منع

من خرافات الثقافة الإسلامية [1]: فِقْهُ الشَّعْر!

هارنام كور Harnam Kor الفتاة الملتحية


[إنَّ مصيرك لمجهول يا هارنام كور Har

Harnaam Kaur

 – فلديك مشكلة مع محمد!]

1.
ليس ثمة دين أخر "يصرُّ" على التدَّخل الفظ في حياة الإنسان غير الإسلام. إذ تحول هذا التدخل الفظ إلى "فِقْه" يتضمن أحكاماً ملزمة طالما تفوَّه بها يوماً نبيهم (أو هكذا يقولون) ذو الأخلاق السمحة والويل لمن يخرقها.
ويحتل "فقه الشَّعْر" مكانة هامة في إطار المحرمات اليومية الكثيرة التي تطول النساء والرجال على حد سواء.
لكن عبث هذه الأحكام في حالة المرأة يصل إلى منتهاه.
فإزالة الشعر (أو عدم إزالته) تتحول إلى أحكام صارمة مفروضة من الخارج لا قضية شخصية يحددها الشخص. وفي حالة المرأة تبدو وكأنها رغائب رجالية.
2.
ولأنَّ "معرفة السبب يُبطل العجب" كما يقول الناس فإنَّ الأمر يتضح حينما نعرف بأنَّ مصدر هذه الحكام هو محمد بن عبد الله ولا أحد غيره!
فربما في تدخل محمد بن عبد الله في حياة المرأة شيء من المنطق – إن كان في سلوك محمد شيء من المنطق!
فهو يقضي يومه مع النساء ولا أحد يعرف متى يتفرغ "للنبوة"!
ولأنَّ النساء هنَّ عالمه اليومي (فهو يطوف الليل على نساءه) فقد قرر التفرغ لتقنين حياتهن حتى أصغر التفاصيل.
3.
فليس من حق المرأة (والرجل طبعاً) ترك شعر الإبط والعانة. وهي إن تركته فلا يحق لها تركه أكثر من أربعين ليلة"!" (وإذا كانت اثنتين وأربعين ليلة؟)
ولا يحق لها مثلاً أن تزيل من الحاجبين شيئاً.

[الويل لك يا هارنام كور. فأنت نامصة متنمصة!]
لماذا؟
لأن صلعم قد "لعن النامصة والمتنمصة"[في حديث صحيح متواتر!]!
فما علاقة الدين بجسد المرأة وحواجبها؟
هل فكروا يوماً في ذلك؟
حسناً كيف على المرأة أن تغسل قدميها؟ أيهما ستكون الأولى – القدم اليسرى أم اليمنى؟
ما هو طول شعر رأس المرأة المنسجم مع تعاليم المصطفى؟
4.
إن الأحكام اللاهوتية الإسلامية لإزالة (أو عدم إزالة) الشعر من مناطق جسد المرأة المختلفة لا علاقة لها بالزينة.
فزينة المرأة من المحرمات كما يقول الكهنوت وهذا يعني أن الأحكام الفقهية لإزالة الشعر من بعض المناطق وعدم إزالته من مناطق أخرى هي قضية تتعلق باحتياجات محمد بن عبد الله وتفضيلاته الجنسية.
فهو الذي يقرر ما هو الحرام والحلال؛
وهو الذي يقرر كيف على المرأة أن تهتم بنفسها.
أما شيوخ العته اللاهوتي – السنة والشيعة فقد قاموا بتقنين هذه الأحكام ومنحها الصيغة الملائمة للاستهلاك (وعلينا أن نحمد الله ونشكره لأن هذه القواعد لا تزال خارج الدساتير!).
5.
إذن الموضوع لا يتعلق بالزينة.
وليتجنب المجاهدون السخف بحشر النظافة في الموضوع. لأن أربعين يوماً يُترك فيها شعر الإبط والعانة هو أمر ابعد ما يكون عن النظافة.
أما الرقم "40" فيبدو أن له قيمة إعجازية كما عودنا المسلمون!
إنه ببساطة هراء اللاهوت الإسلامي ولا شيء آخر.

ملاحظة عابرة:

أنا شخصياً أفضل المرأة حليقة شعر العانة والإبط. ولكن ما علاقة "تفضيل" جنابي وجناب سيد المرسلين بـ"تفضيل" نساء العالمين؟!

وما قيمة ذوقي الشخصي إزاء حق المرأة الشخصي في أن تحلق أو لا تحلق شعر العانة والإبط؟

بل ما هو "موقعي من الإعراب" و"موقع المصطفى" على حد سواء من موضوع حلق شعر العانة والإبط بالنسبة للنساء؟

هذه قضية تخص النساء والنساء فقط يا"حبيب الله" ولا علاقة لك بهن إطلاقاً . فكن مهذباً ولا تتدخل فيما لا يعنيك - وبقية المثل يعرفه الجميع!


قاموس:
تَنَمَّصَتِ المرأةُ: نتَفَتْ شعرَ جبينها بخيط (وفي الحديث:لُعِنَت النَّامصةُ والمتنمِّصة).
امرأةٌ نامصة: تزيِّن النِّساءَ بالنّمص - أي الحفَّافة. والنمص هو الخيط الذي تستخدمه الحفَّافة في "الخفِّ".

للإطلاع على قضية الفتاة Harnaam Kaur انظر: الوكيبيديا

من بلاغة القرآن: تفسير الآية 50 من سورة الأحزاب – الجزء الثالث والأخير

"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا "
[سورة الأحزاب :50]

[هل هذا كلام يانبي الإسلام؟!]
1.
كما اتضح بنص "الوحي"(وهو نصٌ لا ريب فيه ولا تخريف! ) فإنَّ الله قد خاطب "المصطفى" شخصياً مُطْلِقَاً العنان لغريزته داعيا له بحب وتفهم بأنَّ عليه ألا يتردد في نكاح من شاء ومن سوف يشاء أن ينكح وقد حددهن بصورة معجزة ولم ينس واحدة منهن:
"وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ".
فالله سبحانه وتعالى وحين فتح له أبواب النكاح من الغريبات على مصاريعها فإنه لم يبخل عليه من القريبات.
وفي هذا التحليل والإباحة، أحبائي، تقع زينب بنت جحش بنت خالته في حكم المشاعة ولا حرج في أن يضمها إلى نساءه طالما رفَّ لها قلبه وطار بجناحين من أجنحة الملائكة. فـ"زينب"، أيها الأخوة، امرأة – والمرأة خُلِقَتْ للرجل من ضلعه وهي حليلته وحرثٌ له.
2.
لكننا (وأقول "لكن" بالقلم العريض) نرى أنَّ لؤم اللؤماء وشبهات الملحدين لم تترك الرسول بحاله وهو يعيش حياته بتواضع – كما لم تترك نكاح الرسول صلوات الله عليه كما هو أبيضَ ناصعاً لا لوثة فيه بل قرروا ما قرروا وقالوا بأنَّ المصطفى قد سرق من ابنه زوجته وهذا اجحاف وأفك وافتراء ما بعده إجحاف وأفك وافتراء!
ألم يدروا ما قال "الله" شخصياً: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شيء عَلِيماً مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيماً"؟!
فهل ثمة "دليل نقلي" أكثر قوة وصلابة من هذا الدليل؟!
إذن، عن أي ابن يتحدثون والله يعرف ما لا يعرفون!
وهو يدري ما لا يدرون!
وهو يرى ما لا يرون!
وهو إنْ بحلق فما لا يبحلقون!
عن أبي عبد الله الأدرد العبسي عن أبيه عن جده عن حريب بن عنزة عن أبي هريرة، قال: حدثني يونس عن أبي زيد عن وكيع قال: قلت: يا رسول الله ما قصة نكاحك من زينب بنت خالتك؟ يقولون إن الله قد أعجب بها فزوجك إياها. فهل هذا صحيح؟ كان رسول الله (ص) يشخبط على تراب الأرض بعود من أغصان التمر حروفاً وهيئات غريبة، ثم رفع راسه وقال: يا وكيح، قال رسول الله كما اعتاد أن يلاطفني، لم أنكح امرأة إلا برضى الله وإرادته. قلت: وهل كان الله سبحان إرادته يرغب بزينب. فشرع رسول الله (ص) يضحك حتى بانت نواجذه وقال: لا أحد يعرف نواميس الله، ومن أدْرِكَ نواميسه حلَّ محله. وهذا كفر صريح ثم رفع يده الرحيمة ولطمني على وجهي حتى كاد يصرعني ثم قال بصوت حنون رؤوف: هل فهمت يا وكيح؟ (حديث صحيح – صححه محمد آغا الباكستاني اللاهوري، ما صح من أحاديث الرسول وما بطل، المجلد الخامس – ص 130، مطبعة إسلام أباد، بدون تاريخ).
للمزيد من التفصيلات حول رحمة المصطفى روحي فداه، أنظر:
3.
وأما قوله تعالى:
"وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ"
ففيه حكمة لطيفة وموعظة عميقة جداً جداً – أليس هو الواعظ الحكيم؟!
فهو يقول له بالحرف الواحد: استنكح "حبيبي" أيها النبي (ومن جديد يخاطبه شخصياً روحي فداه) أية امرأة- طبعاً أن تكون مؤمنة - تتبرع بنفسها لك وحدك لا شريك لك خالصة من دون الناس أجمعين.
عن عائشة رضي الله عنها وعنا جميعاً قالت: "كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن من النبي صلى الله عليه وسلم وأقول: أتهب امرأة نفسها؟ فلما أنزل الله: ( ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ) قلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك .
وإن قول أم المؤمنين رضي الله عنها (ما أرى ربك إلا يسارع في هواك) هو افتراء عليها قام بدسه الملحدون العرب، لعنة الله عليهم أجمعين!
وهذا هو البرهان الصحيح:
حدثنا فلحوط الأخرس عن أمه عن أبيها عن جعدان البقري عن أبي هريرة عن وكيع، قال: فلما أنزل الله: (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ) قالت أم المؤمنين عائشة: "سارع الله في حكمه وحكم الله لا هوى فيه ولا ميل أو محاباة".(حديث صحيح – صححه محمد آغا الباكستاني اللاهوري، ما صح من أحاديث الرسول وما بطل، المجلد الخامس – ص 500، مطبعة إسلام أباد، بدون تاريخ).
أرأيتم، أيها الأخوة الأعزاء، الفرق ما بين القولين وكأنه الفرق ما بين شعر الرأس وأخمص القدمين!
4.
وأما قوله تعالى: "قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"!
فإن الاعجاز فيه يتخطى المعقول ويسمو بالعقول إلى منابع الأصول وإنَّ المحصول أكثر غناً من كل الفصول. فربنا، علا شأنه فوق جميع الشؤون، لم تَفُتْه، كما تفوت البشر، لا شاردة ولا واردة. فهو حين يبدأ لا ينتهي؛ وحين يُطلق حرية الاختيار لنبيه لا يكتفي بالقليل. فهو خاتم الأنبياء وله حق الامتياز واحتياز ما لذ وطاب.
ولأن الله عادل والعدل سمة فارقة له يا حبيبي يا الله– وهذا ما يعرفه الجميع، فإن ملك اليمين حق منحه الله للمسلمين جميعاً– وهذه هي الحكمة: فالنساء إن منحن أنفسهن فلخاتم المرسلين فقط. أما "ملك اليمين" فإن عددهن يفوق حاجة الرسول فأشرك الله عباده في هذا الحق.
يا له من سماحة!
يا له من عدل!
وفد قال زميلي الشيخ الشنقيطي (الذي أحترمه جداً جداً) رحمه الله ورحم أمواتنا جميعاً:
"وسبب الملك بالرق: هو الكفر، ومحاربة الله ورسوله، فإذا أقدر الله المسلمين المجاهدين الباذلين مهجهم وأموالهم، وجميع قواهم، وما أعطاهم الله لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار - جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المن أو الفداء؛ لما في ذلك من المصلحة على المسلمين.
وهذا الحكم من أعدل الأحكام وأوضحها وأظهرها حكمة. وذلك أن الله جل وعلا خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه، ويمتثلوا أوامره ويجتنبوا نواهيه".[أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن -ج3، 1979، ص: 387]
ثم يقول:
"فعاقبهم الحكم العدل اللطيف الخبير جل وعلا – عقوبة شديدة تناسب جريمتهم؛ فسلبهم التصرف، ووضعهم من مقام الإنسانية إلى مقام أسفل منه كمقام الحيوانات" [المصدر السابق: ص 388]
أيْ والله لقد صدق صديقي الشنقيطي: وهذا الحكم من أعدل الأحكام وأوضحها وأظهرها حكمة!
فهل ثمة عدالة أعدل من أن تبيح أعراض الناس وتستعبدهم وتستنكح نساءهم وبناتهم بأمر الله وطاعة لله وحباً لله؟!
لقد أنزل العادل الحكيم بالبشر إلى منزلة الحيوانات لا كرها أو حقداً عليهم – حاشاه من الكره والحقد – بل عطفاً عليهم وتأديباً لهم!
فهو الأب الحاني؛
وهو الأم الحنون!
5.
كما ترى، أخي القارئ اللبيب، فأن النكاح الذي لا حدود له ليس مجرد نزوة، استغفر الله من النزوات والغرائز والرغائب، بل هو عقيدة ربانية راسخة. ألم تسمعوا وتقرأوا في جميع المصادر الموثوقة قوله صلى الله عليه وسلم: (النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فقد رغب عني) ؛
وقوله: (النكاح سنتي فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي)؛
وقوله روحي فداه: (تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط
وقوله أيضا صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتي فليس مني وإن من سنتي النكاح فمن أحبني فليستن بسنتي) .
وغيره الكثير ...
فالنكاح دين الإسلام. وإذا ما سقط منه النكاح لم يتبق منه غير القشور. وهذا ما يريده ويسعى إليه أعداء الإسلام والنكاح.
وكما يقول زميلي الغزالي:
"وهذا يدل على أن سبب الترغيب فيه خوف الفساد في العين والفرج والوجاء هو عبارة عن رض الخصيتين للفحل حتى تزول فحولته فهو مستعار للضعف عن الوقاع في الصوم وقال صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وهذا أيضا تعليل الترغيب لخوف الفساد وقال صلى الله عليه وسلم (من نكح لله وأنكح لله استحق ولاية الله". [إحياء علوم الدين، ص 96]
6.
وهكذا أخي القارئ الكريم، نأتي إلى نهاية تفسيرنا الموجز لعلنا أفدناكم ووفرنا عليكم البحث في بطون الكتب (أو في أي مكان آخر منها) وإن هدفنا خدمة الله ورسوله وكتابه وجميع المؤمنين واللامؤمنين والملحدين لعلهم يعثروا على السراط المستقيم وأن يتمسكوا بقوةٍ بحبل الله - لعنة الله عليهم.
تم التفسير بعونه الكبير وهو التفسير المختصر للصغير والكبير ....
لا تنسوا لنا الدعاء!


[تم التفسير المختصر بعونه!]

علوم شرعية: مشكلة دخول الجن وخروجه من بدن الممسوس!

الجن

1.
لم أكن أعرف بأنَّ "الجني" له رغائب تتعلق بالأماكن التي "يدخل" و"يخرج" منها من بدن الممسوس وذلك بعد أن يطلب منه "بلطف رباني" من يرقي بالرقى الشرعية الخروج من بدن الممسوس!
فقد ظهر بأن هذه أمور "معقدة جداً جداً!" من الناحية التقنية (فهو نوع من الهندسة المكانية الجِنْيَّة) وتحتاج إلى تأمل وخبرة بعض الشيء!
فتكنولوجيا إخراج الجن من الممسوس ذات قواعد وآليات خاصة يجب الالتزام بها.
ولكن للأسف يصرُّ بعضُ مَنْ يرقون بالرقى الشرعية من الجني المتلبس في بدن الممسوس إجباره على الخروج من أماكن معينة ولكنه (ولأسباب لا يمكن شرحها!) يرفض هذا الجني الخروج من بعض الأعضاء بالذات، مثل العين أو الأذن.
وهذا للأسف ما يجعل الراقي يرفض ذلك اعتقادًا منه أن ذلك قد يؤذي الممسوس، ويطلب منه الخروج من الفم أو إصبع القدم حتى لا يؤذي عين أو أذن الممسوس!
وعلينا أن نأخذ هذه الأمور مأخذ الجد وألا نتساهل فيها، وأنْ ننظر إليه بصورة "علمية" و"عقلية" ..
ويتساءل الكثير من المؤمنين الصالحين الأتقياء (ولهم الحق بالتساؤل) الذين يؤمنون بهذه العلوم الموقرة والصحيحة: هل هذا الاعتقاد صحيح؟
2.
وبعد بحث "مستفيض" في المصادر "العلمية" المتعلقة بالرقى الشرعية اهتدينا إلى مصدر علمي موثوق به وهو [الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية، دار الوطن 1996] لمجموعة من العلماء المرموقين السنة المتخصصين يجيب على الأسئلة الصعبة.
وهذه هي الفتوة:
معروف أن الجني يلابس الإنسي ويغلب على جميع بدنه، والظاهر أنه يدخل من جميع البدن، ويمكن أن يدخل من بعض الأعضاء كالأصابع أو الحواس أو الفرجين أو غيرها، وهكذا يقال في خروجه؛ فيمكن أنه يخرج من أحد الجانبين كما دخل منه، أو من أحد أصابع اليدين، أو أصابع الرجلين، والفم والأنف والأذنين ونحو ذلك.
وقد حدثني من أثق به أنه حضر جنيًّا ملابسًا لفتاة، وبعد التضييق عليه طلب الخروج من إصبعها السبابة في اليد اليمنى، فخرج وهم ينظرون إلى الإصبع عندما انغمس في التراب ولم يتأثر الإصبع، فالظاهر إنه لا يتأثر العضو الذي يخرج منه سواء عينًا أو أذنًا، والله أعلم !
3.
إذن:
هذه بشرى تخص جميع المسلمين:
يجب ألا يقلقوا من مكان خروج الجن. فهذه قضية شكلية ولا تستدعي القلق. فالجن مثلما يدخل من الشرج فإنه يخرج منه وهذا ما يتعلق بالفم أيضاً وهكذا.
المهم في القضية هو اختيار "الآية" المناسبة من كتاب محمد المسمى "القريان".
إنَّ الفكر الإسلامي "الجِنِّي" و"الشيطاني" يواكب العلم دائماً وهو على قدم وساق مع أحدث التطورات التكنولوجية.


من بلاغة القرآن: تفسير الآية 50 من سورة الأحزاب – الجزء الثاني

"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا "
[سورة الأحزاب :50]

[هل هذا كلام يا نبي الإسلام؟!]

1.
في الحلقة الماضية تطرقنا بشيء من العجالة إلى مدخل الآية "الكريمة" " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ " وقلنا إن " يَا أَيُّهَا" نداء للقريب و" النَّبِيُّ "تخصيص "للتحليل" الخاص والاستثنائي لخاتم الأنبياء المصطفى (ص) فقط وفقط.
وهذه جزالة وفصاحة لا ريب فيهما لم يسبق لهما مثيل في اللغات جميعاً!
فماذا حُلَّل له من قبل الحكيم القدير والمُحَلِّل الأثير على قلوب الجماهير"؟
حُلَّل له "أزواجه".
وهذا كلام صريح لا يقبل التأويل والقدح بـ"وحي" جليٍّ لا حاجة إلى مفاتيح وَمَنْ أوَّلَ الصريحَ فقد كَفَرَ بما هو صحيح!
غير أنَّ الشبهات التي يطرحها الملحدون والمشككون، لعنة الله عليهم، بكلام الله كالعادة هو: "مَا يَحُقَّ له وما لا يحق له من أولئك الأزواج" من غير أن ينتبهوا ويتنبهوا إلى الاسم الموصول "اللواتي". فالاسم الموصول يصل ما قبله بما بعده.
والإعجازُ كل الاعجازِ هو في استخدام "اللواتي" وليس "اللائي". لأن في "اللائي" نوع من الخفة والفراغ الصوتي وهذا لا يصح في حالة "أزواج" النبي وأمهات المسلمين ورفيقات النبي الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم. ففي الاسم الموصول "اللواتي" دفء وكرم وحنان ما لا وجود لها في "اللائي" التي تبدو خفيفة وطائرة في الهواء.
- هل فهمتم؟!
كما أن الزنادقة والملحدين، لعنة الله عليهم أجمعين، غير متفقهين بعلم اللغة ومحسنات البديع والبلاغة العربية السمحاء ولم تبق غير الشبهات والعياذ بالله.
2.
إذن من هنَّ اللواتي حللهن الحكيم القدير أزواجاً للمصطفى وأشرف خلق الله في الكون"!!!"؟
إن الذكر الحكيم كما أشرنا أعلاه ومن دون لف أو دوران واضح صريح بَيِّنٌ من غير بهتان ولا زوغان إذ يقول:
"أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ".
وفي هذه الجملة فكرتان ربانيتان معجزتان أوحى بها الخالق شخصياً للحبيب المصطفى شخصياً أيضاً:
الأولى:
إن كلمة "أزواج" جمع تكسير تصح على المذكر والمؤنث. وكما يبدو تحسباً لمخاطر الرغائب ومهاوي المستقبل!
وقد اقتصر الشارع (أي: المشرع وهو الله شخصياً) العظيم على كلمة "أزواج" التي جاءت نكرة بدون أي تعريف. والعبرة بالنكرات هو غياب العدد. فهو يخاطب الرسول: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ" من غير أن يلزمه بشروط غير أن يكون قد أتى " أُجُورَهُنَّ ". فـ"الله" يحنو على المصطفى الحبيب ولا يريد أن يقيده بعدد فأطلق حريته وفتح أمامه الباب النكاح مفتوحاً على مصراعية. وهذه سماحة من "الله" وكرم وأخلاق عالية - أليس هو مرجع الأخلاق؟
إذن: أزواج الرسول حَلَالٌ من لدن "الحكيم القدير" وهو أمر لا رجعة فيه ولا "نسخ" ولا "استنساخ". كما أنه لا حرج عليه في "العدد". فالعدد مفتوح والنكاح مسموح بما اشتهت نفسه من النساء فلا حرج عليه ولا هم يحزنون!
فأزواج النبي المصطفى هنَّ جميع النساء الممكنات على الأرض نظرياً و"اللواتي" أخذن أو سيأخذن منه أجورهن (إذا ما استطعن إلى ذلك سبيلا!).
ويقول أصحاب الشبهات – لعنة الله عليهم واحداً واحداً بأن الأجور هي المبالغ المعطاة مقابل خدمة يقدمها مثلاً زيدٌّ لعمر؛ أو هي ما يتلقاه العامل لقاء عمله. وهذا كفر بحق الإله وجحود بحق النبي الطاهر العفيف الشريف.
فكيف ينكح النبي الحبيب أزواجه بأجور؟
استغفر الله من الشك والعقل والتفكير ومن آفة التدخل في شؤون أهل المصطفى وما خفي عن العين والسمع.
والأمر في غاية البساطة:
إن العاجز عن السباحة والغوص في أعماق بحار العربية (ولهذا يسمى معجم اللغة قاموس) فإنه لن يفقه بأن للأجور معنى الصداق والمهر المقدم للزوجة للنكاح. فمن أين يعرف أصحاب الشبهات أنَّ لا وجود لهذا المعنى؟
فقد أنشد أبو صخر المًجْهِز العبدي الزبعري مخاطباً صديقه:
أهلي زوجوني يا صاحبي في صحبتها هواني
دفعوا لها الأجرَ مرتين ولي أعطوني الأواني
وهذا برهان نقلي تجريبي أصيل من بطون الشعر العربي ومن صميم لغة العرب وفصاحتها على أن "الأجر" هو الصداق. فدفعوا لها الأجر - أي الصداق.
وكما قال أحد المسلمين في منتدى الملحدين: غصباً عن أنفك!
3.
وقوله "وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ":
في هذه الفقرة من الآية الكريمة إعجاز قلما عرفه العرب والأعاجم وخصوصاً هذا الإنجليزي شكسبير لعنة الله عليه. إذ قال حللنا لك "ما ملكت يمنيك" يا أيها النبي ثم يحدد الوحي ويضبط القول ويلزمه: " مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ". أيْ مما شرَّعه "الله" الكريم العطوف في حالة نتائج الحرب حيث اباح له التسري بالنساء اللواتي (فهو أيضاً إنسان يا أخي!) أخذن من المغانم مثل ريحانة وصفية وجويرية ومارية بنت شمعون ومارية القبطية وغيرهن. فهن من السراري و"ملك يمين" للرسول يحل له أن يفعل بهن ما يشاء. وهذا حُكْمُ منزل عادل وعطوف ورؤوف وحنون على النساء لا يمكن تغييره وتبديله.
4.
وهكذا نرى بأن الحكيم العليم القدير قدَّ قرر أن يمنح سيد الإنسانية وسيد الرحماء carte blanche رباني في اختيار عدد ما ملكت يمينيه.
لكن النبي العفيف الشريف اكتفى بعدد محدود وهذه من خصال الشهامة والتواضع وإن أفضل الأمور أوسطها – روحي فداه.
حدثنا ابن عباس عن وكيع قال: كنا جماعة نجلس مع الرسول (ص) بعد الصلاة فسأله عبيد بن حالك الأزدي عن ملك اليمين وهل يحق له ما يحق للرسول. فاسود وجه الرسول وازورت عيناه وأخذ يرتجف من الغضب فرفس النبي برجله الكريمة عبيدَ في بطنه حتى أخرج الهواء من فمه وأذنيه وأماكن أخرى قائلاً: وهل تعترض على إرادة الله؟ فقال عبيد بعد أن استرد أنفاسه: لا يا رسول الله - روحي فداك ولكني أردت أن تمس قدمك الكريمة جسدي. فقهقه رسول الله حتى وقع على ظهره من الضحك فبان فرجه وحين هدأ من الضحك قال الرسول (ص): أراك يا عبيد معي في الجنة" [حديث صحيح – صححه الباكستاني في كتابه لآلئ الرسول، إسلام أباد، بدون تاريخ، ص 54].
5.
وقوله "وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ".
في هذه الفقرة الكريمة والعبقرية يتفرغ "الله" جل جلاله شارحاً للرسول بالتفصيل الممل مَنْ هُنَّ النساء الأخريات اللواتي عليه أن ينكحهن – محدداً إياهن بالاسم حتى لا يختلط الأمر على الرسول وفي هذا جلال ومحبة. وقد سبقني الشيخ الجليل الحكيم الزميل ابن كثير معلقاً:
"هذا عدل وسط بين الإفراط والتفريط; فإن النصارى لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعدا، واليهود يتزوج أحدهم بنت أخيه وبنت أخته، فجاءت هذه الشريعة الكاملة الطاهرة بهدم إفراط النصارى، فأباح بنت العم والعمة، وبنت الخال والخالة، وتحريم ما فرطت فيه اليهود من إباحة بنت الأخ والأخت، وهذا بشع فظيع"
أما أن يتزوج المرء أقرب قريباته من غير الأخوات فهو أمر لطيف وجميل حيث تشتد أواصر الأسرة وتقوى العلاقات ويصبح النسل قوياً معافى حتى يتباهى الرسول به أمام الأمم.
أما من يقول بأن بنات العم والعمة وبنات الخال والخالة مثل الأخوات فهو لا يفهم لا اللغة ولا صلة الرحم ولا البراهين النقلية ولا قوانين التطور الربانية لا حقيقة وأصل العائلة، بل هو لا يفهم من الطب شيئاً!
إنها شبهات أثبتنا، بحمد الله وتأيده، بأنها مردودة وباطلة ولا تقال إلا من جاهل. فكلما يتزوج المرء من قريبة منه كلما تكون علاقتهما أقوى وأبناءهما اصح وأذكى وهذا ما أثبتته العلوم الإسلامية والعقول ذات المعارف الربانية وتاريخ المجتمعات الإسلامية.


للتفسير المختصر بقية ...

الإسلام الشيعي هو الوجه الآخر للإسلام السني [6]: زيد بن علي وسقوط أسطورة الإمامة

[شجرة الأئمة من وجهة نظر الطائفة الزيدية!]
تلخيص لما مضى ولما هو قادم:
في هذه الموضوعات القصيرة والسريعة أردت أن أقول باختصار شديد بأن الطوائف الشيعية لا تختلف قيد شعرة عن الطوائف السنية في ثلاث مقومات أساسية (ثمة عشرات التشابهات الأخرى لكنها ليست موضوع اهتمامي الآن):
- المصدر الأسطوري للعقيدة.
- السلطة: هي الهدف المركزي والمميت لكل عقائدهم.
- الخضوع الساذج لمن سموهم" أئمة".
1.
كما تطرقنا في الحلقات السابقة فإن الشيعة الاثني عشرية يروون في أساطيرهم لبسطائهم بأن "الإمامة" لا تخضع لا للشورى (أنظر: الديموقراطية والشورى [1]: الأصول اللاهوتية للادعاءات الإسلامية عن "الشُّورى") ولا الاختيار.
فهي " لطف إلهي " من الله – يقول اللاهوت الشيعي من مختلف الطوائف؛
وهو "نص" أنزله جبريل على محمد ليكون الأئمة الاثنا عشر خلفاء على الأرض من الأمام الأول حتى "المهدي المنتظر" الذي سيظهر في آخر الزمان "فيملأ الأرض قسطا كما ملئت ظلما وجورا...إلخ!!!" وهو لم يظهر رغم أن الأرض قد مُلئت ظلماً وجوراً آلاف المرات ومن المسلمين (سنة وشيعة) أنفسهم،
وكما تبين أيضاً من الحلقات السابقة فإن ما كان يميز تاريخ الإمامة هو الاختلاف (وليس الاتفاق) وقد كان الاختلاف في "كل عصرٍ ووقتِ كل إمام بعد وفاته وفي عصر حياته" كما تقول مصادر الشيعة بالذات. وقد كان هذا اعترافاً شيعياً من القرن الثالث الهجري.
ورغم كل ذلك فإن أفراد العائلة العلوية يرفضون هذه الأسطورة رفضاً قاطعاً. وهذا أمر لا يمكن المرور عليه مرور الكرام!
وهذا فصل من فصول الرفض: رفض زيد بن علي بن الحسين أسطورة الإمامة!
2.
وقد كانت هذه من أولى الخلافات الجلية والتي لم يستطع تاريخ الشيعة اخفاءها وذات الطابع العميق داخل (العائلة المقدسة!!!) والتي تعري بسطوع أسطورة "الإمامية":
إنه الخلاف على إمامة زيد بن علي بن الحسين.
ولم يكن اختلاف الزيدية (التي لا تعترف إلا بخمسة أئمة: عليٍّ والحسن والحسين والحسن بن الحسن بن علي "الحسن المثنى “وآخرهم هو زيد بن علي لن الحسين) من خارج العائلة العلوية، بل أن الخلاف قد خاضه زيد نفسه (خلافاً للصناعة الإسماعيلية التي لا علاقة لها بإسماعيل فقد ظهرت الخرافة بعد موته) في حياته ضد ادعاءات أخوه الباقر وابن أخيه جعفر الصادق. وقد تمرد على السلطة الأموية في زمن هشام بن عبد الملك عام 122 ه.
3.
فمن هو زيد بن علي؟ وهل شخصيته تنقض ادعاءاته بالإمامة؟
هذا ما يقوله الشيعة المعاصرون عن زيد بن علي:
تحت فصل معنون بـ “موقف علماء الشيعة من جلالة ووثاقة زيد الشهيد" يقول جعفر السبحاني الكاتب الشيعي المشهور[*]:
"إنَّ موقف علماء الشيعة الإمامية نفس موقف النبي وعترته الطاهرة - –ليهم السلام - –إن كنت في شك من ذلك فاقرأ كلماتهم في حقه:
- قال المفيد: كان عين إخوته بعد أبي جعفر - –ليه السلام - –أفضلهم، وكان ورعاً، عابداً فقيهاً، سخياً، شجاعاً، وظهر بالسيف يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويطلب بثارات الحسين - –ليه السلام -.
- وقال النسابة أبو الحسن علي بن محمد العمري: كان زيد أحد سادات بني هاشم فضلاً وفهماً خرج أيام هشام الأحول ابن عبد اللّه فقتل وصلب ست سنين، وقيل أُحرق وذري في الفرات ـ لعن اللّه ظالميه ـ
- وقال الطبرسي: إنّ زيداً كان من علماء آل محمد، غضب للّه فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله. [بحوث في الملل والنحل - –راسة موضوعية مقارنة للمذاهب الإسلامية، ص 215]
ومن يريد المزيد لمعرفة الموقف اللاهوتي الشيعي من زيد فليرجع إلى الكتاب المشار إليه.
4.
إذن وباعتراف كتب الشيعة الاثني عشرية نحن أمام شخص:
ورع عابد فقيه سخي شجاع وهو أحد سادات بني هاشم فضلاً وفهماً وهو من علماء آل محمد. وقد رفض زيد هذا الذي لا شكَّ في علمه وفهمه العقيدة الشيعية للاثني عشرية!
فهو ضد الغنوصية الشيعية؛ ومع المعتزلة (فهو من أتباع واصل بن عطاء) ولا يعترف بكنوز العلم العلوي ويرى أن العلم في كل مكان وزمان؛ وله مواقف إيجابية مختلفة عن الموقف الرسمي إزاء أبي بكر وعمر؛ كما أنه لا يعترف بغير إمامة عليٍّ والحسن والحسين – واضعاً الحسين (جده!) في مرتبة أعلى من الحسن.
ولكيلا ينسى القارئ:
فإننا نتحدث عن زيد بن علي بن الحسين شقيق محمد الباقر (الأمام الخامس عند الشيعة الاثني عشرية) وليس عدواً للعائلة العلوية بل هو واحد منها فضلاً وفهماً وفقهاً!
فماذا تبقى من "النصوص" التي يدعون أنها "تنص" على إمامة الأئمة التسعة الآخرين وحفيد عليٍّ نفسه يرفض هذا الادعاء؟!
من جديد تتبدى أمامنا أبسط القضايا المنطقية:
فعندما يرفض بعض أبناء العائلة العلوية "عقائد" يدعي البعض الآخر منها بأنها "لطف" إلهي، فإنَّ من اللطف القول بأن هذا "اللطف" لم يعد لطيفاً بأي حال من الأحوال!
لقد قوَّض زيدٌ عقيدة الإمامة "المنصوص" عليها من حيث الجذور ونقض في نفس الوقت عقائد الإسماعيليين التي هي أوهى العقائد الشيعية وأشدها افتعالاً وفبركة كما سيأتي الحديث عنها.
5.
من ضمن الكتب الكثيرة التي تُنسب لزيد بن علي هما: "تثبيت الوصية" و"تثبيت الإمامة". وهما الكتابان اللذان لهما علاقة بموضوعنا.
ففي الوقت الذي يعترف فيه زيد بن علي بإمامة علي بن أبي طالب والحسن والحسين فإن له إجابة مختلفة على السؤال: فمن هو الأولى بعد الحسين؟
وهذا هو جوابه:
"قولوا: فمن آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أولادُهما أفضلهم أعلمهم بالدين، الداعي إلى كتاب الله، الشاهر سيفه في سبيل الله.
فإن لم يدعُ منهم داعٍ فهم أئمة للمسلمين في أمرهم وحلالهم وحرامهم، أبرارهم واتقاؤهم.
فإن قالوا: فما بال آل محمد يختلفون وإنما الأمر والحق فيما تزعمون؟
فقولوا: فإن داود وسليمان اختلفا (إذ يحكمان في الحرث) وقد قال الله تبارك وتعالى: (وَكُلَّا آتينا حُكماً وعلما)، أفيجوز أن نرد قول الله عزل وجل، فنقول: إن داود حكم بغير الحق، أو أخطأ؟ [...]
فآل محمد (ص) في الناس رجلان: رجل عالم بما تحتاج إليه الأمة من دينها، دعا إلى كتاب الله وسنة نبيه، ومجاهدة من استحل حرام الله، وحرم حلاله، فعلى الناس نصرته، ومؤازرته، والجهاد معه، حتى تفيء الباغية إلى الله، أو تلحق روحُه وأرواحهم بالجنة" [تثبيت الوصية، للإمام الأعظم زيد بن علي عليه السلام، منتزع من مجموع كتبه ورسائله، منشورات مركز أهل البيت للدراسات الإسلامية- اليمن، بدون تاريخ]
وفي "تثبيت الإمامة" يقوم زيد بتوجيه نقد لاذع لأفراد عائلته سواء كان أخاه محمد الباقر أو ابن أخيه جعفر الصادق وهو نقد لم يقم به أي ناقد للأئمة للشيعة:
إن الإمام منا أهل البيت، المفروض علينا وعليكم وعلى المسلمين، مَنْ شَهَرَ سيفه ودعا إلى كتاب ربه وسنة نبيه، وجرى على أحكامه، وعُرِفَ بذلك، فذلك الإمام الذي لا تسعنا وأياكم جهالته.
فأما عبدٌ جالسٌ في بيته، مُرخٍ على سِتْره، مغلق عليه بابه، تجري عليه أحكام الظالمين، لا يأمر بمعروف ولا ينهي عن منكر، فأنى يكون ذلك إماماً مفروضة طاعنه". [تثبيت الإمامة، للإمام الأعظم زيد بن علي عليه السلام، منتزع من مجموع كتبه ورسائله، منشورات مركز أهل البيت للدراسات الإسلامية - –ليمن، بدون تاريخ]
غير أن الصورة الملفقة عن الانسجام الداخلي لـ "أهل البيت" لا تنتهي عند هذا الحد وهذا ما سنتطرق إليه في الحلقة القادمة!
6.
وكما يقول زيد بن علي (إمام الزيدية) بأن "الإمام" هو " مَنْ شَهَرَ سيفه ودعا إلى كتاب ربه وسنة نبيه" وليس "عبدٌ جالسٌ في بيته، مُرخٍ على سِتْره، مغلق عليه بابه، تجري عليه أحكام الظالمين، لا يأمر بمعروف ولا ينهي عن منكر، فأنى يكون ذلك إماماً مفروضة طاعنه" فما هو موقف الزيدية من أسطورة النص على الأئمة الاثني عشر جميعهم؟
الزيدية المعاصرون والقدامى يقبلون عقيدة النص على الإمام الأول "!" علي بن أبي طالب (وإلا ناقضوا ونقضوا أنفسهم!) باعتباره "لطفاً إلهيا". كما أنهم يعترفون من غير قيد أو شرط بإمامة الحسن والحسين وهذا ما رأيناه من خلال آراء زيد. لكنهم يرفضون فكرة النص على الأئمة الآخرين.
يقول الكاتب الزيدي المعاصر كاظم الزيدي في كتابه "الرافضة":
" فأما ما ادعاه إخوتنا من الإمامية والإسماعيلية، من النص الاثني عشري، أو أن الإمامة تكون في الولد الأكبر وصية لازمة، فهذا غير ظاهر دليلُه للأمة لا بتواتر ولا باستفاضة، وما كان هذه حاله والأمر المترتب عليه خطيرٌ من إيجاب الاتباع للعترة كمنهج يقترن بالكتاب والسنة ويصحح للمكلفين أنظارهم، فليس يعتمد عليه، إذا لا قطعية في الدليل، ولا إيمان بهذا إلا بدليل قاطع" [ص 3].
7.
إن غياب الأدلة (من وجهة النظر اللاهوتية للفرق الشيعية ونحن في مملكة اللاهوت والخرافة التي لا حدود لها) على نص الأئمة الاثني عشر له قيمة تاريخية ويبدد لعبة الضباب التي يستخدمها الشيعة الإمامية المعاصرون. لأن مثل هذا النص "لم ينتشر (بل ولم يعرف) خبرهم الاثني عشري في صحاح ومسانيد الأمة شيعية وسنة وإباضية بل حتى الإسماعيلية ينازعوهم إياه من بعد أبي عبد الله الأمام جعفر بن محمد (ع)، ويحتج الإمامية برواية المحدثين لخبر اثني عشر أميراً، وخليفة، وهذا دلالته ظنية إذ لا أسماء، ولتضارب مدلولات الروايات" [المصدر السابق]
8.
فإذا كان ثمة نص على الأئمة الاثني عشر فَلِمَ يُكَلِّف الشيعة الأمامية أنفسهم بمبدأ الوصية؟
ويطرح كاظم الزيدي سؤالاً منطقيا (يحمل مسوغات لاهوتية):
"ولو كان خبر الاثني عشر ظاهراً متواتراً لما احتاج الإمامي لمعرفة الكاظم بعد الصادق إلى وصية، لأن النص الاثني عشري يدل على الكاظم وإن لم يتكلم الصادق، وأيضاً سيعرفون الرضا بعد الكاظم، والجواد بعد الرضا، بدون الحاجة لمعاصرة أولئك الأئمة، فكيف لو طال الجهل كبار سلف الجعفرية ومؤصلي مذاهبهم [...] فكيف لو طال الجهل أبناء وأخوة الأئمة، كالإمام زيد بن علي، والإمام محمد بن جعفر الصادق، وإبراهيم بن موسى الكاظم، كل هذا لا يجعل ذلك الخبر الاثني عشر مؤدياً إلى التواتر، ولا يصلح بهذه الظنية أن يكون دليلاً بذاته".[نفس المصدر:ص4]
9.
هذا مستو واحد لا غير من سلسلة متصلة من المستويات التي لا تثبت غياب الأدلة على عقائد الشيعية المعاصرة فقط، بل وتثبت بما لا يقبل الشك خرافة هذه العقائد وطبيعتها المختلقة والترقيعية.
ومع ذلك فما تزال مستويات كثيرة من تاريخ الشيعة الخرافي في حاجة إلى الكشف عنها حيث يضيف "الإسماعيليون" مستوى جديداً من الخرافة ونقض العقيدة الإمامية في آن واحد.

للموضوع بقية . . .


*ملاحظة هامة: إنَّ حديثي عن زيد والزيدية ليس موضوعاً عن الزيدية. إنني أتحدث عن أسطورة الإمامة والأئمة الاثني عشر التي تبطل عندما يرفضها أفراد من ذات العائلة وهو دليل داخلي على عدم مصداقية عقيدة الأئمة الاثني عشر.



[*] إذا شكك أحد بانتساب هذين الكتابين لزيد فإن عليه التشكيك بجميع كتب "المعصومين" التي تغض بها المكتبة الشيعية!
وإن هذين النصين هما جزء من ذات النصوص الشيعية التلفيقية التي لا تصلح لغير النقد الداخلي للشيعة ومن نصوصهم أنفسهم.
[**] لم يعتمد المؤلف (كما يشير هو شخصياً) على الكتاب المذكور في الهامش بل النسخة التي قام بإصلاحها الطوسي ومنشورة تحت عنوان: "منتهى المقال" ص 379 وقصص العلماء ص333. غير أنني للأسف لم أعثر على "منتهى المقال" للطوسي في منشورات الإنترنت. توجد عدة كتب تحت عنوان "منتهى المقال" لكتاب شيعة مختلفين ليس من بينهم الطوسي.
إنَّ غياب هذا الكتاب في الإنترنت وعدم ذكره في أي مكتبة شيعية على الإنترنت مثير للريبة أكثر من الدهشة. فهي محاولة لمنع معلومات من هذا النوع إلى القارئ المعاصر.


اقرأ أيضاً:

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر