منع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات ثقافة العبودية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ثقافة العبودية. إظهار كافة الرسائل

الإسلام دين عبودية: ملاحظات إضافية [1]



1.
المسلم لا "يجاهد" من أجل الحرية - وبشكل خاص الحرية المدنية.
ولهذا فإنَّ الحقوق المدنية: "حق الإنسان في أن يكون حراً" هي ليست قضيته.
2.
المسلم "الحقيقي - المحترف" يجاهد من أجل حق العبودية والخضوع والاستسلام لأولي الأمر.
بل هو لا يجاهد حتى ضد المستعمر.
فالمسلمون - أو جلهم ولا يزالون - يتحسرون على الدولة العثمانية. وقد كان انهيارها وسقوطها [من وجهة نظر أغلبيتهم المحترفة] هو خسارة للإسلام.
3.
والكل يعرف - ما عدا المسلمون المحترفون - بأن الحكم العثماني كان حكماً استعمارياً بكل معايير الاستعمار القديمة والحديثة!
بل حتى حرب محمد سعود [تاجر الغنم المؤسس]وبدعم الوهابية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ضد السلطة العثمانية لم تكن حرباً ضد مستعمر بل حرباً طائفية [الدولة العثمانية تتبع فقه أبي حنيفة. ونعرف كراهية الحنابلة منذ ابن أحمد ضد أبي حنيفة والحنفية] أولاً؛ وهي حرب كانت تخدم مصالح بريطانيا ولهذا فقد حظيت بدعمها ثانياً؛ وقد كانت من أجل السيادة على الأرض ثالثاً.
وبتحالف محمد سعود المؤسس للسعودية مع الحركة الوهابية وبدعم من بريطانيا تم إخراج حكام مكة السابقين [الذين يسمون انفسهم: العائلة الهاشمية] من الجزيرة العربية وقدمت بريطانيا لهم هدية:  الضفة الشرقية من نهر الأردن!
4.
أي أنها لم تكن حرباً تحررية بل حرباً طائفية من جهة ولغرض السيادة على منطقة الجزيرة العربية من جهة أخرى.
ولهذا فإن جحافل الوهابية قد هاجمت المواقع العثمانية "على المذهب الحنفي" والمناطق الشيعية في العراق في آن واحد.
5.
وإنَّ "ثقافة" من هذا النوع لا يمكن أن تجد في "العبودية" قضية منافية للضمير والأخلاق والمنطق الإنساني.
6.
لقد كان المسلمون مضطرين لرفض العبودية.
أما النصوص التي تتضمن "الرغبة في تحرير العبيد" من القرون الوسطى فقد كانت نزوع ذاتي أخلاقي لبعض رجال اللاهوت لا جزء من العقيدة الدينية.
7.
فقرآن محمد وليس كتاباً آخر جعل من الإماء وسيلة جنسية رخيصة لا غير. وطالما يقول المسلمون بأن كتاب محمد هو "كلام الله" فإن هذا "الإله" التعس هو المُشَّرِّع لروح العبودية في الإسلام.

الإسلام دين عبودية [3]: العبودية في اللغة والأدب [1-2]



[صورة لطفل عبد في زنزيبار أثناء معاقبة سيده العربي له. حوالي عام 1890 -ويكيبيديا]

"إن عبودية القن تجعل السيد يفقد إنسانيته أيضاً"!
هيغل
كما أشرت في الحلقتين السابقتين إلى أن الهدف من هذا الموضوع يتعدى تقرير واقع " أن الإسلام لم يلغ العبودية". فهذا واقع لا جدال فيه (وإن جادل فيه المسلمون). إذ أن حصر "العبودية" في إطار "عدم إلغاء الرق" فقط ابتسار واختصار للقضية. وهذا ما يرحب به المسلمون دائماً حتى يتسنى لهم توظيف أسلحة اللغة العربية الفضفاضة والبلاغة الخطابية الخالية من المعنى والاستشهاد بنصوص أكثر "فضفضة" وهي نصوص مختلقة "حسب الطلب " تأتي مرة على لسان هذا ومرة على لسان ذاك.
في هذه الحلقة والحلقات القادمة سأقوم بمحاولة الكشف عن فكرة العبودية في ثقافة المسلمين وبشكل خاص في اللغة والأدب والفقه وفي إطار مراحل تاريخية مختلفة.

ملاحظة هامة: إن هذه الأمثلة أمثلة اعتباطية وغير منتقاة وهي منتشرة في كتب النحو القديمة والحديثة. فثمة العشرات في ذاكرتي (وبكلمة أدق ذاكرة القراءة)، غير أنَّ حرصي على التحقق منها عبر الكتاب المحدد والاقتباس المحدد يتطلب الكثير من الوقت. ولهذا فقد اكتفيت بهذا العدد وبقدر ما توفر لدي من الوقت.
1.
إن اللغة، بحد ذاتها، لا يمكن أن تكون لغة عبودية أو لغة للتحرر. فهي من جهة وسيلة محايدة تنعكس فيها أهواء وثقافة من يستخدمها والأهداف التي يسعى إليها. لكن استخدام اللغة "المُقَنْوَن" باتجاه أهداف معينة من جهة أخرى يحمَّل اللغة معان وتصورات ومفاهيم تكتسب بمرور الوقت استقلالاً نسبياً.
لقد استغل المسلمون اللغة العربية أبشع استغلال وتصرفوا بدلالات الكلمات كما شاءوا من أجل ترسيخ قيم وأوهام معينة. ولأن كلَّ هذا كتبوه ونشروه فإنه بقي شاهداً عليهم.
2.
ولنبدأ منذ البداية:
مفهوم الإسلام:
تبدأ ثقافة العبودية بالدلالة اللغوية للإسلام: باعتباره الخضوع والاستسلام.
فالإيمان وقبل كل شيء ليس اختياراً، ليس قناعة، ليس اعتباراً وإدراكاً وتقبلاً وتقوى" شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ "، و"مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا "بل: خضوعاً واستسلاماً وعبودية. ونجد منطق الإيمان المفروض بالقوة في صرخة محمد نفسه:
"أُمِرْتُ أن أقاتلَ الناس حتى يشهدوا أنَّ لا إلهَ إلا الله وأنَّ محمداً رسولَ الله "!
فهل يعرف التاريخ نصاً مفزعاً مثل هذا النص ولرجل يَدَّعِي بأنه يحمل رسالة من السماء؟!
وقد قامت السلفية القروسطية والمعاصرة بتطوير وتعميق فكرة الخضوع والاستسلام حتى النهاية في مفهوم "العبودية لله".
وهذا هو المعنى الذي منحه فقهاء الإسلام لكلمة “دين” في اللغة العربية وهو يتعلق بالطاعة والحساب والعادة. ونجد لهذه الدلالة انعكاساتها في معاجم اللغة العربية:
"وهو جنسٌ من الانقياد والذُّل. فالدِّين: الطاعة، يقال دان لـه يَدِين دِيناً، إذا أصْحَبَ وانقاد وطَاعَ.
وقومٌ دِينٌ، أي مُطِيعون منقادون" [مقاييس اللغة]
"والدينُ الطاعةُ" [صحاح اللغة]
" وقد دِنْتُ به، بالكسر، والعادةُ، والعِبادةُ، والمُوَاظِبُ من الأَمْطَارِ، أو اللَّيِّنُ منها، والطاعة"[القاموس المحيط]
2.
مفهوم العبودية:
يقول ابن تيمية:
" والدين يتضمن معنى الخضوع والذل، يقال دنته فدان أي أذللته فذل، ويقال ندين لله أي نعبد الله ونطيعه ونخضع له. فدين الله عبادته وطاعته والخضوع له.
والعبادة أصل معناها الذل أيضاً، يقال الطريق معبد إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام " [1]
فالعبادة مدعاة للذل وليس للشعور بالكرامة الإنسانية والمسلمون قطيع من الأغنام لا كرامة لهم عند الله ولا اعتبار. وهذا هو جوهر الفلسفة الذي منحه الإسلام لأهداف الله: " وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون". فالعبادة هدف بذاته وليست شعوراً بالولاء والامتنان بل هي "الخضوع والذل" على حد ابن تيمية.
وقال القرطبي
"أصل العبادة: التذلل والخضوع، وسميت وظائف الشرع على المكلفين عبادات، لأنهم يلتزمونها ويفعلونها خاضعين متذللين لله تعالى" [2].
ولمفهوم العبودية عند ابن عثيمين، ثلاثة أقسام:
1.عبودية عامة، وهي عبودية الربوبية ويدخل في ذلك الكفار (أي حتى الكفار جزء من العبودية)؛
2. وعبودية خاصة، وهي عبودية الطاعة العامة، وهذه تعم كل من تعَبَّد لله بشرعه؛
3. وخاصة الخاصة، وهي عبودية الرسل. وهذه العبودية المضافة إلى الرسل خاصة الخاصة؛ لأنه لا يباري أحد هؤلاء الرسل في العبودية [3].
فلا يكفي أن يكون "العبد" عبداً لفكرة "الله"، بل إن هذه العبودية لا تكتمل إلا بعبوديته للرسل!
وهنا تقع فلسفة العبودية في تناقض: أليس "الرسل" عبيداً لله فكيف إذن يشاركونه في السيادة، أو بكلمة أخرى كيف يُشرك "العبد" الرسل في عبوديته لله؟
3.
وإذا ما كان "العبد" صيغة المذكر فإن الثقافة الإسلامية لا تكتفي بذلك. إذا لابد أن تشمل "العبودية" صيغة التأنيث "الأَمَة" وهذا ما نجده في أحد أحاديث محمد، نقلاً عن الشافعي: “حدثنا الربيع قال: قال الشافعي: أخبرنا بعض أهل العلم عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن النبي قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وإذا خرجن فليخرجن تفلات" [4].
و"إماء الله" هنا تعني: النساء!
إذن، لله "إماء" مثلما لمحمد النساء. وهذه من التفصيلات التي لا تعد ولا تحصى على تطابق شخصية "الله" بشخصية محمد.
وهنا تكتمل الحلقة: الناس (ذكوراً وإناثاً) هم "عبيد" و"إماء" لرب مُخْتَلَقٍ مصنوعٍ من أوهام أكثر الفئات الاجتماعية تخلفاً.
وإذا ما عدنا لما يقوله هيغل:
"إن عبودية القن تجعل السيد يفقد إنسانيته أيضاً"!
فهل تبقَّى لفكرة "الله" بعد أن حوَّل البشرية إلى عبيد وإماء شيئاً من الإنسانية؟!
4.
ولكي تكتسب العبودية الروحية والعقلية صفة رسمية (على مستوى الوثائق الرسمية) يتميز الإسلام مثلما بالعبودية الروحية فإنه يتميز وحده بـ"أسماء العبودية"!
فطالما كان المسلمون عبيداً صفةً ومكانةً فإن عليهم تحويل هذه العلاقة إلى أسمائهم وترسيخها، ولأنَّ لربهم تسعة وتسعين اسماً (وهذا واحد من سمات هراء اللاهوت الإسلامي) فإن عليهم بصفتهم عبيداً أن يحملوا هذه الأسماء. ومن هنا بدأت تقاليد الأسماء العربية المركبة من أضافة كلمة "عبد" إلى "الله" (وأسمائه التسعة والتسعين!):
عَبْدُ الله [5]، عَبْدُ الغفور، عَبْدُ الرحيم، عَبْدُ الجبار، عَبْدُ الرزاق، عَبْدُ المولى والجميع يعرف القائمة حتى آخرها!
ولم يكتف "الفقه" الإسلامي بذلك. فهو حين يُحَلِّل شيئاً فإنَّ عليه أنْ يحرِّمَ شيئاً آخر. فقد حرَّم "الفقه" الإسلامي قديماً وحديثاً مجموعات كثيرة من الأسماء على سبيل المثال:
- الأسماء الخاصة بـ"الله" [باللغة المعاصرة: ماركة مسجلة]، كالخالق والقدوس، أو بما لا "يُليق" إلا به كـ"ملك الملوك". وأضاف ابن القيم: الله والرحمن والحكم والأحد، والصمد، والخالق (الممكن هو عبد الخالق)، والرزاق، والجبار، والمتكبر، والأول والآخر، والباطن [ولماذا لا والخارج؟]، وعلام الغيوب ..إلخ
- تحرم التسمية بالأسماء التي لا تليق إلا بـ"محمد" كـ"سيد ولد آدم"، و"سيد الناس"!
- التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم.
وهناك مجموعات كثيرة من الأسماء جداً تم اعتبارها محرمة أو "مكروهة"!
فلقد حرم "فقهاء" السنة مجموعة من الأسماء التي تبدأ بـ"عبد" مضاف إلى غير "الله"، مثل: "عبد الكعبة"، و"عبد الدار"، و"عبد علي"، و"عبد الحسين". وهنا اصطدموا وجهاً بوجه مع عقيدة شيعية راسخة تستخدم أسماء "الأئمة المعصومين والتابعين لهم" مبتدئة باسم "عبد"، مثل:
عَبْدُ علي، عَبْدُالحسين، عَبْدُ الحسن، عَبْدُ الهادي، عَبْدُ المهدي، عَبْدُ الأمير.
هنا يقوم الشيعة (بوعي أو بغير وعي) بخرق مبدأ "العبودية لله" مضيفين "العبودية إلى الأئمة المعصومين". وهذا أمر لا يخرج عن إطار عقيدهم الدينية بمكانة "المعصومين" في المنظومة الدينية الشيعية.
5.
مَنْ يُطالع كتب النحو لابد وأنه قد اصطدم بظاهرة الأمثلة النحوية الغريبة التي تكرس العبودية والتفرقة العنصرية إزاء الآخر. ففي الوقت الذي يدعون فيه الثراء "الكوني" للغة العربية ومفرداتها فإن الأمثلة التي تكرس فكرة العبودية و"القيمة السلعية" للعبد أصبحت وكأنها عماد اللغة.
ربما كان سيبويه "148 هـ - 180 هـ / 765 - 796م) "هو الذي أرسى في أمثلة النحو تقليداً غريباً، وعندما يتعلق الأمر بالأمثلة المتعلقة بالأعداد، يشيع استخدام الفعلين: "اشتريت" وأعطيت حيث يكون المعدود إما "عبداً" أو "جارية"!
في "الكتاب" نقرأ مثلاً:
"وتقول أعطاه خمسة عشر من بين عبد وجارية، لا يمكن في هذا إلا هذا؛ لأن المتكلم لا يجوز له أن يقول: خمسة عشر عبداً فيعلم أن ثم من الجواري بِعِدَّتهم، ولا خمس عشرة جارية فيعلم أن ثم من العبيد بعدَّتهن، فبل يكون هذا إلا مختلطاً يقع عليهم الاسم الذي به العدد".[6]
ولكن:
ألا يستطيع عالم اللغة هذا والمتبحر بالمفردات العربية القول مثلاً:
أعطاه خمسة عشر من بين جمل وناقة؟
واشترى خمس عشرة ناقة؟
بل يستطيع إعطاء عشرات الأمثلة على العدد والمعدود. ولكن كما يبدو أن فكرة "العبد" و"الأَمَة" أكثر قرباً عندهم إلى "قيمة السلعة" من الجمل والناقة!
6.
في "كتاب خزانة ولب ألباب لسان العرب" يقول البغدادي (1030-1093م):
وهو إذ يكرر أمثلة سيبويه من "الكتاب" يضيف:
"وقد عمم الشارح المحقق في قوله: "الغلبة للتذكير، نحو اشتريت عشرةً بين عبد وأمة، ورأيت خمسة عشر من النوق والجمال ..."[7]
لكنه يمضي إلى أبعد من هذا من حيث مساواة الجمال بالإماء كسلعة:
"... وهذا يشمل ما لو كان مع غير عاقل، نحو: اشتريت أربعة عشر بين عبدٍ وناقة، أو بين ناقة وعبد. وكذا يغلب مؤنث العاقل على غيره، فتقول: اشتريت أربعة عشرة بين جمل وأمة، أو بين أمة وجمل. قال أبو حيان: هذا هو القياس"[8]
7.
وفي "النفحة التواتية على التحفة الوردية في معرفة القواعد النحوية" وفي باب (كم) وبصدد شرحه لتمييز العدد يقول المؤلف:
" ... نحو: (كم عبداً ملكت) و(اشتريت عشرين عبداً) ...الخ[9]
8.
في باب الاستثناء نقرأ من "شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي" للقاضي عضد الملة والدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي (المتوفي 756 ه):
" ... أحدهما أنَّا نقطع أن من قال اشتريت الجارية إلا نصفها لم يرد بالجارية نصفها وإلا لزم استثناء نصفها من نصفها وهو غير مراد قطعاً .... إلخ" [10]

**********
[1] العبودية، ابن تيمية، بيروت 2005، ص 48
[2] مغني المريد الجامع لشروح كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، عبد المنعم إبراهيم، مجلد 1، مكة عام 2000، ص 217
[3] أنظر: المصدر السابق، ص 254
[4] الأم، الشافعي، الجزء العاشر، 2001 المنصورة، ص 127
[5] لا توجد أدلة تستحق الاعتبار بوجود هذا الاسم قبل الإسلام. إذ أن الاسم الشائع هو عبد اللات. ولأنَّ أبا محمد كان يحمل هذه الاسم فقد قرروا تحويله إلى "عبد الله".
[6] الكتاب ج4، سيبويه، القاهرة 1996، تحقيق عبد السلام هارون، ص 564]
[7] خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، عبد القادر بن عمر البغدادي (1030-1093)، ج7، القاهرة 1996، 408
[8] نفس المصدر: 409
[9] النفحة التواتية على التحفة الوردية في معرفة القواعد النحوية (جزءان بمجلد واحد، محمد سالم بن عبد القادر بن عبد الكريم التواتي الجزائري (المتوفي عام 749 هـ، دار الكتب العلمية بيروت 2017، ص426]
[10] شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي، القاضي عضد الملة والدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي (المتوفي 756 هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت 2000، ص 204]


للموضوع بقية:

الإسلام دين عبودية [2]: ثقافة العبودية



1.
إن الهدف من هذا الموضوع يتعدى تقرير واقع "أن الإسلام لم يلغ العبودية". فهذا واقع لا جدال فيه (وإن جادل فيه المسلمون). إذ أن حصر "العبودية" في إطار "عدم إلغاء الرق" فقط ابتسار واختصار للقضية. وهذا ما يرحب به المسلمون دائماً حتى يتسنى لهم توظيف أسلحة اللغة العربية الفضفاضة والاستشهاد بنصوص أكثر "فضفاضية" (أو نصوص تروق لهم)، وهي نصوص مختلقة "حسب الطلب " تأتي مرة على لسان هذا ومرة على لسان ذاك.
فرغم أهمية النصوص (سواء كانت كاذبة أم لا، مختلقة أم لا) فإنها لا تستوعب فكر ة العبودية في الإسلام. إن "قبول العبودية أو "رفضها" هو ثقافة متجذرة سواء داخل المجتمعات المحلية أم داخل المجتمعات الافتراضية. ولهذا فإن السبيل إلى كشف "العبودية" هو الكشف عن انعكاساتها المختلفة في داخل الثقافة الإسلامية: نصوصاً وفقهاً وسلوكاً ولغة من جهة، والبحث عن تجلياتها في الموقف من الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص وأسرى الحروب وسوق الرق والعبيد والجواري وثقافة اغتصابهن وغيرها من تجليات العبودية والرق.
وكالعادة ومن أجل التدليل على فرضيتي فإنني سأبحث الحقائق التي لا لبس فيها لكي أفضح ادعاءات المسلمين عن طريق فضح منطق وآلية تفكير "الكَتَبَة" من نوع كاتب قطعة الورق الذي يظنُّ بأنه سوف يخدع النمل ببساطة حينما يسمي "السُّكَّرِيَّة" مملحة!
هذا هو الهدف الأساسي: الحديث عن أوهام الكُتَّاب المسلمين وأحلامهم في أن يكون لهم تاريخ مختلف عما هو في الحقيقة عن طريق "الاختلاقات اللغوية" وذلك بالكشف عما هو مخف في ثقافتهم الواقعية التي تتجلى في مختلف مجالات الحياة.
2.
إن أحلام اليقظة الإسلامية تجعلهم عاجزين حتى عن رؤية أنفسهم وتقدير إلى أي درجة يستجيب ما يقولونه إلى الواقع التاريخي.
إنَّ هوية الإنسان ليس ما يعتقده هو عن نفسه بل ما يراه الآخرون.
فالسكران "يعتقد" صادقاً بأنه يمشي بصورة طبيعية بدون أن يترنح مطوحاً بجسده يميناً ويساراً؛ وهو "يعتقد" صادقاً بأنه لم يحتس إلا الشيء القليل من الكحول مع بعض الأصدقاء احتفالاً بعيد ميلاد هذا أو بالترقية الوظيفية لذاك وربما قد احتسى قدحاً أو قدحين (وربما ثلاثة أو أربعة أقداح) من الفودكا وقنينتين من البيرة و"ربما" احتسى بعد ذلك قدحاً أو قدحين (لا يتذكر بالضبط فقد أفرغوا أكثر من ثلاث قان) من النبيذ. ثم يضيف "صادقاً" بأنه في الآونة الأخيرة يبتعد عن "المبالغة" في الشرب!
إنها حقيقة السكير عن نفسه: فهو لا يسكر أبداً ولا يبالغ في الشرب مطلقاً!
3.
وعلى هذا المنوال يعتقد السذج من المسلمين (سواء كانوا "صادقين" في اعتقادهم هذا كالسكير أم لا) بأن الإسلام قد ألغى العبودية والرق "!"، وكما تقول الخرافات فإن الإسلام قد حرر الناس من العبودية والظلم وأصبحوا بقدرة "قادر" كأسنان المشط، لا فرق بين العبد والسيد إلا بالتقوى!
الحق أنه لا يستوجب العتب على هؤلاء "الغلابة" والمساكين. فهم لا يقرأون ولا يكتبون ولا علم لهم لا بحقائق الحاضر ولا بحقائق التاريخ.
إنهم مُسَيَّرون بقانون الجهل وجبروت الموروث الديني الذي ينشره رجال الدين وحكم التقاليد وما لا عد له من الإلزاميات والالتزامات الداخلية والخارجية على حد سواء.
أمَّا ما يتعلق بأنصاف المتعلمين وأنصاف الخريجين وأنصاف الأميين وأنصاف المهوسين وأنصاف المأجورين وحملة الماجستير والدكتوراه بقواعد الوضوء وآليات التيمم ومبادئ النكاح وقوانين الطهارة وذوي العمائم البيضاء والسوداء والطرابيش الحمراء الأزهرية فإن قضيتهم من نوع آخر تماماً.
فهؤلاء قد وقعوا في الفخ ولا حياة لهم خارج الإسلام. لأنهم من غير أية مؤهلات واقعية (لا مهنية ولا حسية) وما عليهم إلا الدفاع "بأسنانهم وأظافرهم" عن الوهم الغارقين فيه والذي هو مصدر "رزقهم" وما ملكوا أو ما سيمتلكون.
4.
هناك من "الظرفاء" المسلمين الذين يحلوا لهم أن يستخدموا (مثنى وثلاث ورباع) كلمات من نوع: العلمية والموضوعية والتاريخية وهلم جراً يجابهون بها من يتحدث عن العبودية في الإسلام بأنه ليس من الجائز أن نسحب الحاضر على الماضي. لكنهم بعد جملة أو جملتين تراهم برشاقة وخفة يسحبون الماضي على الحاضر حينما يصرون على القول بأن الإسلام: دين ودولة!
بكلمات بسيطة: هم يسعون إلى إقامة دولة إسلامية تخضع لقوانين القرآن وعلم الحديث!!!!!
5.
مثلما هم قد قرروا العيش في مملكة الوهم فأنا قد قررت ألا أقبل وجود هذه المملكة. فهي وَهْمٌ وسأستخدم هذه الكلمة "وَهْمٌ" عشرات المرات إن تطلب الأمر: إن مملكتهم هي مملكة وهم. ولهذا فإن:
الحرية فيها وهم!
العدالة فيها وهم!
احترام حقوق الإنسان فيها وهم!
أما الحقائق الواقعية، سواء في النصوص أو في الثقافة اليومية" فهي كالتالي:
-"وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"!
-" إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ"!
-"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل".
وإن الإسلام لم يلغ العبودية بل قننها!
وإن اغتصاب الأسيرات واستعبادهن جزء من العقيدة القرآنية!
وإن الإنسان عبد وخاضع جوهر العقيدة الإسلامية!
وإن الحرية الإنسانية وهمٌ في ظل عقيدة "القضاء والقدر"!

الإسلام دين عبودية [1]: مقدمة: أوهام الحرية في الإسلام

1.

ثمة نكتة تهكمية مشهورة تتحدث عن شخص لَصَقَ على سُّكَّرِيَّة (وعاء السُّكر) قطعة صغيرة من الورق مكتوباً عليها: "مَمْلَحَة" حتى يُبْعدَ النَّمْلَ عن السُّكر!!!
2.
من المشكوك فيه أن يكون هذا الشخص قد حَلَّ مشكلة النَّمْلُ.
النَّمْلُ، كما يعرف الجميع عدا صاحبنا، لا يقرأ ولا يكتب (كالجزء الأعظم من المسلمين) ولهذا لن ينخدع بأنَّ هذا إناء ملحٍ وليس إناء سُكَّر! بلْ لا يوجد أيُّ شكٍّ بأنَّ النملَ قد هجم على السُّكَّرِيَّة وقضى حاجته من السُّكَّر الموجود فيها. فالنملُ، على عكس هذا النوع من “الكَتَبَة"، لا تخدعه هذه الحيلة الساذجة ولن ينخدع أيضاً الكثير من الناس بخرافات من نوع "غياب العبودية والرق في الإسلام" و"الحرية في العقيدة الإسلامية" أو أيِّ عنوان أنيق معاصر من هذا القبيل لا لسبب إلا لأن المسلمين يدَّعُون ذلك وهم يعتقدون به!
فنحن لا نعتقد بأنَّ "الأرض تدور حول الشمس" لأنَّ مثل هذه العبارة قد كتبت في مكان ما!
لقد قبلنا بأنَّ "الأرض تدور حول الشمس" لأنَّ البشرية قد أثبتت عن طريق المعارف التي لا شك في صحتها والتجربة الفعلية والواقعية القابلة للامتحان أنَّ الأرض ليست مركز الكون وأنها تدور حول الشمس.
3.
ليست "الحقيقة" ادعاء بوجود شيء بل هي الشيء الثابت الصحيح؛ الثابت قطعياً؛ لا تهويش كلام أو أضغاث أحلام!
إن أحلام اليقظة "Maladaptive Daydreaming" التي تحلُّ محل الوقائع هي حالة مرضية تستدعي العلاج الطبي. وهذه من الأمراض البنيوية في جميع الأديان.
لا يمكننا أن ننتزع ثقافة الوهمَ من الأديان، فهي ستكف عن كونها أدياناً.
إن الدين هو المعادل الموضوعي للأوهام.
4.
إنَّ الحديث عن خرافات من نوع (الإسلام حارب العبودية) هو امتداد لأوهام المسلمين عن أنفسهم وعن تاريخهم وهو انعكاس للحالة المرضية"Maladaptive Daydreaming" التي يعانون منها كتعويض عما يفتقدوه.
وإن خطورة هذا النوع من الادعاءات لا تقل خطورة عن غياب الحرية ذاتها في عقيدة المسلمين وفي تاريخ تطبيقها. لأنَّ الكذب والتلفيق والتدليس ليست ظواهر بريئة تعبر عن "حرية التعبير". فشرعية حرية التعبير تكمن في قول الحقيقة أو في أسوء الأحوال غياب الكذب والتدليس والتلفيق.
أمَّا ما يقولونه عن تاريخهم وعقديتهم فهو مجرد" أخبار كاذبة". وإنَّ ما يسمى بـ"الأخبار الكاذبة" في عصر شبكات الاتصال الاجتماعية تشكل هجوماً مضاداً للديمقراطية والقوانين الوضعية وحق المجتمع بأن لا يكون ضحية للأكاذيب. إنها جريمة تخضع للمحاسبة القانونية حتى في الدول العربية (طبعاً إذا ما ارتأت الدولة هذا الأمر وإذا ما كان الأمر لا يضر بمصالحها!).
وإذا ما كانت نتائج فعل الكذب الذي قام به صاحب السُّكَّرِيَّة تقع على رأسه هُوَ فقط ولا أحد غيره يتحمل النتائج فإنَّ نتائج نشاط فيلق الأوهام وخرافة "الحرية في الإسلام" تقع على رؤوس الجميع!
إنها نسخة معاصرة "زمنياً فقط" من عصر التدوين القديمة:
حيث تم تزوير وتلفيق الأحداث مرة؛
وتمت صناعة التاريخ من هذه "المادة “الملفقة مرة ثانية؛
ثم تناسوا ذلك مرة ثالثة!
والقانون الذي يمكن استخلاصه هو: طالما يكذب المرء في كتابته للتاريخ فإنه سيكذب بصدد الحاضر والمستقبل.
5.
هذه هي المشكلة وعلينا التصدي لها وأثبات واحد من أمرين:
إما أنهم يكذبون "على رؤوس الأشهاد"؛
أو أنهم لا يمتلكون القدرة على القراءة؛
وإذا كانوا قادرين على القراءة فَهُمْ لا شكَّ عاجزون عن إدراك معنى الكلمات؛
وإذا ما كانوا قادرين على فَهْمِ معاني الكلمات فَهُمْ عاجزون عن التفكير المنطقي ويفتقدون لملكة التحليل واستنتاج الحقائق من بين ركام أوهام التاريخ!
فالسُّكَّرِيَّة إناء للسُّكَّر مهما كتبوا عليها بأنها ملح، والأرض تدور حول الشمس مهما استشهدوا بالقرآن، والحرية غائبة في العقيدة الإسلامية مهما حاولوا اللعب بالكلمات واختلاق "الحقائق" على أساس التفاسير المزيفة للقرآن!
6.
يستند المسلمون في "فرضية الحرية" على ثلاثة مصادر أساسية:
القرآن والحديث وقول الأئمة (الذي يشمل الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين وتابعي التابعين و"الفقهاء" وغيرهم من مؤسسي اللاهوت الإسلامي).
يعرف كلُّ مطلع على "منطق" و"آلية تفكير" الكُتَّاب المسلمين بأنهم حوَّلوا هذه المصادر إلى مَشْجَبٍ عام هائل للملابس: يُعَلِّقُون عليه ما شاءوا من الأفكار، ويأخذون منه ما يناسب أفكارهم.
وينطبق ذات الشيء على المفسرين والفقهاء. فجعلوا من اللغة شيئاً أقرب إلى لعبة "الليغو Lego" وأبعد ما يكون عن حقائق اللغة التاريخية. وهذه أمثلة تفقع العيون:
"لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [سورة البقرة /256]
- "أفأنت تُكْرِهُ الناسَ حتى يكونوا مؤمنين" [سورة يونس/99]:
لنر كيف تم تفسير هذه الآية من قبل محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (المتوفي حوالي 1273م) في تفسيره المعروف بـ"الجامع لأحكام القرآن":
يؤكد القرطبي ومنذ البداية أنَّ "العلماء" قد اختلفوا في معنى هذه الآية وهو يسرد لنا ستة "أقوال":
1. قِيلَ إنها منسوخة!
2. هي ليست منسوخة وإنما نزلت في "أهل الكتاب" فقط.
3. إنها نزلت في الأنصار، على حد زعم ابن عباس.
4. نزلت الآية في رجل من الأنصار يقال له "أبو حصين".
5. "وَقِيلَ معناها لا تقولوا لمن أسلم تحت السيف مجبرا مكرها".
6. "أنها وردت في السبي متى كانوا من أهل الكتاب لم يجبروا إذا كانوا كبارا، وإن كانوا مجوسا صغارا أو كبارا أو وثنيين فإنهم يجبرون على الإسلام؛ لأن من سباهم لا ينتفع بهم مع كونهم وثنيين"[1].
وهكذا .. وهلم جرا .. والخ!
7.
هذا ما يقوله "السلف" نفسه عن حقيقة الآيتين المشار إليهما. فهل تغير الأمر بعض الشيء في زماننا؟
ليقرأ مِنَ المسلمين مَنْ هو قادر على القراءة، أو ليسمع مَنْ هو قادر على السمع كيف يفكر "الخلف":
في الفتوى المسجلة على فيديو (قناة fatwaksa) تحت عنوان (في حكم قتل الكفار والمشركين واستباحة دمائهم إذا رفضوا الدخول الى الإسلام ومنع حرية الفكر والاعتقاد) يقول صالح الفوزان (عضو هيئة كبار العلماء في السعودية عام 2009) رداً على سائل حول حرية الاعتقاد في الإسلام وآية " لا إكراه في الدين" ما يأتي:
[هذا كذب على الله عز وجل. الإسلام لم يأت بحرية الاعتقاد. الإسلام جاء بمنع الشرك والكفر وقتال المشركين. فلو كان جاء بحرية الاعتقاد لما احتاج الناس إلى مجيء الرسل ونزول الكتب ولا احتاج الناس إلى جهاد والقتال في سبيل الله [...] الدين كله لله والذي يأبى أن يعبد الله يُقَاتَل ولا يُترك حتى يرجع إلى الدين أو يُقتل ....] إلخ
ويدعم هذا التفسير "خلفٌ" آخر وهو ابن باز الذي يقول في تفسيره للآية ما يلي:
[ . . . كان هذا قبل أن يشرع الله سبحانه الجهاد بالسيف لجميع المشركين إلا من بذل الجزية من أهل الكتاب والمجوس، وعلى هذا تكون هذه الآية خاصة لأهل الكتاب والمجوس إذا بذلوا الجزية (. . .) أما من سوى أهل الكتاب والمجوس من الكفرة والمشركين والملاحدة فإن الواجب مع القدرة دعوتهم إلى الإسلام فإن أجابوا فالحمد لله، وإن لم يجيبوا وجب جهادهم حتى يدخلوا في الإسلام، ولا تقبل منهم الجزية (. . .) وقد صح عن رسول الله أحاديث كثيرة تدل على هذا المعنى منها: قول النبي: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل» متفق على صحته، فلم يخيرهم النبي بين الإسلام وبين البقاء على دينهم الباطل، ولم يطلب منهم الجزية]
7.
هذه هي الحصيلة "الكمية" النهائية لآيات "مُحْكَمَات" وما يتبعه من تطبيق عملي إجرائي لـــ" لا إكراه في الدين":
zero
Zéro
Null
शून्य
ゼロ
Μηδέν
Cero
אפס
صِفْرٌ لا شكَّ في قيمته ولا لبس في معناه!
فكيف تستوي الأمور إذاً مع "الآيات المتشابهات؟!
فهل يكفي أن نستند إلى الادعاءات وأحلام اليقظة والنوايا الحسنة وما كُتِبَ وما لم يُكْتَبْ وما قِيلَ وما لم يُقَال؟

- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
[1]أنظر: محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 2006، من ص 280 إلى ص 282



الثقافة الإسلامية: الإيمان عبودية ضد العقل والحرية




1.
يمارس العرب (أميون وأساتذة جامعات!) طوال سنين حياتهم مهنة "الاعتقاد" بصدد الكثير من القضايا المتعلقة بحياتهم:
بدءاً من قضية "وجود الله " والإيمان به وممارسة طقوس الدين وحتى قيمة وجودهم، مروراً بمعنى وطبيعة وقيمة أنظمة الحكم التي يرزحون تحتها، من غير أنْ تتم مراجعة هذا "الاعتقاد" ولا أنْ يتساءلوا، حتى ولو مرة واحدة:
 كيف حصل هذا "الاعتقاد" ذاته!
بل حتى حين يصطدمون بجدار الحقائق المصنوع من "الخرسانة المسلحة" ويكتشفون وَهْمَ كل هذه الاعتقادات فإنَّ وفاءهم العميق لـ"معتقداتهم"، الذي لا تهزه لا صواعق السماء ولا زلازل الأرض، يجعلهم يفتحون أبواب مستودعات الوَهْم على مصراعيها بحثاً عن تبريرات لآلامهم وجراحهم الدامية على الجدار الخرساني بعيداً.. بعيداً عن الأسباب الحقيقية!
2.
الحقائق عدوهم الأكبر (وهو في أحيان كثيرة: الشيطان الأكبر)!
إنَّها تحيُّرهم؛ تقلقهم؛ تشكك في "عقيدتهم"؛ تخرجهم عن طورهم؛ تدفعهم إلى المزيد من الأسئلة؛ فهي تفتح أمامهم أنفاق البحث والتقصي عن هذا الموضوع أو ذاك وتعرِّضهم لمهاوي اللاوضوح والتعقيد!
"قالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وإن تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ"[1]؛
هذا هو مفتاح الوجود المزدوج:
"الإيمان" و"الطاعة" ولا شيء آخر: إنه ملكوت السعادة!
"الإيمان" هو الدليل على الوجود والانتماء وهو ما يجعل الأشياء واضحة، بَيَّنَة، سهلة القبول والاستهلاك، تريح العقل
أما "الطاعة" فتحررهم من قلقهم ومن حريتهم على حدٍّ سواء!
فهي تحررهم من قلق المسؤولية وتقدم لهم حلولاً تُسَهِّل عليهم وجودهم السطحي!
الحرية عبءٌ يُثْقلُ كواهلهم ويورطهم بما لا رغبة لهم فيه: الاختيار!
اللعنة على الاختيار!
3.
أنْ تختار، فهذا يعني أنْ تفضِّل وتمِّيز وتقارن وتشك وتناقش وتتحقق من حقيقة الأشياء والأقوال والأساطير التي حلت محل الوقائع. وهذا ما يفقدهم الثقة في مواطئ أقدامهم.
لقد فقدوا نعمة التفكير المستقل: إنهم يفكرون، وهذا أمر لا ريب فيه، ولكن من خلال الإيمان. بل يطالبون أولاً بالإيمان ومن ثم التفكير. ولكي يجعلوا "الإيمان" يستقيم مع "حقيقية" من نوع ما فقد سلَّحوا أنفسهم بسلاح مصنوع من البلاغة والتأويل الذي لا يعتدُّ لا بدلالات الكلمات ولا بحقائق الوجود المعبرة عنها.
فهم يخرقون مواضعات اللغة من أجل الإيمان المسبق بمعاني الكلمات.
إنهم ضحايا "عقائدهم" المصنوعة من أسمال تاريخ من أنصاف الحقائق والخرافات والأكاذيب الصريحة.
لا شيء يخيفهم أكثر من الحقائق المثيرة للأسئلة!
لا شيء يخيفهم إلى حدِّ الرعب أكثر من الغموض واللاوضوح، والحقائق المختلفة، والوقائع الملتبسة وتنائي الدلالة بعيداً عنهم!
لا شيء يخيفهم إلى حدِّ الجنون أكثر من التفكير!
فالتفكير يدفع إلى الاختلاف لا محالة، والاختلاف أشدُّ الخطايا:
"وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ"[2] !
فـ"البينات" قد جاءت و"بانت
و"رفعت الأقلام وجفت الصحفوظهر نور الحق يضيء الكون والتاريخ، وعلاوة على إرادة الله فإنَّ "الحَشْرَ مع الناس عِيدٌ" كما يقولون.
أنْ تكونَ مع الآخرين - مجرد قيمة تافهة من الكتلة الكبيرة، هو عيدٌ للروح وطمأنينة للخاطر.
فالآخرون يدفعون عنك شرَّ وحدة التفكير ورجاحة العقل.
4.
"الخلاف يهدم الرّأي"، كما يقول إمام الشيعة الأول: علي بن أبي طالب!
أنْ "تُحشر" مع الناس حشراً في نفق "الإيمان" و"الطاعة" هو الطريق المُعَبَّد إلى عبودية الدولة:
أنْ "تُحشر" مع الناس حشراً، فالأمر لا يعني غير أن تكون عبداً لأوهامك من غير أغلال مرئية، تقف في طوابير "الجماهير" للحصول على بركة "القائد الأوحد" أو "المُحَرِّر" أو "الأمير الحكيم" أو "الرئيس الملهم" أو "حُماة الديار" أو "المجتهد الأعلى" وغيرها من ألقاب العتاة!
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ"[3]!
وها هي الطاعة الثلاثية:
طاعة الله،
طاعة الرسول،
وطاعة الحاكم!
ولأن الله والرسول لا وجود لهما – فيحل محلهما الحاكم ورجال اللاهوت – الوجود الذي لا يحتاج إلى أدلة. وهكذا تستحيل طاعة الحاكم والشيوخ إلى طاعة شاملة في المكان والزمان، بل هي طاعة بنيوية من الأعلى إلى الأسفل: كلٌّ يطيع من فوقه حتى آخر السلسلة!
إذن الإيمان لا يعني غير الطاعة – الطاعة وحسب!
وماذا عن العقل؟
5.
من بين دروب الضلال التي يشير إليها الإسلام هو "العقل"، كما ينصُّ قولٌ مسندٌ، وهذه المرة أيضاَ إلى عليٍّ بن أبي طالب:
"مَنْ اعْتَمَدَ عَلَى عَقْلِهِ ضَلَّ"!
وفي باب الوضوء (مسألة المسح على الخفين) يقول عليٌّ "أيضاً وأيضاً":
" لو كانَ الدِّينُ بالرأي لكانَ أسفلُ الخَفِّ أوْلَى بالمَسْحِ من أعْلاه".
ويقول هو أيضاً: "إياك أن تفسر القرآن برأيك، حتى تفقهه عن العلماء".
لا تفكرْ!
أطعْ!
اتبع!
كل شيء قد قيل وليس ثمة ما يُقال!
لا تعملْ الرأي فيما ترى أو تعتقد!
اتبع ما قاله شيوخٍ من قرون عديدة ولا يشكون أدنى شك بقول من نوع:
"إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن" – كما يقول عمر بن الخطاب!
فالعقل ضَلال والإتباع نجاة!
هذه هي المعادلة المُثْلى للوجود الإنساني!
الإسلام لا ينادي بالحرية – فالحرية منافية للإيمان:
الحرية عصيان!
6.
إذن، هذا هو عدو الدين:
العقل!
هنا سَيَنُطُّ المدافع عن الدين (وهو لذلك على استعداد لمهاجمة العقل):
كيف يمكن أن تولي كل هذه الأهمية للعقل، والعقل يمكن أن يخطأ؟!
هل ثمة اعتراض آخر؟
أجل – العقل قد يخطأ. غير أن منطق العقل يفترض اختبار الفرضيات ونتائج التفكير؛
العقل يعني الشكَّ والحيطة؛
قد يحتاج العقل إلى شيء آخر – غير أن هذه الشيء الآخر لن يكون هراء "الوحي".
فمهما كانت نواقص العقل ورغم كل شيء فهو مناقض للإيمان وهذا يعني: أنه مناقض للأوهام!
ورغم كل الافتراضات الممكنة وغير الممكنة، وإذا ما أردنا أن نزن الأشياء لا بمكيال الدين، بل بمكيال الواقع الذي نعيش فيه ونتنفس هواءه، فإن أدوات العقل - التفكير النقدي والمعرفة الواقعية تقودنا إلى حلول تنقذنا من قيود الزمان والمكان وتحررنا من أسارهما.
التفكير العقلاني يحصن البشر من الإيمان الأعمى المؤدي إلى الطاعة العمياء.
وهذا هو المحذور!
ليس المشكلةُ أن نؤمن أو لا نؤمن:
فليس الإيمان هو العقبة الصعبة، بل بأي شيء نؤمن وكيف؟
لنتأمل قضية الموت:
إنها قضية القضايا والشيء الذي لا يجب أن ننساه أو "نتناساه" هو أنَّ لا حياة لنا غير هذه الحياة؛ لم نعثر على امتداد تاريخنا البشري، ولن نعثر، على أتفه دليل على وجود عالم آخر من أي شكل كان: لا جنات تجري من تحتها الأنهار ولا أشجار تظللنا ولا حياة خالدة!
لم نعثر، لا بالعقل ولا بالحواس ولا أحدَ عادَ من هناك (من وراء حدود القبر) لكي يخبرنا عن وجودٍ غير وجودنا وعن حياةٍ غير حياتنا!
وإن مثل هذا الاستدلال العقلي يقودنا إلى الحياة هنا – والآن.
وهذا يعني الخروج عن سلطة اللاهوت.
7.
هل العقل ضالتنا؟
أعرف أن العقل ليس عصاً سحرية، ولا هو مفتاح يفتح كل الأبواب، لكن وجودنا البشري لم يكتشف "أداة" ناجعة غيره لحل مشاكل هذا الوجود.
نستطيع أن نكون ما نشاء، وأن نؤمن بما نشاء، لكننا لم ولن نستطع أن نسقي الزرع بالصلاة، ولن نشفي مرضانا بالدعاء، ولن نمتلك ناصية السيطرة على الطبيعة بشعائر وطقوس الدين.
كل هذه المصائب والتحديات لا يمكن مواجهتها بدون نور العقل!
8.
وهذا هو "الغائب" الحقيقي!

أن تفكر كعبد . . . هذا هو الكمال!




يقول أحدهم:
"مولاي يا مولاي أنت المولى وانا العبد، وهل يرحم العبد إلا المولى، مولاي يا مولاي أنت المالك وانا المملوك، وهل يرحم المملوك إلا المالك، مولاي يا مولاي أنت العزيز وأنا الذليل، وهل يرحم الذليل إلا العزيز. مولاي يا مولاي أنت الخالق وانا المخلوق، وهل يرحم المخلوق إلا الخالق، مولاي يا مولاي أنت العظيم وانا الحقير، وهل يرحم الحقير إلا العظيم، مولاي يا مولاي أنت القوي وانا الضعيف، وهل يرحم الضعيف إلا القوي. مولاي يا مولاي أنت الغني وانا الفقير، وهل يرحم الفقير إلا الغني، مولاي يا مولاي أنت المعطي وانا السائل، وهل يرحم السائل إلا المعطي"!
1.
المصيدة:
لم يُصَدِّقْ إنسانٌ في تاريخ البشرية بأنه عَبْدٌ وَضِيعٌ منحطٌ مثلما صَدَّقَ المسلم. وهو كُلُّمَا تغلغل في إيمانه الديني التسليمي كُلُّمَا تحوَّل الشعور بالعبودية إلى معنى لحياته ولهذا تراه يدافع بحرارة عن العبودية؛ وهو كُلُّمَا انحطَّ في سُلَّم البناء الاجتماعي كُلُّمَا اكتسبت عبوديته مظاهر خارجية مرئية.
ولم أقرأ لغير المسلم من يدافع عن عبوديته بكل هذه الحرارة والتوسل ويعبر عن كراهيته للحرية بكل هذا الانفعال والاحتراق!
وكُلُّمَا انحطَّ المسلم في سِلَّم المعرفة وكُلُّمَا توثقت روابطه وارتبط بالجامع السلفي والمسجد الشيعي كُلُّمَا وَظَّف نفسه كجندي مخلص للحرب ضد ثقافة التحرر والكرامة الشخصية!
ويقول آخر من لا آخر لهم:
"إلهي أصبحت وأمسيت عبداً داخراً [صاغراً ذليلاً] لك، لا أملك لنفسي نفعا ولا ضراً إلا بك، أشهد بذلك على نفسي، وأعترف بضعف قوتي، وقلة حيلتي، فأنجز لي ما وعدتني، وتمم لي ما آتيتني، فإني عبدك المسكين المستكين الضعيف الضرير، الذليل الحقير، المهين الفقير، الخائف المستجير"!
2.
إنَّ مشاعر العبودية لهذا "الواحد" المفترض أمام كذبة "الله" تفيض فيضاناً إلى ما وراء نفسه فتحاكيه فيها جموع غفيرة من الأميين وحملة "الشهادات!" الأكثر أمية على حد سواء.
وهذه هي الكارثة!
هي مصيدة مدهشة صنعتها حفنة من الكُهَّان الأعراب وعابدي الخرافات والمشعوذين والغارقين حتى الآذان في وحل الإيمان التسليمي ودونوه في نصوص واصطنعوا نصوصاً تلخص وتشرح هذه النصوص وشهروا السيوف والنَيَازِك باسم شخص ادعوا نبوته وصنم قرر ألوهيته فوقع بشر لا عدا لهم ولا حصر في حبائل ما دونوه وحتى هذه اللحظة تراهم عاجزين عن اكتشاف الكذبة.
إنها لمفارقة قد يصعب شرحها إلا أنه من المستحيل أن يشعر بها الإنسان الحُرُّ والمتحرر من أوهام الإيمان أو حتى أن يستشعرها. فمشاعر العبودية شخصية وضيقة ولا تتجاوز الفرد نفسه فلا يستطيع المراقب غير أن يرى انعكاساتها وهي ترتسم على ملامح وقسمات المؤمن؛ وأسلوب التعبير المفكك وهو يهدد الآخرين بالموت وجهنم وقودها الناس والحجارة؛ وانطفاء الرغبة في أن يرى أبعد من مرمى النظر.
كيف يمكن أن يدخل الإنسان في هذه المصيدة؟
لقد دخلوا . . .
3.
العبودية الطوعية:
ثمة نوعين من العبودية:
العبودية الجبرية والعبودية الطوعية.
والمسلم لم يدرك يوماً العبودية الأولى فثقافة الخضوع والخوف تتغلغل في عقيدته الدينية، بل أنَّ الخضوع "للحاكم" و"للإمام" أو "للخليفة" أو "لولي الأمر" – أو أياً كان من ذاك وهذا الزمان، هو أمر من طبيعة الأشياء الأثيرة عنده:
" لذا كان الوفاء للدولة وللقائم على الحكم خالصاً من الزيف مبرءاً من العود والرياء، وكان الحاكم يحتل مكان القلب والروح من الجماعة الإسلامية فأسلمت له القياد يسويسها في أمور دينها ودنياها" [واجبات العبودية لله، ص 34]
أما إذا استسلم الإنسان لأهواء النفس وأشواقها وتطلعاتها ومطامعها ومطامحها:
"لا شك أنه عند ذلك لا بديل عن سلطة الحاكم في ردع المتغلبين وأنصاف المغلوبين وحمل الناس على القيام بشعائر الدين وردهم إلى حضيرة المؤمنين بما يملكه من قدرات وكنات وما توافر لديه من إمكانيات الزجر والردع"[نفس المصدر ص 37]
هنا تلتقي العبوديتان: عبودية الحاكم وعبودية الدين: العبودية الجبرية والعبودية الطوعية.
لكنه كان ولا يزال يمجد الثانية: العبودية الطوعية. بل أنَّه لا ينكر مشاعر الحرية التي قد تمر طارئة عليه بين حين وآخر فيقمعها باعتبارها من وساوس الشيطان وحسب، وإنما ينكر ويستنكر رغبة الآخرين إن قرروا اختبارها.
3.
ليَسَ العبدُ عبداً إلا باختياره.
العبودية الحقة هي الخضوع الروحي والتخلي الجماعي الطوعي عن الحرية فقد ضاقوا ذرعاً بها. فبعد أن فقد المسلم نزعة الحرية ونشوة الإحساس بها فإنه قد أضحى عاجزاً عن امتلاك ناصيتها: لم يعد يعرف لا استخدامها ولا التمتع بها.
الحرية "تفسخ" و"انحلال" والعبودية "تماسك" و"انضباط"!
4.
أن تكون عبداً يعني أن تفكر كعبد!
لا تعني العبودية الخضوع الجسدي لقوة الآخر – أياً كان هذا الآخر. فالتاريخ القديم والحديث قدَّم لنا الكثير من الناس الذين قضوا شطراً كبيراً من أعمارهم في غياهب السجون وتحت أقسى أنواع المعاملة لكنهم ظلوا أحراراً – بل أكثر تحرراً حتى من سُجَّانهم – ونلسون مانديلا واحداً منهم.
إذ أنْ تكون عبداً هو أنْ تفكر كعبد؛
وأنْ تفكر كعبد هو أن تبرر عبوديتك وتصنع لها الأعذار مبرهناً بنفسك على أحقية سيدك في سلطته عليك؛
أنْ تكون عبداً يعني أن تُفَضِّلَ الأمن البليد والطمأنينة الكسولة على بهجة الحرية؛
أنْ تكون عبداً يعني أن تتخلى عن كل أشكال الطموح ولا تحتفظاً إلا بطموح واحد فقير منحطٍّ: الحصول على الرزق!
أنْ تكون عبداً يعني أن تَعْزُو وجودك إلى كيانٍ خرافي لا دليل على وجوده ولم تر بعينيك ولم تدرك بعقلك هذا الوجود لكنك صدَّقت ما قيل لك وتخليت بإرادتك عن أية فرصة لإعادة النظر بأن ما تعبده صنم من الأصنام لا وجود له إلا في رأسك!
4.
وهكذا فإن عبودية المسلم هي قرين الجهل ورفض المعرفة.
المعرفة تجعل الإنسان غير صالح ليكون عبداً
هذا ما تقوله لنا التجربة.
تصنع العبودية خوفاً تدعم وجودها الذاتي صانعة بدورها وهماً آخر بأنها من طبيعة الأشياء. فيستحيل الخوف إلى جهل بمصدر الخوف ذاته.
ولهذا فإنَّ من مصلحة السَّيد – أياً كان: "الحكام" الدمويين، أو "الأنبياء!" المزواجين، أو “الخلفاء" اللارشيدين، أو"الأئمة!" الخرافيين و"الكهنة المعتوهين" أن يستحيل الجهل إلى عقيدة. وما على المؤمن إلا أن يوجه نظره صوب العبودية:
"فكمال الْمَخْلُوق فِي تَحْقِيق عبوديته لله وَكلما ازْدَادَ العَبْد تَحْقِيقا للعبودية ازْدَادَ كَمَاله وعلت دَرَجَته وَمن توهم أَن الْمَخْلُوق يخرج من الْعُبُودِيَّة بِوَجْه من الْوُجُوه أَو أَن الْخُرُوج عَنْهَا أكمل فَهُوَ من أَجْهَل الْخلق بل من أضلهم"[العبودية لابن تيمية ص 75]
إذن: العبودية هي الكمال!
[جميع أشكال العبودية: الجبرية والطوعية والدينية]

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر