1.
وأخيراً أسمع صوتاً فلسطينياً يصرخ
بالحقيقة المُرَّة التي طالما سعيت إلى التعبير عنها ولم تولول بـ "حسبي الله
ونعم الوكيل"!
إنه صوت السيدة الفلسطينية التي تصرخ
وهي تتحدث مع مراسل [BBC] في
البث الحي مشيرة إلى ما تبقى من البناية
التي كانت تسكن فيها بعد إحدى الغارات الإسرائيلية:
- فرجيني ... هذا هو وطن؟ هل هذا هو وطن اللي ندافع عنه؟
بندافع عن الحجار؟ عليش بِنْدافع ؟ عليش؟ فهموني .. عن أيشي؟ وين هُم اللي بيحمونا
.. وين هُم؟ العرب حمونا؟ اللي بدوا الحرب حمونا؟ اليهود مهتمين لْحَد؟ أمريكا
مهتمة لْحَد؟ وين هم اللي بيحكوا عن الإنسانية؟
الحقيقة:
لا أحد!
2.
فمن هو الذي بدأ الحرب؟
ومن هو الذي فتح أبواب الجحيم أمام المواطنيين الفلسطينيين؟
هذه السيدة هي الوحيدة [من بين مئات اللقاءات مع الفلسطينيين الذين لم يقولوا شيئاً غير "حسبي الله ونعم الوكيل" في لقاءات البث المباشر للكثير من القنوات التلفزيونيةٍ ] التي تميز بما يكفي من الوضوح ما بين شرور "حماس" وشرور الاحتلال؛
ما بين أن تكون المدن الفلسطينية تحت الاحتلال من جهة، و"حماس" التي بدأت المغامرة التي جلبت الوبال على المدنيين الآمنين من جهة أخرى.
3.
هذا
هو الصوت الوحيد الذي لخص مأساة الفلسطيني:
في
لحظة تعيسة من الزمن، وكأنه كابوس ثقيل، تجد نفسها في الشارع بين الأنقاض وحيدة –
وحيدة تماماً وقد ضاع عالمها تماماَ. أمَّا المشاركون في مسيرات الاحتجاج العربي وخطابات الرؤساء والملوك الرنانة ومشاعر الاستنكار الفتانة في الإذاعات والتلفزيونات ومنظمو المؤتمرات وبيانات التعاطف والتضامن وحاملو الشعارات والصارخون والصارخات والكذابون والكذابات من أجل "القضية الفلسطينية العزيزة" و"تحرير
فلسطين حتى آخر شبر" والمجاهدون لتحرير فلسطين والكذابون وشيوخ الفتنة وملالي
الأوهام الذين يتباكون على "الشعب العربي الفلسطيني" في الإذاعات ومحطات
التلفزيون وقنوات اليوتيوب والمسلمون العلنيون والمستترون وبعد أنْ تنتهي هتافاتهم يستلقون أما التلفزيون لمشاهدة آخلا مسلسل عربي سخيف ...
4.
أما هي فإنها ستبقى في الشارع حتى آخر حياتها بعد أن ناضلت الجزء الأكبر من وجودها على هذه الأرض لكي
تصنع حياة كريمة مع عائلتها - وفي أحسن الأحوال سوف تحصل على خيمة مجاناَ!
هي الآن
مجرد "مهجرة"، مجرد رقم في سجلات "الأنوروا" و المنظمات العالمية وقد انسدت أمامها
جميع الطرق.
لكنها
الصوت الوحيد الذي قال بأنَّ كوارثنا أرضية الصنع .. ولهذا فقد كفرت بجميع "الوكلاء"
وفي مقدمتهم: " رب العالمين!".
فهي
لم تردد ولا عبارة واحدة من سخافات الإيمان من قبيل "حسبي الله ونعم الوكيل"؛
وهي الصوت الوحيد الذي لم يستعين بخرافة "الله" لأنها تعرف –
وتعرف جيداً ومن التجربة المُرَّة أن لا وجود له وما كان له وجود في يوم ما . . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق