منع

بروتوكول "هانيبال" [12/حول أحداث 10/7]

1.
"برتوكول هانيبال" هو إجراء تم اقتراحه وقبوله من قبل الجيش الإسرائيلي عام 1986.
ويتضمن الإجراء عدم السماح بوقوع جنود أسرى إسرائيليين لدى العدو أو مواطنين إسرائيليين يتعرضون للاختطاف. غير أن هذا التعبير "عدم السماح بوقوع جنود أسرى أو مخطوفين لدى العدو" يثير الجدل الحاد الذي يتراوح ما بين رفضه بصورة قاطعة من جهة، واعتباره إجراء يمنع العدو من المساومة أو استخدام الأسرى من قبل العدو كأوراق ضغط على السياسة الإسرائيلية الرسمية من جهة أخرى.
2.
إن المعنى الصريح لـ"برتوكول هانيبال" هو منع وجود جنود أسرى حتى لو تطلب الأمر بقصف مواقع العدو والجنود الأسرى والرهائن في آن  واحد!
وبالتالي فإن ما يسعى إليه البرتوكول، من وجهة نظر الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، هو إبطال الجدوى أن يقوم العدو باختطاف أو احتجاز الرهائن الإسرائيليين.
3.
والآن يُطرح "برتوكول هانيبال" على ساحة النقاش أكثر من أي وقت مضى لسببين اثنين:
أولاً: عدد المخطوفين الكبير [لحد الآن لا يوجد رقم ثابت. ولكن الرقم المتداول يتراوح حوالي الرقم 220] من قبل "حماس" في أثناء هجوم السابع من أكتوبر الماضي.
ثانياً: إنَّ من بين المخطوفين يوجد عدد كبير من الأجانب الذين ينتمون إلى جنسيات أخرى غير الإسرائيلية [من المعروف حتى الآن مواطنون أمريكان وفرنسيون وألمان].
4.
وقد تصاعد الحديث عن موضوع الرهائن الآن مع خطط الجيش الإسرائيلي المتعلقة بالهجوم البري على غزة – خصوصاً بالتزامن مع "المعلومات" الصادرة من "حماس" بأن ما لا يقل عن 50 شخصاً من الرهائن قد قتلوا بسبب الغارات الإسرائيلية المكثفة على مناطق مختلفة من غزة.
5.
غير أنَّ مشكلة نتنياهو تكمن في كون واحدة من أدواته الإعلامية لتبرير القرارات العسكرية التي اتخذها ومن ضمنها إمكانيات الاجتياح البري ودخول غزة خارج إسرائيل [وحتى داخلها] هو تحرير الرهائن. ألا أن القصف المكثف منذ اليوم الثامن من أكتوبر على مناطق واسعة من مدن وضواحي غزة وإمكانية الشروع بالحرب البرية قبل نجاح أية عمليات إطلاق سراح الرهائن تعرض حياة الرهائن عملياً إلى مخاطر جسيمة – إذا ما لم تكن هذه المخاطر قد حدثت فعلاً حسب ادعاءات "حماس" المشار إليها أعلاه؟
6.
إن توسيع العمليات الحربية [القصف الجوي المستمر ومشاريع الاجتياح البري] تثير قلق الكثير من عوائل الرهائن التي لا ترى أمل في إطلاق سراح اقاربهم إذا ما تواصلت العمليات الحربية وتصاعدت حدتها. ولهذا فإن موقف عوائل الرهائن تحولت إلى وسائل الضغط على نتنياهو إلى تأجيل أو إعادة النظر في طبيعة ومكونات ما يسمى بـ"الاجتياح البري" داخل قطاع غزو.
وقد استندت عوائل الرهائن في مطالبها التي وجهتها إلى نتنياهو إلى مطلبين:
- التفكير بالرهائن في أي مسعى عسكري يقوم به الجيش؛
- وعبر عوائل الرهائن عن قبولها لأي مقترح يتعلق بأطلاق سراح جميع الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية مقابل تحرير الرهائن والأجانب الموجودين لدى "حماس".
وقد حملت عوائل المختطفين والرهائن نتنياهو مسؤولية أي خطر يتعرض له المخطوفين بسبب توسع العمليات الحربية وتصاعد وتيرة الغارات الجوية وقطع الاتصالات اللاسلكية وخدمات الإنترنت في غزة التي جعلت من الصعب معرفة ما يحدث هناك.
7.
فهل سيقوم الجيش الإسرائيلي حقاً بتنفيذ قرار تدمير "حماس" بأي ثمن كان حتى لو كان بتطبيق "برتوكول هانيبال" مُطْلقاً العنان لعمليات القصف المدمرة وإعطاء الضوء الأخطر لاجتياح بري داخل حدود غزة معرضاً حياة الرهائن للموت – فيكون قد عرض نفسه هو أيضاً للموت السياسي النهائي؟
وهل سوف يرضخ لمطالب عوائل المخطوفين والرهائن ويفشل في تنفيذ هدف تدمير "حماس" نهائياً، تعويضاً عما حدث في السابع من أكتوبر، فيكتب بنفسه أيضاً حكم نهايته السياسية؟
لا أعتقد أن الأيديولوجيا اليمينية تعرف الحيرة والتردد أمام تنفيذ مشاريعها السياسية حتى ولو كان الثمن باهظ وعلى حساب ضحاياها أو الضحايا الفلسطينيين مادام الذي سيدفع الثمن هم الآخرون!
لكنَّ عدد الرهائن الكبير وانتمائهم إلى دول مختلفة لها تأثير على إسرائيل من جهة، ويتطلب من هذه الدول إنقاذ مواطنيها من جهة ثانية، تجعل نتنياهو  وعن طريق عمليات عسكرية من نوع مختلف تضمن له نوعاُ من النصر على "حماس" الابتعاد بقدر الإمكان عن مخاطر "برتوكول هانيبال".



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر