منع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات تفسير. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تفسير. إظهار كافة الرسائل

من بلاغة القرآن: تفسير الآية 50 من سورة الأحزاب – الجزء الثالث والأخير

"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا "
[سورة الأحزاب :50]

[هل هذا كلام يانبي الإسلام؟!]
1.
كما اتضح بنص "الوحي"(وهو نصٌ لا ريب فيه ولا تخريف! ) فإنَّ الله قد خاطب "المصطفى" شخصياً مُطْلِقَاً العنان لغريزته داعيا له بحب وتفهم بأنَّ عليه ألا يتردد في نكاح من شاء ومن سوف يشاء أن ينكح وقد حددهن بصورة معجزة ولم ينس واحدة منهن:
"وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ".
فالله سبحانه وتعالى وحين فتح له أبواب النكاح من الغريبات على مصاريعها فإنه لم يبخل عليه من القريبات.
وفي هذا التحليل والإباحة، أحبائي، تقع زينب بنت جحش بنت خالته في حكم المشاعة ولا حرج في أن يضمها إلى نساءه طالما رفَّ لها قلبه وطار بجناحين من أجنحة الملائكة. فـ"زينب"، أيها الأخوة، امرأة – والمرأة خُلِقَتْ للرجل من ضلعه وهي حليلته وحرثٌ له.
2.
لكننا (وأقول "لكن" بالقلم العريض) نرى أنَّ لؤم اللؤماء وشبهات الملحدين لم تترك الرسول بحاله وهو يعيش حياته بتواضع – كما لم تترك نكاح الرسول صلوات الله عليه كما هو أبيضَ ناصعاً لا لوثة فيه بل قرروا ما قرروا وقالوا بأنَّ المصطفى قد سرق من ابنه زوجته وهذا اجحاف وأفك وافتراء ما بعده إجحاف وأفك وافتراء!
ألم يدروا ما قال "الله" شخصياً: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شيء عَلِيماً مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيماً"؟!
فهل ثمة "دليل نقلي" أكثر قوة وصلابة من هذا الدليل؟!
إذن، عن أي ابن يتحدثون والله يعرف ما لا يعرفون!
وهو يدري ما لا يدرون!
وهو يرى ما لا يرون!
وهو إنْ بحلق فما لا يبحلقون!
عن أبي عبد الله الأدرد العبسي عن أبيه عن جده عن حريب بن عنزة عن أبي هريرة، قال: حدثني يونس عن أبي زيد عن وكيع قال: قلت: يا رسول الله ما قصة نكاحك من زينب بنت خالتك؟ يقولون إن الله قد أعجب بها فزوجك إياها. فهل هذا صحيح؟ كان رسول الله (ص) يشخبط على تراب الأرض بعود من أغصان التمر حروفاً وهيئات غريبة، ثم رفع راسه وقال: يا وكيح، قال رسول الله كما اعتاد أن يلاطفني، لم أنكح امرأة إلا برضى الله وإرادته. قلت: وهل كان الله سبحان إرادته يرغب بزينب. فشرع رسول الله (ص) يضحك حتى بانت نواجذه وقال: لا أحد يعرف نواميس الله، ومن أدْرِكَ نواميسه حلَّ محله. وهذا كفر صريح ثم رفع يده الرحيمة ولطمني على وجهي حتى كاد يصرعني ثم قال بصوت حنون رؤوف: هل فهمت يا وكيح؟ (حديث صحيح – صححه محمد آغا الباكستاني اللاهوري، ما صح من أحاديث الرسول وما بطل، المجلد الخامس – ص 130، مطبعة إسلام أباد، بدون تاريخ).
للمزيد من التفصيلات حول رحمة المصطفى روحي فداه، أنظر:
3.
وأما قوله تعالى:
"وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ"
ففيه حكمة لطيفة وموعظة عميقة جداً جداً – أليس هو الواعظ الحكيم؟!
فهو يقول له بالحرف الواحد: استنكح "حبيبي" أيها النبي (ومن جديد يخاطبه شخصياً روحي فداه) أية امرأة- طبعاً أن تكون مؤمنة - تتبرع بنفسها لك وحدك لا شريك لك خالصة من دون الناس أجمعين.
عن عائشة رضي الله عنها وعنا جميعاً قالت: "كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن من النبي صلى الله عليه وسلم وأقول: أتهب امرأة نفسها؟ فلما أنزل الله: ( ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ) قلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك .
وإن قول أم المؤمنين رضي الله عنها (ما أرى ربك إلا يسارع في هواك) هو افتراء عليها قام بدسه الملحدون العرب، لعنة الله عليهم أجمعين!
وهذا هو البرهان الصحيح:
حدثنا فلحوط الأخرس عن أمه عن أبيها عن جعدان البقري عن أبي هريرة عن وكيع، قال: فلما أنزل الله: (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ) قالت أم المؤمنين عائشة: "سارع الله في حكمه وحكم الله لا هوى فيه ولا ميل أو محاباة".(حديث صحيح – صححه محمد آغا الباكستاني اللاهوري، ما صح من أحاديث الرسول وما بطل، المجلد الخامس – ص 500، مطبعة إسلام أباد، بدون تاريخ).
أرأيتم، أيها الأخوة الأعزاء، الفرق ما بين القولين وكأنه الفرق ما بين شعر الرأس وأخمص القدمين!
4.
وأما قوله تعالى: "قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"!
فإن الاعجاز فيه يتخطى المعقول ويسمو بالعقول إلى منابع الأصول وإنَّ المحصول أكثر غناً من كل الفصول. فربنا، علا شأنه فوق جميع الشؤون، لم تَفُتْه، كما تفوت البشر، لا شاردة ولا واردة. فهو حين يبدأ لا ينتهي؛ وحين يُطلق حرية الاختيار لنبيه لا يكتفي بالقليل. فهو خاتم الأنبياء وله حق الامتياز واحتياز ما لذ وطاب.
ولأن الله عادل والعدل سمة فارقة له يا حبيبي يا الله– وهذا ما يعرفه الجميع، فإن ملك اليمين حق منحه الله للمسلمين جميعاً– وهذه هي الحكمة: فالنساء إن منحن أنفسهن فلخاتم المرسلين فقط. أما "ملك اليمين" فإن عددهن يفوق حاجة الرسول فأشرك الله عباده في هذا الحق.
يا له من سماحة!
يا له من عدل!
وفد قال زميلي الشيخ الشنقيطي (الذي أحترمه جداً جداً) رحمه الله ورحم أمواتنا جميعاً:
"وسبب الملك بالرق: هو الكفر، ومحاربة الله ورسوله، فإذا أقدر الله المسلمين المجاهدين الباذلين مهجهم وأموالهم، وجميع قواهم، وما أعطاهم الله لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار - جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المن أو الفداء؛ لما في ذلك من المصلحة على المسلمين.
وهذا الحكم من أعدل الأحكام وأوضحها وأظهرها حكمة. وذلك أن الله جل وعلا خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه، ويمتثلوا أوامره ويجتنبوا نواهيه".[أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن -ج3، 1979، ص: 387]
ثم يقول:
"فعاقبهم الحكم العدل اللطيف الخبير جل وعلا – عقوبة شديدة تناسب جريمتهم؛ فسلبهم التصرف، ووضعهم من مقام الإنسانية إلى مقام أسفل منه كمقام الحيوانات" [المصدر السابق: ص 388]
أيْ والله لقد صدق صديقي الشنقيطي: وهذا الحكم من أعدل الأحكام وأوضحها وأظهرها حكمة!
فهل ثمة عدالة أعدل من أن تبيح أعراض الناس وتستعبدهم وتستنكح نساءهم وبناتهم بأمر الله وطاعة لله وحباً لله؟!
لقد أنزل العادل الحكيم بالبشر إلى منزلة الحيوانات لا كرها أو حقداً عليهم – حاشاه من الكره والحقد – بل عطفاً عليهم وتأديباً لهم!
فهو الأب الحاني؛
وهو الأم الحنون!
5.
كما ترى، أخي القارئ اللبيب، فأن النكاح الذي لا حدود له ليس مجرد نزوة، استغفر الله من النزوات والغرائز والرغائب، بل هو عقيدة ربانية راسخة. ألم تسمعوا وتقرأوا في جميع المصادر الموثوقة قوله صلى الله عليه وسلم: (النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فقد رغب عني) ؛
وقوله: (النكاح سنتي فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي)؛
وقوله روحي فداه: (تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط
وقوله أيضا صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتي فليس مني وإن من سنتي النكاح فمن أحبني فليستن بسنتي) .
وغيره الكثير ...
فالنكاح دين الإسلام. وإذا ما سقط منه النكاح لم يتبق منه غير القشور. وهذا ما يريده ويسعى إليه أعداء الإسلام والنكاح.
وكما يقول زميلي الغزالي:
"وهذا يدل على أن سبب الترغيب فيه خوف الفساد في العين والفرج والوجاء هو عبارة عن رض الخصيتين للفحل حتى تزول فحولته فهو مستعار للضعف عن الوقاع في الصوم وقال صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وهذا أيضا تعليل الترغيب لخوف الفساد وقال صلى الله عليه وسلم (من نكح لله وأنكح لله استحق ولاية الله". [إحياء علوم الدين، ص 96]
6.
وهكذا أخي القارئ الكريم، نأتي إلى نهاية تفسيرنا الموجز لعلنا أفدناكم ووفرنا عليكم البحث في بطون الكتب (أو في أي مكان آخر منها) وإن هدفنا خدمة الله ورسوله وكتابه وجميع المؤمنين واللامؤمنين والملحدين لعلهم يعثروا على السراط المستقيم وأن يتمسكوا بقوةٍ بحبل الله - لعنة الله عليهم.
تم التفسير بعونه الكبير وهو التفسير المختصر للصغير والكبير ....
لا تنسوا لنا الدعاء!


[تم التفسير المختصر بعونه!]

من بلاغة القرآن: تفسير الآية 50 من سورة الأحزاب – الجزء الثاني

"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا "
[سورة الأحزاب :50]

[هل هذا كلام يا نبي الإسلام؟!]

1.
في الحلقة الماضية تطرقنا بشيء من العجالة إلى مدخل الآية "الكريمة" " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ " وقلنا إن " يَا أَيُّهَا" نداء للقريب و" النَّبِيُّ "تخصيص "للتحليل" الخاص والاستثنائي لخاتم الأنبياء المصطفى (ص) فقط وفقط.
وهذه جزالة وفصاحة لا ريب فيهما لم يسبق لهما مثيل في اللغات جميعاً!
فماذا حُلَّل له من قبل الحكيم القدير والمُحَلِّل الأثير على قلوب الجماهير"؟
حُلَّل له "أزواجه".
وهذا كلام صريح لا يقبل التأويل والقدح بـ"وحي" جليٍّ لا حاجة إلى مفاتيح وَمَنْ أوَّلَ الصريحَ فقد كَفَرَ بما هو صحيح!
غير أنَّ الشبهات التي يطرحها الملحدون والمشككون، لعنة الله عليهم، بكلام الله كالعادة هو: "مَا يَحُقَّ له وما لا يحق له من أولئك الأزواج" من غير أن ينتبهوا ويتنبهوا إلى الاسم الموصول "اللواتي". فالاسم الموصول يصل ما قبله بما بعده.
والإعجازُ كل الاعجازِ هو في استخدام "اللواتي" وليس "اللائي". لأن في "اللائي" نوع من الخفة والفراغ الصوتي وهذا لا يصح في حالة "أزواج" النبي وأمهات المسلمين ورفيقات النبي الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم. ففي الاسم الموصول "اللواتي" دفء وكرم وحنان ما لا وجود لها في "اللائي" التي تبدو خفيفة وطائرة في الهواء.
- هل فهمتم؟!
كما أن الزنادقة والملحدين، لعنة الله عليهم أجمعين، غير متفقهين بعلم اللغة ومحسنات البديع والبلاغة العربية السمحاء ولم تبق غير الشبهات والعياذ بالله.
2.
إذن من هنَّ اللواتي حللهن الحكيم القدير أزواجاً للمصطفى وأشرف خلق الله في الكون"!!!"؟
إن الذكر الحكيم كما أشرنا أعلاه ومن دون لف أو دوران واضح صريح بَيِّنٌ من غير بهتان ولا زوغان إذ يقول:
"أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ".
وفي هذه الجملة فكرتان ربانيتان معجزتان أوحى بها الخالق شخصياً للحبيب المصطفى شخصياً أيضاً:
الأولى:
إن كلمة "أزواج" جمع تكسير تصح على المذكر والمؤنث. وكما يبدو تحسباً لمخاطر الرغائب ومهاوي المستقبل!
وقد اقتصر الشارع (أي: المشرع وهو الله شخصياً) العظيم على كلمة "أزواج" التي جاءت نكرة بدون أي تعريف. والعبرة بالنكرات هو غياب العدد. فهو يخاطب الرسول: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ" من غير أن يلزمه بشروط غير أن يكون قد أتى " أُجُورَهُنَّ ". فـ"الله" يحنو على المصطفى الحبيب ولا يريد أن يقيده بعدد فأطلق حريته وفتح أمامه الباب النكاح مفتوحاً على مصراعية. وهذه سماحة من "الله" وكرم وأخلاق عالية - أليس هو مرجع الأخلاق؟
إذن: أزواج الرسول حَلَالٌ من لدن "الحكيم القدير" وهو أمر لا رجعة فيه ولا "نسخ" ولا "استنساخ". كما أنه لا حرج عليه في "العدد". فالعدد مفتوح والنكاح مسموح بما اشتهت نفسه من النساء فلا حرج عليه ولا هم يحزنون!
فأزواج النبي المصطفى هنَّ جميع النساء الممكنات على الأرض نظرياً و"اللواتي" أخذن أو سيأخذن منه أجورهن (إذا ما استطعن إلى ذلك سبيلا!).
ويقول أصحاب الشبهات – لعنة الله عليهم واحداً واحداً بأن الأجور هي المبالغ المعطاة مقابل خدمة يقدمها مثلاً زيدٌّ لعمر؛ أو هي ما يتلقاه العامل لقاء عمله. وهذا كفر بحق الإله وجحود بحق النبي الطاهر العفيف الشريف.
فكيف ينكح النبي الحبيب أزواجه بأجور؟
استغفر الله من الشك والعقل والتفكير ومن آفة التدخل في شؤون أهل المصطفى وما خفي عن العين والسمع.
والأمر في غاية البساطة:
إن العاجز عن السباحة والغوص في أعماق بحار العربية (ولهذا يسمى معجم اللغة قاموس) فإنه لن يفقه بأن للأجور معنى الصداق والمهر المقدم للزوجة للنكاح. فمن أين يعرف أصحاب الشبهات أنَّ لا وجود لهذا المعنى؟
فقد أنشد أبو صخر المًجْهِز العبدي الزبعري مخاطباً صديقه:
أهلي زوجوني يا صاحبي في صحبتها هواني
دفعوا لها الأجرَ مرتين ولي أعطوني الأواني
وهذا برهان نقلي تجريبي أصيل من بطون الشعر العربي ومن صميم لغة العرب وفصاحتها على أن "الأجر" هو الصداق. فدفعوا لها الأجر - أي الصداق.
وكما قال أحد المسلمين في منتدى الملحدين: غصباً عن أنفك!
3.
وقوله "وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ":
في هذه الفقرة من الآية الكريمة إعجاز قلما عرفه العرب والأعاجم وخصوصاً هذا الإنجليزي شكسبير لعنة الله عليه. إذ قال حللنا لك "ما ملكت يمنيك" يا أيها النبي ثم يحدد الوحي ويضبط القول ويلزمه: " مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ". أيْ مما شرَّعه "الله" الكريم العطوف في حالة نتائج الحرب حيث اباح له التسري بالنساء اللواتي (فهو أيضاً إنسان يا أخي!) أخذن من المغانم مثل ريحانة وصفية وجويرية ومارية بنت شمعون ومارية القبطية وغيرهن. فهن من السراري و"ملك يمين" للرسول يحل له أن يفعل بهن ما يشاء. وهذا حُكْمُ منزل عادل وعطوف ورؤوف وحنون على النساء لا يمكن تغييره وتبديله.
4.
وهكذا نرى بأن الحكيم العليم القدير قدَّ قرر أن يمنح سيد الإنسانية وسيد الرحماء carte blanche رباني في اختيار عدد ما ملكت يمينيه.
لكن النبي العفيف الشريف اكتفى بعدد محدود وهذه من خصال الشهامة والتواضع وإن أفضل الأمور أوسطها – روحي فداه.
حدثنا ابن عباس عن وكيع قال: كنا جماعة نجلس مع الرسول (ص) بعد الصلاة فسأله عبيد بن حالك الأزدي عن ملك اليمين وهل يحق له ما يحق للرسول. فاسود وجه الرسول وازورت عيناه وأخذ يرتجف من الغضب فرفس النبي برجله الكريمة عبيدَ في بطنه حتى أخرج الهواء من فمه وأذنيه وأماكن أخرى قائلاً: وهل تعترض على إرادة الله؟ فقال عبيد بعد أن استرد أنفاسه: لا يا رسول الله - روحي فداك ولكني أردت أن تمس قدمك الكريمة جسدي. فقهقه رسول الله حتى وقع على ظهره من الضحك فبان فرجه وحين هدأ من الضحك قال الرسول (ص): أراك يا عبيد معي في الجنة" [حديث صحيح – صححه الباكستاني في كتابه لآلئ الرسول، إسلام أباد، بدون تاريخ، ص 54].
5.
وقوله "وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ".
في هذه الفقرة الكريمة والعبقرية يتفرغ "الله" جل جلاله شارحاً للرسول بالتفصيل الممل مَنْ هُنَّ النساء الأخريات اللواتي عليه أن ينكحهن – محدداً إياهن بالاسم حتى لا يختلط الأمر على الرسول وفي هذا جلال ومحبة. وقد سبقني الشيخ الجليل الحكيم الزميل ابن كثير معلقاً:
"هذا عدل وسط بين الإفراط والتفريط; فإن النصارى لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعدا، واليهود يتزوج أحدهم بنت أخيه وبنت أخته، فجاءت هذه الشريعة الكاملة الطاهرة بهدم إفراط النصارى، فأباح بنت العم والعمة، وبنت الخال والخالة، وتحريم ما فرطت فيه اليهود من إباحة بنت الأخ والأخت، وهذا بشع فظيع"
أما أن يتزوج المرء أقرب قريباته من غير الأخوات فهو أمر لطيف وجميل حيث تشتد أواصر الأسرة وتقوى العلاقات ويصبح النسل قوياً معافى حتى يتباهى الرسول به أمام الأمم.
أما من يقول بأن بنات العم والعمة وبنات الخال والخالة مثل الأخوات فهو لا يفهم لا اللغة ولا صلة الرحم ولا البراهين النقلية ولا قوانين التطور الربانية لا حقيقة وأصل العائلة، بل هو لا يفهم من الطب شيئاً!
إنها شبهات أثبتنا، بحمد الله وتأيده، بأنها مردودة وباطلة ولا تقال إلا من جاهل. فكلما يتزوج المرء من قريبة منه كلما تكون علاقتهما أقوى وأبناءهما اصح وأذكى وهذا ما أثبتته العلوم الإسلامية والعقول ذات المعارف الربانية وتاريخ المجتمعات الإسلامية.


للتفسير المختصر بقية ...

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر