منع

الشرخ [3-4]: انهيار الجسور!

إهداء:
إلى المسلمين والمسلمات الشباب الذين لم يودعوا عقولهم ويرفضون تسليمها لمعمل تدوير المواد البلاستيكية التابع لهيئات الفقه الإسلامية!

1.
الشَّكُّوك في الواقع القائم تقود إلى الأسئلة، والتي بدورها، تقود إلى واقع آخر: إنه واقع لا علاقة له بواقع مملكة الظلام؛
أنه واقع شخصي، يحمل في طياته رؤية مختلفة وتصورات مختلفة عن الماضي والحاضر والمستقبل.
وعندما يصطدم المرء برفض الآخرين لأسئلته أو بالعكس: الحصول على أجوبة سخيفة خالية من المنطق ويعجز عن قبولها فإنَّ الجسور تأخذ بالتصدع والانهيار تدريجياً.
وحين يبدأ التصدع فإنَّ العد التنازلي قد بدأ!
2.
الدروس:
و يكتشفه "المسلم!" الذي لم يودع عقله هو أنَّ الجسور التي تربطه بالدين هَشَّة تماماً. بل أنَّه سرعان ما يكتشف مصعوقاً أنَّ لا جسر يربطه غير وَهْم الانتماء العائلي والاجتماعي.
فالعقل اليقظ عاجز عن قبول وهم اليقين الذي يلتف حول رؤوس الناس كضباب الشتاء.
إنهم يؤمنون بطريقة يعجزون عن تقديم أي نوع من الأجوبة المعقولة حتى لأنفسهم:
هكذا وجدوا أنفسهم ولا شيء آخر . . .
إنَّ صاحب التفكير النقدي لا يبحث عن أجوبة تبريرية للإيمان. فمثل هذه الأجوبة يمكن أن يغرف منها المرء ما يشاء من مستنقعات اللاهوت السني والشيعي.
إنَّ ما تشغله هي الأجوبة الحقيقية على أسئلة حقيقية لا يحق للمسلم طرحها:
فهو لا يستطيع السؤال عن وجود "الله" فهذا تجديف – لكنه يستطيع أنْ يسأل لماذا خلقه الله؟
وهو لا يستطيع أنْ يسأل "لماذا لا يراه أو يحس بوجوده"؟ - لكنه يستطيع أن يسأل "أين الله" (رغم اختلاف أجوبة المدارس الفقهية والاتجاهات الطائفية على هذا السؤال فإنها سخيفة جميعاً – هناك من يقول بأنه في كل مكان. وعندما اكتشفوا أن ثمة أماكن لا يجب أن يكون فيها، قرروا أنه في السماء وإلى آخره وهلم جرة وهكذا دواليك .....)!
كما أنه لا يستطيع أن يسأل "هل خلقنا الله حقاً"؟ - لكنه يستطيع أن يسأل "لماذا علينا أن نطيع "الله""؟
الأسئلة ذات الأجوبة الممكنة والسهلة تحمل خداعاً للمسلم على مصداقية الأجوبة من جهة، وهي تبعده عن الأسئلة الحقيقية من جهة أخرى.
3.
الإسلام يبيح – بل ويشجع الأسئلة المزيفة.
ولهذا فإن كل طائفة إسلامية لها وسائلها وأدواتها لقبول الأسئلة المزيفة من مريديها تتعلق بالوضوء والحيض والسهو في الصلاة والنجاسة والفروض والأطعمة المحرمة واللحوم المحللة وطريقة الذبح على الطريقة الإسلامية ورؤية هلال رمضان والمئات من الموضوعات التي اخذت استفتاءات الانترنت لمختلف الطوائف تقوم بنشرها.
ولكن ولا سؤال واحد يتعلق بمصداقية العقيدة!
ولا سؤال يتعلق بأكاذيب السيرة المحمدية!
ولا سؤال عن ملفقات الكلام الذي سموه "أحاديث"!
ولا سؤال واحد عن حقيقة عصمة "الائمة!" وأساطير الغياب والظهور الشيعية!
ولا سؤال عن الإرهاب الإسلامي عبر طول التاريخ الإسلامي الحقيقي!
ولا سؤال عن العقيدة الدينية التي تؤسس للإرهاب وتسوغه!
4.
وهذا هو الدرس الثاني الذي يتعلمه المسلم الذي حَبَتْهُ الطبيعة بنعمة التفكير النقدي:
أنَّ ثمة أسئلة ممنوعة؛
وأنَّ الأسئلة الممنوعة هي الأسئلة المعقولة الوحيدة!
وهكذا يزداد تصدع الجسور أكثر فأكثر، والأسئلة تتكاثر، والأجوبة المنطقية تتلاشى. وفي ذات صباح يستيقظ من نومه وحيداً تماماً في جزيرة اسمها: الواقع المزيف.
كيف يمكن أن يتحول الواقع إلى جزيرة وكيف تتحول الوقائع إلى منفى؟
لا أستطع الجزم بالمعرفة إلا بما يتعلق بتجربتي.
فأنا لا أنسى تجاربي ولا أنسى الدروس التي تعلمتها – وأتعلمها كل يوم!
أما ما يتعلق بالآخرين فهذا أمر ملتبس تماماً بالنسبة لي. لكنني أفترض – والافتراض ترجيح يقبل الصح والخطأ، أننا عشنا شروطاً عامة واحدة في مملكة الظلام: من المحيط إلى الجحيم.
ولهذا آلامنا واحدة سواء آمنا بالخرف الديني أمْ لم نؤمن.
5.
المؤمن لا يرى الوقائع إلا من خلال إيمانه.
وبالتالي فإن الواقع الإيماني – أيْ: الطريقة التي يفسر بها العالم، هو واقع مصنوع من الأوهام والعقائد والإيديولوجيات اللاهوتية والطائفية والسياسية حتى يمكن القول إن الدين يغتال الواقع الحقيقي [يقول فويرباخ: في الدين ينفي الإنسان عقله، لا يعرف شيئاً عن الإله عن طريق عقله الخاص] ولا يبقى غير واقع مصطنع: هي جزيرة "الله" الوهمية: وهذا هو الدرس الثالث.
فالكفار أعداء؛
والأخلاق منحلة؛
والقيم منهارة؛
والشرور في كل مكان؛
والحضارة تنهار. . .
وإن خلاص المسلمين فقط بالعودة إلى "النبع الصافي!" – قرون التخلف الأولى؛
6.
كتب سيد قطب في حوالي عام 1965 "معالم في الطريق" وقد بدأ "معالمه الوهمية" هكذا:
["تقف البشرية اليوم على حافة الهاوية . .لا بسبب التهديد بالفناء المعلق على رأسها . . فهذا عرض للمرض وليس المرض . . ولكن بسبب إفلاسها في عالم "القيم" [...] وهذا واضح كل الوضوح في العالم الغربي، الذي لم يعد لديه ما يعطيه من "القيم"]
ومن يمتلك الحد الأدنى من كفاءة القراءة والفهم (أي: يقرأ بعيني التاريخ) سيرى بالعين المجردة بأنَّ "نبوءة!" قطب في الحقيقة تتعلق بـ"دار الإسلام" حصرياً وأبعد ما يتكون عن "دار الحرب". فقد ظهر أن الإسلام هو الذي يقف على "حافة الهاوية" (إذا لم يكن قد وقع فيها) وأصبح لقب "مجتمعات التخلف الإسلامية" اسم لتدليع الإسلام في كل مكان!
يقول البروفسور مهدي مظفري (كاتب إيراني غادر إيران عام 1979) بصدد تعليقه على أن (الولايات المتحدة، أوربا، كندا، أستراليا، اليابان ...إلخ) هي قيد "الانهيار":
"نجد أنَّ ليس هنالك أعراض جدية تدل على انهيار وشيك؛ بل بالعكس هو الصحيح، فالسهم يتحرك في الاتجاه المضاد. يمكن للحضارة الغربية الراهنة، شأنها شأن أية حضارة أخرى، أن تكون، بالطبع، عرضة للانهيار أيضاً، لكن هذا ما لم يحدث بعد، وربما لن يحدث أبداً، وذلك أساساً لأن ما يميز هذه الحضارة، ويجعلها مختلفة عن الحضارات السالفة الأخرى إنما يكمن في أن الحضارة الغربية تمثل نموذجاً فريداً لا سابق له في تاريخ الجنس البشري. وهي أنها حضار ة ديموقراطية [...] فإنها تمتلك صفات الضبط – الذاتي حاسمة الأهمية" [الآداب العالمية العدد 142/2010، ص: 18].
7.
هنا تبدأ الغربة الحقيقية!
فالرؤية النقدية تكشف أوهام الواقع جميعها:
وَهْمَ التاريخ المزيف؛
ووَهْمَ الإيمان؛
ووَهْمَ مصداقية العقائد؛
ووَهْمَ إيمانه بالذات الذي أخذ ينهار كما ينهار الثلج تحت حرارة الشمس الربيعية؛
إنها وحدة الولادة . . .
8.
إنه يقف الآن وجهاً لوجه أمام عالم جديد يراه للمرة الأولى:
كل شيء فيه مختلف عما كان يعتقد؛ حتى لون الأشياء وطعم الأغذية مختلف؛ إنه يكاد يكون من غير ثقل ولا يخضع للجاذبية؛
يشعر بخفة جسده وكأنه ينفصل عن الأرض حتى أخذ يعتقد بأنه يحلم . . .
لكنه لم يكن يحلم:
هو استيقظ لتوه من كابوس ثقيل!
لقد انهارت الجسور المؤدية إلى الأوهام ولم يعد أمامه غير الطريق الواقعي المؤدي إلى الحياة البشرية السوية ...


المواضيع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر