منع

جذور الإرهاب الإسلامي

مرتزقة الدولة الإسلامية
[على الأغبياء أن يستغبوا – أما الأذكياء فليعلموا: أن التوحش لا يزال هنا!]

1.
من أهَمِّ مصادر المعرفة هي الوقائع التاريخية. وعندما تكون الوقائع التاريخية ماثلة للعيان فإنها تحمل في نفسها الفرضية والدليل على وجودها والأغبياء فقط سيكونون عاجزين عن رؤيتها.
فمنطق "الكأس" المملوء حتى المصف في زمن الكوارث والمآسي هو منطق الثَّمِلَ الذي لا يفرق ما بين الدَّمِ وعصير الطماطم!
والوقائع التاريخية تقول لنا:
إنَّ جذور الإرهاب الإسلامي ومنطق الفكر الشمولي قائمة في العقيدة الإسلامية ذاتها وليس شكلاً من أشكال التفسير والتأويل للكتب الدينية.
وعدم رؤية هذه الحقيقة هو مصدر الكارثة في الثقافة العربية الرسمية السائدة وسط العامَّة من المسلمين وأنصاف المتعلمين وأنصاف المثقفين.
أمَّا مَا يتعلق بمثقفي السلطان الرسميين العلنيين والمستترين فإنهم لا يجهلون هذه الحقيقة. غير أنَّ في "جهلهم" لها تكمن مصالحهم.
فهم حين يُزَوِّرون الحقائق فإنهم يقومون بعملية مزدوجة:
فكل عملية تزوير للحقائق تخفي دائماً حقائق مستترة يتضمن استتارها خدمة للمؤسسات الدينية والدولة على حد سواء.
2.
في "رسالة مفتوحة إلى العالم العربي" يقول المفكر الإسلامي عبد النور بيدار:
"مشكلة جذور الشرّ. من أين تنبع جرائم ما يسمّى “الدولة الإسلاميّة”؟ سأجيبك يا صديقي، ولن يسرّك ذلك، ولكن واجبي كفيلسوف يقتضي إجابتك. إنّ جذور هذا الشرّ الذي يسرق وجهك اليوم تكمن فيك، فالوحش خرج من رحمك، والسرطان يسكن جسمك ذاته. ومن رحمك المريضة ستخرج في المستقبل وحوش جديدة – أسوأ منه بكثير – ما دمت ترفض مواجهة هذه الحقيقة، وطالما تباطأت في الاعتراف بها ولم تعزم على اقتلاع هذا الشرّ من جذوره!"
وهذه هي الحقيقة التي يعرفها الجميع ما عدا أنصاف المتعلمين:
إن جذور الإرهاب الإسلامي كامنة في العقيدة الإسلامية ذاتها وفي "رحم" المسلمين المريضة التي تمتلك كل إمكانيات توليد الإرهاب؛
إنها كامنة في تصورات المسلمين الخرافية عن أنفسهم وعن العالم؛
إن جذور الشر كامنة في موقف المسلمين من الوجود البشري والعيش المشترك مع الآخرين.
وإنَّ جذور الشر، أخيراً وليس آخراً، كامنة في المنطلقات اللاهوتية الشمولية التي يسعى المسلمون إلى فرضها على الوجود البشري.
فما هي هذه المنطلقات؟
3.
لقد سبق وأنْ أشرت في الكثير من كتاباتي إلى هذه المنطلقات. والآن عليَّ أن أعيد الإشارة إليها لأنني وكلما أسعى إلى البحث عن جذور الشر في العقيدة الإسلامية، وكلما حاولت أن غير زاوية الرؤية ومنطق التناول، فإنني أصطدم بذات المنطلقات اللاهوتية التي تشكل الإطار الحديدي للعقيدة الإسلامية:
أولاً:
أولى هذه المنطلقات، وهي مفارقة مضحكة مبكية، رفض المسلمين لأيَّ دين آخر:
فالدين عند الله الإسلام والإسلام فقط!
"نحن فقط، على حق!" - يقول المسلمون، ولديهم "الأدلة!" على ذلك:
فقريان محمد "يقول!"":
- " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]
- "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران:19-20]
- "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110]
- وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِيِنَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً" [النور:55]
4.
ثانياً:
الإسلام دين الدولة!
إن هذه الحماقة الصريحة والمفضوحة هي حجر أساس الدولة الإسلامية. وإن من نتائج هذه الحماقة هي أن "الشريعة الإسلامية" مصدر أساسي للتشريع – أو الأساسي. وهذا ما نراه في جميع الدساتير العربية وأشباه الدساتير الإسلامية حيث تتصدر هذه المواضعات البنود الأولى منها.
وهكذا نصل إلى خلاصة هذه المنطق:
الإسلام هو دستور الدولة!
فالدولة إسلامية - ومادامت إسلامية فإن القانون الإسلامي هو الحُكْمُ والحَكَمُ والحَاكِم!
5.
ثالثاً:
لم يتخل المسلمون عبر تاريخهم الطويل حقاً وحتى اللحظة الراهنة من أسوء معايير الدولة السياسية منذ تأسيسها حتى الآن:
تمجيد الطاغية والخضوع لإرادته. ولهذا فإن المسلمين لا يتحدثون عن الحرية، ولا يناديون بها إلا إذا كان الأمر يتعلق بـ"حرية الإسلام" وحسب وليس البشر. بل يرفض المسلمون حقوق البشر التي حصروها في حق الخضوع والعبودية.
فإطاعة الحاكم فرض ديني قام محمد بتشريعه حتى ساوى ما بين الحاكم والنبي:
"يأيها الذين آمنو أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم"
وهذه شروط "ذهبية" لظهور الطاغية!
بل أن "الطاغية" هو التعبير الناصع والنقي للعقيدة الإسلامية.
6.
ما هي الفكرة الرئيسية والشاملة لمثل هذه الخزعبلات؟
- نحن على حق شامل عقيدةً وفكراً وأخلاقاً!
- نحن خير البشر وخير الأديان وخير الأفكار!
- فكرنا هو فكر البناء وفكر الآخرين هو فكر الهدم!
- نقدنا بناء ونقد الآخرين هدام!
- كل نقد سلبي للإسلام والمسلمين هو نقد هدام وكل نقد إيجابي ومديح للإسلام والمسلمين هو نقد بناء!
إن منظومة الأفكار هذه ذات طابع متماسك ومتداخل سواء أدركها المسلم أم لم يدركها. فهي متجذرة في سيكولوجيته وفي طريقة تفكيره وهو لا يدرك الفرق ما بين الوهم والحقيقة. وعدم أدراك الحدود ما بين الوهم والحقيقة هو مرض سيكولوجي.
وإنَّ كل هذا الهوس بالنفس يجد دعماً بتصورات محمد الشمولية الواضحة:
- " أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ"!!!
وهذه هي الوصية المقدسة:
إن يقاتل حتى يجبر الآخرين على أن "شْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" ومهما كان الثمن، ومهما كتنت الفظائع والجرائم المرتكبة.
إذن الإرهاب وصية دينية وواجب مقدس!
7.
هذه هي باختصار جذور الشر الإسلامي التي بدونها لا وجود للإسلام.
فهل ثمة مخرج من هذا الكابوس؟
بل هل يمكن أن ننتظر (كما ينتظر الأغبياء) إن يُصلح المسلمون أنفسهم و"يكتشفوا" أنهم يعيشون خارج التاريخ؟


ما الإلحاد؟

 [صخرة الإيمان الديني: النهاية المستحيلة]

1.
قد يبدو السؤال غريباً بعض الشيء. فالإلحاد، مقارنة بالعقائد الدينية الإبراهيمية مثلاً، أكثر وضوحاً وصراحة من حيث الدلالة والأهداف.
[ملاحظة هامة: لا أتحدث عن خزعبلات المعنى القاموسي لكلمة "إلحاد" في اللغة العربية بل المعنى الاصطلاحي المقابل للكلمة الإنجليزية: Atheism].
2.
وبسبب هذا الوضوح والجلاء وبعد أن فشل مسلمو الإنترنت و"مموليهم" من كل حدب وصوب في التصدي لانتشار وتوسع الإلحاد في بلدانهم فإنَّهم قد سعوا بسذاجة لا يحسدون عليها إلى الكذب والتلفيق والتزييف.
ومن مظاهر هذا السعي: 
الادعاء بأنَّ الإلحاد، كما الإسلام، عقيدة ودين!
ولهذا، واستناداً إلى هذا المنطق، فإنَّ الملحد مؤمن كما المسلم لكنه لا يعترف بهذا الإيمان!
3.
ولهذا عليَّ الآن القيام بمهمة تقديم تعريف للإلحاد ملائم لتلاميذ المدارس وحاملي "شهادات الدكتوراه" بفقه النجاسة ومن يقع بين هذين الطرفين من حملة الهبالة على حد سواء.
فهل من الممكن تقديم تعريف واحد جامع للإلحاد؟
للاسف لا.
إنَّ ردة الفعل العنيفة للمجتمعات الدينية المحافظة إزاء فكرة "الإلحاد" قد اشترط نوعاً من "التقية" في تفسير مفهوم الإلحاد من قبل بعض الملحدين واللادينيين من جهة، وإلى تنوع الموقف من الدين من جهة أخرى، مما أدى إلى تنوع في عملية التعريف .
ولكن إلى حد ما يتعلق الأمر بتصوراتي عن الإلحاد فأنا لا أجد غير مستويين للتعريف - إذا صح التعبير:
المستوى الأول:
هو أن الإلحاد رفض الإيمان بأي نوع من الآلهة - بغض النظر عن الاسم والغاية والهيئة - وجميع الأديان والعقائد والتصورات المرتبطة بها - وخصوصاً النبوة والكتب المقدسة المرتبطة بهذا الإيمان. 
والعقائد الإبراهيمية: اليهودية والمسيحية والإسلام مثال نموذجي على هذه الأديان والعقائد السائدة في الكثير من المجتمعات.
أما المستوى الثاني والأكثر جذرية:
فهو رفض وجود الآلهة نفسها لا رفض الإيمان بها فقط.
وإذا كان المستوى الأول يوحي بمعنى أننا يمكن أن نعيش بدون الحاجة إلى الإيمان بوجود هذا أو ذاك الإله، فإن المستوى الثاني يقرر أنَّ لا دليل على وجود الآلهة.
إنَّ "غياب الدليل" الذي استغرق آلاف السنين هو دليل مدهش على خرافة "الله".
لقد عجز المؤمنون بخرافة "الله" عن تقديم دليل على وجوده خارح رؤوسهم. أما ما يسموه "أدلة" فهو أمر لا يتعدى حدود القناعات الإيمانية الني لا تصمد أمام أي اختبار عقلاني وهي بضاعة لأسواق المسلمين فقك.
4.
أما طبيعة وشدة هذا الرفض لوجود الآلهة فإنه قضية شكلية لا يجب أن تمس فكرة الإلحاد من حيث الجوهر.
وكل الهرطقات والهراء الإسلامي حول الفكرة المزيفة بأن "الإلحاد عقيدة" هو "جعجعة بلا طحين"!
5.
من هنا تنبع الطبيعة العامة التي تميز الملحدين:
التنوع في التصورات والمنطلقات الثقافية والفكرية وإمكانيات الإختلاف التي لا حدود لها إزاء الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية والأخلاقية.
فسقوط العقائد يؤدي إلى سقوط كل أنواع الدوغما والأيدولوجيات الممكنة والتي تميز الفكر الديني والحزبي على حد سواء [الطوائف والملل والفرق الدينية أحزاب دينية/سياسية مستترة بقناع التفسير اللاهوتي]
6.
وبالتالي فإنَّ أي نوع من التهاون أو "التردد" أو اللف والدوران في التعريف المشار إليه في النقطة الثالثة يكون المرء قد كف عن أن يكون ملحداً.
إذ لا يوجد "خروج" أو "دخول" إلى الإلحاد ولا يوجد "إيمان" ولا "ارتداد".
إنه قبول أو رفض التصورات الإلحادية ولا شيء آخر. ولا يوجد أي نوع من الحكم القيمي إزاء الأشخاص.
فالحرية الفكرية - حرية الرأي - أساس الفكر الإلحادي ومتى ما انهارت هذه الحرية فإننا سنكون أمام "عقيدة دينية" لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بفكرة الإلحاد.
7.
واستناداً إلى هذا التصور البسيط (وليس التبسيطي) للإلحاد تتحدد الأوضاع التالية:
- ليس في الإلحاد تبشير ولا دعوة للإنضمام أو إدانة بسبب الخروج من الإلحاد.
- الملحدون لا يطالبون الممؤمنين بمغادرة أديانهم، بل مطالبتهم بالتفكير واحترام عقولهم. فللإيمان نتائج اجتماعية وثقافية خطيرة على الفرد ولهذا يجب إدراكها وحساب حسابها.
- الملحدون لا يطالبون بمنع الأديان.
- لكن الملحدين وكل من لم يودع عقله في القرن الحادي والعشرين جدير بأنْ يطالب بفصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية والمدرسة والشارع ووسائل الإعلام ذات الملكية العامة. وهذا ما يؤدي إلى تحرير الناس من سلطة اللاهوت جماعةً وأفراداً ولا شأن لهذا السلطة بحياة الأفراد.
الدين قضية شخصية والناس أحرار آمنوا أم لم يؤمنوا. أما السلطات الدينية فلا وجود لها على الأفراد خارج حدود المعابد الدينية.
- إنَّ حرية الضمير والعقيدة تعني من غير لف ودوران:
حرية الإلحاد والإيمان على نفس المستوى والقيمة والأهمية.
8.
إنَّ التعبير الذي يشيع استخدامه بين اللادينيين "مسلم كيوت" هو تعبير زائف عندما يتعلق الأمر بموضوع الإلحاد والإيمان. فالمرء إما أن يؤمن بوجود خرافة "الله" أو لا يؤمن.
ولهذا فإن هذا الـ"كيوت" يؤمن بجميع الخرافات والأساطير الدينية وبكل ما يرتبط بها من نتائج ثقافية.
إما إذا كان يعني بأنه لا يرفع راية "الجهاد" ضد الآخرين فهذه قضية أخرى لكنها لا تغير من الإيمان شيئاً.







لا يوجد اكتشاف علمي يمكن أن يخفف من توحش الثقافة الإسلامية

أمواج متلاطمة بصخور الساحل على مرأى شخص يقف بهدوء


مقدمة:

منْ مظاهر إفلاس المسلمين طرح الأسئلة التي يعجزون هم أنفسهم عن تقديم إجابة أخلاقية عليها.

والإجابة الأخلاقية هي تلك التي يحترم المرء فيها الآخرين وألا يردد كالببغاء ما "يؤمن" به فحسب. 

فالإجابات الإيمانية ليست إجابات لأنها تستند إلى استدلال دائري – وهو منطق فاسد:

"الله “موجود لأن "الله" قال في القريان . . . إلخ

هذه هي الإجابة اللاأخلاقية.

أما الإجابة الأخلاقية هي الإجابة التي تستند إلى محاكمات عقلانية (وليس عقلية – أي لا عقلانية!) تتضمن ما يكفي من المصداقية لكي تقنع إنساناً آخر من غير إيمان.

فأن تقنع مؤمناً بعقيدة خرافية بصحة هذه العقيدة لهو نوع من الابتذال واللف والدوران حول الإيمان الذي لن ينتج شيئاً يستحق التأمل والتفكير.

1.

فالمسلمون (وخصوصاً أنصاف المتعلمين) يجيبون على سؤال: ما هو مصدر الحياة والكون، بأن "الله" هو الخالق والمميت والمهيمن والعنيد. وإجابتهم هذه تستند إلى إيمانهم الديني التسليمي (سنة وشيعة من جميع الطوائف الخرافية) بوجود خالق اسمه "الله". وهم لو كانوا يؤمنون بـ"الفيل الطائر"، لقالوا إن الفيل الطائر هو الذي خلق الكون بقدرته تعالى.

2.

إذن، لم يفكروا ولم يدركوا كيف حدث هذا الخلق (لا أعني هراء الأيام الستة وخرافة آدم). فطالما قرروا منذ البداية بأن "الله" حقيقة لا تحتاج إلى بحث ونقاش، إذن، هذا الـ"الله" خالق كل شيء: الطبيعة والبشر وكل الظواهر التي تحيط بنا.

والقضية تصح بنفس "القوة" و"المصداقية" على الفيل الطائر – أو أي كائن أسطوري آخر نقرر أنه تلك "القوة" الخالقة للكون!

إنهم يحاربون الجميع وبصورة مستميتة للبرهنة على "صحة" الخرافات!

هذا هو هوسهم المحموم: 

صحة الخرافات!

3.

وهذه إجابة فاسدة.

فكيف عرفوا أن ثمة خالق؟

لأنَّ البعرة تدل على البعير والبعير يدل على الخالق؟!

بل ولن أهرب من ذكر ما “يبدو” للوهلة الأولى أنه أكثر عقلاً وحصافة: “الأدلة العقلية"!

فهذه الأخيرة أسوء من دليل "البعرة والبعير". فالبعرة والبعير لهما حضور بصري يمكن التحقق منه وبأن للبعير بعرة حقاً.

إلا أن المشكلة هي أن هذا الدليل لا يبرهن إلا على وجود "بعير" ما فقط – بل وهو دليل مدهش على أن البعير يَبْعَرُ!

فهل أنتم رَجِيعُ اللهِ أيها المسلمون؟!

وهذا هو حال الأدلة العقلية:

"الله" موجود لأنه واجب الوجود!

لا شيء غير المسخرة.

4.

وعندما فشل المسلمون بدليل "البعرة والبعير" – وهي المعادل الموضوعي "للأدلة العقلية" التي لم يقنعوا بها أحداً غير أنفسهم والسذج من أنصارهم فقد قرروا أن يولوا وجوههم صوب أكاديميات العلوم ومجلاتها.

فشرعوا بالبحث في حاويات المزابل في الزوايا الخلفية من أكاديميات العلوم بحثاً عن دليل ما – رغم أنهم يكرهون العِلْم أكثر من أي شيء آخر.

وحالما يعتقد نصف المتعلم بأنه قد عثر على “دليل!" – وهو لا يتضمن غير فرضية تم رميها في سلة المهملات، أو سوء فهم للفرضيات العلمية القائمة، أو أن يقوموا كالعادة بلوي عنقها واغتصابها، كما يبشرون بعقيدة اغتصاب - نكاح الأطفال، يأخذون بالصراخ حتى يصل صراخهم إلى عنان السماء:

ها هو البرهان على وجود "الله"!

ولنْ يَمُرَّ إلَّا يوم أو يومان – أسبوع أو أسبوعان حتى ينسوا دليلهم الأحمق ويشرعون من جديد بالبحث عن فتات أدلة في حاويات مزابل الأكاديميات العلمية لعلهم يجدون هذه المرة "دليلاً" يستحق الاحترام.

5.

لنفترض – والافتراض ميزة للثقافة العلمية:

"أنَّ نظرية الانفجار العظيم قد فشلت وتمت البرهنة على زيفها . . ."

و"أنَّ نظرية التطور الداروينية لا قيمة لها في وصف ظواهر التطور في الحياة الحيوانية والنباتية وقد هجرها العلماء والناس على حد سواء . . ."

و"أنَّ قوانين الطبيعة الفيزيائية عاجزة عن تفسير ظواهر الحياة المادية في الماضي والحاضر – وهي في أحسن الأحوال أفكار منفصلة قَدْ تَصُح وَقَدْ لا تَصُح . . ."

و"أنَّ ثمة روح لا علاقة لها بالجسد – وأقل ما تكون مجرد تسمية أخرى للوعي وهي وظيفة للدماغ البشري . . ."

و"أنَّ علماء الطبيعة والكونيات قَدْ اكتشفوا أنَّ الانفجار العظيم، في حقيقة الأمر، قد سبقه سبب واضح لكنهم لا يزالون يجهلون طبيعته وتأثيره . . ."

6.

لنفترض كل هذا الهراء ومعه الشيء الكثير مثل الهراء التالي:

أنَّ المَهْدِي المُنْتَظرَ حقيقة أثبتتها فيزياء الكم (كما يدعي البعض منهم)، مثلما أثبت العلم مصداقية غيبة الأئمة وظهورهم من جديد فيما بعد . . .

وأنَّ حولنا تتراقص – أو تتطاير السعالي والملائكة والجن والشياطين والطناطل حيث يأخذ كل واحد منهم بتلابيبنا يدفعنا هذا إلى الخير، ويدفعنا ذاك إلى الشر ونظل نترنح بينهم كالسكارى وما نحن بسكارى . .

وأنَّ الدعاء إلى الأنبياء والأئمة المعصومين والصالحين وسيلة لتحقيق المآرب والأحلام؛ وحصول الكسالى على الشهادات؛ ويقع السقف على الجيران الذين يعادونا؛ ويخسر فريق كرة القدم المنافس (وكل لاعبيه مسلمون!) وغيرها من سخافات الدعاء. . .

وأن الإيمان بقوة الكيان الغيبي الذي يسموه "الله" يفتت الصخور ويذيب الثلوج ويبخر المياه وينجي الناس من الفيروسات المميتة وكوارث الزلازل المدمرة والفيضانات الساحقة للناس والعمران والزرع . . .

وأنَّ كل ما يحصل في الكون: الطبيعة والبشر هو من فعل قوة غيبية تتصف بالكمال والحكمة قَدْ يكون لها علاقة بالسبب الذي اكشفه علماء الكونيات . . .

ويمكننا أن نمضي إلى ما لا نهاية بهذا النوع من الافتراضات:

وثم ماذا؟

7.

سواء صَحَّتْ كل هذه الفرضيات أم لم تَصُحْ فأن الحقيقة الوحيدة بالأمس واليوم وغداً والتي لا جدال فيها هو تصورات المسلمين البائسة عن أنفسهم والطبيعة والإنسان والتاريخ.

فهل يعتقدون بأن ثمة “اكتشافات علمية" يمكن أن تجعل هذه التصورات البائسة أكثرَ قبولاً وأقلَّ وحشية؟

وهل يعتقدون، حقاً، بأن العالم سيقبل لاهوتهم وتخريف كهنتهم المعتوهين لأن "س" من العلماء قد قرر بأن "ص" من الأسباب التي سبقت تكوَّن الكون؟

وهل يعتقدون وبعد 14 قرناً من الجرائم والإرهاب والقمع ومصادرة إرادة الملايين من البشر ومعاداة الآخرين والتخلف الشامل سوف يشفعه لهم العلم ويجعل منهم "معبودة الجماهير"؟

أين ودعوا هؤلاء البشر عقولهم؟

أما آن لهم أن ينزلوا إلى الأرض!

لأقسم بالبرتقال  بالنعناع وزيت الزيتون؛

لأقسم بالشفق الحزين والليمون؛ 

بل أقسم بالبطيخ والفسنجون [هذا القسم على أسلوب "رب" العالمين]

لن أطيق دينكم وثقافتك المتوحشة ثانية واحدة حتى لو تم العثور على عشرات "الأدلة" على وجود "رب"كم!

8.

إنَّ المسلمين لا يميزون ما بين العلم والدين. بل هم لا يميزون ما بين أنْ يحولوا عقائدهم إلى أدوات للاستبداد وأنْ يقبلوا أو لا يقبلوا حقائق العلم.

الاستبداد الديني جريمة لا يمكن أن تُغتفر مهما كان موقف المستبد من العلم.

وإنَّ قبول وتبرير الدفاع عن اغتصاب الأطفال جريمة إنسانية لا يمكن أن تعلو عليها أية جريمة أخرى مهما كان موقف المُغْتَصِب من العلم.

فالغباء ورفض الحقائق حقٌّ من حقوق كل مَنْ يريد أن يكون غبياً ويرفض العلم؛

أما الاستبداد الديني والإرهاب وثقافة التوحش فهي جرائم تُعاقب عليها في أية دولة تحتكمُ إلى القوانين العقلانية والديموقراطية.

فإن قَبِل المسلمون مواضعات العلم واكتشافاته أم لا – هي قضية لا تخص غيرهم ولا تعني الآخرين طالما لا يمتنعون عن فرض الخرافات على الناس باعتبارها حقائق.


غربة المكان


يَبْدُو لِيَ المَكَانُ ألِيفَاً:
الأزِّقَةُ الطَوِيلَةُ الضَّيِّقَةْ،
وَالسَّاحَةُ المُسْتَطِيلَةُ المُحَاطَةُ بِالأشْجَارْ،
وَأسْوَاُر المَدْرَسَةُ القَرِيبِةْ،
وَدَائِرَةُ البَرِيدْ،
وَمَوْقِفُ البَاصِ بِقُرْبِ الشَّجَرَةِ وَافِرَةِ الأغْصَانْ،
كُلُّ شَيءٍ فِيهِ ألِيفْ،
إلَّا حُضُورِي ـ لَمْ يَتَعَرَّفُ عَلَيهِ المَكَانْ!



هو الذي رأى ربه

1.
أتَاهُ رَبُّهُ مُتَسَائِلاً عَنِ الْمَلَإ الأعْلَى ـ
حِينَئِذٍ قَدْ رآهْ!
أوْ كَأنَّهُ شيءٌ مِنْ خِدَاعِ البَصَرْ
أوْ رُبَّمَا!
أوْ حَسِبَهُ أَنَّهَ قَدْ رَآهْ!
أوْ أبْصَرَ قَفَاهْ!
كَانَ "اللهُ" فِي أَحْسَنَ صُورْةْ
هُوَ من كانَ ـ لا أحَدَ غَيرَهُ
قَدْ رَأى رَبَهُ:
جَالِسَاً عَلَى العّرْشِ،
يَسَائِلَهُ عَنِ المَلائِكَةِ
هُوَ الَّذِي رَأى فِي لَحْظَةِ الخَدَرْ
مَا يُعْجِزُ عَنْهُ،
هُوَ الَّذِي أحَسَّ " أَنَامِلَهُ "،
هُوَ أمْرٌ "يَعْتَزُ" بِهِ البَشَرْ
2.
فالمَلَائِكُةُ، كَمَا يَبْدُو، يَتَخَاصَمُونْ!
هَذا خَبَرٌ أسْنَدُهُ ثِقَاةُ عَالِمُونْ:
مَرَّةً فِي الكَفَّارَاتْ[1]
وَمَرَّةً أُخْرَى فِي شُؤُونِ اللهِ[2] ـ خَالِقِ آدَمَ وَالسَّمَاوَاتْ
وًمَرَّةً ثَالِثَةً فِي مَعْنَى الحَيَاةْ،
وَمَنْ يَدْرِي، رُبَّمَا، فِي تَركِيبِ النَّوَاةْ!
فَهُمْ مَا بَرِحُوا يَتَخَاصَمُونْ!
مُنْذُّ خُلِقُوا يَتَخَاصَمُونْ
وَكَأنَّ لا عَمَلَ لَهُمْ،
غَيْرَ الاعْتِرَاضِ عِلَى رَبِّهِمْ وَاخْتِلَاقِ المُحَاجَجَاتْ!
3.
أهَؤُلاءِ هُمُ المَلائِكَةُ حَامِلُو أنْبَلَ الصِّفَاتْ؟
[1] عن ابن عباس عن محمد أنه قال : ( أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة ، فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا ، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السموات وما في الأرض، فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت: نعم في الكفارات والدرجات ، والكفارات: المكث في المساجد بعد الصلوات ، والمشي على الأقدام إلى الجماعات ..." الخ! (رواه أحمد ، والترمذي وغيرهما)
[2] عن ابن عباس ـ قوله:من سورة ص/69: " مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلأِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ" قال: الملأ الأعلى هم الملائكة حين شُووروا في خلق آدم، فاختصموا فيه وقالوا: لا تجعل في الأرض خليفة!".

الإسلام الشيعي هو الوجه الآخر للإسلام السني [1]: مقدمة

[ سوف يجران حبل الخلاف بالاتجاه المعاكس حتى الموت!]
1.
السؤال بسيط وواضح للغاية:
هل ثمة فرق ما بين الإسلام الشيعي والإسلام السني؟
2.
إذا ما تجاهلنا "تخريجات" اللاهوت العقائدية والطائفية السنية والشيعية على حد سواء (وهي جديرة بالتجاهل) فإن الصراع ما بين الشيعة (وبكلمة أدق: أنصار علي) والسنة (وبكلمة أدق: التيار الذي دعمته السلطة العربية الإسلامية منذ أن ظهرت إلى الوجود: سلطة أبي بكر) هو صراع كان منذ البداية صراع على السلطة بين مختلف التيارات والمصالح.
وقد بدأ هذا الصراع بمعارك خفية (الأنصار ضد المهاجرين انتهت بتنصيب أبي بكر وقتل سيّد قبيلة الخزرج سعد بن عبادة من قبل عمر أو الجن وقد كان الوحيد الذي نادى بالسلطة) وعلنية بحروب سموها حروب "الردة" ومن ثم انتهت هذه المرة علناً لا شك فيها بثلاث معارك دامية خاضها علي: الجمل (مع عائشة) وصفين (مع الأمويين) والنهروان (مع الخوارج).
والنتيجة هي اغتيال علي بسيف أحد الخوارج (عبد الرحمن بن ملجم). وبهذا الحدث يمكن القول قد بدأ تاريخان:
تاريخ السنة باعتبارهم ورثة قريش؛
والتاريخ الشيعي بمطالبة أنصار علي بالسلطة سرعان ما تحولت إلى عقيدة دينية هي الإمامة والولاية لعلي ونسله من فاطمة بنت محمد.
3.
والآن نعيد السؤال بطريقة أخرى:
إذا ما تجاهلنا العنصر الطائفي ما بين السنة والشيعة (وهو الآخر جدير بالتجاهل) ما هو الفرق ما بين الإسلامي السني والإسلام الشيعي، وهل ثمة فرق بينهما حقاً؟
4.
أما جوابي فسيكون في الموضوع القادم. . .

اقرأ أيضاً:





أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر