إهداء:
إلى المسلمين والمسلمات الشباب الذين لم يودعوا عقولهم ويرفضون تسليمها لمعمل تدوير المواد البلاستيكية التابعة لهيئات الفقه الإسلامية!
1.
ينبغي في البدء التمييز ما بين “الثقافة الإسلامية!" ذات الطابع الرسمي (في سماء الكتب) من جهة، وثقافة "المسلم" الفعلية (على الأرض).
فمن المفترض أنْ يتطابقا أو يشكلا نوعاً من الوحدة دائماً. لكن الواقع يقول لنا أن "الثقافة الإسلامية!" هي "ثقافة" فوقية (تنزل بقرار فوقي) يسعى الكهنوت التيوس إلى "تلفيقها" ومن ثم نشرها وتجذيرها في عقول الناس من خلال المدرسة ووسائل الإعلام والقمع والاستبداد المتمثلة بالقوانين المجحفة والمجافية لفلسفة الحق والمنطق والحضارة المعاصرة واستنادا إلى القرارات الاستثنائية، التي تتحرك في مجال لا أحد يعرف فيما إذا كانت قرارات حكومية رسمية أم توصيات لاهوتية، والفتاوى التي تحدد وتسيطر وتشرف على كل جزئية من حياة الناس.
أي أنَّ "الثقافة الإسلامية" مشروع قانون للتطبيق يعتمد على نشاط مراكز السلطة الإسلامية ودرجة تغلغلها في السلطة السياسية للدولة وفي المجتمع.
2.
لكن "المشاريع" وواقع تطبيقها قضيتان مختلفتان تماماً.
أمَّا إذا تحدثنا عن ثقافة "المسلم" الفعلية والتي هي نتاج التربية العائلية فإن تأثيرها على أفراد العائلة يتسم بواقعية أكبر ووضوح يمكن تلمسه وتتبعه.
ولأننا نتحدث عن "ثقافة عائلية" يكتسبها المرء من العائلة فإن حجم "الثقافة الإسلامية!" التي يمكن أن تتغلغل داخل الفرد يعتمد على مضمون هذه التربية واتجاهاتها من جهة، والمستوى الأكاديمي والثقافة للأبوين من جهة أخرى، ومدى عمق العنصر الديني فيها من جهة ثالثة، بل ويمكن أنْ نضيف طبيعة الوسط الاجتماعي رابعاً.
هنا نجد أن "فتحة المقص" واسعة جداً إلى حد يمكن أن نعثر إما على تربية أبعد ما تكون عن الثقافة الإسلامية وإما على الطرف النقيض: ثقافة دينية متطرفة سقيمة سوداوية مظلمة!
وما بين هذين التطرفين ثمة مستويات رمادية مختلفة.
3.
من الناحية التاريخية فقد تم فرض الإسلام بطرق مختلفة من أهمها:
أولاً، عن طريق القوة المسلحة والإجبار: الغزو الذي قامت بها الجيوش الإسلامية (والتي كانت تتكون أساساً من الأعراب الذين "أسلموا ولم يؤمنوا!") وسحقت أمامها ثقافات عريقة وعقائد شعوب مختلفة ومنجزات حضارية مدهشة؛
ثانياً، وفي إطار الإجبار يمكن أن نصنف انتماء الكثير من سكان المدن المحتلة من قبل جيوش الإسلام الغازية بهدف إما الهروب من الضرائب المجحفة على الأراضي الزراعية (فهم إضافة إلى ضريبة "الخراج" يدفعون الجزية)؛ وإما من أجل التمكن من العثور على وظائف مناسبة في إدارات الخلافة.
ثالثاً، عن طريق الفرض الثقافي اليومي وغسيل الدماغ منذ الطفولة: خلال وسائل الإعلام والقمع والاستبداد المتمثلة بالقوانين المجحفة والمجافية لفلسفة الحق والمنطق والقرارات والفتاوى في المدرسة والشارع والبيت والعمل وشروط العمل والتوظيف، بل وحتى في الشارع. فسكان المدن المحتلة قد فرض عليهم في الكثير من المراحل التاريخية ارتداء ملابس تميزهم عن المسلمين.
4.
غير أنَّ الناس كالأرض:
لا تصلح لزراعة جميع المحاصيل الزراعية مهما شئنا ومهما بذلنا من جهود وموارد [ما الذي سيحدث إن تم فرض زراعة النخيل في سيبير مثلاً؟].
إن "القبول الطوعي!" للإسلام سواء من قبل القبائل الخاضعة أو المدن لجيوش الغزو الإسلامي كان "طوعياً!" مثلما كان قبول النصرانية "طوعياً" في أمريكا اللاتينية في فترة الاحتلال الإسباني مثلاً!
بل ومنذ البدايات الأولى لنشر العقيدة الإسلامية كانت "القوة" و"الفرض" من وسائل نشر الإسلا م البينة.
أنَّ خرافة "دَخَلُوا في دين الله أفواجاً" خرافة لاهوتية لا تختلف عن الخرافات الأخرى من نوع: “والذي أسرى بعبده.. إلخ".
لقد كان سكان المدن المحتلة (ذوي الثقافة الآرامية والفارسية واليونانية وغيرها الكثير) ينتمون إلى عقائد وأديان وثقافات مختلفة. وحين فُرض عليهم الإسلام (وإلا الويل لهم!) فإنَّ لا أحد بوسعه أن يجتث منهم ثقافة وعقائد الآباء والأجداد. بل نحن نعرف من كتاب محمد إنَّ جلَّ الأعراب لم يكن يجتذبها غير غنائم الغزوات ولهذا فإنَّ محمداً لم يكن يثق بهم. أليس هم الذين قال عنهم بأنهم "أسلموا ولم يؤمنوا"؟ وهذا لا يعني غير أنهم "خضعوا" لكن عقائدهم وآلهتهم القديمة لا تزال تشدهم إليها.
وماذا عن مكة وقادة قريش؟ هل آمنوا بمحض إرادتهم أم خضعوا للإسلام (وأسلموا!) بحكم الواقع: بقوة السيف واحتلال مكة؟
3.
خرافة دين الفطرة:
لقد أثبتت تجارب الحياة الواقعية للبشر خرافة فرضية: "الدين الإسلامي دين الفطرة" [هذا الموضوع سأحاول مناقشته في موضوع منفصل].
بل أن "الفطرة" ذاتها هي خرافة ساذجة لا يصدق بها إلا الجهلة والسذج من البشر. فالمرء يولد ويشب على دين أبيه وأمه حتى تأتي لحظة الاصطدام بالواقع الغريب:
إنه يؤمن!
وهو عادة أمام خيارين أساسين:
إما أن يكون قد اعتاد على هذا الإيمان فينحدر في حضيضه أكثر فأكثر حتى تأتي لحظة الانتحار: موت نعمة التفكير والشك؛
وإما أنْ يقرر أنْ يرى!
والرؤية هي مصدر التفكير والشك:
ما الذي يرى حقاً؟
ما هذا الدين وكيف يفعل فعله بالناس؟
وهل ثمة معنى منه؟
ما الذي سيحدث لو لَمْ يؤمن؟
ما هي مصداقية كتاب محمد؟
وما هي مصداقية كتب الأحاديث التي "فُصلت" على "طول" و"عرض" عقائد الطوائف الإسلامية وخرافتها وإرضاء لحكام بني أمية وبني العباس؟
بل هل كان يؤمن حقاً أم أنه وجد نفسه بين ناس يؤمنون ففعل مثلما يفعلون؟
إنَّ الأسئلة تنهار على رأسه كالصواعق وهو عاجز عجزاً مريراً عن الإجابة. فيقرر تأجيل الإجابات وليرَ ماذا يحدث!
منذ هذه اللحظة لن يكون كما كان؛ ولن تكون الحياة كما كانت. فقد حدث الشَّرْخ!
4.
إذن: إنَّ مِن المسلمين مَنْ يشك بصحة ما يقول ومصداقية ما يؤمن. وأستطيع الجزم بأن الشكوك لا تطول من يمتلك تفكيراً نقدياً فقط، بل وحتى أولئك الذين يكشفون عن يقين خرافي بعقيدتهم. وهو يقين خرافي لسبب بسيط مكشوف أمام الجميع:
إنهم 24 ساعة في اليوم يحاربون الشيطان!
والحرب مع الشيطان لا تعني غير الشكوك وغياب اليقين.
5.
5.
ثمة حقيقة تقنية:
عندما يحدث الشَّرْخُ في القواعد الحاملة للهيكل العام للبناء فإن الترميم قضية لا جدوى من ورائها!
سوف ينهار البناء – آجلاً أم عاجلاً . . .
المواضيع:
الشَّرْخُ [1-4]: لماذا لا يَشُكُّ المسلمُ بما يقول ومصداقية ما يؤمن؟
الشَّرْخُ [2-4]: هل حقاً لا يشكَّ المسلمُ بصحة ما يقول ومصداقية ما يؤمن؟!
الشَّرْخُ [3-4]: انهيار الجسور!
الشَّرْخُ [4-4]: الخاتمة – موت الله وبداية الطريق!
الشَّرْخُ [1-4]: لماذا لا يَشُكُّ المسلمُ بما يقول ومصداقية ما يؤمن؟
الشَّرْخُ [2-4]: هل حقاً لا يشكَّ المسلمُ بصحة ما يقول ومصداقية ما يؤمن؟!
الشَّرْخُ [3-4]: انهيار الجسور!
الشَّرْخُ [4-4]: الخاتمة – موت الله وبداية الطريق!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق