1.
يتحدث فيلم "سارقة الكتب The Book Thief " 2013 (إنتاج مشترك أمريكي ألماني من إخراج Brian Percival) عن فتاة صغيرة " Liesel " فقدت أخيها الصغير واعْتُقلت أمُّها من قبل الغستابو لأسباب سياسية خلال الحرب العالمية الثانية في ألمانيا فتبنتها عائلة ألمانية بسيطة.
رغم الخوف والقلق الذي كان يعتمل في أعماق الفتاة الصغيرة فقد استطاعت وبطريقة غير تقليدية أن تتكيف مع أوضاع الحرب وأن تتغلب روحياً على الواقع القاسي عن طريق قراءة الكتب. فرغم المخاطر الهائلة التي يمكن أن تتعرض لها بدأت تسرق الكتب من محارق الكتب التي تقوم بها منظمات الشباب النازية.
في إحدى "المهرجانات" النازية لحرق الكتب وقد كان على تلاميذ المدرسة في المدينة الصغيرة حضور هذه "الطقوس" كانت ليزيل تنظر إلى الكتب وهي تحترق بألم ولوعة. فثمة قوة لا تقاوم كانت تدفعها من الداخل لكي تقوم بإنقاذ الكتب المحروقة. مما أثار هذا السلوك انتباه أحد صبيان منظمة الشباب النازية.
فقام بإصدار الأوامر إلى الفتاة بأن ترمي الكتاب بيدها إلى المحرقة عقاباً على تعاطفها!
كان يلعب دور النازي الحقيقي وكأنه صورة طبق الأصل من النازيين الكبار: وإذا ما طالت الحرب فإن هذا الصبي الصغير (المغيب وممسوخ التفكير) كان من الممكن أن يكون نازياً من الدرجة الأولى.
فكم من القتلى سوف يسقطون صرعى لأنهم لا يخضعون لقائده: هتلر؟
2.
إن هؤلاء النازيون الصغار لهم صور شتى وصيغ مختلفة في جميع الشعوب: وقد صنع المسلمون "نازييهم" الصغار وكأنهم صورة طبق الأصل من أولئك النازيين الصغار!
هذه ليست مبالغة. فهي مقارنة تستجيب لوقائع وأحداث وحقائق يومية كشف عنها تاريخ الدولة الإسلامية الأسْوَد في العراق وسوريا وهم لا يزالون في أماكن مختلفة بالسر أو بالعلن!
وها هم النازيون الصغار الجدد:
إنها جريمة في أن تمسخ عقول الأطفال وتحولهم إلى "كيانات" حاقدة على البشر جميعاً وحقنهم بـ"بعقيدة"، فَتُغْسل أدمغتهم وتمسخ طفولتهم وتحويلهم إلى مشروع للقتل.
3.
لا أستطيع نسيان ما عانيناه في اختيار الحصول على الكتب "الصالحة للقراءة" من مكتبة المدرسة والمكتبة المحلية القريبة.
كانت موظفة المكتبة، وعندما لم تكن قادرة على "معرفة" الكتاب من العنوان واسم المؤلف، تسألنا عن مضمون الكتاب وفكرته "ونحن لم نقرأه بعد!" حتى تتأكد من "سلامة" الكتب التي ستقع في أيدينا!
هل كانت تنفذ سياسة ما؟
وهل كان هذا جزء من عملها؟
أشك في ذلك.
إنها الثقافة الدينية المغلقة والمعادية لأي تصورات أخرى لا تنسجم مع تصوراتها التي تربت عليها والمبادئ الأخلاقية التي رافقت دراستها المضادة "للكتب المنحرفة"!
4.
هل توجد في الدول الإسلامية إلى جانب النازيين الصغار محارق للكتب؟
الإجابة القاطعة: نعم.
من له علاقة بالكتب والكُتَّاب ودور النشر لابد وأن تكون في حوزته الكثير من المعلومات عن مصير أطنان "المنشورات الممنوعة" كتباً ومجلات وإصدارات مختلفة تدخل البلدان العربية.
إن اعتبار إصدار ما "ممنوعاً" يعني مصادرته من هيئة الرقابة على المطبوعات. هذا حق منحته الدولة لنفسها وهي التي تدعي بأنها تحترم حقوق الملكية.
5.
محارق الكتب "المعادية!":
إنه المعيار الذي لا يخطأ لقيام الأنظمة الشمولية. وينبغي ألا تُفهم عبارة "محارق كتب" بصورة حرفية دائماً وفي أي مكان. فهناك أشكال أخرى لها وهي إذابة الكتب "المعادية!" بمحاليل كيميائية وتحويلها إلى عجينة تستخدم كمادة خام لصناعة الورق من جديد، وهناك من يرمي هذه الكتب إلى مقبرة النفايات. غير أن الهدف واحد لا غير:
"قتل" الفكر المخالف إذا لم تتوفر الإمكانية لقتل المخالف نفسه!
وقد تسنت لي الفرصة شخصياً لرؤية الكتب والمجلات الدورية في مخازن "هيئة المطبوعات" والمهيئة للتدمير في مراكز تدوير النفايات.
وعندما عبرت عن استغرابي أمام معارفي الذي كان يعمل هناك:
- هذه كميات هائلة من الكتب!
فأجابني مستغرباً من "استغرابي":
- أنت لم تر شيئاً، هذا حصاد الشهر فقط!
6.
إننا أنقذنا ما كان باستطاعتنا من الكتب الممنوعة عندما قرأناها.
وجاء دور تلاميذ المدارس الآن بإنقاذ ما يستطيعون من الكتب الممنوعة والمحرمة وذلك بقراءتها.
ابحثوا عن الكتب الممنوعة حتى لا تُغَيَّب في مملكة الطغيان!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق