منع

الصلاة الإسلامية [2]: إمَّا صلاة العبودية وإمَّا الموت!

[هل يسجد للقمر؟]


[هل تصلي؟]

1.
الصلاة هي التجلي الجسدي للخضوع والذل أمام وَهْمِ الله!
لا إسلام بدون صلاة!
فهي "عمود الدين، وركن من أهم أركان الإسلام، وهي العلامة على صدق الإيمان؛ فهي الحد الفاصل بين الكفر والإيمان، وتركها هدف لأقصى العقوبات التي جاء بها الشرع المطهر في الدنيا والآخرة!"[الخشوع في الصلاة، محمد بن لطفي الصباغ، الرياض 1999، ص 6]
لأن تأدية الصلاة هي أصل العبودية للدين وسلطة الدين في آن واحد.
ولهذا فإن الصلاة معنى ووظيفةً ودلالةً هي الرمز المُطلق لعبودية الله، أيْ: لعبودية الإسلام وإنَّ رفضها هو رفضاً صريحاً للإسلام ذاته. وقد وعى اللاهوت الإسلامي منذ بداية انتشار الإسلام بأن "الصلاة" ومهما كانت أهداف المصلي ونواياه هي الحاكمُ الدالُّ على الخضوع.
2.
وهذا ما يجعل رفضها مُعادلاً للكفر والإلحاد؛ ولهذا أيضاً فإن هذا الرفض يستحق القتل:
"وإن إثمه [تارك الصلاة] عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة، وشرب الخمر. وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة.
ثم اختلفوا في قتله، وفي كيفية قتله، وفي كفره. فأفتى سفيان بن سعيد الثوري وأبو عمرو الأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، وحماد بن زيد، ووكيع بن الجراح، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأصحابهم بأنه يُقْتَل
فقال جمهورهم: يقُتل بالسيف ضرباً في عنقه، وقال بعض الشافعية: يُضرب بالخشب إلى أن يصلي أو يموت. وقال ابن سريج: يُنْخس بالسيف حتى يموت؛ لأنه أبله في زجره، وأرجى لرجوعه" [كتاب الصلاة، ابن قيم الجوزية، بدون مكان وتاريخ الإصدار، ص 6].
3.
هذا هو التلخيص المدهش لقانون الموت الإسلامي:
إما الخضوع والعبودية وإما الموت!
فرفض الصلاة يعادل: قتل النفس وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة، وشرب الخمر معاً
وهذا يعني وبصريحة العبارة: يُمكنُ أنْ تقتل، وأنْ تأخذ الأموال، وأن تزني، وأن تسرق، وأن تشرب الخمر ولكن أيَّاكَ أيَّاكَ ألا تخضع وتنحني وتذل نفسك أمام الملأ – أيْ: أن تترك الصلاة!
وهذا ما يحدث في مملكة الظلام.
ولكن لماذا كل هذه الأهمية القصوى للخضوع؟
4.
يقول ابن تيمية ويتفق معه الجميع (سنة وشيعة):
"والدين يتضمن معنى الخضوع والذل، يقال: دنته فدان، أي: ذللته فذل، ويقال: يدين الله، ويدين لله، أي: يعبد الله ويطيعه ويخضع له، فدين الله: عبادته وطاعته والخضوع له، والعبادة أصل معناها الذل أيضاً، يقال: طريق معبد مذللاً قد وَطِئَته الأقدام"[العبودية، ابن تيمية، بيروت 2005، 48]
فكما هو واضح من كتابات جميع رجال اللاهوت الإسلامي في الماضي والحاضر سنة وشيعة إن إقرار الخضوع والذل والعبودية ومن الناحية الإجرائية لا يكفي بذاته. إذ سرعان ما ينسى الإنسان حتى ما فُرض عليه وقبله طوعياً. فحتى يتحول الخضوع إلى آلية قارَّة وراهنة في نفس الوقت، بل وبصورة متكررة خلال اليوم الواحد لابد من طقس يعكس هذه العبودية: وهذا الطقس هو الصلاة.
والصلاة هي الوسيلة الإجرائية حيث تكتسب فكرة الخضوع والذل بعداً جسدياً مرئياً وبلغة الإعلام: إعلاناً جماهيرياً.
فالسجود في الصلاة وهو يُعدُّ:
"غاية في الخضوع والتذلل والاستكانة.
إنّ العبد في حالة السجود يكون في تمام الذلة والخضوع لله سبحانه وتعالى، وإذا عرف العبد نفسه بالذلة والافتقار عرف ربه هو العلي الكبير المتكبر الجبار" [السجود، داود سلمان الربيعي، 1426، ص 17]
فالطريق إلى قلب "الله" ليس الاستقامة والتقوى بل الذل والخضوع ولا يكتمل توحيد هذا الشيء الذي سموه "الله" إلا بالعبودية: والعبودية له وحده "فليس إلا لله تكون العبودية، وليس إلا لله تكون الطاعة. وليس إلا عن الله يكون التلقي .. التلقي في التشريع، والتلقي في القيم والموازين ، والتلقي في الآداب والأخلاق [في ظلال القرآن، سيد قطب، القاهرة 2003 ، 406]
5.
الأصل الحقير للإنسان:
لماذا ينظر المسلم إلى نفسه باعتباره وضيعاً وحقيراً لا يستحق نعمة الحرية؟
إنه الشعور بالنقص الأزلي الذي أقنع اللاهوتُ المسلمَ ومن ثم أقنع الأخير نفسه به.
لقد "آمن" المسلمُ [الحق أنه لم يؤمن بل وجد نفسه مؤمناً وصدَّق واقع الحال] من غير أي تفكير ولا مساءلة بأصله القذر: بأنه مصنوع من "طين لازب"!
وقد دفعت به هذه الفكرة الحمقاء إلى أنْ ينظر إلى نفسه لا كإنسان مالك للعقل والثقافة والكبرياء بل إلى حفنة من الوَحْل يعود الفضل في تشكلها إلى "خالق!"؛ شَكَّله بيديه ونفخ في مكان ما من جسده "!" وصيره إنساناً
.
ومما يجعل الإنسان قذراً ووضيعاً لا يستحق جمال الحرية والوجود الكريم هو أن "هذا التراب هو التربة التي ينمو فيها النبات فيأكل منه الإنسان، وينشأ من خلاصته المَني والذي من خلاله يتم التكاثر، ومن ثم يتكون الجنين الذي يصبح بعد ذلك ذكراً أو أنثى [...] ولو نظر أحدنا إلى المنيّ واشتم رائحته لأعرض عنه ولعافه ولتقززت نفسه منه [...] هذا الأصل الحقير للإنسان من شانه أن يساعده على الاتصاف بصفة العبودية، فابن التراب والماء المهين ليس له أن يتكبر أو يتعالى أو يرفع رأسه أمام سيده وخالقه" [حقيقة العبودية، مجدي الهلالي، القاهرة 2010]
6.
الحرية هي الشعور بالذات:
إنَّ من أهم مقومات الحرية هي الشعور بالذات: أن تقول بأنك فلان، فهذا يعني أنك تحمل شخصية هي شخصيتك لوحدك لا يشاركك فيه أحد ولست معتمداً في وجودك على أحد.

والشعور بالذات لا يعني غير أننا كيانات مستقلة وذات حكم ذاتي نقرر اختياراتنا. والاختيار هو الوجه الآخر للحرية.
إلا أن حرية الاختيار تجعل أهدافنا تنبع مِنَّا؛ من حاجتنا الداخلية وإدراكنا لضرورة هذه الحاجات. ولهذا فإن الحرية، كما يشير أريك فروم إلى منجزات فلاسفة الثورة الفرنسية والقرن التاسع عشر، هو عدم الخضوع إلى أهداف تأتي من خارج المرء [الهروب من الحرية، أريك فروم، بيروت 1972].
وإذا ما تطلب الأمر الخضوع لما هو خارجنا فإننا نمتلك خياراً (أو خيارات) في نوع ودرجة هذا الخضوع. وهذا ما يتم التوصل إليه في المجتمعات الديمقراطية عن طريق فلسفة التوازن الدستوري ما بين الحق الذي لا نقاش عليه - الحرية الذاتية والخضوع للقوانين المنظمة لحماية المجتمع. غير أن حرية المصير الفردي ومهما كانت طبيعة التوازن الدستوري لا يمكن المساس بها.
7.
وهذا هو الأساس الذي يقوض أسس العبودية الدينية.
فالدين، كدين، لا يمكن قيامه بدون الخضوع غير المشروط لفكرة الإيمان بوهم الإله.
ولأن "الإله" فكرة حمقاء لا حول لها ولا قوة فإن الخضوع والذل سيكون أمام السلطة الزمنية (السياسية وحليفتها اللاهوتية) التي هي السلطة الوحيدة والتي لا رادع لها ولا رقيب.
وهذا يعني أن كامل منظومة التهديد الديني للمؤمنين بضرورة الطاعة موجهة إلى طاعة مَنْ يُمَثَّلُ "فكرة الله: شيوخ العته اللاهوتي.
وبالتالي فإن التحرر من عبودية الفكر الديني هو في الحقيقة التحرر من سلطة لاهوت العته.
لقد وصف لا بويسي بدقة علاقة الخاضعين بالطاغية.
فالطاغية:
"لا يملك من قوة سوى تلك التي يمنحونه إياه، والذي ما من قدرة لديه على الإضرار بهم إلا بمقدار ما يريدون هم أن يقاسوا" [مقالة العبودية الطوعية، إيتيان دو لا بويسي، بيروت 2008، ص 147]
وإنَّ قضية الخضوع لفكرة مجردة وغبية لتبدو أكثر عبثية من الخضوع للطاغية على الأرض.
فالبشر قد ملكوا أنفسهم لـ"فكرة" طغت عليهم أسوء من أي طاغية وهي قوة لا تضر ولا تنفع مثلما هي عاجزة عن الإضرار بهم.
وإذا كان خضوع الناس للطاغية يبدأ من الخوف فإن الخضوع لـ"فكرة" الله تبدأ بالإيمان الذي يسعى بهم فيما بعد إلى ملكوت الخوف.
8.
إنه لتحدٍ للعقل النقدي أن يؤمن الإنسان بوجود "إله". غير أن الفكرة التي تستفز العقل النقدي أكثر من أي شيء آخر كون العبودية:
" هي الصفة التي يحب الله عز وجل أن تتمثل في الإنسان"[حقيقة العبودية، مجدي الهلالي، القاهرة 2010]
"فالعبودية إذن صفة ينبغي أن يعيش المرء حقيقتها، وأن تُظهرها صورة تعامله مع ربه من ذل وانكسار وخضوع وافتقار، وطاعة وهيبة وإجلال، وتعلق تام به"[حقيقة العبودية]
ولأن دخول الجنة مرتبط بالنجاح في اختبار العبودية؛ فقد خلق الله عز وجل الإنسان بطريقة وهيئة تعينه وتيسر له ارتداء رداء العبودية ومن ثمَّ النجاح في اختبارها، فجعل أصله من التراب ولم يجعله من معدن نفيس كالذهب والفضة، فالتراب هو أقل الأشياء وأوضعها [حقيقة العبودية]
فالعبودية، إذن، ليس اختيار، بل واجب "يختاره" المسلم طوعاً واحتقاراً لنفسه. لكن العبودية لا وجود لها بدون عبد. إذ "أن واجب العبودية لله لابد له من مؤمن مخلص يقوم به ويؤديه بصحبة الله عن طريق الامتثال لأوامره واجتناب نواهيه، فيعبد الله كأنه يراه، فأن لم يكن يراه فإنه يراه، بمعنى أن يجده ربه حيث أمره ويفتقده حيث نهاه" [واجبات العبودية لله، عبد العظيم منصور، القاهرة 1971]
9.
وكل هذا العبث الإيماني التسليمي يكتسب صورته المرئية في الصلاة!
وهذا ما يكشف عن حقيقة الإيمان:
فهو ليس إيمان برب (رغم عبثية وجوده)، بل الخضوع للسلطة الزمنية التي تمثل فكرة الرب.
ولهذا فإنَّ أولى الخطوات لمحاربة الإيمان في داخل الفرد ورفض الإسلام هو رفض الصلاة باعتبارها تمارين بليدة على الذل والخضوع.

الصَّلاة الإسلامية [1]: الصلاة وقود لبقاء الله على قيد الحياة
الصلاة الإسلامية [3]: خرافة "الصلاة رياضة بدنية وروحية”!
الصلاة الإسلامية [4]: صلاة الجُمْعَة والجَمَاعَةُ هي صلاة الإرهاب الجماعي!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر