منع

خرافة الإسلام دين الدولة

غلاف "الإسلام وأصول الحكم" 19251.
إنَّ هوس المسلمين بدينهم قد تخطى كل الحدود المعقولة للتطرف [هل توجد حدود معقولة للتطرف؟!]. 
فهو يستحوذ على عقولهم من صلاة الفجر حتى صلاة الفجر مرة أخرى ويمر بكل تفصيلات حياتهم الجنسية والمهنية والعادات والتقاليد وبداية البث الإذاعي والتلفزيوني والمدرسة وحتى وسائل النقل المزركشة بعشرات الآيات القرآنية؛
الدين في كل مكان وفي كل مرحلة من الزمان - بل وترى على الثلاجات ومكيفات الهواء والغسالات الأتوماتيكية عبارة "الله أكبر" وسيارات نقل الركاب والحمولة والعربات التي تجرها الحمير ومدخل المقاهي التي تصدح بها العجوز بأغنية "أنت عمري"!!!!
2.
وبالرغم من هذا كله فإن هذا الهوس لم يكن يكفيهم ولا يبدو أنه سوف يكفيهم وكان عليه أن يكتمل بـ"اعتناق" الدولة دين الإسلام [فهل تصلي الدولة خمس مرات في اليوم؟]!
وهكذا، قرروا غزو الدساتير (وكأن المكتبات والصحف والمجلات والمنهاج تعليمية لم تكفيهم) [*] وقرروا أن "دين الدولة هو الإسلام"[**].
وعلى عادتهم "أغلقوا باب الاجتهاد"، ضاربين بعرض الحائط "وطوله" كل التقاليد الدولية المعاصرة بأن "الدين" ليس جزءاً من نظام الدولة. فالدولة نظام سياسي يتكون من مؤسسات [منتخبة في جميع الدول الحديثة] تقوم على عاتقها إدارة شؤون الدولة المختلفة. ورغم أن الدولة "كيان سياسي" فإنها تكون فوق العقائد السياسية والانتماءات القومية، وبطبيعة الحال: فوق الأديان والمعتقدات الروحية للناس المنتمين إليها.
3.
وهذا ما نادى به ومنذ فترة مبكرة من تأسيس الدول العربية الشيخ الأزهري علي عبد الرازق في كتابه "الإسلام وأصول الحكم" الذي صدر عام 1925 .
علي عبد الرزاق



يقول عبد الرزاق:
"طبيعي ومعقول إلى درجة البداهة أن لا توجد بعد النبي زعامة دينية، وأما الذي يمكن أن يتصور وجوده بعد ذلك فإنما هو نوع من الزعامة جديدٌ. ليس متصلاً بالرسالة ولا قائماً على الدين. هو إذن نوع لا ديني. وإذا كانت الزعامة لا دينية فهي ليست شيئاً أقل وأكثر من الزعامة المدنية أو السياسية، زعامة الحكومة والسلطان، لا زعامة الدين، وهذا الذي قد كان" (2).
ويكاد المرء لا يحتاج إلى الاطّلاع على التاريخ لكي يعرف مصير الكاتب! 
فقد هب إعصار الرجعية المصرية من الأزهر إلى ما يسمى "هيئة كبار العلماء" مروراً بالكثير من الكتاب الصغار والكبار المأجورين من في حملات تشنيع وتشيهير [لم تنته حتى الآن]وتقديم الشيخ الأزهري علي عبد الرزاق إلى محاكمات "تأديبية" سخيفة أمام " هيئة كبار العلماء" غيرها الكثير من خزين وسائل الإرهاب الإسلامية.
4.
إن اعتراضات علي عبد الرزاق على أسلمة الدولة لا تزال قائمة حتى الآن. إذ كيف يمكن أن تكون الدولة إسلاميةٌ وهي كيان سياسي معنوي ينتمي إليه الناس، فهو يقول أيضاً:
" وإذا رأيتَ كيف تمت البيعة لأبي بكر، واستقام له الأمر، تبين لك أنها كانت بيعة سياسية ملكية، عليها كل طوابع الدولة المحدثة وأنها إنما قامت كما تقوم الحكومات، على أساس القوة والسيف"(3).
هكذا كانت دولة أبي بكر ــ أول "خليفة" للمسلمين، " بيعة سياسية ملكية "فأي دولة هي الآن التي تناءت بـ 14 قرناً عن عنا؟!
[يجب الانتباه إلى أن محاكمات علي عبد الرزاق ذات طابع لاهوتي. ولكنها مع ذلك لها قيمة تاريخية. فهو قد أعلن ومنذ العشرينات [وقد تحمل الكثير من المتاعب على آراءه آنذاك] بأن الحديث عن "دولة إسلامية" كلام لا معنى له].
5.
إنها مفارقة غريبة أن يكون الإسلام، أو أي دين آخر، ديناً للدولة!
فإذا ما أردوا ذلك، فإنها من غير شك دولة دكتاتورية دينية! لأن الدكتاتورية هي نظام الفكر الواحد، المنطق الواحد، العقيدة المواحدة ــ والدين الإسلامي هو بالذات الفكر الواحد الذي لا يعترف بأي فكر آخر إلا أن يكون خاضعاً له:
ــ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولً". (سورة النساء، الآية 47)
ــ "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ". (سورة آل عمران، الآية 19)
ــ "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ". (سورة آل عمران، الآية 85)
6.
أما شيوخ الإسلام، ولن نأخذ مثلاً من "المتطرفين"، بل ممَنْ يسمون أنفسهم "وسطيين"، فأنهم يشترطون في التعددية الشرطين التاليين (أو ربما شروط أخرى):
1. أن تعترف بالإسلام - عقيدة وشريعة – ولا تعاديه أو تتنكر له، وإن كان لها اجتهاد خاص في فهمه، في ضوء الأصول العلمية المقررة.
2. ألا يعمل لحساب جهة معادية للإسلام ولأمته، أيا كان اسمها وموقعها.
حكم إدانة "هيئة كبار العلماء" ضد علي عبد الرزاق
فلا يجوز أن ينشأ حزب يدعو إلى الإلحاد أو الإباحية أو اللادينية، أو يطعن في الأديان السماوية عامة، أو في الإسلام خاصة، أو يستخف بمقدسات الإسلام: عقيدته أو شريعته أو قرآنه، أو نبيه عليه الصلاة والسلام"[يوسف القرضاوي، من فقه الدولة في الإسلام، دار الشروق، 2001، 148].
فكما هو واضح "والرأي لأحد أنصار الوسطية!" إن حضور "الآخر" في هذه الدولة له شرط واحد لا يتغير: أن يخضع لمعايير وقيم وتفسيرات "الدولة الإسلامية" لكل ما يتعلق بالحق والقانون وحرية الرأي وحرية العقيدة. وهكذا يتحول هذا الشرط "البسيط" إلى آلية "إلغاء" للآخر مهما كان. وفي الوقت الذي يقرر فيه بتحريم الطعن في الأديان السماوية، فإن على هذه الأديان " أن تعترف بالإسلام - عقيدة وشريعة – ولا تعاديه أو تتنكر له، وإن كان لها اجتهاد خاص في فهمه ـــ فلتحتفظ به لنفسها!
7.
إن تقريراً مثل: “أن تعترف بالإسلام ـــ عقيدة وشريعة) له نتائج خطيرة على امتداد كامل منظومات الحقوق المدنية:
مثل قانون العائلة (الزواج والطلاق) وتوزيع الإرث والمناهج المدرسية والقوانين الجنائية وحقوق المرأة وقضية التبني وحرية الرأي والتعبير والتصريح بالعقيدة الدينية مهما كانت (أو اللادينية) وغيرها الكثير.
إن فظاظة وقمعية الدولة العربية واضحة للعيان. إذ رغم طبقة مساحيق الوجه السميكة، فإنَّ ما يتبدى من وراءها بيناً وبليغاً: دولة إسلامية " الإسلام فيها:
دين وحيد، واحد، أحد، لا أحد غيره ولا "غير" يوازيه، مدعوم بقوة القانون والسلاح. لا بهلوانيات اللغة تنفع ولا شعارات "المساواة أمام القانون" تغني شيئاً، باختصار ومن غير لف أو دوران:
الإسلام دين الدولة!
وبكلمة أخرى أكثر صراحةً ومعاصرةً:
إنها فاشية عادية!


هوامش:
* المواد المتعلقة بقضية "الإسلام دين الدولة" في أغلب دساتير الدول العربية"
- الدستور العراقي (المادة 2): أولا: الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدرٌ أساس للتشريع:
- الدستور المصري (مادة 2): الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
- الدستور السوري (مادة 3): دين رئيس الجمهورية الإسلام. الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع. تحترم الدولة جميع الأديان، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على أن لا يخل ذلك بالنظام العام. الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية.
- الدستور الجزائري (المادة 2): الإسلام دين الدّولة.
- الدستور المغربي (الفصل 3): الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية.
- الدستور السعودي (المادة 1): المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة؛ دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله ولغتها هي اللغة العربية. وعاصمتها مدينة الرياض.
- الدستور الكويتي (مادة 2): دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع.
- الدستور اليمني (المادة 2): الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية
- الدستور الأردني المادة 2): الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية.
- دستور الإمارات العربية المتحدة (المادة 7): الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه، ولغة الاتحاد الرسمية هي اللغة العربية.
- الدستور التونسي (الفصل 1): تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها.
- الدستور الليبي (المادة 1): ليبيا دولة ديمقراطية مستقلة، الشعب فيها مصدر السلطات، عاصمتها طرابلس، ودينها الإسلام، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع، وتكفل الدولة لغير المسلمين حرية القيام بشعائرهم الدينية، واللغة الرسمية هي اللغة العربية مع ضمان الحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ والتبو والطوارق وكل مكونات المجتمع الليبي.
- ** هناك بعض الاستثناءات مثل الدستور السوداني. إذ لا ينص على أن "الإسلام دين الدولة" لكن المادة 5، الفقرة 1 تنص على: تكون الشـريعة الإسلامية والإجماع مصدراً للتشـريعات. كما أن الدستور اللبناني أيضاً يخلو من هذه المادة.

لماذا الحديث عن الإسلام . . . [مرة أخرى]




[هذه هي الرايات السوداء في كل مكان وهي لا تُنبئ إلا عن الموت]

1.
غالباً ما يطرح القراء المسلمين هذا السؤال: "لماذا أنتم، الملحدين، لا تكفون عن الحديث عن الإسلام؟ ورغم عدم صحة السؤال (فنحن نتحدث عن جميع الأديان ونسعى إلى نقدها من الداخل ومن حيث المبدأ) لكنني أقبل السؤال بشقه الإسلامي: لماذا كل هذا الإصرار والحدة في الحديث عن مساوئ الإسلام ونقده؟
2.
أنت، يا أيها المسلم، عاجز بحكم قوانين الطبيعة الإنسانية، عن رؤية الإسلام، وبالتالي مساوئ الإسلام. الأمر لا يتعلق دائماً بالذكاء أو عدمه، بل لا يتعلق حتى بالأميِّة أو توفر التحصيل الجامعي.
المشكلة تكمن في كون المسلم غارق في الإيمان حتى أذنيه! وقاعدة المعرفة تقول: كلما ابتعدت عن الموضوع أدركت أبعاده أكثر، وكلما تحررت من تأثيره رأيت معالمه أوضح.
3.
ولهذا أنتم لا ترون جرائم الإسلام وحجم الكارثة التي يسببها لبلادنا وشعوبنا . . .
أنتم لا ترون، بل عاجزون حتى عن رفع أبصاركم لتروا ما يحدث حولكم!
وستظلون هكذا في هذا النفق، إلا إذا حاولتم الرؤية ورفعتم أبصاركم من الأرض وبحثتم في وجودكم الحقيقي. لن يكون الأمر ساراً، وسيحتضنكم الألم والأسى، بل قد تدفعكم الرؤية إلى اليأس. ولكن هذا في البداية فقط. إذ حالما تشاهدون العالم على حقيقته تشعرون وكأن أجنحة تنبت بدلاً من أذرعتكم، تحلق بكم عالياً في سماء الحرية!
4.
ليس الإلحادُ "جنة" تجري من تحتها الأنهار. إلا أنه ليس جحيماً يصلي الأجساد.
الإلحاد درب يؤدي إلى الحياة الواقعية بدون أوهام وخرافات العجائز وانتظار المعجزات وتلبية الصلوات. إنه الحياة كما هي خالية من عنف الدين وتواطئ الدولة وسفالة شيوخ الإسلام و"ملاليه"!
الإلحاد يوجه أنظار البشر إلى الأرض وبناء أنظمة سياسية أكثر عادلة وأكثر أرضية حيث يكون تبليط الشوارع وضخ الماء الصالح للشرب وتوريد الكهرباء وغيرها من الخدمات لا يعتمد على مشيئة وهم الله ولا دعاء البشر. حياة تصبح في متناول الناس أنفسهم وإن فشلوا في بناء حياة كريمة فإن السبب ليس في عقاب "الله"، بل في أخطائهم أنفسهم. وأخطاء البشر في ظل دولة القانون قابلة للتصحيح والتجاوز.
5.
والإسلام هو السبب في فقرنا ومآسينا والحروب التي تشتعل من غير نهاية!
أنظر بعينيك واسمع:
من أي بلدان تخرج طوابير اللاجئين المتوجهة صوب المجهول؟
ــ من الدول الإسلامية!
إلى أين تتوجه هذه الطوابير؟
ــ إلى دول الغرب؟
ألا يعني هذا فشل الإسلام في صنع حياة كريمة للبشر؟
ألا يعني هذا أن الدين نفق مظلم لا يؤدي إلَّا إلى الآسى والآلام والفشل؟
6.
لهذا نحن لا نكف عن الحديث عن الإسلام ومساوئه. لأننا نظرنا فأبصرنا بلداننا كيف تغرق في مستنقعات الفقر والقمع والحروب الصغيرة والكبيرة وغياب القوانين وانعدام العدالة والمساواة.
أبصرنا كيف يقوم شيوخ الإسلام ببيع الشعوب المسلمة كالخراف إلى دول القمع والتسلط، ولا يحصل الناس غير وعود رب عاجز حتى عن الدفاع عن نفسه!
7.
أما المسيحية، التي لا نتكلم عنها كثيراً، لأنها ودعت الرغبة في امتلاك السلطة وقبلت أن تهتم بنفسها وتترك الآخرين بسلام.
طبعاً لم يحصل هذا برغبتها، ولن تكون لها يوماً ما رغبة في ذلك، لكنها خضعت لقوانين الحياة الواقعية السياسية والاجتماعية والثقافية. وإن رفضها لهذه القوانين، وقد أدركت جيداً، سوف يجعل منها هي الخاسرة.
ولهذا فإن المسيحية قد "ربحت" عندما قررت أن تكون خارج الدولة.
وهذا ما يرفضه الإسلام رفضاً قاطعاً!
8.
هل أدركت لماذا لا يكف الملحدون عن الإسلام؟
آمل ذلك.



مغالطات منطقية[1]: الدليل على من ادعى

1.
غالباً ما يطالب المسلمون الملحدين واللادينيين بتقديم البرهان على انعدام الله!
وهذا أمر في غاية الغرابة والهزل في آن واحد!
2.
هذه مغالطة - لكنها من أسوأ أنواع المغالطات المنطقية "المتوفرة" في مخزن المغالطات الإسلامية.
فأن يُطالب الشخص بدليل على مصداقية رفضه للأوهام هو معادل أنْ نطالب بدليل على أنه من المريخ!
إذ على المؤمنين بوجود "رب" في السماء، أو في أي مكان آخر، أن يدركوا منذ البداية الحقيقة البسيطة التالية:
إن "وجود الله أو عدم وجوده" هي قضية من "اختصاص" المؤمنين وهي هوسهم اليومي وإن البرهان على هذا "الوجود" يقع على عواتقهم فقط. فهم الذين يؤمنون بخرافة "الله" - وهذا يعني أنهم يمتلكون "البرهان" على وجوده!
ملاحظة هامة:
لا أحد يطالبهم بمكان الوجود بل بالوجود فقط!
3.
فالملحد واللاديني لا يُطالِب، لا يريد، لا يرغب، ولا يصرُّ، على رؤية "الله"! فهذا الهوس من اختصاص المسلمين.
وهو أمر لا يعني أحداً غيرهم مطلقاً. وعندما يتعلق الأمر بالدليل فإن المؤمن بهذا الوجود الخرافي هو المدعو إلى تقديم ما شأنه أن يبرهن على وجود ربهم.
فمنذ القانون الروماني وحتى الآن:
الدليل على من ادعى.
4.
هذا هو المبدأ الثابت في جميع المحاكم والمؤسسات والهيئات التي تنظر في الخلافات ما بين الناس. ورفض هذا المبدأ [والمسلمون يرفضونه عملياً] يفتح باب اتهام الناس، على طريقة محاكم التفتيش الإسبانية، على مصراعيه.
ومع ذلك فإنَّه يحلو للمسلمين الجعجعة [وليس الكلام] في القضايا الخلافية القول:
الدليل على ما ادعى واليمين على من أنكر.
لكنهم وعندما يتعلق برفض خرافة "الله" يطالبونك بـ"الدليل" على رفض هذه الخرافة!
5.
وبالإضافة إلى كل هذا، فأن المسلم:
أولاً، يؤمن فقط ولا شيء غير الإيمان؛ وهوعاجز عن الإيتيان ببرهان على وجود "الله". فكيف يطالب من لا يؤمن بهذا الوجود برهاناً على "عدم وجوده"؟!
فمنذ بداية تاريخ الإيمان لم يأت أحد من المؤمنين بشيء غير المغالطات المنطقية أو التعكَّز على غياب الإجابات بصدد أمور لم ينقطع العلم في التفكير والبحث فيها.
إنهم ملوك "الفراغات" في منظومات الإجابات العلمية!
6.
المسلمون لا يفكرون إنطلاقاً من الحقائق وإنما ضد الحقائق، بل ويرفضون التفكير من حيث المبدأ (فالتفكير يسبب لهم حساسية جدلية) بأنه ثمة العديد من هذه "الفراغات" التي كانت موجودة مثلاً في القرن السابع عشر، تم الإجابة عليها من قبل العلم في القرن الثامن عشر. وهناك من "الفراغات" التي كانت موجودة في القرن التاسع عشر، تم الإجابة عليها في القرن العشرين. إن تطور العلم منذ بداية القرن العشرين كالنسبية الخاصة والعامة ونظرية الكم والعثور على الحفريات التاريخية التي جعلت براهين دارون أكثر صلابة ومنطقية وقبولاً وهكذا، هي مسيرة العلم الحثيثة من أجل التوصل إلى إجابات مقنعة علمياً واختبارياً لأهم القضايا التي تهم البشر.
العلم والمعرفة البشرية عملية (process) دائمة ومستمرة لا تقف ولا تطلق الصيحات الأخيرة على الطريقة الإسلامية!
7.
إنهم لم يأتوا بأي دليل يستحق الاحترام علمياً!
وما زالوا يغنون (رغم أنهم يرفضون الغناء) بصورة جماعية غناء كورالياً متعدد الأصوات من غير مرافقة للأدوات الموسيقة السورة التالية:
"لكلَّ علةٍ معلولٌ ولكلِّ مخلوقٍ خالقٍ "!
صدق الله العظيم!
آميــــــــــــــــــــــن!
ورغم هذا "النشيد" المزعج تراهم يتوقفون في منتصف الطريق: لكل مخلوق خالق [أو البعرة تدل على البعير] وهذا هو البرهان!
فطالما لكل مخلوق خالق فمن هو خالق هذا "الخالق" الذي لابد أن يكون هو بدوره مخلوقاً!
أنا شخصياً لا أهتم بالسؤال الأخير لسبب مبدأي لا يقبل الشك بالنسبة لي هو غياب "الخالق" الإبراهيمي.
8.
ثانياً، لا يدعي الملحد [وأتحدث عن الملحد الحقيقي] إلا ما يعرف؛ ولا يعترف بغير أدلة التجربة والبراهين ذات الطابع العلمي.
وعندما لا يعرف، يقول: "لا أعرف"؛ وعندما ليس لديه برهان - يقول ليس عنده برهان وينسحب من النقاش معترفاً بعجزه الحالي "الآن وهنا" مواصلاً البحث والتفكير.
ولهذا فإن المسلم لا يعرف معنى الإلحاد، أو لا يرى غير وجه واحد: هو رفض الدين ورفض فكر وجود الإله. فالإلحاد ليس إلحاداً [أو سيتحول إلى قضية إيمانية لا غير كما قُلتَ] إذ اقتصر على "فكرة اللادين" أو إذا تحول إلى دوغما والإصرار على الخطأ. وذلك للأسباب التالية:
أولاً. إنَّ مصدر وأساس الإلحاد ليس رفض الدين، بل الاستناد إلى المنطق والتفكير العلميين.
ثانياً. والاستناد إلى التفكير العقلاني ـــ العلمي هو الذي يقود إلى الإلحاد [عندما يصطدم بالخرافات الإسلامية وجهاً لوجه].
ثالثاً. والتفكير العلمي يعني رفض الدوغما (من أي نوع كان) رفضاً قاطعاً وما هو "صحيح" لا يعني إلا "الآن" وعلى أساس الاختبارات الواقعية وفي إطار الشروط العلمية للاختبار والتجربة. فأكثر الحقائق العلمية صحة عن عالمنا الراهن تبقى مفتوحة على اكتشافات ومعارف المستقبل: إما أن يتم تأكيدها من جديد أو يتم رفضها.
رابعاً. وهذا هو النقيض الذي لا يقبل النقاش للتفكير الديني و"الإيمانية" الدينية:
الملحد لا "يؤمن" بالحقائق، بل "يقبلها" الآن وبعد البرهنة عليها علمياً. وبدون البرهنة تبقى مجرد "فرضيات".
8.
و"الله" من غير شك فرضية- لكنها فرضية سيئة للغاية. لأنها لا تستند إلى أي نوع من الحقائق الثابتة. ولهذا فإن على المسلمين - والمسلمين فقط، يقع عبأ البرهنةّ.



الثلاثي المقدس [1]: الإسلام والعروبة ودولة حكم الأقلية

بصمة أصابع




1.

سنظلُّ نرتاد "مقاهي" الغربة حتى الرمق الأخير. والأمر، رغم مأساويته، فيه شيء من المنطق: فقد ولدنا غرباء، وهذا ما جعلنا غرباء كما هو مفترض أن نكون! فابن الفيل لن يكون نمراً أبداً، ولون البشرة لن يتغير بتغيير المناخ ولون العينين يبقى كما هو حتى الموت!

إذن ما هو مصدر مأساتنا؟

المأساة الحقيقية ليست في "الغربة" ذاتها، بل في عجزنا المتغلغل عميقاً في وعينا عن أدراك أسبابها؛ المأساة في وَهْم الانتماء الذي أسكرتنا نشوته وضيعت علينا رؤية أنفسنا. إذ غالباً ما يُفَسَّر "اغترابنا" سياسياً أو دينياً [رغم ما للسياسة والدين من أثر في تعميق اغترابنا] وكأنَّ سقوط عامل سلطة السياسة والدين سَيُعيد إلينا الإلفة والإحساس بالانتماء. ألسنا الآن خارج سلطة السياسة والدين؟

فما الفرق؟!

إذنْ ثمة عامل آخر يكاد يحتلُّ مساحة الغربة بأسرها.

إنَّهُ غياب الانتماء!

2.

نحن لا انتماء لنا، لأننا لا نعرف مَنْ نحن!

نحمل افتراضاً مهلهلاً بائساً، وهو من غير شك كاذباً، بأننا "عرب"، تحكمنا قيمٌ وأنظمة سياسة تجعل الهروب من هذا الافتراض أمراً عصياً.

هو افتراض بائس لأنه لا دليل على صحته ولا أمل في العثور على هذا الدليل.

3.

منذ عصور التدوين، التي لعبت دوراً حاسماً ضد "تدوين" التاريخ، قامت سلطة الإسلام [بدعم من شيوخ الحكم المطلق العربي: الفقهاء والمحدثون وحتى النحويون) على تدمير وتذويب كل الأدلة المتعلقة بجذورنا الثقافية والتاريخية صانعة "تاريخاً مزيفاً" بعد أنْ أتلفت كل الأدلة المادية التي من شأنها أن تلقي الضوء على هذه الأصول.

نحن الآن من غير أصول. 

لم يبق لدينا إلَّا الـ"دَنَا" [1] الشخصي لكل واحد منَّا على انفراد!

فنحن جميعاً "عرب" بقرار علوي "مقدس"، حتى يثبت التاريخ عكس ذلك! ولأنَّ التاريخ كتبه الحُكَّام بمباركة "فقهاء الإسلام" منذ القرن الثامن حتى الآن، فإن نسبة احتمال العثور على دليل يثبت العكسَ معادلةٌ لنسبة فكرة الحرية في منظومة مملطة الطغيان الإسلامية.

4.

نحن فقدنا انتمائنا عندما فقدنا أصولنا وجذورنا الإنسانية. أذابوا بداياتنا في حامض الهيدروكلوريك وتحللت جميع المعلومات الأولية لأصولنا إلى عناصر فاقدة للمعنى ولا تحمل أية أدلة على عمليات النشوء والتكوين. وقد كان الإسلام، وعن جدارة، هو حامض الهيدروكلوريك: حرق أصُولنا حرقاً لم يتبق بعدها غير روائح كريهة لأقدام وسخة كتلك الروائح المنتشرة في الجوامع ووقبور "الأئمة" وأماكن الطقوس وتقديم القرابين!

5.

لم تدمر ديانة جذور الشعوب المحتلة مثلما قام به الإسلام. لم يقم بما قام به الإسلام حتى المهاجرين إلى أمريكا الشمالية ولا حتى الإسبان في أمريكا اللاتينية. رغم عمليات الإبادة التي تعرض لها السَّكان الأصليين لأمريكا (الشمالية والجنوبية) والذين سموهم فيما بعد "الهنود الحمر"، فإنَّ هؤلاء السكان الأصليين تمكنوا من الاحتفاظ بذاكرة البدايات. إنهم ظلوا حاملين ذاكرة الجذور ولم تستطع جحافل المسيحية أن تهدم هذه الذاكرة.

فلماذا فقدنا نحن ذاكرتنا؟

هل كنَّا أقل مقاومة من سكان أمريكا الأصليين أما كان الإسلام أكثر تدميراً وقسوة من المسيحية؟

لماذا استطاع الإسلام أن يروض ثقافات شعوب ما بين النهرين العالية وأن يبيد تاريخها ويلبس سكان العراق لباساً واحداً لا يليق بغير نزلاء مستشفيات المجانين الهائجين؟

لماذا أصبحنا "عرباً" بكل هذه البساطة وقررنا التخلي عن جذورنا وعن أصولنا العقلية والثقافية وانتمينا إلى ثقافة الوهم والخرافة؟

هل قاومنا؟

وهل ......

مرحباً بكم في مملكة الطغيان!



[صورة لواحدة من مئات المظاهرات في مملكة الطغيان]

1.
كانت الدولة العربية (حيث الإسلام دينها الرسمي) متخصصة بمطاردة وباعتقال معارضيها السياسيين وكانت ولا تزال تخضعهم لأسوء أنواع التعذيب والإهانة والمعاملة المتوحشة وزجهم في سجون ضيقة قذرة وخالية من أبسط مستلزمات الحياة الإنسانية، هذ إذا لم يتم قتلهم ودفنهم في أماكن مجهولة. وكل هذا يحدث بصورة صارخة وشبه علنية حيث تُخرق جميع القوانين المكتوبة والمصدق عليها من قبل برلمانات هذه الدول (إن وجدت فيها برلمانات) أو من قبل هذا الرئيس أو ذاك الأمير والملك!
2.
و"البطل" الذي كان ينفذ كل هذه الجرائم هو أجهزة الدولة الأمنية، أجهزة الشرطة "المرئية" وأجهزة المخابرات وأمن الدول "غير المرئي" والقوات الحكومية الخاصة وغيرها. ويحدث هذا بعلم الحكومات تفصيلياً أو بمباركاتها المسبقة.
ولأن الدولة العربية لا تزال في عصر محاكم التفتيش الكاثوليكية (وفي حالتنا الإسلامية، شيعية كانت أن سنية)، فإن مؤسسات دينية (كالأزهر ومؤسسات الإفتاء العربية) أخذت تحرض على القتل والملاحقة بعشرات التبريرات الشرعية كالألحاد و "الردة" والإساءة إلى الدين الإسلامي والتحريض على شقِّ صفوف المسلمين (هل للمسلمين صفوف؟) وغيرها من منتوجات العصور المظلمة.
3.
إلا إنَّ المشكلة، التي كانت ولاتزال قائمة، هي الدلالة الفضفاضة والمائعة سواء لمفهوم المعارضةــ بالنسبة للحكومات، وتهمة الإساءة للدين ــ بالنسبة لمراكز السلطة الدينية.
في معايير الدول الليبرالية الحديثة (والناس المعاصرين الذي يستنشقون هواء الزمن الحاضر) فإن المعارضة هي الأحزاب والقوى والحركات السياسية المختلفة (والتي حصلت على أقل نسبة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية) والتي تقع خارج الحكومة ولا تتفق مع سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والخارجية وغيرها من النشاطات التي تميز مؤسسات الدولة المعاصرة. وإن نشاط المعارضة يتمثل بانتقاد سياسة الحكومة علناً وبكل الوسائل الإعلامية المتاحة اليوم وإن شدة هذا النقد قد يصل إلى عشرات المرات مقارنة بآراء المعارضة للحكومات العربية.
4.
وعلى خلفية ما يحدث في دول الإسلام العربية فإن هذا التعريف للمعارضة يبدو "أسطورياً" إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الكيفية التي تتعامل بها حكومات مملكة الطغيان العربية مع مفهوم المعارضة!
فالمعارضة هناك كانت ولا تزال هي كل كلمة تُقال من أي شخص كان، وكل نكتة تُروى بغض النظر عن روايتها، وكل تعليق سياسي من مواطن ــ حتى ولو كان بصددد انقطاع الماء والكهرباء وغياب الخدمات الصحية "يُشمُّ "منه رائحة عدم استحسان للحكومة أو فيها شيء من الانتقاص من "أولي الأمر"! بل يقع في خانة المعارضة ويخضع للمحاسبة "القانونية" حتى الأطفال على ما يبدر منهم من تعليقات بريئة! ولا نتحدث عن الاختلاف الديني: فهذا خرق لقدس الأقداس!
5.
إن سياسة الملاحقة وعمليات التفتيش ومداهمة البيوت كانت تحدث في كل يوم ولأتفه الأسباب و"على الشبهة"، كما يقال.
هذا ما كان أيام زمان، أيام مضت وقد لا تعود!
نحن في عصر لا تستطيع الدولة العربية (ذات الأدوات السياسية المتخلفة والهمجية) أن تخفي على العالم ما تقوم به.
نحن الآن في عصر المعلومات وشبكة الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ومحطات التلفزيون الفضائية التي حولت العالم إلى قرية صغير بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث تتحوَّل "العطسة" إلى خبر دولي!
ولهذا فإن دولة القمع العربية (ولأسباب شكلية تتعلق بمصالحها الاقتصادية مع دول الغرب) لم تعد مستعدة أن ترى وجهها القبيح يومياً يُعرض في محطات التلفزيون الفضائية وعلى صفحات الإنترنت وقي تقارير المنظمات الدولية.
إن ما كانت تقوم به "أيام زمان" لم يعد ينسجم مع "العصر". ولهذا فإنها أخذت تسعى جادة "وبصدق" إلا يحدث هذا من جديد، أو على الأقل إلا يحدث إلا في حالة الضرورات القصوى!
6.
الآن حان الوقت لأسلوب آخر، جديد:
ـــ اختطاف وتغييب المعارضين (المعارضة كما تفهمها هي وكما أشرت إليها منذ قليل) واختفاؤهم عن الأنظار من غير أي آثر لوجودهم. وإذا كان بعض هؤلاء المختطفين "يظهرون" قتلى على أرصفة الشوارع المظلمة وعلى حدود مزابل المدن، فإن الكثير من الفتيان والفتيات لايزالون في "عداد المفقودين". بل وفي هذا "النشاط المقدس" تساهم الميليشيات الدينية في العراق وليبيا واليمن بصورة فعالة. أمَّا ما يحدث في السعودية فإن أجهزة البترول وبدعم وتحريض من "الأجهزة" السلفية فقد أصبح من "الفولكلور" الإسلامي!
ـــ حوادث المرور الغريبة التي يروح ضحيتها "بالصدفة" المعارضون السياسيون أو الدينيون. هل تتذكرون عناوين الصحف السعودية خلال عام 2016: “لقي السعودي صالح المنصور، المثقف المعروف بـ“الشيوعي الأخير“حتفه إثر تعرّضه لحادث دهس أودى بحياته"! وهل تتذكرون كيف تم اغتيال خاشقجي؟
7.
شباب العراق ضد مملكة الطغيان:
أما في العراق فأن سياسة الدولة القمعية منذ نهاية العام الماضي وحتى تاريخ كتابة هذه السطور قد وصلت حداً لم تشهده في أسواء مراحل الدكتاتور المقبور صدام حسين. فالملثمين القناصوني صوبون فوهات بنادقهم بكل ثقة ولذة ضد صدور الفتيان والفتيات المتظاهرين والعزل، وعمليات إختطاف الناشطين من أمام بيوتهم وفي الشوارع تحولت إلى تقليد شيعي وسائرة على تقاليد حزب البعث. ها نحن نعدود إلى الخاق بخطى سريعة، ونقوض أي أمل في المستقبل. وكل هذا يحدث بمباركة الملالي في النجف وتفوح من بعيد رائحة إيران من بنادق القناصين.
مرحباً بكم في مملكة الطغيان!


موضوعات قصيرة [5]: "الله كريم"

الإيمان الديني استجداء أمام خرافة "الله"
1.
على امتداد وجودهم الأرضي القصير يردد فقراء الإسلام اللازمة المفزعة:
ــ "الله كريم"!
2.
فهم منذ ولادتهم وحتى اللحظة التي تلامس أجسادهم فيها تراب مقابرهم المغبرة والمهملة والتي عبث بها الزمان والطبيعة، ينتظرون من غير أيِّ شك وتردد "كرم الله!" الذي سينقذهم من بلوى الفاقة واستفحال الأمراض وضنك العيش والحاجة. 
3.
غير أنهم ما رأوا يوماً (ولن يروا) هذا "الكرم" وما تغيرت الأحوال وما تبدلت أقدارهم. لكنهم مع ذلك ما زالوا يرددون:
ــ "الله كريم"!
إلى متى؟
أليس للصَّبر حدٌ؟
أليس للوعود نهاية؟
ما هو السبب، أو الأسباب، التي تفقدهم القدرة على رؤية الحقيقة ــ أو لماذا تعجز الحقيقة عن التغلغل إلى نفوسهم ولو لمدة ثانية من الزمن بأن "كرم الله!" سرابٌ لا وجودَ له! 
وإن اللاموجود لا كرمَ له؛ والوهمُ لا يستطيع أن ينقذ الآلام البشرية؛ وإنَّ الحياة هي قضيتهم الوحيدة؟
4.
قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة بأنَّ السبب هو الأمْيِّة والتخلف الثقافي فقط.
ومع ذلك فإنهم يومياً يتخذون قرارت تتعلق بحياتهم من غير التفكير بالآلهة! 
فهم يعبرون شوارع المدينة، وفي كل مرة ينظرون مرور السيارات حتى يمكنهم العبور بسلامة إلى الرصيف الآخر. وإنَّ مثل هذه "الفعالية" لا تحتاج إلى شهادات دراسية. ما الذي سيحصل لو عبروا الشارع من غير التيقن من عدم وجود سيارة قادمة مسرعة؟
ــ سيجدون أنفسهم في مستشفى الطواريء لا محالة!
فهل سيعبرون الشارع في المرة القادمة إن حدث مثل هذا الشيء لهم أو للآخرين، مثلما عبروا في المرة الماضية؟
ــ لا.
وها نحن أمام حقيقة جلية وساطعة:
ـــ إنهم فكروا وما كان للآلهة أيُّ مكان في سلامتهم!
ليس هناك "الله" يكرم عليهم ولا وجود لــ "ربٍ" أو أية فكرة غيبية أخرى تقرر أفعالهم وتنقذهم من حوادث المرور. كل ما حصل هو أنهم استخدموا ما ملكوا من عقل واحتكموا إلى التجربة.
5.
فلماذا لا يطبقون نفس المنطق البسيط في مجالات حياتهم المختلفة:
ـــ التفكير بعقولهم والاحتكام إلى التجربة؟


موضوعات قصيرة [4]: "لا تسأل!"

صهْ - لا تسأل!
بينما كان مالك بن أنس في المسجد سُئلَ عن معنى الآية: "الرحمن على العرش استوى"[ سورة طه/5]، كيف استوى؟
وبعد أن أطرق مالك برأسه وقد أخذ العرقُ يتصبب منه (!)، أجابَ:
ــ الاستواءُ معلومٌ، والكيفُ مجهولٌ، والإيمانُ واجبٌ، والسَّؤالُ عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً.
ثم أمرَ به فَأُخْرِجَ من المسجد!
(في العربية الفصيحة: تم طرده!).
زبدة الكلام:
ــ لا تسأل!



موضوعات قصيرة [3]: كل عام وأنتم بخير"!




كل عام وأنتم بخير

1.
في المجتمعات الإسلامية والمسيحية (للأسف ليس لدي معرفة شخصية عن طبيعة الحياة التجارية في إسرائيل) وفي الأسابيع والأيام التي تسبق الأعياد الدينية الهامة (كعيد الفطر وعيد الأضحى عيد الميلاد ويوم الفصح ورأس السنة الميلادية وغيرها) يبدأ التجار المسلمون والمسيحيون بالقيام بأبشع أنواع المضاربات وبطرح البضائع (الضرورية)، ولكن الفاسدة في الأسواق، حيث تصل في بعض الأحيان الأسعار ولبعض السلع إلى أضعاف من غير أي مبرر تجاري!
وهذا من شأنه أن يؤدي إلى عجز فقراء المسلمين والمسيحيين ومن ذوي الدخل المحدود عن سد حاجاتهم في شراء ما هو ضروري لهذه المناسبات.
2.
هذا هو "الإيمان الديني القويم" وتقوى آلهتهم:
كلٌ يسعى لخداع الأخرــ المسيحيون يخدعون المسيحيين والمسلمون يخدعون المسلمين.
إنه عالم من عمليات الغش والخداع وغياب الضمير، لا واعز يحد من جشعهم ولا إيمان يضمن صدقهم.
ــ ألا تخاف الله يا يا حاج؟
ــ والله يأ أخي هذا هو سعر السوق!
هكذا يرد التاجر على دهشة الزبون!
كم من مواطني الدول العربية سبق وأن سمعوا أو اشتركوا في هذا الحوار؟
3.
إنني هنا لا اتحدث عن "الربح". فلا تجارة ولا تبادل سلعي بدون ربح. أنا اتحدث عن "غياب الضمير" في عمليات المضاربة وفي احتفلات دينية حيث يفترض من المؤمنين نوعاً من التقوى واحترام المناسبات (التي يدعون بأنها مقدسة!) وحيث يذهب هؤلاء التجار بعد نهاية يوم العمل أو يومي الجمعة والسبت إلى الجامع أو الكنيسة لكي يؤدوا طقوس الإيمان بالله أو بيشوع الرب المخلص والدعاء بالصحة وطول العمر، وكأن شيئاً لم يحدث!
ــ كل عام وأنتم بخير!


موضوعات قصيرة [2]: ما الفرق ما بين الله والفيل الأبيض الصغير؟

هذا هو الفيل الصغير: فهل ثمة جَلَال أجَلُّ من جَلَالِهِ؟!

[هذا هو الفيل الصغير: فهل ثمة جَلَال أجَلُّ من جَلَالِهِ؟!]

1.
يدعي المسلمون بأن "لله" صفات لا يتصف بها أي كائن آخر. وهم لا يتورعون عن منحه ما لا عدَّ له ولا حصر من عبارات المديح والتبجيل والإجلال ما لم يبرهنوا على شيء منها يوماً من كل أيام القرون الأربعة عشر المنصرمة رغم أنهم كانوا ولا يزالون يمتلكون ما يكفي من الوسائل والأموال والبشر للقيام بهذه المهمة البسيطة.
2.
غير أنني وعندما أطالع هذه الصفات (أو إحدى صيغها فمنها توجد المئات) لا أجد فيها ولا عبارة واحدة، أو صفة واحدة، لا تنطبق على الفيل الأبيض الصغير* الذي "يستوي" أمامي على المكتب من غير "عرش" أو أنبياء يخلدون ذكره ويرفعون اسمه عاليا بين الأسماء ولم يتبق له غيري لكي يعرف الناس في جميع أصقاع الأرض وجوده الذي لا يخضع لا للشك ولا الجدل.
ولكي لا يبقى كلامي محض كلام هذه هي صفات "الله" التي "يلبسونه" إياه عبيده المطيعون:

من أهم صفات الله سبحانه وتعالى:
-العلم: الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء فهو المطلع على جميع الأسرار في هذا الكون وهو العالم بكل شيء، يعلم ما تخفيه النفس، ويعلم الغيب والشهادة، وهو السميع البصير، والسميع هنا بمعني العالم بما يعمله الناس وسيحاسبهم على أعمالهم.
- القدرة: صفة من صفات الله عز وجل فهو القادر على كل شيء، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، خلق كل شيء فأبدع وأتقن الخلق، وجعل هذا الكون في نظام متناسق ومتناهي الدقة والإتقان.
- الحياة: من صفات الله سبحانه وتعالي أنّه الحي القيوم، فالله سبحانه وتعالى حياة لا موت فيها، والحياة هي صفة الكمال.
- الإرادة: وتأتي هذه الصفة هنا بمعنى المشيئة، فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، وهو القادر على ذلك.
- الوحدانية: وتعني أنَّ الله سبحانه وتعالي الواحد الأحد الذي لا شريك له، وهو الواحد في صفاته وأفعاله، وهو الآمر الناهي، وهو المعز المذل.
- الوجود: وهي صفة من صفات الله سبحانه وتعالى، فالله تعالى موجود ولكنّهُ ليس كباقي الموجودات، فالله تعالى موجود بلا كيف وبلا مكان، والله سبحانه وتعالى موجود أزلاً وأبداً.
- القدم: من صفات الله عزّ وجلّ، وتعني أنَّ الله قديم، أي أنّه أزلي لا بدايةَ له.
- المخالفة للحوادث: فالله سبحانه وتعالي خلق هذا الكون بأكمله، وهو لا يشبهه بأي صفة من صفاته، فالله سبحانه وتعالى يختلف عن الإنسان، فصفاته وأفعاله تختلف عن صفاتنا وأفعالنا، وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى ليس بجسم بينما نحن بجسم.
- قيامه بنفسه: فالله سبحانهُ وتعالى غني عنا، ولا يحتاج إلى أحد منا، ولا يضره شيء مما فعلنا.
- الكلام: صفة الكلام من صفات الله سبحانه وتعالى، فاللهُ سبحانه متكلمٌ بكلام ليس حرفًا أو صوتاً، فالكلام بالحرف والصوت من صفات المخلوق والله سبحانه ليس كذلك.
3.
الحق أن هذا الكلام يدهشني أشد الدهشة لأ لأنه قمة السخف بل لسبب آخر تماماً:
فحين أقارن صفات "الله!" هذه بصفات الفيل الأبيض الصغير الذي "يستوي" على مكتبي من غير "عرش" فإنني لا أجد أيَّ فرق بينهما. وإنْ اعتبارنا وجود الفيل الأبيض الصغير القابل للاختبار، خلافاً لـ"وجود الله" المفترض، له من "الأهمية" ما يمكن سردها والتباهي بها. فللفيل، والحالة هذه، وجود لا يمكن إنكاره أو عبوره بسهولة.
فهو:
موجود؛
واحدٌ؛
لم يلد ولا يولد؛
له الإرادة والمشيئة؛
صامت صمد؛
ويستوي على مكتبي مثلما يكون الاستواء.
4.
ما الذي حصل مع اللغة العربية بيد المسلمين؟
لقد بهدلوها وأساؤوا إليها ولم يكفوا عن لوي عنقها كل لحظة من الليل والنهار.
حمَّلوها ما لا تحتمل وأولوا مفرداتها بجميع أشكال الاعتباط والاستهتار وأخذوا يصفون بها الأوهام فصنعوا من الأوهام حقائق وأفسدوا الحقائق وطردوها من عقول بعضهم البعض.
5.
غير أن استهتارهم باللغة هو استهتار بوجود الفيل الأبيض الصغير الذي يستوي على مكتبي من غير "عرش" وينتظر من أصحاب العقل اليقظ أن يعيدوا إليه الاعتبار . . .


*للإطلاع على قضية الفيل الأبيض الصغير أنظر موضوع:



هو [الله] يغني!

1.
أفقتُ فزعاً:
كَانَ "اللهُ" يُغَنِّي أُغْنِيَةً عَاطِفِيَّةْ
لَمْ أتَبَيَّنْ، فِي البَدْءِ، كَلِمَاتِهَا،
كان يَرْطُنُ بِلُغَةٍ أجْنَبِيَّةْ

يُبَرْبُر، (إذَا صَحَّ التَّعْبِيرْ!)
ثمَّ يُصَفِّرُ بِفَمِهِ
كَانَ جَذِلاً
بَلْ يَتَهَدَّجُ صَوْتُه مِنَ الفَرَحِ
وكَأنَّهُ قد أنْهَى لِتَوِّهِ مُعْجِزَةً إلَهِيَّةْ
2.
كُنْتُ أظَنُّ أنَّهَا عَرَبِيَّةْ!
أوْ لِنَقُلْ: بِلَهْجَةٍ عَرَبِيَّةْ!
(وإنَّ بَعْضَ الظَّنِ إثْمٌ)
ألَمْ تَكُنْ هِيَ لُغَةَ "الكِتّابِ"؟
لُغَةَ الإعْجَازِ وَرُحَ الْكَلامْ؟
لُغَةَ الجنِّ والأعرابْ؟
لُغَلةَ "اللهِ" عَلَى الأرْضِ؟
وَ"الْلَّوْحِ الْمَحْفُوظِ" فِي مَدَارِجِ الأبَدِيَّةْ؟
ألَمْ تَكُنْ لُغَةَ آدَمَ "عَلَيْهِ السَّلامْ"؟
غَيْرَ أنَّنِي حَالَمَا تَنَبَّهْتُ،
أدْرَكْتُ الحَقِيقَةْ الإلَهِيَّةْ:
أنَّها أْغِنَيةٌ هِنْدِيَّةْ!
الْحَقُّ أقُولَهَا ــ مَنْ غَيْرِ شَكٍّ وَالْتِبَاسْ:
هِيَ أْغِنَيةٌ بِلُغَةٍ هِنْدِيَّةْ!
3.
غَرِيبٌ أمْرُهُ هَذَا الإلَهْ!
بَلْ هِيَ أُعْجُوبَةٌ لا يُصَدِّقُهَا حَتَى "الأشْعَرِيَّةْ":
"اللهُ" يُغَنِّي أُغْنِيَةً هِنْدِيَّةْ!
هَلْ هِيَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةْ؟
أمْ هِيَ لُعَبَةٌ مُوسِيقِيَّةْ؟
"اللهُ" لا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةْ ــ
هَذَا، بِاخْتِصَارٍ: لُبُّ مَوْضُوعِ القَضِيَّةْ!!!
4.
مَنْ أنْزَلَ، يَا تُرَى، تِلْكَ المَصَاحِفِ "العُثْمَانِيَّةْ"؟
مَنْ بَتَّ فِي لُغَتِهَا،
وَمَنْ قَرَّرَ أنَّهَا
مَصْدَرُ الْحَقِّ وَالعَدَالَةِ الإلَهِيَّةْ؟
"اللهُ" لا يَعْرِفُ العَرَبِيَّةْ،
"اللهُ" لا يَعْرِفُ حَتَّى الأبْجَدِيَّةْ!
"اللهُ" فِكْرَةٌ دِينِيَّةْ:
هِيَ، بِاخْتِصَارٍ، أسْطُورَةٌ عَرَبِيَّةْ!


عقيدة خير القرون!


بالات من الورق المهترئ

[مصادر عقيدة خير القرون]

"خَيْرُ القُرُونِ القِرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"!
"خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"!
"خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"!
1.
هذا "حديث نبوي"، "حسن"، "صحيح"،"إسناده جيد ورجاله ثقات"، "حسن غريب" ... الخ من الصفات التي تُطلقها كتب الحديث والفقه الإسلامية على هذا الكلام الذي يرد بصيغ لا تعد ولا تحصى!
2.
غير أنه لا يعنينا هنا:
1. لا الحقائق المتعلقة بـ "تاريخية" الأحاديث.
2. وسواء صدر هذا الكلام عن محمد أو لم يصدر.
3. أو إنه قد "ورد" بهذه الصيغة أو بصيغة أخرى.
4. والأمر سواء أيضاً إن كان هذا "الخبر" حقيقة أم خيال!
فهذه أمور لا قيمة لها من الناحية العقلية. فهي ذات طابع شكلي لا تمس صميم المشكلة:
إنَّ الأمر المهم والخطير في هذا النوع من الكلام هو أنه تحوَّل إلى عقيدة دينية وفكرية عند المسلمين في "عصرنا الحالي" ـ عصر التفكير العلمي والاكتشافات الثورية في مجالات العلوم الطبيعة والاجتماعية المختلفة وعصر التطور العاصف في آليات التفكير وتراكم الخبرة والمعلومات عن الوجود البشري!
لمحمد شأنه إن قال هذا الكلام أو لم يقله!
وللمسلمين شأنهم إن صدَّقوا هذا الكلام وأخذوه على محمل الجد أم لا!
ولكن حين يسعون إلى تطبيقه عملياً من خلال العودة بالناس إلى تلك العصور التي هي "خَيرُ!" العصور فإن الأمر يتعلق بعمليات انتحار جماعية شاملة لكامل وجودنا البشري المادي والروحي.
إنهم يقومون، عملياً، بسدِّ نوافذ الحياة الاجتماعية ويسمِّرونها بالحديد والنار!
إنهم يعتقلون بسجون العصور المظلمة حضارتنا المعاصرة وينفون حركة التاريخ بعيداً في "ربعهم الخالي"!
ولهذا فإن الأمر يهمنا!
3.
ملخص الفكرة بسيط جداً:
لا قيمة للتطور ولا مناص من العودة إلى الوراء ـ. إلى عصور السلف. فالنكوص "العودة إلى الوراء" هو "الخَيْرُ" والتقدم إلى الأمام هو "الشَّرُ"!
عجوز شمطاء pang
 حاملة ثقافة "خير القرون"!
هذه هي المعادلة!
وأكرر من جديد، وأعيد آلاف المرات، أنَّ المشكلة لا تكمن في حقيقة هذا الحديث، بل إنَّ شيوخ الفقه يؤمنون به وينشرونه بنجاح بين أوساط المسلمين "المعاصرين" جسداً والمتخلفين روحاً ويشيعون هذا المنطق في المدارس والجامعات ويبثونه في محطات الإذاعة والتلفزيون ويسدُّون به نوافذ شبكة الإنترنت ويمكن العثور عليه في الثلاجات والغسالات ومكيفات الهواء!!!
هذا هو مصدر الخطر، وهذا هو الأمر الذي يجب محاربته.
4.
إنها ليست مجرد فكرة رجعية، بل هي نظام شامل رجعي للحياة يطبقونه على مرأى البشرية في "دولتهم الإسلامية" أو في دولهم "العلنية" المُقَنَّعَةُ بمنتجات التكنولوجيا والمُسْتَخْدَمَة لتطبيق روح هذا النظام السلفي الذي يتحدثون عنه ليلَ نهار!
ولا قيمة ذات أهمية تذكر حتى لهذا التناقض: يلعنون التطور وينامون في أحضانه كالعاهرات! فالتناقض العقلي والأخلاقي هو طبيعة متجذرة في جميع العقائد الدينية. 
المشكلة تتعدى كل هذه التناقضات لأنهم "يستهلكون" منتجات التطور ثم يشتمونها، وكما كانوا يفعلون دائماً، هو جزء من إنتهازيتهم المبتذلة.
المشكلة هي إن العقيدة السلفية العلنية والمستترة ذات أهداف سياسية محضة:
منع وتقييد أية محاولة للمساس بسلطتهم التي لا تستحوذ على الموارد المالية والثروات الطبيعية لبلدانهم وحسب، وإنما تقوم بفرض القيود حتى على جوانب الحياة الشخصية للأفراد وتفتيت الحياة المدنية إلى طوائف ومذاهب لا علاقة لها بالحياة الفعلية للبشر.
5.
هذه هي عقيدة "خير القرون"! وهكذا رآها توما الأكويني (مثيلهم المسيحي بالعقيدة الدينية الغيبية) حين كتب:
" إنَّ نور الإيمان يجعلنا نرى ما نعتقد فيه"!
هذه هي الحقيقة:
إنهم لا يرون إلا ما يعتقدون به، ولا تعني لهم شيئاً ذات قيمة جميع الدلائل التي تكشف لهم شخصياً عن لامعقولية عقائدهم وتناقضها مع أبسط الحقائق اليومية. فالإيمان "أعمى" لا يميز "ما بين الخيط الأسود من الأبيض"؛ وهو في الحالة التي نتحدث عنها يرفض بصورة مطلقة كُلَّ ما يقوله المبصرون!


موضوعات قصيرة [1]: حين يقوم الرب بانقاذ شخص واحد والامتناع عن انقاذ الآلاف!

خرافة المسيح المصلوب

1.
في إحدى حلقات "البحث عن الله" في ناشيونال جيوغرافيك يقول أحد الناجين من البنايتين التؤأم بعد أحداث 11 أيلول 2001، بأنه قد نجا من الكارثة بفضل الرب يسوع!
فهو حين كان تحت الانقاض انخرط يصلي ويبتهل إلى يسوع الرب الذي سمعه وانقذه. وقد كان هذا الأمر بالنسبة له معجزة و"آية" تخبره بأن يجند نفسه لخدمة الرب يسوع!
2.
إنني سعيد جداً لأن "الرب يسوع" قد استجاب لصلاته! 
لكنني لا أستطيع أن أمنع نفسي عن طرح السؤال التالي [كما أظن أن الكثير من الناس لديهم رغبة عارمة في طرحه]:
ــ ولماذا امتنع هذا "الرب يسوع" عن انقاذ الثلاثة آلاف من النساء والرجال الأبرياء الذين بقوا تحت ركام البنايتين أو أولئك الذين رموا أنفسهم من نوافذ الطوابق العالية؟
وما هو فضل هذا "الواحد" على "الثلاثة آلاف
[أما لماذا لم ينقذ يشوع نفسه بنفسه أو لماذا لم ينقذه أبوه فهذا موضوع لا يستحق حتى التعليق]
3.
والأمر نفسه ينطبق على حوادث المرور والفيضانات والأعاصير المدمرة والزلازل الأرضية والتسرب النووي والأمراص الفتاكة وانتشار الفيروسات المدمرة ومرض السرطان والأيديز وغيرها من الكوارث التي تودي بحياة الآلاف أو مئات الآلاف من الأطفال والنساء والرجال الأبرياء!
لماذا ينقذ "الله" أو "الرب يسوع" أو "يهوه"، أو أي إله آخر، حياة بعضهم، أما الآخرون فيبعثهم إلى مثواهم الأخير؟!
ما هي "المعايير الربانية العلمية!" والدقيقة التي يستند إليها "الله" وابنه واخته وأي قريب آخر له فينقذ على أساسها حياة هذا ويترك الآخر في محنته؟
وعلى أي حسابات يستند هذا الرب "المنقذ" عندما يولد الأطفال مشوهين أو يحملون أمراضاً وعاهات يعانون منها حتى آخر حياتهم؟!
4.
لا يمكنني من أمنع نفسي أيضا القول بأن هذا الإله، إنْ وجدَ [وهو لم يوجد يوماً]، فإن مكانه المناسب الوحيد هو أحدى المصحات العقلية!


هل الله هو صاحب الكلام في القرآن؟

شخص داخل صندوق





1.
ليس هناك أجدرُ من الحقيقة على الإثبات. فالمرء لا يحتاج إلا إلى شيء بسيط وسهل: "الخروج من الصندوق"[1]!
فالشكوك في أصل القرآن لم تعد مجرد شكوك. فاصْلُهُ البشري أصبح بيناً والأدلة أضحت من الكثرة والتنوع جعلت الكثير من المسلمين يعيدون النظر بقناعاتهم وبتصوراتهم عن نص القرآن.
ولكن مع ذلك، فإن الكثير منهم عاجز عن قبول الأدلة لا لسبب إلَّا لأنها عقلية ومنطقية ولا تستند إلى توجيهات شيوخهم الشيعة والسنة على حد سواء.
2.
هل القرآن (وكل الكتب الدينية) وحي من ربٍ عَليٍّ قديرٍ متعالٍ اسْتَّلُهُ من "لوح محفوظ" في مكان من السماء السابعة (أو أي سماء) كُتبت فيه مقادير الخلق وحددت مصائر البشرُ أو إنه نص كأي نص صنعه البشر، وليكن لأغراض الجدل لا لأغراض الحقيقة، هو من صنع محمد؟!
الإجابة على هذا السؤال تفترض، حتى من المؤمن، أن يفتح عينيه ويبحث في القرآن كقارئ له عقل بشري وقدرة، حتى لو كانت بسيطة، على التفكير.
3.
إنَّ فكرة الوحي لهي فكرة أكثر فشلاً من وجود الإله نفسه!
إذ أنَّ من أشهر التقديرات على تاريخ ظهور الإنسان على الأرض تشير إلى ما قبل 2.5 ـ 3 ملايين سنة. وهذا يعني أنَّ هذا الإله لم يقرر الاتصال بالبشر إلا قبل فترة "وجيزة" من تاريخ الإنسان الذي لا يتعدى الـ 2500 سنة المنصرمة! وهذ أمر مثير للاهتمام.
أين كان هذا "الإله" كل هذا التاريخ المديد، يا ترى؟
ماذا كان يفعل؟
وما الذي "أجبره" على الخروج فجأة من صمته؟!
إنها أسئلة تكاد لا تحتاج إلى سائل، فهي تطرح نفسها بنفسها.
ومع ذلك فإنَّ هذه الأسئلة أهون الأسئلة التي تطرحها موضوعة "الوحي". ولنتجاهل، جدلاً، أسباب هذا الصمت، ونتجاهل أيضاً أسباب الكلام. إلا أن الشعور العبثي ما زال يقضي مضجع الإنسان المعاصر المفكر. إذ طالما صَمَتَ الإله كل هذا التاريخ المديد من عمر وجود الإنسان فلماذا لم يختر عصراً تسهل فيه وسائل التدوين وتقنيات الاتصال.؟
لماذا لم ينتظر "برهة" من الزمن حتى يأتي عصرنا هذا حتى تسهل مخاطبته لنا بدلا من أن يختار أسوء المواقع الجغرافية للاتصال، وأسوء المراحل التاريخية من حيث التطور، وأكثر المجتمعات تخلفاً في ذلك الزمان؟
لماذا، يا ترى، لم يختر عصرنا مثلاً وبدلا من ذلك يختار شعوباً متخلفة لا تقرأ ولا تكتب بل حتى لا تجد ما تكتب عليه غير العُسُبِ، واللَّخافِ، والأضْلاعِ، والأقْتَابِ، والقُضُم، وغَيْرِهَا مِنْ مُخَلَّفَاتِ النَّبَاتِ وَالَحَيَوَانْ!
إنه لعبث "إلهي" ولا شك!
غير أن هذه العبث لا يعني شيئاً آخر غير خرافة سيئة الصنع لا غير!
ومع ذلك كله لنقرأ هذا القرآن ولنتأمل قضايا في منتهى البساطة ويمكن العثور عليها في منتهى اليسر: منها مثلاً القيمة العددية لاستخدام مفردات معينة كالأسماء والضمائر ودلالات استخدامها.
4.
ها أنا أقترح على المسلم الذي يعرف القراءة والكتابة (إذا كان يعرف القراءة والكتابة فعلاً) هذه المسألة:
لاشكَّ أنَّ كلَّ مسلم قد كتب رسالة أو نظَّم شكوى لأجهزة الشرطة أو قدم طلباً إدارياً لمؤسسات رسمية أو توضيحاً لصحيفة يومية أو نشر نصاً يبشر فيه لأفكار وعقائد سياسية أو دينية أو اجتماعية. لابدَّ لكل مواطن عربي أو مسلم أن قام بشيء من هذه النشاطات أو يعرف شخصاً آخر قام بمثل هذه النشاطات.
ولنقل أنَّ طول هذه النصوص قد تجاوز الصفحة الواحد إلى عدة أو عشرات الصفحات. والسؤال هنا هو كالتالي:
كم مرة قام الكاتب بِذِكْرِ اسمه الشخصي؟ أو هل ذكر اسمه الشخصي إطلاقاً؟ هل ثمة حاجة لذكر اسمه خارج ضرورة التعريف بالمرُسِل أو صاحب الشكوى أو النص التبشيري؟
وإذا تطلب الأمر مثل هذا الذكر فكم مرة، يا ترى، ذكر اسمه؟
هذا سؤال بسيط والإجابة عليها تشترطها اللغة (أي لغة) وتخضع للمنطق العقلي والسائد على حد سواء: ليس أكثر من مرة أو مرتين. لأنَّ أيَّ "صاحب نص" يُعرِّف نفسه بنفسه مسبقاً أو يوجد شخص آخر يُعَرِّفُ بِهِ. هكذا اعتاد البشر منذ بدء الخليقة، وبكلمة أدق منذ نشوء الكتابة والتدوين وحتى زماننا الحاضر. والنصوص السومرية باعتبارها أقدم النصوص التي عثر عليها البشر لا تخرج عن إطار هذه القاعدة.
5.
هذه قاعدة منطقية ولغوية، ولننظر إلى قواعد اللغة العربية:
في الجمل الخبرية يعبِّر عادة عن الفاعل (المتكلم أو المرْسِل والراوي وقرارات القضاة والمراسم الجمهورية والعقود التجارية والمعاهدات الدولية وغيرها) بضميري المتكلم المنفصلين "أنا" و"نحن". أمَّا عن المخَاطَبِ فبضمائر الرفع المنفصلة "أنتَ" و"أنتِ" و"أنتما" و"أنتم" ، و"أنْتُنَّ". وهذا ما ينطبق أيضاً على الشخص الثالث الفاعل. ولكن في الحالة الأخيرة فإنه يمكن استخدام اسم الفاعل الشخصي بدلاً من الضمير. ومع ذلك فإن قواعد التعبير في اللغة العربية (وفي جميع اللغات الأخرى) تتجنب استخدام أسماء الأشخاص والأشياء بصورة متكررة وغالباً ما يُذكر الاسم مرة واحدة ومن النادر جداً تكراره فيما بعد ويستعاض عنه بالضمائر.
6.
أكرر: هذه قواعد منطقية ولغوية اعتاد عليها البشر ولا تزال نافذة المفعول.
فماذا عن القرآن؟
فإذا ما كان كما يقول الله ويصرُّ:
"إنا جعلناه قرآناً عربياً"
"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا"
"وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إليْكَ قُرْآنَاً عَرَبِيَّاً"
وإذا ما كان القرآن قد نزل بلغة قريش "أفصح العرب"، وإذا ما كان "الله" هو مصدر النَّص وهو المرْسِل والرَّاوي والقَائِل والمتَحَدِّث وصَاحِب الكلام ونحن البشر ممثلين بشخصية محمدْ فإنَّ عليه أن يخاطبنا بقواعد هذه اللغة ومنطقها: هو المرْسِل ونحن المتلقين ـ هو الشخص الأول المتّكّلِّم والمخَاطِبُ ونحن المتلقين. غير أننا نصطدم بورود اسم "الله" 2152 مرة واسم "الرحمن" كتعبير عن الله 45 مرة، ناهيك عن عشرات الصفات التي تحل محل الاسم وذلك باعتباره "شخصاً ثالثاً" كما يفترضه منطق لغة العرب التي انزل بها. ففي سورة البقرة فقط يرد اسم الله 216 مرة:
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
سورة البقرة - ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم (7).
سورة البقرة - يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون (9).
سورة البقرة - في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون (10).
سورة البقرة - الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون (15).
سورة البقرة - مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17).
سورة البقرة - يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير (20).
سورة البقرة - وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23).
سورة البقرة - إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين (26).
وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية ...
7.
فَمَنْ هو الكاتبُ ومَنْ هو المتلقي ومَنْ هو "موضوع" الرسالة؟
فكما نرى أن مصدر النَّص والمرْسِل والرَّاوي والقَائِل والمتَحَدِّث وصَاحِب الكلام ليس الله، بل شخصاً آخرَ تماماً: وهذا الشخص الآخر "المتكلم"، إمَّا أنْ يكون "شخصاً" مجهولاً أو أن يكون محمداً نفسه! أما "لعبة" استخدام الشخص الثالث باعتباره "إعجازاً" لغوياً، كما يقول الكهنوت الإسلامي، فليوفروه على أنفسهم فهذا هروباً سخيفاً ومزرياً لم يعد له أية قيمة.
إنَّ "الله" في القرآن ليس هو المتحدث، بل هو الشخص الثالث موضوع الحديث. وهذا ما ينسجم تماماً مع الأسلوب المتبع في الحديث عن "يهوه" و"الرب" والله في العهدين القديم والجديد. بل ينسجم مع جميع الكتب الدينية المكتوبة من قبل بشر مجهولين أو معروفين. فمن العبث أن يتكلم الله!
القرآن باختصار: كتاب بشري بكل المواصفات اللغوية والأسلوبية وعلى مستويات التعبير والمضمون والمنطق!
8.
غير أن القيمة العددية تُوَجِّه الأنظار إلى طرف آخر من المعادلة القرآنية.
فكما تخبرنا "الحكاية الإسلامية" بأن معجزة محمد هو القرآن، باعتباره الوسيط ما بين الله وعباده، ولهذا فقد اعتذروا له عن اجتراح المعجزات كسابقيه موسى وعيسى!
حسناً، لنقبلَ هذا الكلام على علاته حتى نتبين الحق.
فإذا ما كان محمد هو "النبي" الذي اصطفاه الله من بين "الأميين" ليمثله أمام الناس و"خاطبه" شخصياً و"شرح صدره" فإن من المنتظر أن يحدثنا عنه لكي يكسبه شيئاً من الاعتراف والمصداقية بكونه هو النبي والرسول المقصود لا شخص آخر. بل كان عليه أن يفسح له حيزاً يليق بمكانته كرسول له وبقيمته كنبي وصاحب رسالة يختم بها رسائل الله. بل كان على "الله" أن يوحي لنا بنصوص جديدة وإذا ما أراد أن ينظر قليلاً إلى الخلف للموعظة والحكمة فلا بأس أن يشير إلى الأنبياء السابقين بين حين وآخر.
غير أن هذا لم يحصل!
فالشخصية المحورية في "القرآن" هي موسى وليس محمد! فقد أشار إليه النص أكثر من 134 مرة، أما "محمد" فلم يحالفه الحظ باهتمام الله إلا أربع مرات لا غير! بل أن "الله" في "كتابه" قد ذكر عيسى حوالي 25 مرة (مستخدماً اسم عيسى أو ابن مريم)! أمَّا إبراهيم فقد تعرض القرآن له في 65 موضعاً من النص.
فأين محمد "حبيب" الله ورسوله المصطفى المدلل المبعوث إلى العرب والروس واليابانيين والناس أجمعين!؟
ما هذا الإصرار على ذكر موسى؟
أهذا كتاب أرسله "الله" إلى موسى أم "قرآن" منزل على محمد؟
ما هذا الاهتمام بقصص موسى وشؤونه وبما تَعَرَّضَ له وما قاله؟
9.
ها هي الأسئلة تعيدنا من جديد إلى نقطة البداية:
هل القرآن منزل من السماء؟
أولاً، لم يعد خافياً على كلِّ مَنْ اطلع على تاريخ الكتابة العربية بأنَّه من المتعذر أن يظهر نص القرآن (وبالشكل الذي وصل إلينا فيه)، في العشرينات أو الثلاثينيات من القرن السابع! والسبب بسيط جداً: هو أن أصول وقواعد ومستوى إتقان الكتابة العربية كانت آنذاك في مرحلة مبكرة جداً من تطورها. وهذا لا يعني غير نتيجة واحدة: إن النص الذي وصل إلى ما يسمى بفترة التدوين (ومن ثم إلينا) هو نص قد تم العمل عليه على مستوى المحتوى واللغة وتقنية الكتابة (من حيث القواعد والشكل والإتقان). وإذا ما وصلت إلينا المعلومات المتعلقة بما قام به الحجاج بن يوسف الثقفي وعبيد الله بن زياد من تغييرات وتحرير في نص القرآن، فإن ما قام به عثمان بن عفان سيظل مجهولاً إلى الأبد ولم يصل إلينا إلا غضب الناس في ذلك الوقت بسبب تصرفاته الاعتباطية في نص القرآن ـ وهو الغضب الذي دفع الناس إلى قتله شر القتلة.
ثانياً، ليس لدينا أي تسلسل يقيني لسور القرآنـ لدينا في أحسن الأحوال فرضيات وفي أغلبها يتم الاستناد إلى "تقنية" أسباب النزول الواردة في الحديث ـ والحديث قضية مشبوهة ولا يمكن الاستناد إليه بأي حال من الأحوال!
ثالثاً، نلاحظ على نصوص السور المختلفة، وحتى القصيرة منها، التفكك والتكرار وغياب العلاقة ما بين الكثير من الآيات ونقص كلمات وجمل كثيرة عند مقارنة نسخ القرآن التي وصلت إلينا مع بعضها. وقد أشار الكثير من الكتاب المسلمين إلى اختلافات لا عد لها ولا حصر من المصاحف المختلفة (كمصحف عثمان وابن مسعود ومصحف علي بن أبي طالب ومصحف وغيرها)
رابعاً، ثمة الكثير من الروايات (الواردة في أحاديثهم هم أنفسهم) عن ضياع وتلف وتغيير واختلاف في الطول لعدد لا يستهان به من آيات القرآن.
خامساً، تطابق عبارات وجمل كثيرة من القرآن مع نصوص شعرية لشعراء سبقوا ظهور الإسلام[2].
سادساً، تطابق الكثير من الطقوس اليهودية مع تلك التي أدخلها محمد إلى الإسلام كالصوم والحج وتحريم لحم الخنزير والختان وغيرها.
سابعاً، يتضمن القرآن الكثير من المفاهيم الدينية ذات الجذور الآرامية والعبرية والتي لا يمكنها فهمها بدون معرفة دلالتها الأصلية في اليهودية والمسيحية.
ثامناً، إن قضية "الحروف السبعة" و"العشرة" .. الخ تكشف لنا بجلاء إن القرآن "صناعة يدوية" بشرية ويخضع للآراء والتأويلات والاجتهادات البشرية.
تاسعا، لا أدلَّ من وجود المئات من الأخطاء الإملائية والنحوية في نص القرآن على أن فكرة الوحي "مهلهلة" إلى أبعد الحدود.
عاشراً، ليس لدينا أية أدلة مادية على وجود القرآن قبل فترة عبد الملك بن مروان!
والقائمة لا تنتهي . . ..
10.
هنا على مَنْ يؤمن بـ “سماوية" القرآن أنْ يفكر إنْ شاءَ، وإنْ شاءَ فليظل حبيس صندوقه الكئيب. صندوق أغلقه على نفسه وأصبح عاجزاً عن الخروج منه وفيه سيموت من غير أن يرى شمس العقل، وبهاء حرية التفكير!
أنت حرٌ يا أخي!




هوامش:
[1] "الخروج من الصندوق" تعبير يتضمن فكرة التفكير غير القياسي (التقليدي) لدراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية والسياسية. أي، الخروج من آليات التفكير المغلقة والبدء من زوايا لم تستخدم أو أسلوب لم يوظف بعدُ.
[2] من الأمثلة النموذجية على ذلك شعر أمية بن أبي الصلت.


أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر