منع

ليس الله شخصية سياسية – بل إيمانية!

امرأة معصوبة العينين
[إيمان]

مقدمة:
"في كل مرة وعندما نرسم فيها رسماً كاريكاتورياً لمحمد؛ وفي كل مرة عندما نرسم فيها رسماً كاريكاتورياً لنبي؛
وفي كل مرة عندما نرسم فيها رسماً كاريكاتورياً للإله، فإننا ندافع عن الحرية الدينية".
فالمبدأ الذي تستند إليه الجريدة هو معارضة أن يكون "الله" شخصية سياسية! وبكلمات أخرى فإن الجريدة تناضل ضد ربط الدين بالسياسة.
ويرى Gerard Biard بأن الدين لا يجب أن يكون حجة سياسية.
ففي اللحظة التي يتحول فيها الإيمان والدين إلى سياسة فإن "لدينا مشكلة". ولهذا "فإننا نشعر بالقلق ونهاجم. ثم نرد لأننا مقتنعون بأن الدين لا مكان له في الساحة السياسية. لأنه بمجرد أن يُدْخِل الدين نفسه في الجدل السياسي، يصبح الجدل السياسي شمولياً".
1.
ليس "الله" شخصية سياسية:
هذه واحدة من الحقائق الكبيرة التي لا يمكن إلا أنْ يقبلها العقل السليم والتي يعجز عن فهمها منتسبو الأحزاب والشلل والطوائف والفرق والملل والتجمعات الإسلامية ومن يتبعهم من السُّذج والمُغَرَّر بهم.
وهذا يعني أنَّ الموقف من "الله" لا يشكل قضية سياسية ولا قانونية، بل هي قضية إيمانية شخصية محض.
فهل الموقف المضاد من الجبن الأصفر الإيطالي Parmesan يجب أن تُحاسب عليه القوانين أو أنه خرق للمبادئ السياسية وحقوق البشر؟!
وهل يجب أن تعاقب الحكومات العربية (على عادتها) المواطنين المعادين للباذنجان المحشي؟!
2.
فبغض النظر فيما إذا آمن المرء بـ"الفيل الطائر" أو بـ"الله!" أو بـ "كرشنا" أو بـ"أهورا مَزدا" أو بـ"نَنَّار " أو "نَمُّو" أو بـ"اللات ووهبل ومنات" أو بـ"الباذنجان" أو بأي كيان آخر أسطوري أو نباتي أو حيواني قررت مجموعة بشرية ما منحه نوعاً من الوجود المقدس [وأنا آمنُ بالفيل الطائر وأخجل حتى من التفكير بأنْ أكون مؤمن بشيء من قبيل "رب محمد"] أو لم يؤمنْ فإنَّ الأمر يتعلق بفكرة عن كيان وهمي لا وجود له – ومن جديد يمكن القول: هي قضية شخصية. ولأنها قضية شخصية فلا ينبغي منعه أو أن يُفرض عليه كيان نباتي أو حيواني آخر.
بكلمات أخرى فإنَّ وجود هذا الإله أو ذاك أو عدم وجوده هو قضية شخصية أولاً، وهي قضية ينبغي إلا تكون لها علاقة بموقف هذا الشخص إزاء الآخرين – أو موقف الآخرين منه ثانياً – ولا علاقة للدولة بالموضوع مطلقاً ثالثاً.
[الإلهان السومريان"نَنَّار " أو "نَمُّو" ]


[الإلهان السومريان"نَنَّار " أو "نَمُّو" ]
3.
إن إضفاء القدسية على فكرة "الله" العقيمة لا تختلف من حيث الجوهر عن محاولتنا إنْ نضفي على كوكب المريخ مثلاً قدسية ما!
ونحن إن حولنا موقفنا من قدسية المريخ إلى "نظام سياسي مِرِّيخِي" فإننا واحدٌ من احتمالين:
إما أنْ نكون قد فقدنا عقولنا إلى الأبد وإما أنْ نكون من سكان المِريخ المتعصبين. ولأننا لسنا من سكان المريخ (وهذا ما أعتقده بعمق روحاني باطني عميق) فإننا ولابدَّ أن نكون قد فقدنا عقولنا.
4.
السياسة قضية لا تتعلق بالمعتقدات والخرافات والأساطير الدينية [حتى لو تم تقديسها أو لم يتم تقديسها!] وإنما تتعلق بإدارة الدولة – الوجود الواقعي للمجتمع وحماية الحقوق الشخصية للمواطنين بغض النظر عن معتقدات الأشخاص الدينية.
وهذا لا يعني إلا شيئاً واحداً:
إن نقد الأديان والآلهة هي قضية ثقافية فكرية وشخصية وهي جزء من حرية الكلام والتفكير والعقيدة – بل وحتى الوجود.
فيلة طائرة - بالاسود والأبيض


[آلهتي الجميلة]
5.
ولهذا وبسبب تعدد الأديان والآلهة فإن "المُقَدَّس" هو مفهوم شخصي نسبي وذاتي ومتعدد المعنى في نفس الوقت.
فما هو عدد الآلهة؟
رغم أنَّ الإجابة الواقعية هي صفر[إذ لا وجود لهم من وجهة النظر الوقائعية]، فإنَّ الناس "تؤمن" بآلاف الآلهة.
وإنَّ لكلَّ من فقد عقله إلهه "المقدس" الخاص به يؤمن بوجوده وفي لحظات الجنون يقرر الموت من أجله.
وهكذا يتحول "التقديس" للآلهة في المجتمع إلى قضية اعتباطية تنفي مشروعية "التقديس" جملة وتفصيلاً. وهذا ما يؤدي بالضرورة إلى خروج "الآلهة" من الاعتبارات المتعلقة بالحصانة ولن يعد الاحترام لهذا الإله أو ذاك أو الموقف المضاد منه قضية واجب أو حق يجب أن يلتزم بها المواطن وإلا فإن على البشرية احترام مشاعر الباذنجان وعدم جرح مشاعر من يعبده!
وليس في الأمر اي نوع من المزاح.
هناك مدن في العالم تبجل "القرع" (ربما لا تقدسه) وتقيم له الاحتفالات والنصب الفنية وتؤلف له الأغاني؛ وهناك مدن في العالم تضع "الثوم" فوق كل شيء حتى في الحلويات وتقيم له المهرجانات والاحتفالات السنوية. لكنني لم أسمع يوماً أن هذه المدن قد عاقبت من لا يحب القرع والثوم - بل حتى لو شتمها على طريقة المسلمون في شتم الآخرين.
ولهذا فإنَّ نقد الآلهة والأنبياء أو تقديسهم هي قضية شخصية ولا علاقة للدولة بها.
أي أنها ليس قضية سياسية - بل إيمانية.
6.
فإذا كان الموقف من "الفيل الطائر" خالياً من المواقف السياسية والقانونية فلماذا يتحول "الله" بالذات إلى قضية من هذا النوع؟!
الجواب واضح:
إنها البربرية المعاصرة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر