن استخدامه وهو:
أنَّ الحديث عن "حكم الردة" هو هجوم غير مبرر على الإسلام والمسلمين لأنه لم يُطَبَّقْ على أرض الواقع"!" وإنْ طُبِّقَ فإنَّ المسلمين والإسلام بريؤون منه كبراءة الذئب من دم يوسف (رغم اعتراضي على هذا المثل من الناحية المنطقية بسبب كون الذئب لم يأكل يوسف)!
2.
هذا التملص من فلسفة استبدادية عن طريق الخرق الفاضح للوقائع يجعل مسك الخنزير المدهون بالسمن أو بالوحل مهمة صعبة!
إذن:
"حكم الردة" لا يُطَبَّقُ عملياً؛
أيْ: أنه حُكْمٌ مُعَطَّل!
وبالتالي فإنَّ مَنْ يترك الإسلام سيبقى يسرح ويمرح في ديار المسلمين والأحلام!
وهذه نتيجة تمتلك الحد الأعلى من الوقاحة الأخلاقية – سواء أدرك صاحب الرأي هذا أم لم يدرك.
ومع ذلك فإن الأمر أكثر تعقيداً من وقاحة أخلاقية:
إنه جهل صلف واستهتار بمنطق التشريع وآليات تطبيق القوانين..
3.
الفرق ما بين الحُكْم المُعَطَّل والحُكْم الفاعل مع وقف التنفيذ: منطق التهديد
إنَّ المسلم يمتلك حق الكذب دفاعاً عن عقيدته. فهذا أمر تبيحه له العقيدة نفسها.
ولهذا فأنا لا أتحدث عن كذبه – فهذا أمر مفروغ منه.
أنا اتهمه بأنه يبرر ثقافة الكذب "ثقافة الاستبداد" ويبرأ ساحة الحكَّام ولاهوت عقيدة الاستبداد على حد سواء.
إنَّ أثر الأحكام التشريعية ذو طبيعة مزدوجة:
مادية: (تنفيذ الحكم فعلياً في حالة اقتراف الفعل الجرمي)؛
ونفسية: "الإرهاب" - حتى لا يقوم الناس بارتكاب الجرائم.
وهذا ما يجعل الطبيعة النفسية لأثر الأحكام هي الطبيعة الدائمة. فالناس يخشون تطبيق أحكام القانون إنْ قاموا بخرقه. أما الطبيعة المادية "الفعلية/التنفيذية" فهي الطبيعة المؤقتة للأحكام التشريعية.
ولهذا غالباً ما يُقال: بأن للقانون دوراً رادعاً.
بكلمات أخرى:
إنَّ أثر أحكام القانون قائم وفاعل بصورة دائمة على جميع الأفراد: سواء ارتكبوا فعلاً جرمياً أم لا..
ولأنَّ تطبيق أحكام القوانين المدنية تتعلق بحالات ذات طابع موضوعي وليس اعتباطية أو ذات طابع أخلاقي وديني ولا تقوم بخرق الحقوق المدنية للناس ومن ضمنها الحق المطلق بالإيمان أو عدم الإيمان بالعقائد فإن أحكام القوانين الجنائية لا تشكل عبئاً على حياة الناس إلا إذا تم خرقها رغم أنها قائمة دائماً.
4.
فكيف تستوي الأمور في حالة الأحكام الدينية: الشريعة؟
لا تستند الأحكام الدينية إلى أي نوع من الحقوق المدنية – بل هي ترفض الحقوق المدنية من حيث المبدأ. ولهذا فإنَّ موضوعة التحريم لا تتعلق بـ"جرائم" واقعية موجهة ضد الفرد والمجتمع والدولة، بل هي أحكام "إرادوية" تستند إلى عقيدة مجموعة من الناس (قلَّ أو كثر أعدادها) وتتضمن فرضاً من هذه العقيدة على كل شخص تمتلك إمكانية فرض الأحكام عليه: وهو الإيمان بـ"الله" أو بالفيل الطائر أو بالبطاطا المشوية!
وبالتالي فإن "حكم الردة" هو حكم يُفرض على الناس عقيدةً ما وسوف تكون عقوبتهم الموت إن رفضوا هذه العقيدة.
إذن:
أولاً، لا يستند حكم الردة إلى أية مسوغات منطقية أو اجتماعية أو حقوقية. فهو فرض وجبر وتطويع للناس في اعتناق العقيدة الإسلامية، أو الفيل الطائر، أو البطاطا المشوية؛
ثانياً، إن هذا الحكم، ومن حيث الأثر، هو قائم وفاعل بصورة دائمة باعتباره رادعاً للناس حتى لا يقوموا بتغيير آرائهم الدينية. وهو في جوهره حكم لا يختلف عن حكم إجبار الناس ارتداء نوعاً من الملابس – كما يحدث في كوريا الشمالية!
5.
وعندما نتحدث عن تأثير "الردع" ضد حق الناس بالإيمان أو عدم الإيمان بـ"الفيل الطائر" فإنَّ "حكم الردة" يطبق يومياً.
ولكي يفلت الناس من مخاطر الوقوع في المصيدة فإن عليهم استخدام وسائل مختلفة في العيش والسلوك والممارسة حتى يتجنبوا العقوبة.
وهذا لا يعني غير خوف دائم ومتواصل طالما عاش المرء في إطار هذا المجتمع الإسلامي أو ذاك. ولا خلاص أمامه – إن رفض الخضوع للإيمان الإسلامي أو الفيل الطائر ألا بمغادرة بلاده أو التستر على رفضه لعقيدة " الفيل الطائر". وهذا يعني أن يعيش الإنسان بصورة سرية في بلاده؛ أي يعيش متنكراً لحقوقه المدنية وخاضعاً لأحكام جائرة وجلفة.
وبالتالي فإن "حكم الردة" تعبير مثالي عن الاستبداد الإسلامي والإرهاب اليومي الذي يعيش في ظله المختلفون عن المسلمين - سواء طُبِّق أم لم يُطَبَّق.
6.
فهل الحديث عن "حكم الردة" هو هجوم غير مبرر على الإسلام والمسلمين لأنه لم يُطَبَّقْ على أرض الواقع"!" وإنْ طُبِّقَ فإنَّ المسلمين والإسلام بريؤون منه كبراءة الذئب من دم يوسف!
هذا سؤال خطابي على أقل تقدير، لكنه سخيف بالتأكيد.
7.
خاتمة:
إنَّ منطق الخنزير المدهون بالوحل له نتائج تتعدى انحطاط الأخلاق والفكر والعقل:
فمن يدخل في هذا النوع من المسابقات، من المسلمين المستترين أو العلنيين، فإن عليه أن يطمس نفسه بالوحل.



الفاشية والإسلام

موسوليني



في مقالة "الفاشية الأبدية" [*] يسعى أُمبرتو إيكو إلى توصيف العناصر المميزة للأيديولوجيا الفاشية باعتبارها أيديولوجيًا متجددة خارج سياق الفاشية الإيطالية.
إنَّ ما هو جدير بالأهمية في هذا السعي هو الكشف عن العناصر المميزة لا لهذه "الفاشية" أو تلك، بل العناصر العامة التي تجعل الأيديولوجيا التوتاليتارية (أياً كانت) أيديولوجيا فاشية. بكلمات أخرى، الكشف عن العناصر "الدائمة" في الثقافة الاستبدادية سواء تلك التي كشفت عنها تاريخياً الفاشية الإيطالية، أو الأحزاب اليمينية الفاشية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، أو تلك الأنظمة التي ظهرت أو لا تزال في أماكن مختلفة من العالم بغض النظر عن الأيديولوجيا المعلنة أو العقيدة الدينية المعتنقة.
فالفاشية، كما يقول إيكو، لا تشكل أيديولوجيا موحدة، بل هي خليط من الأفكار ذات الطابع السياسي والفلسفي المليئة بالمتناقضات.
2.
فقد تحولت الفاشية "إلى مفهوم قابل للتكيف مع كل الوضعيات. فحتى في الحالة التي نحذف من النظام الفاشي هذا العنصر أو ذاك فسيكون من الممكن دائماً التعرف عليه باعتباره كذلك".
ومع ذلك وبالرغم من هذا الخليط، كما يرى إيكو، فإنه يمكن تمييز مجموعة من الخصائص النوعية التي تصاحب الفاشية الأصلية "= الفاشية البدائية الأبدية". بل أنَّ القضية الجوهرية في منطلقات إيكو هي أنَّه ورغم استحالة "تجميع هذا الخصائص في نظام واحد" لأنها خليط من المبادئ التي يمكن أن تتضارب فيما بينها أو أنها تذكرنا بأشكال أخرى للتعصب والاستبداد "ولكن يكفي أن تتحقق خاصية واحدة لكي نكون أمام سديم فاشي"!
3.
لكن المدهش للمراقب الذي لا ينحدر بعينيه وفكره إلى سطح الظاهرة الثقافية الإسلامية ويتغلغل في نسيج البنية اللاهوتية للعقيدة الإسلامية فإنه سوف يصطدم بما لا يقبل الشكَّ بواقع كون الأيديولوجيا الإسلامية (وهذا ما رأيناه بصورة جلية في الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وفي إيديولوجيا الكثير من الحركات الإسلامية) تتضمن عدداً كبيراً من هذه الخصائص حتى ليبدو"السديم الفاشي"، الذي يتحدث عنه إيكو، للثقافة الإسلامية ظاهرة واقعية ويومية من غير أي تكلف.
إنَّ من أهم خصائص الخطاب الإسلامي المعاصر هو أنه يخفي أكثر مما يعلن ويتستر على تاريخه أكثر مما يتحدث عن أوهامه.
4.
فما هي أهم هذه الخصائص التي يوردها إيكو والتي يمكن العثور على آثارها في الثقافة الاستبدادية الإسلامية؟
هذا تلخيص شديد للنص (الصفحات ما بين 70-80) الذي يسرد فيه إيكو هذه الخصائص محاولاً تبين الصورة الإسلامية من خلاله:




 1.

أولاً:
عبادة التراث
إنَّ النزعة التقليدية أقدم من الفاشية.
إن هذه الثقافة الجديدة (التي تستند إلى التراث) ذات طابع تلفيقي.
وهي تسعى إلى خلاصة مزيفة:
لا يمكن أن يكون هناك تقدم في المعرفة. لقد قيلت المعرفة منذ زمن قديم دفعة واحدة؛ ولا يمكننا سوى أن نستمر في تأويل رسالتها الغامضة [تذكروا مثلاً الشيعة الإثني عشرية والباطنية الإسماعيلية].
ويكفي أن نراقب السجل الخاص بكل فاشية لكي نجد أنفسنا أمام المكانة الممنوحة للمفكرين التقليديين الأساسيين.
ثانياً:
رفض العالم الحديث
إن النزعة التقليدية تقتضي رفض العالم الحديث.
لقد كان الفاشيون، مثلهم مثل النازيين، يعشقون التكنولوجيا، في حين أن ذوي النزعة التقليدية يرفضونها عامة. فهي في تصورهم نقيض القيم الروحية التقليدية. ومع ذلك، ورغم أن النازية فخورة بإنجازاتها الصناعية، فإن مدحها للحداثة لم يكن سوى مظهر سطحي لأيديولوجيا مبنية على الدم والأرض.. لقد كان رفض العالم الحديث مستترا في إدانة نمط الحياة الرأسمالية. كما أنه كان يظهر في رفض روح الثورة الفرنسية ورفض روح حرب الاستقلال [1775-1788] الأمريكية ضد الإنجليز.
بل أنَّ رفض العالم الحديث قد امتد إلى حدود أوسع وتمثل في النظر إلى عصر الأنوار وعصر العقل باعتبارهما بداية الانحراف الحديث.
وبهذا المعنى فإنه يمكن تحديد الفاشية باعتبارها لا عقلانية.
ثالثاً:
إن اللاعقلانية مرتبطة أيضاً بعبادة الفعل من أجل الفعل [أو اختلاق القضايا "المصيرية بالنسبة للحركات الإسلامية"!.
يجب أن نقوم بـ"الفعل" قبل التفكير أو حتى بدونه. فالتفكير بالنسبة للفاشية نوع من التهجين. ولهذا فإن الثقافة مشكوك فيها دائماً لأنها ترتبط بالموقف النقدي. وهذا ما دعا غوبلز [وزير الاعلام النازي] إلى التصريح: "عندما أسمع كلمة ثقافة أتحسس مسدسي!".
رابعاً:
لا يمكن لأي شكل من أشكال التلفيق أن يقبل النقد. فالعقل النقدي يقيم تمايزات – والتمييز علامة تدل على الحداثة. فالاختلاف "التمايز" في الثقافة الحديثة أداة من أدوات المعرفة. أما بالنسبة للفاشية الأصلية فهو خيانة.
[ولهذا فإنَّ أول ضحية هي: التعددية]
مقتضى الصدر


خامساً:
رفض الاختلاف:
إن الاختلاف في نفس الوقت هو تعبير عن التنوع.
أما الفاشية الأصلية فتؤمن بالإجماع وتبحث عن استغلال واستثمار الخوف من الاختلاف.
أول بيان أعلنته الحركة الفاشية كان ضد الأغراب: الفاشية الأصلية هي إذن أيديولوجيًا عنصرية.
سادساً:
المؤامرة!
تتوجه الفاشية نحو الذين لا يمتلكون أية هوية اجتماعية (المهمشين) وتعدهم بامتياز يشترك فيه الجميع: تعلن لهم بأنهم ولدوا في بلد واحد.
غير أن الهوية القومية ولكي تكتمل فإنها بحاجة إلى الأعداء. فإن مصدرا لسيكولوجيا الفاشية هو هوس المؤامرة، وكلما كانت دولية كلما كان من الأفضل.
إنهم محاصرون بالأعداء. والوسيلة البسيطة من أجل الكشف عن المؤامرة تكمن في الدعوة إلى كراهية الآخر.
ولكن هذا لا يكفي: إذ يجب أن يكون مصدر المؤامرة في الداخل أيضاً. ولهذا فإن اليهود هم عادة الأهداف المفضلة لأنهم يمتلكون امتياز وجودهم في الداخل والخارج في الوقت ذاته.
سابعاً:
يجب أن يشعر المريدون (الأنصار) بالمهانة بسبب غنى العدو وقوته.
ولكن ومن خلال تحول لا متناهي لسجل بلاغي (خطابي) فإن الأعداء هم أقوياء جداً ولكن ضعفاء جداً أيضاً.
ولهذا فإنه محكوم على الفاشيين أن يخسروا حربهم، لأنهم غير قادرين، من الناحية المؤسساتية، على تقويم موضوعي لقوة العدو[أنظروا ماذا فعلت إسرائيل بالدول العربية والإسلامية!]
ثامناً:
لا وجود في التصورات الفاشية الأصلية لصراع من أجل الحياة!
فالحياة ذاتها هي صراع. وإن النزعة السلمية هي بمثابة تواطئ مع العدو. الحياة هي حرب دائمة. وهذا ما يمنح هذه الحرب مركب أرامجادون Armageddon : طالما كان من المقدر هزيمة الأعداء فيجب أن تكون هناك معركة نهائية حيث تستولي بعدها الحركة الفاشية على العالم.
حسن نصر الله


تاسعاً:
النخبوية:
النخبوية هي مظهر من مظاهر الإيديولوجيا الرجعية. وقد ارتبطت النزعة النخبوية الأرستقراطية وذات النزعة العسكرية باحتقار الضعفاء.
لا يمكن للفاشية الأصلية تجنب الدعوة إلى النخبوية الشعبية:
كل مواطن ينتمي إلى أفضل شعب في العالم، وأعضاء الحزب هم أفضل المواطنين. وإن الزعيم الذي يعرف أن سلطته لم تكن انتخاباً، بل انتزعها بالقوة، يعرف أن القوة مبنية على ضعف الجماهير – إن الجماهير ضعيفة جداً لدرجة تستحق رجلاً مهيمناً أو هي في حاجة إليه – والأمر سواء.
عاشراً:
ووفق هذا المنظور فإن كل مواطن يربى لكي يصبح بطلاً. فإذا كان البطل في الأساطير هو كائن استثنائي، فإنه يشكل المعيار في الإيديولوجيا الفاشية. إن تمجيد البطولة وثيق الارتباط بتمجيد الموت، [أو الشهادة].
جادي عشر:
وبما أن الحرب الدائمة والبطولة لعبتان من الصعب ممارستهما على الدوام، فإن الفاشي يحول إرادة القوة عنده إلى قضية جنسية. وهنا مصدر الفحولة (التي تستدعي احتقار النساء والإدانة اللامتسامحة للأخلاق الجنسية اللاامتثالية من العفاف إلى المثلية). وبما أن الجنس هو لعبة صعبة، فإن الفاشي يلعب بالأسلحة، وهي بديل حقيقي للقضيب: إن مصدر هذه الألعاب الحربية فحولة دائمة.
5.
ليعود القارئ المطلع بذاكرته إلى تصريحات الحركات الإسلامية (التي يطلق عليها: المتطرفة. وهو تعبير مزيف. لأنَّ أيديولوجيًا هذه الحركات هي أيديولوجيا مقتبسة بحرفية بالغة من العقيدة الإسلامية بحد ذاتها) وليتأمل كتاب: "إدارة التوحش"، فما الذي سوف يجده؟
لا توجد فقرة واحدة من برامج الحركات السلفية "المتطرفة" من خارج سياق المبادئ المبثوثة في كتاب محمد وفي تصوراته عن الآخر – المخالف عقائدياً.
لنتأمل موقف المسلمين من المخالفين لهم عن العالم الآخر الذي لا يزال يسموه "دار حرب؛
لنتبصر في/ولنحلل تصوراتهم عن رفض التطور والتقدم والعودة إلى الماضي – القرون الثلاثة الأولى التي "تُختزن" فيها المعارف الكاملة والنهائية!
فليس بالإمكان، بالنسبة لهم، أحسن مما كان، وليس بالإمكان أنْ يُقال أحسن مما كان يُقال فقد رفعت الأقلام وجف الصحف؛
ولنتفحص موقفهم المعادي من الثقافة العالمية والعلم والنقد الذي لا يتفق مع أساطيرهم وخرافاتهم عن أنفسهم وعن العالم؛
هل نسينا كيف قام مرتزقة حركة طالباني ومرتزقة الدول الإسلامية بتدمير التراث الثقافي للحضارات القديمة العريقة؟!
لننظر إلى روح الثقافة الاستبدادية ورفض التعددية التي تتغلغل عميقا في تفكير المسلمين:
فهل نجد في كل هذا ما يتعارض مع العناصر "الدائمة" في الثقافة الاستبدادية سواء تلك التي كشفت عنها تاريخياً الفاشية الإيطالية أو تلك الأنظمة التي ظهرت أو لا تزال في أماكن مختلفة من العالم بغض النظر عن الأيديولوجيا المعلنة أو العقيدة الدينية المعتنقة؟
أين الاختلاف ما بين العقيدة الاستبدادية الإسلامية والعناصر الدائمة المكونة للفاشية؟
بل هل ثمة خلاف إطلاقاً؟
شيخ الأزهر/أحمد "الطيب"
وأخيراً علينا إلا ننسى تحذير أمبرتو إيكو :
إن الفاشية الأصلية قابلة لأن تعود من خلال أشكال بالغة البراءة وواجبنا أن نفضحها!
فهل ثمة شكل أيديولوجي "بالغ البراءة" أكثر من العقيدة الإسلامية؟

[*] من "دروس في الأخلاق، الدار البيضاء 2010".



جذور الإرهاب الإسلامي

مرتزقة الدولة الإسلامية
[على الأغبياء أن يستغبوا – أما الأذكياء فليعلموا: أن التوحش لا يزال هنا!]

1.
من أهَمِّ مصادر المعرفة هي الوقائع التاريخية. وعندما تكون الوقائع التاريخية ماثلة للعيان فإنها تحمل في نفسها الفرضية والدليل على وجودها والأغبياء فقط سيكونون عاجزين عن رؤيتها.
فمنطق "الكأس" المملوء حتى المصف في زمن الكوارث والمآسي هو منطق الثَّمِلَ الذي لا يفرق ما بين الدَّمِ وعصير الطماطم!
والوقائع التاريخية تقول لنا:
إنَّ جذور الإرهاب الإسلامي ومنطق الفكر الشمولي قائمة في العقيدة الإسلامية ذاتها وليس شكلاً من أشكال التفسير والتأويل للكتب الدينية.
وعدم رؤية هذه الحقيقة هو مصدر الكارثة في الثقافة العربية الرسمية السائدة وسط العامَّة من المسلمين وأنصاف المتعلمين وأنصاف المثقفين.
أمَّا مَا يتعلق بمثقفي السلطان الرسميين العلنيين والمستترين فإنهم لا يجهلون هذه الحقيقة. غير أنَّ في "جهلهم" لها تكمن مصالحهم.
فهم حين يُزَوِّرون الحقائق فإنهم يقومون بعملية مزدوجة:
فكل عملية تزوير للحقائق تخفي دائماً حقائق مستترة يتضمن استتارها خدمة للمؤسسات الدينية والدولة على حد سواء.
2.
في "رسالة مفتوحة إلى العالم العربي" يقول المفكر الإسلامي عبد النور بيدار:
"مشكلة جذور الشرّ. من أين تنبع جرائم ما يسمّى “الدولة الإسلاميّة”؟ سأجيبك يا صديقي، ولن يسرّك ذلك، ولكن واجبي كفيلسوف يقتضي إجابتك. إنّ جذور هذا الشرّ الذي يسرق وجهك اليوم تكمن فيك، فالوحش خرج من رحمك، والسرطان يسكن جسمك ذاته. ومن رحمك المريضة ستخرج في المستقبل وحوش جديدة – أسوأ منه بكثير – ما دمت ترفض مواجهة هذه الحقيقة، وطالما تباطأت في الاعتراف بها ولم تعزم على اقتلاع هذا الشرّ من جذوره!"
وهذه هي الحقيقة التي يعرفها الجميع ما عدا أنصاف المتعلمين:
إن جذور الإرهاب الإسلامي كامنة في العقيدة الإسلامية ذاتها وفي "رحم" المسلمين المريضة التي تمتلك كل إمكانيات توليد الإرهاب؛
إنها كامنة في تصورات المسلمين الخرافية عن أنفسهم وعن العالم؛
إن جذور الشر كامنة في موقف المسلمين من الوجود البشري والعيش المشترك مع الآخرين.
وإنَّ جذور الشر، أخيراً وليس آخراً، كامنة في المنطلقات اللاهوتية الشمولية التي يسعى المسلمون إلى فرضها على الوجود البشري.
فما هي هذه المنطلقات؟
3.
لقد سبق وأنْ أشرت في الكثير من كتاباتي إلى هذه المنطلقات. والآن عليَّ أن أعيد الإشارة إليها لأنني وكلما أسعى إلى البحث عن جذور الشر في العقيدة الإسلامية، وكلما حاولت أن غير زاوية الرؤية ومنطق التناول، فإنني أصطدم بذات المنطلقات اللاهوتية التي تشكل الإطار الحديدي للعقيدة الإسلامية:
أولاً:
أولى هذه المنطلقات، وهي مفارقة مضحكة مبكية، رفض المسلمين لأيَّ دين آخر:
فالدين عند الله الإسلام والإسلام فقط!
"نحن فقط، على حق!" - يقول المسلمون، ولديهم "الأدلة!" على ذلك:
فقريان محمد "يقول!"":
- " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]
- "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران:19-20]
- "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110]
- وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِيِنَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً" [النور:55]
4.
ثانياً:
الإسلام دين الدولة!
إن هذه الحماقة الصريحة والمفضوحة هي حجر أساس الدولة الإسلامية. وإن من نتائج هذه الحماقة هي أن "الشريعة الإسلامية" مصدر أساسي للتشريع – أو الأساسي. وهذا ما نراه في جميع الدساتير العربية وأشباه الدساتير الإسلامية حيث تتصدر هذه المواضعات البنود الأولى منها.
وهكذا نصل إلى خلاصة هذه المنطق:
الإسلام هو دستور الدولة!
فالدولة إسلامية - ومادامت إسلامية فإن القانون الإسلامي هو الحُكْمُ والحَكَمُ والحَاكِم!
5.
ثالثاً:
لم يتخل المسلمون عبر تاريخهم الطويل حقاً وحتى اللحظة الراهنة من أسوء معايير الدولة السياسية منذ تأسيسها حتى الآن:
تمجيد الطاغية والخضوع لإرادته. ولهذا فإن المسلمين لا يتحدثون عن الحرية، ولا يناديون بها إلا إذا كان الأمر يتعلق بـ"حرية الإسلام" وحسب وليس البشر. بل يرفض المسلمون حقوق البشر التي حصروها في حق الخضوع والعبودية.
فإطاعة الحاكم فرض ديني قام محمد بتشريعه حتى ساوى ما بين الحاكم والنبي:
"يأيها الذين آمنو أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم"
وهذه شروط "ذهبية" لظهور الطاغية!
بل أن "الطاغية" هو التعبير الناصع والنقي للعقيدة الإسلامية.
6.
ما هي الفكرة الرئيسية والشاملة لمثل هذه الخزعبلات؟
- نحن على حق شامل عقيدةً وفكراً وأخلاقاً!
- نحن خير البشر وخير الأديان وخير الأفكار!
- فكرنا هو فكر البناء وفكر الآخرين هو فكر الهدم!
- نقدنا بناء ونقد الآخرين هدام!
- كل نقد سلبي للإسلام والمسلمين هو نقد هدام وكل نقد إيجابي ومديح للإسلام والمسلمين هو نقد بناء!
إن منظومة الأفكار هذه ذات طابع متماسك ومتداخل سواء أدركها المسلم أم لم يدركها. فهي متجذرة في سيكولوجيته وفي طريقة تفكيره وهو لا يدرك الفرق ما بين الوهم والحقيقة. وعدم أدراك الحدود ما بين الوهم والحقيقة هو مرض سيكولوجي.
وإنَّ كل هذا الهوس بالنفس يجد دعماً بتصورات محمد الشمولية الواضحة:
- " أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ"!!!
وهذه هي الوصية المقدسة:
إن يقاتل حتى يجبر الآخرين على أن "شْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" ومهما كان الثمن، ومهما كتنت الفظائع والجرائم المرتكبة.
إذن الإرهاب وصية دينية وواجب مقدس!
7.
هذه هي باختصار جذور الشر الإسلامي التي بدونها لا وجود للإسلام.
فهل ثمة مخرج من هذا الكابوس؟
بل هل يمكن أن ننتظر (كما ينتظر الأغبياء) إن يُصلح المسلمون أنفسهم و"يكتشفوا" أنهم يعيشون خارج التاريخ؟


الصلاة الإسلامية [4]: صلاة الجُمْعَة والجَمَاعَةُ هي صلاة الإرهاب الجماعي!


1.
عندما "عرَّج" محمد بن عبد الله:
في إطار خرافته عن معراج محمد بن عبد الله (الذي طار مِنْ هنا... وإلى هناك) على الحِمَار البراقِ (أَمِ البغلة – لا أحد يعرف) يروي لنا البخاري (قدَّس الله سِرَّه رغم أنَّه لم يحفظ سِرَّاً) حكاية قد يعتقد من لا يعرف الإسلام بأنها "غريبة" و"عجيبة" و"فاضحة". ولأن خرافات الإسلام لم تعد غريبة علينا فإنَّ الحكاية التي من غير خرافة هي ليست إسلامية (وبكلمة أدق: ليست إبراهيمية)!
يقولُ (قدَّس الله سِرَّه!) عن هُدْبَة بن خالد عن همام عن قتادة. وقال خليفة حتى تنتهي لعبة العنعنة إلى مالك بن صَعْصَعَة (من صعصعة هذا؟):
عندما أنطلق محمد بن عبد الله مع جبريل لم يتعرف أحد من ملائكة السماوات عليه!
وهذا "اعتراف" شخصي ورغم أنه ليس بخط يده، فإن جميع المحاكم الإسلامية تقبله ويتم ضمه إلى باقي الأدلة المعنية بالأمر:
لم يتعرف أحد على محمد بن عبد الله!
لننسَ هذا الموضوع حتى نأتي إلى مربط الفرس - قصة الصلاة. يقول محمد:
"ثُمَّ فُرِضِتْ عليَّ خمسون صلاة فأقبلتُ حتى جِئتُ موسى، فقال: ما صنعتَ؟ قلتُ: فُرِضِتْ عليّ خمسون صلاة. قال: أنا أعلم بالناس منك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة وإن أمتك لا تطيق، فارجعْ إلى ربك فسله. فرجعت فسألته فجعلها أربعين، ثم مثله، ثم ثلاثين ثم مثله فجعل عشرين، ثم مثله فجعل عشراً، فأتيت موسى فقال: مثله فجعلها خمساً، فأتيت موسى فقال: ما صنعتَ؟ قلت: جعلها خمساً فقال مثله، قلت: فسلمت فنودي إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وأجزي الحسنة عشراً" [صحيح البخاري، دمشق/بيروت 2002، ص 794]
2.
لا أحد يعرف لا أحد يعلم:
إنَّ هذه الحكاية التي يعتزون بها لا تكشف إلا عن فكرتين اثنتين لا غير:
الفكرة الأولى:
لا الله عليمٌ ولا محمدَ بن عبد الله عارفٌ بأمَّته!
ولولا كبير الأنبياء إبراهيم (غفر الله له ولنا ذنوبنا) لهرب المسلمون من الإسلام منذ زمن بعيد جداً (ويا ليته لم يتدخل!).
أما الفكرة الثانية:
فقد كانت الصلاة صفقة مُضْنِيَةً حققها محمد بن عبد الله بعد "رواح ومجيء" طويلين مستعطفاً ربه (الحقيقة أن الحديث لا يذكر ماذا كان يقول محمد بالضبط!)!
بل لا أحد يعرف (لا محمد بن عبد الله ولا ربه) معنى وأهمية الصلاة.
فمعرفة معنى الشيء وتأثيره ووظيفته تتعلق بشكله وحجمه وكميته (وعدده إنْ كان له عددٌ) ووزنه (إنْ كان له وزنٌ) وغيرها من الخصائص المميزة للأشياء- ووصفة الدواء مثال نموذجي على قيمة هذه المعايير. أما ما يتعلق بالصلاة فإن الأمر ينبغي أن يكون أكثر التزاماً بالدقة وأكثر حزماً وحسماً في التطبيق.
وطالما كان عدد الصلوات اعتباطياً وهو في أحسن الأحوال "صفقة"، فإن معنى الصلاة ظل ممتنعاً على الجميع.
3.
صلاة السلطة والسلطان:
" أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلهِ ِللهِ"! – قيل أن يشوع قد قال هذا الكلام.
فكما أشرنا في الحلقة السابقة (وكما تقول لنا الحكاية أعلاه) فإن صلاة الأفراد كانت لله.
ولكن ماذا عن صلاة الجَمَاعَة – لمن هي؟
إن التاريخ يقول وليس السيرة الأدبية للإسلام، ومن دون مواربة، هي لقيصر – للسلطان.
فإذا كانت الصلاة الفردية خضوعاً للفرد، فإن صلاة الجَمَاعَة هي وسيلة للخضوع الجماعي.
4.
منذ أن تحول الدين الإسلامي إلى قوة حربية فقد تحول بدوره إلى "تنظيم" سياسي تنطبق عليه الكثير من السمات التنظيمية للأحزاب المعاصرة (بل أن الأحزاب المعاصرة هي استمرار للتنظيمات الدينية السرية ذات الشكل الهرمي من العصور الوسطى) والصلاة هي العلاقة المرئية الوحيدة بهذا التنظيم أو بِلُغة رجال اللاهوت: " الفارقة بين الكفر والإيمان"!: بكلمات أخرى مَنْ هو مع السلطان ومَنْ يحوك المؤامرات ضده!
وهذا ما دفع بالأمويين (ومن ثم العباسيين حتى الآن) إلى تحويل الصلاة الجماعة إلى معيار للوفاء لهم والإيمان بخلافتهم. وبالإضافة إلى ذلك فإن صلاة الجمعة أضحت (حتى اللحظة الراهنة) منبراً للتعبير عن أفكار الدولة والتحريض ضد المعارضين.
ولكي يمنح الأمويون لصلاة الجمعة أهمية استثنائية لازمة فقد انبرى محدثو وفقهاء السلطان بصناعة الأحاديث التي حولت ترك الصلاة إلى جريمة كبرى. إذ أن "من ترك الصلاة جحودًا بها، وإنكارًا لها، فهو كافر، خارج عن الملة بالإجماع"!
وعقوبة الكافر القتل والتحريق:
من أحاديث "صحيح!" مسلم "الصحيحة!"
-عن أبي هريرة (طبعاً!):
"إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنار"!
غير أن هذا لا يكفي. فقد كان على السلاطين أن يمنحوا الالتزام بالصلاة ورائهم صيغة جبرية "شرعية!" لاهوتية وبغض النظر عن مواقف الناس المعلنة والمستترة عنهم فقد جهد محدثو السلطان - ولكل سلطان محدثون وبتـ"حفيز بسيط" من السلطان أن يلبسوا لبوساً نصياً رسولياً:
-"عن عامر بن ربيعة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها ستكون بعدي أمراء يصلون الصلاة لوقتها ويؤخرونها عن وقتها فصلوا معهم فإن صلوها لوقتها وصليتموها معهم فلكم ولهم فإن أخروها عن وقتها فصلوها معهم فلكم وعليهم من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية"!
5.
ولكي تكون صلاة الجماعة صلاة للسلطان مضموناً وشكلاً وأن تتم مراقبة وتسجيل الحضور فقد قرر فقهاء السلطان أن تكون صلاة الجمعة في مكان واحد. ورغم ذلك فلم تكن المدن آنذاك صغيرة بما يكفي لكي يصل إليها الناس من القرى والأطراف البعيدة فقرر فقهاء السلطان التساهل (وهو أمر لا علاقة له بالتساهل الديني بل حكم الواقع) إمكانية أن تُعقد صلاة الجمعة في مكان آخر بعيد عن المكان الأولى وبقيادة (إمامة) شيخ موالٍ للسلطان (الخليفة أو أياً كان لقبه).
ولكي تكون صلاة الجماعة من جديد صلاة للسلطان سياسةَ وأهدافاً فقد أُسْتُحدث أن تكون الخطبة في البداية (لا تهمني النقاشات المتعلقة ببدايات وجود الخطبة قبل أو بعد الصلاة وفيما إذا كانت خطبة واحدة أو اثنتين).
وفي الخطبة التي تبدأ بالدعاء للسلطان (والشتائم ضد المعارضين أياً كانوا) يقرر إمام الجامع ما يريده السلطان وما يرضيه ويرضي الله ورسوله. وحين يتطلب الأمر تهديداً لأعداء السلطان فلا بأس هنا التهديد باسم ما يقوله "القريان" لتقديم رسوم الطاعة للسلطان حتى وإن كان أسوا ما يكون!
ولكي (للمرة الرابعة) أنْ تكون خطبة صلاة الجمعة والصلاة نفسها باسم السلطان لا سلطان غيره فإن أئمة الجوامع الرسمية"!" هم أئمة تعينهم الحكومات وتصرف عليهم وتعلفهم على أحسن ما يكون العلف حتى اللحظة الراهنة!
6.
وإن هذه التقاليد لا تزال قائمة في جميع دويلات مملكة الظلام. ولهذا ليس من الصدفة أن يتم النقل الحي لصلاة الجمعة وتقوم ببثها جميع محطات الإذاعة والتلفزيون الرسمية "الحكومية" وغالباً ما يحضرها " الأب القائد" أو "الأب الحنون" أو "الرئيس المؤمن" أو "الأب المؤسس" أو ... إلخ!
أما خطبة الجمعة فهي لا تزال – وقد أصبحت أكثر فجاجة ووقاحة - عبارة عن منشور "شفهي" مباشر حكومي للدفاع عن توجهات هؤلاء "الآباء" وتبريراً لسياساتهم الغاشمة وحربهم المعلنة أو المتسترة ضد المخالفين والمختلفين.
والجميع يرى ويعرف فقهاء السلطان الذين لي عنهم حديث خاص في المستقبل.
7.
صلاة الإرهاب الجماعي:
إذن صلاة الجمعة هي صلاة سياسية بحق سواء كانت للسلطان حين يكون الفقيه قريباً من سلطته وشرطته أو ضد السلطان إن بَعُد الفقيه (لأسباب طائفية وليس دينية/إسلامية) عن سلطته وشرطته أو تضررت مصالحه.
وبظهور الحركات الإسلامية المتطرفة واتساع ثقافة التوحش تحولت صلاة الجمعة إلى سلاح حركي ضد الجميع:
السلطان وسلطته وشرطته والمخالفين لهم والناقدين لتطرفهم والمختلفين معهم مذهبياً وطائفياً والناس أجمعين لا فرق بينهم إن كانوا مسلمين أم مسيحيين أم حتى هواة جمع الطوابع!
في هذا النوع من "الصلاة وخطبتها" تحولت ثقافة التوحش إلى أسلوب مميز ويكاد يكون "ماركة مسجلة" لها سواء داخل الدول الإسلامية أم ضد مجتمعات قامت بئوائهم من قمع سلطانيهم المسلمين .
إنها الشكل المرئي الجماهيري للتنظيمات الإسلامية. بل هي الشكل الاستعراضي لقوة هذه التنظيمات. وهو السبب الذي تسعى السلفية من أجله إلى التحريض على إقامة "صلاة الجمعة" في شوارع أوربا.
فهي مثلما تعني دلالياً استعراضاً فإنها بمثابة تحدي للقوانين الأوربية. إنها المعادل البصري والتأثيري والسيكولوجي لمارشات النازية والشيوعية على حد سواء (وهي في حقيقتها من منجزات الرومان) وموسيقى المارشات العسكرية التي تبثها الإذاعات العربية على مدار اليوم في وقت الحروب والانقلابات والتغيرات السياسية.
أن تقول للناس والأنصار على حد سواء: "نحن هنا" ومن أجل إشاعة الخوف والرعب في نفوس الآخرين.
8.
هذه هي باختصار صلاة الجماعة:
إنها صلاة الحرب ضد المخالفين والمختلفين.





ثقافة القتل – في ذكرى فرج فودة

[فرج فودة]

تنبيه [1]:
ليس هذا الموضوع عن قتلى الإسلام عبر تاريخه المظلم، ولا عن القتلى بالسر والعلن. فضحايا الإسلام سواء في زمن الغزو الإسلامي وفيما بعد أو في زمننا الحاضر أمر لا يمكن حتى التفكير في إحصاءه.
هذا الموضوع عن فرج فودة فقط. وقد كتبته لسببين اثنين:

السبب الأول: لأن فرج فودة كان من أوائل المثقفين العرب الذين دقوا ناقوس الخطر من المد العاصف لثقافة التوحش المعاصرة. وهو من أوائل ضحايا هذه الثقافة وقد دافع حتى آخر لحظة من حياته عن الحقوق المدنية والدولة المدنية.
وستمر في الثامن من حزيران هذا العام 30 عاماً على اغتياله من قبل إسلام التوحش.
أما السبب الثاني والذي لا يقل أهمية فسيكون واضحاً في نهاية المقال.
1.
سأبدأ من حيث بدأ فرج فودة:
"هذا حديث سوف ينكره الكثيرون، لأنهم يودون أن يسمعوا ما يحبون، فالنفس تأنس لما تهواه، وتتعشق ما استقرت عليه، ويصعب عليها أن تستوعب غيره، حتى لو تبينت أنه الحق، أو توسمت أنه الحقيقة، وأسوأ ما يحدث لقارئ هذا الحديث، أن يبدأه ونفسه وسبقة بالعداء، أو متوقعة للتجني، وأسوأ منه موقف الرفض مع سبق الإصرار للتفكير واستعمال العقل" [الحقيقة الغائية، القاهرة 1988]
وهذا ما حدث:
إذ لم ينكره الكثيرون الذين لا يودون أن يسمعوا غير ما اعتادوا عليه في الجوامع ومن محطات الإذاعات والتلفزيون الرسمية والمدارس، ولم يتم رفض حقه في التعبير عن آراءه، ولم ينكر البرابرة المعاصرون حقيقة ما قاله ويُجَابَه بالعداء والكراهية، ولم يتم شن حملة عاتية ضده والتحريض على قتله بدءاً من الأزهر وانتهاء بالجماعات الإسلامية والتي تجسدت في نهاية المطاف في فتوى الشيخ الأزهري عمر عبد الرحمن القائد الروحي للجماعات الإسلامية في جريدة النور 1992 فقط بل وتم اغتياله في الثامن من حزيران 1992!
2.
كما كان واضحاً أن قوى التوحش لم ترفض الاستماع “مع سبق الإصرار ورفض التفكير واستعمال العقل" وعجزها عن استيعاب حقائق التفكير العقلاني فحسب، وإنما كانت ولا تزال عاجزة حتى اللحظة الراهنة عن الاستماع. وسلوك الإسلاميين (سنة شيعة) في منتدى الملحدين يكشف عن هذا الإصرار.
لقد حاول فرج فودة أن يقول لحركة الثقافة المتوحشة الحقيقة البسيطة:

بأنَّ الدين والعقيدة الدينية شيء والدولة والنظام السياسي شيء آخر.
ليس ثمة مبالغة في هذا الأمر!
هذا ما كان ينادي به وقد أوشك آنذاك القرن العشرين على الانتهاء ولم يحارب الإسلام فقد كان مسلماً – لكنَّه كان يكشف عن خصلة عجز الإسلاميون ولا يزالون عاجزين عن تذليلها: الخلاف!
ففي لحظة الصعود الجديد لتنظيم جماعة الأخوان المسلمين كان فرج فودة واحد من الأصوات التي لم تتخاذل وظل يعلن رفضه المبدئي لثقافة العصور المظلمة.
وقد طرح فودة "سؤالاً بسيطاً وبديهياً" وهو سؤال ينبغي أن يكون في حسابات كل من يدعي بأحقيته المقدسة في امتلاك السلطة السياسية:
ما داموا قد رفعوا شعار الدولة الإسلامية وانتشر أنصارهم بين الأحزاب السياسية يدعون لدولة دينية يحكمها الإسلام، فلماذا لا يقدمون إلينا – نحن الرعية – برنامجاً سياسياً للحكم، يتعرضون فيه لقضايا نظام الحكم وأسلوبه، سياسته واقتصاده، مشاكله بدءاً من التعليم وانتهاء بالإسكان وحلول هذه المشاكل من منظور إسلامي"؟[من الحقيقة الغائبة]

وهذا ما عجز عن الرد عليه مرشد الأخوان المسلمين حتى أثناء "المناظرة" التي شارك فيها فرج فودة في الثالث من كانون الثاني 1992 وقبل اغتياله بقليل حولها الإسلاميون إلى مسخرة وقد أقيمت على هامش فعاليات المعرض الدولي للكتاب - القاهرة. وقد كانت هذه المشاركة هي الذريعة التي استند إليها الإسلاميون في إصدار فتوى التكفير ضد فرج فودة برضى وقبول الأزهر الذي عبر عنه محمد الغزالي – شيخ الأزهر آنذاك في شهادته في جلسات محاكمة منفذي الاغتيال عام 1993
[في هذا المكان تم اغتيال فرج فودة وهو ذاهب إلى مكتبه في هذه البناية - الجمعية المصرية للتنوير]
3.
لقد أثبتت الوقائع اللعينة، مثلما أثبت المنطق اللعين، إن الإسلاميين عاجزون عن تقديم برنامج عقلاني ينسجم وتعقيدات الحياة المعاصرة. إنهم لا يحملون غير عقيدة متخلفة وثقافة القرون الثلاثة الأولى ورغبة عارمة في سلطة شمولية هدامة. وإن مثل هذا الغياب ليس مجرد سهو أو قضية تفصيلية يمكن تجاوزها. وقد كان فرج فودة على حق عندما يرى بأن السبب وهو ما يعاني منه دعاة تطبيق الشريعة هو:
"عقم الاجتهاد، بل إن شئت الدقة اجتهاد العقم، وخوف الاختلاف، بل إن شئت الدقة خُلف الخوف، وطمع الاستسهال، بل إن شئت الدقة استسهال الطمع، وعجز القدرة، بل إن شئت الدقة قدرة العجز".[من الحقيقة الغائبة]

لم يكن ماركس على حق فقط، بل كان وكأنه يرى زماننا التعس عندما كتب في "المسألة اليهودية":
"إنَّ الدولة التي تشترط الدين لم تُصْبِحْ بعدُ دولةً حقيقيةً، دولةً واقعية".
فالدولة الدينية هي دولة وهمية تستند إلى العقيدة وليس إلى الوقائع. وإنْ "اجتهد" المسلمون وقدموا نوعاً من "وقائع" و"قرروا" أنها تاريخ فإن على المراقب الذكي أن يعرف بأنها "وقائع" مزيفة.
4.
كانت "المناظرة" بعنوان "الدولة الدينية والدولة المدنية" وقد استمع إليها أكثر من عشرين ألفاً من زوار المعرض أغلبيتهم من أصحاب اللحى والمحجبات. وبسبب ضيق القاعة فقد استمعت الغالبية العظمى إلى "المناظرة" عن طريق مكبرات الصوت خارج القاعة.
اشترك في "المناظرة" خمسة أشخاص:
- ثلاثة من المدافعين عن دولة الشريعة الإسلامية: محمد الغزالي (شيخ الأزهر آنذاك) ومأمون الهضيبي (المرشد السادس لجماعة الأخوان المسلمين ومحمد عمارة (عضو هيئة كبار علماء الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، ورئيس تحرير مجلة الأزهر حتى عام 2015).
- واثنان من المدافعين عن الدولة المدنية: فرج علي فودة (كاتب ومن المثقفين المصريين الذي اشتهر بكتاباته المدافعة عن الدولة المدنية وإخراج الدين من الحياة السياسية، دكتوراه في الاقتصاد الزراعي) ومحمد خلف الله (مفكر وكاتب مصري في حركة الحداثية الإسلامية).
وخمستهم مسلمون لم يشكك أحد في انتمائهم الديني الإسلامي؛ كما لم يعبر أحد من المدافعين عن الدولة المدنية عن أي نوع من الفكر الإلحادي أو المعادي لدين الإسلام.
وعلى هتافات التوحش:
"الله أكبر والله الحمد!
الله أكبر ولا عزة إلا بالإسلام!
الله غايتنا والرسول زعيمنا والجهاد والموت في سبيل الله أسمى أمانينا! [الأعمال الكاملة للدكتور فرج فودة التي طبعت بعد اغتياله – بدون مكان وتاريخ الإصدار]
وفي جو مشحون بالكراهية ونبذ صوت الحق بدأت "المناظرة" بمداخلة شيخ الأزهر الذي كعادة بائعي الكشري أخذ يعلن عن بضاعته الفاسدة "معلناً" الحرب على "الشورى الغربية!" وعلى "مجلس العموم البريطاني ومجلس اللوردات!" لأنهم على حد قوله قد رفضوا "إن الزنا حرام، وإن الشذوذ الجنسي حرام ..."!
ولهذا أخذ يتباكى محرضاً الجمهور المتطرف أصحاب اللحى:

"كيف أحكم في ديني وخلقي أمثال هؤلاء الشاذين في تصرفاتهم وفي أحكامهم وفي أحوالهم .. إنني لا أستطيع إلا أن أقول يُحارب الغزو الثقافي .. يُحارب الاستعمار التشريعي .. يحارب الاستعمار التربوي كما حورب الاستعمار العسكري حتى تجلو عن بلادنا هذه الأفكار الدخيلة التي جاءت مع القبعات ويعود الإسلام لأهله ويكون الدين كله لله. أما أن يقع ما يقع ثم يقال لا نريد حكماً سماوياً أو حكماً دينياً فهذا نوع من العبث [...] ما هذا الحقد الغريب على الإسلام؟ ما هذا الحقد الغريب على الله ورسوله؟ ما هذا الحقد الغريب على الكتاب والسنة، ما هذا الحقد الغريب على التراث؟ إننا نريد أن يعرف الناس أننا إسلاميون."[الأعمال الكاملة ص 8]
وهكذا عاد إلى أصوله كأحد أعضاء الجماعات الإسلامية قبل أن يتم طرده منها.
وهكذا قام شيخ الأزهر بإشعال حماس من لا يحتاج إلى حماس من الآلاف من أصحاب اللحى في القاعة وخارج القاعة وأخذت تعلو الهتافات:
"الله أكبر، ولله الحمد"!
5.
لقد كان واضحاً أن مناقشة المسلمين قضية لا جدوى منها لأنهم يرفضون الاستماع لغير أصواتهم.
. ومن لا يفهم هذه الحقيقة فإنه لم يفهم الإسلام مطلقاً.
ورغم أنَّ فرج فودة ومحمد خلف الله برهنا بما لا يقبل الشك على تهافت الدفاع الإسلامي عن الدولة الدينية وكشفا عن فشل الإسلاميين في تقديم أية مسوغات عقلانية منطقية تأسس لمصداقية تصوراتهم عن حكم الشريعة، فإن الجو العدائي لحرية التعبير والحق في الخلاف الذي رافق "المناظرة!" كان ينبأ بالكارثة.
وقد تم اغتياله بعد ذلك بأشهر!
ولضيق الوقت آمل من القراء الاطلاع على "المناظرة" أونلاين على الرابط التالي:


تنبيه [2]
لقد أجلت الحديث عن السبب الثاني لكتابة هذا المقال لأنه في الحقيقة نتيجة لقضية منطقية آمل أنْ يقوم القارئ قد توصل إليها:
كما هو واضح فقد تم اغتيال فرج فودة "المسلم" على آراء هي أقل شدة وجذرية بكثير من الآراء المطروحة في شبكة الملحدين العرب من قبل الملحدين واللادينين والربوبين وغيرهم من الزملاء الذين يرفضون ثقافة التوحش الإسلامية.
فما الذي ينتظرهم في بلدانهم؟!


أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر