1.
على امتداد وجودهم الأرضي القصير يردد فقراء الإسلام اللازمة المفزعة:
ــ "الله كريم"!
2.
فهم منذ ولادتهم وحتى اللحظة التي تلامس أجسادهم فيها تراب مقابرهم المغبرة والمهملة والتي عبث بها الزمان والطبيعة، ينتظرون من غير أيِّ شك وتردد "كرم الله!" الذي سينقذهم من بلوى الفاقة واستفحال الأمراض وضنك العيش والحاجة.
3.
غير أنهم ما رأوا يوماً (ولن يروا) هذا "الكرم" وما تغيرت الأحوال وما تبدلت أقدارهم. لكنهم مع ذلك ما زالوا يرددون:
ــ "الله كريم"!
إلى متى؟
أليس للصَّبر حدٌ؟
أليس للوعود نهاية؟
ما هو السبب، أو الأسباب، التي تفقدهم القدرة على رؤية الحقيقة ــ أو لماذا تعجز الحقيقة عن التغلغل إلى نفوسهم ولو لمدة ثانية من الزمن بأن "كرم الله!" سرابٌ لا وجودَ له!
وإن اللاموجود لا كرمَ له؛ والوهمُ لا يستطيع أن ينقذ الآلام البشرية؛ وإنَّ الحياة هي قضيتهم الوحيدة؟
4.
قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة بأنَّ السبب هو الأمْيِّة والتخلف الثقافي فقط.
ومع ذلك فإنهم يومياً يتخذون قرارت تتعلق بحياتهم من غير التفكير بالآلهة!
فهم يعبرون شوارع المدينة، وفي كل مرة ينظرون مرور السيارات حتى يمكنهم العبور بسلامة إلى الرصيف الآخر. وإنَّ مثل هذه "الفعالية" لا تحتاج إلى شهادات دراسية. ما الذي سيحصل لو عبروا الشارع من غير التيقن من عدم وجود سيارة قادمة مسرعة؟
ــ سيجدون أنفسهم في مستشفى الطواريء لا محالة!
فهل سيعبرون الشارع في المرة القادمة إن حدث مثل هذا الشيء لهم أو للآخرين، مثلما عبروا في المرة الماضية؟
ــ لا.
وها نحن أمام حقيقة جلية وساطعة:
ـــ إنهم فكروا وما كان للآلهة أيُّ مكان في سلامتهم!
ليس هناك "الله" يكرم عليهم ولا وجود لــ "ربٍ" أو أية فكرة غيبية أخرى تقرر أفعالهم وتنقذهم من حوادث المرور. كل ما حصل هو أنهم استخدموا ما ملكوا من عقل واحتكموا إلى التجربة.
5.
فلماذا لا يطبقون نفس المنطق البسيط في مجالات حياتهم المختلفة:
ـــ التفكير بعقولهم والاحتكام إلى التجربة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق