منع

وجه الاستدلال في أن الله قد سمع أغنية الأطلال!



1.
الكل قد "سمع"، شاء أم أبى (فصوتها يلعلع في كل بقعة من المدن العربية: في المقاهي والبارات وسيارات الأجرة والمؤسسات الحكومية والمحلات التجارية وكأن صاحب الزمان قد ظهر) أغنية "الأطلال" للمغنية العجوز
وربما الكل قد "رأى"، شاء أم أبي (فصورتها تتراءى حتى في الثلاجات والمبردات وفي كل جهاز يشبه التلفزيون العربي) كيف تتلوى وتعصر منديلها وتذوب عجوزتنا من أَلَمِ الفراق على الحبيب ساعات طوال [أغنية واحدة للعجوز تعادل أوبرا كاملة من حيث الزمن!] أمام الحشاشين ببدلات سوداء وأربطة عنق وهم يتلوون معها رغم أنهم يشتمون الحب والغرام ليل نهار:
يا فؤادي لا تسل أين الهوى
كان صرحاً من خيالٍ فهوى
اسقني واشرب على أطلاله
واروِ عني طالما الدمع روى
2.
إن السؤال الكبير الذي يعجز عن إدراكه الناس البسطاء هو التالي:
هل سمع "الله" أغنية الأطلال؟!
إنني لا أسأل فيما إذا كانت قد عجبته أمْ لا – ولهذا لم اسأل فيما إذا "استمع"، فهذا أمر لا يمكن البت به وطريق الاستدلال عليه مسدود. فربُّ المسلمين ليس من النوع الذي يكشف عما يدور في خلده في ساعات الخلوة والاسترخاء.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالسماع والرؤية مثلاً فإن الأمور تختلف بعض الشيء.
3.
فكيف نستطيع أن نقرر بأن الله قد سمع العجوز؟ 
الحق أنني لا أعرف مَنْ هو أطول عمراً: الله أم العجوز! فهو يستوي على عرشه في حيز من الفضاء الفاصل ما بين السماوات السبع والأرض – لا أحد يعرف في أي سماء يوجد العرش؟
فمشاغل الله تبدأ ولا تنتهي: فهو من صلاة الفجر حتى صلاة العشاء يستمع لأنصاره وهم يرفعون كفوفهم متوسلين إليه أن ينفذ طلباتهم وكأنه أحد البرامج الإذاعية العربية من نوع "طلبات المستمعين"!
فسجل الطلبات طويل ووقت الله قصير:
سيارة جديدة؛
زوجة جميلة؛
النجاح في الامتحانات؛
مبلغ من النقود لشراء بيت جديد؛
طول العمر كآدم؛
أو أن يقصف حياة العدو – العدو أيضاً مسلم وأيضاً يتوسل إلى الله لكي يقصف عمر الأول؛
وفي مباريات كرة القدم للفوز بكأس الجمهورية أو المملكة كل فريق يطالب بحقه بالفوز من الله ضد الفريق الآخر؛
والسياسيون جميعهم يطلبون الفوز في الانتخابات – كل واحد منهم على الآخر؛
والكنة تدعو على زوجة ابنها؛
والجار يدعو على جاره الظالم ويطلب من الله نهاية حياته وإبادة نسله إلى يوم الدين؛
ونائب رئيس الإدارة يدعو من الله أن يغص رئيس الإدارة بعظم من السمك حتى يحل مكانه؛
هل أستمر؟
فمن أين لله الوقت الفائض حتى "يستمع" لـأغنية العجوز "الأطلال"؟
وفوق كل هذا فهي تطلب بلسانها تعاطي الخمر " اسقني واشرب على أطلاله" والله لا يحب الخمر - ولكن لا أحد يعرف فيما إذا حرمه أم لا فعلاً!
4.
وعندما أعياني البحث قررت العودة إلى كتاب المسلمين. ففيه جواب على كل سؤال يخطر ببال بشر من بدء الخليقة إلى يوم الحشر!
وحالما تصفحت هذا السِّفر الحكيم حتى وجدت 15 مرة يكرر الله بأنه:
"السميع العليم"!
إذن هو "يسمع" غناء العجوز – هذا أمر لا ريب فيه [أما أنه "يستمع" فهذا ما لا يعرفه غير الراسخين في العلم]
وهذا برهان – بل هو أبو البراهين بأن الله لم يسمع العجوز وهي تغني فقط، بل قد سمع طلبات البشرية جمعاء.
وإذا لم نزل نجهل رأيه بغناء العجوز فإننا على ثقة كاملة ولدينا ما يكفي من الأدلة (المادية والعقلية) بأنه قد أرسل جميع الطلبات إلى الجحيم!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر