منع

الصلاة الإسلامية [4]: صلاة الجُمْعَة والجَمَاعَةُ هي صلاة الإرهاب الجماعي!


1.
عندما "عرَّج" محمد بن عبد الله:
في إطار خرافته عن معراج محمد بن عبد الله (الذي طار مِنْ هنا... وإلى هناك) على الحِمَار البراقِ (أَمِ البغلة – لا أحد يعرف) يروي لنا البخاري (قدَّس الله سِرَّه رغم أنَّه لم يحفظ سِرَّاً) حكاية قد يعتقد من لا يعرف الإسلام بأنها "غريبة" و"عجيبة" و"فاضحة". ولأن خرافات الإسلام لم تعد غريبة علينا فإنَّ الحكاية التي من غير خرافة هي ليست إسلامية (وبكلمة أدق: ليست إبراهيمية)!
يقولُ (قدَّس الله سِرَّه!) عن هُدْبَة بن خالد عن همام عن قتادة. وقال خليفة حتى تنتهي لعبة العنعنة إلى مالك بن صَعْصَعَة (من صعصعة هذا؟):
عندما أنطلق محمد بن عبد الله مع جبريل لم يتعرف أحد من ملائكة السماوات عليه!
وهذا "اعتراف" شخصي ورغم أنه ليس بخط يده، فإن جميع المحاكم الإسلامية تقبله ويتم ضمه إلى باقي الأدلة المعنية بالأمر:
لم يتعرف أحد على محمد بن عبد الله!
لننسَ هذا الموضوع حتى نأتي إلى مربط الفرس - قصة الصلاة. يقول محمد:
"ثُمَّ فُرِضِتْ عليَّ خمسون صلاة فأقبلتُ حتى جِئتُ موسى، فقال: ما صنعتَ؟ قلتُ: فُرِضِتْ عليّ خمسون صلاة. قال: أنا أعلم بالناس منك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة وإن أمتك لا تطيق، فارجعْ إلى ربك فسله. فرجعت فسألته فجعلها أربعين، ثم مثله، ثم ثلاثين ثم مثله فجعل عشرين، ثم مثله فجعل عشراً، فأتيت موسى فقال: مثله فجعلها خمساً، فأتيت موسى فقال: ما صنعتَ؟ قلت: جعلها خمساً فقال مثله، قلت: فسلمت فنودي إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وأجزي الحسنة عشراً" [صحيح البخاري، دمشق/بيروت 2002، ص 794]
2.
لا أحد يعرف لا أحد يعلم:
إنَّ هذه الحكاية التي يعتزون بها لا تكشف إلا عن فكرتين اثنتين لا غير:
الفكرة الأولى:
لا الله عليمٌ ولا محمدَ بن عبد الله عارفٌ بأمَّته!
ولولا كبير الأنبياء إبراهيم (غفر الله له ولنا ذنوبنا) لهرب المسلمون من الإسلام منذ زمن بعيد جداً (ويا ليته لم يتدخل!).
أما الفكرة الثانية:
فقد كانت الصلاة صفقة مُضْنِيَةً حققها محمد بن عبد الله بعد "رواح ومجيء" طويلين مستعطفاً ربه (الحقيقة أن الحديث لا يذكر ماذا كان يقول محمد بالضبط!)!
بل لا أحد يعرف (لا محمد بن عبد الله ولا ربه) معنى وأهمية الصلاة.
فمعرفة معنى الشيء وتأثيره ووظيفته تتعلق بشكله وحجمه وكميته (وعدده إنْ كان له عددٌ) ووزنه (إنْ كان له وزنٌ) وغيرها من الخصائص المميزة للأشياء- ووصفة الدواء مثال نموذجي على قيمة هذه المعايير. أما ما يتعلق بالصلاة فإن الأمر ينبغي أن يكون أكثر التزاماً بالدقة وأكثر حزماً وحسماً في التطبيق.
وطالما كان عدد الصلوات اعتباطياً وهو في أحسن الأحوال "صفقة"، فإن معنى الصلاة ظل ممتنعاً على الجميع.
3.
صلاة السلطة والسلطان:
" أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلهِ ِللهِ"! – قيل أن يشوع قد قال هذا الكلام.
فكما أشرنا في الحلقة السابقة (وكما تقول لنا الحكاية أعلاه) فإن صلاة الأفراد كانت لله.
ولكن ماذا عن صلاة الجَمَاعَة – لمن هي؟
إن التاريخ يقول وليس السيرة الأدبية للإسلام، ومن دون مواربة، هي لقيصر – للسلطان.
فإذا كانت الصلاة الفردية خضوعاً للفرد، فإن صلاة الجَمَاعَة هي وسيلة للخضوع الجماعي.
4.
منذ أن تحول الدين الإسلامي إلى قوة حربية فقد تحول بدوره إلى "تنظيم" سياسي تنطبق عليه الكثير من السمات التنظيمية للأحزاب المعاصرة (بل أن الأحزاب المعاصرة هي استمرار للتنظيمات الدينية السرية ذات الشكل الهرمي من العصور الوسطى) والصلاة هي العلاقة المرئية الوحيدة بهذا التنظيم أو بِلُغة رجال اللاهوت: " الفارقة بين الكفر والإيمان"!: بكلمات أخرى مَنْ هو مع السلطان ومَنْ يحوك المؤامرات ضده!
وهذا ما دفع بالأمويين (ومن ثم العباسيين حتى الآن) إلى تحويل الصلاة الجماعة إلى معيار للوفاء لهم والإيمان بخلافتهم. وبالإضافة إلى ذلك فإن صلاة الجمعة أضحت (حتى اللحظة الراهنة) منبراً للتعبير عن أفكار الدولة والتحريض ضد المعارضين.
ولكي يمنح الأمويون لصلاة الجمعة أهمية استثنائية لازمة فقد انبرى محدثو وفقهاء السلطان بصناعة الأحاديث التي حولت ترك الصلاة إلى جريمة كبرى. إذ أن "من ترك الصلاة جحودًا بها، وإنكارًا لها، فهو كافر، خارج عن الملة بالإجماع"!
وعقوبة الكافر القتل والتحريق:
من أحاديث "صحيح!" مسلم "الصحيحة!"
-عن أبي هريرة (طبعاً!):
"إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنار"!
غير أن هذا لا يكفي. فقد كان على السلاطين أن يمنحوا الالتزام بالصلاة ورائهم صيغة جبرية "شرعية!" لاهوتية وبغض النظر عن مواقف الناس المعلنة والمستترة عنهم فقد جهد محدثو السلطان - ولكل سلطان محدثون وبتـ"حفيز بسيط" من السلطان أن يلبسوا لبوساً نصياً رسولياً:
-"عن عامر بن ربيعة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها ستكون بعدي أمراء يصلون الصلاة لوقتها ويؤخرونها عن وقتها فصلوا معهم فإن صلوها لوقتها وصليتموها معهم فلكم ولهم فإن أخروها عن وقتها فصلوها معهم فلكم وعليهم من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية"!
5.
ولكي تكون صلاة الجماعة صلاة للسلطان مضموناً وشكلاً وأن تتم مراقبة وتسجيل الحضور فقد قرر فقهاء السلطان أن تكون صلاة الجمعة في مكان واحد. ورغم ذلك فلم تكن المدن آنذاك صغيرة بما يكفي لكي يصل إليها الناس من القرى والأطراف البعيدة فقرر فقهاء السلطان التساهل (وهو أمر لا علاقة له بالتساهل الديني بل حكم الواقع) إمكانية أن تُعقد صلاة الجمعة في مكان آخر بعيد عن المكان الأولى وبقيادة (إمامة) شيخ موالٍ للسلطان (الخليفة أو أياً كان لقبه).
ولكي تكون صلاة الجماعة من جديد صلاة للسلطان سياسةَ وأهدافاً فقد أُسْتُحدث أن تكون الخطبة في البداية (لا تهمني النقاشات المتعلقة ببدايات وجود الخطبة قبل أو بعد الصلاة وفيما إذا كانت خطبة واحدة أو اثنتين).
وفي الخطبة التي تبدأ بالدعاء للسلطان (والشتائم ضد المعارضين أياً كانوا) يقرر إمام الجامع ما يريده السلطان وما يرضيه ويرضي الله ورسوله. وحين يتطلب الأمر تهديداً لأعداء السلطان فلا بأس هنا التهديد باسم ما يقوله "القريان" لتقديم رسوم الطاعة للسلطان حتى وإن كان أسوا ما يكون!
ولكي (للمرة الرابعة) أنْ تكون خطبة صلاة الجمعة والصلاة نفسها باسم السلطان لا سلطان غيره فإن أئمة الجوامع الرسمية"!" هم أئمة تعينهم الحكومات وتصرف عليهم وتعلفهم على أحسن ما يكون العلف حتى اللحظة الراهنة!
6.
وإن هذه التقاليد لا تزال قائمة في جميع دويلات مملكة الظلام. ولهذا ليس من الصدفة أن يتم النقل الحي لصلاة الجمعة وتقوم ببثها جميع محطات الإذاعة والتلفزيون الرسمية "الحكومية" وغالباً ما يحضرها " الأب القائد" أو "الأب الحنون" أو "الرئيس المؤمن" أو "الأب المؤسس" أو ... إلخ!
أما خطبة الجمعة فهي لا تزال – وقد أصبحت أكثر فجاجة ووقاحة - عبارة عن منشور "شفهي" مباشر حكومي للدفاع عن توجهات هؤلاء "الآباء" وتبريراً لسياساتهم الغاشمة وحربهم المعلنة أو المتسترة ضد المخالفين والمختلفين.
والجميع يرى ويعرف فقهاء السلطان الذين لي عنهم حديث خاص في المستقبل.
7.
صلاة الإرهاب الجماعي:
إذن صلاة الجمعة هي صلاة سياسية بحق سواء كانت للسلطان حين يكون الفقيه قريباً من سلطته وشرطته أو ضد السلطان إن بَعُد الفقيه (لأسباب طائفية وليس دينية/إسلامية) عن سلطته وشرطته أو تضررت مصالحه.
وبظهور الحركات الإسلامية المتطرفة واتساع ثقافة التوحش تحولت صلاة الجمعة إلى سلاح حركي ضد الجميع:
السلطان وسلطته وشرطته والمخالفين لهم والناقدين لتطرفهم والمختلفين معهم مذهبياً وطائفياً والناس أجمعين لا فرق بينهم إن كانوا مسلمين أم مسيحيين أم حتى هواة جمع الطوابع!
في هذا النوع من "الصلاة وخطبتها" تحولت ثقافة التوحش إلى أسلوب مميز ويكاد يكون "ماركة مسجلة" لها سواء داخل الدول الإسلامية أم ضد مجتمعات قامت بئوائهم من قمع سلطانيهم المسلمين .
إنها الشكل المرئي الجماهيري للتنظيمات الإسلامية. بل هي الشكل الاستعراضي لقوة هذه التنظيمات. وهو السبب الذي تسعى السلفية من أجله إلى التحريض على إقامة "صلاة الجمعة" في شوارع أوربا.
فهي مثلما تعني دلالياً استعراضاً فإنها بمثابة تحدي للقوانين الأوربية. إنها المعادل البصري والتأثيري والسيكولوجي لمارشات النازية والشيوعية على حد سواء (وهي في حقيقتها من منجزات الرومان) وموسيقى المارشات العسكرية التي تبثها الإذاعات العربية على مدار اليوم في وقت الحروب والانقلابات والتغيرات السياسية.
أن تقول للناس والأنصار على حد سواء: "نحن هنا" ومن أجل إشاعة الخوف والرعب في نفوس الآخرين.
8.
هذه هي باختصار صلاة الجماعة:
إنها صلاة الحرب ضد المخالفين والمختلفين.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر