1.
هذا ما جناه عليَّ أبي وما جنيت على أحد!
هكذا عبر أبو العلاء المعري عن لوعته من الواقع اللامعقول للدولة الإسلامية وهو في نفس الوقت رفضٌ لهذا الواقع. فهو مسلمٌ لا لسبب إلا لأنَّ أباهُ مسلمٌ!
ولكي نلتزم بقول الصدق والحق فإننا ينبغي أن نقول:
ــ "هذا ما جناهُ عليَّ أبي وما جناهُ أبوه عليه"!
ويمكن العودة إلى الوراء في "سلسلة الجنايات" حتى بدايات تاريخ سيرة محمد وفرض الإسلام بإنصال السيوف!
لم يكن أمام الناس أي مخرج آخر غير "الدخول" في الإسلام "أفواجاً"! فعساكر مرتزقة المسلمين هي الأخرى "أفواجاَ" وكانت تدمر أمامها كل شيء:
اغتصاب النساء والأموال والأرض وقتل الرجال وحرق الأشجار. فأي بديل تبقَّى أمام الناس؟
2.
ولكن، ولتكن "لكن" كبيرة:
أليس هذا مناقضاً لفكر ومعتقدات الإسلام؟
استناداً إلى العقيدة الإسلامية فإن المسلم من قَبِلَ "أركان" الإسلام التالية:
الإيمان بالله وبالأنبياء والرسل وبالملائكة وبالكتب السماوية وباليوم الآخر وبالقضاء والقدر (ومن له رغبة في الإضافة فليضف!).
3.
إذن "اللامسلم" [كائناً من كان ــ آمن بإله آخر أو لم يؤمن] هو من لا يؤمن بهذه "الأركان".
هذا أمر معقول ومقبول. ولأنني لا أؤمن بهذه "الأركان" ولا بأي أركان دينية أخرى، فأنا لست مسلماً. ولأنني لست مسلماً من حيث المبدأ واستناداً إلى عقيدة المسلمين ذاتها فإنه ليس من الممكن أن أكون مرتداً عندما أرفض الإسلام! لأن "حكم المرتد" يتعلق بــ "المرتد" عن الإسلام[**]. و"المرتد" هو من أنكر إيمانه بعد أن آمن.
4.
وبالتالي فإن:
"حكم الردة" لا يمكن تطبيقه على المسيحي واليهودي والبوذي والبهائي أو “أي شخص آخر" لأنهم لا يؤمنون إمَّا بجميع الأركان الستة أو ببعضها أو بواحد منها.
فلماذا، إذن، تسعى حكومات دول القمع إلى تطبيق هذا الحكم على الأشخاص الذين يرفضون الإسلام، علماً بأنهم لم يقدموا يوماً إقراراً خطياً أو شفهياً على إيمانهم؟!
ما الفرق في هذه الحالة، مثلاً، ما بين المسيحي واللامسيحي (؟). أو لنقل بكلمات أكثر وضوحاً، ما بين المسيحي الذي لا يؤمن بأركان الإسلام والشخص الذي من أب مسلم ولا يؤمن هو الآخر بهذه الأركان؟
ــ لا فرق.
فهما كلاهما لا يؤمنان بأركان الإسلام ولم يكونا يوماً مسلمين، ولم يقدما يوماً إقراراً خطياً أو شفهياً على إيمانهما أو انتمائهما إلى الإسلام!
فلماذا يطبق "حكم الردة على" الشخص الذي ينحدر من أبٍ مسلمٍ ولا يطبق على المسيحي مثلاً، وكلاهما يرفضان أركان الإسلام [***]؟!
5.
وكيف يمكن أن يرث الابن عقيدة أبيه؟
أنا أعرف بأن الإسلام لا يفقه شيئاً من الميراث [أنظروا آيات الميراث في كتاب محمد]، ولكن الأمر لا يتعلق بأشياء عينية [مواد]، بل بعقيدة. والعقيدة فردية: الإنسان يؤمن بشيء بنفسه ومن أجل نفسه وليس ممثلاً عن الآخرين!
6.
هذا هو خرق من أكبر الخروقات الإسلامية للحقوق المدنية. وفي قبضة هذا "الحكم" يقع الملايين من الناس [عشرات المرات أكثر من ضحايا القمع السياسي والديني والجنسي].
وهذا هو سبب صرخة الجزع من الإسلام التي أطلقها المعري. لأنه ليس من المعقول أن يرث المرء عقيدة أبيه فالعقيدة، كما يدعي المسلمون، لها أركان وشروط وليس نعالاً أو كيساً من الروث يرثه الأبن أو البنت!
متى سوف يعقل هؤلاء الناس؟
هوامش:
[*] (VS) هي اختصار لكلمة VERSUS الإنجليزية وتعني "ضد".
[**] إذا توجد شروط أخرى لكي يكون الشخص مسلماً فليتفضل بقولها من شاء أن يقولها.
[***] من حيث المبدأ أنا أرفض رفضاً مطلقاً "حكم المرتد" ولكنني أحاول هنا أن أكشف عن صورة أخرى له وهي اللامعقول في تفكير المسلمين. فـ"حكم الردة" صيغة إسلامية لعشرات القرارات والأحكام "القانونية" التي شرعتها النازية والفاشية والستالينية وغيرها من الأنظمة الشمولية التي لم تكن الأنظمة العربية تفتقر إليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق