منع

وماذا بعد مقتل أحد رؤوس أفعى التوحش: أيمن الظواهري؟!

1.

أعلن الرئيس الأمريكي جون بايدن عن مقتل أيمن الظواهري-  ثاني رجل في "تنظيم القاعدة" الإرهابي وأحد رؤوس أفعى التوحش الإسلامي نتيجة لغارة بطائرة حربية بدون طيار "drone" تابعة لوكالة المخابرات الأمريكية.
2.
لا يوجد أي شك في الدور الإجرامي الذي لعبه أيمن الظواهري نتيجة للقرارات التي اتخذها تنظيم القاعدة بقيادة ابن لادن آنذاك والتي أدت إلى مقتل الآلاف من الأبرياء (ومن ضمنها ضحايا الحادي من سبتمبر عام 2011) ونشر الرعب والخوف والخراب في الكثير من المدن العالمية ومن ضمنها الكثير من المدن العربية. وإن مقتله هو بمثابة سقوط أحد رؤوس أفعى التوحش الإسلامي.
3.
لكن السؤال الأساسي هو: وماذا بعد؟
ما الذي سوف يؤدي إليه مقتل إرهابي مثل الظواهري؟
إنَّ مَنْ يعتقد بأنَّ هذا انتصار على تنظيمات التوحش الإسلامي فإنه كما يبدو يعيش في وهم على الطريقة الإسلامية. إنَّ تصفية هذا الجزار لا تشكل غير انتصار سياسي للإدارة الأمريكية ولا تتعدى قيمتها الحياة السياسية الأمريكية.
فثمة فارق جوهري في آلية وبنية وطبيعة تأسيس التنظيمات الإرهابية الإسلامية والتنظيمات الأخرى ذات الطابع السياسي مثل حركة بادرماينهوف والألوية الحمراء والتوباماروس وغيرها الكثير. فالأخيرة حركات سياسية ذات طابع قيادي يلعب فيها الفرد – القائد دوراً أساسياً حاسماً، وغالبا ما يكون هو العقل المدبر والمفكر.
أما منظومات الأفكار والأهداف السياسية فلا ترتبط بحركات جماهير وقاعدة شعبية رصينة ومستمرة. إنها نتيجة مباشرة لأحداث وأزمات سياسية مؤقتة لم تعد قائمة في فترة قصيرة بعد ظهور هذه الحركات. ولهذا فإن أعضاء هذه التنظيمات كانوا "يحاربون" وحدهم حتى تم القضاء عليهم الواحد تلو الآخر ولم يظهر من يعوض غيابهم.
4.
أما التنظيمات الإرهابية الإسلامية فإنها تختلف بصورة جذرية.
أولا:
القاعدة قد انتهت عملياً قبل مقتل ابن لادن والظواهري وذلك بانتهاء المنطلق الآمن في أفغانستان.
ثانياً:
إن ضرب تنظيم القاعدة في أفغانستان واختفاء ابن لادن والظواهري أدي إلى ظهور قادة إرهابيين جدد مثل الزرقاوي والبغدادي وبدلا من "القاعدة" ظهرت "الدولة الإسلامية" وهكذا.
ثالثاً:
خلافاً لجميع التنظيمات الإرهابية فإن للتنظيمات الإرهابية الإسلامية قاعدة جماهير وعقيدة دينية وتمويل مستمر تغذي التنظيمات القائمة وتستحدث التنظيمات الجديدة:
فالقاعدة الجماهيرية هي المسلمين المتطرفين في جميع أنحاء العالم وليس في الدول الإسلامية فقط؛
والعقيدة الدينية هي العقيدة الإسلامية التي تحمل جذور وآليات التوحش والإسلام في بنيتها الداخلية ومفرداتها اللاهوتية؛
أما التمويل فقد كان ولا يزال والفضل يعود إلى واردات دول البترول بشكل خاص.
5.
وإذا ما رحبت بعض الدول الإسلامية (ومن بينها بعض الدول العربية) بمقتل الظواهري فإنها لم ترحب إلا بمقتل إرهابي ليس من "إرهابيها" المفضلين وبتدمير تنظيم ليس تنظيمها المفضل!
6.
إن قادة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وأعضاء ومشجعي وأنصار هذه التنظيمات قد ظهروا وسيظهرون من رحم العقيدة الإسلامية واندماجها بالبنية السياسية للدول ذات الأكثرية المسلمة أو بكلمة أدق تلك التي تبدأ دساتيرها المهلهلة بأن "الإسلام دين الدول" و"الشريعة الإسلامية" مصدراً للتشريع.
7.
فهذا الاندماج المصيري ما بين الدين والدول هو السبب الأول والحاسم لظهور التنظيمات الإسلامية الإرهابية والقادة الإرهابيين. ولم يمكن أن يكف هذا "الظهور" إلا بتدمير هذا الاندماج وفصل الدين عن الدولة فصلاً واضحاً جذرياً دستورياً وعملياً.
8.
فإذا تم قتل الظواهري فكم من أمثاله لا يزالون يفعلون في السر والعلن؟!
وكم من المهوسين يسيرون على درب التوحش الذي لم يعد مستتراً؟
بل وكم من أمثاله سيظهرون غداً؟!
أليس "الحاضنة" الإرهابية التي ظهر منها لا تزال قائمة وتصنع أرهابيين "من مثله"!

أنظر موضوع :






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر