منع

مرثاة لزبائن أسواق الأوهام والأساطير الرخيصة

سوق عربي


1.

إنَّه لأمر محزن أنْ يتبضع المحمدون طوال حياتهم القصيرة على الأرض [وهي الحياة الوحيدة للبشر والسعالي والأنبياء المزيفون والطناطل الحقيقية] من أسواق الوهم المبتذلة والأساطير  الشعبية الرخيصة.

ورغم أنَّ الأسعار الباهظة ليس معياراً قاراً وثابتاً للكفاءة والجودة إلا أنَّ عرض "البضائع" في الأسواق الشعبية مجاناً لا تقول لنا غير أنَّ هذه "البضائع" من قبيل الأوهام.

2.

فـ"الجنة" التي يعرضها البائعون [وهم عادة عاجزون حتى عن قراءة الاتيكيت sticker] في أسواق الأوهام والأساطير، التي لا تساوي غير ثمن زهيد للغاية، "مرضاة" رب العالمين هي "جنة" مشكوك في أمرها!

فلكل شيء ثمن يساويه ويعبر عن قيمته المادية والإنتاجية والمعنوية - والإستهلاكية إن شئت.

وأنْ يكون ثمن "الجنة" الموعودة "مرضاة" لكيان له الأسماء الحسنى الـ 99، فإنَّ الأمر واحد من اثنين:

إما أن يكون صاحب الـ 99 اسماً كياناً كسيفاً لا يستحق حتى ذكر اسم واحد من أسماءه المزيفة، وإما أنْ تكون البضاعة فاسدة.

لكنني أرجح بقوة وبكل ثقة احتمالاً ثالثاً:

كلا الاحتمالين السابقين!

والآن أتذكر المثل الإنجليزي:

أنا لست غنياً حتى أشتري أشياء رخيصة!

ولكن هذا ما يفعله المسلم بالذات:

يشتري بضائع رخيصة للغاية سوف تكلفه فيما بعد ثمناً باهضاً جداً: حياته على الأرض!

3.

نحن أمام قبر [وهو حفرة في الأرض] يؤمن المحمدون إلى حد التضحية بأنفسهم من أجل هذا الإيمان بأنَّ له "باباً يؤدي إلى الجنة".

ولكن هناك من يعتقد اعتقاداً راسخاً أنَّ على الميت أولاً أن يُعَذَّب عذاباً متقناً من قبل متخصصين في "فن التعذيب"  سموه "عذاب القبر" قبل أنْ يُفتح له الباب إلى "الجنة الموعودة".

وهذا ما يُثبت [ونقضه لا يستحق الإثبات] بأنَّ ثمن دخول "الجنة" باهظاً – وباهظاً جداً.

4.

هنا تًصِلُ الأسطورة إلى حدود العبث:

ففي أسواق الخردة يتم عرض بضاعة "الجنة" مجاناً لوجه "الله – أو لقاء مرضاة "الله" – والأمر سواء.

وعندما يغلق المسلم عينيه للمرة الأخيرة ويواروه التراب [بالمعنى الحرفي للكلمة في حالة المسلمين] يستلمه أخصائيو التعذيب الرباني في حفرته ويعرضونه لأبشع أنواع التعذيب!

5.

وهذا هو مكمن العبث:

يتعرض المسلم إلى التعذيب على أيدي أخصائيين في التعذيب منذ أنْ تطأ قدماه القبر وقبل التحقيق والمحاكمة العادلة - بل ومن غير حتى الاطلاع على السجلات الربانية!

أليس من المفروض أن يأتي التعذيب يوم الحساب؟!

وأليس من المنطقي أن يتم أولاً التحقق من ذنوب المسلم الساذج الذي قضى عمره بالأوهام قبل التعذيب ومن ثم يقرر الجلادون مصيره؟!

وماذا إذا ظهر بأن المسلم التعس بريئاً ولم يرتكب ذنباً يستحق التعذيب؟!

هل سيتم الأمر على طريقة شرطة المطارات العربية بعد أن ْيخضعون المسافر لأسباب سخيفة لمعاملة سيئة وتفتيش فج ثم يقولون له :

- سامحنا خَيُّو؟!

[هذا ما حدث لي فعلاً في أحد المطارات العربية رغم أن الاعتذار من حيث المبد نادراً جداً. فشرطي الدولة العربية مكلف لحماية الحاكم وليس الحقوق المدنية للناس]

6.

هذا هو الوضع الذي يستوجب فيه الرثاء على حال الملايين:

إنهم مهانون مذلون منذ الولادة؛ مخدوعون ومضللون منذ المدرسة الابتدائية [إنْ توفرت لهم فرصة الذهاب إلى المدرسة]؛ وعبيد أذلاء منذ أن تحولوا إلى "مكلفين".

إنَّ تاريخ حياة المسلم هو تاريخ للسذاجة التي تأخذ بيده بكل ثقة وجدارة إلى المسلخ.






ليس الله شخصية سياسية – بل إيمانية!: ملاحظات إضافية

امرأة معصوبة العينين
[عمى الإيمان]

1.
من ملامح تحول فكرة "الله" و"الدين"  هو ربط الموقف من "الله" و"الدين" بالموقف من المجتمع والدولة.
فالإساءة إلى "ذات!" الله [فللخرافة ذات مقدسة!] هي إساءة إلى المجتمع و"محاولة!" لتقويض أسس الدولة المجتمع!
وإذا ما استثنينا الفكرة الهشة للدولة والمجتمع، فإنَّ انتفاء الإيمان الديني هو انتفاء للمواطنة.
هنا يصل العبث الإسلامي إلى الحدود القصوى.
2.
ولهذا فإن "الإساءة" إلى "ذات الله" يخضع للعقوبات الجنائية الشديدة "العلنية" أو "المستترة": أي القتل إنْ تمكن أحدهم من ذلك.
3.
أما تجريم "الإلحاد" والملحد" (وغالباً ما يكون التجريم بأغطية تبريرية مختلفة) فهو التعبير العلني والرسمي في الكثير من الدول الإسلامية عن تحول "الإيمان" إلى قضية سياسية تهدد الدولة وبالتالي فإن معاقبة الملحد وبأقصى العقوبات [وليس آخرها الإعدام[ إذا ما كان قتل الملحد غيلة غير ممكن لسبب أو آخر!
4.
وهذ لا يعني غير شيء واحد:
استحالة الدين إلى قضية سياسية تخرج عن إطار الإيمان وتفند فكرة الإيمان ذاتها. وهي نكوص إلى آلاف السنين إلى الوراء حيث كانت عقيدة الإمبراطور الصيني مثلاً شرطاً للولاء وضمانة للوجود. بل يمكن الرجوع إلى الوراء كثيراً حتى المدن السومرية التي كانت تتميز بعبادة إله محدد استناداً إلى عبادة الملك نفسه. وعندما يموت الملك أو يتم احتلال المدينة من قبل حاكم آخر فإنه عادة يفرض عبادته لإلهه الخاص على المدينة.
5.
ولأننا نتحدث عن القرن الحادي والعشرين فإنَّ المسلمين يبدون أكثر همجية من أي همجي من العصور المنقرضة.
إذ فرض عقيدة دينية ما على الناس والدول هو حقاً نكوص عقلي وثقافي وسيكولوجي من طراز فريد.

ليس الله شخصية سياسية – بل إيمانية!


البحث عن عائشة [2]: صورة عائشة

لوحة “هيلين طروادة المختطفة" للرسام البريطاني Anthony Frederick Augustus Sandys [1829-1904]!


حكاية صورة:
لقد تصفحت طويلاً مجاميع الأعمال التشكيلية وصفحات الفن التشكيلي والمتاحف العالمية في فضاءات الانترنت بحثاً عن عائشة "الحُمَيرَاء".
لم يكن البحث سهلاً. 
في الآونة الأخيرة وفي اثناء عملية الإطلاع على ما كُتب عن عائشة في كتب السنة والشيعة متقصياً السيرة الأدبية الإسلامية عنها والسعي إلى العثور عما ينقض الفرضية التي تدور في ذهني (فأنا لا أبحث عما يلائم فراضياتي) تشكلت في رأسي صورة حيَّة لها – للصبية التي اُخْذتْ عنوة من بيت أمها وأبيها كما يؤخذ الحمل الصغير إلى المذبحة.
كنت أراها حتى أكاد أحس بوجودها أمامي وكأنني أرى صورتها تمتزج بسطور النص الذي اقرأه على شاشة الكمبيوتر.
وقد أوصلني البحث بالصدفة إلى هذه اللوحة التي لم أكن أعرف عنها أي شيء مطلقاً. 
- إنها هي!
هتفت بصوت مسموع.
ثمة شيء في معالم هذه الفتاة يعبر عن الرفض والاستنكار والامتعاض. 
إنه حوار صامت مع مَنْ يقف الآن [وأبداً] أمامها ويحدثها محاولاً إقناعها، أو أجبارها على القبول والخضوع. أليس الدين خضوعاً، وزوجها المستقبلي نبي هذا الدين؟!
وحالما بحثت عن قصة هذه اللوحة تبددت دهشتي:
 إنها “هيلين طروادة المختطفة" للرسام البريطاني Anthony Frederick Augustus Sandys [1829-1904]!
وليقل القائل بأنها صدفة!
إنها "الحُمَيرَاء" أو صورة لها سافرت عبر التاريخ حتى تجسدت في صورة هيلين طروادة [أو بالعكس – من يدري؟].
فهل ثمة علاقة سرية داخلية تربط ما بين هيلين وعائشة؟!
1.
هل كانت عائشة تؤمن بنبوة محمد حقاً؟
هذا سؤال سوف أردده على امتداد سلسلة المقالات هذه [البحث عن عائشة] وليس لدي الآن أيُّ أمل واقعي في التوصل إلى إجابة مُرْضِيَة.!
هي مجازفة لكي أجيب على هذا التساؤل.
إنه واحد من الأسئلة العصية على الإجابة. إذ ليس لدينا إلا فِتاتُ معلومات وأطنان من الأحاديث والروايات الكاذبة. وأكذب هذه الروايات على الإطلاق كتب السنة والشيعة المعاصرة التي قررت أن تعيد كتابة "التاريخ" بأسوأ الأدوات وهو التقديس النقلي التسليمي وبأكثر الأساليب الأدبية سذاجة حتى وصل بهم مرض التمجيد إلى تأليف كتاب من نوع "موسوعة فقه عائشة أم المؤمنين"! باعتبارها محدثة وفقيهة وهي المرأة التي أسْتُلبت طفولتها وتبدد شبابها وانتهت إلى شيخوخة لا نعرف عنه شيئاً أكثر مما قالته كتب المسلمين.
فأين تثقفت هذه الصبية بين عدد من "الضرات" [للمعلومات: يقول الفقه بأن امرأة الزوج سميت ضرة لأنها من المضارة فماذا لو كن عشرة أو أكثر؟!] التي لا يعرفها حتى السنة أنفسهم؟!
 مثلما كانت حبيسة البيت ولم يقل أحد أنها تعلمت الكتابة والقراءة [فزوجها أمي وضراتها أميات]!
2.
في أصول البحث ثمة طريقان أساسيان:
الطريق الأول استقرائي أنْ نجمع الحقائق الصغيرة شيئاً فشيئاً حتى تكتمل الصورة وتتبدى معالمها. وهذا ما ليس بالإمكان. فمن أين لنا بهذه الحقائق (ومهما صغرت)؟
فنحن لدينا "فتات" من المعلومات الصغيرة وهي لو كانت فتات خبز فإنها لن تشبع حتى عصفوراً صغيراً بائساً!
 فليس في حوزتنا غير سيرة أدبية:
 كتبها العشرات؛ 
وحررها العشرات؛ 
ونقحها العشرات؛ 
ودونها العشرات؛ 
وأعاد تدوينها العشرات عن أحداث مفترضة وشخصيات غامضة!
أما الطريق الثاني فهو استنباطي منطلقين من "حقيقة" يتفق عليها جميع المسلمين وهي حقيقة الطفلة التي اغتصابها كهل ساعين إلى إزالة ركام الأكاذيب التاريخية المتراكمة الواحدة تلوى الأخرى حتى نصل تدريجياً إلى ما تبقى من الحقيقة التاريخية. 
فهل ثمة حقيقة بقيت من ذلك التاريخ؟
3.
فعائشة ومهما تأملنا فتات المعلومات التي ترسم صورتها فإنها ستبقى لغزاً عصياً على الحل والفهم على حد سواء. فهي إنْ كانت جزءاً من التاريخ حقاً فإن ما كان يعتمل في داخلها لهو صعب على القول وأمر عميق لا يمكن التصريح به من قبلها.
إنني أشَكُّ بكل ما أمتلكُ من ملكة الشَّكِّ (وفي رأسي الشيء الكثير) بكل "أحاديث عائشة" التمجيدية لمحمد. إنَّ عائشة إن قالت يوماً لأحدهم شيئاً فإنها لم تقلْ إلا جزءاً يسيراً جداَ مما لفقه المحدثون والأفَّاقُون وفقهاء السلاطين وأنصاف المثقفين. وإن هذا الشيء القليل لا يعدو أن يكون أموراً تتعلق بحياتها الشخصية الصعبة وعلاقتها بمحمد بن عبد الله وبنسائه الأخريات وحريمه. وإنَّ ما وصل إلينا من هذا لهو قليل – بل لم يصل منه إلا النزر اليسير إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار البخاري ومسلم مثلاً.
أما ما كتبه الشيعة عن عائشة فإنَّ الروح الهجائية [التي تصل عند بعض الكتاب إلى حد الكراهية المطلقة لعائشة مثل كتاب "الفاحشة: الوجه الآخر لعائشة"] المتعلقة بموقفهم منها تجعل ما ينقلونه عنها ليس أقل تعقيداً مما يقول السنة المدَّاحون. فهم كذابون بطبيعتهم اللاهوتية.
إذن:
كل ما كتب تمجيداً لعائشة هو عقيدة دينية سنية ولا يستند إلى التاريخ.
وكل ما كتب تشويهاً لعائشة هو عقيدة دينية شيعية ولا يستند إلى التاريخ.
ولم يتبق لنا غير المادة الأدبية في السيرة الإسلامية التي نحاول "اقتناص" ما يمكن أن يشكل صورة عائشة الحقيقية.
4.
هذه هي صورة عائشة إذن:
غاضبة، مستاءة، يتطاير الشرر من عينيها. 
فقد اغتصبوا إرادتها؛ وانتهكوا حقها في الطفولة – وهو حق أعلى من حقوق البشر جميعاً وأسمى من جميع المقدسات والمبادئ وقواعد الأخلاق والضمير؛ وها هم يقودونها عنوة لكي تكون محظية بناء على إرادة عزوها إلى خرافة أطلقوا عليها اسم "الله" ومنحوها صلاحيات وحقوق تخول القتل واغتصاب الأطفال ورجم النساء الفقيرات اللواتي لا أحد يدافع عنهن [لا توجد معلومات عن امرأة غنية أو ذات سلطة تم رجمها وهو النوع ليس أقل فحشاً وتهتكاً من النساء الفقيرات]، غير أن من نفذ كل هذه الأحكام كانوا من البشر!
5.
ها أنا أنتهي من ملاحظاتي على الصورة. 
والحق أني لأول مرة أبدأ موضوعاً لا أعرف نهايته ولا النتائج التي سأتوصل إليها. ففي رأسي يلفُّ تساؤلٌ ويدور من غير هوادة. ولا تبدو الإجابة في متناول العين والفكر:
هل كانت عائشة تؤمن بنبوة محمد حقاً؟


الحلقة القادمة:
البحث عن عائشة [3]: الاغتصاب
الحلقة السابقة:


البحث عن عائشة [1]: التاريخ الآخر - مقدمات

تفصيل من لوحة “هيلين طروادة المختطفة" للرسام البريطاني Anthony Frederick Augustus Sandys [1829-1904]!
من أجل رد الاعتبار لشخصية عائشة!
1.
قد يندهش الملحدون قبل المسلمين لهذا العنوان. 
ولهذا عليَّ التأكيد بأنه ليس في الأمر أيُّ نوع من التهكم أو المجاز. فأنا أعني ما يُعَبِّرُ عنه العنوان حرفياً وأقف وراءه.
كَمَا وعليَّ الاعتراف منذ البدء وبصراحة أنَّ " عائشة" من الموضوعات التي كثيراً ما كانت تمر بإلحاح على تفكيري .
فعائشة "قضية" تاريخية وأخلاقية وثقافية وبالمعنى المباشر للكلمة قبل أن تكون قضية دينية. 
وهي لهذا السبب تحتاج إلى نوع من المرافعة الدفاعية لإعادة الاعتبار لشخصيتها بشكل خاص وللمرأة الرازحة تحت نير العبودية الإسلامية بشكل عام.
فهي قضية تاريخية لأننا لا نملك عنها غير ما تقوله السيرة الأدبية الإسلامية؛
وهي قضية أخلاقية لأننا أمام خرق فظ لأهم القيم في حياة المجتمعات: اغتصاب طفلة من قبل كهل جاوز الستين!؛
وهي قضية ثقافية لأنها تحولت إلى معيار ثقافي يحتذى به المسلم (السني) في الحياة ويتم تربية الأطفال على أساسه؛
وهي أخيراً قضية دينية لأن المسلمين حولوا نكاح محمد بن عبد الله لها إلى مواضعة فقهية وقانون يحتذون به.
2.
ولكن هذه "القضية" في نفس الوقت مصدر لحيرة كبيرة:
 كيف تحولت الأساطير الشفهية إلى نوع من “الحقيقة" تقف فوق الواقع وتقرر وجوده؟
كما أن ثمة مدعاة أخرى للحيرة:
كيف فَلَتَ التصور العقائدي الدوغمائي الإسلامي عن عائشة وتسلل إلى كتاباتنا بالذات – نحن الملحدين؟
 ولهذا شرعت بإعادة قراءة ما كُتب عنها ساعياً إلى أن أعيد النظر بالتصورات الشائعة الإسلامية – السنية والشيعية عن عائشة، مثلما أسعى إلى تحذير الآخرين من تقبل هذه التصورات على علاتها.
فلا أحد يندهش بالطريقة الغيبية التسليمية التي يفكر بها المسلمون/سنة وشيعة. ولكننا في نفس الوقت نعرف بما يقترب من اليقين أنهم يخفون دائماً ما هو جدير بالأهمية والاعتبار. وهم في الحالة هذه يخفون الكثير.
لا شيء يكتبه المسلمون من غير أن يحجبوا شيئاً آخر.
ولهذا يتوجب تفكيك النصوص الإسلامية وفرز مكوناتها وتصنيف هذه المكونات على أساس أربعة مجاميع:
الكذب؛
الأسطورة والخرافة؛
التزييف والتلفيق لحقائق كانت قائمة؛
وأخيراً – وهو الغائب والمحجوب: الحقيقة.
3.
فـ"عائشة" من الشخصيات المظلومة في حكايات السيرة الأدبية الإسلامية ولا أرى غير الملحدين مَنْ هو جدير بأنْ يعيد إليها الاعتبار وينظر في قضيتها على أساس مختلف وزاوية نظر جديدة نتخلى فيها عن ركام الهراء الإسلامي.
كما قلت إنها "قضية". وتكمن "قضيتها" في أنَّ المسلمين السنة قاموا بتمجيدها مما عمل هذا التمجيد على إخفاء مظلوميتها كـ"شخصية" سواء كانت من صنع الخيال أم التاريخ. 
أمَّا الشيعة، وكالعادة، قاموا بالعكس: التشنيع بها، ولم يكن هذا إلا انطلاقاً من عقيدتهم الوهمية السخيفة عن معصومية علي بن ابي طالب ومعادتة من عاداه ونصر من ناصره!
4.
إنني أرى صورتها الآن أمامي وعينيها الراجيتين تدعواني لأعاده النظر بالسيرة الإسلامية لعلي أجد شيئاً يبدد الأوهام عنها ويعيد إليها صورتها الحقيقية الأقرب إلى الواقع والأبعد عن الأساطير والخرافات. بل هي بانتظار من يفند الأكاذيب عنها – السنية والشيعية ويستخلص من هذه الأكاذيب ما يكفي من الحقائق لرد الاعتبار إليها ووضعها في مكانها الحقيقي من التاريخ.
5.
عائشة لم ترتكب جرماً بل كانت ضحية. 
فقد تم اغتصابها وظل هذا الاغتصاب قائماً أمام أنظار الجميع أكثر من 14 قرناً ولا يزال. وعندما اكتشف المسلمون (وخصوصاً السنة) الفضيحة قرروا أن يهربوا إلى الأمام مؤلفين العشرات من الكتب عنها وتمجيدها، بل وتقديسها وتحويلها إلى "أيقونة" يفاخرون ويتباهون بها أمام الأمم!
6.
إنني أبدأ من سؤال بسيط في محتواه ينطلق من "أحاديث عائشة" التي يمجدها السنة ولا يدقق فيها أو يتجاهلها الشيعة وهي تعكس تصورات عائشة ومواقفها من محمد: 
هل هي صاحبة هذه الأحاديث؟
وهل كانت عائشة تؤمن حقاً بنبوة محمد؟!
لم أنطلق في يوم ما من فرضية وأنا أكاد لا أملك أي نوع من "اليقين" أو التصورات عن نهايتها وإمكانية البرهنة عليها. بل قررت ألا أبحث عن الأدلة على صحة الفرضية. فكتاب السيرة الإسلامية قد أفسدوا جميع المصادر وتم حرقها وتدميرها. ولهذا لم يتبق أمامي غير البحث عن أدلة تنقض الفرضية وتبدد مسوغاتها.
وهذا هو الطريق الصعب في الكتابة: 
أن تسير ضد ما تعتقد حتى تصل إلى الحقيقة – إنْ وصلت!



الحلقة القادمة:

هل يرتكب الله الأخطاء [3]: ملاحظات إضافية


1.

في الحلقة الماضية خلصت إلى ما يأتي:

- هل يخطأ "الله"؟

فأجبت على السؤال بصراحة ووضوح:

- لا، "الله" لا يخطأ!

وأنا والمسلمون على طرفي نقيض!

2.

لماذا لا يخطأ "الله" من وجهة نظري؟

لأنَّ الخطأ من صفات الكائنات الواقعية التي تتصف بالوجود والتي تحتكم إلى العقل (أو نوع من العقل)، والتي تمتلك ملكة المقارنة ما بين الوقائع والأشياء من جهة وتصوراتنا عنها من جهة أخرى، وتميز ما بين الخطأ والصحيح، والسيئ والجيد، حتى تكتشف الفروق فيما بينها وتميز ما يستند إلى الوقائع وما يتناقض معها.

و"الله" هذا: وَهْمٌ ؛

والأوْهَام لا تخطأ مثلما لا تميز ما بين الخطأ والصحيح.

إنَّه [ما يسمى "الله"] عقيدة تنافي العقل وتسير ضد حركة التاريخ ومعارضة المنطق البشري السوي؛ إنها مجموعة من "الصفات" المختارة قرر المسلمون الاتصاف بها حتى لا يودعون أسلافهم، وهي حالة مرضية على أية حال.

3.

هل يتعلم الله من تجاربه؟

الجواب: لا!

لأن الوَهْم لا يخطأ ولا يتعلم من تجاربه.

فالتعلم من التجارِب هي من خصائص البشر.

والمسلمون بشر.

فهل سيتعلم المسلمون من تجاربهم بصورة بناءة ويتخلون عن أوهامهم وثقافتهم المتوحشة؟

الجواب: لا!

لأن المسلمين قرروا أن يكونوا قبل كل شيء مؤمنين.

والمؤمن لا يتغير (طالمَا يفكر بصفته مؤمن)!

وإذا فكر المؤمن كإنسان، فإنه سوف يغادر مملكة الأوهام: الإسلام.



مغالطات منطقية [3]: هل يؤمن الملحد؟

1.
من مساعي مسلمي المنتديات وقنوات اليوتيوب الدعوية هو صناعة تصورات مزيفة عن الإلحاد. ومن بين أكثر هذه التصورات المزيفة انتشاراً هو أنَّ الإلحاد "عقيدة" لا تختلف عن بقية الأديان.
بل أنَّ هذا التصور المزيف يمكن العثور عليه في الكثير من المؤلفات لكتاب غربيين.
2.
فالإلحاد ما كان ولن يكون في يوم ما عقيدة دينية. وحين يتحول الإلحاد إلى "عقيدة" فإنه لم يعد إلحاداً بل كلاماً فارغاً.
لا يوجد في الإلحاد مراجع، ولا كتب مقدسة، ولا خطوط حمراء في التفكير.
الإلحاد أولاً قضية شخصية محضة. ولهذا لا يمكن أن تتحول إلى "دين".
والإلحاد ليست قضية تبشرية ثانياً. فنحن لا ندعو إلى تحول المسلمين إلى الإلحاد - كما يسعى المسلمون إلى فرض الإيمان الديني على الآخرين.
الملحدون يعبرون عن تصوراتهم المتعلقة بالحياة والكون والبشر والجنس والحب والحروب ومناهضتهم للكراهية والفاشية الدينية وقمع الحريات ومصادرات حقوق البشر والإرهاب الديني الأسود وكل ما يتعلق بحق الحياة والتفكير والرأي.
وهذا هو المنطق العلماني للمنطلقات الإلحادية:
كن ما تشاء ولكن ليكن لنفسك فقط أولاً؛ واحترام القوانين المدنية التي يتم قبولها من قبل البرلمانات من غير وصاية دينية أو تدخل لاهوتي أو ألعاب كهنوتية.
لمعلوماتك الفقيرة:
العَلمانية ليست ضد الأديان بل ضد تدخل الأديان في الحياة العامة. والملحدون الحقيقيون [وليس المزيفين] علمانيون من حيث المبدأ.
2.
فكما هو واضح أنت لا تميز ما بين التصورات الفكرية والإيمان الديني.
فخلافاً للعقيدة الدينية التي يغرق فيها المؤمن إلى أذنيه، وتجعله مستعداً لقتل الآخرين إن اختلفوا معه أو خالفوه، الإلحاد موقف رافض لوجود الطناطل والآلهة والسعالي والأنبياء والملائكة والجن وكل ما يدخل في إطار هذه الخرافات.
وموقف الرفض هذا يستند إلى التفكير النقدي والتصورات العلمية:
منذ أن ظهرت الأديان التي تسمى "إبراهيمية" إلى الآن لم يقدم مسلم أدلة تستحق الاحترام ولا تقبل الشك والجدال حول وجود خرافة "الله".
أما ما يسمى بـ"الأدلة العقلية" فهي في جوهرها "خزعبلات عقلية".
3.
إن تقديم "دليل" على وجود الطناطل والآلهة والسعالي والأنبياء والملائكة والجن قضية تسمى oxymoron - أي تناقض لا يمكن تذليله.
فالدين إيمان ولا علاقة ما بين الإيمان والموقف العقلاني النقدي الذي يستند إليه منطق الدليل.
4.
الإيمان: هو القبول التسليمي والخضوع الساذج للخرافات والأساطير.
أما الإلحاد فهو موقف نقدي عقلاني يستند إلى منطق العلم لرفض الخرافات والأساطير لكي تتحول إلى عقيدة دينية فاشية مضادة للحريات الشخصية.
وهذا هو الدليل:
مهما كذَّب المسلم ودلس وزيف وخلط الأوراق فإنه لا يمكن للملحد أن يعبر بصورة واضحة جلية مكشوفة لا لبس فيها عن مواقفه الرافضة للدين في منتدى إسلامي.
أما المسلم فإنه يستطيع التعبير عن عقيدته الدينية بصورة واضحة جلية مكشوفة لا لبس فيها في منتدى للملحدين ولكن من غير شتائم وسباب وتجريح وتهجم على طريقة الجوامع والقنوات الإسلامية المبتذلة!

الخلاصة البسيطة:
الملحد لا يؤمن بـ"اللاشيء". فهذه أمنية كهنوتية وحلم إسلامي لا مكان لهما على أرض الواقع مطلقاً.
فلتحلمْ كما تشاء. فأحلام النوم واليقظة ليست ممنوعة في منتدى الملحدين - كما يحدث عادة في مملكة الإسلام المظلمة!





عندما يكون طرح الأسئلة بديلاً عن غياب المعرفة

شاب يبحث عن الأسئلة الملائمة - كاريكاتير

[المسكين نفدت أسئلته الرخيصة]

1.

يمتهن مسلمو المنتديات "تجارة" كاسدة [الحق أن التجارة الكاسدة ليست تجارة] وهي طرح الاسئلة على الملحدين.
وليس الهدف من وراء هذه "الاسئلة المسكتة!" هو البحث عن أجوبة - وأقل ما يكون البحث عن الحقيقة بل "افتراض" أجوبة مسبقة فرحين بها أشد الفرح ثم "ينخرطون" في شتم واتهام الملحدين بغياب معرفة "حقائق الإسلام العميقة"!
2.
إنَّ ثقافة "تكرار" و"اجترار" و"انتحال" الأسئلة لهو دليل على غياب الأجوبة المتعلقة بالعقيدة الإسلامية. فالدفاع اللاهوتي الساذج والمبتذل والركيك لغوياً هو نعمة كبرى لنا لكنها نعمة تجلب الوبال على المسلمين أنفسهم.
إن "تسأل" يعني أنك "تريد أن تعرف" لا أن تشتم!
إن "تسأل" يعني أنك تنطلق من "معرفة" واقعية وإلا فإن الأسئلة تتحول إلى نكات وطرائف كما هو الحال مع أسئلة مسلمي المنتديات.
وأن تسأل يعني أيضاً ألا تعيد وتكرر الأسئلة التي سبق وأن تم الإجابة عليها والسخرية منها.
3.
إن العجز والفقر يكمن حتى في صياغة السؤال – بل لا أحد منهم قد صاغ بنفسه السؤال. فهم يعثرون عليه كما يعثرون على أحجار الطريق مرمية على ضفاف مستنقع المنتديات الإسلامية.
4.
إن على المسلم أنْ يطرح معارف حقيقية جديدة وأصيلة (لا علاقة لها بالنجاسة والحيض والوضوء والتكفير وسخافة الله وتهديد الآخرين بالقتل أو بخرافة جهنم والتواتر والإيمان المغلق والإعجاز الذي لا وجود له إلا في رؤوسهم والنبوة التي لا يؤمن بها أحد غيرهم) من غير إغراق الموضوع بـ"قال الله!" و"قال محمد" وقال جعفر الصادق. فهذا ما لا قيمة له عند القارئ الملحد.
عبروا عن آرائكم لا عن آراء الموتى!
فإذا كنتم ذوات (كما يدعي شيخ المنافقين الداعشي) فعبروا عن ذواتكم.
5.
كما أن على المسلم أنْ يمتحن نفسه أولاً وقبل كل شيء ويجيب على الأسئلة الهامة والمصيرية التي تتعلق بوجوده المتخلف والأوهام التي تتحكم بهذا الوجود والتعاسة الثقافية والروحية التي يغرق فيها إلى الأذنين اقبل أنْ يسعى إلى امتحان الآخرين.
عليه أن يجيب على الأسئلة المتعلقة بأسباب شكوكه نفسه وغياب الإيمان الذي يعاني منه ويتغلغل في أعماقه ويسعى إلى تغطيته والهروب منه عن طريق شتم الآخرين وتكفيرهم!
عليه أن يجيب على سبب هذا الزعيق والترديد العصابي وهو يردد من الصباح حتى المساء اسم خرافة "الله" ويجاهد بالكلمة والسلاح إلى فرض هذا الإيمان على الآخرين.
6.
وإنْ أراد أن يسأل فإن عليه طرح الأسئلة التي تستحق التفكير والإجابة من قبله هو نفسه أولاً، ومن ثم من قبل الآخرين، لا أن يسعى إلى التستر على عجزه الثقافي والمعرفي عن طريق طرح أسئلة سخيفة لا هدف من ورائها غير التضليل والظهور بمظهر "المُفَكِّر".
إنَّ الأسئلة هي امتداد للمعرفة. وحين تكون فاقدة لأية قاعدة معرفية أو تفكير نقدي من جهة، ولا تسعى إلى الشك في هذه المعرفة من جهة أخرى، فإنها عملياً محاولة ساذجة للتغطية على الجهل وثقافة الخضوع والعبودية - بل تتحول إلى تقنية هروب من الشك ورفضاً للوقائع.
7.
نحن قد امتحنا أنفسنا. والمحنة كانت هي عقائدكم الدينية الخرافية وقد اجتزنا الامتحان بنجاح.
آن الأوان لكي تمتحنوا أنفسكم بأنفسكم حتى تعبروا إلى الصفوف المتقدمة من الوجود البشري.
التطور قانون الحياة!

للموضوع بقية:
ملحق أسئلة صريحة عن أزمة الوجود الإسلامي المستترة:


من الأسئلة المسكوت عنها حول أزمة الوجود الإسلامي المستترة [3]

مسلم مهوس يصرخ


1. لماذا تقتلون الكلاب وهي من الحيوانات التي بجلها ربكم حيث كانت مع "الفتية الصالحين" في سورة الكهف؟
2. تقول الآية 22 من سورة الكهف:" سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي "أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاء ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا": فهل يعرف الله عددهم أم لا؟
3. وإذا كان يعرف عددهم حقاً فلماذا لا يذكره و"يخلصنا" ويخلص عباده من حيرتهم؟
4.وهل عدد أهل الكهف سر إلهي؟
5. لماذا تكرهون أنفسكم محتقرين نعمة الحرية ومحاربين الحقوق المدنية للناس؟
6. هل يجوز لمسُ وضمُ وتفخيذُ الرضيعة؟
7.لماذا ينبغي قتل من لم يعد يؤمن بخرفاتكم ومحاربته والتضييق عليه؟
8.هل هذا تعبير عن عدم الثقة بربكم أم أن هذه عينة من أحكامه؟
9.لماذا ينبغي رجم المرأة التي تمارس الجنس مع آخر وأنتم تمارسون الجنس مثنى وثلاث ورباع وما ملكت أيمانكم – هل فكرتم في هذا السخف؟
10. هل يجوز أن تحلموا بالإماء والجواري حتى تاريخ اليوم؟
11. هل محاربة المخالفين والمختلفين معكم يمكن اعتبارهاً أخلاقاً حسنة؟
12. هل يجوز قتل المعارضين والملحدين والحلاقين والمثليين؟
13. وهل يجوز أن تفرضوا الدين على الآخرين ولا أحد يفرض عليكم دينه؟
14. وهل يجوز أن تستحوذوا على مقدرات الدولة؟
15. وهل يجوز أن تحرضوا الأجهزة الأمنية على ملاحقة من لا يعترف بكم ولا يؤمن بما تؤمنون؟
16. وهل يجوز لكم نشر الخرافات والترهات والخزعبلات الربانية وتحرمون الناس جنة المعرفة والحقائق والعلم؟
17. لماذا تخلفتم وتقدم الآخرون؟
18. لماذا تنظرون إلى الماضي وتتجاهلون الحاضر وتحتقرون المستقبل ؟
19. لماذا قررتم بأنَّ ربكم أحسن الأرباب وعقيدتكم أكثر العقائد مصداقية وخرافاتكم أكثر "علمية" من جميع خرافات الآخرين؟
20. لماذا تعادي كل طائفة من طوائفكم الطوائف الأخرى ويكره بعضكم البعض الآخر رغم أنكم تقولون بأن "ربكم" واحد و"نبيكم" واحد و"كتابكم" واحد؟!
21. تختلفون فيما بينكم بالطقوس والكثير من العقائد وتختلفون في تفسير كتاب محمد حتى يصل الاختلاف إلى حد التكفير وإخراج بعضكم للبعض الآخر من "حظيرة" الإسلام؟
22. كيف يمكن، بل وكيف تقبلون أن يقول نبيكم بأنكم 73 فرقة ضالة – وما هي الفرق "الناجية" يا ترى؟
23. لماذا لا تعلمون أبناءكم على التسامح والانفتاح إلى الآخرين واحترام عقائدهم وثقافتهم؟
24. لماذا تدعمون وتبجلون وتدافعون عن دولكم المستبدة [من المحيط إلى الجحيم]؟



ملاحظة:
سوف أرحب بأي أسئلة إضافية.


النازيون الصغار وسارقة الكتب

لقطة من فيلم "سارقة الكتب The Book Thief " 2013



1.
يتحدث فيلم "سارقة الكتب The Book Thief " 2013 (إنتاج مشترك أمريكي ألماني من إخراج Brian Percival) عن فتاة صغيرة " Liesel " فقدت أخيها الصغير واعْتُقلت أمُّها من قبل الغستابو لأسباب سياسية خلال الحرب العالمية الثانية في ألمانيا فتبنتها عائلة ألمانية بسيطة.
رغم الخوف والقلق الذي كان يعتمل في أعماق الفتاة الصغيرة فقد استطاعت وبطريقة غير تقليدية أن تتكيف مع أوضاع الحرب وأن تتغلب روحياً على الواقع القاسي عن طريق قراءة الكتب. فرغم المخاطر الهائلة التي يمكن أن تتعرض لها بدأت تسرق الكتب من محارق الكتب التي تقوم بها منظمات الشباب النازية.
في إحدى "المهرجانات" النازية لحرق الكتب وقد كان على تلاميذ المدرسة في المدينة الصغيرة حضور هذه "الطقوس" كانت ليزيل تنظر إلى الكتب وهي تحترق بألم ولوعة. فثمة قوة لا تقاوم كانت تدفعها من الداخل لكي تقوم بإنقاذ الكتب المحروقة. مما أثار هذا السلوك انتباه أحد صبيان منظمة الشباب النازية.
فقام بإصدار الأوامر إلى الفتاة بأن ترمي الكتاب بيدها إلى المحرقة عقاباً على تعاطفها!
كان يلعب دور النازي الحقيقي وكأنه صورة طبق الأصل من النازيين الكبار: وإذا ما طالت الحرب فإن هذا الصبي الصغير (المغيب وممسوخ التفكير) كان من الممكن أن يكون نازياً من الدرجة الأولى.
فكم من القتلى سوف يسقطون صرعى لأنهم لا يخضعون لقائده: هتلر؟
2.
إن هؤلاء النازيون الصغار لهم صور شتى وصيغ مختلفة في جميع الشعوب: وقد صنع المسلمون "نازييهم" الصغار وكأنهم صورة طبق الأصل من أولئك النازيين الصغار!
هذه ليست مبالغة. فهي مقارنة تستجيب لوقائع وأحداث وحقائق يومية كشف عنها تاريخ الدولة الإسلامية الأسْوَد في العراق وسوريا وهم لا يزالون في أماكن مختلفة بالسر أو بالعلن!
وها هم النازيون الصغار الجدد:
الداعشيون الصغار



إنها جريمة في أن تمسخ عقول الأطفال وتحولهم إلى "كيانات" حاقدة على البشر جميعاً وحقنهم بـ"بعقيدة"، فَتُغْسل أدمغتهم وتمسخ طفولتهم وتحويلهم إلى مشروع للقتل.
3.
لا أستطيع نسيان ما عانيناه في اختيار الحصول على الكتب "الصالحة للقراءة" من مكتبة المدرسة والمكتبة المحلية القريبة.
كانت موظفة المكتبة، وعندما لم تكن قادرة على "معرفة" الكتاب من العنوان واسم المؤلف، تسألنا عن مضمون الكتاب وفكرته "ونحن لم نقرأه بعد!" حتى تتأكد من "سلامة" الكتب التي ستقع في أيدينا!
هل كانت تنفذ سياسة ما؟
وهل كان هذا جزء من عملها؟
أشك في ذلك.
إنها الثقافة الدينية المغلقة والمعادية لأي تصورات أخرى لا تنسجم مع تصوراتها التي تربت عليها والمبادئ الأخلاقية التي رافقت دراستها المضادة "للكتب المنحرفة"!
4.
هل توجد في الدول الإسلامية إلى جانب النازيين الصغار محارق للكتب؟
الإجابة القاطعة: نعم.
من له علاقة بالكتب والكُتَّاب ودور النشر لابد وأن تكون في حوزته الكثير من المعلومات عن مصير أطنان "المنشورات الممنوعة" كتباً ومجلات وإصدارات مختلفة تدخل البلدان العربية.
إن اعتبار إصدار ما "ممنوعاً" يعني مصادرته من هيئة الرقابة على المطبوعات. هذا حق منحته الدولة لنفسها وهي التي تدعي بأنها تحترم حقوق الملكية.
5.
محارق الكتب "المعادية!":
إنه المعيار الذي لا يخطأ لقيام الأنظمة الشمولية. وينبغي ألا تُفهم عبارة "محارق كتب" بصورة حرفية دائماً وفي أي مكان. فهناك أشكال أخرى لها وهي إذابة الكتب "المعادية!" بمحاليل كيميائية وتحويلها إلى عجينة تستخدم كمادة خام لصناعة الورق من جديد، وهناك من يرمي هذه الكتب إلى مقبرة النفايات. غير أن الهدف واحد لا غير:
"قتل" الفكر المخالف إذا لم تتوفر الإمكانية لقتل المخالف نفسه!
وقد تسنت لي الفرصة شخصياً لرؤية الكتب والمجلات الدورية في مخازن "هيئة المطبوعات" والمهيئة للتدمير في مراكز تدوير النفايات.
وعندما عبرت عن استغرابي أمام معارفي الذي كان يعمل هناك:
- هذه كميات هائلة من الكتب!
فأجابني مستغرباً من "استغرابي":
- أنت لم تر شيئاً، هذا حصاد الشهر فقط!
6.
إننا أنقذنا ما كان باستطاعتنا من الكتب الممنوعة عندما قرأناها.
وجاء دور تلاميذ المدارس الآن بإنقاذ ما يستطيعون من الكتب الممنوعة والمحرمة وذلك بقراءتها.
ابحثوا عن الكتب الممنوعة حتى لا تُغَيَّب في مملكة الطغيان!


الله: محنة المسلمين . . . [ملاحظات إضافية 3]

مفترق طرق

 1.
لكن هذه "المحنة" قد تحولت عن الكثير من المسلمين [والكثير هنا ملايين] إلى هوس مرضي يُطبق على حياتهم اليومية 24 ساعة.

2.
لقد تحول دينهم إلى "حياة". ولم يعد يجدون الفرق ما بين الطقوس الدينية والحياة نفسها - إنْ كان من الممكن أن نسمي "حياتـ"ـهم حياةً.
3.
فهل يجدون متعة في هذا الهوس؟
لا أعتقد.
إنهم مغلوبون على أمرهم . . وجدوا أنفسهم، رغماً عن أنوفهم، خاضعين لعقيدة لا تكتفي بالإيمان بالخرافات فقط وإنما تحويل الخرافات إلى طقوس يومية أيضاً.
هكذا وجدوا آباءهم وهم على طريقهم سائرون.
- إلى أين؟
- لا أحد يعرف!

الله: محنة المسلمين . . . [ملاحظات إضافية 2]

مفترق طرق:
1.بالإضافة إلى الوجهين السابقين ثمة وجه ثالث لا يقل أهمية:
المسلم عاجز أو "غير مستعد" للتمييز ما بين "إيمانه" بالخرافات والأساطير [من قبيل "الله" والأنبياء و"الوحي" وغيرها الكثير] و"مصداقية" ما يؤمن به.
2.
وكلما تدنت ثقافته وتعليمه كلما تدنت عملية التمييز وانحطت حتى يصل في لحظة ما إلى وضع تحتل فيه الأوهام محل الوقائع ويصبح نقد الآخرين للأوهام التي يؤمن بها وكأنها إهانة له. بل يتحول إيمانه التسليمي بالخرافات إلى كراهية للعلم والحقائق - بل وحتى الوقائع المرئية التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة.
3.
ومن الأمثلة النموذجية التي أصبحت واضحة حتى للأطفال هو أن العمليات العسكرية المغامرة والغبية للمنظمات الإسلامية الإرهابية مثل "حماس" في السابع من أكتوبر الماضي العام الماضي تقدم درساً للجميع كيف قامت بتقديم التبريرات السياسية لإسرائيل لتدمير غزة كاملة مثلما أدت إلى تدمير غزة وسكان غزة بالمعنى الحرفي للكلمة وأدت إلى وقوع آلاف الضحايا والجرحى والمفقودين مثلما أدت إلى خسائر مادية هائلة بالبنية التحتية والمنشآت والممتلكات الشخصية لا يمكن تعويضها إلا بعد جيل من الآن!
وكل هذا من أجل "إنتصار" مزيف تماماً.
4.
إنها ثقافة رواد المقاهي.
إنَّ مشكلة "رواد المقاهي"، وهم عادة ليس لديهم آراء تستند إلى معارف، بغض النظر عن مستواهم التأهيلي والتعليمي المنخفض [لكنهم يستطيعون بصورة ركيكة قراءة الصحف فأغلب "معارفهم" من الجوامع] هي كونهم ينطلقون من خطب إمام الجامع عديم المواهب الذي يشحن سامعيه بنوع من الإيمان المَرَضي السخيف بصحة معارفهم. لكن هذه الصحة لا تستند ولا حتى للحظة واحدة إلى معارف واقعية لا للذات ولا للعالم ولهذا فإنهم يكتفون بجمل مفككة من النادر أن يدركوا عدم صحتها أولاً، وعدم قدرتهم على فهم آراء المقابل - بل هم لا يحتاجون حتى قراءتها ثانياً:
فإذا كان صاحب الرأي ليس منهم فآراءه لابد وأن تكون "سيئة"، أما إذا كانوا يعتقدون بأن صحب الرأي معهم، فلابد أن تكون آراءه صحيحة.
وهذه "صبينة" لا تستحق الرد.
5.
فأغلب أفراد هذه الشرائح الإسلامية ينطبق عليها ما يسمى تأثير Dunning-Kruger:
يشير "تأثير Dunning-Kruger" باختصار إلى "تحيز معرفي" حيث يبالغ الأشخاص ذوو المعرفة أو الكفاءة المحدودة بشكل كبير في تقدير معرفتهم الشخصية أو كفاءتهم الذاتية في المجالات المختلفة بالنسبة للمعايير الموضوعية.
فوفقًا للباحثين وعالِمَي النفس اللذين سميت باسمهم David Dunning و Justin Kruger ، فإن هؤلاء الأشخاص ونظرًا لأنهم لا يدركون أوجه القصور المعرفي لديهم ، فإنهم يفترضون عمومًا بأنهم ليسوا ناقصين ، تمشيا مع ميل معظم الناس إلى "اختيار ما يعتقدون أنه الخيار الأكثر منطقية والأمثل.
وهذا ما دعى تشارلز داروين إلى القول:
"الجهل كثيرًا ما يولد الثقة بالنفس أكثر من المعرفة".
6.
وهذه هي المصيبة [لانها لم تعد مشكلة فقط].


الله: محنة المسلمين . . . [ملاحظات إضافية 1 ]

مفترق طرق

1.

ماذا تعني "المحنة" في حالة المسلم؟
للقضية ثلاثة وجوه:
الوجه الأول يكمن في إيمانه في شيء لم يؤد، ويبدو له جيداً بإنه لن يؤدي إلى شيء ملموس.
وهذه محنة بدلاً من أنْ تدفعه للتخلي، تؤدي به إلى الاستغراق بالإيمان إلى حدود تدفع به إلى اليأس. وهذا ما يسموه "لعب في عبه الشيطان".
والحق أن لا علاقة للشيطان بالموضوع. لا لأنَّ لا وجود له فقط بل ولأن الشكوك والحيرة نابعة من داخل المسلم بالذات.
2.
ولكي "يثبت" المسلم إيمانه فإن شكوكه تتحول إلى رد فعل ضد الآخرين - وسيكون طبيعة رد الفعل حسب طبيعة الشخص: من الكراهية إلى القتل!
3.
الوجه الآخر هو الشعورى بالتعاسة [أنظر: "ثلاثية: عندما يتحول الإيمان الديني إلى تعاسة"].
ويتميز عند المسلم الشاب بأبعاده النفسية المؤلمة.
فهو حائر ما بين شيئين: بين ما يراه ويدركه من عدم جدوى الإيمان من جهة، وتغلغل الشعور الديني المكتسب منذ الطفولة في عقله الذي غالباً ما يكون مشوباً بالخوف من خرافة "الله" من جهة أخرى.
4.
هنا تبدأ مرحلة القلق واليأس والحيرة. وليس ثمة مخرج منها غير مغادرة الإسلام.
لكن مغادرة الإسلام هو قرار واحد فقط من بين القرارات المصيرية ذات الطابع السيكولوجي أكثر مما هو أمر يتعلق بالحياة. فالحياة، كحياة، لا قيمة فيها للدين.
ولكن حالما يقرر المسلم مغادرة الدين فإن الحياة سوف تتغير تماماً.
5.
ليس اللادينية جنة تجري من تحتها الإنهار وإنما هي حياة طبيعية تماماً - ولن أبالغ القول إن قلت بأن المسلم السابق سوف يشعر لأول مرة بالحرية في عالم طبيعي.
فقد ولد مع الدين وفي الدين ومن ثم عاش في الدين. وحتى يعرف حقيقة الحياة الطبيعية كما هي فإن عليه الخروج من هذا الدين - وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بدين شمولي سلطوي مثل الإسلام.
وهذه هديتي للمسلم الذي لم يودع عقله:




أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر