منع

كيف غيَّر محمد أهم ثلاث أفكار في العقيدة الإبراهيمية ! [1]

[من هنا بدأت الأديان الإبراهيمية]



ملاحظة هامة:
عندما أتحدث عن محمد فإنا أعني "المُحَمِّدِين" الكثيرين - الذين لا عدَّ لهم ولا حصر والذين قاموا بتشكيل شخصية "محمد" التقليدية "آخر الأنبياء" التي وصلت إلينا وساهموا بكتابة القرآن الذي بين أيدينا.
إذاً هو مجموعة من الصور المضافة من هنا وهناك - شخصية تراكمية ذات أبْعاد مختلفة (ووجوه مختلفة) وهذا ما يتضح من تعدد الشخصيات التي تتراوح ما بين "شخص مجهول" لا أحد يعرف عنه شيئاً "حقيقياً"- يعمل تاجراً عند زوجته؛ سرعان ما يتحول إلى عابد تقلق مضجعه تجارب دينية عنيفة؛ ثم يُصور باعتباره شخصاً متردداً خائفاً يختفي في أحضان زوجته العجوز (حيث كاد قبل ذلك أن يلقي بنفسه من الجبل) ؛ ثم فجأة يُصبح صاحب دعوة وذو إرادة قوية وتماسك شديد؛ حتى يظهر أخيراً وكأنه مقاتل شاهراً سلاحه ضد ما قرر أنهم كفار وقام بغزو قريش – أبناء عمومته!
1.
إنَّ المعرفة التاريخية (الثقافية والأنثروبولوجية ومكتشفات علم الآثار) بالأديان والتي تستند إلى الوقائع والأدلة العلمية القابلة للاختبار والتحقيق قدمت لنا عدداً من الحقائق الهامة من بينها:
المنشأ البشري للآلهة والأديان!
فبغض النظر عن الفرضيات المتعلقة ببداية ظهور الإيمان بالآلهة وعبادتها فإن المنشأ البشري للآلهة كان ولا يزال قاسماً مشتركاً لم يعد حتى من الممكن التخلي عنه أو تقديم تنازلات بشأنه. وإن كلَّ مُعارضة لهذه الحقيقة ذات منشأ ديني لاهوتي وهو أمر مفهوم تماماً.
فالأديان تستند بصورة جذرية، بل ومصيرية، إلى فكرة الكائن المتعالي والمُفارق اللاهوتية والذي يتمثل بالوجود الإلهي المقدس. إلا أنَّ هذه المنطلقات اللاهوتية لم تعد تقرر، كما كانت في الماضي، مصير الثقافة البشرية. إنها لا تمثل إلا مُعارَضَة للاتجاه السائد في آليات التفكير المعاصرة وهي ربما تمر في آخر أطوارها.
2.
الأنبياء بشرٌ قرروا أن يكونوا أنبياء!
إلا أن الدين لا يمكن أن يقوم من غير "صلة وصل" مع "الآلهة":
ينبغي للبشر أن "تستلم" الرسائل الإلهية بطريقة أو بأخرى (يا ليت هذا قد حدث في عصر الرسائل الإلكترونية!). ولأنه من غير الممكن عملياً أن تتحدث "الآلهة" مع جميع البشر (حينئذ سيصبح الابتذال مرئياً أكثر من اللازم!)، فهي مشكلة عملية و"أمنية" في آن واحد، فإنه ظهر في البداية الكُهَّان العارفون بالأسرار الإلهية والاتصال بالآلهة أنفسهم.
لقد قلت بأن اتصال الآلهة بالبشر مشكلة عملية وأمنية للأسباب التالية:
فهي مشكلة عملية لأنه من الصعب، وهذا أمر لا يمكن إنكاره، أن تتحدث الآلهة مع جميع البشر. إذن طالما قررنا واستخدمنا فعل "يتحدث" فقد انطلقنا من الحقيقة البشرية بصعوبة حديث "شخص" مع البشرية!
ولهذا فإن الكهنة، وهم ناس يتميزون بقدرات ومواهب واستعدادات دينية "لا يملكها الآخرون"، تحولوا إلى الجسر الواصل ما بين الآلهة والبشر الفانين.
إن هذا الدور الذي منحه الكهنة لأنفسهم لم يميزهم عن الناس الآخرين فقط، بل منحهم حق السيطرة على "المعلومات الأمنية" التي تخص الآلهة. ولهذا فإنَّ لهم دوراً "أمنياً". فهناك من "المعلومات المقدسة!" التي يجب ألا تقع في أيدي الناس العاديين!
ثمة ناس "مختارون" يحيطون بالكهنة يمكنهم الاقتراب من بعض هذه "المعلومات المقدسة"!
لكن طبيعة ودور الكهنة لم تكن واضحة بما يكفي بالنسبة للناس وإن تعددهم يُحبط من حجم مصداقيتهم. فطالما من الممكن أن يوجد أكثر من كاهن فإنه من الممكن أنْ يصبح كل شخص كاهناً.
ولهذا ظهر النبي!
3.
إنه "واحدٌ" في زمانه (أو هذا ما ينبغي، وإلا أي نبي هذا؟)، مختار من قبل الإله شخصياً (ورغم أن الأديان الإبراهيمية اختلقت شروطاً للنبوة وحددت صفات للنبي، فإن هذا الشروط والصفات غير ملزمة. فإرادة الله باختيار الأنبياء لا أحد يفهمها أو يفك أسرارها) وإنَّ قبول هذه المكانة وطاعته جزء من طاعة الآلهة.
4.
لكنَّ أهم الخلاصات المعرفية للأنبياء هو أن ما "توصلوا" إليه كان نتيجة لتراكمات تاريخية طويلة الأمد وذات مصادر مختلفة لعب الكهنوت (وخصوصاً في الأديان الإبراهيمية) دوراً فعالاً، وفي بعض الأحيان حاسماً، في تكوين وتشكيل شخصية هذا النبي أو ذاك.
إنَّ ما وصل إلينا من شخصيات موسى وعيسى ومحمد (وبغض النظر عن كونها شخصيات تاريخية أم لا فهذا أمر لا يؤثر على أسطوريتهم)، لهو نموذج مكتمل تم العمل عليه و"تحريره" خلال مراحل تاريخية طويلة جداً. وقد أصبح من الصعب على المؤمنين معرفة حدود الحقيقة وبداية الأوهام والخرافة.
وقد طبعت كل شخصية "نبوية" بثقافة الجماعة البشرية التي صنعت هذه الشخصية. فإذا كان موسى يحمل الكثير من خصائص الملوك السومريين والأكديين، وفي عيسى تلوح من بعيد العناصر الأدبية اليونانية وتجلياتها الرومانية، فإن في محمد خليط غريب ومتناقض من مكونات البداوة العربية الفجة إلى تأثيرات مختلفة من ثقافات الشعوب المجاورة. وهذا ما نجده بادياً للعيان حتى على مستوى العقائد والطقوس. فأي دراسة للقرآن لا يمكن إلا أن ترى الأصول اليهودية والمسيحية المكونة لنصوص القرآن. أما الطقوس العملية للإسلام فإنها خليط من الطقوس اليهودية والجاهلية مع بعض التحوير البسيط.
5.
النصوص "المقدسة" ليست مقدسة!
قدمت دراسة الكتاب المقدس حقائق مدهشة عن أصوله السومرية الأكدية والتي تزامن مع تمكن علماء السومريات في فك رموز الكتابة السومرية والأكدية. كما أثبتت التنقيبات الأثرية (وخصوصا أعمال الأكاديمي وعالم الآثار الإسرائيلي Israel Finkelstein) في حدود إسرائيل الحالية غياب الأدلة المادية على أن أحداث العهد القديم لها علاقة بالمنطقة المفترضة. كما وقدمت الدراسات المتعلقة بـ"موسى" نتائج مثيرة وبشكل خاص فرضية فرويد عن الأصل المصري لموسى [موسى والتوحيد].
وقد واصلت الدراسات التاريخية واللغوية المتعلقة بالعهد الجديد منهج وآلية البحث المتبعة في العهد القديم واستطاعت أن تميز أسلوب وتاريخ وطبيعة كُتَّابِ كُتُبِ العهد الجديد. وفي متناولنا الآن أغلب هذه الدراسات ويمكن الاطلاع عليها.
ورغم أن جذرية التغلغل في "القرآن" لم تصل إلى الحد الذي وصلت إليه الدراسات المتعلقة بالكتاب المقدس فإن "بشرية" القرآن من الوضوح والمباشرة بحيث يتسنى حتى للقارئ العادي أن يقف على طبيعته الأسلوبية المربكة والأخطاء المنطقية واللغوية والتاريخية التي تربطه بالقرون الهجرية الثلاثة الأولى.
فما هي الأفكار (المقترحات) التي توصل إليها محمد في إطار الدين الإسلامي والتي تستحق الاهتمام؟


للمقال بقية . . .

لِمَ اختار الوحشُ الوجهَ الإسلاميَّ بالذّات لا وجهاً آخر ؟

عبد النور بيدار:
مفكر فرنسي مسلم، أستاذ فلسفة بجامعة صوفيا أنتيبوليس في نيس بفرنسا، له عدّة كتب أهمّها «نحو إسلام يليق بعصرنا» (2004). «إسلام ذاتي: حكاية إسلام شخصي» (2006) «إسلام بلا خضوع: نحو فلسفة وجودية إسلامية» (2008) «انحسار الدين في الغرب: راهنيّة محمّد إقبال» (2010). «كيف الخروج من التدين التقليدي؟»(2012). كما نشر عشرات المقالات في مجلّة (Esprit) ويوميّة “لوموند” (Le Monde)، وهو منتج ومعدّ برنامج “فرنسا الإسلام: أسئلة متقاطعة” على إحدى القنوات التلفزيّة الفرنسيّة.
1.
قراءة في "رسالة مفتوحة إلى العالم الإسلامي"
في " رسالة مفتوحة إلى العالم الإسلامي" يصرح المفكر المسلم (وليس الملحد) عبد النور بيدار عما لم يصرح به الكثير من الكتاب الأوربيين الذين يصعب عليهم رؤية التأثير الكارثي للإسلام كدين.
تكتسب فكرة الصورة الوحشية للإسلام مركز تصورات عبد النور بيدار في هذه "الرسالة المفتوحة"، لكنها في نفس الوقت هي الصورة الموضوعية التي لا بديل لها لكل من يراقب مظاهر الإسلام بحيادية في هذا الزمن الذي نعيشه فيه. فهي صورة لم تخلقها إلا الوقائع ولا شيء آخر.
إنَّ الدولة الإسلامية (وداعش صورتها الراهنة) قد تخطت، مثلما خرقت، الخطوط الحمراء حتى لأعتى الحروب الهمجية في التاريخ في الحاضر والماضي.
إنها عودة إلى عصور التوحش غير أنها قد انطلقت من صلب الإسلام.
ينطلق الكاتب من تساؤل يمتلك كامل المشروعية:
ما تُراك تقول في الواقع في مواجهة هذا الوحش؟ ما هو خطابك الوحيد؟
وكالعادة فإن الإسلام الرسمي "يشهر" سلاح الدفاع المطلق:
هذا ليس أنا!”، “هذا ليس الإسلام!”. أنت ترفض أن تُرتكب جرائم هذا الوحش باسمك، وتسخط على نفسك أمام هذه الفظاعة، وتثور على اغتصاب الوحش هويّتك، وأنت لعمري محقّ في ذلك. لذا، فلا مندوحة من أن تُعلن في وجه العالم عالياً وبقوّة أنّ الإسلام يرفض الهمجيّة. لكنّ ذلك غير كافٍ البتّة! ذلك أنّك تلوذ بآليّة الدفاع عن النفس دون أن تتحمّل، بصفة خاصّة، مسؤوليّة النقد الذاتي. إنّك تكتفي بالسخط، في حين كان يمكن لهذه اللحظة التاريخيّة أن تكون فرصة عظيمة لمساءلة نفسك! وكالعادة، أنت تتّهم بدلاً من أن تتحمّل مسؤوليّتك: “توقّفوا، أيّها الغربيّون، ويا أعداء الإسلام جميعاً عن ربطنا بهذا الوحش! الإرهاب لا يمثّل الإسلام، فالإسلام الحقّ لا يعني الحرب، بل يعني السلم!”.
2.
ومع ذلك يبقى "السؤال الكبير" الذي يصر عليه عبد النور بيدار:
"لماذا سرق هذا الوحش وجهك؟ لم اختار هذا الوحش الحقير وجهك بالذّات لا وجهاً آخر؟ لِمَ لبس قناع الإسلام دوناً عن غيره؟ ذلك أنّ صورة الوحش هذه تُخفي في الواقع مشكلة كبيرة، لا يبدو أنّك مستعدّ لمواجهتها. ومع ذلك يجب عليك مواجهتها، ويجب أن تمتلك الشجاعة على ذلك".
إن "المشكلة الكبيرة" التي يسعى الإسلاميون إلى إخفائها وطالما تستروا عليها محررين آلاف الكتب هي:
"مشكلة جذور الشرّ. من أين تنبع جرائم ما يسمّى “الدولة الإسلاميّة”؟ سأجيبك يا صديقي، ولن يسرّك ذلك، ولكن واجبي كفيلسوف يقتضي إجابتك. إنّ جذور هذا الشرّ الذي يسرق وجهك اليوم تكمن فيك، فالوحش خرج من رحمك، والسرطان يسكن جسمك ذاته. ومن رحمك المريضة ستخرج في المستقبل وحوش جديدة – أسوأ منه بكثير – ما دمت ترفض مواجهة هذه الحقيقة، وطالما تباطأت في الاعتراف بها ولم تعزم على اقتلاع هذا الشرّ من جذوره!"
3.
هذه هي الحقيقة المُرَّة التي عجز ويعجز المسلمون عن مواجهتها. فـ"جذور الشر" لم تكن مستوردة من خارج الإسلام – بل هي ليست حتى من خارج كتاب محمد.
لقد بقي الإسلام خارج التاريخ ولهذا فإنه بقي خارج التطور الإنساني. وإن الطبيعة الروحية، يقول عبد النور بيدار، تخشى الفراغ "وما لم تجد شيئاً جديداً لملئه، فإنها ستملؤه غداً بأديان يزداد عدم تكيّفها اليوم – لتنتج، كما يفعل الإسلام الآن، وحوشاً".
وإن رفض الإسلام عقيدة وسلوكاً لآليات التطور هو ما يفسر "ولادة الوحوش الإرهابيّة تحت أسماء “تنظيم القاعدة”، و” النصرة”، و” القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” و” الدولة الإسلاميّة”.
ولم يكن ظهور تنظيمات التوحش إلا نتيجة طبيعية وهي ليست أمراً طارئاً بل هي في رأي عبد النور بيدار:
" سوى الأعراض الأخطر والأكثر وضوحاً على جسم ضخم مريض تتمثّل أمراضه المزمنة في : العجز عن إقامة ديمقراطيّات دائمة تؤمن بحريّة الضمير تجاه عقائد الدين كحقّ أخلاقي وسياسي؛ العجز عن الخروج من السجن الأخلاقي والاجتماعي لدين متحجّر، جامد، وأحياناً شمولي؛ صعوبات مزمنة في تحسين وضع المرأة باتّجاه المساواة والمسؤوليّة والحرّية؛ عدم القدرة على فصل كافٍ للسّلطة السياسيّة عن هيمنة سلطة الدين عليها؛ العجز عن تأسيس احترام وتسامح واعتراف حقيقي بالتعدديّة الدينيّة والأقليّات الدينيّة".


4.
إنَّ الإسلام لم يرفض إدراك أزمته البنيوية فقط، بل يسعى بجهود مثيرة للاستغراب إلى إيجاد "سبب خارجي" لأزمته - كالعادة وفي زمن الأزمات يستل المسلمون من مشجب الأعداء: الغرب!
"هل يكون هذا كلّه نتيجة خطأ من الغرب؟ كم من وقت ثمين، ومن سنوات حاسمة، سوف تخسر أيّها العالم الإسلامي العزيز، بهذا الاتّهام الغبيّ الذي لا تؤمن به أنت ذاتك، والذي تختبئ وراءه كي تواصل الكذب على نفسك؟ إذا كنتُ أنتقدك بكلّ هذه القسوة، فليس لأنّني فيلسوف “غربي”، بل لأنّني واحد من أبنائك الواعين بكلّ ما فقدته من عظمتك التي طواها الزمن إلى درجة أنها أضحت مجرّد أسطورة!".
5.
لم يتمسك “الإسلام" بالماضي فقط، بل استحال هو إلى ماضي وسد جميع الأبواب والنوافذ المطلة على المستقبل. لقد كان العصور الحديثة فرصة ذهبية للانفتاح على العالم وبناء تصورات جديدة عن العالم. لكنه بدلاً من ذلك ينكفئ "بطريقة طفوليّة وقاتلة في الماضويّة من خلال التقهقر الوهابي المتعصّب والظلامي الذي ما يزال يعيث فساداً في كلّ مكان تقريباً داخل حدودك – وهي وهابيّة تنشرها انطلاقاً من أماكنك المقدّسة في المملكة العربيّة السعوديّة كسرطان ينطلق من قلبك ذاته! ".


"ماذا تبقّى فيك ممّا يستحقّ احترام شعوب وحضارات الأرض الأخرى وإعجابها؟ أين حكماؤك، وهل ما زال لديك من حكمة تقدّمها للعالم؟ أين رجالك العظام، أشباه “مانديلا” و”غاندي” و”أونغ سان سو كيي” فيك؟ أين هم كبار مفكّريك ومثقّفيك الذين ينبغي قراءة أعمالهم في جميع العالم كما كان الأمر زمن كان علماء الرياضيّات والفلاسفة العرب والفرس أساتذة العالم من الهند إلى إسبانيا؟ الحقيقة أنّك أصبحت في الدرك الأسفل من الضعف والعجز وأنت تتخفّى وراء اليقين الذي تعلنه حول نفسك… لم تعد تعرف بتاتاً من أنت ولا أين تريد أن تذهب، وهذا يجعلك شقيّاً بقدر ما أنت عدواني… أنت تصمّ أذنيك عن الاستماع إلى أولئك الذين يدعونك إلى أن تتغيّر لكي تتخلّص من الهيمنة التي أعطيتها للدّين على الحياة بأكملها. لقد اخترت الاعتقاد بأنّ محمّداً كان نبيّاً وملكاً. لقد اخترت تعريف الإسلام بوصفه ديناً سياسيّاً وأخلاقيّاً واجتماعيّاً، يجب أن يسود كطاغية على الدولة كما على الحياة المدنية، وفي الشارع وفي المنزل كما داخل كلّ وعي. اخترت الاعتقاد وفرض أنّ الإسلام يعني الاستسلام".
6.
يؤكد عبد النور بيدار بأنه ثمة العديد من الأصوات التي يرفض الإسلام سماعها وهي "ترتفع اليوم داخل الأمّة داعية إلى التمرّد على هذا الخزي، وإدانة هذا المحرّم الديني السلطوي الذي لا يرقى إليه الشكّ والذي يستخدمه قادتها لإدامة حكمهم إلى أبد الآبدين… حدّ أنّ الكثير من المؤمنين استبطنوا ثقافة الخضوع للتّقاليد ولـ”سادة الدين” (من أئمّة ومفتين وشيوخ، الخ) إلى درجة أنّهم باتوا لا يفهمون أنّنا إنّما نحدّثهم عن الحرّية الروحيّة، ولا يقبلون حتّى جرأتنا على الحديث حول الاختيار الشخصي مقابل “أركان” الإسلام. هذا كلّه “خطّ أحمر” في نظرهم، شيء مقدّس إلى درجة لا يتجرّؤون معها على إعطاء ضمائرهم حقّ التساؤل بشأنه! وكم هناك من عائلات، ومن مجتمعات إسلاميّة ينغرس فيها الخلط بين الروحانيّة والعبوديّة في أذهان الناس منذ سنّ مبكّرة، ويكون التعليم الروحي فيها من الضحالة بحيث يظلّ كلّ ما يرتبط من قريب أو من بعيد بالدّين أمراً لا يمكن مناقشته!
ولكن هذا حصيلة للإرهاب وجماعات متعصبي الدولة الإسلامية؟
الجواب:
". لا، المشكلة هنا أعمق من ذلك بكثير وأشمل! لكن من سيراها؟ ومن سيتحدّث عنها؟ ومن يبغي سماعها؟ إنّ الصمت يلفّها في العالم الإسلامي، ولم نعد نسمع في وسائل الإعلام الغربيّة سوى خبراء الإرهاب الذين يفاقمون يوماً بعد آخر قصر النظر المعمّم! لذا، لا يجب أن تنخدع، يا صديقي، بأنّ مجرّد اعتقادك والإيهام بأنّه ما إن يتمّ الحسم مع الإرهاب الإسلاموي حتّى يكون الإسلام قد حلّ مشاكله! ذلك أنّ جميع ما ذكرته للتوّ – دين رجعي، متحجّر، حرفي، شكلاني، ذكوري، محافظ، منكفئ – هو في كثير من الأحيان، وليس دائماً، الإسلام العادي، أي الإسلام اليومي الذي يتألّم ويؤلم الكثير من الضمائر، إسلام التقليد والماضي، الإسلام المشوّه من قبل جميع الذين يستخدمونه سياسيّاً، الإسلام الذي يخنق وسيخنق دوماً كلّ ربيع عربي ويئد صوت جميع الشباب المطالبين بشيء آخر. فمتى ستقوم بثورتك الحقيقيّة؟ تلك الثورة التي سوف تُطابق نهائيّاً في المجتمعات وفي الضمائر بين الدين والحرّية، تلك الثورة التي لا رجعة عنها والتي ستعترف بأنّ الدين أضحى مجرّد واقعة اجتماعيّة ضمن بقيّة الوقائع الاجتماعيّة في جميع أنحاء العالم، وبأنّه لم يعد لتكاليفه الباهظة أيّ شرعيّة!"
يرى عبد النور بيدار بأنّ الحرمان من الحقّ في الحرّية في مواجهة الدين هو أحد جذور الشرّ التي يعاني منها "العالم الإسلامي". إنها:
"واحدة من تلك الأرحام المظلمة التي تنمو فيها الوحوش التي تقذف بها منذ بضع سنوات في وجه العالم المرتعب. ذلك أنّ هذا الدين الحديدي يفرض على مجتمعاتك بأكملها عنفاً لا يطاق. إنّه ما يزال يحبس كثيراً من بناتك وجميع أبناءك في سجن الخير والشرّ، الحلال والحرام، وهو سجن لا أحد يختاره، ولكن الجميع يخضع له. إنّه يسجن الإرادات، ويكيّف العقول، ويمنع أو يعيق كلّ اختيار لحياة شخصيّة. وفي كثير من أصقاعك، ما زلت تقرن بين الدين والعنف – ضدّ النساء، وضدّ “قليلي الإيمان”، وضدّ المسيحيّين وغيرهم من الأقلّيات، وضدّ المفكّرين والعقول الحرّة، وضدّ المتمرّدين – بحيث يمتزج الدين والعنف في نهاية المطاف عند أكثر أبنائك لا توازناً وأكثرهم هشاشة في الجهاد المسخ!"
وفي الختام يقول عبد النور بيدار مخاطباً "العالم الإسلامي):
"لا تندهش إذن، ولا تتظاهر بالاندهاش، أرجوك، من أنّ بعض الشياطين على غرار ما يسمّى الدولة الإسلاميّة قد سرقوا وجهك! فالوحوش والشياطين لا تسرق إلاّ الوجوه المشوّهة بفعل ما عراها طويلاً من عبوس! وإذا كنت تريد أن تعرف كيف لا تنجب مستقبلاً مثل هذه الوحوش، فسأقول لك إنّ الأمر بسيط وصعب في نفس الوقت. لا بدّ أن تبدأ بإصلاح التعليم الذي تعطيه أطفالك برمّته، أن تصلح كلّ مدرسة من مدارسك، وجميع أمكنة المعرفة والسلطة. أن تصلحها من أجل إدارتها حسب مبادئ كونيّة (حتى ولو لم تكن أنت الوحيد الذي يخرقها أو يستمرّ في تجاهلها): حرّية الضمير، والديمقراطيّة، والتسامح، وحقوق المواطنة لجميع تنوّعات رؤى العالم والمعتقدات، والمساواة بين الجنسين وتحرير المرأة من كلّ وصاية ذكوريّة، والتفكير وثقافة النقد الديني في الجامعات، والأدب، والإعلام. لن يمكنك أبداً الرجوع إلى الوراء، ولن يمكنك أبداً أن تفعل أقلّ من ذلك! لن يمكنك أبداً أقلّ من أن تُنجز ثورتك الروحيّة في أكمل صورها! هذه وسيلتك الوحيدة كي لا تُنجب مثل هذه الوحوش، وإن لم تفعل ذلك فإنّ قوّتها التدميريّة ستكتسحك قريباً".
7.
هذا هو الباب المفتوح أمام انهيار الإسلام من الداخل: القيام بـ"ثورة روحية" بدلاً من "اللجوء مراراً وتكراراً إلى سوء النيّة والعمى المتعمّد".
هكذا يختم عبد النور بيدار – المفكر المسلم تصوراته عن وجه الوحش الذي يستحوذ على الإسلام والطريق إلى التخلص من إنجاب الوحوش.

ملحق: 

التوحش: كيف فقدَ المسلمون الشعور بالذنب؟


عندما يغيب الشعور بالذنب!
أحد أهم أسس فلسفة الأخلاق عند البشر هو الشعور بالذنب عند ارتكاب جريمة أو فعل سيء إزاء الآخرين. وإن مثل هذا الشعور ليس من طبيعة الذئاب (والحيوانات بصورة عامة).
فكيف حدث أن فقدت القبيلة التي نتحدث عنها هذه الطبيعة الإنسانية واندمجت بالذئاب في كلٍ واحدٍ من غير انفصام؟
كيف حدث أن تخطت الحدود الفاصلة ما بين "الآدمية" والحيوانية؟
وَمَنْ هو (أو مَا هو الشيء) الذي جعل هذا التخطي ممكناً؟
1.
إنه "الله"!
كيف حدث هذا؟
ترى قبيلةُ التوحش بأن وجود الإنسان مرادف للعبودية: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"!
والعبد، في ثقافة العبودية، من غير روح – فهو جزء من الممتلكات. والشيء المُمْتَلكُ من غير إرادة؛ والإرادة هي القوة الداخلية التي يقبل الإنسان أو يرفض أفعالاً محددة يقوم بها هو بنفسه أو ما يقوم بها الآخرون.
لقد استطاع الله أنْ"يَنْسَخ" الشعور بالذنب عند القبيلة ويحل محله الإيمان والجهاد. فتجد الأفعال الموجهة ضد الآخرين، ومهما كانت النتائج الحاصلة من هذه الأفعال، استحساناً من الله – أي من الفكرة التي يخضع لها أفراد القبيلة!
2.
"وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلاَلُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال"!
وهذا يعني بأن البشر (ولن نتحدث عن الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ!) عبيد "لله". ومن هنا تنبع مشكلة تكاد لا حلَّ لها:
من هو الذي يطبق "إرادة" العبودية ويسهر على تنفيذها؟
فمن الحقائق التي لم تعد سراً على أحد أن هذا "الرب" عاجز حتى عن الدفاع عن نفسه ووجوده. وقد أوعز هذه المهمة للبشر. وهذا يعني أنَّ فرض العبودية وتطبيق "قوانين الله" ستكون مهمة بشرية. وتصبح العبودية عبودية لبشر!
3.
وهكذا رجعت القبيلة ملايين السنين إلى الماضي السحيق من تاريخ الإنسان الذي لا يُستبعد أن يكون الإنسان قد مرَّ فيه بفترة ما باعتباره من آكلي لحوم البشر!
إلَّا أن هذا "النكوص" تحول إلى شرع يرتدي مسوح الإيمان والتقوى ولم يعد الفرد يميز ما بين أصوله البشرية وانعدام الشعور بالذنب.
الآن لم يعد ثمة فرق ما بين أفراد القبيلة والذئاب:
لقد تحول "التوحش" إلى ثقافة يومية تسعى القبيلة إلى نشرها وتدريسها في المدارس الحكومية.
إنه التوحش!
4.
فما هي مظاهر غياب الشعور بالذنب؟
أولاً: المعصومية
إنَّ الحركات الإسلامية المدعومة بطرق مختلفة من قبل مراكز السلطة الإسلامية بالسر أو بالعلن (حكوماتٍ ومؤسساتٍ دينية) تعتبر نفسها معصومة عن الخطأ وإن تصوراتها وقراراتهم مقدسة.
"هي لا تفقه الاختلاف في الرأي، ونظرية احتكار الرأي، وعدم السماح بظهور أي رأي آخر يعارضها، وتسفيه الرأي الآخر وتحقيره، بل وعقاب صاحبه، ثم رفض الحوار مع الرأي الآخر، ورفض سماع أدلته وبراهينه؟!"[1]
[ملاحظة: إن موضوع رفض الرأي الآخر الذي يتحدث عنه الكاتب يتعلق بالرأي الإسلامي!]
5.
هذا هو الفكر الإسلامي المتسيد بقوة السلاح والمال والإعلام والذي يستند إلى "الرسالة الإلهية". وهذا هو الفكر الذي صنع ثقافة التوحش التي يتداولها اليوم كتاب المنتديات الإسلامية أو المنتديات التي يشترك بها المسلمون الدعاة.
فإذا كان هذا الفكر يحتكر الرأي حتى على حساب المسلمين الآخرين فما هي علاقته بالآخر المختلف عنه تماماً ديناً ودنيا؟
إن "وهم الحق المطلق" الذي يعتنقه المسلم المسيس يبرر أفعاله وأقواله. بل حتى الكذب والخداع يمكن تبريره طالما يخدم "الدعوة"!
ثانياً: الرؤية الدوغمائية للتاريخ:
إن المسلمين الدعويين ينتقدون الحاضر من وجهة نظر الماضي. غير أن "الماضي" هذا هو افتراض عن “ماضٍ" مقتبس من "النصوص"!
6.
إنهم يتجاهلون التاريخ بالكامل صانعين عنه صورة "وردية" لا وجود لها إلا في رؤوسهم [أنظر: المسلمون والفِكْرُ "الاهْتِشَاشِيُّ": ثقافة الأوهام والرغائب]. فهم حين يتحدثون عن "الحرية" و"حرية الرأي" و"الديموقراطية" فإنهم ينطلقون من تلك الصورة "الوردية" التي في رؤوسهم. بل وحتى عندما يتحدثون عن "العدالة الاجتماعية" – وهو موضوع لا يملون من الادعاء به مثلاً فإن حديثهم يجيء " مليئاً بالآيات والأحاديث النبوية التي تدعو إلى تلك العدالة، أو التي تقبل التفسير بهذا الاتجاه. وهي تقف عند هذا الحد، وتتصور أنها قد أثبتت بذلك قضيتها الرئيسية، وهي أن الإسلام يدعو إلى العدالة الاجتماعية، وأن هذه العدالة الاجتماعية تتحقق في الإسلام خيراً مما تتحقق في أي نظام آخر"![2]
والرد المعاصر النموذجي اللاهوتي على هذه الحقيقة المُرَّة هو الهروب نحو التفسير الدوغمائي الساذج بكون فشل تحقق القيم الإسلامية "المُفْتَرَضَة" على أرض الواقع هو أمر لا يمس "الجوهر".
7.
ولكن إذا كان هذ "الجوهر" الذي يدعون بوجوده قد ظل طوال حقبة تاريخية طويلة غير متحقق، فألا يدعونا هذا إلى الشك العميق في إمكان تحققه في عصرنا الحاضر؟[3]
غير أنهم عاجزون عن رؤية هذه المفارقة. والطامة الكبرى هي أنهم وفي الوقت الذي يقرون بفشل القيم الإسلامية على مستوى التطبيق (وليكن بسبب التطبيق الخاطئ!) فإنهم ينظرون نظرة تقديس إلى الماضي بكامله: رجالاً وأحداثاً وقرارات!
فهل كان سبب فشل الإسلام هو التطبيق الخاطئ أم أن التطبيق "الخاطئ" هي الصيغة الوحيدة للإسلام؟
8.
ثالثاً: الفكر الانتهازي والتبريري:
من مظاهر "الصورة المثالية لمهمات إدارة التوحش التي نرومها" يقول مؤلف كتاب "إدارة التوحش":
" تأليف قلوب أهل الدنيا بشيء من المال والدنيا بضابط شرعي وقواعد معلنة بين أفراد الإدارة على الأقل"![4]
وفي مكان أخر وبصدد سياسة " إدارة التوحش" إزاء "القوى" الأخرى يقول الكاتب:
"فِهْم قواعد اللعبة السياسية للمخالفين والمجاورين والتعامل معها بالسياسية الشرعية".[5]
هنا يكشف المؤلف بوضوح كامل كيف يمكن اختلاق "الضوابط الشرعية" لتبرير إجراءات لا علاقة لها بالشرع (من وجهة نظر الكاتب). بل وهو يمضي إلى أبعد من هذا حيث يتم نشر هذا "النفاق الفقهي" بين أفراد الإدارة حتى يكونوا على علم بالموضوع – أي حتى لا يتفاجؤون!
9.
إن "الصناعة الفقهية" الإسلامية كانت ولا تزال تقوم بعمليات تبرير شاملة لكل الجرائم التي حدثت في الماضي ولا تزال تحدث.
فصناعة "الضوابط الشرعية" في الإسلام تُنْتَجُ على طريقة الـ"mass production" بكميات تجارية! ومن ثم يأتي دور التأسيس: "آية" من هنا و"حديث" من هناك فيتم التحريم والتحليل باسم "الله" – "الذي لا إله غيره!".
هذه اللعبة الفقهية تجعل من أفعال الإنسان وظيفة دينية. وهي لذلك تفقد طابعها الشخصي – الإنساني.
وهذا ما يجعل الفرد "المؤمن" أن يقوم بأبشع الأفعال طالما تبررها "الضوابط الشرعية"!
10.
رابعاً، العنف:
بصدد تحليله لأسباب نجاح حركة العباسيين وفشل حركة النفس الزكية فإن مؤلف "إدارة التوحش" يخلص إلى سبب واحد أساسي (وهذا ما يكشف جهله التاريخي) وهو أن العباسيين قد استخدموا "الشدة" بينما النفس الزكية استخدم "الرخاوة واتقاء الدماء من الآخرين". [6]
وهكذا، يقول مؤلف إدارة التوحش" فَهِمَ الصحابة رضي الله عنهم أمر الشدة، وهم خير من فهم السنن بعد الأنبياء، حتى أن الصديق وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما مارسا التحريق بالنار"![7]
وإن ممارسة العنف (وقد كان "الصديق!" وعلي بن أبي طالب المثال) تستند بالنسبة لهم إلى تقاليد نبوية. فنقلاً عن ضرار بن الأزور وهو يصف محمداً:
" فما رأيت أحداً ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم أملأ بحرب شعواء من أبي بكر، فجعلنا نخبره – أي أخبار الشر عن الردة وعظمها – ولكأنما نخبره بما له لا عليه، وكانت وصاياه للجند تدور حول جز الرقاب بل هوادة أو تباطؤ، حتى أنه رضي الله عنه حرَّق رجلاً يسمى إياس بن عبد الله بن عبد يا ليل ويلقب بالفجاءة".
إذاً ليس ثمة شخص أكثر عنفاً وقدرة على الحرب الشعواء من أبي بكر غير محمد!
وقد رأينا ورأى العالم أجمع ما قامت به الدولة الإسلامية في سوريا والعراق من بشاعات لا ترتكبها حتى الحيوانات المتوحشة.
11.
هذا هو الخزين الذي لا ينضب للقسوة والإرهاب والكراهية الإسلامية ضد الآخرين:
إنه الله.
وهو يستند بالكامل إلى كتاب محمد المقدس من قبل الجميع.
فهل ثمة فعل أو عقيدة أو رأي أو تصور لاهوتي يقوم به المسلم من غير أن يستند فيه إلى هذا "الكتاب"؟
وإذا ما خلا هذا "الكتاب" لما يسعون إليه فإنهم "يولون" وجوههم شطر مصنع "الأحاديث"!
لقد كشفت داعش بالقول والفعل عن الوجه الحقيقي للدولة الإسلامية "الحقة" فيما إذا يمتلك المسلمون السلطة المطلقة:
أعمال العنف الشامل وعمليات الاغتيال والخطف وأخذ الرهائن والتفجيرات الانتحارية واسترقاق النساء والأطفال وارتكاب شتى البشاعات والجرائم التي لم ترتكب في أي حرب سابقة وتدمير آثار الثقافة الإنسانية والمتاجرة بالسلاح وسرقة أموال دول أخرى وجز رؤوس الأبرياء والاستحواذ على أملاك الآخرين "المسلمين" وتهجير مئات الآلاف من السكان المدنيين و .. و .. ....
12.
إن القساوة و"الشدة" التي تصرفت بها داعش في العراق وسوريا ضد المختلفين معهم، وحتى المسلمين منهم، ليخجل منها أي ضمير إنساني.
ليس ثمة "تأنيب ضمير" ولم يتوقف مرتزقة داعش أمام أية قيم إنسانية للوصول إلى أهدافهم الشخصية والدينية. لقد خرقوا كل القيم ومثلوا بجثث القتلى وقطعوا رؤوس الأبرياء بالسيوف وهم يتضاحكون صارخين بأعلى أصواتهم: "الله أكبر"!
إنهم جنود التوحش الإسلامي – قبيلة التوحش المعاصرة التي ترفع عالياً علم الله الأسود!
وما الوحشية التي تعرض لها المعلم الفرنسي يوم الجمع الماضي إلا تعبير ساطع عن ثقافة التوحش التي تهدد حياتنا بالخطر.


[1] [الحركة الإسلامية: رؤية نقدية، مجموعة مؤلفين، لبنان 2015]
[2] الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصرة، د. فؤاد زكريا، القاهرة 1986
[3] المصدر السابق.
[4] إدارة التوحش، ص 18
[5] [6] [7] المصدر السابق ص 20

اقرأ أيضاً:
قبيلة الذئاب

الرد اللا-إسلامي على رسوم Charlie Hebdo؟

لوحة جدارية لضحايا الأرهاب الإسلامي من رسامي صحيفة Charlie Hebdo

الكل يعرف ماذا حدث في مكاتب صحيفة Charlie Hebdo الأسبوعية الساخرة الساعة 11:30 صباحًا بتوقيت باريس يوم الأربعاء في السابع من كانون الثاني عام 2015:خلال الاجتماع الأسبوعي للصحيفة اقتحم ثلاثة رجال ملثمين مدججين بالأسلحة ثم أطلقوا النار على الحضور. وقد راح ضحية هذه المجزرة: اثنا عشر شخصًا - ثمانية صحفيين، بينهم أربعة رسامي كاريكاتير مشهورين. كما تم إطلاق النار على ضابط للشرطة.
ومع إطلاق النار كان الملثمون يصرخون:
"الله أكبر"!
هذا هو الرد الإسلامي على نشر رسومات، يعتقد المسلمون، بأنها مسيئة لنبيهم في القرن الحادي والعشرين!
فماذا كان الرد المسيحي واليهودي على رسوم "معادية!" للمسيحية واليهودية!
1.
في مقال تحت عنوان: " خاضت Charlie Hebdo قضايا قانونية مع المسيحيين أكثر منها مع المسلمين" يقول المؤلفان بأن Charlie Hebdo لم تكن معادية للإسلام بقدر ما هي مناهضة للدين والمؤسسات الدينية بصورة عامة. وهذا هو حقها المشروع في أن تكون لها موقف معارض للدين.
فقد رُفعت ضد المجلة 13 دعوة قضائية من قبل المنظمات الكاثوليكية بينما لم ترفع ضدها غير دعوى واحدة من قبل جهة إسلامية!
وهذا ما يكشف عن عدد المرات التي تعرضت الكنيسة الكاثوليكية للنقد من قبل الجريدة.
2.
يقول Gerard Biard ، رئيس تحرير مجلة Charlie Hebdo :
"في كل مرة وعندما نرسم فيها رسماً كاريكاتورياً لمحمد، وفي كل مرة عندما نرسم فيها رسما كاريكاتورياً لنبي؛ وفي كل مرة عندما نرسم فيها رسما كاريكاتورياً للإله، فإننا ندافع عن الحرية الدينية".
والمبدأ الذي تستند إليه الجريدة هو معارضة أن يكون "الله" شخصية سياسية! وبكلمات أخرى فإن الجريدة تناضل ضد ربط الدين بالسياسة.
ويرى Gerard Biard بأن الدين لا يجب أن يكون حجة سياسية. ففي اللحظة التي يتحول فيها الإيمان والدين إلى سياسة فإن "لدينا مشكلة". ولهذا "فإننا نشعر بالقلق ونهاجم. ثم نرد لأننا مقتنعون بأن الدين لا مكان له في الساحة السياسية. لأنه بمجرد أن يُدْخِل الدين نفسه في الجدل السياسي ، يصبح الجدل السياسي شمولياً ". [المصدرالمصدر]
ولهذا فقد قامت الجريدة بنقد الأديان ولم تكن لا المسيحية واليهودية خارج هذا النقد.
3.
إن هذه الحقائق تكشف عن كون Charlie Hebdo لا تحمل موقفاً خاصاً من الإسلام ولا تسعى إلى شن حرب ضد الإسلام. فما قامت بنشره من أعمال كاريكاتورية لا يشكل غير مواقف عامة بصدد ما يحدث في أوربا من عمليات إرهاب إسلامية. بل إن ما تنشره من رسوم معلقة فيها على الثقافة الإسلامية المعادية للآخرين هو عملياً شيء بسيط للغاية بالمقارنة بما يقوم به المسلمون من عمليات إرهابية في أوربا.
4.
وقد نشرت Charlie Hebdo الكثير من المقالات الحادة والصريحة على صفحاتها الأولى "ضد" الكنيسة الكاثوليكية والتي يمكن توصيفها من قبل المسلمين باعتبارها معادية للمسيحية وللمسيح وللبابا وكل ما يؤمن به المسيحي، فما هو موقف الكنيسة الكاثوليكية من هذه المنشورات؟
هل هاجمت مجموعات مسيحية بالقنابل مكاتب المجلة؟
هل قام متطرفون مسيحيون بإعدام رسامي المجلة في الشوارع؟
هل خرجت مظاهرات وعمليات عنف في شوارع أوربا؟
الكل يعرف أن الجواب سلبي. فالشيء الوحيد الذي قامت به الكنيسة الكاثوليكية هو استخدام الوسائل القانونية المعترف بها حضارياً في إطار الدول المتقدمة: وهي رفع دعاوي قضائية ضد المجلة وهذا هو حقها الشرعي.
5.
أما ما يتعلق باليهودية فإنه لم يتعرض كتاب "مقدس" للنقد والتشريح والتحليل في أوربا مثلما تعرض له "العهد القديم" - كتاب اليهود المقدس!
فالنقد التاريخي الذي بدأ منذ القرن الثامن عشر لم يكتف بسلب التوراة قدسيته فقط، وإنما قام بإعادة الجزء الهام من التوراة إلى أصوله السومرية والبابلية!
بل أن فرويد توصل في بحثه إلى أن"موسى" لم يكن عبرياً بل مصرياً من الطبقات الوسطى.
ولم يتوقف هذا النقد لا على المستوى الأكاديمي ولا على المستوى الشعبي.
وإن اليهودية لم تسلم من ريشة Charlie Hebdo في مناسبات مختلفة ولأسباب مختلفة. لكننا، وكما حدث مع الكنيسة، لم نشاهد عمليات إرهابية يهودية ضد جريدة Charlie Hebdo !
حول معارضة الكنيسة الكاثوليكية لزواج المثليين ، تظهر الأب والابن والروح القدس]
[القصة الحقيقية للطفل يسوع: ما لم يجرؤ قسيسك على إخبارك به تم الكشف عنه أخيرًا في هذا الإنجيل الجديد وفقًا لريس [رسام الكاريكاتير]. لأنك تعلم أن الطفل يسوع كان ابنًا للخطيئة . . .]
[بابا "مودرن": "مرحبًا ، يا إلهي ، هل لديك أي شامبو؟ ... . .]
[أساقفة بيدوفيلي: "أصنعُ أفلامًا ، مثل بولانسكي ..."]






هل ذُبِحَ المعلم الفرنسي من قبل المشيئة الربانية الكونية أم الشرعية؟

المعلم الفرنسي صمويل باتي


[ المعلم الفرنسي صمويل باتي]
1.
من سخرية القدر ونحن نناقش هذه الأيام موضوع " الرد على شبهة تنزيه "الله" عن الشر" وفي الوقت الذي يرى أحد المسلمين بأن "الله" هذا منزه عن إحداث الشر في العالم – في هذا الوقت بالذات (بعد ظهر يوم أمس) قام أحد المسلمين بقطع رأس صمويل باتي [المعلم الفرنسي في مادة التاريخ والجغرافية] في مكان ليس بعيداً عن المدرسة في إحدى ضواحي باريس مبرهناً على مشيئة "الله" - ولكن أي مشيئة: الكونية التكوينية أم الشرعية الدينية[هذه من خزعبلات الشيعة لغير المطلعين]؟!
هل صرخ هذا الوحش المعاصر: "الله أكبر"!
لا أشك بذلك.
وهل أصبح "الله" المتوحش أكبر مما كان؟
أشك بذلك.
بل هل هو كبير حقاً؟
لا أشك بأن الجواب سلبي تماماً!
2.
ليس من المهم من هو المسلم الإرهابي (في هذه الحالة لاجئ من الشيشان) وليس من المهم من هو ضحية الإرهاب (في هذه الحالة معلم فرنسي) – إن المهم والذي سيبقى دائماً خطراً يهدد وجودنا السلمي هو الفكر الإرهابي الإسلامي الذي يُغذى بالسر والعلن من قبل مراكز السلطة الإسلامية السلفية.
3.
كلنا نعرف من أين ينبع مستنقع الإرهاب!
كلنا نعرف من هم شيوخ أيديولوجيا الإرهاب الذين يحظون بثروات النفط وبأدوات تنظيمية توفرها لهم دول النفط مثلما توفر الإمكانيات لنشر العنف بوسائل مختلفة ولأهداف مختلفة لكن الوجه واحد:
التوحش!
4.
سوف تفتعل مراكز سلطة الإرهاب أسباباً تسوغ هذا الفعل الفظيع:
سوف تقول إن صمويل باتي قد حرض على هذا الفعل بسبب أساءته لمحمد!
وسوف تقول إن هذا عقاب "الله"!
والسؤال الذي طالما يطرحه الناس:
أي دين هذا الذي يعجز عن الصمود أمام النقد؟
أي رب هذا الذي يتعرض للتلف من أي قول ينكره أو أي نقد يوجه إلى غيابه؟
وأي نبي هذا الذي لا يقوى على الوجود إلا بتصديق الناس لنبوته؟
إنها مهزلة من طراز عربي مبين!
5.
هذه هي مهزلة الفكر الشمولي الإسلامي:
لا رب إلا هو!
ولا نبي إلا هو!
ولا عبيد إلا هم!


وودي ألن: إذا كان الله موجوداً، فإنني آمل أن تكون لديه حجة جيدة!

Woody Allen
1.
السؤال الجيد يتعلق بقضية "حقيقية" لا يكتفي وجودها لكي تكون "حقيقة"!
و"وجود الله" – أو عدم وجوده قضية حقيقية [لا علاقة لها بوجوده من حيث المبدا].
وتصريح وودي ألن: إذا كان الله موجوداً، فإنني آمل أن يكون لديه تبرير جيد" يتضمن سؤالاً مستتراً وهو:
فيما إذا كان الله موجوداً!.
2.
لكننا حالما نستعد للإجابة نصطدم بمشكلة تختفي خلف مفهوم "الله". وسيكون هذا السؤال "الجيد" سيئاً للغاية إذا ما افترضنا أنَّ مصدر الإجابة سيكون "الله" نفسه!
ففي السؤال "مصيدة" لم تكن تعني وودي ألن – ما كان يهدف إليه من وراء السؤال القول: بإن الله لا تبرير لديه لكل ما يحدث من مآسي في هذا العالم. إنه سؤال لا يبحث عن إجابة بل هو يقرر غياب الله.
وإذا أردنا أن نجيب على السؤال فإن المجيب، في كل الأحوال، ليس "الله"!
3.
و"المصيدة" التي أتحدث عنها هي أن "الله" فكرة – والفكرة لا تجيب عن نفسها.
إذن، السؤال موجه إلى صاحب الفكرة:
البشر!
نحن الذين "خلقنا" الله بأنفسنا، ومن ثم ادعينا أنه "خالقنا"!
ولهذا علينا الإجابة على السؤال المتعلق باحتمالية توفر تبرير جيد.
4.
هذه قضية لا مثيل لها في تاريخ البشر الحافل بالقضايا:
إنها شيزوفرنيا وجودية تعاني منها البشرية وستظل تعاني منها حتى تكتشف أن فكرة "الله" صناعة قامت بها "الذات" الأخرى المنقسمة.
فتَرَسُّب أحداث الماضي في قعر الذاكرة وموت تفاصيلها يجعل البشر لا يصدقون خرافاتهم فحسب، بل ويضفون عليها قدسية وخصائص تفصلها عنهم – هم الذين خلقوها في لحظة غابرة من التاريخ.
والآن أي "الذاتين" صنعت الخرافة وأيهما آمنت بها؟
5.
إذن هو تساؤلاً بلاغياً rhetorical يحمل الإجابة في داخله:
لا وجود "لله" ولهذا لا وجود لأي حجة على وجود آلام البشر من خارج حياة البشر نفسها.
هنا الإجابة: 
على الأرض ولا شيء في السماء غير الطائرات والأقمار الصناعية وأحجار النيازك وبقايا المركبات الفضائية المتهشمة . . .


الأدلة الوهمية على صدق محمد [4]: أساطير الشخصية المحمدية















1.
الدليل الوهمي السادس:
أذكاره وتبتُّله وعبادته لربه

جميع الذين يؤمنون بالغيبيات يتعبدون ليل نهار خائفين من ذنوبهم ومن وسواس الشيطان. وهذا ما يفعله رجال الدين في جميع الأديان. ولا يتميز محمد (كعابد غيبيات) عن أي عابد من الذين يؤمنون بأرباب وغيبيات.
فنحن نعرف تعبد الكهنة المسيحيين في الأديرة ليل نهار وامتناعهم عن الكلام؛ وتعبد البوذيين والهندوس؛ وتعبد اليهود وغيرهم من أصحاب الأديان.
لكن:
وخلافاً لجميع هؤلاء المتعبدين فإن لمحمد تسعة نساء يعاشرهن كل ليلة ويخوض الحروب ويعاقب الكافرين!
أما "أحاديثه" عن الطعام وتفضيله لأنواع مختلفة وكثيرة من المأكولات وتفضيله للطيب وأنواع مختلفة من عطور ذاك الزمان فإنها تلغي أي ادعاء بالتبتل والعبادة والتقشف.
2.
الدليل الوهمي السابع:
التكاليف في الإسلام:
النفس البشرية بطبعها لا تحب تكاليف تُقلق راحتها، وتقف ضد شهواتها، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أتي ببعض التشريعات التي قد تستصعبها بعض النفوس؛ لأن الغرض هو تطهير هذه النفوس وتزكيتها، ووصلها بربها، واختبارها عن طريق هذه التكاليف. ففرض عليهم الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة، ولو جاء أحد من الأدعياء، فقد كان يكفيه أن يجعل الصلاة فرضًا واحدًا، أو يجعل الصلاة في صورة دعاء وابتهال بلا ركوع أو سجود، وبلا وضوءٍ، كما عند كثير من طوائف النصارى، أما أن يفرض عليهم خمس صلوات، وخاصة صلاة الفجر بما فيها من مشقة الاستيقاظ من النوم، ومغالبة سلطانه، ويفرض عليهم الوضوء بما فيه من مشقة، وخاصة أيام الشتاء، ويوجب عليهم حضور الجمعة والجماعات، فهذا ليس مسلك من يريد إرضاء الناس وإراحتهم، حتى يتبعوه

هذا من الأدب التخريفي الديني المثير للضحك - ليس عما يقولون وإنماعلى حال المسلمين في آن واحد!
إنه خلاصة لعقل ساذج لا يرى الحقائق المختفية حول الظواهر ولا يرى أية علاقة ما بين العلة والمعلول. فالحوادث والأسباب ووصف العابر وتجاهل الأساسي مخلوطة بالخلاطة الكهربائية يفقد الواقع صورته وحقيقته:
أولاً، مهما قرر محمد ومهم فكر واعتقد فإن الناس (أغلب الناس) لا يصلون – لا في الماضي ولا الآن. وقد ظهرت في الماضي الكثير من الصيحات ضد الطقوس الإسلامية الفارغة من المعنى سواء من قبل الصوفية أو من آخرين.
ثانياً، كلنا نعرف الآية التالية:
"قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ"
فمحمد يعرف "الأعراب" جيداً (وهم الغالبية الكبرى من المسلمين وهم الذي تمردوا دائماً على السلطة الإسلامية) وقد خبرهم بما يكفي لكي يقول لهم بأنهم لا يؤمنون بالإسلام. وقد كانوا ولا يزالون أبعد ما يكون عن أداء الطقوس والفروض. فكم هو عدد الأعراب؟!
ثالثاً، كل من عاش في مجتمع إسلامي يعرف جيداً كم من المسلمين يؤدون الفروض الإسلامية التي أرادها منهم نبيهم!
إن أداء الفروض من قبل المسلمين هو واحدة من الأوهام التي لا وجود لها إلا في عقول كتبة الشخابيط. فهل كتبة الشخابيط يجهلون كيف يقوم شرطة "هيئة المعروف والنهي عن المنكر" في السعودية [من أكثر المجتمعات الإسلامية تطرفاً في إيمانهم] بمطاردة الناس وقت الصلاة وإجبارهم على غلق محلاتهم والهرولة إلى الجوامع!
رابعاً، إلا يعرف الجميع التكرار الممل في الدروس والخطب في الجوامع وآلاف المقالات في الصفحات الإسلامية والمنشورات الدعائية للحديث عن: عقوبة تارك الصلاة؟!
من أبسط الحقائق المنطقية هي أن الحديث عن العقوبات في مجال ما يعني وجود ظاهرة خرق القواعد في هذه المجال. والحديث عن عقوبة تارك الصلاة لا يعني إلا أن الناس لا تقوم بهذه الفروض الفارغة من المعنى.
ولكن ما هي الأسباب التي دعت محمد إلى فرض الطقوس على المسلمين كالصلاة خمس مرات في اليوم؟!
الإسلام كعقيدة وبسبب الأصول الحربية لتأسيسها فإنها تشكل نوعاً من التنظيم الهرمي: خرافة فكرة "الله" في الأعلى والناس في القاعدة. وما بين فكرة "الله" والناس ثمة تدرجات تبدأ من محمد وتنتهي بأئمة الجوامع. وما بين الدرجتين الأخيرتين يقع رجال اللاهوت (الأئمة والخلفاء والشيوخ وغيرهم) الذين يشكلون مفاصل هامة في هذا التنظيم.
ولكل تنظيم لابد من آلية لإقرار الوفاء من الأسفل إلى الأعلى. فما هي هذه الآلية التي يتم عن طريقها إقرار الوفاء لهذا التنظيم؟
أنها الطقوس وبشكل خاص الصلاة اليومية – وبشكل خاص الخاص: صلاة الجمعة!
فالصلاة هي الوسيلة التي يضمن الإسلام بها (والأمر يتعلق بسلطة رجال الدين) ارتباط الناس بالدين. فهي الأداة التنظيمية التي تجعل الفرد على التزام يومي بتقديم فروض الطاعة والوفاء للسلطة الإسلامية التي تمثل "الله".
أما صلاة الجمعة فهي المعادل الديني الإسلامي عن مسيرات التحشيد السياسية التي قامت بها السلطة السوفيتية منذ البداية والتي قامت النازية باستعاراتها فيما بعد ووصلت بها إلى مستوى العروض الهائلة. فقد كانت مهمة هذه المسيرات التحشيد والتعبير عن فروض الوفاء للفوهرر!
ولهذا فإن السلفيون (والسلفيون بشكل خاص) قد جعلوا من صلاة الجمعة تعبيراً أسبوعياً عن التحشيد وتقديم فروض الطاعة للإسلام – أي للسلطة الإسلامية.
3.
الدليل الوهمي الثامن:
حب أصحابه له صلى الله عليه وسلم:
لن تجد في تاريخ البشرية أناسًا أحبوا رجلًا حبًّا استولى على قلوبهم، وملك عليهم نفوسَهم، مثل حب أصحاب النبي.

وهذا الأمر أيضاً من الخرافات الأدبية الإسلامية. وهي من الخرافات "العاطفية" - أي الميلودرامية حيث تروى الأساطير عن حب الصحابة لمحمد!
لماذا تم صنع هذه الأساطير؟
إن هذا النوع من الأساطير من أهم الأساطير الإسلامية التي تبرر وتدعم – بل وتصنع أسطورة النبوة.
فما قيمة النبي من غير حواريين؟!
بل هل يمكن أن تقنع الناس بوجود نبي له سلطة "إلهية" من غير أصحاب يقدسون عَرَ\َق جسمه وبوله؟
بل أي نبي هذا الذي لم يستطع أن يفرض احترام الناس في زمانه؟
ومع ذلك فإن شيئاً من هذه الأساطير لابد وأن لها نوعاً من الوجود. ولكن كيف يمكن أن نفهم السبب الذي يجعل بشراً يحلمون بتقبيل جسد رجل كهل لا أحد يعرف متى رأى الماء آخر مرة؟
إنه الجهل والأمية والتخلف المطبق!
وهذا صحيح: لن نجد في تاريخ البشرية جهلاً مستشرياً مثلما كان بين العرب في النصف الأول من القرن السابع!
4.
الدليل الوهمي التاسع:
إن حادثة الإفك من أكبر الأدلة على نبوته صلى الله عليه وسلم، ففي هذه الحادثة رمى المنافقون وعلى رأسهم ابن سلول السيدةَ عائشة رضى الله عنها، وكان وقْع هذه التهمة على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم شديدًا، حتى ظلَّ شهرًا كاملًا لا يدري ماذا يصنع، المنافقون يلغون في عرضه، وهو ليس عنده دليل قاطع على براءتها، لذلك أخذ يشاور بعض أصحابه؛ كأسامة بن زيد وعلي بن أبي طالب، وظل على هذا حتى أنزل الله براءتها من فوق سبع سماوات.

هل تمزح يا "راجل"؟!
بل هل تخرف؟
أولاً، هذه الحادثة من أكبر الأدلة على غياب النبوة!
فإنْ كان هناك "في الأعالي يستوي على عرشه رب ما" فقد كان من المنطقي أن يدافع عن نبيه حالاً ويكشف للناس حقيقة الأمر. غير أن "الله" انتظر شهراً كاملاً يؤلف جملاً تقريرية لا يعجز عن كتابتها أي كاتب عدل يجلس أمام المحاكم العربية من نوع:
"إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ والَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ"!
وماذا بعد ذلك؟
ألم تتهمه عائشة بالكذب والتلفيق بقولها هذا:
"ما أرى ربك إلا يسارع في هواك"!
ثانياً، فلماذا كان على محمد أن ينتظر شهراً؟
لأنه يبحث عن "تخريجة" فقهية (وهو أول الفقهاء في الإسلام) لحكاية واضحة لسكان يثرب إلى درجة (وهذا ما يتجاهله كاتب هذه المقالة كائن من كان) أن علي بن أبي طالب اقترح عليه تطليقها. وهذا هو منشأ الخلاف ما بين عائشة وعلي. لأنه الوحيد الذي تجرأ أن يقول الحقيقة وقد كلفته الجرأة هذه معركة الجمل!
فلماذا لم يهجر محمدٌ عائشةَ؟
إنه الحب "يا حبيبي"!
5.
الدليل الوهمي العاشر:
آيات من القرآن الكريم تدل على أنه كتاب ليس من عند البشر:

المسلمون مغرمون بحكاية الطرائف والمُزح!
فهل ثمة عاقل بين عُقَّال الأرض والمريخ يقبل دليلاً من "القرآن" على أن "القرآن" ليس كلام بشر؟
الحق أنني لا أريد أن أصرف جهداً لمناقشة هذه الفقرة. فشبكة الملحدين تتضمن مئات المقالات عن هذا النوع من أوهام الأدلة واقترح على القارئ الاطلاع عليها.
6.
هذه هي الأدلة "المُسَّكِتَة" على "صدق" محمد!
ومن يطالع المنتديات الإسلامية سوف يجد أن هذه الخزعبلات يتم تداولها بـ"قناعة" و"جهادية" عاليتين!
فقد أضحت السذجات والخرافات المحمدية من أكثر المواضيع انتحالاً في الإنترنت حيث يجد القارئ بأن ذات الموضوع يتم نشره  في منتديات إسلامية مختلفة إما بدون اسم وإما تحت أسماء مختلفة من غير أن يدرك أحدهم سخف المكتوب وانحطاطه من الناحيتين الدلالية والمنطقية.

ليس للموضوع بقية.
الحلقات السابقة:










الأدلة الوهمية على صدق محمد [3]: توصيف الماضي من منظور أوهام الحاضر

[أشباح التاريخ الإسلامي]

1.
الدليل الوهمي الثاني:
لو أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان غير صادق في دعوته - وحاشاه - فما الذي يجعله يتحمل كل هذه الآلام التي واجهها، والمشاق التي لاقاها؟ إنه من المعروف أن صاحب المبدأ هو الذي يتحمل الصعاب والعنت في سبيل مبدئه أيًّا كان، أما طالب الجاه والدنيا، فلا يستطيع أن يتحمل الألم والعذاب، ولو تحمَّله سنة فلن يتحمله أخرى؟

أولاً، لا توجد أية علاقة ما بين تحمل الآلام و"عظمة" المبادئ. 
إذ أن تحمل الآلام قضية جسدية تعتمد على القدرات الشخصية (النفسية والجسدية). وإن النضال من أجل مبادئ قد تساعد على تحمل الآلام ولكن إلى حدود معينة.
ثانياً، هناك الكثير من أعضاء عصابات المافيا الذين يصمدون حتى النهاية أمام عمليات الاستجواب البوليسية العنيفة والسجن لسنوات طويلة ورغم ذلك يرفضون خيانة رئيسهم والاعتراف بجرائمه. وإذا ما اعترض أحد بأن سبب صمود أعضاء المافيا وعدم الاعتراف على رؤسائهم هو الخوف فهذا يعني أن الخوف من عوامل الصمود على التعذيب!
كما أن الكثير من المناضلين في أحزاب ثورية لم يستطيعوا الصمود أمام التعذيب البوليسي وفي نهاية الاستجوابات يعترفون على زملائهم رغم "قوة مبادئهم" والإيمان بعدالة قضيتهم.
ثالثاً، تاريخ الإسلام حوادث مختلطة بالقصص والأساطير مروية عبر الأجيال وهي لا تختلف عن المسيحية التي تبتعد عنها كثيراً. ولهذا فإن المسيحية هي الأخرى تروي لنا قصة "المسيح" الذي سار على طريق الجلجلة حتى صلبه متحملاً الآلام ولم يتنازل عن مبادئه. بل الألم الجسدي والروحي الذي تعرض لها "المسيح"[كما ترويه لنا الأساطير المسيحية] لهو آلاف المرات أكبر مما تعرض له محمد على حد زعم القصة الإسلامية نفسها.
رابعاً، إن مبدأ "التقية" يبرر تخلي المسلمين (شفوياً) عن عقيدتهم أمام السلطات لأنه من المعروف ليس كل شخص قادر على الصمود أمام عمليات التعذيب.
خامساَ، لقد تحمل "هتلر" رغم بشاعة عقيدته مختلف الظروف الشاقة والصعوبات منذ انقلابه الفاشل عام 1923 ودخوله السجن حتى صعود الحزب الفاشي إلى الحكم في عام 1928.
2.
الدليل الوهمي الثالث:
إن من يطالع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنه كان أزهد الناس في الدنيا، وأبعدهم عن بهرجها الزائف، ومتاعها الفاني، فلقد كان ينام على الحصير حتى يؤثر في جنبه، وكان يبيت طاويًا من الجوع، حتى إنه لا يجد الدَّقَل، وهو أردأ التمر لكي يأكله، وكان يربط على بطنه الحجر من الجوع، وكان يمر عليه ثلاثة شهور ولا يوقد في بيته نار يطبخ عليه طعامًا، وكان يعيش في هذه الفترة على التمر والماء، وما كان يشبع من خبز الشعير حتى مات، وكان يفرِّق كل مال يأتي إليه، ولا يستبقي له في كثير من الأحيان شيئًا، حتى إنه فزع وتغير وجهُه؛ لأنه نسي أن يوزع سبعة دراهم كانت في بيته، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير، ولم يترك ميراثًا إلا بغلته التي كان يحارب عليها وسلاحه، وأرضًا تركها لابن السبيل صدقة.

إنه من المثير للضحك والهزل عندما يتم الحديث عن زهد محمد!
إن محمداً يمكن أن يسمه المسلمون بأي سمة أخرى ولكن ليس الزهد!!! فالزاهد لا يمكن أن يخوض الحروب؛ والزاهد لا يمكن أن يطالب بالخمس من الغنائم؛ والزاهد لا يضاجع زوجته وهي في حالة الحيض [روى البخاري ومسلم عن عائشة: "كانت إحدانا إذا كانت حائضاً، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها، أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها"!]؛
والزاهد لا يمكن أن تكون له عشرات النساء – وتسع نساء على الأقل يضاجعهن كل ليلة الواحدة تلو الأخرى!
3.
من "حظيرة" الفتاوى الإسلامية:
المسلم يسألم والشيخ المسلم يجيب:
السؤال:
يشكك بعض الملاحدة والنصارى والشيعة في هذا الحديث وللأسف بعض المسلمين ، يدعون ويفترون على أشرف الخلق . مضمون الشبهة يطعن بعض منكري السنة في صحة الأحاديث الواردة في منح الأنبیاء قوة خاصة في الجماع ، من ذلك حديث أنس بن مالك قال: " كان النبي صلى الله علیه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من اللیل والنهار، وهن إحدى عشرة " قال: قلت لأنس: أوكان يطیقه ؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثین "، ويزعمون أن هذا الحديث يعارض القرآن الكريم الذي يبین أنه صلى الله علیه وسلم كان يقضي لیله في القیام والعبادة ، ويقضي نهاره في الجهاد ونشر الدعوة ، ومن ذلك قوله تعالى: (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي اللیل ونصفه وثلثه) . أرجو تفسير الحديث بشكل دقيق ، وهل من تشكيك فيه ؟
الجواب:
أولا : الحديث الذي أشار إليه السائل الكريم ، حديث صحيح ، أخرجه البخاري في "صحيحه" (268) .
ثانيا : في الحديث دلالة على أن وقوع ذلك الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم كان في ساعة واحدة من الليل أو من النهار، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قد أوتي قوة ثلاثين من الرجال في هذا الباب ، فأين الخلل إذا ؟!\
3.
الدليل الوهمي الرابع:
"إعلانه بعالمية رسالته في وقت ضَعفه:
من أول يوم بلغ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم رسالة ربِّه، أعلن أنه رسول للناس كافة، وأن الله عز وجل أرسله رحمة للعالمين، وهنا نتساءل: هل يمكن لرجل أضعف ما يكون وسط قومه يلاقي العذاب منهم، وأصحابه ضعاف لا يستطيعون دفع الضر عن أنفسهم؟ هل يمكن أن يأتي في مُخيلته أو يسبح في خياله أن يقول بذلك، لو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن صادقًا في دعوته، لكان من المنطق أن يحصر دعوته في قومه، أو على الأقل في شبه جزيرة العرب؟"

أولاً، هذه من طرائف الإسلام. وهي ولعهم بتوصيف الماضي بطريقة يخدم الحاضر.
فكتاب محمد نفسه يقول:
- رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(النساء: 165)
- وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ(فاطر: 24)
- وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ(النحل: 36).
فـ"الله" في القرآن يرسل نبياً لكل أمة ولم يقل نبياً لكل الأمم. والعبرة في كلام محمد هو رغبته في توجيه الأنظار إلى نفسه باعتباره نبياً لقريش ومن ثم لقبائل العرب. أما الآية التي يستند إليها المتقولون بعالمية الإسلام":
- وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)
فلا علاقة لها بالعالمية. فمؤلف القرآن غالباً ما يبدأ آياته بـ "يا أيها الناس" ويوجه كلامه إلى "الناس". والناس هنا جميع من يخاطبهم سواء في مكة أو في يثرب.
ثانياً، من أين "لـلناس" – جميع الناس على الأرض أن يفهموا ما يقوله القرآن؟ ألم يتحدث هذا "القرآن" عن النبي العربي والقرآن العربي بلسان عربي مبين؟
فهل هو مبين لجميع الناس؟
وهل كان آنذاك " google translate" يترجم لمختلف "الناس" كتاب محمد؟!
إن العرب أنفسهم – وحتى اللحظة الراهنة لا يفهم أغلبهم هذا "القرآن" فكيف صدَّق المسلمون خرافة صنعوها بأنفسهم أن يكون محمد نبياً لجميع الناس على الأرض؟!
4.
الدليل الوهمي الخامس:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أُميًّا لا يقرأ ولا يكتب، والأدلة على أُميَّته كثير جدًّا، والمقام لا يتسع لذكرها.

لا توجد أية أدلة على أمية محمد نعتد بها غير خزعبلات الحديث وروايات البخاري وأمثاله التي حولت أمية محمد إلى عقيدة دينية وقد تحدثت عنه في موضوعي:


للموضوع بقية:



أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر