[أول لقاء لماكبث بالساحرات الثلاث: لوحة زيتية، 1855، تيودور تشاسريو متحف أورسيه في باريس]
حُرِّرَت آلاف الصفحات على عجز البشرية جمعاء في الماضي والحاضر والمستقبل بالإتيان "بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ" وقام المسلمون بتعبئة كل من يمتلك قلماً (أيام زمان) وكل من يمتلك لوحة مفاتيح (الآن - ولا أحد يعرف كيف سنكتب غداً) في الرد على القائلين بركاكة نص القرآن والبرهنة على إعجاز القرآن الذي خرج عن حدود كل القوانين الكونية والأرضية على حد سواء!
وقد تحول المنطق المتهالك والركيك الذي شرع به المسلمون منذ عصر التدوين والذي يتمثل في عجز المعاصرين لمحمد عن كتابة سورة من سور القرآن إلى حجر أساس في خرافة المصدر الإلهي له.
2.
وهذا يعني أنَّ لا بشر مولود من امرأة قادر على اختراق المعجزة!
ومن قرأ شكسبير فإنه لابد وقد أدرك بأنني ألمح إلى واحدة من نبوءات الساحرات الثلاث في بداية مسرحية "ماكبث" عندما أخْبَرْنَ ماكبث بأنه لا رجل وُلِدَ من امرأة قادر على قتله!
وإذ اعْتَبرَ ماكبث نفسه محصناً من أن يكون ضحية لحَمَّام الدَّم الذي بدأه هو بنفسه فإنه في نهاية المسرحية يتم قتله بسيف رجل لم يلد من امرأة: فقد أُخْرِج من بطن أمه بولادة قيصرية!
3.
والآن يتبادر إلى ذهني (رغم ما أتوقعه من ردود فعل من قبل "جنود الله الميامين" على الجبهات "الإنترنتية") سؤال (ربما!) لم يطرحه أحدٌ لحد الآن. ومع ذلك فثمة احتمال أن يقدم جنود الله الميامين لنا إجابات قد تكون مفاجأة وخيالية على عادتهم. ولكن مَنْ يعرفُ المسلمين جيداً سوف يحزر مقدماً المنطق الذي يغلف الإجابة.
إذن، لا بشر مولود من امرأة قادر على اختراق المعجزة الإلهية وأن يكررها حتى ولا "بآية واحدة من مثله"!
3.
ولكن هل أَبُو القَاسِم مُحَمَّد بنِ عَبد الله بنِ عَبدِ المُطَّلِب (إذا صح أن هذا اسمه) رجلٌ كأي رجلٍ آخرَ، وبشرٌ كأيِّ بشرٍ آخرَ؟
لنقرأ ما يقوله أصحابه المعاصرون:
وقد أعطاه الله في الدنيا شرف النسب وكمال الخلقة، وجمال الصورة وقوة العقل، وصحة الفهم وفصاحة اللسان وقوة الحواس والأعضاء، والأخلاق العلية والآداب الشرعية من: الدين، والعلم، والحلم والصبر والزهد والشكر والعدل والتواضع والعفو والعفة والجود والشجاعة والحياء والمروءة والسكينة والتؤدة والوقار والهيبة والرحمة وحسن المعاشرة ما لا يستطاع وصفه وحصره.
كما أن الله أخذ العهد والميثاق على جميع الرسل والأنبياء أن يؤمنوا به ويتبعوه إذا ظهر في عهدهم؛
أنَّه أوْلَى بالأنبياء؛
إمامته بالأنبياء في بيت المقدس؛
أن الله غفر له ما تقدم من ذبيه وما تأخر؛
عموم رسالته للناس كافة؛
عموم رسالته للثقلَيْن (الإنس والجن)؛
خاتم النبيين والمرسلين؛
بقاء معجزته (القرآن) ليوم الدين؛
أن الله أقسم بحياته:" لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ"!
أن الله ناداه في القرآن الكريم بصفته بخلاف غيره من الأنبياء؛
أوتي جوامع الكلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ)؛
أُوتي مفاتيحَ خزائنِ الأرضِ؛
أُوتي خواتيم سورة البقرة؛
أُوتي فاتحة الكتاب؛
جعلت له ولأمته الأرض مسجدًا وطهورًا؛
أن ما بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة؛
وهناك من قال بأنه ظهر على يدي محمد ألف معجزة. وقيل: ثلاثة آلاف. وقد اعتنى بجمعها جماعة من الأئمَّة؛
وهو مدينة العلم (وحتى لا يزعل الشيعة: وعلي بابها!)؛
بل هو عالم بالفلك والطب والجغرافية والتاريخ والحيض والنجاسات وأسرار الكون والنجوم؛
ويمكن القول أضعاف هذا الكلام - فلا ضرورة لتأكيد ما لا حاجة للمسلمين في التأكيد عليه.
4.
وها هو سؤالي اليتيم الذي(ربما!) يُطرح لأول مرة:
إذا لم يكن بمقدور بشرٍ مولودٍ من امرأة أن يخترق المعجزة القرآنية؛ وإذا لم يكن القرآن من تأليفِ محمدِ نفسه:
فهل كان بإمكان محمد أنْ يأتي " بِسُورَةٍ مِنْ مِّثْلِهِ"؟
[لنفكر جيداً قبل الإجابة ....]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق