1.
قد يصح الافتراض بأنَّ الأرض مكعبة؛ وأنَّ السماء منحنية عند القطب الشمالي (أو الجنوبي، أو في مركز برلين أو باريس، الأمر سواء)؛ وإن فيلاً يسير على حبل بين بنايتين؛ وأنَّ على نخيل التمر تُربى الأسماك والروبيان؛ بل قد يصح حتى الافتراض بأنَّ سكان الأمريكيين قد قرروا تبني الإسلام أفواجاً وولايات؛ وأن سويسرا قد قدمت طلباً للحصول على عضوية الانتماء إلى الجامعة العربية!
يمكن للناس الافتراض ما شاءوا أن يفترضوا، فأحلام اليقظة توزع مجاناً على الجميع وخصوصاً على المسلمين!
ولكنْ أن تكون "للإسلام علاقة بالحرية" فإنَّ أشراط الساعة لابد وأن تكون قد اكتملت!
2.
لماذا؟
لأنَّ المتناقضات لا تجتمع:
فإمَّا أن تكون هنا، وإمَّا أن تكون هناك؛
إمَّا أن تكون مسلماً وإما أن تكون حراً.
أمَّا أن يجتمع هذا وذاك " وعاشوا في تبات ونبات.. وخلفوا صبيان وبنات" فهذا افتراض لا تحتمله حتى السماء ولا يمكن أن يكون إلا حلماً جميلاً من أحلام اليقظة الإسلامية.
فمبدأ الثالث المرفوع لا يمكن أن يحتمل مثل هذا اللامعقول.
3.
لماذا؟
وها أنا أطرح السؤال مجدداً. فكأنني قد هربت منه بعض الشيء.
الحق أنني لم أهرب فليس ثمة اتجاه أهرب إليه من شدة وطأة هذا الخبر. فقد كنت أظن (وللظن مساوئ مستترة) أن المسلمين أكثر تواضعاً وأقلَّ طموحاً في اجتراح المعجزات التي من شأنها أن تغطي على معجزات كتابهم ونبيهم المختار!
ولكن:
ها هو ظني ليس في محله، بل لا محل له مطلقاً.
فعلى غفلة من الزمن قرر أحد المسلمين أن يحلم بالمستحيل بصوت عالٍ وكأنَّ الناس لن تسمعه واللغة لا تحتج عليه:
الإسلام دين بالحرية!
هل سمعتم خبراً أكثر تشويشاً من هذا الخبر؟
لماذا؟
4.
الإجابة في غاية البساطة والمرارة:
فالإسلام: لغةً وعقيدةً هو دين الخضوع والاستسلام؛ وعبادة هذا الـ"الله" لا تعني غير شيء واحد:
العبودية.
والعبودية "واجبة" في حق الله والإنسان "مسير"سبقاً منذ ولادته بقضاء الله وقدره المحتوم. وهذا كان من أكبر الخلافات بين المذاهب السنية ومنذ اللحظة الأولى لنشأتها مع المعتزلة على سبيل المثال، لا لسبب إلا لأن المعتزلة (المسلمين) قرروا بعقولهم أهمية حرية الرأي والإرادة.
أما الحرية:
فهي باختصار: الحق الذي يولد مع المرء ولا يموت معه في أن يختار ويفعل بوحي إرادته الشخصية من غير ضغوط أو جبر. بل أن الحرية تعني حق المرء في الشكِّ والسؤال والرفض والقبول والتعبير عن هذه الاختيارات علناً من خير خوف أو رقابة. ومن نتائج هذه الحرية مثلما حقه في الانتماء إلى الأديان مثلما يكون له الحق في تركها ونقدها إن شاء دون خوف على أمنه الشخصي وحياته.
الحرية هي أنْ تؤمن بالخرفات وإلا تؤمن بها علناً!
فهل يستقيم الجمع ما بين الإسلام والحرية؟
لابدَّ أن هؤلاء المسلمين قد جُنَّوا!
اقرأ أيضاً:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق