منع

حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً [1]: Prelude

[1]
لكل كارثة بدايةٌ؛
ولكل نتيجة سببٌ!
هذا ما يقوله لنا قانون العِليِّة وما يقدمه لنا التاريخ الحقيقي للبشرية من أدلة.
فما نعتقد بأنه محض مصادفة أو قَدَرٌ سقط على رؤوسنا من السماء [حيث يتمطرح "ربُّ" العرش العظيم وقد بانتْ خصيتاه وهو محاط بالملائكة (1)] فإنَّ له جذوراً في الزمان والمكان. ولكن ليس من الضروري أنْ نبحث عن هذا السبب [البداية] في مكان قريب وزمان قريب من مسرح الكارثة نفسها. فهو في الكثير من الأحيان مستتر، غامض، بعيد عن الإدراك ويستقر في زمان غابر ومكان أكثر غبرة وعتمة.
وإذا كان بمقدور رفرفة جناحي الفراشة في لحظة ما وفي نقطة جغرافية ما أنْ تسبب إعصاراً في مكان ما وزمان ما آخرين بعيدين، فإنه من المنطقي تماماً أنَّ حدثاً جللاً، مثل ظهور عقيدة شمولية متعصبة متطرفة كالعقيدة المحمدية، أنْ يكون سبباً في الماضي والحاضر لكوارث لا يمكن أنْ تُقارن إلَّا بعشرات الأعاصير!
وأعاصير العقيدة المحمدية قد فاقت إعصار "كاترينا".
إنها أعاصيرُ عاتية جرفت في طريقها مدناً وثقافات شعوب متقدمة وقامت بتدميرها والاستحواذ على خيراتها مستعبدة رجالها ومغتصبة نسائها ومن ثم تذويبها بقانون السيف والنار والفرض والإجبار.
ليس هذا وصفاً مبتسراً أو تعميماً سريعاً وأقل ما يكون "إجحافاً" بحق الإسلام كما يدعي دعاة المسلمين ومؤسسات تنظيف التاريخ الإسلامي والمؤمنون بالسعالي والجن والملائكة والطناطل وإنما هو سلسلة من الأحداث التاريخية التي نمتلك من الأدلة الوثائقية على مصداقيتها ما لا يمتلك المسلمون ذرة واحدة منها للبرهنة على مصداقية ما يدعون.
[2]
التاريخ بئر عميقة.
بئر لا قرار لها. . .
وبداية هذا التاريخ في مكان ما من قعر البئر الذي ما عاد بإمكان أحد رؤيته والتأكد من وجوده. فهو هناك قابعاً في الروايات الكاذبة "المتواترة" التي لا دليل على صحتها ولا وثيقة تستحق القبول تدعم مصداقيتها.
إن تاريخ العقيدة المحمدية هو من بين تواريخ جميع العقائد الدينية [بسبب حجم الأساطير الهائل] التي تفتقر افتقاراً مهولاً للوثائق من أي نوع.
بل أنَّ "تاريخ" هذه العقيدة قد "كُتِبَ!" [ والتعبير الأصح هو: قد فُبْرِك] استناداً إلى ذاكرة العجائز بعد قرون من تاريخ نشأتها المفترض.
إنه تاريخ مصنوع من الادعاءات والأوهام والأماني والخرافات ومصالح الخلفاء والقبائل والأمراء والأساطير دُوِّن في مئات المجلدات وأُعيد تدوينه مئات المرات، ولكن لم يقرأه إلا القليل منهم. ولأنه تاريخ فضائح فقد صمت هذا القليل عليها.
ولهذا تركوا لنا، مشكورين "تراثاً" مدهشاً مليئاً بالتناقضات والترقيعات والنصوص المنتحلة والأكاذيب والأساطير الأدبية والمحالات . . والقائمة تبدأ ولا تنتهي.
[3]
في هذا التاريخ المزيف بصورة مثالية ونموذجية وقد عمل عليه مئات الرجال [من بخارى وخرسان ومباركفور وبلخ وطوس ونيسابور وطبرستان وتركستان وفاراب وفارس وزمخشر وجُرجان . . .] تم تزييف البدايات وأُضفيت عليها هالات القدسية حتى تحولت إلى ما يشبه "الحقيقة" التي تمتلك "مصداقية" يمكن الشك بحقيقة دوران الأرض حول الشمس (2) ولكن ليس بـ"حقيقتها"!
إنه "تاريخ" الشيوخ والكهنوت والرواة والأفاقين والكذابين وأنصاف المتعلمين وأدباء السلاطين.
تاريخ مُصْطَنَع مُنْتَحَل مُفَبْرك بـ"التواتر" منذ أكثر من 12 قرناً.
إنَّه صناعة إيمانية لاهوتية لا يمت للتاريخ الحقيقي بصلة.
إنه دخان أفيون(3).
[4]
وبداية كارثة مطيع الغائب [حمار القرية المُسالم]، وجميع سكان قرية "المجلجلة"(4) تقبع هناك في قعر هذه البئر التي لا قرار لها.
ولهذا فإنَّ أفْضَل معارف المحمدين هي الخرافات؛
وأفضل معارفنا لها قيمة الفرضيات.
غير أنَّ هذه الفرضيات تستند إلى "تاريخ" المسلمين بالذات. ولأنهم دمروا جميع الأدلة التي تفضح هذا "التاريخ" فإن التاريخ الذي لا دليل عليها لا يحتاج نقضه إلى دليل!
[5]
إذن كارثة الحمار مطيع الغائب لم تبدأ منه، ولم تكن من نتائج جغرافية الزمان والمكان للقرية التي لا وجود لها على الخارطة وقد لقى حتفه فيها [والتي سوف تختفي بقدرة قادر هي الأخرى مثلما اختفت الكثير من القرى الأخرى].
ومع ذلك فإن الجميع [تقريباً الجميع] ومن بينهم زوجته يحملونه تبعات ما وجد نفسه فيه من الكارثة التي يدعون بأنه قد أوقع نفسه في براثنها بإرادته.
ولا تتعدى هذه الاتهامات غير تصورات ضيقة لضيق أفق مواطني مملكة الظلام وقُراها التي ضاقت فيها الحياة للمختلف عنهم والمخالف لتصوراتهم الضيقة حتى أصبحت الحياة أضيق من خرم الإبرة.
- "أمشِ الحيط الحيط وقُلْ يا ربي الستر"!
هذا هو الشعار القومي الغالي على قلوب الملايين:
من بائع السمك حتى "أستاذ!" الجامعة وإنَّ معاينة الوقائع مِنْ قبل أيٍّ كان هي كفر وإلحاد وزندقة.
[6]
إذن البدايات هناك في ذلك الجحيم الصحراوي(5) من عالم منسي مجهول صنعته الهلاوس والخرافات؛
صحراء ينهرس تحت لهيب شمسها الناس والحجارة والحيوان وخلايا الدماغ. ولهذا قرروا هجرها أفواجاً [بل هربوا منها] إلى بلدان الوفرة محملين بالجوع والفاقة والعصبية والسيوف والرماح [ألَمْ يقل نبيهم بـأن رزقه تحت ظلال الرماح؟!]



[عالم البدايات . . .]

إنه هناك في قعر بئر التاريخ المظلم ولا نرى الآن غير نتيجة واحدة– واحدة فقط من ملايين النتائج العشوائية التي حُددت مسبقاً وقررت مصير الملايين:
كارثة واحدة من سلسلة الكوارث التي بدأت ولن تنتهي.
[7]
ومع ذلك فإن الشخصيات والأحداث في هذه الحكاية قد تكون من وحي الخيال وقد لا يكون لها علاقة بالوضع في الشرق الأوسط إلا باعتباره مكاناً ملهماً لا نمتلك غيره مكاناً لتاريخ البدايات؛ وإنَّ أي شبهٍ مع شخصيات أو حيوانات وأحداث فعلية فإنه قد يكون محض صدفة!
ولكن:
من هو الأحمق الذي يستطيع أن يدعي بثقة عالية بأنَّ ما حدث في هذه الحكاية لم يحدث قطُّ أو لن يحدث أبداً؟
ومن هو الأحمق الذي يجزم من غير تردد أو شكٍّ بأنَّ قرية "المجلجلة" لا وجود لها إطلاقاً أو أنها كانت في يوم ما في مكان ما من الشرق الأوسط وقد كفت عن الوجود؟!
إنَّ حقيقة وجود قرية "المجلجلة" ليس أقل احتمالاً من وجود "مكة" المحمدية التي لا آثار لها غير الأخبار المختلقة "المتواترة!"؛ كما أنها ليس أكبر احتمالاً من مئات الشخصيات المزيفة والأحداث الأسطورية والمعجزات الربانية التي رافقت "تاريخ" الإسلام أو صُنعت منها.
إنَّ الأمكنة والشخصيات والأحداث وسراب الصحراء العربية قد صُنِعَت من مادة روائية واحدة. فأصبح من الصعب فصلها عن بعض وإذا ما قرر المرء رفض عنصر واحد فإن عليه رفضها جميعاً.
لكن الواقعة" الوحيدة التي يمكن البرهنة عليها عيانياً هو السراب.
وهو سراب مديد . . .
وقد تحول هذا السراب الى "الماء" الوحيد الذي يغتسلون به، إن اغتسلوا؛ ويصنعون منه الشاي المطبوخ إلى درجة ترشح السموم، وهو نفس "الماء" الذي يتوضؤون به على طريقة القِطَطِ؛ وهو نفس "ماء" زمزم الخرافي؛ ونفس "الماء" الممزوج بماء الورد الذي يرشونه على أنفسهم طلباً للثواب في قبور الموتى "المعصومين"؛ وهو "ماء الوجه" الذي لم يعد أحد منهم يخجل من غيابه . .
إنَّه السراب المقدس:
سبات العقل وتحجر التفكير وعبادة الأوهام والوعي المزيف للذات والعالم.
مرحباً بكم في دار الإسلام!


هوامش:
(1) يقول المخرفون المغرمون بالمسافات والحجوم الخرافية: إنَّ بين "الملائكة" حملة العرش ثمة "ملاك" تُقَدَّرُ المسافة الفاصلة ما بينَ شَحْمةِ أُذُنِه إلى عاتِقِه" [وشَحْمَةُ الأُذُنِ هي الطَّرَفُ اللَّيِّنُ في نهايةِ الأُذُنِ، والعاتِقُ ظَهْرُ الكَتِفِ مِن أوَّلِه معَ أَسْفَلِ العُنُقِ إلى آخِرِه معَ مُلْتَقى الذِّراعِ] "مَسيرةُ" – والمسيرة هي مسافةُ 700 عامٍ![ [وهو حديث صحيح!]
فهمتوا؟!
(2) لا يزال الكثير من "فقاء" المسلمين يرفضون كروية الأرض، مثلما يرفضون حقيقة كونها تدور حول الشمس حتى اضطرت بعض المؤسسات الحكومية العربية أكثر من مرة إلى التدخل وإسكاتهم والتصريح بإن هؤلاء "الفقهاء" قد "أسيء فهمهم"! ولم يكن هذا "الاضطرار" حباً واحتراماً للعلم وإنما لدرء الفضائح العالمية!
(3) للمعلومات: النسبة الكبرى من كميات الأفيون المستهلك في العالم هو صناعة إسلامية – وبشكل خاص أفغانية ومغربية.
(4) لا أحد يعرف بالضبط لماذا تحمل القرية اسم "المجلجلة". وكما اعتاد المفسرون المسلمون عندما يتعلق الأمر بمعاني أسماء الأشخاص والمواقع الجغرافية أن يهرع كل واحد منهم إلى أقرب ما يخطر على باله من معاني اللغة وقد اختلفوا كالعادة. فمنهم من يدعي أنها من [جلجل] وتعني صوت الرعد؛ ومنهم من يقول أنها من "الجَلاجِل" وهي الأجراس الصغيرة التي توضع في رقاب الماعز والأطفال والمضحكين؛ ومنهم من قسم اليمين بأنها من [الجَلَل] وهو الأمر العظيم.
ولكن مطيع الغائب يعتقد أنها من [الجِلال] وهو سرَجْ الحمار. فسبب عدد الحمير الهائل في القرية فإن المار في أزقة القرية سوف يرى أمام كل بيت "جلالاً". وهذا المعنى هو الأقرب إلى المنطق والدقة والوقائع. فهو العارف بأمور القرية والحمير والناس وتاريخهم.
(5) من المعاني الأصلية لكلمة [جحيم] هو المكان الشديد الحر.

الفهرس <الحلقة الأولى >  الحلقة الثانية





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر