منع

القضاء الإسلامي مناقض لفلسفة القانون العادل

القضاء الإسلامي مناقض لفلسفة القانون العادل
1.
من بين المبادئ الأساسية الشهيرة في القوانين الدولية منذ اليونان – وقد تم بلورتها في القانون الروماني – وقبلت بها جميع المجتمعات (ومن ضمنها الإسلامية رغم أطنان الخروقات) هي: 
- الدليل على من ادعى؛
- لا مجرم من غير جريمة؛
أما مفهوم الجريمة فإنه لا يمكن أن يعني تصوراً ذاتياً واعتباطياً للمشرِّع. فالتفكير مثلاً ليس جريمة ولا يمكن أن يكون جريمة. ولهذا فإن التفكير بصوت عال هو الآخر حق وليس جريمة[أمام المحاكم النزيهة]؛
- المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محكمة نزيهة؛
- ليس الاعتراف بالجريمة دليل على ارتكاب الجريمة من غير دليل يثبت مصداقية هذا الاعتراف أو أن هذا الاعتراف قد تم الحصول عليه عن طريق الإجبار [في المحاكم النزيهة]؛
- لا يمكن الحكم على مرتكب جريمة مرتين على ذات الجريمة [أمام المحاكم النزيهة]؛
- للمتهم حق الدفاع عن نفسه بنفسه أو عن طريق محام [أمام المحاكم النزيهة]؛
- المحاكم النزيهة ترفض خضوع المتهمين لعمليات تعذيب جسدية أو نفسية. فالتعذيب مهما كانت أشكاله ووسائله جريمة وعلى المحكمة أن تعاقب مرتكب الجريمة ومهما كان.
2.
هل المحاكم الإسلامية نزيهة؟
غير أنَّ ثمة مبدأ غائب لا يقلُّ أهمية وخطورة عن المبادئ المشار إليها في النقطة السابقة – بل هو الأساسٌ والقاعدة التي تستند إليها مبادئ العدل والإنصاف: 
- بطلان الأحكام القضائية جملة وتفصيلاً إذا كانت مصلحة القاضي تتطابق مع مصلحة المدعي [وخصوصاً عندما يكون المدعي هو الدولة]!
إذ لا يمكن في هذه الحالة أن يقوم [القاضي] بمقاضاة [المدعي عليه] أو البت في قضية هو طرف فيها.
وهذا هو ما يحدث في "القضاء" الإسلامي: 
فالقاضي الإسلامي استناداً إلى أحكام الشريعة متحيز وله مصلحة تتطابق مع مصلحة الدولة الإسلامية -وإلا فهو خارج الإسلام!
3.
تتكون كل قضية من ثلاثة أطراف: 
[القاضي] و[المدعي] و[المدعي عليه].
أما ممثل الادعاء العام في المحاكم الحديثة فهو عادة ممثل للدفاع عن مصالح المجتمع (الدولة) في حالة القضايا العامة [القضايا التي يكون فيها المجتمع/الدولة طرفاً والتي تتضمن جرائم يتم فيها خرق قانون العقوبات الساري] ولهذا فهو يلعب دور "المدعي" الممثل للدولة.
وإنَّ عدالة الأحكام التي يصدرها القاضي تستند إلى قاعدتين هامتين:
القاعدة الأولى: 
الاستناد إلى مبادئ قانونية ثابتة قامت بتشريعها هيئة تشريعية مستقلة لا تعبر عن مصالح القاضي [ولا المدعي العام] ومهمة القاضي هو التطبيق العقلاني وبضمير مستقل لبنود وفقرات هذه المبادئ.
والقاعدة الثانية: 
هي استقلالية المحكمة فيما يتعلق بقضية الخلاف سواء ما بين مدع ومدع عليه أو ما بين ممثل الادعاء العام ومدع عليه – بل وحتى ما بين الفرد والدولة.
بل أنَّ في المجتمعات الديموقراطية حقاً [وليس جمهورية صوماليا الديموقراطية] توجد محاكم إدارية تنظر في القضايا المتعلقة بالخلافات ما بين المواطن والدولة – وحتى لو كانت ضد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأي شخص آخر في الدولة.
4.
ومثل هذه المبادئ لا يمكن توفرها في حالة التشريعات التي تستند إلى الدين "الشريعة".
فالشريعة منظومة من الأحكام الدينية/ اللاهوتية [الاعتباطية]حتى لو تعلق الأمر بقضايا مدنية. إنها تنطلق من "كتاب محمد" و"أحاديثه" وتستند إلى المواضعات القانونية المتضمنة في العقيدة الإسلامية التي تم فبركتها من قبل فيما يسمى "الفقهاء".
والقاضي في هذه الحالة سيكون طرفاً.
5.
ولكي تتضح الصورة بصورة أكثر:
القاضي في إطار المحاكم التي تستند إلى القوانين المدنية لا يمثل هذه القوانين ولا يشكل طرفاً فيها ولا تعبر عن رأيه – بل يمكن أن تكون حتى مخالفة لآرائه القانونية والدينية. فهي صادرة من السلطة الأولى: البرلمان - السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد.
والقاضي في هذه الحالة يقوم بتطبيق مقتضيات هذه القوانين سواء قبل بها أم لم يقبل.
وهذا هو مبدأ استقلال السلطات الذي لا يمكن توفرها "موضوعياً" في المحاكم التي تستند إلى "الشريعة" – أي القوانين والمواضعات والقواعد الدينية.
6.
ولنخضع هذا النوع من المحاكم والقضاة لمقتضيات العدل والأنصاف: 


ما هو قرار هذه المحكمة لرفض الزوجة أن تمارس الجنس مع زوجها؟
وما هو قرارها لمطالب الزوجة بالطلاق من زوجها؟
وما هو قرار هذا القاضي المتعلق بالتهمة الموجهة ضد مواطن  قرر ألا يؤمن بالعقيدة الإسلامية؟
وما هو قرار هذا القاضي المتعلق بالتهمة الموجهة ضد مواطن  قرر أن يترك الإسلام؟
وما هو قرار هذا القاضي في القضايا المتعلقة بالميراث: 
هل سيحكم كما تتطلب العدالة والأنصاف أم سيحكم استناداً إلى ترهات "آيات" المواريث من "سورة" النساء؟
وما هو قرار القاضي بتجاوزات السلطات الدينية على الأفراد؟
وما هو موقف القاضي من التفسيرات الفقهية المتضادة للمذاهب الفقهية المتضادة؟
وغيرها الكثير جداً من الأسئلة والشكوك في مصداقية عدالة المحاكم الإسلامية.
7.
سيقول المسلم السلفي العلني والمستتر [والملحد المزيف]: بأنَّ القاضي سوف يقرر استناداً إلى أحكام القانون – متناسياً أنَّ هذا "القانون" هو  "الشريعة"!!!
ومن الممكن أن يضيف: "وهذا ما يضمن استقلالية قرارات القاضي"!!!
وهذا هو عين السخف:
أولاً، لأن "القانون" لا يمكن أن يكون تعبيراً عن الأيدولوجيا الدينية؛
ثانياً، منظومات القواعد الدينية منافية للقانون الدولي والمعاهدات الدولية؛
ثالثاً، ولأنَّ القاضي في هذه الحالة سوف يحكم استناداً إلى كون "المتهم" "مكلفاً" دينياً رغماً عن أنفه [أنف المتهم والقاضي على حد سواء]. 
ولهذا فإن هذا "المتهم" يتحمل تبعات إيمان القاضي بالدين رغماً عن أنفه – آمن أم لم يؤمن!
ولكن ماذا لو رفض "المتهم" فكرة "التكليف" والإيمان بالدين الإسلامي فهل سوف يحق للقاضي أن يخضعه لمواضعات العقيدة الإسلامية؟!

بل هل سيعترف القاضي بحق المواطن أن يفكر بحرية؟
كاريكاتير: لا حياة للإنسان بدون الإسلام!


وهل سيضمن حريته بالتعبير عن رأيه؟
إنَّ تاريخ الوقائع منذ العشرينات من القرن الماضي لا تقول غير شيء واحد:
تحيز "القاضي!" المسلم ضد المواطن وضد حقه بالعدالة والإنصاف. وإذا صدر "حكماً" مخففاً أو نوعاً من التبرئة من قبل هذا القاضي أو ذاك في مثل هذه القضايا فإن الشرط الوحيد كان وسيكون هو تدخل الدولة لدرء الفضيحة الدولية!
8.
إنَّ من يعتقد بأنَّ "الإسلام" يصلح لكي يكون ديناً للدولة وإن تكون منظومات القوانين الحاكمة في البلاد تعبيراً عن هذا الدين فإنه عليه التصريح بأنَّه يؤمن بأنَّ "كتاب محمد" صالح لكل زمان ومكان؛ وإنَّ مصادر التشريع القانوني يجب أن تستند إلى سخافات أبي هريرة وابن عباس و"الصحابة" ومن لمَّ لمَّهم!
بل وعليه التصريح بأنْ يكون شعار الدولة القادمة:
"فإما يأتينكم مني هُدى فمن اتبع هُداي فلا يضلُّ ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى"!!!
آمين!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر