منع

أغنية المخمورين!

هي أغنيةٌ اسْمُهَا "الحُبُّ"
نُغَنِّيهَا كأنَّنا مَخْمُورُونْ
أو في الحَمَّامْ!
أو كَأنَّنَا في حَفْلٍ موسيقيٍّ
نَفْتَعِلُ بِغِنَائِهَا،
نكون منها جزءٌ لا يتجزأ
نَطِيرُ،
مُحَلِّقَينَ فِي الفضاءْ
فَتَحْجُبُ عنَّا أنْفُسَنَا
وترتفعُ، عالياً، بنا،
كأنَّنَا مَخْبُولُونْ
وحين ينتهي الحفلُ،
وَيْنَفِرطُ الموسيقيونْ
وينقشعُ ضَبَابُ الوَهْمِ
يُفْتَضَحُ أَمْرَنَا:
إذ إنَّنَا وَحْدُنا،
نُرَدِّدُ ببلاهَةٍ أغنيةً لا غَيْرْ!



وحدة


1.
كُنْتُ فِي شِقَتِي
وَقَدْ فَارَقْتُ الْكَلامْ . .
أَنْظُرُ في وحْدَتِي،
وَجْهاً لِوَجْهٍ!
لا "نبيَّ يُجَالِسُنِي"،
ولا ربَّ يُضِيءُ الظَلَامْ
2.
ضَوْضَاءُ المَدِينَةِ تُقْلِقُ صَمْتِي
غَيْرَ أنَّ وُحْدَتِي تَتْسِعُ،
فَتَبْتَلعُ الضَّوْضَاءَ،
وَتَبْتَلعُ غُرْفَتِي ...
3.
أشْعُرُ بِخِفَّةٍ فِي جَسَدِي
أَرْتَفِعُ فِي سَمَاءِ غُرْفَتِي
فَيَنْهَمِرُ الضَّوْءُ،
وَكَأنَّ سِتَارةً، فَجْأَةً، تَرْتَفِعُ
فَيَغْشِي الضَّوْءُ بَصَرِي
وَأُغَادِرُ وِحْدَتِي!


الموت

مقبرة

الموت حَقِيقَةٌ أرْضِيَّةْ،
لا تَخْضَعُ لقوانين السَّمَاءِ أوْ حَرَكَةِ الْكَوَاكَبْ
هي حَقِيقَةٌ كَكُلِّ الحَقَائِقِ اليَوْمِيَّةْ،
تَكْتَفِي بِنَفْسَها،
لا تُفَسِّرُهَا النُّجُوُمْ،
ولا كُتُبُ العَقَائِدِ الإلَهِيَّةْ!
هُوَ بِبَسَاطَةٍ عِلْمِيَّةْ:
لا شَيْءَ آخَرَ غَيْرَ مُوتُ خَلَايَا الدَّمَاغْ،
كالشَّمْعَةِ يَنْطَفِأُ المّرْءُ ـ وَتَنْتَهِي الشَّخْصْيَّةْ!




هو اسم من الأسماء

شكل الهرم
1.
"هُوَ" اسْمٌ كَجَميعِ الأسْمَاءْ:
كهذا "الكِتَابِ"، وهذا "الفنجانْ"،
كـ"زيدٍ" و"عَمْرُو" و"الحِصَانْ"،
"هُوَ" اسْمُ عَلَمٍ قد يكونُ لجَمَادٍ أو حَيَوَانْ،
"هو" اسم كـ"الهرم" و"البرميل"،
" هُوَ " كأسْمَاءِ الخُضْرَوَاتِ ـ كالبَطَاطَا والبَاذِنْجِانْ،
2.
" هُوَ " لا يختلفُ عَنْ كُلِّ الأسْمَاءْ:
يُمْكِنُ أنْ يكُونَ اسْمَكَ أوْ اسْمِي،
أو اسْمَ سِكِّيرٍ أو كَائِنَاً مَا كَانْ!
لا يَحْتَاجُ الأمرُ إلَّا لِعَقْلٍ بَسِيطْ،
وَتَفْكِيرٍ لِمُدَةِ دَقَيقَةٍ أوْ دَقِيقَتَينْ:
بأنَّ الأسْمِاءَ لا قُوَّةَ لَهَا،
وإنُّهُ مَا كَانَ يَومَاً، وَلَمْ يَكُنْ مَهْمَا كَانْ!
حِينئذٍ، يَكْتَشِفُ المَرْءُ بِأنَّهُ إنْسَانْ،
و"إنَّه" أمرٌ لا يَسْتَحِقُ غَيْرَ النِّسْيَانْ!


الكِمِّير [Chimera]*

chimera


1.
مُشَوَّهَاً وُلِدَ كَالجَنِينْ!
مُرْبَكٌ
مُشَتَّتٌ
فّاسِدُ المَعْنَى
تَكْتَنِفَهُ الخُرَافَاتُ والأسَاطِيرْ
مُرَقَّعٌ بِجُلُودِ المَاعِزِ
مُرَتَّقٌ بِخُيُوطٍ مِنَ المَصَارِينْ
يضمُّ آلافَ السَّقَطَاتْ والفراغاتْ
والهَفَوَاتْ
وَغِيَابَ الَمَعاييرْ
فَصَاغَ وُجُوَدَنا عَلَى صُورَتِهْ
كَدُمىً بَلْهَاءَ ـ مَصْنُوعَةٍ مِنَ الطِينْ
فَأصْبَحْنَا كَمَا "هُوَ" ـ أسْطُورَةً بِلا يَقِينْ
أمَّا "هُوَ" فآلَ إلَى كِتَابٍ مُبِينْ!
2.
مُذْ شَرَعَ، كَمَا يُقَالُ، عُثْمَانُ،
أوْ الشِّيخَانْ،
أوْ قَدْ يَكُونْ:
"عَبْدُ المَلَكِ بنُ مَرْوَانْ"
أوْ أيَّاً كَانْ!
بِجَمْعِ مَا يُسَمَّى القُرْآنْ،
(من العُسُبِ، واللَّخافِ، والأضْلاعِ، والأقْتَابِ، والقُضُمِ، وغَيْرِهَا مِنْ مُخَلَّفَاتِ النَّبَاتِ وَالَحَيَوَانْ!)!
كُنَّا قَدْ أُحِلْنّا مُنْذُ ذَلكَ الزَّمَانْ
إلَى مَوْتَى مِنْ غَيْرِ أكْفَانْ!
3.
مُنْذُ وَعَيْتُ
وُمُنْذُ عَرِفْتُ أنَّنِي مِنْ هَذَا "المَكَانْ"
فَقَدْ أدْرَكْتُ:
أنَّ هَذَا "الكِتَّابْ ـ
هُوَ آخرُ مَثْوَى لنَاَ
هُوَ حَتْفُنَا،
وَسَنْنَفُقُ، مِنْ أجْلِهِ،
كَمَا تَنْفُقُ الأرَانْ**
لَيْسَ مِنْ سُوءِ التَّغْذِيّةْ،
لَيْسَ مِنْ غِيَابِ الأمَانْ
بَلْ هَمَّاً،
وَغَمَّاً،
مِنْ تَعَاسَةِ الرَّحْمَنْ!


* الِكمِّير (Chimera) 1. هو الأمر الْمُلْتَبِسُ الَّذِي يَصْعُبُ تَأْوِيلُهُ؛ الوَهْمُ 2. وهو في الميثولوجيا اليونانية حيوان خرافي، وكما وصفه هوميروس، هو حيوان يزفر ناراً له رأس أسد وذيل تنين وجذع معزة. 3. كُلُّ شيء غير محدد المَعَالِم.
** "الأران" أو "الأرانب"جمع أرنب.

على حافة الشيزوفرينيا

قاعة تغص بالمصفقين
[تصفيق جماعة في جميع الأيام]

1.
عَلَى حَافَّةِ الشِيزُوفْرِينِيَا نَرْقُصُ بِمَرِحِ الأغْبِيَاءِ وَانْشِرَاحِ المَعْتُوهِينْ!
نُصفِّق جماعةً مستبشرين
بَلْ نِقْفُزُ فِي الهَوَاءِ - إن تطلب الأمر - كَالمُهَرِّجِينْ
هَذَا "اخْتِصَاصُنَا" مُنْذَ أنْ ظَهَرَ الدِّينْ،
وَمُنْذُ أنْ أقِمْنَا الصَّلَاةَ
وَشَرَعْنَا بِاللهِ نَسْتَعِينْ!
2.
مَهْوَسُّونِ بِـ"كَلَامِ اللهِ" الَّذِي لَمْ نَقْرَأْهُ قَطُّ!
وَنُرَدِّدُ أحَادِيثَ مُضْحِكَةً
نَكْذُبُ عَلَى أَنْفُسِنَا ـ
ثُمَّ نُكَذِّبَ الآخَرِينَ إنْ كَذَّبُونَا!
نَكُتُبُ مَا نظنُّ أنَّهُ تَارِيخٌ،
تَارِكِينَ آثَارَ السَّخْفِ فِي كُلِّ مَكَانْ،
وَحِينَ يَعْثُرُ المَرْءُ عَلَى سُخْفٍ كَتَبْنِاهُ ـ
تَقُومُ القِيِامُةُ،
ويَصَرْخُ "التِّلِفِزْيونْ"،
وَتَزْعَقُ جَمَيعُ الإذَاعَاتْ
وِتَخْرُجُ المُظَاهَرَاتْ
وَتُصْدِرُ التَّصْرِيحَاتْ:
بِتُهْمَةِ الرَّدَةِ،
أوْ تَشْوِيهِ "صُورَةِ الرَّسُولْ"،
أوْ أيُّ شِيْءٍ مِنْ هَذَهِ الاتِّهَامَاتْ
ويبدأ شُيُوخُ الفِقْهِ باستعراض "البَيِّنَاتْ"
فَتُصْدِرُ المَرَاسِيمُ
وَتُعْلَنُ العُقُوبَاتْ:
قَطْعُ الرُّؤوسِ فِي السَّاحَاتْ،
أوْ التَّعْلِيقُ بِـ"الرَّافِعَاتْ"،
أوْ بِالرَّجِمِ ـ
إنْ تَوَفَّرَتِ المُبَرِّرَاتْ!
3.
وَلَكِنْ، بِرَبِّكُمْ، قُولُوا لَنَا الحَقَّ:
كَيفَ يَرْتَدُّ مَنْ لَا يُؤمِنُ بِالسَّخَافَاتْ؟
كَيفَ يَرْتَدُّ مَنْ لَا يَأْبَهُ بِالصَّلَاةْ؟
وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَاً مِنَ دَافِعِي الزَّكَاةْ؟
وَلِمْ يُوَقِّعْ عَلَى عَقْدٍ بِقُبُولِ المُعْجِزَاتْ؟
وَلَمْ يَعْطِ أيَّ عَهْدٍ باحترام "المُقَدَّسَاتْ"
أنْتُمْ، لا شَكَّ، تَجْهَلُونَ مَعْنَى الكَلِمَاتْ!
4.
عَلَى حَافَّةِ الشِيزُوفْرِينِيَا نَسْتَلْقِي آمِنِينْ،
"يَحْفُظَنَا" اللهُ مِنَ السُّقُوطْ،
وَيُوسِّعُ لَنَا، بِحَمْدِهِ
حُدُودَ مُسْتَشْفَى المَجَانِينْ!



قَتْلَى القُرَآن

1.
نحن قَتَلَى كِتَابٍ لم يَعُدْ اسْمُهُ القرآن[*]،
وَلَمْ يَعُدْ اسْمُهُ الإنجيلْ،
أو التَّوراةَ،
أو الفيدا،
أو المهابارتا،
أو أيُّ اسْمٍ كانْ!
نحن قَتْلَى كلِّ ما كانْ
وكلِّ كتابٍ بأنفسنا صَنَعْنَاهْ!
لم يَقْتُلْنَا أَحَدٌ غَيْرُنا،
نحن قتلى أنْفُسِنَا بالإيمان
2.
نحن الشهداءُ ونحن الجلادون!
ونحن حين صَنَعْنَا الأنبياءْ،
وحفرنا أسماءهم على جباهنا،
فقد حَفَرْنا قُبُورَنا بأيدينا،
وسلمنَّا السَّيفَ للسَّيَّافْ
وما عاد في الأمر شكٌّ بأننا قَتْلَى!
مِنْ غَيرِ تبليغٍ،
مِنْ غَيرِ إعلانْ،
ومِنْ غَيرِ حتى رسالةِ شُكْرٍ على ما قَدَّسْنَاه،
على خِدْمَتِنَا،
وَصَلَاتِنَا وكل ما فعلناه،
وكأننا خبرٌ بأنفسنا كتبناه،
أو حكمٌ نحن أصدرناه!
نَحْنُ قَتْلَى كِتَابٍ، للأسَفِ، بِأنْفُسِنَا كَتَبْنَاهْ!



[*] كتاب: "قتلى القرآن" لأبي أسحاق الثعلبي المتوفي في (427 هـ): " هذا كتاب مشتمل على ذكر قوم هم أفضل الشهداء، وأشرف العلماء، نالوا أعلى المنازل، وأدركوا أسنى المطالب، وهم الذين قتلهم القرآن لما قرؤوه أو سمعوه يتلى؛ فعلموه حق علمه وفهموه حق فهمه"!!! ـ ص 54

صناعة عربية

خنجر مسلول على خلفية حمراء  بتاريخ الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) 2018 دخل الصحفي السعودي جمال خاشقجي السفارة السعودية في استانبول ولم يخرج ولن يخرج أبداً!
"وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ " (آية 145 آل عمران)

1.
هُوَ قَضَاءُ اللهِ، إذَنْ!
هُوَ حُكُمُ السَّمَاءِ، وعَلَينَا أنْ نَكُونَ شَاكِرِينْ!
هُوَ حُكُمٌ منزلٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِينْ!
يَخْضَعُ لهُ الجَميعْ!
إنه بإذن الله وبقرار الأمَيرْ!

2.
إنْ كانتْ آثَارُ جِثَّتِهِ في بِئرٍ،
أوْ فِي صَالةِ الاسْتِقْبَالْ،
فإنَّ هذه تفصيلاتٌ بوليسيةْ!
فالقتيلُ لَنْ يَخرجَ أبَدَاً مِنْ بِنَايَةِ القُنْصُلِيَّةْ!
3.
قَدْ لا نَعْرِفُ القاتلَ ـ فاسْمُهُ لا تَذْكُرَهُ التَّحقيقاتْ،
لَكنَّه ذَلكَ المَسَاءْ،
صَلَّى كَعَادَتِهِ طَلبَاً للثَّوَابِ فِي الدُّنْيَا،
أوْ فِي الآخِرَةِ، والأمْرُ سيَّانْ،
ثُمَّ توكَّلَ
و"حَوْقَلَ"
و"بَسْمَلَ"
و"حَمْدَلَ"
وَجَلسَ عَلَى مَائِدِةِ الإفْطَارِ العَرَبِيَّةْ،
مُطْمًأناً، راضِيَاً مَرْضِيَّا!
4.
لا نَعْرِفُ القَاتِلَ ـ لِحَدِّ الآنْ،
غَيرَ أنَّ الخَنَاجِرَ المُدَمَّاةَ (الجَنْبِيَّة)[1] تُصْنَعُ فِي نَجْرَانْ،
أوْ فِي أيِّ مَكَانْ:
فِي اليَمَنِ،
أو عُمانْ،
أوْ فِي السَّعُودِيَّة.
هُوَ أمْرٌ، لا شَكَّ فِيهِ، صِنَاعَةٌ عَرَبِيَّةْ!
5.
لا نَعْرِفُ القَاتِلَ باسْمِهِ،
غَيرَ أننا نَعْرِف مَنْطِقَ الأحَدَاْثْ،
وَنَعْرِفُ أنَّهَا لَيسَتْ برِعَايَةِ "مَرْسَيدِسْ" أوْ "كوكاكولا"
بَلْ بِرِعَايَةِ الأمِيرْ!
وَهَذَا مَا يَعْرِفُهُ الجَمِيعْ،
بَلْ وتَعْرِفُهُ الصُّحُفُ العَرَبِيَّةْ،
وَمَحَطَّاتُ التِّلْفِزِيْونِ الغَرْبِيَّةْ،
تَعْرِفُهُ جَمِيعُ السَّفَاراتْ،
تَعْرِفُهُ حَتَّى العَاهِرَاتْ!
فَهُوَ أمرٌ عَادِيٌّ،
إنَّهُ خبرٌ مِنَ الأخْبَارِ اليَوْمٍيَّةْ!
إنَّهُ بِاخْتِصَارْ: صِنَاعَةٌ عَرَبِيَّةْ!


[1] "الجَنْبِيَّة" مفرد "الجَنَابِي": نوع من الخناجر العربية التقلييدية المنتشر حملها في السعودية، ونجران من بين المدن التي تشتهر بصناعتها.

الأدلة العقلية على وجود الله والكنغر الأبْيَض وقِطَّة جارتنا وأشياء أخرى [1]

كنغر
1.
لا توجد "أدلة" أشدُّ دلالة على فشل العثور على "أدِلَّةٍ" على وجود "الله" مثل "الأدِلَّة" العقلية"!
ولأن الفكر الإسلامي هو حصيلة الفكر الكلامي البلاغي من القرن الثامن، فربما لا يوجد نوع آخر من "الأدِلَّة" على "وجود الله" أكثر ملائمة و"حميمية" من مثل هذا النوع من الأدِلَّة.
2.
إنها، يمكن القول، من أسلحة الدفاع اللاهوتي "الفتَّاكَة!" على "وجودٍ" فقدوا الأملَ من غير رجعةٍ في البرهنة عليه. لكنها قبل كل شيء بضاعة فاسدة ظلوا يبيعونها على أنفسهم لقرونٍ طويلة لا لهدف آخر غير الشعور بنشوة الانتصار على عدوٍ لا وجود له.
3.
إنهم فقدوا الأمل إلى الأبد في أن يَكْشِفُ هذا الذي لا وجود له عن نفسه. لقد انتظروا "المعجزة" دون جدوى.
ففي البداية لجأوا إلى "أدلةِ" من نُصُوصَهُمْ "المقدسة" التي تتضمن حيل الرواية عن "تاريخ" بائد (من نوع كان يا ما كان) ؛ تاريخ ما قد حدثت فيه معجزات برهانية على هذا "الوجود"! إلا أن التاريخ الحقيقي وعن طريق النقد التاريخي أثبت بما لا يقبل الشك أن لا وجود "للتاريخ المقدس".
ولأنهم يعرفون (وربما لا يعرفون، مَنْ يدري؟) بأنهم قد فشلوا فشلاً ذريعاً في إقناع الآخرين، فإنه لم يعد أمامهم شيئاً آخر غير أن يقنعوا أنفسهم:
ولهذا قرروا البحث عن أدلة من نوع الأدلة "العقلية!".
4.
الحق أنها تمارين كلامية:
مقدمات عقلية (ذات طابع ادعائي) تؤدي إلى استنباطات هي الأخرى عقلية!
إن رجال اللاهوت (ومن يتبعهم من أنصاف المتعلمين وصغار هواة البراهين العقلية الذين يرددون هذه البراهين، وكالعادة، على طريقة الترديد الببغائي للآيات القرآنية لتلاميذ المدارس) يشبهون حكاية المعتوه الذي قرر أن يسرق تمراً من البستان القريب فوضع على عينيه عصابة سوداء حتى لا يراه أحد!
ولكننا، ولشديد أسفهم، نراهم!
5.
الدليل الوجودي على "وجود الله" أم اليأس الوجودي على "وجوده"؟!
ولكن ماذا يقدم لنا اللاهوت كطريق "عقلي" للبرهنة على فرضياته؟
الجواب هو: البراهين العقلية!
وهذا هو جوهر كل اللغو والفذلكات:
ولنستمع إلى (أو لنقرأ) البرهان الوجودي كما صاغه أنسلم (أسقف ولاهوتي 1033 – 1109) وبكلماته هو:
"فإن على ذلك الجاهل أن يكون مقتنعاً، على الأقل، بأن الكائن الذي لا يمكن تصور أعظم منه موجود في ذهنه، ذلك لأنه عندما يسمع هذا الكلام يتعقله وكل ما يتعقل موجود في الذهن ولابد. وبالتالي إذا كان ذلك الذي لا يمكن تصور أعظم منه موجوداً في الذهن فمن المحال القول إن الذي لا يمكن تصور أعظم منه هو ذلك الذي يمكن تصور أعظم منه في آن واحد. فلا شك إذن، إن كائنا لا يمكن تصور أعظم منه موجود في الذهن وفي الواقع"! [الدين من منظور فلسفي (دراسة ونصوص) - روبرت س. سلمون، بيروت 2009، ص 55]
وإذا ما أردنا أن نصوغ قضية منطقية من هذا الكلام فهي تبدو هكذا:
- إن الله هو الكائن الذي لا يمكن تصور أعظم منه في ذهننا،
- ولأنه من المحال القول إن الذي لا يمكن تصور أعظم منه هو ذلك الذي يمكن تصور أعظم منه في آن واحد،
- فلا شك إذن، إن كائنا لا يمكن تصور أعظم منه موجود في الذهن وفي الواقع!
إذن: الله موجود!
[مؤثرات صوتية: أصوات إطلاق رشاشات وهلاهيل وتصفيق وعبارة الله أكبر تتردد عشرات المرات!]
6.
هل من المعقول أن يعتقد عاقل بأن هذه الترهات تصلح لكي تكون برهاناً؟
طالماً لا توجد براهين حقيقية “فليس بالإمكان أحسن مما كان". وهذه هي الفلسفة الحياتية للدين!
هذا هو منطق “البراهين العقلية” وبشكل خاص “البرهان الوجودي” على وجود “الله” الذي تتسابق صفحات المسلمين على الإنترنت بالاستشهاد به، و"تلاوته" أو التغني به، هو وأدلة أخرى لا تقل عنه عبثية ولا منطقية!
ولا أعرف كيف يتسنى لشخص عاقل (رجل كان أم امرأة) أن يأخذ مأخذ الجد مثل هذه الكلام الذي أكل عليه الدهر وشرب؟!
7.
ولغرض التأمل في لامعقولية هذا "البرهان" لا لغرض تأكيد موقفي الخاص بل الكشف عن "مصداقية!" هذا البرهان، سأقتبس مقطعاً كاملاً من كتاب (الدين من منظور فلسفي) للأكاديمي "المؤمن" روبرت س. سلمون الذي هو الآخر يقتبس دليل أنسلم ويعلق فيه (بدبلوماسية متناهية أحسده عليها) على خرافة "البرهان الوجودي":
" من الواضح أن الدليل الوجودي، بعَدِّه دليلاً منطقياً، ليس بمقدوره أن يحوِّل غير المؤمنين إلى مؤمنين، وإذا كنت مؤمناً فإن الاعتراض على "الدليل" لن يضر إيمانك بأي وجه من الوجوه. لذا فإن دلالة الدليل، يشوبها الغموض. فبوصفه ممارسة منطقية فهو رائع، وبوصفه تعبيراً عن الإيمان يمكنه أن ينور، أما بوصفه برهاناً حقيقياً على وجود الله أو وسيلة لإقناع الملحدين فيبدو أنه ليس بمقدوره فعل ذلك على الإطلاق"[ص 73].
يريد المؤلف أن يقول: هذا مجرد كلام فارغ!
وهذا ما ينطبق تماماً على "برهان الصديقين" لابن سينا مثلاً وكل البراهين "العقلية" قديماً وحديثاً.
فهي تعتمد على نماذج كلامية متشابهة من نوع:
الكائن الذي لا يمكن تصور أعظم منه،
الكائن الواجب الوجود (ابن سينا)
المحرك الأول (أرسطو)
وهكذا . . . .
8.
ألا يثير الدهشة والاستغراب أن يبذل كل هؤلاءالظرفاء الظرفاء مثل كل هذه الجهود الجبارة للبرهنة على وجود"خالق عظيم!"، "كليِّ الوجود!"، "العلة الأولى وعلة جميع العلل!"، و"واجب الوجود!" و"الكائن الذي لا يمكن تصور أعظم منه!" بهذه السفاسف بدلاً من إعطاء دليل مادي واحد صغير بسيط، تراه العين ويدركه العقل المستيقظ (وليس النائم)؟
9.
إنهم يلعبون لعبة ساذجة مع أنفسهم (ومهما أوتوا من قدرات عقلية وثقافية) أمام متفرجين حمقى، وفي نهاية اللعبة يعلنون هُمْ أنفسَهم فوزَهُمْ بالمباراة.! 
ولأسباب “منطقية!” محضة يستحيل “صياغة” قضاياهم بأوصاف أخرى!
وهذه هي الخلاصة المنطقية، ولكن القابلة للاختبار، على فشلهم التاريخي ِللبرهنة على “قضيتهم” الوحيدة والواحدة على امتداد تاريخ الديانات الإبراهيمية!
هنا عليَّ أن أروي نكتة من تاريخ "جمهورية ألمانيا الديموقراطية" سابقاً (الجزء الشرقي من ألمانيا):
أشترك أحد المعامل الاشتراكية في مسابقة عالمية في مجال الجودة الإنتاجية. ولأن هذا المعمل هو المشارك الوحيد في المسابقة(!)، فقد حصل على الجائزة الأولى. ولأن اللجنة التحكيمية لم تحضر المسابقة، فإن المعمل لم يستلم الجائزة!
هذه هي حكاية البرهان الوجودي على وجود "الله"!


معجزات



1.
الأرنبُ مِسْخٌ ـ كانَ يوماً امْرأةْ!
فَلا تَتَعَلَمُوا الفيزياءْ،
ولا تَتَقِنُوا الرِّيَاضِيَّاتْ!
لا تَدْرُسُوا التَّاريخَ ومَنْطِقَ الأشْيَاءْ!
فهل سَمِعْتُمْ بـ"صِلْصَائِيلَ"[1] نَاقِلِ الأخْبَارْ؟
وبانْتِحِارِ"يَعْفُور"[2] يومَ مَاتَ الرسولْ؟،
وباللُّغَاتِ الآلافِ التي يَتَّقِنَها "الإمَامْ"؟
هَلْ سَمِعْتُمْ بِكُلِّ هَذِهِ المُعْجِزَاتْ؟
2.
لا مَعْنَى (يَا أخِي) لِدِرَاسَةِ العُلُومْ،
ولا عِلْمَ الخَلايا ولا ترَكيِبَ النَّوَاةْ!
فَاللهُ فِي الأعَالي يَحْرُسُ المؤمنينْ
ويحرسُ بيتَ المالِ وجَامعَ الضَرائِبْ
يَحْرسُ البيوتَ مِنَ الآفَاتْ
3.
لا مَعْنَى لدراسةِ الصَّيدَلةْ
فـ"بولُ الأئمةِ فِيهِ النَّجاةْ"[3]!
فَمِنْ أينَ لنَا قِنِّينَةُ بَوْلٍ تَفْتَحُ لَنَا الطَّريقْ،
وَتَرفعُ عنَّا الكآبَةَ
وتُنِيرُ الظُلُمَاتْ؟!
4.
لا مَعْنَى للْعِلْمِ
مَادَامَ السَّمَكُ الجرِّيُّ،
قد خَلطَ مَاءَ النَّهْرِ عِنْدَ قَدَمِ الإمَامْ
لا مَعْنَى لِمَعرِفَةِ أصْلِ الأشْيَاءْ
لا مَعْنَى لِمَعرِفَةِ الحقائقْ
فَكُلُّنَا فِي قَفَصِ الاتِّهَامْ!
5.
لا مَعْنَى للبَقَاءْ
ولا مَعْنَى للحُضُورْ
فَنَحْنُ مُهَاجِرُونَ عَنْ عَالَمِ الأشْيَاءْ
لا شَيْءَ لَنَا
لا مَعْنَى لَنَا
فَنَحْنُ، أبَدَاً، غرباءْ!

 
[1]  "صِلْصَائِيلُ" أو "فطرس" اسم لملك طُرد من الجنة، وهبط إلى الأرض، ولمّا وُلد الإمام الحسين تشفّع به إلى رسول الله  ليشفع له عند اللّه تعالى لما صدر منه من تقصير في عبادته. ومنذ ذلك الحين صارت وظيفة فطرس إبلاغ الإمام الحسين السّلام من المؤمنين المسلمين عليه. ويسمّى (عتيق الحسين) وأيضاً صلصائيل كما في بعض الأخبار" [عن ويكي شيعة]
[2]  "يعفور" أو "عفير" هو " هو حمار محمد. وكما تذكر السير الإسلامية فإن يعفور قد رمى نفسه في بئر منتحراً عندما سمع خبر موت محمد.
[3]
بول الأئمة:
ليس في بول الأئمة وغائطهم استخباث ولا نتن ولا قذارة بل هما كالمسك الأذفر، بل من شرب بولهم وغائطهم ودمهم يحرم الله عليه النار واستوجب دخول الجنة) (أنوار الولاية لآية الله الآخوند ملا زين العابدين الكلبايكاني 1409هـ – ص 440).
فساء وضراط الأئمة كريح المسك:
قال أبو جعفر " للإمام عشر علامات: يولد مطهرا مختونا وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعا صوته بالشهادتين ولا يجنب، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يتثاءب ولا يتمطى ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه (فساؤه وضراطه وغائطه) كريح المسك (الكافي 1/319 كتاب الحجة – باب مواليد الأئمة).
ـ عن صفحة (الحقائق الغائبة).

يَعْفُور


["وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ " ـ سورة لقمان/الآية 19]




1.
إنَّهُ لأمْرٍ جِدٌّ غَرِيبْ ـ
بَلْ إنَّهُ لأمْرٍ ِ مُرِيبْ!
قَدْ لا تُصَدِّقُهُ المَدَارِكُ،
قَدْ لا تُصَدِّقُهُ العُقُولْ!
فَيَعْفُورُ[1] الحِمَارُ العَجِيبْ
دَلِيلُ الْنُّبُوَّةِ،
النَّبِيهُ،
ذُو الأصَلِ النَّبِيلْ،
يَعْفُورُ مَطِيَّةُ الحَبِيبْ:
آلَ، بَعَونِ اللهِ تَعَالَى، إلَى بَهْلَولٍ،
مُضْحِكٍ،
مُثِيرٍ للتَهَكُّمِ
تُضْرَبُ بِصَوْتِهِ الأمْثَالْ
وَكَأَنَّهُ حِمَارٌ مَجْهُولْ،
وَلَيْسَ حِمَارَ الرَّسُولْ!
لّمْ تُشَهِّرْ بِهِ آيَاتُ القُرَآنْ،
غَيْرَ أنَّ "الشَّيْخَانْ"،
ما انْفَكَّا يُحَدِّثَانْ:
الدِّيَكَةُ تَرَى المَلائِكَةْ
أما الحِمَارُ فيَرَى الشَّيْطَانْ[2]
2.
يَعْفُورُ Bilingualist [3]
إذْ كَلَّمَ صَاحِبَهُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينْ
حَدَّثَهُ بِلُغةِ الإنْسَانْ
حَدَّثَهُ عَنْ نَفْسِهِ،
وَعَنْ تَارِيخِهِ المَلآنْ:
بِالأحْدَاثِ وَتَقَلُبَات الزمانْ،
تَارِيخِ الجُوعِ وَالحِرْمَانْ
فَقَالَ لَهُ الرَّسُول: سَمَّيْتُكَ يَعْفُوراً[4]!
قَالَ لَهُ كُنْ ـ فَكَانْ!
وَهَكَذَا تَحْوَّلَ الحِمَارُ إلَى إنْسَانْ!
3.
يَعْفُورُ مِنْ آخِرَ سُلالَةٍ للحَمِيرْ
لَمْ يَعْتَلِهَا إلَّا الأنْبِيَاءْ [هَكَذَا قَالَ الحَيَوَانْ]
وَإذْ رَحَلَ صَاحِبُهُ ـ فقد جِاءِتِ الأحْزَانْ
فَقَرَّرَ الحَيَوَانْ،
إنَّهُ قَدْ آنَ الأوَانْ،
فَألْقَى نَفْسَهُ فِي بِئْرِ الجِيرَانْ،
فَانْتَهَى تَارِيخُ "الرَّجُلْ" قَبْلَ الأوَانْ![5]



لعظيم الفائدة: 
 من كنوز تفسير رؤية الحمار في الأحلام(!):
"هو في المنام غلام أو ولد أو زوجة. وربما دل على السفر، أو العلم، لقوله تعالى: " كمثل الحمار يحمل أسفارا ". ومن وجد من حماره خلاف ما يعهده في اليقظة دل على فتوره عن عبادته، ويدل الحمار على العالم بلا عمل، أو اليهودي، ويدل الحمار على ما يطأ فيه الإنسان كالوطء والزربول وما أشبه ذلك، والبغال والحمير ملكها في المنام أو ركوبها دليل على الزينة بالمال أو بالولد، والحمار إمرأة معينة على المعيشة، كثيرة الخير، ذات نسل، وربح متواتر، ولفظ الأتان والأتانة من الإتيان. وربما دل صوتهما على الشر والأنكاد، والولد من الزنا أو ظهور العارض من الجان. وقيل إن سماع صوت الحمار دعاء على الظالمين، والحمار سعي الإنسان وجده، كيفما رآه سميناً أو هزيلاً، فإن كان الحمار كبيراً فهو عز ورفعة، وإن كان جيد المشي فهو فائدة الدنيا، وإن كان جميلاً فهو جمال لصاحبه، وإن كان أبيض فهو زينة صاحبه وبهاؤه، وإن كان هزيلاً فهو فقر صاحبه، وإن كان سميناً فهو مال صاحبه، وإن كان أسود فهو سروره وسيادته، وملك وشرف، وهيبة وسلطان، والأخضر ورع ودين"(!) (!) عن: "تفسير الأحلام" لعبد الغني النابلسي
هوامش:
[1] "يعفور" هو حمار محمد. وقد كان اسمه "يزيدُ بنُ شهابٍ"! واستناداً إلى تاريخ ابن كثير "العلمي والموثوق به!" في "البداية والنهاية" وابن الأثير فى «أسد الغابة» وغيرهما، فإن اللهُ أخرج من نسلِ جد يعفور ستينَ حمارًا، كلهم لم يركبهم إلا نبى، ولم يبق منهم غيره، ولا من الأنبياءِ غيرُ محمد. وحسب ابن كثير فإن يعفور كان يتوقع أن يركبه محمد. وهو كان قبل ذلك لرجلٍ من اليهودِ. وكان محمد يركبه فى حاجته، فإذا نزل عنه بعث به إلى بابِ الرجلِ، فيأتى البابَ فيقرعُهُ برأسهِ، فإذا خرج إليه صاحبُ الدارِ، أومأ إليه أن أجب رسولَ اللهِ. ولما قبض محمد، جاء إلى بئرٍ كانت لأحدهم، فتردى فيها، فصارت قبرهُ، جزعًا منه على موت "رسولِ اللهِ"!!!
[2] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ؛ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ، فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا ) رواه البخاري ومسلم. وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَنَهِيقَ الْحُمُرِ بِاللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ ، فَإِنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ (!
[3] Bilingualist: هو الإنسان الذي يتقن لغتين. ويعفور هذا كان يتكلم العبرية قبل العربية!
[4] اليعفور هو ابن البقرة الوحشية (الظبي)
[5] من المؤسف إن العلماء المسلمين لم يولوا أهمية لتاريخ وفاة يعفور. ولكن نظراً لـ"أسباب الوفاة"، فإن يعفور قد انتقل إلى رحمة الله في تاريخ قريب من يوم الاثنين المصادف 12 (أو 13) من شهر ربيع الأول وفي السنة 11 للهجرة!


طائر البطريق الملكي

1.

طَائِرُ البِطْرِيقِ المَلَكِيِّ يَسْتَوِي عَلَى عَرْشٍ مِنَ الثَّلجِ،
وَحِيداً يَسْتَوِى، 
صَامتاً، 
يُحَدِّقُ في الأفقْ،
غير آبهٍ بالأعاصِيرِ،
تَدْفَعُ بِهِ مَرَّةً إلى الخلفِ، وَمَرَّةً أُخْرَى إلى الأمَامْ،
يُحَدِّقُ عَمِيقاً في الأفقِ الضبابيِّ وكأنَّهُ يَراهُ للمرِّةِ الأخِيرَةْ!
فَهَلْ هَذَا أفُقُهُ الأخِيرْ؟
وَهَلْ هَذِهِ نَهَايةُ المَسِيرْ؟
2.
طَائِرُ البِطْرِيقِ لا يَعْرِفُ الطيرانْ!
لا يَعْرِفُ القّفْزَ عَلَى الوَقَائِعِ،
هُوَ لا يَعْرِفُ الخِيَانَةْ،
لا يَعْرِفُ عُرُوضَ الإيمَانِ المُزَيَفَةِ، وِلا طُقُوسَ التَّتْوِيجْ!
هُوَ وَحْدُهُ المَلِكُ!
لا يُبَدِّلُ شَرِيكَتَهُ،
وَلا يُغَيِّرُ عَقِيدَتَهُ  بِتَغِيِّرِ فُصًولِ السَّنَةِ،
أوْ بِتَغِيِّرِ أسْعَارِ العُمُلَاتْ،
وَتَقَلُّبَاتِ السُّوقْ!
 3.
طَائِرُ البِطْرِيقِ لا تُغْرِيهُ فِكْرًةُ القِيَامَةْ،
وَلَا يُومُ الحَشْرِ،
وَلَا مَغْفِرَةُ الذُّنُوبْ!
هُوَ لَمْ يَزْنِ!
وَلَمْ يَتَطَفَّلُ عَلَى أرْضِ الآخَرِينْ!
لَمْ يَبْحَثْ عَنْ مُحْضِياتْ!
وَلَا يَعْرِفُ زَوَاجَ المُتْعَةِ،
وَلَا زَوَاجَ المِسْيَارِ،
وَلَا تَعَدُّدَ الزَّوْجَاتْ!
وَلَا اغْتِصَابَ البَنَاتْ!
4.
طَائِرُ البِطْرِيقِ مَازَالَ وَفِيَّاً لِلْبِدَايَاتْ...

كَانَ هُنَاكَ، دَائِمَاً، حَيْثُ كَانْ
يَسْتَوي عَلَى عَرْشٍ مِنَ الثَّلْجِ،
وَحِيدَاً، مُكْتَفِيَاً بِآلَامِهِ وِقَسَاوَةِ المُنَاخْ،
يُحَدِّقُ فِي الأفُقِ بَحْثَاً عِنْ إشَارَاتْ،
بَحْثَاً عَنْ سِّرِ الكَلِمِاتْ،
أوْ شَيْئَاً يَدُّلُهُ عَلَى مَدْخَلِ النَّهَايَاتْ!


طيران





1.

لا أتّذَكَّرُ، كَيفَ كَانْ،

لا أعرف سِوَى أنَّي أتَّقِنُ الطيرانْ!
لا أعرفُ مَتَى،
وَلا المَكَانْ،
وَلا عِلَّةَ انْعِدَامِ الجّاذِبيَّةِ والزَّمَانْ
لا أعرفُ سِوَى أنَّني كَنْتُ أُحَلِّقُ في الفَضَاءْ،
جِنَاحَايَ يُرَفْرِفَانْ،
وَعَينَايَ تَبْحَثَانِ عَنْ هَدَفٍ للطَّيرانْ.
2.
لا أتّذَكَّرُ، كَيفَ كَانْ،
غَيرَ أنَّنِي كُنتُ أرَى،
ما كانَ يَبْدُو أنَّهُ كانْ:
 أُمِّي حَائِرَةٌ تَخْطُو فِي بَاحَةِ الدَّارِ،
باحثةً عَنِّي، مَخْذُولةً، رَاجِيَةً كُلَّ الأسْمَاءْ:
الأولينَ والآخَرَينَ والأئِمَّةَ المَعْصُومِينْ
كُنْتُ أسْمَعُها بَأسَى،
تَرْجُو المَوْتَى مِنْهُمْ وَالغَائِبينْ.
غَيرَ أنَّ مُتَعَةَ الطَّيرانْ،
وانْعِدَامَ الوَزْنِ وَغيَابَ الزَّمَانْ،
تَدْفَعَانِي بَعِيدَاً عَنِ المَكَانْ ...
3.
لا أتّذَكَّرُ، كَيفَ كَانْ،
صَبِيَّاً كُنْتُ لا أزَالْ،
كُنْتُ أظَنُّ أنَّنَي خَالِدٌ
مُسْتَهْتِرَاً بِقَوانينَ الفِيزْيَاءِ وَتَبَدُّلِ الأحْوَالْ!
وَلَكِنْ هَا أنَا الآنْ:
مِنْ غَيرِ أجْنِحَةٍ،
وَمِنْ غَيرِ مَكَانْ!
أمَّا الزَّمانُ ـ فَلَمْ يَعُدْ لِيَ مِنْهُ غَيرَ "الآن"!
لا شَيْءَ آخَرَ غَيرَ "الآن"!
4.
لا أتّذَكَّرُ، كَيفَ كَانْ،
لا أتّذَكَّرُ أحْدَاثَ ذَلك الزمانْ
غَيرَ أنَّني حَالَمَا هَوَيْتُ،
اكْتَشَفْتُ ـ بَعْدَ فَوَاتِ الأوَانْ،
إنَّنَي فِي زَمَانٍ ـ غَيرِ زمانْ
وَفِي مَكَانٍ ـ غَيرِ مَكَانْ،
وَلا شَيْءَ آخَرَ غَيرَ أنَّنَي فَانْ!


قطة أبي هريرة

رأس قطة غاضية
1.
قِطَّةُ أبِي هُرَيرَةْ
نِصْفُ حّيَّةٍ ونِصْفُ مَيِّتَةْ!
غَيرَ أنَّهِا قِطَّةٌ "اليقينْ"!
قِطَّةُ المؤمنينَ الطاهرِينْ،
وأخبارُ الأولين،
لا تبحثوا عَنْهَا في أيِّ مكانْ،
فهي قد لا تكونْ،
وقد تكونُ في كلِّ مكانْ!
وقد تَصْحُو، وقَدْ تنامْ،
فلا تبحثوا عَنْهَا في نظريَّةِ الكَمِّ،
ولا تدرسوا الفيزياءْ،
وانسوا كلَّ القوانينْ!
2.
قِطَّةُ أبِي هُرَيرَةْ
نِصْفُ نائمة ونِصْفُ يقظةْ!
[لم يفطن شرودنجر إلى هذا الأمر!]
فهي مُعجزةُ البرِّ والبحرِ،
مُعْجِزَةُ الفلاةْ،
مُعْجِزَةُ الأَعْرَابْ
وَحِينَ تَخْطُو عَلَى مَهْلٍ
فإنَّها لا تقطعُ الصلاة[1]
وهكذا تَحَقَّق الإجماعْ:
إنَّها طاهرةْ[2]،
سَمْحَاءُ،
لا تَشُوبَهَا شائبةْ!
3.
قِطَّةُ أبِي هُرَيرَةْ
نِصْفُ حيوانٍ ونِصْفُ إنسانْ!
وهي نِصْفُ مُلْحِدَةْ،
وَنِصْفُ مُؤْمِنَةْ[3]،
تُرَاقِبُ المُصَلِّينْ عن كَثَبٍ،
لعلهم يسهونْ،
أو يخطئونْ.
فتنقلُ الأخبارَ،
أنها لا تعرفُ الكِتْمانْ!
4.
قِطَّةُ أبِي هُرَيرَةْ
نِصْفُ سَاكِنَةٍ ونِصْفُ متحركةْ!
تنتفي عندها القوانينْ
هي كالأرضِ ثَابِتَةٌ[4]، وَمُسَطَّحَةْ!
حَوْلها تدورُ الشَّمسُ!
وحولَ الشَّمسِ نحنُ ـ ندورُ مخبولينْ!
مهوسونْ،
بعِقُولٍ مُكَوَّرِةْ[5]!
5.
قِطَّةُ أبِي هُرَيرَةْ
نِصْفُ حيَّةٍ ونِصْفُ ميتةْ !
كأنَّها صورةٌ لَنَا،
أوْ نَحْنُ امْتِدَادُهَا.
كأنَّها قَدَرُنَا،
تِسْعُ أرواحٍ لَهَا ،
أمَّا نَحْنُ ـ فلا رُوحٌ لَنَا!
6.
قِطَّةُ أبِي هُرَيرَةْ
نِصْفُ نائمة ونِصْفُ حالمة!
تَجْلِسُ عِنْدَ النافذةِ (مغمضة العينينْ)
مُكْتَفِيَةً بِنَفْسِهَا،
تحلمُ بالسُلْطَةِ،
وبِمَوتِ الكلابِ أجمعينْ،
وانْهِيَارِ الغْربِ،
وفيضانِ الأرضِ واقترابِ الكارثةْ،
تحلمُ بظهورِ صَاحِبِ الزمانْ،
أو آخرَ الأئِمَّةِ المَعْصُومِينْ!
7.
قِطَّتُنَا
نِصْفُ جاهلةٍ ونِصْفُ متعلمةْ!
بلْ هِيَ جَاهِلَةْ!
تولولُ بكلامٍ ركيكْ،
وَلُغَةِ عَامِّيَّةٍ مُفَكَّكَةْ،
كلماتٌ يُمْكِنُ عَدُّهَا،
وعباراتٌ غامضةْ.
قطتنا تَجْهَلُ الكلامْ،
وَلَغَةَ الكِتَابْ.
تَجْهَلُ مَعْنَى الآياتْ،
تجهلُ حتى "كَلامَ الله"!
فهي أمِيَّةٌ كأصْحَابِهَا:
مَغرُورةٌ،
بِنَفْسِهَا مُكْتَفِيَةْ
8.
الرُواةُ أجْمَعُهُمْ لَهُمْ قططٌ!
ولا فَرْقَ بين الفِرَقْ!
نِصْفُ جَاهِلَةٍ ونِصْفُ مُتَعَلِّمةْ!
تُنِيرُ الدَرْبَ لَهُمْ،
تلقنهم أسرارَ العقيدةْ،
وقوانينَ النجاسةْ،
ونظرياتِ الوضوءْ،
ومَهَاوِي الحَيضَ وآلياتِ غَسْلِ الفُرُوجْ!
9.
لا فَرْقَ بين الفِرَقِ ـ لا فَرْقَ مَا بِينَ القططْ!
تموءُ إنْ جاعتْ جَميعُ القططْ،
تموءُ إنْ عطشتْ جَميعُ القططْ.
فأيُّ مَعَنى لِوُجُودِ اللُّغَةْ؟
أيُّ مَعْنَى لإتقانِ الكِتَابَةْ؟
ومَعْرِفةِ القِرَاءَةْ؟
أيُّ مَعْنَى لِلْقَلَمْ؟!


هوامش:
[1] " الهرة لا تقطع الصلاة ، لأنها متاع البيت" [حديث]
[2] عن كبشة بنت كعب، قال رسول الله عن القطة: "إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات" ـ للحديث صيغ مختلفة.
[3] "حب القطط من الإيمان" ـ حديث نبوي قد لا يحظى "بالقبول"!
[4] أنظر "للفائدة" أنظر: مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين "!
أنظر أيضاً "للفائدة": "الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب و على جريان الشمس والقمر وسكون الأرض" للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز!
[5] أنظر "للفائدة العلمية" الكتاب "القيم": "الأرض مسطحة والعقول مكورة" لمؤلفه "الفذ" أمين صبري، الذي يستند على "مصادر علمية" من بينها القرآن!

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر