منع

طيران





1.

لا أتّذَكَّرُ، كَيفَ كَانْ،

لا أعرف سِوَى أنَّي أتَّقِنُ الطيرانْ!
لا أعرفُ مَتَى،
وَلا المَكَانْ،
وَلا عِلَّةَ انْعِدَامِ الجّاذِبيَّةِ والزَّمَانْ
لا أعرفُ سِوَى أنَّني كَنْتُ أُحَلِّقُ في الفَضَاءْ،
جِنَاحَايَ يُرَفْرِفَانْ،
وَعَينَايَ تَبْحَثَانِ عَنْ هَدَفٍ للطَّيرانْ.
2.
لا أتّذَكَّرُ، كَيفَ كَانْ،
غَيرَ أنَّنِي كُنتُ أرَى،
ما كانَ يَبْدُو أنَّهُ كانْ:
 أُمِّي حَائِرَةٌ تَخْطُو فِي بَاحَةِ الدَّارِ،
باحثةً عَنِّي، مَخْذُولةً، رَاجِيَةً كُلَّ الأسْمَاءْ:
الأولينَ والآخَرَينَ والأئِمَّةَ المَعْصُومِينْ
كُنْتُ أسْمَعُها بَأسَى،
تَرْجُو المَوْتَى مِنْهُمْ وَالغَائِبينْ.
غَيرَ أنَّ مُتَعَةَ الطَّيرانْ،
وانْعِدَامَ الوَزْنِ وَغيَابَ الزَّمَانْ،
تَدْفَعَانِي بَعِيدَاً عَنِ المَكَانْ ...
3.
لا أتّذَكَّرُ، كَيفَ كَانْ،
صَبِيَّاً كُنْتُ لا أزَالْ،
كُنْتُ أظَنُّ أنَّنَي خَالِدٌ
مُسْتَهْتِرَاً بِقَوانينَ الفِيزْيَاءِ وَتَبَدُّلِ الأحْوَالْ!
وَلَكِنْ هَا أنَا الآنْ:
مِنْ غَيرِ أجْنِحَةٍ،
وَمِنْ غَيرِ مَكَانْ!
أمَّا الزَّمانُ ـ فَلَمْ يَعُدْ لِيَ مِنْهُ غَيرَ "الآن"!
لا شَيْءَ آخَرَ غَيرَ "الآن"!
4.
لا أتّذَكَّرُ، كَيفَ كَانْ،
لا أتّذَكَّرُ أحْدَاثَ ذَلك الزمانْ
غَيرَ أنَّني حَالَمَا هَوَيْتُ،
اكْتَشَفْتُ ـ بَعْدَ فَوَاتِ الأوَانْ،
إنَّنَي فِي زَمَانٍ ـ غَيرِ زمانْ
وَفِي مَكَانٍ ـ غَيرِ مَكَانْ،
وَلا شَيْءَ آخَرَ غَيرَ أنَّنَي فَانْ!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر