منع

مغالطات منطقية[2]: هل يعرف المؤمنون ربهم؟!

1.

هناك العديد من الطرق والوسائل العقلانية والتجريبية التي تثبت أن لا قوة غيبية من نوع الإله الإبراهيمي، أو أيِّ نوع آخر من اآلهة، يسيِّر العالم أو لا وجود لنا إلا بوجوده.

وهذه هي بعض الأمثلة البسيطة:

أولاً:

- يقول المسلمون بأن "الله في كل مكان". وهذا برهان على وجود "الله" كما يرونه وكما يعتقدون.

- ولكن وجوده في كل مكان يعني أنه في "مكان" ما، وهذا يعني أنه جزء من "المكان" و"الزمان". وهذا يعني بدوره أنَّ له بداية وله نهاية [وهذا يعني أنَّ له كتلة أيضاً]!

- ومع ذلك فإن وجود "الشيء" في "كل مكان" أمر يخالف أبسط قواعد المنطق العقلاني ويتعارض مع قانون "عدم التناقض": فإن "الشيء" إما أن يكون هنا وإما أن يكون هناك، ولا يمكن أن يكون هنا وهناك في ذات الوقت!

- إذا كان الله في كل مكان، فهل يعني هذا إنه داخل جهاز الكمبيوتر، وفي كأس الشاي الذي نشربه، وفي قدر البطاطا وفي.. وفي.. الخ [ سوف أوفر على المؤمن الإزعاج لوجود الله في أماكن لا أعتقد بأنها ستعجبه]؟!

- إذا كان الجواب بـ "نعم"، فأي إله هذا الذي "يقحم" نفسه و"يزج" أنفه في كل شيء؟

أليس من المنطقي أن يقوم هذا الإله الكليِّ القدرة والجبروت والمعرفة والذي يسير الكواكب والنجوم على التأثير على الأشياء عن بعد بدلاً من أن يحشر أنفه في كل مكان كما يبدو أنَّه لم يكتشف بعد remote control]؟

- وإذا كان الجواب بــ"لا"، فألا يتناقض هذا الواقع مع فكرة أن الله في كل مكان التي لا يكفون من ترديدها؟

2.

ثانياً:

لقد ظهرت الأديان الإبراهيمية خلال الفترة الأخيرة من تاريخ ظهور الإنسان [في إطار الثلاثة آلاف الأخيرة من تاريخ الإنسان].

- وهذا يعني أن "الله" وعلى امتداد تاريخ وجود الإنسان، ولنقل وجود جنسنا الحالي، Homo sapiens والذي استغرق حسب أشهر التقديرات حوالي 200000 ألف سنة، كان "يجلس على عرشه" رافضاً الاتصال "بمن أصنعهم من الطين" على امتداد أكثر من 99% من تاريخه. ولكن وفجأة وعلى غفلة من الزمن قرر مخاطبة "شعبه" المختار مكلماً موسى "على جبل في سيناء"!

- رغم كل هذا التاريخ المديد من حياة البشر التي عرفت مئات الآلاف من الكوارث الطبيعية والمجاعات والحروب والأمراض كان "الله" يتفرج ببرودة أعصاب متجاهلاً البشر ورافضاً أن يمنحهم "الرحمة" و"العطف" و"الأمل"!

هذا أمر مضحك غير جدير حتى بمخ قرد!

على الرغْم كل هذا من هذا التاريخ الطويل لم يفصح "رب العالمين" لعباده الصالحين عن حقيقة وجوده وعن حقيقة "جناته التي تجري من تحتها الأنهار"، خالدين فيها، ولم يحدثهم عن نفسه، ولا عن أساطير الأولين وتجارب السابقين!

ماذا كان يفعل يا ترى؟!

3.

ثالثاً.

كما هو واضح إذا كان ثمة أحد من سكان أرضنا الصغيرة التي نعيش عليها من هو عاجز عن تحديد ماهية "الله" فهم المؤمنون بهذا الكيان الخرافي ولا أحد غيرهم، أعني: المؤمنين بالإله الإبراهيمي ـــ يهوداً ومسيحيين ومسلمين!

4.

إنَّ أية عملية جرد في العهد القديم على ماهية الله (أو يهوه أو ألوهيم) فإن المرء سيصاب بالصداع على التقافز والتنافر والاختلاف والتطور في صورة الإله، داخل حتى النص الواحد، حتى انتهى الأمر إلى "يهوه" - إله الحرب والجنود.

وهذا الغياب "لصورة الله" ما زالت المسيحية تعاني منه.

فالتناقض شديد ما بين الكاثوليك والأرثودوكس من جهة، وما بين الكاثوليك والبروتستانت من جهة أخرى، وتناقضهم جميعاً مع طوائف مسيحية أخرى [سواء تم سحقها بقوة الإمبراطوريات المسيحية أو لا تزال]. ومنهم شهود يهوه الذين يرفضون فكرة الثالوث (كون الله ثلاثة في واحد!) والصليب. والكل يعرف أن فكرة الثالوث كانت "قراراً" إدارياً من مجمع نيقيا عام 325. ففيه رفض أريوس الثالوث المقدس (الأب والابن والروح القدس) ورفض أن يكون لله ابن ولا وجود إلا لله الواحد؛ وما يسوع إلا إنسان فانٍ ــ مخلوق من مخلوقات الله (وكلنا نعرف ماذا حدث له ولأنصاره)؛ وإن جوهر الخلاف هذا لا يزال قائماً في الكثير من الطوائف المسيحية، بغض النظر عن صغرها ومحدودية تأثيرها.

5.

أما المسلمون، وما أدراك ما المسلمون، فإن الخلاف على ماهية الله أكثر جذرية وأكثر عمقاً، وهو في الكثير من الحالات أكثر كوميدية من منطق المسيحية!

فقضية "صفات الله" المادية التي رفضها المعتزلة، كما رفضوا فكرة التجسيد، ودافع عنها "السلفيون السلف" ويدافع عنها حتى هذه اللحظة "السلفيون الخلف" هي من القضايا التي تشكل طعناً حقيقياً بوجود الله. وقد أدى هذا الصراع بالسلفيين جميعهم، وبشكل خاص الوهابيين، إلى التطرف بالدفاع عن صفات الله حتى تحول إلى كاريكاتور مهلهل! فجعلوه يَنْظُر ويُنْظَرُ، ومنحوه يداً وقدماً ومؤخرة [أليس يجلس على العرش؟!]. وهكذا. 




ملاحظة عابرة:

أنتم أيضاً كافرون، أيها المسلمون، لأنكم ترفضون أرباب الآخرين!



مغالطات منطقية[1]:  الدليل على من ادعى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر