ها هو "بيت الله" فارغ، فقد هرب الجميع!
1.
منذ بداية انتشار فيروس كوفيد – 19 وأنا أتابع ما يكتبه ويقوله مواطنو مملكة الأوهام الإسلامية.
لقد استقبل جلُّ المسلمين، وكالعادة، انتشار الفيروس بنظرية "العقاب الإلهي" الموجهة ضد الصين على ما فعلته بالمسلمين الإيغور!
2.
إن هذا "الإله" الجاهل والهمجي (استناداً إلى وهم المسلمين بوجوده) مستعد لمعاقبة شعب كامل يقدر عدد سكانه بحوالي 1.439.323.774 نسمة بسبب سياسة تتبعها السلطة السياسية للدولة الصينية. بل وسيكون ضحية هذا العقاب ذات البشر (أنصاره من الصينيين) الذين، كما يعتقد مواطنو مملكة السخف، يثأر لهم!
بل أنَّ ضحايا "العقاب الإلهي" للصين الكافرة مئات الآلاف من أنصار رب العالمين المؤمنين!
قولوا لي، وأنا أتوجه إلى القُرَّاء وليس المسلمين، هل ثمة سخف أوسعُ وأشملُ وأعمقُ وأطولُ وأعرضُ وأفظعُ وأعلى وأبعدُ من هذا السخف؟!
بل هل من المعقول أن تقوم قوة عاقلة وعادلة بمثل هذا الفعل الرخيص؟
إلا يخجل المسلمون من أنفسهم؟ [هذا سؤال خطابي!]
3.
ومن الأمثلة النموذجية على هذا السخف هو الفيديو التي عرضته قناة " مرتقون: قصص إسلامية وتاريخية" بتاريخ 31 كانون الثاني 2020 تحت عنوان:
"فيروس الكورونا اخبرنا به الله تعالى عن سبب نزوله فى القرآن الكريم.. وأخبرنا الرسول ﷺ عن سر علاجه!"
يستعرض الفيديو تاريخ عقاب الله للكفار والظالمين من خرافة "الطير الأبابيل التي هزمت أصحاب الفيل" مروراً بالهزات الأرضية و"هجوم" الجراد على مناطق مختلفة والأمطار والعواصف ثم ينتهي إلى فيروس كورنا الذي يهدد العالم والصين ويربط ظهوره بما تعرض له المسلمون الإيغور من اضطهاد واعتقال وتنكيل ومنعهم من دخول المساجد للصلاة مستشهداً بآية رقم 114 من سورة البقرة : "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ".
فها هو "ربهم" الذي (يمهل ولا يهمل) يصب جام غضبه على ملايين الأبرياء من الصينين "الكفار والظالمين"!
ولأنني أستطيع أن أسأل هذا "الإله" لكوني لا أمتلك وسائل اتصال نعه، ولهذا آمل أن يسأله أحد المسلمين بدلاً مني:
- وماذا عن الملايين من المسلمين الصينيين الذي يدافع عنهم؟!
- وماذا عن مئات الملايين من البشر الأبرياء في أوربا وآسيا وأفريقيا وأستراليا؟!
- وهل ينبغي عليهم أن يتحملوا ذنوب الصينين؟!
- وماذا عن المسلمين الذين يقدر عددهم (حسب دراسات أجريت في عام 2017) 1.8 مليار مسلم؟
هل سيعاقبهم هم أيضاً؟!
وها هي البشرى السعيدة:
يقول لنا الفيديو بأن محمداً "كان يتعوذ من أمراض ويقول: اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام"!
إذن، ليس الله أحمقاً إلى هذه الدرجة. فهو قد وفر لعباده معالج عظيم سوف ينقذ عباده ببساطة متناهية. فما عليهم إلا أن يرددوا ثلاث مرات: أعوذ بالله من فيروس كوفيد!
لا .. لا .. هذا التعوذ لا ينجح. يجب اتباع الأسلوب العلمي المحمدي بدقة. يجب التعوذ بصورة دقيقة:
أعوذ بالله من فيروس كوفيد - 19!
فالدقة مطلوبة في مثل هذه الظروف!
4.
أقول الحق بأن سخفهم هذا لم يفاجئني!
فقد ولدت بينهم وأعرف قصور عقول أغلبهم. ورغم أنني كنت ولا أزال عاجزاً عن احتمال مثل هذه الجرعات الهائلة من السخف، فقد كنت على ثقة، أجلاً أم عاجلاً، بأن هذا السخف سيصطدم بقوانين الحياة الواقعية. ولحسن الحظ قد حدث هذا الاصطدام وحدث التحول:
فقد ظهر للمسلمين، ولشيوخهم بصورة خاصة، بأن فيروس كوفيد – 19 ليس عقاباً، بل ابتلاء!
ففي فيدو لقناة " نفحات النابلسي" للشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي، يخبرنا الشيخ بأن هذا ابتلاء. فالله لم يرد (انتبهوا: لم يَرِدْ)، بل سَمَحَ بانتشار الفيروس وهو ينصحنا بأن نفر إلى الله، مشيراً إلى الآية 50 من سورة الذاريات "فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ"!
[المصدر>>>>]
ورغم أن هذا هو الآخر سخف لا يختلف عن أي سخف، فهو مع ذلك، ويحب أن نتحلى بالموضوعية، سخف مخفف!
إذن، ها نحن أمام تطور جديد:
الفيروس ابتلاء من الله، لكن الله لم يرده، بل سمح به، وعلينا أن نفر إليه!
5.
ولأنَّ كلَّ هذا لم ينفع وأخذ الفيروس يحصد أرواح المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين من غير تمييز (فكلنا متساوون أمام فيروس كوفيد – 19) أدرك شيوخ المسلمين (وأنا أبارك لهم إدراكهم) بأن الله لن ينقذ أحداً وما على المسلمين إلا اتباع نصائح البوذيين والمسيحيين الذين اختبروا هذا المرض واكتشفوا طرق الوقاية منه حتى حين التوصل إلى لقاح شاف وهذا أمر، للأسف، لن يحدث قريباً!
ومن المثير للاهتمام في هذا الصدد ما قاله المحامي والكاتب السعودي عبد الرحمن اللاحم أمام صحيفة المرصد:
" لو تقرأ القرآن كاملاً وتقرأ الصحيحين مع سنن الدار قطني؛ فإن ذلك لن يحميك من انتقال العدوى بكورونا إذا لم تتبع التعليمات الصحية".
ملاحظة:
في فترة متأخرة من كتابة هذا الموضوع اكتشفت بأنه قد تم حذف مقال المحامي السعودي عبد الرحمن اللاحم من الصفحة المذكورة!!!
6.
علماء المسلمين يفتون بإيقاف صلاة الجمعة والجماعة!
وقد كان التطور الأخير هو فتوة "علماء المسلمين: بإيقاف صلاة الجمعة والجماعة!
فقد طالبت الحكومة الطاجكستانية المواطنين، في بداية هذا الشهر، بتجنب الصلاة في المساجد.
وقد انتظر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (مقره الدوحة) حتى منتصف هذا الشهر (بعد أن تيقنوا بأن الله لن يحميهم) للتصريح "بإيقاف إقامة صلاة الجمعة وكافة صلوات الجماعة في المساجد، في أي بلد يتفشى فيه فيروس كورونا، إلى حين السيطرة على الفيروس القاتل". كما قررت دول إسلامية كثيرة إيقاف خطبة وصلاة الجمعة والصلوات الخمس جماعة في المساجد، كإجراء احترازي ضد انتشار فيروس كوفيد - 19.
7.
هل علي أن أنتهي إلى خلاصة للكلام حتى يفهمني الأغبياء وصُنًّاع السخف؟!
آمل أن يكونوا قد فهموا الدرس!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق