منع

مهزلة [13/حول أحداث 10/7]


مظاهرات احتجاج  تحت نصب الحرية

1
.
يثير نصب الحرية في مركز بغداد بالنسبة للعراقيين مشاعر مزدوجة:
التاريخ العريق والروح التي لم تهدأ، رغم التاريخ الدموي للحكام منذ المتوكل، نحو الحرية. غير أنَّ الواقع السياسي، الذي يتعالى فيه نصب الحرية الآن لا يمكن تسميته بغير المهزلة.
الحق أنني بحثت عن عنوان مناسب وجربت عنوانين أخرى مختلفة. ولكن كان علي إلغاءها وفي كل مرة كانت تبقى كلمة "مهزلة" فقط.
ولهذا فالعنوان "مهزلة" فقط.
2.
ليس ثمة مفاجآت.
فـ"القانون" الذي طالما سعيت إلى قوله يصح بكامل القوة على العراق:
لا يمكن إدارة الحياة بالتفكير الديني – علناً كان أو تستر بكل ما لذ وطاب من واجهات الحياة المعاصرة.
الحكومات العراقية الشيعية منذ الإطاحة بنظام البعث شاءت أم أبت كانت وستبقى رهينة لمنطق المنظمات الدينية ومراجع اللاهوت الموتى والأحياء/الموتى.
3.
لا يمكن إقامة "دولة حديثة" قبل إقامة "الدولة" أولاً.
ولا يمكن إقامة "دولة" ثانياً باستشارة "مرجع!" كهنوتي إيراني لا يعرف حتى العربية – أما أصله وتاريخه الشخصي فهو أكثر غموضاً من لغته العربية المفككة.
فقد اخترع الشيعة بعد عام 2003 قاعدة جديدة في الحكم لم تكن قائمة حتى في العهد الصفوي:
إنْ تحظى الحكومة الجديدة المشكلة برضى ومصادقة " آية الله/مرجع" لا أحد يعرف من أين جاء إلى العراق وهو مضطجع على مخدة يقرأ في كتاب أصفر باللغة الفارسية في دار في النجف ومحاط بالحماية والمستشارين والمصفقين والمكبرين وأنواع مختلفة من النماذج البشرية التي تعتقد بأنها تمتلك حقاً سماوياً بأن تحكم وتقرر مصير البلاد.
4.
والآن ثمة خبران أحدهما سار [لا علاقة له ببشارة يشوع] والآخر [لا تتوقعوا مني كلمة سيئ] مهزلة:
الخبر السار [ولا أحد يعرف بالضبط درجة السرور] هو أن في العراق جيشاً يُحتفل بتأسيسه؛
لكن الخبر المهزلة – ومن لا تعجبه الكلمة فلنعود إلى كلمة: السيء، هو أنَّ بالتوازي مع هذا الجيش يوجد جيش من الفصائل المسلحة التي لا تأتمر لأي سلطة عراقية في البلاد – وبشكل خاص رئيس الوزراء الحالي.
فغرفة العمليات التي تأتمر لها هذه الفصائل "المسلحة" هي في بناية "الحرس الثوري الإيراني" في طهران!
5.
والمهزلة [هذه المرة لا أستطيع تغيير الكلمة] أن تقوم هذه الفصائل الشيعية المسلحة [أنظر للمعلومات: أذرع الأخطبوط: الوكلاء الرسميون لإيران لـ"إدرارة الفوضى"]بقصف مواقع أمريكية في العراق وسوريا مستخدمة مختلف الأسلحة والصواريخ والمسيرات من داخل الأراضي العراقية تظاهراً بدعمها لـ"فلسطين" ومع "حماس" وتنفيذاً لتعليمات من "الحرس الثوري الإيراني" مباشرة.
لكن المهزلة هذه هي من نوع "أضعف المهازل". إذ توجد "مهزلة" مختلفة وأكثر هزلاً.
فرداً على هذه الأحداث صرح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني [طبعاً هو عراقي وليس سوداني] بأن الحكومة العراقية سوف تقوم بالتحري والكشف عن هوية الفصائل المنفذة لهذه العمليات!!!
6.
ولكن "المهزلة" لم تنته عند هذا الحد.
فما تقوم به الفصائل الشيعية [العراقية اسماً والإيرانية انتماء] مخالف للدستور والقوانين المكتوبة والمصادقة عليها من قبل برلمانات ما بعد عام 2003.
لكن "المهزلة" [الني لم تنته عند هذا الحد]، تبدأً من جديد وتواصل عملها:
فحسب الأخبار الواردة من العراق تسود الآن حالة من التوتر إلى حد [كما يقول المراسلون الصحفيون] أن الدولة العراقية تقوم بتغيير مواقع مراكز تواجد الأسلحة الهامة والطائرات خوفاً من تستحوذ عليها "الفصائل المسلحة" فيما إذا تم تصعيد في العمليات! 
كما أن الجيش العراقي يقوم بحماية وحراسة المنشآت العسكرية العراقية. بل أن الأسوأ من هذا تم تغيير مقرات قادة الجيش وطبيعة الاتصالات حتى لا يتم التدخل فيه من قبل الفصائل.
ولحد الآن يسمون العراق: دولة!
7.
ولكي يستطيع القارئ أن يدخل بصرياً ومعلوماتياً في إطار اللوحة العراقية وإن يدرك حجم "المهزلة" التي طالما كررتها كما هي من غير مبالغة فعليه أن يعرف بأنَّ أي مواطن عراقي يلتقيه عند الحدود [أي نقطة حدود]  يستطيع أن يخبره باسم الفصائل التي قامت بتنفيذ العمليات المشار إليها ومواقعها الرسمية الإدارية العلنية في بغداد والمعسكرات التي يتواجدون فيها في أماكن مختلفة من العراق وأسماء قادة هذه الفصائل وأرقام السيارات التي تقلهم وأرقام التلفونات .. و .. و ....و ....و .....و ...
8.
لكن الحكومة العراقية والمؤسسات الأمنية ووزارة الداخلية ومديريات الشرطة ودائرة الضرائب ودائرة النفوس ومصلحة السكك الحديدية وشركة التنظيف ومراكز التدوير ومحطات الإذاعة والفضائيات العراقية والفريق الوطني لكرة القدم ومنظمة الرفق بالحيوان [هل توجد منظمة للرفق بالحيوان في العراق؟] ومصنع الغزل والنسيج وشركة تبليط الشوارع لا تزال [وحتى كتابة هذه السطور] مستمرة في البحث الجاد عن منفذي العمليات العسكرية ضد المواقع العسكرية [العراق رسمياً يسميها استشارية] الأمريكية وبصواريخ ومسيرات إيرانية، ومن الأراضي العراقية حيث يرفع العلم العراقي وليس الإيراني!
وإذا كانت القوات الأمريكية قد اكتفت مرحلياً بقصف مواقع في سوريا رداً على تنفيذ عمليات مشابهة من قبل "فصائل مسلحة سورية" وامتنعت عن الرد على العمليات المنفذة من الأراض العراقية، فإن مثل هذا التكتيك قد يتغير والسياسة الأمريكية إزاء العراق قد تنحى منحى آخر يؤدي إلى اضرار اقتصادية جدية في إطار وضع اقتصادي سيء من حيث المبدأ.
ولكن الأضرار القائمة الآن: هو أن العالم سياسياً واقتصادياً سيفقد الثقة بالحكومة العراقية والدولة العراقية على حد سواء. فالدولة التي لا تستطيع السيطرة على فصائل مسلحة التي تتحرك وتنشط بحرية، ليست دولة.
9.
 والآن بعد كل هذه المهازل يبدو "نصب الحرية" ،الذي يتراءى من بعيد في مركز بغداد وهو يروي تاريخ العراق الدامي من أجل الحرية، مفارقة محزنة. فالحرية هذه والتي دفع العراقيون من أجلها ثمناً باهضاً تبدو أقرب إلى الوهم في ظل النفوذ الإيراني في العراق الذي يتعدى مرات كثيرة نفوذها في لبنان عن طريق حزب الله.
إن الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران والتي تقوم بتنفيذ مشاريع إيرانية في العراق هي جزء من القوى السياسية الشيعية المؤثرة في إدارة الدولة من حيث المبدأ وهي مدعومة ومسنودة من قبل ما يسمى "المراجع الدينية".
ألم أقل لكم:
مهزلة!
حَمَامٌ تحت نصب الحرية




 








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر