منع

قبيلة الذئاب

1.
كما أشرت في أحد المقالات بأن  غلاف كتاب حكايات البشر كان ممزقاً وقد سقطت منه صفحات كثيرة. وما تبقى من حكاية "قبيلة الذئاب" لا يوضح كيف حدث أن تحولت قبيلة بشرية إلى قطيع من الذئاب!
إن قانون التطور الطبيعي يكاد يمتنع عن مساعدتنا في حل هذا اللغز. فثمة فراغ رهيب في المعلومات ما بين زمن انحلال القبيلة وظهور منطق القطيع "الذئبي" لنجد أنفسنا أمام كائنات كانت تسعى على السراط الرهيب الفاصل ما بين الذئب والإنسان لتتحول في لحظة ما إلى هيئة: قبيلة ذئاب!
2.
فهل هذا خلل في نظرية الانتقاء الطبيعي؟
إن مثل هذا الشك سابق للوقت. إذا علينا أن نميز ما بين منطق الواقع الطبيعي ومنطق الحكايات.
وهذا التمييز هو الذي يجعل تطور القبيلة البشرية إلى "قبيلة ذئاب" تطوراً مقبولاً من الناحية المنطقية. فمنطق الحكايات لا يخضع لقوانين الطبيعة بالمعنى الذي يخضع له التاريخ الواقعي.
فتاريخ الحكايات هو تاريخ للخرافات:
إنه المبدأ المقدس: كنْ فيكون!
شيء شبيه بالخلق "الآدمي" والجبال والأنهار والحيوانات – إنها إرادة مقدسة من الخالق "سبحانه" لا تخضع للنقاش ولا الشك!
3.
لا أحد يعرف كيف حصل الأمر.
أخذت قبيلة الذئاب تتوسع، أكلة الأخضر واليابس؛ ازدردت كل الكائنات بشهية وحشية لا حدود لها.
ولم تكتف قبيلة الذئاب بافتراس لحوم الكائنات الأخرى بل أخذت تنهش بعضها لحوم البعض الآخر!




شرعت حربٌ؛ كانت تسمى بمختلف الأسماء – كما يروق لحكماء الذئاب وكلما خطرت على بالهم فكرة ما. كان الهدف الوحيد الذي لا تناقض فيه: هو افتراس جميع الأشياء والناس والحيوانات والكائنات المرئية وغير المرئية، بل وافتراس التاريخ وتقيئه من جديد على شكل "علوم ذئبية" لا بديل عنها ولا خيار.
4.
إنه زمن "التوحش"!
هكذا سموه: الزمن الذي خلطوا فيه الماضي بالحاضر وقرروا اغتيال المستقبل!
فالتاريخ المزيف لا يمكن أن يؤدي إلى نهاية أخرى غير الجحيم.
ولأنهم يكرهون الحياة فقد اكتفوا بحلم الجنة!
كانت ذئاب كجميع الذئاب لا فرق فيما بينهم وبينها. لكنهم كانوا بين حين وآخر يحلمون بجلد الخرفان. تراهم ينظرون بوداعة ولكن حالم تكشف زيف وداعتهم ينقضون عليك ويقومون بافتراسك في لحظة من الزمن تعجز حتى مقايس الوقت المتطورة عن قياسها!
5.
إنهم في كل مكان.
يتناسلون كالأرانب (مع أنهم ألد أعداء الأرانب!).
لا يعرفون الحق؛
ولا يحترمون الوقائع؛
ولا يقدرون قيمة البشر؛
ولا يحترمون المعارف؛
إنهم قطعان ذئاب تبحث عن ضحاياها في كل مكان.
6.
لكن تاريخ هذه القطعان الذئبية قد انهار. وأخذ الداني والقاصي يدرك وجودهم المزيف – بل حتى الأطفال اكتشفوا بأنهم ذئاب وإن ملابسهم مزيفة.
أخذت شمس الحقيقة تشتعل في أوهامهم وأخذ الدخان يتصاعد من كل مكان.
كانت مدنهم تشتعل.
والأرض تحتهم تميد: فقد قرر الكثير من فتيانهم مغادرة القطيع والبحث عن عالم أفضل.
قد يكون باستطاعتهم صنع ماضياً مزيفاً ولكنهم عاجزون عن صناعة المستقبل.
إنهم في نفق مظلم وهن يتساءلون دوماً: والآن إلى أين؟
لقد انهار التاريخ المزيف والآن آن أوان الحقائق المُرَّة!


للموضوع بقية إن تطلب الأمر . . . .

اقرأ أيضاً:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر