منع

مغالطات منطقية[1]: الدليل على من ادعى

1.
غالباً ما يطالب المسلمون الملحدين واللادينيين بتقديم البرهان على انعدام الله!
وهذا أمر في غاية الغرابة والهزل في آن واحد!
2.
هذه مغالطة - لكنها من أسوأ أنواع المغالطات المنطقية "المتوفرة" في مخزن المغالطات الإسلامية.
فأن يُطالب الشخص بدليل على مصداقية رفضه للأوهام هو معادل أنْ نطالب بدليل على أنه من المريخ!
إذ على المؤمنين بوجود "رب" في السماء، أو في أي مكان آخر، أن يدركوا منذ البداية الحقيقة البسيطة التالية:
إن "وجود الله أو عدم وجوده" هي قضية من "اختصاص" المؤمنين وهي هوسهم اليومي وإن البرهان على هذا "الوجود" يقع على عواتقهم فقط. فهم الذين يؤمنون بخرافة "الله" - وهذا يعني أنهم يمتلكون "البرهان" على وجوده!
ملاحظة هامة:
لا أحد يطالبهم بمكان الوجود بل بالوجود فقط!
3.
فالملحد واللاديني لا يُطالِب، لا يريد، لا يرغب، ولا يصرُّ، على رؤية "الله"! فهذا الهوس من اختصاص المسلمين.
وهو أمر لا يعني أحداً غيرهم مطلقاً. وعندما يتعلق الأمر بالدليل فإن المؤمن بهذا الوجود الخرافي هو المدعو إلى تقديم ما شأنه أن يبرهن على وجود ربهم.
فمنذ القانون الروماني وحتى الآن:
الدليل على من ادعى.
4.
هذا هو المبدأ الثابت في جميع المحاكم والمؤسسات والهيئات التي تنظر في الخلافات ما بين الناس. ورفض هذا المبدأ [والمسلمون يرفضونه عملياً] يفتح باب اتهام الناس، على طريقة محاكم التفتيش الإسبانية، على مصراعيه.
ومع ذلك فإنَّه يحلو للمسلمين الجعجعة [وليس الكلام] في القضايا الخلافية القول:
الدليل على ما ادعى واليمين على من أنكر.
لكنهم وعندما يتعلق برفض خرافة "الله" يطالبونك بـ"الدليل" على رفض هذه الخرافة!
5.
وبالإضافة إلى كل هذا، فأن المسلم:
أولاً، يؤمن فقط ولا شيء غير الإيمان؛ وهوعاجز عن الإيتيان ببرهان على وجود "الله". فكيف يطالب من لا يؤمن بهذا الوجود برهاناً على "عدم وجوده"؟!
فمنذ بداية تاريخ الإيمان لم يأت أحد من المؤمنين بشيء غير المغالطات المنطقية أو التعكَّز على غياب الإجابات بصدد أمور لم ينقطع العلم في التفكير والبحث فيها.
إنهم ملوك "الفراغات" في منظومات الإجابات العلمية!
6.
المسلمون لا يفكرون إنطلاقاً من الحقائق وإنما ضد الحقائق، بل ويرفضون التفكير من حيث المبدأ (فالتفكير يسبب لهم حساسية جدلية) بأنه ثمة العديد من هذه "الفراغات" التي كانت موجودة مثلاً في القرن السابع عشر، تم الإجابة عليها من قبل العلم في القرن الثامن عشر. وهناك من "الفراغات" التي كانت موجودة في القرن التاسع عشر، تم الإجابة عليها في القرن العشرين. إن تطور العلم منذ بداية القرن العشرين كالنسبية الخاصة والعامة ونظرية الكم والعثور على الحفريات التاريخية التي جعلت براهين دارون أكثر صلابة ومنطقية وقبولاً وهكذا، هي مسيرة العلم الحثيثة من أجل التوصل إلى إجابات مقنعة علمياً واختبارياً لأهم القضايا التي تهم البشر.
العلم والمعرفة البشرية عملية (process) دائمة ومستمرة لا تقف ولا تطلق الصيحات الأخيرة على الطريقة الإسلامية!
7.
إنهم لم يأتوا بأي دليل يستحق الاحترام علمياً!
وما زالوا يغنون (رغم أنهم يرفضون الغناء) بصورة جماعية غناء كورالياً متعدد الأصوات من غير مرافقة للأدوات الموسيقة السورة التالية:
"لكلَّ علةٍ معلولٌ ولكلِّ مخلوقٍ خالقٍ "!
صدق الله العظيم!
آميــــــــــــــــــــــن!
ورغم هذا "النشيد" المزعج تراهم يتوقفون في منتصف الطريق: لكل مخلوق خالق [أو البعرة تدل على البعير] وهذا هو البرهان!
فطالما لكل مخلوق خالق فمن هو خالق هذا "الخالق" الذي لابد أن يكون هو بدوره مخلوقاً!
أنا شخصياً لا أهتم بالسؤال الأخير لسبب مبدأي لا يقبل الشك بالنسبة لي هو غياب "الخالق" الإبراهيمي.
8.
ثانياً، لا يدعي الملحد [وأتحدث عن الملحد الحقيقي] إلا ما يعرف؛ ولا يعترف بغير أدلة التجربة والبراهين ذات الطابع العلمي.
وعندما لا يعرف، يقول: "لا أعرف"؛ وعندما ليس لديه برهان - يقول ليس عنده برهان وينسحب من النقاش معترفاً بعجزه الحالي "الآن وهنا" مواصلاً البحث والتفكير.
ولهذا فإن المسلم لا يعرف معنى الإلحاد، أو لا يرى غير وجه واحد: هو رفض الدين ورفض فكر وجود الإله. فالإلحاد ليس إلحاداً [أو سيتحول إلى قضية إيمانية لا غير كما قُلتَ] إذ اقتصر على "فكرة اللادين" أو إذا تحول إلى دوغما والإصرار على الخطأ. وذلك للأسباب التالية:
أولاً. إنَّ مصدر وأساس الإلحاد ليس رفض الدين، بل الاستناد إلى المنطق والتفكير العلميين.
ثانياً. والاستناد إلى التفكير العقلاني ـــ العلمي هو الذي يقود إلى الإلحاد [عندما يصطدم بالخرافات الإسلامية وجهاً لوجه].
ثالثاً. والتفكير العلمي يعني رفض الدوغما (من أي نوع كان) رفضاً قاطعاً وما هو "صحيح" لا يعني إلا "الآن" وعلى أساس الاختبارات الواقعية وفي إطار الشروط العلمية للاختبار والتجربة. فأكثر الحقائق العلمية صحة عن عالمنا الراهن تبقى مفتوحة على اكتشافات ومعارف المستقبل: إما أن يتم تأكيدها من جديد أو يتم رفضها.
رابعاً. وهذا هو النقيض الذي لا يقبل النقاش للتفكير الديني و"الإيمانية" الدينية:
الملحد لا "يؤمن" بالحقائق، بل "يقبلها" الآن وبعد البرهنة عليها علمياً. وبدون البرهنة تبقى مجرد "فرضيات".
8.
و"الله" من غير شك فرضية- لكنها فرضية سيئة للغاية. لأنها لا تستند إلى أي نوع من الحقائق الثابتة. ولهذا فإن على المسلمين - والمسلمين فقط، يقع عبأ البرهنةّ.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر