1.
ليس حبل الكذب قصيراً كما يُقال!
هذه هي الحقيقة المؤسفة:
الحق أنَّ حبل الكذب طويلٌ – وطويلٌ جداً حتى ليبدو وكأنَّ لا نهاية له!
فعندما يتحول الكذب إلى "موقف ديني" أو ينطلق من قاعدة الإيمان الديني فإنه – كما يبدو – لم يعد "كذباً" – بل يتحول إلى "دفاع" مقدس عن هذا الإيمان!
فتاريخ الكذب الإسلامي الذي طال أكثر من 14 قرناً وعلى جميع المسويات لم ينته ولا يبدو أنه سينتهي قريباً. فالمسلمون مستمرون على الكذب - إنْ تطلب الأمرُ، طالما استحال الدفاع عن "العقيدة" إلى قضية حياة أو موت في ظل غياب الحقائق.
2.
الدين والكذب:
أُجريت في جامعة رجينا (University of Regina) على 400 طالب من السنوات التمهيدية في الاقتصاد دراسة حول الكذب. وقد تبين أنَّ من بين المجموعات الأكثر عرضة للكذب هم الطلاب الذين يشكل الدين بالنسبة لحياتهم أهمية كبيرة.
الحق أنَّ هذا الأمر لا يدهشني!
لكن الشيء المثير للاهتمام هو التفسير السيكولوجي الذي تقدمه الدراسة لهذا الميل:
إن وجود المتدينين في جامعة علمانية وانفصالهم عن الوسط المحيط بهم يجعلهم أقلَّ اضطراراً في أن يكونوا صادقين مع الآخرين.
بكلمات أخرى لا يجد "المؤمن" ضرورة لقول الصدق في وسط علماني!
والآن على القراء أنْ يفكروا جيداً في سلوك مسلمي المنتديات:
هل اعترف أحدهم يوماً بحقيقة "مُرَّة" تتعلق بتاريخ الإسلام، بتناقضات وأخطاء كتاب محمد العلمية واللغوية والتاريخية وسخافة موضوع الإعجاز؛ بآلاف الأحاديث السنية والشيعية المختلقة والمضحكة والمثيرة للفضائح والسخرية؛ وهل اعترفوا بما قام به المسلمون ولا يزالون يقومون به من استبداد ونفي ورفض وإقصاء وتكفير للآخرين المخالفين لهم؛ وهل اعترفوا بعدائهم للأديان الأخرى؛ بقوانينهم المجحفة بحق المواطن الذي يرفض عقيدتهم؛ بمواقفهم الإرهابية إزاء الملحدين؛ بجرائم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا؛ بالعمليات الإرهابية الموجهة ضد الأبرياء في المدن الأوربية والعربية؛ وأخيراً وليس آخراً بأطنان الشتائم الموجهة ضد المخالفين والرافضين لهم والملحدين وأعراضهم والتشكيك بشرفهم وأخلاقهم؟
الجواب: لا.
بل هل اعترفوا اعترافاً صادقاً وحاسماً بأنَّ الأرض كروية تدور حول الشمس التي تقف في مكانها ثابتة منذ أنْ ظهرت ولا تتنزه أو تسافر أو تغرب في "عين حمئة"؟!
3.
إذن:
ليس المؤمن مضطراً لكي يكون صادقاً مع الآخرين!
هذه حقيقة طبيعية!
وتكتسب هذه الخلاصة أهمية خاصة في حالة المسلمين/مجاهدي الانترنت وقد سبق لي أن توصلت إليه أنا شخصياً سواء على مستوى تاريخ الدفاع اللاهوتي الإسلامي العام أمْ على المستوى الضيق في إطار منتدى الملحدين (يمكن ملاحظة هذه الظاهرة في المنتديات الأخرى أيضاً) وقد عبرت عن هذه الخلاصة في عشرات المقالات.
فثمة الكثير جداً من الحالات التي يكذب فيها المسلمون أكاذيب صريحة فاضحة لا ريب فيها، وكما يقول المثل الشعبي، من غير أنْ يرفَّ لهم جفنٌ!
لماذا؟
لأن وظيفة "الجدال" عندهم ليس الدفاع عن الحقيقة بل عن عقيدتهم، أو طائفتهم، أو الفرقة التي ينتمون إليها، أو الحزب الإسلامي الذي هم في صفوفه، أو من أجل "أكل العيش" وَهُمْ كُثَر!
هنا يتحول المسلم إلى منافق – ومنافق من الطراز التعس: يطالب الآخرين ما يرفض القيام به هو نفسه؛
ويتحول المسلم المنافق إلى شيخ للمنافقين: لأنه يتخصص في نشر الأكاذيب والادعاءات وتشويه سمعة الملحدين بصورة علنية ومبطنة.
4.
غير أن ثمة نوع آخر من الكذب - وهو أسوء أنواع الكذب:
التدليس!
الصمت أمام الوقائع الكاذبة، أو عدم الاعتراف العلني بحقائق الطرف المخالف؛ التغاضي عما يقوله المخالف (بغض النظر عن مضمونه) خدمة لأغراض عقائدية، "استهجان" ما يقوله الرافضون للدين عن الدين لكنه يصفق ويهلل (وفي أحسن الأحوال يلوذ بالصمت السافل والحقير) لما يقوله المسلمون أنفسهم من بذاءات موجهة إلى الملحدين واللادينيين والمعارضين للدين.
وكل هذا من باب الكذب.
في سلوك الكذَّاب نوع من "الشجاعة" الوقحة!
ولكن في سلوك المدلس الصامت نوعاً من الجبن المهين.
5.
إنَّ المسلم يواجه الآخرين بقناعين:
- قناع الفضيلة المزيفة والأدب الكذاب والتقوى المُضَلِّلة؛
- وقناع الكراهية والمقت والاحتقار لكل مخالف لهم. هذا هو القناع "الخَفَر" الجاهز في كل لحظة وعلى مدار الليل والنهار.
هذه هي الوقائع اليومية والسيرة الذاتية لجميع مسلمي المنتديات.
فهل ثمة استثناء؟
ليقدمه لي من يعتقد بوجود هذا الاستثناء!
6.
ولن انتهي قبل أنْ أمرَّ على كتاب محمد.
فالمسلمون لا يكفون عن ترديد أسطورة إن كتاب محمد قد طالب بالصدق وحرَّم الكذب ويقتبسون ما تيسر لهم من "الآيات" عن "مكانة" الصدق في كتاب محمد. والسؤال الهام الذي على المرء طرحه:
هل ثمة نصوص واضحة جلية قاطعة تطالب المسلمين بالصدق فيما بينهم أو مع الآخرين أمْ الصدق مع "الله" ؟
وما هو نوع الصدق الذي يطالب به محمد أصحابه؟
ألا يكذبوا عليه!
ألا يضمروا ما يفكرون به ضده!
هذا هو "الصدق" الوحيد المُطَالَبُ به المسلمون وما عدا هذا فإنهم يلبسون عشرات الأقنعة حسب الطلب والحاجة وأحكام التقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق