منع

من كتاب البشر [1]: نهاية مسلم رفض التوكل على عقله!

صورة أسد
[الأسد: لا تحملوني تبعات إيمانكم – اسألوا صاحبكم! واتركوني وشأني]

ما يشبه المقدمة:
قرأت في كتاب ممزق الغلاف يحكي عن البشر – الحق أنه يحكي عن حماقات البشر، حكايات غريبة تروي كيف أن الإنسان لا يتعظ بأحداث الزمان. فيرتكب الأخطاء تلو الأخطاء وكأنَّ الإيمانَ بأنه يمتلك حرز الأمان سيخلصه من مخاطر الأُسُود وآفات الزمان.
والمأساة عادة تبدأ من خطأ لا يدركه "البطل". والخطأ هذا نتيجة انعدام المعرفة. وحالما يدرك البطل – أو يتعرف على هذا الخطأ فإننا ندخل في رحاب المأساة ونهاية البطل.
إذن، اللامعرفة هي مصدر كوارث الإنسان!

حكاية الأرانب والأسد والإنسان
1.
كان الشهر رمضان – من أشهر الحرم في ذلك الزمان: لا يقتل فيه الأنسانُ الإنسان ولا الحيوان [هكذا يدعي الكثير من المسلمين]، قام صديقان برحلة لصيد الأران[*] في غابة تقع على حافة بركان.
وبعد أنْ صَادا ما صَادا وعَادَا وكأنهما فخوران بقتل الثعالب والأران وبينما كانا يسيران قرب منعطف على قاب قوسين أو أدنى من حدود الأمان وفي لحظة ما تبادر إليهما بأنهما قد سمعا زئير أسد جوعان [كلمة جوعان زائدة لغرض الفاصلة!].
فقال أحدهما للآخر:
- "يا رحمن يا رحيم أنتَ الكفيل العليم"، هل سمعتَ ما سمعتُ أنا؟
- إنه زئير أسدٍ لا ريبَ في ذلك!
- هل تجزم في الأمر؟
- هذا ما أظن؟
- ألا تعرف بأنَّ بعض الظنَ إثم؟ علينا أن نتأكد من ذلك؟ فالعزيز الكريم يقول: "وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"!
- وأنا أعرف أن في البعض الآخر الأمان. فالتهلكة سوف تحلُّ بنا إذا واصَلْنا الكلام وسَيُلقي الجميع علينا السلام! لقد اقتربنا من مفترق الطرق المؤدي إلى القرية وما علينا إلَّا أنْ نطلق سيقاننا للريح!
- لا تفقدْ الأملَ في رحمة الله يا رجل! توكل على الله ففي التوكل أمان!
- لكننا لا نعرف من أين يأتي الصوت؟ لنأخذ أقصر الطرق وأفضل الاحتمالات وأقرب القرارات إلى العقل!
- الحل هو الاستخارة بالقرآن!
- أنت استخر بالقرآن، أما أنا فاخترت أقصر الطرق إلى الأمان!
2.
وانطلق في الطريق القصير المؤدي إلى القرية حتى غاب عن الأنظار عند المنعطف. أما الصديق الآخر فقد تسمر في مكانه وهو يستخير بالقرآن:
- "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ فأَرني من كتابك ما هو مكتومٌ من سرِّك المكْنُونِ في غيبكَ ... اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ فأَرني من كتابك ما هو مكتومٌ من سرِّك المكْنُونِ في غيبكَ ... اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ فأَرني من كتابك ما هو مكتومٌ من . . . . .".
وقبل أن يكمل المرة الثالثة (وهي عادة المرة الحاسمة في علم الاستخارة – ولكل شيء علم في الإسلام) ظهر الأسد من خلفه وهو يحدق به مستغرباً من حماقات الإنسان – لا أعرفُ إنْ كان الأسدُ يعرف أن الرجلَ مسلمٌ، ولكن حين يتعلق الأمرُ بالجوع فلا فرق ما بين الأديان!
فأخذ صاحبنا يرتجف وهو يردد:
-"اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ وتوكّلتُ عليكَ فأَرني من كتابك ما هو مكتومٌ من سرِّك المكْنُونِ في غيبكَ"!
ولكن ثمة مشكلة "تقنية" بسيطة هي أن اللهَ، وكالعادة، لم يكشف في "كتابه" ولا في أي مكان ما هو مكتوم من أسراره المكنونة كما أنه كان مقتضباً اقتضاباً شديداً من غير أية تفاصيل وهذا يعني أنَّ صاحبنا اشترى كتاباً من غير أهم شيء: Help!
[هذه واحدة من أهم مشكلات الكتب "المقدسة" – ليس ثمة ملحق خاص بطريقة الاستخدام!]
3.
وبعد نصف ساعة أو أكثر بقليل عاد الصديق الأول ومعه بضعة رجال من أهل القرية ممسكين بالعصي والخناجر والسيوف الصدأة. لكنهم للأسف قد تأخروا "بعض الشيء". فلم يجدوا من الرجل غير بقاياه على أرض الغابة ورائحة البخور والموت.
فرتل الجميع بصوت واحد سورة الفاتحة وختموها بـــ :
- "رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته"!
- آمين ....
ثم ذهب كل واحد منهم للقيام بصلاة الصبح وكأنَّ شيئاً لم يحدث!

ملاحظة:
كانت الصفحة الأخير من القصة ممزقة. وعلى عادة هذا النوع من الكتب ثمة عبرة ما تنتهي بها كل حكاية. غير أن العبرة سقطت مع الورقة الساقطة. ولهذا سأكون راضياً كل الرضى إن استلمت مقترحاً بصدد عبرة هذه الحكاية.

[*] الأران لغة في الأرانب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر