منع

الدين والكذب: ليس حبل الكذب قصيراً

1.
ليس حبل الكذب قصيراً كما يُقال!
هذه هي الحقيقة المؤسفة:
الحق أنَّ حبل الكذب طويلٌ – وطويلٌ جداً حتى ليبدو وكأنَّ لا نهاية له!
فعندما يتحول الكذب إلى "موقف ديني" أو ينطلق من قاعدة الإيمان الديني فإنه – كما يبدو – لم يعد "كذباً" – بل يتحول إلى "دفاع" مقدس عن هذا الإيمان!
فتاريخ الكذب الإسلامي الذي طال أكثر من 14 قرناً وعلى جميع المسويات لم ينته ولا يبدو أنه سينتهي قريباً. فالمسلمون مستمرون على الكذب - إنْ تطلب الأمرُ، طالما استحال الدفاع عن "العقيدة" إلى قضية حياة أو موت في ظل غياب الحقائق.
2.
الدين والكذب:
أُجريت في جامعة رجينا (University of Regina) على 400 طالب من السنوات التمهيدية في الاقتصاد دراسة حول الكذب. وقد تبين أنَّ من بين المجموعات الأكثر عرضة للكذب هم الطلاب الذين يشكل الدين بالنسبة لحياتهم أهمية كبيرة.
الحق أنَّ هذا الأمر لا يدهشني!
لكن الشيء المثير للاهتمام هو التفسير السيكولوجي الذي تقدمه الدراسة لهذا الميل:
إن وجود المتدينين في جامعة علمانية وانفصالهم عن الوسط المحيط بهم يجعلهم أقلَّ اضطراراً في أن يكونوا صادقين مع الآخرين.
بكلمات أخرى لا يجد "المؤمن" ضرورة لقول الصدق في وسط علماني!
والآن على القراء أنْ يفكروا جيداً في سلوك مسلمي المنتديات:
هل اعترف أحدهم يوماً بحقيقة "مُرَّة" تتعلق بتاريخ الإسلام، بتناقضات وأخطاء كتاب محمد العلمية واللغوية والتاريخية وسخافة موضوع الإعجاز؛ بآلاف الأحاديث السنية والشيعية المختلقة والمضحكة والمثيرة للفضائح والسخرية؛ وهل اعترفوا بما قام به المسلمون ولا يزالون يقومون به من استبداد ونفي ورفض وإقصاء وتكفير للآخرين المخالفين لهم؛ وهل اعترفوا بعدائهم للأديان الأخرى؛ بقوانينهم المجحفة بحق المواطن الذي يرفض عقيدتهم؛ بمواقفهم الإرهابية إزاء الملحدين؛ بجرائم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا؛ بالعمليات الإرهابية الموجهة ضد الأبرياء في المدن الأوربية والعربية؛ وأخيراً وليس آخراً بأطنان الشتائم الموجهة ضد المخالفين والرافضين لهم والملحدين وأعراضهم والتشكيك بشرفهم وأخلاقهم؟
الجواب: لا.
بل هل اعترفوا اعترافاً صادقاً وحاسماً بأنَّ الأرض كروية تدور حول الشمس التي تقف في مكانها ثابتة منذ أنْ ظهرت ولا تتنزه أو تسافر أو تغرب في "عين حمئة"؟!
3.
إذن:
ليس المؤمن مضطراً لكي يكون صادقاً مع الآخرين!
هذه حقيقة طبيعية!
وتكتسب هذه الخلاصة أهمية خاصة في حالة المسلمين/مجاهدي الانترنت وقد سبق لي أن توصلت إليه أنا شخصياً سواء على مستوى تاريخ الدفاع اللاهوتي الإسلامي العام أمْ على المستوى الضيق في إطار منتدى الملحدين (يمكن ملاحظة هذه الظاهرة في المنتديات الأخرى أيضاً) وقد عبرت عن هذه الخلاصة في عشرات المقالات.
فثمة الكثير جداً من الحالات التي يكذب فيها المسلمون أكاذيب صريحة فاضحة لا ريب فيها، وكما يقول المثل الشعبي، من غير أنْ يرفَّ لهم جفنٌ!
لماذا؟
لأن وظيفة "الجدال" عندهم ليس الدفاع عن الحقيقة بل عن عقيدتهم، أو طائفتهم، أو الفرقة التي ينتمون إليها، أو الحزب الإسلامي الذي هم في صفوفه، أو من أجل "أكل العيش" وَهُمْ كُثَر!
هنا يتحول المسلم إلى منافق – ومنافق من الطراز التعس: يطالب الآخرين ما يرفض القيام به هو نفسه؛
ويتحول المسلم المنافق إلى شيخ للمنافقين: لأنه يتخصص في نشر الأكاذيب والادعاءات وتشويه سمعة الملحدين بصورة علنية ومبطنة.
4.
غير أن ثمة نوع آخر من الكذب - وهو أسوء أنواع الكذب:
التدليس!
الصمت أمام الوقائع الكاذبة، أو عدم الاعتراف العلني بحقائق الطرف المخالف؛ التغاضي عما يقوله المخالف (بغض النظر عن مضمونه) خدمة لأغراض عقائدية، "استهجان" ما يقوله الرافضون للدين عن الدين لكنه يصفق ويهلل (وفي أحسن الأحوال يلوذ بالصمت السافل والحقير) لما يقوله المسلمون أنفسهم من بذاءات موجهة إلى الملحدين واللادينيين والمعارضين للدين.
وكل هذا من باب الكذب.
في سلوك الكذَّاب نوع من "الشجاعة" الوقحة!
ولكن في سلوك المدلس الصامت نوعاً من الجبن المهين.
5.
إنَّ المسلم يواجه الآخرين بقناعين:
- قناع الفضيلة المزيفة والأدب الكذاب والتقوى المُضَلِّلة؛
- وقناع الكراهية والمقت والاحتقار لكل مخالف لهم. هذا هو القناع "الخَفَر" الجاهز في كل لحظة وعلى مدار الليل والنهار.
هذه هي الوقائع اليومية والسيرة الذاتية لجميع مسلمي المنتديات.
فهل ثمة استثناء؟
ليقدمه لي من يعتقد بوجود هذا الاستثناء!
6.
ولن انتهي قبل أنْ أمرَّ على كتاب محمد.
فالمسلمون لا يكفون عن ترديد أسطورة إن كتاب محمد قد طالب بالصدق وحرَّم الكذب ويقتبسون ما تيسر لهم من "الآيات" عن "مكانة" الصدق في كتاب محمد. والسؤال الهام الذي على المرء طرحه:
هل ثمة نصوص واضحة جلية قاطعة تطالب المسلمين بالصدق فيما بينهم أو مع الآخرين أمْ الصدق مع "الله" ؟
وما هو نوع الصدق الذي يطالب به محمد أصحابه؟
ألا يكذبوا عليه!
ألا يضمروا ما يفكرون به ضده!
هذا هو "الصدق" الوحيد المُطَالَبُ به المسلمون وما عدا هذا فإنهم يلبسون عشرات الأقنعة حسب الطلب والحاجة وأحكام التقية.



جذور الثقافة القمعية للدولة العربية [3]: الإسلام والحكام العرب




كلُّ سُلْطة مُفْسِدةٌ- أمَّا السُّلْطَةُ المُطْلقة فهي مُفْسِدةَ بصورة مُطْلقة!

في الجزء الثاني من المقال توصلنا إلى أن تصورات السلطة الشمولية للعقيدة الإسلامية هي العامل الحاسم والداخلي لظهور ثقافة السلطة المطلقة – وكل ثقافة مطلقة هي ثقافة قمع.
لكن نظام السلطة المطلقة في الإسلام (الذي بدأ بنظام الخلافة) له خصائص تميزه عن باقي أنظمة السلطة المطلقة الأخرى.
فسلطة الحكم الإسلامي تستند إلى عدة أسس هيكلية لا تقبل المساومة تحدد طابع الحكم الفردي لهويتها الأساسية:
أولاً، الإسلام دين الدولة.
وإن هذه المكانة المتميزة للإسلام ليست اختياراً. فـ"الدين عند الله هو الإسلام".
ثانياً، الإسلام هو دستور الدولة.
وهذا يعني أن الشريعة مصدر أساسي للتشريع.
ثالثاً، إن إطاعة الحاكم فرض ديني تم تشريعه في القرآن.
[للمزيد من الأفكار والتأملات راجع: محمد [1]: ثالوث الطاعة المقدس
1.
لقد تحولت هذه المنظومة من الأفكار والعقائد المتعلقة بالخليفة والإمام والولي والسلطان والأمير إلى نظام يسم مكانة الحكام المسلمين بصورة عامة والحكام العرب بصورة خاصة.
فإذا ما استثنينا "الملكيات" و"الإمارات" و"السلطنات" العربية التي تخضع بحكم القانون وبحكم الواقع إلى سلطات الخليفة الإسلامي فإن الجمهوريات العربية وبغض النظر عن دساتير هذه الجمهوريات [إن وجدت مثل هذه الدساتير]؛ وبغض النظر عن التصريحات والوثائق الرسمية؛ وبغض النظر عن وجود انتخابات برلمانية ورئاسية أو عدم وجودها: هي بحكم الواقع أنظمة خلافة كطريقة تفكير وعقلية سياسية وإجراءات وتطبيقات للقوانين. بل إنها جميعاً وبالتعبير المعاصر دول ذات حكم يستند إلى الطابع الفردي المحض!
2.
ولهذا وليس من الصدفة أن يكون النظام الغالب في الدول العربية هو الجمهورية الرئاسية. غير أن "الجمهورية الرئاسية" العربية لا تخضع إلى أي شكل من الرقابة:
فـ"البرلمان!" تحول إلى هيئة "حزبية" تابع للحزب الحاكم وتم تقليص، وفي كثير من الأحيان تقويض، المعارضة البرلمانية التي لم تعد وظيفتها غير الموافقة على مشاريع الحكومة الدستورية وقرارتها السياسية [فهي بصرياً لا تعني غير: رفع الأيدي عالياً للموافقة في التصويت].
كما تم تفريغ المحكمة الدستورية من محتواها الرقابي على شرعية القرارات والقوانين والمراسيم الصادرة من قبل الحكومة والبرلمان عن طريق تغلل ممثلو الحكومة فيها.
أما المؤسسات الرقابية الأخرى مثل هيئات الرقابة المالية فهي بيد السلطة السياسية الحاكمة.
3.
وهكذا تحول رئيس الجمهورية الذي غالباً ما يُطلق عليه "الأب القائد" و"الرئيس المؤمن" و"الأب الحنون" و"القائد الفذ" وغيرها من خزعبلات الثقافة اللغوية للسلطة العربية إلى "خليفة" معاصر. فاحتل "رئيس الجمهورية" مكانة استثنائية ولم يعد "رئيساً" منتخباً – بل "رئيساً مختاراً" من السماء ليرعى شؤون الرعية.
4.
لقد أصبحت ثقافة "الحكم الجمهوري" العربي امتداداً لثقافة حكم الخلافة الإسلامية العربية!
فالحقيقة الصَّارخة هي أنَّ الدولة العربية (مهما سُمِيَّتْ) لا تستند إلى أيِّة مشروعية سياسية؛ الدولة العربية هي دولة اغتصاب واستحواذ "زُمَر" عسكرية أو مدنية أو عائلية تسير الحكم بوسائل القمع المنظم والمخابرات، وفي بعض الأحيان عن طريق الرشوة - حين تتوفر الظروف الاقتصادية لذلك.
أمَّا الانتخابات التي تقيمها البعض منها فهي "تظاهرات" مضحكة للتعبير عن قيم "ديمقراطية" لا وجود لها في رؤوس المنظمين لها. بل أنَّ أعتى الحكومات العربية هي الأكثر ولعاً بين الجميع في إقامة الانتخابات!
فحقيقة كون "النظام الجمهوري الرئاسي" هو النظام السائد في الدول العربية الجمهورية [والاستثناء الوحيد هو لبنان – رغم أن النظام السياسي اللبناني ليس أقل سوءاً من الأنظمة العربية الأخرى] وإن أغلب الرؤساء العرب لا تنتهي مدة رئاستهم إلا بالموت بسبب الشيخوخة أو بالاغتيال أو عن طريق انقلاب كارثي على البلاد، يكشف عن حقيقة "الانتخابات العربية" وطبيعة السلطة العربية!
أما ما يتعلق بحالة الأمراء والملوك العرب فالأمر لا يختلف: فآليات التصفية الجسدية والاغتيالات والاحتراب ما بين مراكز القوى القبلية/العائلية وإبعاد بعضهم البعض عن مراكز السلطة وتولي العرش هي حقائق يعرفها القريب والبعيد.
5.
السلطة مفسدة!
هذا قانون لم يخرج عنه حاكم عربي [ولن يخرج عنه أي حاكم على الأرض. أما في الديمقراطيات الغربية فإن سلطة القانون وقوة المجتمع المدني تسهم بصورة فعالة في تحجيم مثل هذه المساعي وخنقها].
لقد ارتبطت مفاسد السلطة العربية/الإسلامية بالاستحواذ الشامل على السلطة ورفض التخلي عن جزء منها بغير وسيلة القوة المضادة. فالخليفة "ظل الله على الأرض" كما يدعي محمد وقد أصبح رئيس الجمهورية المعاصر هذا "الظل" هو الآخر!
وهذا ما جعل للسلطة العربية خصيصتين أساسيتين باقيتين حتى الآن:
- البقاء على دفة السلطة إما حتى الموت الطبيعي، أو عن طريق التصفية الجسدية من قبل الرافضين لسلطتهم. أما حالات التخلي عن السلطة برضاء الحكم فهي ظاهرة نادرة جداً في تاريخ السلطة العربية ونحن الآن شهود عيان على ما يحدث.
- وإما قتل الحكام وتصفيتهم جسدياً – سواء بخناجر المعارضين أو أفراد العائلة نفسها فهو من "الفولكلور" العربي الإسلامي.
وكما نرى كيف تحولت الدولة العربية المعاصرة إلى صورة للخلافة القروسطية ولا فرق إلا في الهيئة الخارجية قوات الحماية الاستعراضية وسيارات المرسيدس السوداء.
لقد تحول الفساد الاقتصادي وسوء استخدام السلطة وقمع الحريات الشخصية وتكميم الأفواه وإشاعة الخوف بين الناس إلى قيم أخلاقية وسياسية تباركها هيئات الفقه وسلطات اللاهوت الإسلامي [للاختصار آمل الاطلاع على ثلاثية:
6.
إلا أن تكرار نظام الخلافة بهيئة رئاسة الجمهورية لم يقتصر على ثقافة السلطة المطلقة الغاشمة فقط بل وتكررت ثقافة التصفيات الجسدية للحكام العرب الذين رفضوا في الماضي ولا يزالون يرفضون التخلي عن السلطة. فأضحت الانقلابات الدموية والتصفيات الجسدية هي الطريقة الوحيدة لتبادل السلطة!
وهكذا ففي القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين تعود عجلة القتل التي صنعتها الخلافة الإسلامية من جديد وتم تصفية الكثير من الحكام العرب وعلى أيدي عرب مسلمين:
من بين 9 ملوك ورؤساء في العراق لم ينج غير واحد فقط!
- الملك فيصل بن حسين بن علي الحسين الهاشمي، أو فيصل الأول (1883 ـ 1933) مات مسموماً.
- أما صاحب النهاية المأساوية الثاني فهو غازي بن فيصل بن الشريف حسين الهاشمي أو غازي الأول (1912 – 1939) وهو ثاني ملوك العراق، حكم من 1933 حتى 1939.
- الثالث ذو النهاية المأساوية فهو الوصي عبد الإله بن علي (1939 ـ 1958). وقد قتل عبد الإله في 14 يوليوز 1958مع العائلة المالكة.
- ورابع حاكم عراقي انتهى حكمه نهاية مأساوية هو الملك فيصل الثاني بن غازي 1939 ـ 1958. تولى الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية يوم 2 ماي 1953 وبقي ملكا على العراق حتى صباح يوم 14 يوليوز 1958 حيث انتهى العهد الملكي وقيام الجمهورية.
- وخامس زعيم عراقي لاقى نهاية درامية هو الزعيم عبد الكريم قاسم (1914 ـ 1963)، الذي كان رئيسا للوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع في العراق من 14 يوليوز 1958 وحتى 1963.
- عبد السلام عارف تم اغتياله عن طريق وضع متفجرات في الطائرة التي كان من المفروض أن تنقله من مدينة البصرة إلى بغداد في يوم 13 أبريل 1966. وقد احتل منصبه أخوه عبد الرحمن عارف – وهو الوحيد الذي لم يُقتل لأن حفاظه على حياته كان أكبر من ولعه بالسلطة!
-استأنفت عجلة الموت والقتل في العراق باغتيال أحمد حسن البكر مسموماً من قبل نائبه صدام حسين، الذي نُصِّب رئيسا لجمهورية العراق من 1968 إلى 1979 واحتل صدام حسين مكانه. وقد قام الأخير بسلسلة من عمليات الاغتيالات لعدد كبير من قادة حزب البعث المنافسين له.
- بعد احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية عام 2003 تم شنق صدام حسين - واحد من أكثر الحكام العرب سفالةً في التاريخ المعاصر. ولن يوازيه في سفالته غير معمر القذافي.
غير أن القائمة لم تنته:
ومن الملوك الذين تم اغتيالهم الملك عبد الله الأول مؤسس مملكة الأردن والملك فيصل، العاهل السعودي الثالث. كما وقتل وصفي التل- رئيس وزراء أردني.
وقد قُتل الرؤساء اليمينيون إبراهيم بن محمد الحمدي أحمد حسين الغشمي، الرئيس الرابع لجمهورية اليمن وعلي عبد الله صالح والرئيس الجزائري محمد بوضياف. وفي لبنان تم اغتيال رياض الصلح - رئيس وزراء لبناني ورشيد كرامي- رئيس وزراء لبناني ومن ثم تم الرئيسين اللبنانيين بشير الجميل ورينيه معوض. كما وتم اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري.
وفي مصر تم اغتيال محمود فهمي النقراشي - رئيس وزراء ؛ ؛ بطرس غالي - رئيس وزراء؛ أحمد ماهر باشا - رئيس وزراء. وإذا ما تغيب الأدلة على فرضية موت جمال عبد الناصر مسموماً فإن اغتيال السادات كان عرضاً عسكرياً لا يليق إلا به أمام كاميرات التلفزيون وأنظار الملايين من المشاهدين.
صورة تذكارية لبعض الشباب الطغاة العرب المرحين – جامعة السخف العربية
[صورة تذكارية لبعض الشباب الطغاة المرحين – جامعة السخف العربية]

أما معمر القذافي فقد قتل بهمجية لا تليق إلا بهمجيته. كما لم ينجُ من القتل علي صويلح - رئيس جزر القمر.
هذا جزء بسيط من ثقافة الاغتيال العربية الإسلامية. فهناك العشرات من السياسيين والمثقفين المعارضين والعشرات من أعضاء الحزب المنافسين (كما حدث في حزب البعث العراقي والسوري)، والكثير من حالات الموت الغامضة والكثير من الخلافات العائلية في السلطة الحاكمة التي تنتهي بتصفية المنافسين.
6.
قد يعترض البعض على أن الاغتيالات ليست تراث إسلامي فقط.
وأنا أتفق مع هذا الاعتراض.
لكنني لا أتحدث عن "الاغتيالات" بصورة عامة (فهذا موضوع سأتطرق إليه في مقال آخر). لقد تحدثت في الجزء الثاني من هذا المقال وفي هذا الجزء عن طبيعة السلطة المطلقة العربية/الإسلامية منذ نشأة الإسلام حتى الآن وسعيت إلى البرهنة على أن الوجه الآخر لسلطات القمع للخلفاء والملوك والأمراء والرؤساء العرب هو تصفية الحكام الممثلين لهذا السلطات جسدياً. وإن هذين الوجهين كانا متلازمين ولا يزالان حتى اللحظة الراهنة.
والاغتيال السياسي أينما كان هو الوجه الآخر للسلطة الشاملة القمعية وغياب الديموقراطية وانهيار سلطة القانون. ولم يكن الدين يوماً (ومهما كانت العقيدة الدينية) عاملاً كابحاً للاغتيالات. بل أن الدين كان دائماً عاملاً فاعلاً في هذه الاغتيالات. فـ"الحق الإلهي" الذي يدعي امتلاكه المتدينون يسوغ عمليات الاغتيال مدافعين عن "قضية الله" المقدسة. وهذا ما قام به المسلمون منذ ظهورالإسلام ولا يزالون يقومون به – أو أنهم على استعداد للقيام به إن توفرت الفرصة إلى ذلك. وقد قدمت فرق "الحشاشين" الاسماعيلية المثال النموذجي على ثقافة الاغتيال ضد المعادين والمخالفين سعياً إلى السلطة - والسلطة فقط.


بمَ يحلم المسلمون؟

بوابة واسعة في السماء بين الغيوممقدمة:
كنت قد كتبت موضوعاً مطولاً للإجابة على هذا السؤال. ولكنني حالما قرأته مساء أمس، وكما يحدث دائماً، أجريت عليه "بعض" التعديلات؛ وأخضعت الصفحات (A4) الثلاث لـ"بعض" الصياغة، فلم يتبق منه غير العبارة التالية:
- بالجنة فقط!





خاتمة:
تعليق من خارج الموضوع:
يا له من حلم بائس!


هل للموضوع بقية؟
لا أعرف.. ..




"الخنزير المدهون بالوحل" ومنطق تبرير "حكم الردة"

مقدمات:

[1] في عدد من المدن الأوربية وبعض الولايات الأمريكية وفي المهرجانات المخصصة للمحاصيل الزراعية وتربية الحيوانات تجري سباقات مسك الخنزير المدهون بالسمن.
كما توجد مسابقات قريبة من هذا النوع وهي مسك الخنزير في حلبات من الوحل مخصصة لغرض السباق.
فمن المعروف أنَّ مَسْكَ الخنزير وفي الحالات الاعتيادية مهمة صعبة جداً وخصوصاً عندما يكون الخنزير سيء الطبع! فهو قادر على التملص من قبضة أكثر الرجال قوة وتجربة. ولهذا فإنَّ مهمة مسكه مدهوناً بالسمن أو بالوحل مهمة مضاعفة وتكاد تكون " Mission: Impossible “!
[2] هذا الوصف المرئي "لمنطق التملص" يكشف عن طبيعة نوع من المنطق الإسلامي المداهن وأسلوب التملص من المآزق الفكرية والأخلاقية واللاهوتية التي لابد وأن يقع فيها المسلم عاجلاً أم آجلاً – وفي أغلب الأحيان عاجلاً!
فالتناقضات ما بين حقائق الحياة واشتراطاتها وقوانين التطور الطبيعية للوجود البشري من جهة والمكونات الداخلية للعقيدة الدينية الإسلامية من جهة أخرى لابدَّ وأنْ تنفجر في كل لحظة من النقاش.
[3] للحق والحقيقة يمكن القول أنَّ منطق الخنزير المدهون بالسَّمن أو بالوحل ليس حكراً على المسلمين. فهو سمة لموقف كل من يرفض الحقائق بجلافة وسماجة وابتذال وصلافة لاهوتية.
1.
في هذا الموضوع لا أناقش قضية "حكم الردة" من حيث الجوهر. فقد سبق لي مناقشته وعبرت عن رأيي فيه وكشفت عن منطق الإيديولوجيا الشمولية الاستبدادية التي ينتمي إليها ولا ضرورة لتكرار هذه المناقشات إذا يمكن الاطلاع عليها في المنتدى.
ولكن ثمة جانب هام آخر من الموضوع غالباً ما يظل خارج الضوء والاهتمام رغم أنَّ المسلمين العلنيين والمستترين لا يتوانون عن استخدامه وهو:
أنَّ الحديث عن "حكم الردة" هو هجوم غير مبرر على الإسلام والمسلمين لأنه لم يُطَبَّقْ على أرض الواقع"!" وإنْ طُبِّقَ فإنَّ المسلمين والإسلام بريؤون منه كبراءة الذئب من دم يوسف (رغم اعتراضي على هذا المثل من الناحية المنطقية بسبب كون الذئب لم يأكل يوسف)!
2.
هذا التملص من فلسفة استبدادية عن طريق الخرق الفاضح للوقائع يجعل مسك الخنزير المدهون بالسمن أو بالوحل مهمة صعبة!
إذن:
"حكم الردة" لا يُطَبَّقُ عملياً؛
أيْ: أنه حُكْمٌ مُعَطَّل!
وبالتالي فإنَّ مَنْ يترك الإسلام سيبقى يسرح ويمرح في ديار المسلمين والأحلام!
وهذه نتيجة تمتلك الحد الأعلى من الوقاحة الأخلاقية – سواء أدرك صاحب الرأي هذا أم لم يدرك.
ومع ذلك فإن الأمر أكثر تعقيداً من وقاحة أخلاقية:
إنه جهل صلف واستهتار بمنطق التشريع وآليات تطبيق القوانين..
3.
الفرق ما بين الحُكْم المُعَطَّل والحُكْم الفاعل مع وقف التنفيذ: منطق التهديد
إنَّ المسلم يمتلك حق الكذب دفاعاً عن عقيدته. فهذا أمر تبيحه له العقيدة نفسها.
ولهذا فأنا لا أتحدث عن كذبه – فهذا أمر مفروغ منه.
أنا اتهمه بأنه يبرر ثقافة الكذب "ثقافة الاستبداد" ويبرأ ساحة الحكَّام ولاهوت عقيدة الاستبداد على حد سواء.
إنَّ أثر الأحكام التشريعية ذو طبيعة مزدوجة:
مادية: (تنفيذ الحكم فعلياً في حالة اقتراف الفعل الجرمي)؛
ونفسية: "الإرهاب" - حتى لا يقوم الناس بارتكاب الجرائم.
وهذا ما يجعل الطبيعة النفسية لأثر الأحكام هي الطبيعة الدائمة. فالناس يخشون تطبيق أحكام القانون إنْ قاموا بخرقه. أما الطبيعة المادية "الفعلية/التنفيذية" فهي الطبيعة المؤقتة للأحكام التشريعية.
ولهذا غالباً ما يُقال: بأن للقانون دوراً رادعاً.
بكلمات أخرى:
إنَّ أثر أحكام القانون قائم وفاعل بصورة دائمة على جميع الأفراد: سواء ارتكبوا فعلاً جرمياً أم لا..
ولأنَّ تطبيق أحكام القوانين المدنية تتعلق بحالات ذات طابع موضوعي وليس اعتباطية أو ذات طابع أخلاقي وديني ولا تقوم بخرق الحقوق المدنية للناس ومن ضمنها الحق المطلق بالإيمان أو عدم الإيمان بالعقائد فإن أحكام القوانين الجنائية لا تشكل عبئاً على حياة الناس إلا إذا تم خرقها رغم أنها قائمة دائماً.
4.
فكيف تستوي الأمور في حالة الأحكام الدينية: الشريعة؟
لا تستند الأحكام الدينية إلى أي نوع من الحقوق المدنية – بل هي ترفض الحقوق المدنية من حيث المبدأ. ولهذا فإنَّ موضوعة التحريم لا تتعلق بـ"جرائم" واقعية موجهة ضد الفرد والمجتمع والدولة، بل هي أحكام "إرادوية" تستند إلى عقيدة مجموعة من الناس (قلَّ أو كثر أعدادها) وتتضمن فرضاً من هذه العقيدة على كل شخص تمتلك إمكانية فرض الأحكام عليه: وهو الإيمان بـ"الله" أو بالفيل الطائر أو بالبطاطا المشوية!
وبالتالي فإن "حكم الردة" هو حكم يُفرض على الناس عقيدةً ما وسوف تكون عقوبتهم الموت إن رفضوا هذه العقيدة.
إذن:
أولاً، لا يستند حكم الردة إلى أية مسوغات منطقية أو اجتماعية أو حقوقية. فهو فرض وجبر وتطويع للناس في اعتناق العقيدة الإسلامية، أو الفيل الطائر، أو البطاطا المشوية؛
ثانياً، إن هذا الحكم، ومن حيث الأثر، هو قائم وفاعل بصورة دائمة باعتباره رادعاً للناس حتى لا يقوموا بتغيير آرائهم الدينية. وهو في جوهره حكم لا يختلف عن حكم إجبار الناس ارتداء نوعاً من الملابس – كما يحدث في كوريا الشمالية!
5.
وعندما نتحدث عن تأثير "الردع" ضد حق الناس بالإيمان أو عدم الإيمان بـ"الفيل الطائر" فإنَّ "حكم الردة" يطبق يومياً.
ولكي يفلت الناس من مخاطر الوقوع في المصيدة فإن عليهم استخدام وسائل مختلفة في العيش والسلوك والممارسة حتى يتجنبوا العقوبة.
وهذا لا يعني غير خوف دائم ومتواصل طالما عاش المرء في إطار هذا المجتمع الإسلامي أو ذاك. ولا خلاص أمامه – إن رفض الخضوع للإيمان الإسلامي أو الفيل الطائر ألا بمغادرة بلاده أو التستر على رفضه لعقيدة " الفيل الطائر". وهذا يعني أن يعيش الإنسان بصورة سرية في بلاده؛ أي يعيش متنكراً لحقوقه المدنية وخاضعاً لأحكام جائرة وجلفة.
وبالتالي فإن "حكم الردة" تعبير مثالي عن الاستبداد الإسلامي والإرهاب اليومي الذي يعيش في ظله المختلفون عن المسلمين - سواء طُبِّق أم لم يُطَبَّق.
6.
فهل الحديث عن "حكم الردة" هو هجوم غير مبرر على الإسلام والمسلمين لأنه لم يُطَبَّقْ على أرض الواقع"!" وإنْ طُبِّقَ فإنَّ المسلمين والإسلام بريؤون منه كبراءة الذئب من دم يوسف!
هذا سؤال خطابي على أقل تقدير، لكنه سخيف بالتأكيد.
7.
خاتمة:
إنَّ منطق الخنزير المدهون بالوحل له نتائج تتعدى انحطاط الأخلاق والفكر والعقل:
فمن يدخل في هذا النوع من المسابقات، من المسلمين المستترين أو العلنيين، فإن عليه أن يطمس نفسه بالوحل.



دفاعاً عن الإلحاد!


[هل ثمة حياة أخرى على كوكب آخر؟]

1.
مَلَكِيٌّ أكْبَرُ مِنَ المَلِك!
لهذه الفكرة عدة صياغات مختلفة في الثقافات المختلفة. ففي بعض البلدان الأوربية مثلاً، ذات الأكثرية المسيحية تبدو هكذا:
"كاثوليكي أكبر من البابا"!
والمعنى واحد. فهما يشيران إلى منطق المبالغة والمزايدة على أفكار وعقائد معينة- فلسفية ودينية وسياسية وغيرها. وهو منطق مسيء في جوهره إلى منظومة الأفكار التي ينتمي أصحابها إليها. وإن ما يهمني هنا هو الدفاع عن الفلسفة الإلحادية: فهذه قضيتي.
2.
من السخف أن أقول بأن لا وجود لحقيقة مطلقة!
لأنه ببساطة لا وجود لحقيقة مطلقة! إذ أن تكرار بعض الحقائق من قبل كاتب ما يبدو في بعض الأحيان وكأنه اكتشاف!
ولكن في بعض الأحيان توجد ثمة ضرورة لقول ما هو بديهي حتى لا يبادر مجاهدو الانترنت للاعتراض على ما يقول الكاتب قائلاً: "لا توجد حقائق مطلقة"، بدلا من التفكير فيما يريد الكاتب الوصول إليه.
3.
هذا صحيح جداً: "لا توجد حقائق مطلقة".
لكننا مع ذلك ندافع عن الحقائق التي نرى بأنها على صواب، جاهدين أنفسنا (بقدر ما نمتلك من معارف وتجارب) في أن يكون طرح هذه الحقائق ينسجم مع منطق التفكير النقدي.
هنا أنا أدافع عن فكرة الإلحاد: ضد المؤمنين بالأديان وضد "المؤمنين" بالإلحاد على حد سواء!
هذا هو منطق تفكيري:
لا يكفي أن تدافع عن الإلحاد (بل من الأفضل حتى ألا تدافع عنه) إذا لم يكن دفاعك مبنياً على أفكار الإلحاد الأصيلة. والإلحاد ليست قضية إيمانية:
الإلحاد ليس ضد الدين كلعبة أطفال: أنا ضد ما تقوله أنت!
أنا ضد الدين ليس لأنني أريد أن أكون ضد المتدينيين؛
أنا ضد الدين لأن الحقائق اليومية ودروس التاريخ ومنطق التفكير النقدي العلمي قادتنا وهدتنا إلى أن الحياة هنا على الأرض فقط (ليس لدي أدلة على وجود أو عدم وجود حياة على كواكب أخرى وأكوان أخرى) ولا حياة أخرى لنا.
هنا، في هذا العالم المدهش (الذي ليس من النادر أن يكون قاسياً ومأساوياً وفظاً)؛ 
في هذا الوجود الوحيد، يكمن سر الحياة.
4.
وهكذا وبصورة أتوماتيكية سَقَطَت الأرباب الواحد بعد الآخر من حساباتنا واتضح كامل خرافة تاريخ الأديان.
نحن لسنا ضد السماء فقط، بل نحن مع الحياة على الأرض.
وهذا ما يعني ببساطة: 
أن الإلحاد هو فن الحياة الحقيقية: الحياة هنا والآن: ولهذا فأن الدفاع عن السعادة الأرضية والحرية والحقوق المدنية للبشر، جميع البشر ومن ضمنهم المتدنيين، هي التي تشكل مبادئنا اليومية، وليس النوم والغذاء والتنفس!
5.
إذن، وأنا أعني بقولي هذا النوع من الملحدين "الملكيون الذين هم أكبر من الملك"، فإن صياغة من هذا النوع: "الحياة هي الصفة التي نطلقها على الكائنات القادرة على ممارسة النشاطات الحيوية الثلاثة وهي القدرة على التكاثر والتمثيل الغذائي والتفاعل مع المحيط الخارجي" لهي من أسوء الصياغات وأكثرها إساءة لكرامتي كملحد، وهي تسيء إلى الإلحاد لأنها توفر شروط سوء الفهم العميق من قبل المتدينين.
6.
إن هذ التصورا، في أحسن الأحوال، "مغالاة عقائدية" من أسوء الأنواع!
فالحياة بالنسبة لنا ليست مجرد فعاليات " بيولوجية". هذا ينطبق على الموت، لأن عملية التحلل تؤدي إلى انتهاء الحياة وعودة جسد الإنسان إلى مكونها الأساس "المادة". ولكن الحياة بحد ذاتها - وأقصد حياة البشر - ليست مجرد نقيض للموت. في الموت ينتهي التفكير وينتهي إلى الأبد.
الموت تحلل لمادة الجسد.
لكن الحياة ليست مجرد بناء الخلايا. نحن لسنا كالعشب النامي على حافة الطريق!
7.
ما هو الفرق ما بين حياة الملحد وحياة المؤمن؟
الملحد لا يؤمن بــ"السماء" الإبراهيمية. ففي الأعالي، هناك خلف مدار الأرض مليارات الأكوان ومليارات النجوم "ولا شيء آخر"؛
لا رب يستوي على العرش ولا خالق "يبحلق" فينا ويترصد خطواتنا.
نحن أطفال هذا الوجود الأرضي: هنا ولدنا، وهنا نموت، وهنا نبقى إلى الأبد.
المؤمن يهفو إلى السماء الإبراهيمية، عاجز عن الحياة من غير آلهة؛ عاجز عن الوجود بدون خرافات أرباب تحميه من نفسه وتدير حياته.
أما نحن فنسعى إلى التفكير واستغلال الخيرات الأرضية بصورة عقلانية عادلة، نعتمد على وجودنا الأرضي ونطمح إلى حل معضلات الوجود هنا على الأرض لا في عوالم مختلقة!
هذا هو الفرق، لا شيء آخر!
الإلحاد فن العيش على الأرض!
8.
إن الصياغات السطحية للأفكار الإلحادية التي يقوم بها البعض تكتسب دائماً معنى عقائديا لا يختلف عن العقيدة الدينية، لأنها تبدد الأدلة ضد فشل الفرضية الدينية من جهة، وتقدم الإلحاد بوجه غريب عنه.
هذا هو منطق "الملكي أكبر من الملك". لأنه يدًّعي للملك حقوقاً لم تخطر حتى على بال الملك نفسه الادعاء بها. وهكذا يقوم بتحريض الآخرين عليه.
هذه المغالاة لا تدل على وعي بالألحاد وإنما فشل في مغادرة الإيمان الديني.
"ملكي أكبر من الملك" نوع من الهتافات الحماسية، كهتافات السلفيون: تجريد فض وسخيف للوجود البشري وقيمة هذا الوجود الذي لا قيمة له إلا بربطه بالسماء الإبراهيمية وربٍ جعلوا منه "هيئة رقابية" تتدخل حتى في حيض النساء!
السلفية، كتطرف عقيدي، تجعل الحياة نظاماً مقرراً محدداً مسبقاً ومبرمجاً من السماء.
إما الإلحاد "الإيماني"، فهو لا يختلف من حيث الجوهر. إذ يستحيل الإلحاد إلى فكرة معطاة مسبقاً وعلينا "صناعة" الأدلة على صحتها!
هذا سخف يرفضه كل الملحدين الذين دفعوا ثمناً باهضاً لكي يروا العالم والتاريخ على حقيقته وبعيون نقدية.
9.
إن القول بأن "حياة هي الصفة التي نطلقها على الكائنات القادرة على ممارسة النشاطات الحيوية الثلاثة وهي القدرة على التكاثر والتمثيل الغذائي والتفاعل مع المحيط الخارجي":
هي باختصار فكرة مبتذلة لتصورات مبتذلة.

هل يُعْتَبَرُ الصينيون مِنَ المبشرين بالجنة؟!

Made in China

1.
لا أشكَّ بأن موضوع تخلف المسلمين قد أصبح من المسلمات وكأنه ظاهرة طبيعية. لكنني مع ذلك كنت أعتقد بأنَّهم قادرون على إنتاج نوع من البضائع سهلة الصنع وهي أقرب إلى نفوسهم وأكثر ارتباطاً من أيِّ بضاعة أخرى بدينهم الحنيف. غير أنَّ الوقائع تُظْهِرُ ما لا يتوقعه المرء وما لم يفكر به.

2.

فبعد أنَّ أخذ التخلف الاقتصادي بالتوسع وأخذ الناس - ومن بينهم أصحاب الحرف يهربون من بلدانهم أو يضطرون بسبب ازدياد تكاليف المعيشة إلى البحث عن مصادر أخرى للعيش فقد ظلت الكثير من الحرف من غير حرفيين.
وهكذا أخذت الورش الصغيرة في مدن عربية مختلفة كثيرة كانت تصنع العمائم والمسابح (السبح) وسجاد الصلاة والخواتم وإحرامات العمرة والشالات والكوافي تتقلص والإنتاج يقل والحاجة (والحمد لله) تزداد إلى مستلزمات الطقوس وليس إلى مستلزمات العلم. بل حتى مستلزمات العلم ومنذ سنين طويلة لم تعد تصنع في أي بلد عربي إسلامي. والحمد والشكر للصين في تزويد الأمة الإسلامية باحتياجاتهم.

2.
ولهذا السبب كان على الشعب الصيني الحنيف أنْ يهبَّ كرجل واحد من أجل أن يلبي نداء الواجب الأممي ويهتف بصوت واحد:
- 不要對佛陀的憐憫感到絕望 (الترجمة الحرفية لمن لا يعرف الصينية: لا تيأسوا من رحمة بوذا!)
فقامت الصين بتصنيع النسبة الكبرى من الاحتياجات الطقسية للمسلمين مثل العمائم الأزهرية والمسابح (السبح) وسجاد الصلاة والخواتم وإحرامات العمرة والشالات النسائية والكوافي (جمع كوفية: شال الرأس الرجالي) وغيرها الكثير، بل لم ينسوا حتى ملابس السلفيين والتكفير والهجرة – القمصان الطويلة، رغم الشتائم التي يكيلها المسلمون للبوذيين الكفرة والملاحدة ليل نهار!
إلا أنَّ الصينيين لا ينتظرون من المسلمين لا شكراً ولا جزيلاً. لأنهم يعرفون (أو هذا ما ينبغي) بأنه أجرهم عند الله وبوذا معاً.

[made in China]
3.
طبعاً لم يتوقف الأمر عند هذا الحد.
فقد سعت الصين إلى تطوير المسلمين في مجال العلم والتقنية واخترعت لهم "المسبحة الإلكترونية" بدل "المسبحة" المتخلفة. يضغط المسلم على الزر ويستمع إلى "التسبيح" كما أنها تحتوي على أذكار الصباح والمساء وأحاديث عن فضل الأذكار.
باختصار:
كسل لاهوتي من الدرجة الأولى!
4.
ولكن للأسف وكالعادة وكما عودنا المسلمون أدى ظهور العمائم الأزهرية الصينية إلى أزمة لاهوتية حادَّة. إذ طالب الكثير من أئمة الجوامع في مصر مثلاً من الأزهر إصدار فتوة مستعجلة لتحريم العمائم الصينية. فهذا خرق صارخ للعقيدة.
أزهري بعمامة صينية؟!
هذا كفر!
وبغض النظر فيما إذا كان الأزهر قد أصدر مثل هذه الفتوة أم لا، فأنا لا أعرف ما هي مشكلة العمائم الصينية من الناحية الفقهية!
فهل ينبغي أن تُخاط على الطريقة الإسلامية مثل الدجاج والخرفان؟
أم أنْ تكون مثلاً مكائن الخياطة باتجاه المملكة العربية السعودية؟
أم أنْ تكون الخياطات والخياطون مسلمين؟
5.
علينا أن نعترف بأنَّ ما يقوم به الصينيون الحنفاء لهو إنجاز كبير من أجل العقيدة الإسلامية والمسلمين والناس أجمعين. فقد تحولوا إلى "عمود فقري" للطقوس والتقاليد والإكسسوارات الإسلامية وبدونهم فإن أحوال المسلمين والمسلمات سوف تتدهور إلى أسفل سافلين.
هذا العمل التقوي البوذي لا يستحق الشكر فقط، بل ويستحق الثواب من "الله" شخصياً.
وأنا آمل من كل قلبي أن يشمل "الله" الصينين برحمته وأن يبشرهم بالجنة!
آمين . . .



ملفات بندورا والفساد وجلالة الملك!

عبد الله الثاني


1.
لم تكن تعنيني يوماً حياة الملوك المزيفين العرب.
فلم يعد يمكن معرفة شيئ جديد عنهم غير أعمارهم المتغيرة أو أخبار من مات منهم على ما اقترفه من جرائم الفساد وقمع المعارضين له لكي يحل محله آخرُ لا يقلُّ عنه سوءاً ووقاحة.
ولهذا لم يكن يعنيني ملكاً مزيفاً يعيش على المساعدات الأجنبية مثل "الملك" الأردني.
2.
لكن المصيبة (وهي مصيبة جميع السياسيين المتسلطين الذين منحوا أنفسهم سلطة ربانية) هي أنَّ ضررهم الخفي على شعوبهم أكثر عمقاً مما يتصور الشعب ذاته.
فدولة تعتاش على المساعدات الدولية والتي يجب صرفها على تحسين حياة الناس نجد أن "الملك!" الأردني يقوم بصرف هذه الأموال على مصالحه الشخصية ومراكمة احتياطات مالية من خزينة الدولة لليوم الأسود الذي يتوقعه جميع الحكام العرب. فحساباته في البنوك السرية التي تم الكشف عنها لا تقول غير شيء واحد:
إنه لا يصلح لكي يكون رئيساً لدولة (للمعلومات رئيس الوزراء في الأردن وفي المغرب مثلاً منصب شكلي - أي: فزاعة خضرة)!
فإذا كان الفساد يبدأ من "الملك!" فما هو أمل الناس في تحسين أوضاعهم ومكافحة الفساد؟
ومن هذا الذي سوف يسمع مطالبهم التي عبروا عنها في مظاهرات العام الماضي وتم اعتقال المناوئين للسلطة؟
3.
فقائمة أموال الفساد التي قام بتهريبها الكثير من السياسيين (وأغلبهم من المستبدين) لا تعني غير أموال مسروقة من ميزانية الشعوب التي يحكمونها أو هم جزء من "شلة الأنس" الحاكمة [وبالتعبير الأدبي المصري: القطط السمان].
هذا ما كشفت عنه (وهو ليس مفاجأة) ملفات باندورا "Pandora papers" التي ساهم بها حوالي 600 صحفياً من مختلف دول العالم الذين قاموا بدراسة أكثر من مليوني وثيقة تتعلق بأموال السياسيين من مختلف بقاع العالم المخفية في شركات الأوفشور offshore .
وقد كان "الملك" عبد الله واحد مهم.
[من أملاك "جلالة الملك!" في ماليبو -كاليفورنيا وهي من أموال المساعدات الأجنبية]
ففي الوقت الذي صرح فيه العام الماضي رئيس الوزراء الأردني بأنه سوف يلاحق جميع الأموال التي تهرب إلى خارج البلاد والتي تقدر بـ 800 مليون دولار سنوياً فإن سيده بالذات هو واحد من "هؤلاء المهربين".
فكما ظهر فإن "الملك" قد قام بتهريب ما قيمته 100 مليون دولار أمريكي ويمتلك 14 منزلاً (قام بشرائها ما بين عامي 2003 و2014) في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليون دولار أمريكي وغيرها الكثير!
4.
ولأنَّ موضوعنا "الإيمان" والتقوى" والأخلاق" الإسلامية فإنَّ صاحبنا "جلالة الملك!" تعبير "ناصع" عن قيم الإيمان والتقوى وهو القدوة الحسنة والخلف الصالح لذاك السلف.
عبد اله الثاني أثناء الحج!
[هذا هو الملك التقي.أمَّا الأموال المهربة فهي مدفوعة الزكاة!]

إن الظروف القاسية التي يعاني منها الأردنيون، وخصوصاً في ظروف الكوفيد- 19، تفترض من "القادة" الأتقياء مزيداً من التقوى، ومن القادة الذي يحثون شعوبهم على الأخلاق أن يمتلكوا المزيد من الأخلاق.
لكن سرقة أموال الدولة وتهريبها خارج البلاد والتمتع بملذات الدنيا (التي يحتقرها المسلمون) لا علاقة لها بالادعاءات والهراء والسخف الذي يملأ الصحف المحلية عن الأمانة والصدق وحماية مصالح الشعب.
5.
إنه مجرد وجه واحد من وجوه الفساد في مملكة الظلام - أي بالعربي الفصيح: حاكم عربي.
فعندما يغيب القانون (أو أنْ يصنع الحاكم نفسه قوانين الدولة)، وتغيب المراقبة المالية الفعلية، وعندما تتحول الحكومة إلى وظيفة للدفاع عن الحاكم فإن على الشعب أن يفقد الأمل في هذه النوع من الحكم.
وكل دولة فاسدة لابد أن تكون دولة قمعية.
وهذه هي العلاقة الجدلية ما بين الاثنين: الفساد والقمع.
وفي ظل هذا الخراب نجد مداحي ووعاظ السلاطين من الفقهاء والمثقفين المزيفين يدافعون عن "أولي الأمر" ليل نهار صانعين صورة مزيفة عن الواقع المرير وخداع الناس.
سوق أ{دني والبائع يقرأ صحيفة الرأي!

[في عنوان المقال الافتتاحي خطأ مطبعي - الصحيح هو: لا أحد فوق الملك]
6.
في موضوعي المنشور: [الإصلاح والتحديث والخروج من الإسلام] كتبت ما يلي:
إن الأمر يتعلق برأس للدولة فوق الجميع وفوق القانون. تَسَلَّح بالجيش والشرطة وأجهزة القمع السرية والعلنية والمؤسسة الدينية. فهو بحاجة إلى أيديولوجيا للأوهام – ومن غير الدين يمكن أن يلعب هذا الدور؟
فالقوة الغاشمة مهما كانت صالحة لفرض الإرادة فإنها بمفردها ستكون عاجزة عن تحقيق أهدافها.
والدين يوفر للَمَلِك القديم والمَلِك الجديد "السلطة الروحية" ولهذا فإن عليه شراء المؤسسة الدينية المستعدة للشراء، أو كما يسميهم محمد أركون "العلماء الموظفين المعَّينين رسمياً لتسيير شؤون التقديس في المجتمع".
إذن، بإسقاط "الخليفة والسلطان والإمام" من جميع الأنواع والموديلات الذين حولوا أنفسهم إلى ظل الله على الأرض وعندما يتم إسقاط ما تبقى منهم في شخص الملك العلني والمستتر، فإن الله سيبقى من غير ظل!
فظل الله هذا - هو الذي كان النقطة الواصلة ما بين السماء والأرض. وعندما يسقط هذا الظل فإن الأرض ستبقى من غير سماء.
ولكن كيف يمكن خلع الملك العلني والمستتر (رئيس الجمهورية) وإعادة السلطة الأرضية للمجتمع؟
إن الحل هو الديموقراطية!


تعقيب [مضاف في ساعة متأخرة من ذات اليوم]:
1.
اليوم بعد الظهر عرضت الكثير من محطات الأخبار جزءاً من تسجيل لخطاب "صاحبنا الملك!" أمام مجموعة مجهولة من البشر في قاعة ما، في مكان ما وفي ساعة ما.
وفي هذا الفيديو القصير يدعي "صاحبنا الملك" بأنَّ ما نُشر بصدد الأموال المهربة والعقارات الكثيرة في أمريكا وبريطانية هي "حملة" موجهة للتفرقة "بيننا"!!!
2.
والحق أنني لم أفهم شيئين:
أولاً، من هُمْ هؤلاء الـ "بيننا"؟
وبينه وبين مَنْ تسعى الحملة إلى التفرقة؟
ثانياً، من "هذا" الذي يقود الحملة ضده؟!
- الإمبريالية والاستعمار؟
هو يعيش من مساعداتها.
- إسرائيل (كعادة العرب)؟
هي من أقرب الأقرباء له ومنذ حياة أبيه!
إذن لم يبق أحد آخر!
3.
وما رأيه بالوثائق المنشورة حول الموضوع؟
وما رأيه بمحاولاته الفاشلة (من خلال أجهزة أمنه) لأعاقة انتشار الخبر في الأردن والإعلام العربي؟
هذا مثال فقط على مهزلة الحكام العرب من المحيط إلى الجحيم!



متلازمة ستوكهولم: أن يفتخر المسلم بأنه عبد مطيع!

1.
عليَّ أن أعترف بأنني في اللحظة التي رأيت فيها اعتراف أحد المسلمين بأنه "يفتخر بعبوديته" تداعت إلى ذاكرتي أفكار أريك فروم في "الهروب من الحرية". فكان من الطبيعي (على الأقل بالنسبة لي) أن تترابط أفكار فروم مع تصورات إيتيان دو لا بويسي في "العبودية الطوعية".
ولهذا فإنني لم أستطع تجاوزهما وأنا أتأمل هذا الاعتراف المشين.
2.
ورغم أن كلا الكاتبين لا يتحدثان عن الإسلام والمسلمين فإن في كلا الكتابين وصفاً دقيقاً وعميقاً وقاسياً للبنية السيكولوجية للمسلمين الذين يشعرون بالنشوة من فكرة "العبودية" والرافضين بصورة مَرَضِيَّة للحرية. وإن هذا الموقف الكاره للحرية والتفكير على أساسه يظل يطارهم حتى لو غادروا الإسلام إذا لم يجتثوا روح العبودية من ثقافتهم من جذورها ويستأصلوا كل علاقة بالدين.
3.
الفاجعة:
أنْ يفتخر "الإنسان" بعبوديته متخلياً طوعياً عن حريته فإنَّه لابدَّ قد حَدَثَ أمْرٌ جَلَلٌ!
أمَّا إذا لم يكنْ قد حدثَ أمرٌ جللٌ؛ وإن الأرض لا تزال تدور حول الشمس؛ والشمس لا تزال مشرقة، فإنها في هذه الحالة معضلة حقيقية لا يمكن حلها إلا إذا أخذنا بنظر الاعتبار بأنها حالة مَرَضِيَّة.
4.
يقول المثل الإنجليزي: "ضع نفسك في حذائي!": أيْ تخيل نفسك أن تكون في ظروفي؛ ضع نفسك في مكاني!
لكنني وعليَّ أنْ أقول بصريح العبارة ومن غير أيِّ تردد:
لنْ أضع (ولا حتى أتخيل ولو للحظة واحدة أن أضع) نفسي في مكان هذا المسلم فهدا أمر مخزي!
فـ"روح العبودية" الطوعية لا يمكن أن تكون تجربة تستحق المشاركة والتفهم في ظروف يستطيع الإنسان ألا يكون عبداً لعقيدته.
إنَّ قوة الإجبار والاستبداد يمكن أن تطيح بالجسد وتستعبده؛ تعتقله وتقيد حركته؛ تُكَمِّم فمه وتمنع عنه حرية التعبير- وهذا ما يحدث للناس في مملكة الظلام.
ولكنْ ليس بمقدور مملكة الظلام – أو أية مملكة أخرى أن تصادر عقول الناس الذين يرفضون التخلي عن عقولهم أو أنْ تُفْسِد قدرتهم على التفكير النقدي إنْ تحصنوا ضد هذا الإفساد..
فالخضوع الجسدي الخارجي (الإذعان الاجتماعي والجسدي وتحمل الهراء اليومي) لا يطيح بعقول جميع البشر. فهناك من يظل حراً تماماً يتحدى جبروت عالم الاستبداد الذي يعيش في ظله.
إنها قضية اختيار.
5.
[سجن الجسد سجن مؤقت مهما طال، أما سجن العقل فهو سجن مؤبد]


تعريف العبد والعبودية: غياب الإرادة
مهما تعددت وتنوعت أشكال العبودية في المكان والزمان؛ ومهما اختلفت الشروط التاريخية – الاقتصادية والاجتماعية، فإنَّ ما يربط جميع الأشكال هو شيء واحد أساسي:
غياب الإرادة!
أو بكلمة أدق: تغييب إرادة الإنسان طوعياً أو بالإكراه الخارجي.
فالقاسم المشترك إذن هو غياب الحرية.
أيْ أن العبد هو الفاقد لحرية التفكير والعيش والتعبير.
6.
الهروب من الحرية:
هو العبودية الطوعية والتي تبدأ من العبودية لوهمٍ - لا يهم ما اسمه: "الله" أو "الفيل الطائر" أو "البطاطا المسلوقة". فهي أسماء لا غير – لا تحل ولا تربط. أمَّا "البطاطا" المسلوقة فهي تُشبع الجائع – وهذا ما تعجز عنه خرافة "الله" و"الفيل الطائر".
ملاحظة هامة:
إنَّ "الفيل الطائر" فكرة طريفة ومثيرة للخيال والقدرة على الابتكار.
أما "الله" فهو فكرة سخيفة ومملة وسقيمة.
7.
كيف يحدث هذا الانحراف عن طريق العقل والتفكير السوي؟
كيف يتخلى المسلم عن حريته طوعاً؟
إنَّ مثل هذا الانحراف العميق في العقل والمشاعر الإنسانية لا يمكن فهمه على أساس "الإيمان" فقط.
فالملاحظة اليومية لا تكشف لنا عن تماسك في طبيعة العلاقة الإيمانية ما بين المسلم وفكرة "الله" إلا من حيث النوع ولكن ليس من حيث الدرجة.
ودرجة "الإيمان" في موضوع نكران الذات والحرية الشخصية له قيمة حاسمة لا تقل عن نوع الإيمان.
فلماذا لا نرى ولا نسمع جميع المسلمين يصرخون ليل نار بامتنانهم لعبوديتهم وخضوعهم لفكرة الله ويعبرون عن فخرهم بهذه العبودية؟
ولماذا يمتنع الكثير من المسلمين عن أداء أكثر الطقوس والمتطلبات الدينية أسياسيةً– كالصوم والصلاة والحج والزكاة؟
ولماذا يهجر الكثير من المسلمين الإسلام حاملين في تفكيرهم عقائد مختلفة؟
ولماذا يرفض الكثير من المسلمين العقيدة الدينية الإسلامية وفكرة "الله" باعتبارها هراء لا تستحق الإيمان والتصديق؟
إذنْ "الإيمان" لا يكفي لتفسير هذا الانحراف العقلي والنفسي واستحالة البشر إلى زومبي"zombie" يتخلون "طوعاً" عن عقولهم ويلقون بأنفسهم في لجة بحر الأوهام.
6.
متلازمة ستوكهولم:
فطالما توصلنا إلى أنَّ "الإيمان" لوحده لا يفسر لنا الحالة النفسية المتطرفة للمسلم بالتخلي عن أيِّ شكل من أشكال اعتبار الذات والسقوط في هُوَّة الغياب والرفض الحاسم للحرية والإرادة الذاتية وتفضيل وعي العبودية والخضوع المطلق لفكرة "الله"، فإنَّه لابد وأنَّ ثمة سبب/أو أسباب أخرى تفعل فعلها بموازاة "الإيمان". وإنَّ واحداً من أهم هذه الأسباب هو: تأثير "متلازمة ستوكهولم".
متلازمة "Syndrome" ستوكهولم مفهوم أرسى معالمه الأولية الطبيب السويدي في مجال الطب النفسي الجنائي نيلس بييروت Nils Bejerot (1921 – 1988) بالعلاقة مع أحداث المحتجزين الأربعة عام 1973 في أثناء السطو المسلح على خزانة حفظ المقتنيات في أحد البنوك.
متلازمة ستوكهولم هي ظاهرة نفسية مَرَضِيَّة معقدة حيث يقع الشخصُ المُخْتَطَفُ (أو المحتجز رغماً عن إرادته، أو الذي يخضع للاستبداد والقمع والقهر في الحالات المختلفة لفترة طويلة، أو القمع في إطار الأسرة كالزوجة والأبناء) ضَحِيَّة لحالة من الاندماج العاطفي (التوحد، التطابق، المعايشة المشتركة) غير الواعي بالمُخْتَطِف (بكسر الطاء) أو الشخص الذي يمارس فعل القمع والاضطهاد عليه. ويتمثل هذه "الاندماج" بمشاعر الحب والاحترام والإعجاب إزاء المُخْتَطِف (بكسر الطاء). بل وقد تصل هذه المشاعر إلى حد التعاطف" والخضوع "الطوعي" لقراراته والدفاع عنه وتبرير أفعاله من قبل الشخص المُخْتَطَف (بفتح الطاء).
7.
عبودية الجماهير:
إننا نجد تعبيراً نموذجياً عن هذه الظاهرة في مجال أوسع كثيراً من التجربة الشخصية:
علاقة "الجماهير" الغريبة والمَرَضِيَّة بالحكام المستبدين.
إذ أن مشاعر الخوف والرهبة من هؤلاء الحكام – بل وحتى الكراهية إزاءهم تتحول إلى نوع من التقديس والتمجيد والخضوع المبالغ فيه.
في الاحتفالات "الشعبية" التي تنظمها، وتقوم بـ"كتابة السيناريو لها وإخراجها" مؤسسات الحكم الأمنية العربية، نرى كيف تندفع هذه "الجماهير" التي تعاني من ويلات الظروف المعاشية القاسية وغياب الحريات والفساد المالي والبطالة وسوء استخدام السلطة وتفشي الأمراض وانعدام أبسط الخدمات البلدية إلى تقبيل "يد الرئيس" أو الانحاء والسجود أمامه أو التصفيق باليدين "والرجلين إنْ تَطَلَّب الأمر!" والتهافت إلى لمسه أو تقبيله والهتافات "الحارة" التي "تمزق نياط القلب" بحياته و"منجزاته" الكبرى التي تحدى فيها أمريكا والصهيونية والامبريالية!
وفي كثير من الحالات يؤدي ترحيب "الجماهير" بـ"السيد الرئيس، أو الأب القائد" أو "الأب الحنون" إلى سقوط الضحايا بالسحق تحت أرجل الشعب السعيد بقدوم "سيادة الرئيس"!
إنه باختصار متلازمة ستوكهولم:
إذ تقوم الضحية "الجماهير" بسحق نفسها تحت أقدام "الملك" و"الرئيس" أو أي "خرتيت" آخر تعبيراً عن عبوديتها وخضوعها له (الملك والرئيس والخرتيت) لا احتراماً له وحباً به. فهي تريد أن تثبت له بأنها رغم ما تتعرض له بسبب حكمه ورغم كراهيتها له فإنها تظل خاضعة له وتبعد عنه الشكوك بتمردها ضده حتى لا تلقى منه أسوء ما لقيت حتى الآن.
8.
قد تبدو الآن المهمة أيسر قليلاً لكي نفهم هذا المسلم وكيف يصرخ بالتعبير عن الفخر بعبوديته وتخليه عن أبسط أشكال الشوق إلى الحرية.
إنه نوع من الشعور بالمهانة الذي يتحول تدريجياً إلى شعور بغياب القيمة وتفاهة الوجود.
ولهذا فهو يصرخ: أنا مهان!
إنه يصرخ بحثاً عمن يمد له يد العون ويخلصه من ورطته!

بدلاً من الخاتمة:



الفاشية والإسلام

موسوليني



في مقالة "الفاشية الأبدية" [*] يسعى أُمبرتو إيكو إلى توصيف العناصر المميزة للأيديولوجيا الفاشية باعتبارها أيديولوجيًا متجددة خارج سياق الفاشية الإيطالية.
إنَّ ما هو جدير بالأهمية في هذا السعي هو الكشف عن العناصر المميزة لا لهذه "الفاشية" أو تلك، بل العناصر العامة التي تجعل الأيديولوجيا التوتاليتارية (أياً كانت) أيديولوجيا فاشية. بكلمات أخرى، الكشف عن العناصر "الدائمة" في الثقافة الاستبدادية سواء تلك التي كشفت عنها تاريخياً الفاشية الإيطالية، أو الأحزاب اليمينية الفاشية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، أو تلك الأنظمة التي ظهرت أو لا تزال في أماكن مختلفة من العالم بغض النظر عن الأيديولوجيا المعلنة أو العقيدة الدينية المعتنقة.
فالفاشية، كما يقول إيكو، لا تشكل أيديولوجيا موحدة، بل هي خليط من الأفكار ذات الطابع السياسي والفلسفي المليئة بالمتناقضات.
2.
فقد تحولت الفاشية "إلى مفهوم قابل للتكيف مع كل الوضعيات. فحتى في الحالة التي نحذف من النظام الفاشي هذا العنصر أو ذاك فسيكون من الممكن دائماً التعرف عليه باعتباره كذلك".
ومع ذلك وبالرغم من هذا الخليط، كما يرى إيكو، فإنه يمكن تمييز مجموعة من الخصائص النوعية التي تصاحب الفاشية الأصلية "= الفاشية البدائية الأبدية". بل أنَّ القضية الجوهرية في منطلقات إيكو هي أنَّه ورغم استحالة "تجميع هذا الخصائص في نظام واحد" لأنها خليط من المبادئ التي يمكن أن تتضارب فيما بينها أو أنها تذكرنا بأشكال أخرى للتعصب والاستبداد "ولكن يكفي أن تتحقق خاصية واحدة لكي نكون أمام سديم فاشي"!
3.
لكن المدهش للمراقب الذي لا ينحدر بعينيه وفكره إلى سطح الظاهرة الثقافية الإسلامية ويتغلغل في نسيج البنية اللاهوتية للعقيدة الإسلامية فإنه سوف يصطدم بما لا يقبل الشكَّ بواقع كون الأيديولوجيا الإسلامية (وهذا ما رأيناه بصورة جلية في الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وفي إيديولوجيا الكثير من الحركات الإسلامية) تتضمن عدداً كبيراً من هذه الخصائص حتى ليبدو"السديم الفاشي"، الذي يتحدث عنه إيكو، للثقافة الإسلامية ظاهرة واقعية ويومية من غير أي تكلف.
إنَّ من أهم خصائص الخطاب الإسلامي المعاصر هو أنه يخفي أكثر مما يعلن ويتستر على تاريخه أكثر مما يتحدث عن أوهامه.
4.
فما هي أهم هذه الخصائص التي يوردها إيكو والتي يمكن العثور على آثارها في الثقافة الاستبدادية الإسلامية؟
هذا تلخيص شديد للنص (الصفحات ما بين 70-80) الذي يسرد فيه إيكو هذه الخصائص محاولاً تبين الصورة الإسلامية من خلاله:




 1.

أولاً:
عبادة التراث
إنَّ النزعة التقليدية أقدم من الفاشية.
إن هذه الثقافة الجديدة (التي تستند إلى التراث) ذات طابع تلفيقي.
وهي تسعى إلى خلاصة مزيفة:
لا يمكن أن يكون هناك تقدم في المعرفة. لقد قيلت المعرفة منذ زمن قديم دفعة واحدة؛ ولا يمكننا سوى أن نستمر في تأويل رسالتها الغامضة [تذكروا مثلاً الشيعة الإثني عشرية والباطنية الإسماعيلية].
ويكفي أن نراقب السجل الخاص بكل فاشية لكي نجد أنفسنا أمام المكانة الممنوحة للمفكرين التقليديين الأساسيين.
ثانياً:
رفض العالم الحديث
إن النزعة التقليدية تقتضي رفض العالم الحديث.
لقد كان الفاشيون، مثلهم مثل النازيين، يعشقون التكنولوجيا، في حين أن ذوي النزعة التقليدية يرفضونها عامة. فهي في تصورهم نقيض القيم الروحية التقليدية. ومع ذلك، ورغم أن النازية فخورة بإنجازاتها الصناعية، فإن مدحها للحداثة لم يكن سوى مظهر سطحي لأيديولوجيا مبنية على الدم والأرض.. لقد كان رفض العالم الحديث مستترا في إدانة نمط الحياة الرأسمالية. كما أنه كان يظهر في رفض روح الثورة الفرنسية ورفض روح حرب الاستقلال [1775-1788] الأمريكية ضد الإنجليز.
بل أنَّ رفض العالم الحديث قد امتد إلى حدود أوسع وتمثل في النظر إلى عصر الأنوار وعصر العقل باعتبارهما بداية الانحراف الحديث.
وبهذا المعنى فإنه يمكن تحديد الفاشية باعتبارها لا عقلانية.
ثالثاً:
إن اللاعقلانية مرتبطة أيضاً بعبادة الفعل من أجل الفعل [أو اختلاق القضايا "المصيرية بالنسبة للحركات الإسلامية"!.
يجب أن نقوم بـ"الفعل" قبل التفكير أو حتى بدونه. فالتفكير بالنسبة للفاشية نوع من التهجين. ولهذا فإن الثقافة مشكوك فيها دائماً لأنها ترتبط بالموقف النقدي. وهذا ما دعا غوبلز [وزير الاعلام النازي] إلى التصريح: "عندما أسمع كلمة ثقافة أتحسس مسدسي!".
رابعاً:
لا يمكن لأي شكل من أشكال التلفيق أن يقبل النقد. فالعقل النقدي يقيم تمايزات – والتمييز علامة تدل على الحداثة. فالاختلاف "التمايز" في الثقافة الحديثة أداة من أدوات المعرفة. أما بالنسبة للفاشية الأصلية فهو خيانة.
[ولهذا فإنَّ أول ضحية هي: التعددية]
مقتضى الصدر


خامساً:
رفض الاختلاف:
إن الاختلاف في نفس الوقت هو تعبير عن التنوع.
أما الفاشية الأصلية فتؤمن بالإجماع وتبحث عن استغلال واستثمار الخوف من الاختلاف.
أول بيان أعلنته الحركة الفاشية كان ضد الأغراب: الفاشية الأصلية هي إذن أيديولوجيًا عنصرية.
سادساً:
المؤامرة!
تتوجه الفاشية نحو الذين لا يمتلكون أية هوية اجتماعية (المهمشين) وتعدهم بامتياز يشترك فيه الجميع: تعلن لهم بأنهم ولدوا في بلد واحد.
غير أن الهوية القومية ولكي تكتمل فإنها بحاجة إلى الأعداء. فإن مصدرا لسيكولوجيا الفاشية هو هوس المؤامرة، وكلما كانت دولية كلما كان من الأفضل.
إنهم محاصرون بالأعداء. والوسيلة البسيطة من أجل الكشف عن المؤامرة تكمن في الدعوة إلى كراهية الآخر.
ولكن هذا لا يكفي: إذ يجب أن يكون مصدر المؤامرة في الداخل أيضاً. ولهذا فإن اليهود هم عادة الأهداف المفضلة لأنهم يمتلكون امتياز وجودهم في الداخل والخارج في الوقت ذاته.
سابعاً:
يجب أن يشعر المريدون (الأنصار) بالمهانة بسبب غنى العدو وقوته.
ولكن ومن خلال تحول لا متناهي لسجل بلاغي (خطابي) فإن الأعداء هم أقوياء جداً ولكن ضعفاء جداً أيضاً.
ولهذا فإنه محكوم على الفاشيين أن يخسروا حربهم، لأنهم غير قادرين، من الناحية المؤسساتية، على تقويم موضوعي لقوة العدو[أنظروا ماذا فعلت إسرائيل بالدول العربية والإسلامية!]
ثامناً:
لا وجود في التصورات الفاشية الأصلية لصراع من أجل الحياة!
فالحياة ذاتها هي صراع. وإن النزعة السلمية هي بمثابة تواطئ مع العدو. الحياة هي حرب دائمة. وهذا ما يمنح هذه الحرب مركب أرامجادون Armageddon : طالما كان من المقدر هزيمة الأعداء فيجب أن تكون هناك معركة نهائية حيث تستولي بعدها الحركة الفاشية على العالم.
حسن نصر الله


تاسعاً:
النخبوية:
النخبوية هي مظهر من مظاهر الإيديولوجيا الرجعية. وقد ارتبطت النزعة النخبوية الأرستقراطية وذات النزعة العسكرية باحتقار الضعفاء.
لا يمكن للفاشية الأصلية تجنب الدعوة إلى النخبوية الشعبية:
كل مواطن ينتمي إلى أفضل شعب في العالم، وأعضاء الحزب هم أفضل المواطنين. وإن الزعيم الذي يعرف أن سلطته لم تكن انتخاباً، بل انتزعها بالقوة، يعرف أن القوة مبنية على ضعف الجماهير – إن الجماهير ضعيفة جداً لدرجة تستحق رجلاً مهيمناً أو هي في حاجة إليه – والأمر سواء.
عاشراً:
ووفق هذا المنظور فإن كل مواطن يربى لكي يصبح بطلاً. فإذا كان البطل في الأساطير هو كائن استثنائي، فإنه يشكل المعيار في الإيديولوجيا الفاشية. إن تمجيد البطولة وثيق الارتباط بتمجيد الموت، [أو الشهادة].
جادي عشر:
وبما أن الحرب الدائمة والبطولة لعبتان من الصعب ممارستهما على الدوام، فإن الفاشي يحول إرادة القوة عنده إلى قضية جنسية. وهنا مصدر الفحولة (التي تستدعي احتقار النساء والإدانة اللامتسامحة للأخلاق الجنسية اللاامتثالية من العفاف إلى المثلية). وبما أن الجنس هو لعبة صعبة، فإن الفاشي يلعب بالأسلحة، وهي بديل حقيقي للقضيب: إن مصدر هذه الألعاب الحربية فحولة دائمة.
5.
ليعود القارئ المطلع بذاكرته إلى تصريحات الحركات الإسلامية (التي يطلق عليها: المتطرفة. وهو تعبير مزيف. لأنَّ أيديولوجيًا هذه الحركات هي أيديولوجيا مقتبسة بحرفية بالغة من العقيدة الإسلامية بحد ذاتها) وليتأمل كتاب: "إدارة التوحش"، فما الذي سوف يجده؟
لا توجد فقرة واحدة من برامج الحركات السلفية "المتطرفة" من خارج سياق المبادئ المبثوثة في كتاب محمد وفي تصوراته عن الآخر – المخالف عقائدياً.
لنتأمل موقف المسلمين من المخالفين لهم عن العالم الآخر الذي لا يزال يسموه "دار حرب؛
لنتبصر في/ولنحلل تصوراتهم عن رفض التطور والتقدم والعودة إلى الماضي – القرون الثلاثة الأولى التي "تُختزن" فيها المعارف الكاملة والنهائية!
فليس بالإمكان، بالنسبة لهم، أحسن مما كان، وليس بالإمكان أنْ يُقال أحسن مما كان يُقال فقد رفعت الأقلام وجف الصحف؛
ولنتفحص موقفهم المعادي من الثقافة العالمية والعلم والنقد الذي لا يتفق مع أساطيرهم وخرافاتهم عن أنفسهم وعن العالم؛
هل نسينا كيف قام مرتزقة حركة طالباني ومرتزقة الدول الإسلامية بتدمير التراث الثقافي للحضارات القديمة العريقة؟!
لننظر إلى روح الثقافة الاستبدادية ورفض التعددية التي تتغلغل عميقا في تفكير المسلمين:
فهل نجد في كل هذا ما يتعارض مع العناصر "الدائمة" في الثقافة الاستبدادية سواء تلك التي كشفت عنها تاريخياً الفاشية الإيطالية أو تلك الأنظمة التي ظهرت أو لا تزال في أماكن مختلفة من العالم بغض النظر عن الأيديولوجيا المعلنة أو العقيدة الدينية المعتنقة؟
أين الاختلاف ما بين العقيدة الاستبدادية الإسلامية والعناصر الدائمة المكونة للفاشية؟
بل هل ثمة خلاف إطلاقاً؟
شيخ الأزهر/أحمد "الطيب"
وأخيراً علينا إلا ننسى تحذير أمبرتو إيكو :
إن الفاشية الأصلية قابلة لأن تعود من خلال أشكال بالغة البراءة وواجبنا أن نفضحها!
فهل ثمة شكل أيديولوجي "بالغ البراءة" أكثر من العقيدة الإسلامية؟

[*] من "دروس في الأخلاق، الدار البيضاء 2010".



أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر