منع

الإسلام الشيعي هو الوجه الآخر للإسلام السني [3]: الأساطير الشيعية والإمامة

[علي بن أبي طالب في غزوة خيبر والملائكة تسانده. فأية ملائكة هذه؟!]
تلخيص لما مضى ولما هو قادم:
في هذه الموضوعات القصيرة والسريعة أردت أن أقول باختصار شديد بأن الطوائف الشيعية لا تختلف قيد شعرة عن الطوائف السنية في ثلاث مقومات أساسية (ثمة عشرات التشابهات الأخرى لكنها ليست موضوع اهتمامي الآن):
-المصدر الأسطوري للعقيدة.
-السلطة: هي الهدف المركزي والمميت لكل عقائدهم.
-الخضوع الساذج لمن سموهم" أئمة".
1.
يقول الدكتور جواد علي:
"انقسم الإسلام كما انقسمت المسيحية إلى ديانات، وتمثلت أسباب انقسام الكنيسة المسيحية في اختلاف الآراء حول طبيعة المسيح وإرادة الإنسان الحرة، أما في الإسلام فقد لعبت السمات السياسية والعائلية الدور الأول"[المهدي عند الشيعة، الدكتور جواد علي]
وهذه هي الخلاصة التي وصلنا إليها في الحلقة القادمة، وهي القاعدة التي تفسر لنا الأساس الذي تستند إليه عقيدة "الإمامة".
2.
في البدء كانت الأسطورة!
تمتلك الأسطورة، والقول لمارسيل ديتيان، سلطة حدث طبيعي [اختلاق الميثولوجيا 2008].
ويمكننا أن نرى أنصع مثالاً على سلطة الحدث الطبيعي للأساطير في نشوء العقائد الشيعية الاثني عشرية والإسماعيلية:
الأئمة المعصومون (الاثنا عشر أو السبعة)، الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى، المهدي المنتظر، التفسير الباطني للنصوص "المقدسة"، "الإمامة" و"الولاية"، معركة كربلاء وغير ها الكثير.
إن الشيعي العادي (ولا يتعلق الأمر هنا لا بالمستوى الثقافي ولا التعليمي!) لم يعد وما في مقدوره أن يرى التاريخ الحقيقي "للتاريخ" الذي بين يديه. فقد ضاعت الحدود ما بين الوقائع الحقيقية (وهي حفنة من الوقائع) التي صاحبت ظهور العقائد الشيعية، من جهة وبين الخرافات والأكاذيب والأوهام والافتراضات والنصوص الدفاعية والفولكلور الشعبي التي شكلته فيما بعد وأعطته الصورة المعاصرة من جهة ثانية، والإيمان - وينبغي أن تقرأ الكلمة بتشديد كبير، من جهة ثالثة.
3.
إنَّ عقيدة الأئمة الاثنا عشر (أو السبعة الإسماعيلية) منظومة من التصورات التعويضية عن مطالب وأحلام لم تتحقق.
فالجذر الواقعي في هذه العقيدة هي مطالبة أنصار علي بالسلطة. غير أن استحالة تحقق هذه المطالب وخصوصاً بعدما تمكنت العائلة العباسية من إزاحة آخر خلفاء بني أمية من الخلافة رافضةً الادعاءات والمطالب العلوية "الشيعية" فقد تم التوجه إلى تحويل هذه المطالب إلى تصورات تسورها خصائص دينية/أسطورية.
فإذا ما قرر أنصار علي بأحقيته في الخلافة فإن عليهم العثور على مسوغات لاهوتية.
وعندما يتعلق الأمر بالمسوغات اللاهوتية فإن الصعوبات يمكن تذليلها عن طريق التأويل.
وهذا ما حدث فعلاً عندما تم جمع (وصناعة) كل الحكايات المرتبطة بقرابة علي بمحمد وتمجيد الأخير له وعندما تتحول الرغائب إلى حقائق فإنه ليس من الصعب العثور على ما يبرهن على أحقية علي في الخلافة في آية الولاية. وهي الآية 55 من سورة المائدة:
[إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ].
وكالعادة يقوم اللاهوت هذه المرة لا بلوي عنق اللغة بل الإطاحة باللغة جملة وتفصيلا!
فأين البرهان على ولاية علي؟
ألا يحق لي أن أقول بأن في الآية "برهان" على ولاية عليٍّ بقدر البرهان هعلى ولايتي شخصياً أو ولاية أي شخص على الأرض؟!
4.
وعندما تشكلت صورة "الإمام الولي" والمستحق للخلافة الذي يمتلك المشروعية "المنصوص" عليها في كتاب محمد فإن وراثة هذه الخلافة من قبل أبناءه وأحفاده فيما بعد وإنْ صورياً أصبحت أمراً طبيعياً.
وهكذا تمت صناعة عقيدة "الأئمة" الذين يتوارثون بعضهم البعض.
لا شك أن تشكل العقيدة الشيعية كطائفة دينية منافسة لم تكن من الممكن بدون تنظيرات جعفر الصادق اللاهوتية. ولهذا وليس من الصدفة أن يطلق على الطائفة الشيعية حتى العصر الحالي "الجعفرية" نسبة إلى جعفر الصادق.
عايش الصادق أواخر الحكم الأموي (ولد 702) ومن ثم تولي أبي جعفر المنصور الخلافة.
مرت علاقة الشيعة بالعباسيين بمراحل مختلفة من الجذب والنفور، من الرفض والقبول، ومن التسامح والعداء. ولكن كان من الواضح أن العباسيين لن يفرطوا بالخلافة لأي كان. ولهذا فقد أدرك جعفر صادق هذه الحقيقة وقرر الصمت و"التقية" والتفرغ للشؤون اللاهوتية. وهذا أمر كان يرضي العباسيين.
إن الشيعة في جوهر عقيدتهم لا يختلفون قيد شعرة عن عقيدة السنة في الاستناد إلى مقومات الإسلام الأساسية: القرآن والحديث (بعد الكثير من النقد والتخطيء والمراجعة ورفضهم لأحاديث أبي هريرة زائداً الاستناد إلى الأحاديث التي تعتمد على المصادر الشيعية وخصوصاً جعفر الصادق).
غير أن ثمة خلاف لا يمكن تذليله بأي شكل كان: وهو مبدأ الإمامة!
5.
يدعي الشيعة الاثنا عشرية بأن "الإمامة" قضية أصولية فهي "رئاسة في الدين والدنيا ومنصب إلهي يختاره الله بسابق علمه ويأمر النبي ص بأن يدل الأمة عليه ويأمرهم باتباعه والإمام حافظ للدين [...] وحيث أن الإسلام دين عام خالد كلف به جميع عناصر البشر [...] فلابد أن ينصب الله إماماً لحفظه في كل عصر وزمان [...] ولأجله أمر الله نبيه بأن ينص على علي ع بقوله "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت" [...]
ثم أحد عشر إماماً من ولد علي ظاهر مشهوراً أو غائباً مستوراً، وهذه سنة الله في جميع الأزمان في جميع الأنبياء من لدن آدم إلى الخاتم صلى الله عليهم أجمعين" [عقائد الإمامية الأثني عشرية - السيد إبراهيم موسوي الزنجاني، ص 72]
ثم يضيف "بأن الإمامة منصب يعهد به النبي إلى من يخلفه ليكون مرجعاً من بعده يرجع إليه الناس [...] ولكل إمام أن يعهد بالإمامة إلى من يليه، وهي وظائف دينية لا تتم بالانتخاب والاختيار من قبل الناس وإجماعهم وإنما هي تعاليم مقدسة يتلقاها إمام عن إمام عن النبي [...]
وإن البحث في الإمامة كالبحث في النبوة عند الشيعة لا يجوز فيه تقليد الأجداد والآباء والزعماء [المصدر السابق: 73].
وباختصار شديد فإن مرتبة الإمامة، بالنسبة للشيعة، كالنبوة كما عرفت، فكما لا يجوز للخلق تعيين نبي فكذا لا يجوز لهم تعيين إمام. [المصدر السابق].
وهذا ما يؤكده الشيخ المظفر :" نعتقد: أنّ الامامة أصل من اُصول الدين لا يتم الاِيمان إلاّ بالاعتقاد بها، ولا يجوز فيها تقليد الآباء والاَهل والمربّين مهما عظموا وكبروا، بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوّة." [عقائد الإماميّة، محمد رضا المظفر، ص54]
"نعتقد: أنّ الاِمامة كالنبوّة؛ لا تكون إلاّ بالنص من الله تعالى على لسان رسوله، أو لسان الامام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الامام من بعده.
وحكمها في ذلك حكم النبوّة بلا فرق، فليس للناس أن يتحكَّموا فيمن يعيّنه الله هادياً ومرشداً لعامّة البشر، كما ليس لهم حق تعيينه، أو ترشيحه، أو انتخابه؛ لاَنّ الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمّل أعباء الامامة العامّة وهداية البشر قاطبة يجب ألا يُعرف إلاّ بتعريف الله ولا يُعيَّن إلاّ بتعيينه. [المصدر السابق: ص 63]
6.
إن صياغة هذه التصورات اللاهوتية (وكما هو واضح تطابق الأسلوب والمفردات عند كلا المؤَلَّفَين والمؤَلِّفِين الآخَرِين) لا تشكل أسلوباً شخصياً أو رأياً عابراً بل هي عقيدة قارة يمكن قراءتها في جميع كتب الشيعية التي تتحدث عن الإمامة (الكثير من كتب الشيعة عبارة عن تكرار ممل لما قاله الأقدمون. ولكن إصرار كل "فقيه" أو "أية الله" أن يدلو بدلوه في القضايا "المصيرية" فإن الالتزام بقاعدة "النقل" لا تؤدي إلا إلى هذا التكرار).
لم تظهر هذه التصورات إلا في فترة متأخرة جداً من تاريخ الخلافات ما بين علي والخلفاء الآخرين.
ويمكن القول إن جعفر الصادق (الأمام السادس) هو الذي أرسى البدايات الأولى لهذه التصورات.
لا يحتاج الأمر إلى الكثير من البحث والتقصي لكي يرى القارئ المعاصر بـأن هذه العقائد تعكس صورة واضحة عن الأساطير الشيعية عن الإمامة وكأنها استمرار لأساطير "النبوة" التي عالجناها في مواضيع مختلفة سابقة.

اقرأ أيضاً:

الإسلام الشيعي هو الوجه الآخر للإسلام السني [2]: الشيعة والسلطة: ملاحظات أولية


[أساطير كربلاء تحولت إلى حقيقة بفضل الخيال الديني الشعبي]

تلخيص لما مضى ولما هو قادم:
في هذه الموضوعات القصيرة والسريعة أردت أن أقول باختصار شديد بأن الطوائف الشيعية لا تختلف قيد شعرة عن الطوائف السنية في ثلاث مقومات أساسية (ثمة عشرات التشابهات الأخرى لكنها ليست موضوع اهتمامي الآن):
-المصدر الأسطوري للعقيدة.
-السلطة: هي الهدف المركزي والمميت لكل عقائدهم.
-الخضوع الساذج لمن سموهم" أئمة".
1.
شكلت فكرة "السلطة" و"الخلافة" حجر أساس ظهور جميع الطوائف الإسلامية من غير استثناء وبغض النظر عن حجمها في إطار طوائف الإسلام وفرقها. وقد اكتسبت فكرة السطلة أهمية استثنائية وحاسمة في كل مرحلة من مراحل تاريخ الإسلام الذي تعدى 14 قرناً. بل أن "هدف السلطة" هو المحرك الأساسي لظهورها وتطورها كـ"عقائد دينية".
ومثلما كان هذا واضحاً في تعاليم السنة عن مشروعية الحكم والحاكم الإسلامي السني وخرافة "الأئمة من قريش"، فإن هذا أيضاً ما يكشف عنه التاريخ الحقيقي بالعلاقة مع ظهور وتطور الطوائف الشيعية (الاثنا عشرية والإسماعيلية وغيرها) الذي يمكن أن يراه المتابع الذي لا تكتنفه الخرافات لذات السيرة الإسلامية الرسمية.
فقد ظهرت مباشرة بعد موت محمد مجموعة صغيرة من الموالين لعلي في المدينة معلنة اعتقادها بأن علياً كان مؤهلاً أكثر من أي مسلم، بمن في ذلك أبو بكر، لخلافة النبي. وقد راحت هذه الأقلية الصغيرة، المكونة أصلاً من بعض أصحاب علي ومؤيديه تتوسع بمرور الوقت، وصارت تسمى خلال خلافة علي الوجيزة بشيعة علي عموماً، ثم بسِّطت إلى شيعة فقط" [تاريخ الإسلام الشيعي، فرهاد دفتري، ص 51]
2.
وليس ثمة أي عقيدة دينية متميزة في تصورات هذه المجموعة، بل ولم تختلف على أية فكرة دينية مع القوة السائدة آنذاك وإن المنطلق الوحيد هو أحقية علي بالخلافة ولا شيء آخر.
لقد كانت ولا تزال قضية "الخلافة" هو المحرك سواء بالمطالبة بها أو التخلي عنها فيما بعد بحجة لا خلافة خارج خلافة المهدي المنتظر والانتظار طويلاً لظهوره!
وأفضل ما يعبر عن هذه الحقيقة هو التصور القار والمتغلغل في فكر الشيعة الاثنا عشرية، والذي لم يتغير حتى اللحظة الراهنة، وهو أن التاريخ الإسلامي السني لا يعني بالنسبة لهم غير: "الخلافة المغتصبة"!
في كتاب "الخلافة المغتصبة: أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخ" ومنذ "الباب الأول" الذي يحمل عنواناً معبراً: "الخلفاء الراشدون .. حبكة مفتعلة!" يقول الكاتب:
"في الاصطلاح الذي تواضع عليه العامة فيما بعد، أصبحت كلمة " الخلفاء الراشدون " تطلق على أشخاص معينين. هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. وقد طال الأمد على العامة إلى أن قسى قلبها وتحجر على هذا الاصطلاح، رغم ما يعتريه من تعسف على الواقع التاريخي، ومفاد النص، اللذين تتأكد من خلالهما الخلفية السياسية لهذا الاصطلاح.
فتاريخيا لم يكن اسم خليفة متداولا في عصر الرسول (ص) بمعناه الاصطلاحي إلا في شخص علي (ع) وذلك للأدلة التي ذكرناها آنفا، كحديث يوم الدار".[الخلافة المغتصبة، إدريس الحسيني، ص 65]
3.
إن فكرة "الخلافة المغتصبة" تضغط بكامل قوتها على المواقف العقائدية الشيعية التي أنتجت أيديولوجيا "ولاية الفقيه" والتي حلت بدورها محل عقيدة “انتظار ظهور المهدي الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً". فقد ملَّت الشيعة الانتظار وفقدوا أنصاره الأمل في تحقق خرافتهم. إذ رغم الدعاء المتواصل الذي دام قروناً من أجل ظهوره و "تعجيل الله فرجه" حيث كانوا يعتقدون (وربما لا يزالون) بأن ظهوره بات وشيكاً: فإن المهدي لم يظهر (ولن يظهر وقوانين الحياة هي المسؤولة عن ذلك)!
وبسبب كل هذا وحتى لا ينفرط عقد أنصار الشيعة فقد قرر الأذكياء من اللاهوت الشيعي وأصحاب العقل العملي (الذين ملوا الانتظار هُمْ أيضاً) أن يأخذوا قدرهم بأيديهم ويصنعوا بديلاً واقعياً لسلطة المهدي المنتظر: إنها ولاية الفقيه. التي ظهرت على يد الشيخ المفيد (948 – 1022م) وتبلورت على يد الكركي (علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي العاملي – توفي 940 ه).
ولن أناقش هنا مفاهيم "الولاية الخاصة" و"الولاية العامة" ولا "الولاية التكوينية" و"الولاية التشريعية" فهي مجرد تخريجات لاهوتية وأعذار عن التخلي عن الانتظار وإن قضية السلطة هي قضية راهنية (وقد كانت راهنية دائماً) تتطلب القرار من الأرض وليس من السماء.
[من كتاب الخلافة المغتصبة]
4.
ولكن مع ذلك:
في البدء كانت الخرافة!
إذ أن المطالبة المباشرة والعلنية بالسلطة من قبل الجماعات السياسية المعارضة للسلطة القائمة وفي إطار القرون الإسلامية الأولى، حيث كانت التصورات الدينية والعقائد الغيبية تشغل عقول الناس وتحتل مكاناً مركزياً في تبرير "الحق"، لا يعني إلا فشل هذه الطموحات وإمكانية تصفيتها بسهولة.
وعلى هذه الأرض ولدت الخرافات والأساطير الشيعية التي سعت، ولا تزال، إلى تبرير "الحق" في السلطة. وقد لبت عقيدة الحق الإلهي لعلي بن أبي طالب بالخلافة المنطلق الذي بني على أساسه فيما بعد "عقيدة الأئمة المعصومين الاثنا عشر".
كانت حركة الحسين (وهي الحركة الوحيدة للمطالبة بالسلطة لأبناء وأحفاد علي من فاطمة فقد سبقتها أكثر من حركة من خط الحسن وحركة محمد النفس الزكية من أبناء علي من أم غير فاطمة) حركة سياسية محض لا تقبل الشك والتأويل من أجل المطالبة "بحق أبيه في الخلافة!". ورغم أنها كانت حركة ساذجة للغاية ولم يكن يدرك الحسين فيها بأنه كان يحارب ضد جيش منظم ولا يمكنه أن يستند إلى وعود الآخرين في محاربة الأمويين، رغم ذلك فإنها صنعت وغذت العقيدة الشيعية بفكرة "الشهادة" و"الآلام" التي لا تزال تفعل فعلها في عقول الشيعة.
إنها: “عقيدة المظلومية" التي تستجيب لمظلومية الناس في ظل الخلافة الإسلامية ومن ثم الدول الإسلامية جمهورياتٍ كانت أم ممالك.
5.
بعد أن أدت حروب علي الثلاث من أجل الخلافة إلى قتل علي فإنه قد تم توجيه ضربه قاصمة إلى طموح أنصاره إلى السلطة بتخلي ابنه الحسن عن أي مطالبة بالسلطة واستئثاره بالأمن والطمأنينة حتى تاريخ موته بالسم من قبل زوجته بتحريض من الأمويين كما تدعي السيرة الشيعية.
لقد كانت مطالب السلطة من قبل أفراد عائلة العباس بن عبد المطلب أكثر حسماً وفعالية حتى استطاعوا إزاحة الأمويين نهائياً من السلطة.
لكن إزاحة الأمويين من قبل السلالة العباسية أدت إلى "إزاحة" أحلام أنصار علي في السلطة. إذ أن خطوط السلطة العباسية الحمراء التي لا يمكن تجاوزها من قبل الآخرين كانت واضحة وضح الشمس بالنسبة لأحفاد علي فقرروا الصمت والحذر و"التأجيل" في ظل عقيدة "التقية"!
6.
في ظل هذه الظروف الصعبة التي لم تخلو من فترات الانفراج تمت بلورة العقيدة الشيعية على يد المنظر الحقيقي وهو جعفر الصادق. وليس من الصدفة أن يحمل اسمه المرادف الآخر للشيعة وهو: الجعفرية.
وفي فترة جعفر الصادق تم ظهور عقيدة "التقية". فبعد أن تبخرت كل آمال عائلة ومناصري علي بن أبي طالب في أي دعم للعباسيين لمطالبهم بالخلافة وإن طموح العباسيين يتحرك بعيداً عنها ويشكل خطراً على وجودهم فقد قرروا الخضوع والاستسلام.
وهكذا ظهرت عقيدة جديدة مدهشة من الناحية التقنية: "الغيبة"!
فـ"الغيبة الصغرى" تقية من أجل الاختفاء و"والغيبة الكبرى" عقيدة لإيهام المؤمنين بخلود الأئمة!
هنا لابد أن يشغل ذهن القارئ سؤالاً طالما تم طرحه: إذا كانت الخلافة هي بالفعل من حق علي وقد تم اغتصابها من قبل الأمويين فلماذا لم يعترف أبناء عمومتهم الأقربين الذين تربطهم بهم رابطة الدم بهذا الحق؟
سوف يجيب أحدهم منفعلاً ومأزوماً قائلاً: العباسيون يبحثون عن السلطة!
والحق أنني أتفق معه في ذلك: أنها السلطة وهي الهدف الذي يسعى الجميع وراءه. وإن هذا السعي المحموم وراء السلطة لا يغيب في ادعاءات الشيعة في حق علي وأبناءه في الخلافة. بل أن هذا "الحق الإلهي" الذي يدعيه الشيعة لعلي لم يكن مقبولاً حتى من أحفاد ذات العائلة: سلالة العباس بن عبد المطلب.
6.
لماذا هم الوحيدون من يرى في الآية 55 من سورة المائدة " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" دليلاً على "الحق الإلهي" بولاية علي بعد موت محمد بين سطور "كتاب محمد" وقد سموها: آية الولاية؟
الحق أن الإجابة الوحيدة والمنطقية لا يمكن العثور عليها خارج أساطير الشيعة من جهة، وإن الطموح نحو السلطة هو الذي بنى أسس هذه الأسطورة.
إن البحث عن دليل يثبت ادعاء الشيعة في أحقيتهم بالسلطة هو معادل للبحث عن دليل يثبت مصداقية العقيدة الإسلامية بكونها عقيدة سماوية!
فهل ثمة خلاف ما بين الإسلام السني والإسلام الشيعي؟


اقرأ أيضاً:


متلازمة الضفدع المسلوق ببطء . . . [1]

متلازمة الضفدع المسلوق ببطء

 [هل ثمة أمل أن يُكتب لهذا الطفل الخلاص من السلق البطيء . . . . . . . . . ]

متلازمة "الضفدع المسلوق ببطء" تشير إلى سلوك الضفدع المختلف إزاء حالتين مختلفتين لدرجة الحرارة المرتفعة:
فعند وضع ضفدع في قِدْر من الماء المغلي مقدماً فإن درجة الحرارة العالية ستدفعه إلى القفز ومغادرة القدر.
أما إذا وضعته في قِدْر من الماء البارد الذي تتم رفع درجة حرارته تدريجياً فإن الضفدع سوف يتكيف مع درجة الحرارة المرتفعة تدريجياً.
إن سلوك الضفدع هذا ينسجم مع قانون فيزيائي مفاده: إذا كانت سرعة غليان الماء أبطأ من درجتين مئويتين في الدقيقة فإن الضفدع سيواصل الحياة حتى تصل الحرارة إلى درجة عالية جداً بحيث يفقد قدرته على القرار ويبقى في القدر حتى يُسلق تماماً!
[شاهد التجربة "المختبرية"حول سلوك "الضفدع المسلوق" في نهاية المقال]
للمزيد من التأملات أنظر موضوع:
1.
لطالما تساءلت في مرحلة ما من تطور الفكري والثقافي عن السبب الذي يجعل هذه الملايين تقبع خانعة في ملكوت الخرافات والوهم: الإسلام!
إنهم يخالفون حتى تجربتهم الحياتية:
فقد اكتشفوا بالتجربة والاستقراء الفرق ما بين الفطر السام والفطر الصالح للأكل؛ واستطاعوا أن يميزوا الأفعى السامة من بعيد؛ ويعرفون جيداً الأسماك السامة؛ وهم يعرفون وعن طريق التجربة متى يسقط المطر ومتى تهب العواصف؛ هم يعرفون قياس الوقت التقريبي من خلال امتداد ظل الجدار.
فكيف فشلوا في اكتشاف وَهْمِ الله؟!
كيف صدَّقوا ويصدَّقون حتى مماتهم بأن الدعاء مستجاب وتقبيل شبابيك قبور "الأئمة المعصومين" سوف ينجيهم من مصائب الله (الآن عليه الانتباه من كوفيد -19)؟!
كيف صدَّقوا كل هذه الخرافات ولم يروا ولا مرة واحدة بأن لا تأثير للأدعية على حياتهم وقد عاش الملايين منهم وماتوا منسيين مهانين مذلين؟!
2.
بل وما عَقَّد اللغز أمام تأملاتي هو أنني كنت أرى حاصلين على شهادات جامعية يتسابقون مع عجائز القرى على زيارة "أضرحة" الأئمة من أجل الدعاء والابتهال!
هل جُنَّ القومُ أم هذه هلوسة شاملة كبرى بتأثير رياح محملة بحشيش مقدس رُشَّ من قبل الملائكة الطائرة بأجنحة من نور (الحق أنني غير متأكد فيما إذا كان للملائكة أجنحة أم إنها كديفيد كوبرفيلد تتقن تقنيات الطيران!)؟
3.
وقد نزل عليَّ الجواب من غير جبريل:
إنه تأثير الضفدع المسلوق ببطء.
هذا هو المفتاح إذن!




لِمَ اختار الوحشُ الوجهَ الإسلاميَّ بالذّات لا وجهاً آخر ؟ ملاحظات إضافية

علم داعش والمسلمين




1.
من "كلاسيكيات" الدفاع اللاهوتي لأنصاف المتعلمين في المنتديات الإسلامية واللاإسلامية على حد سواء هو الادعاء بأن كل طائفة أو حركة أو فئة إسلامية تجلب الفضائح عليهم ليس إسلامية.
ولأن الطوائف والحركات والفئات والأحزاب التي تجلب الفضائح هي ذاتها القائمة في حياة الناس اليومية والإعلام الرسمي العلني والمستتر، فإي إسلام هذا الذي بقي؟
2.
فحركات الإرهاب إسلامية؛
وتصريحات العداء للآخر المختلف إسلامية؛
ووساءل الاعلام الإسلامية الرسمية والمستترة إسلامية؛
وثقافة التوحش التي تفوح من كامل الثقافة الإسلامية إسلامية؛
ومجاهدوا الانترنت الذين يطبلون للإسلام الإرهابي أسلاميون؛
وثقافة الإرهاب تعبير عن أحكام كتب محمد الذي يقدسه جميع المسلمون هي إسلامية؛
والدولة العربية الإسلامية إسلامية!
فمتى سنلتقي بهذا "الإسلام" "النادر!" و"المدهش!" و"الطيب"؟!
3.
ألم يقل عبد النور بيدار [وهو مفكر مسلم] بأنّ الحرمان من الحقّ في الحرّية في مواجهة الدين هو أحد جذور الشرّ التي يعاني منها "العالم الإسلامي". إنها:
"واحدة من تلك الأرحام المظلمة التي تنمو فيها الوحوش التي تقذف بها منذ بضع سنوات في وجه العالم المرتعب. ذلك أنّ هذا الدين الحديدي يفرض على مجتمعاتك بأكملها عنفاً لا يطاق. إنّه ما يزال يحبس كثيراً من بناتك وجميع أبناءك في سجن الخير والشرّ، الحلال والحرام، وهو سجن لا أحد يختاره، ولكن الجميع يخضع له. إنّه يسجن الإرادات، ويكيّف العقول، ويمنع أو يعيق كلّ اختيار لحياة شخصيّة. وفي كثير من أصقاعك، ما زلت تقرن بين الدين والعنف – ضدّ النساء، وضدّ “قليلي الإيمان”، وضدّ المسيحيّين وغيرهم من الأقلّيات، وضدّ المفكّرين والعقول الحرّة، وضدّ المتمرّدين – بحيث يمتزج الدين والعنف في نهاية المطاف عند أكثر أبنائك لا توازناً وأكثرهم هشاشة في الجهاد المسخ!"
4.
فأين هذا الإسلام المختلف الذي يتحدث عنه أنصاف المتعلمين؟


كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر