منع

المهدي المنتظر [4]: رفض ابن العائلة العلوية لخرافة ولادة الثاني عشر!

[من وحي الفولكلور الخرافي الشيعي]
ملاحظة عامة:
بسبب حرصي على أنْ تكون المقالات بحجم معين يسهل قراءتها ولا يشتت ذهن القارئ عن الفكرة الرئيسية فإنَّ الأمر يتطلب عدم مناقشة أو الإشارة إلى الكثير من القضايا والأحداث والمصادر المتوفرة.
ولهذا فإنَّ هذه المقالات (والتي تعتمد على المصادر الشيعية فقط) هي بمثابة منافذ للقارئ يطلع من خلالها على أهم الحقائق المتعلقة بالموضوع وتوجه اهتمامه إلى متابعتها بحرية في مصادر الشيعة أو المصادر الأخرى شخصياً.
مقدمات:
[1] لقد بدأتْ الخرافات الشيعية في تاريخ "مَا" مجهول (لأنه تاريخٌ باطنيٌّ يمكن أن يكون في كلِّ لحظة من التاريخ مثلما يمكن أنْ يكون الفأر كنغراً وهذا ما سنراه بوضوح جديد عندما سنتحدث عن الخرافات الإسماعيلية) ولا تزال تَتَدَفَّقُ (كبترول دول الخليج) حتى الآن مِنْ غِيْر إيِّ اعتبار لتقلبات الزمن وتحولات التاريخ وتطورات الحياة.
[2]
إنَّ أطنان الكتب الشيعية عن "المهدي المنتظر – الإمام الذي يلعب تحت رقم [12]" [الآن تحولت إلى غيغابايتات!] هي أطنانُ دفاعٍ لاهوتيٍّ سقيمٍ عن أسطورة ناقصة وليس فيها ولا حدث واحد يحظى بالتأييد من أحد غيرهم (وغيرهم كلمة نسبية بحد ذاتها)؛
بل أنَّ جعفرَ الشخصية التاريخية [وهو جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب] –ابن العائلة "المقدسة!" والأخ الشقيق القح للإمام رقم [11] الحسن العسكري وحفيد الأئمة وفاطمة وأبيها "المصطفى" وليس أي شخص آخر، يجهل جهلاً تاماً بأنَّ لأخيه ولد!
بل وأكثر من هذا:
فحتى "نكاح" الحسن العسكري (رقم 11) المفترض نفسه من الجارية "نرجس" هي أسطورة من ذات النسيج والطبيعة الصناعية السقيمة ولم يسمع به أحد.
أنظر:
[3]
إنَّ "إمامة" جميع "الائمة!" هي أساطير شيعية شعبية.
وإذا ما تجاهلناها في هذه السلسلة فإن السبب هو أنَّ موضوعنا أسطورة "صاحبنا" الذي غاب قبل أن يحضر ومات قبل أن يولد فقط!
1.
قضية المهدي والمهدوية:
إنَّ استقراء تاريخ فكرة "المهدي" و"المهدوية" ومن خلال تاريخ الفرق والجماعات الشيعية من جهة وما نقل عن آراء العائلة العلوية من جهة أخرى واستناداً إلى كتب الشيعة بالذات فإننا نصل إلى نتيجة واضحة وبينة:
لم تكن فكرة "المهدي" وحتى القرن الرابع الهجري فكرة متجسدة بشخص بعينه. فقد كانت فكرة عامة وذات طابع سياسي موجهة ضد العباسيين وهي "دعوى" الأنصار الشيعة وليس أفراد العائلة وبشكل خاص – الخط الوراثي الواصل بالحسين.
فقد تم ربط المهدوية بعدد كبير من الأشخاص من العائلة العلوية بدءاً بمحمد بن الحنفية حتى الحسن العسكري -الإمام [رقم 11]. [للمزيد من المعلومات أنظر: تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه، أحمد الكاتب].
ومن الأمور ذات الدلالة الكبيرة أن علي زين العابدين بن الحسين (وهم الإمام المفترض رقم 4] قد تنازل عن الخلافة ليزيد من معاوية، مثلما تنازل الأمام [رقم 3] الحسن بن علي عن الخلافة لصالح معاوية.
أما زيد بن علي بن الحسين (ومن ثم الزيدية) فمع أنه يقبل إمامة علي بن أبي طالب حتى أبيه علي بن الحسين فإنه قد رفض أن يكون "المهدي المنتظر" متجسداً في شخص محدد. فهو كان يقول لأنصاره بأن المهدي "كائن من أهل البيت، ولن تدركوه، وذلك يكون عند انقطاع الزمن، فلا تنكلوا عن الجهاد، الداعي منا إلى كتاب الله وسنة رسوله القائم بذلك" [مجموع كتب ورسائل الإمام زيد (ع)، اليمن/صعدة 2001،ص: 384]
وفي [جوابات وفتاوى الإمام زيد] يرى بأن المهدي من ولد فاطمة "وهو كائن ممن يشاء من ولد الحسن أمْ من ولد الحسين" [المصدر السابق، ص: 360]. كما روي عنه أنه سُئل:
يا ابن رسول الله، أنت المهدي بلغنا أنك تملأها عدلاً؟
فأجاب" "ويحكم أما علمتم أنه ليس من قرن إلا يئسوا إلا بعث الله عز وجل منا رجل حجة على ذلك القرن..." [المصدر السابق].
أي أنه يرفض فكرة الإمام الثاني عشر مثلما يرفض أسطورة تجسد المهدي في إمام محدد. بل أن زيد بن علي بن الحسين لم يصدر عنه ما يشير إلى وجود فكرة الأئمة الاثني عشرة في زمانه.
للمزيد من المعلومات حول موقف زيد من الإمامة أنظر:


أما الإسماعيليون (من مختلف الفرق) فهم أيضاً يرفضون فكرة الأئمة الأنثى عشرة ويرون أنَّ لكل زمان إمامه. أما "المهدي المنظر" وخلافاً للشيعة الإثني عشرية الذين يؤمنون بأنه من نسل الإمام السابع موسى الكاظم، فإنَّ الإسماعيليين يرون أنه من نسل إسماعيل!
2.
قضية جعفر - ابن علي بن محمد الهادي الإمام [رقم 10] والأخ الشقيق للإمام [رقم 11]:
الحق أنها واحدة من أكبر القضايا في تاريخ الانتحال العقائدي الشيعي وصناعة الخرافات.
فهي من القضايا التي تكشف بسطوع عن واحدة من أهم خصال اللاهوت الشيعي وصبيانهم:
تشويه سمعة اَيِّ شخص- أكرر: أي شخص (شخصية طبيعية أم اعتبارية) وتزوير أيِّ حَدَثٍ واصطناع أي نوع من التفاصيل حتى ولو تعارضت مع أبسط قوانين الوجود من أجل إضفاء المصداقية على خرافات الأئمة.
فموضوع "الائمة" هو حجر أساس وجودهم الطائفي فإن سَقَطَ سقطوا!
وإنَّ استعدادهم هذا لا يستثني حتى أفراداً من "العائلة المقدسة!" نفسها، وهذا ما حدث بالفعل مع جعفر – أخي الحسن العسكري الإمام رقم [11] في السلالة الإمامية الخرافية.
3.
فكما لاحظنا في الحلقة السابقة [الإسلام الشيعي هو الوجه الآخر للإسلام السني  [3]:  الأساطير الشيعية والإمامة ] أن ولادة الإمام [12] (والتي ينبغي أن تكون قد حدثت في عام 255 ه) لا أحد يعرف عنها في التاريخ المكتوب من خارج الكتب الشيعية الاثني عشرية الخرافية المتأخرة وهي محض حكاية لا دليل عليها ولا يحكمها أي منطق غير منطق الأسطورة سيئة الصنع. وقد نقلها المسعودي [283-346 هـ] عن "ثقات من مشايخه!" كما يقول، ولا شيء آخر.
ولكن جميع الأخبار التاريخية (ومن بينها مصادر شيعية!) تقر بوجود جعفر الأخ الأصغر للإمام حسن العسكري رقم [11] الذي مات في عام 260 ه أولاً، وبمطالبته بالإمامة لأنَّ لا ولد لأخيه ثانياً.
وإنَّ مطالبة جعفر بالإمامة برهان على أنَّ الحسن العسكري لا ولد له؛ وإنَّ خرافة "الولد" يقرها (بطريقة أو أخرى)
4.
غير أن اللاهوت الشيعي وبعد أن اصطدم بهذه القضية التي أفسدت عليهم خرافة الأئمة الاثني عشر المنحدرين بالتسلسل بالأبوة ولا استثناء إلا "إمامة" الحسن والحسين الأخوين، كانَ عليهم البدء بـ"خط حديثي" جديد وبتأثير رجعي وهو:
أنَّ ادعاء جعفر بالإمامة أمر معروف لدى "الأئمة" حتى قبل أن تحدث الأحداث ويولد الأشخاص. فقد كتب في "صحيفة المحن!":
عن علي بن الحسين:
حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) قَالَ : إِذَا وُلِدَ ابْنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَمُّوهُ الصَّادِقَ ، فَإِنَّ الْخَامِسَ الَّذِي مِنْ وُلْدِهِ الَّذِي اسْمُهُ جَعْفَرٌ يَدَّعِي الْإِمَامَةَ اجْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ وَ كَذِباً عَلَيْهِ فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ جَعْفَرٌ الْكَذَّابُ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ ، الْمُدَّعِي لِمَا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ ، الْمُخَالِفُ عَلَى أَبِيهِ وَ الْحَاسِدُ لِأَخِيهِ ، ذَلِكَ الَّذِي يَكْشِفُ سِرَّ اللَّهِ عِنْدَ غَيْبَةِ وَلِيِّ اللَّهِ"
[بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، الكتاب التاسع، ص 371، قُمْ 1388]
5.
إذن تعود "المعرفة الباطنية" بأسرار المستقبل إلى محمد شخصياً الذي يقول هو شخصياً أيضاً وفي كتابه: " وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ" أو " قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" وغيرها من الخزعبلات المحمدية.
وما هي اللعبة؟
اللعبة أيها القارئ هي أنَّ الشخصية الحقيقية (جعفر) ابن العائلة لا يعرف أنَّ أخيه متزوج وأقل ما يعرف بأنَّ له ولد، وعدم المعرفة هذه لا تعني غياب ما ينبغي معرفته، بل عدم وجود ما ينبغي معرفته!
وذات الشيء يتضح من ردود أفعال حكيمة (عمة الأئمة) – بل حتى نرجس (الأم المفترضة) نفسها لا تعلم أنها أمٌّ لإمام! وهذا ما يؤدي إلى انهيار أسطورة الإمام رقم [12] فتنهار الأسطورة الشيعية بكاملها.
ولهذا وفيما بعد تم تلفيق (حديث محمد عن جعفر الكذاب).
وإنَّ القارئ الذكي قد يطرح هذا السؤال:
هل تعرف الكتب الشيعية قبل عام 260 ه(تاريخ موت الإمام رقم [11] ) بالأسطورة المتعلقة بكذب وافتراء جعفر وادعائه بالإمامة زوراً؟!
الجواب: لا.
فإنَّ هذه الحكاية قد ظهرت في مؤلفات الشيعة التي تعود إلى عصور لاحقة.
وقد يطرح القارئ السؤال الواضح والبسيط الآخر:
لماذا كل هذا التعنت برفض إمامة جعفر – وهو ابن الإمام رقم [10] وأخي الإمام رقم [11]؟
36.
قضية الميراث:
قد يتساءل القارئ لماذا هذا الإصرار من قبل الجماعات الشيعية آنذاك (حوالي سنة 260 ه وهي سنة وفاة الإمام رقم 11) على أن يكون للحسن العسكري ولد؟
إن تاريخ الشيعة هو تاريخ نزاعات على الزعامة ولا زعامة من غير أموال يستند إليها الزعيم. فللإمام حق في أموال الخمس التي تُجمع من الأنصار الشيعة (حتى تاريخ اليوم!) عن طريق أشخاص معتمدين من قبل الإمام يسمون "وكلاء".
"ومن هذه النزعات يتضح انشقاق عدد من الفرق الجديدة بين الشيعة. وحسبنا نتذكر الأحداث التي وقعت بعد موت الإمام موسى بن جعفر (ولد سنة 128/745، وتوفي سنة 183/799) عندما اعترف معظم الشيعة بعلي بن موسى الرضا بوصفه خليفة لهم وإماماً. فكتب الإمام الجديد إلى وكلاءه بشأن الأمور، التي كانت تنتظر حلولها، أي الأموال التي تمت جبايتها باسم أبيه، فلم يستجب لطلبه الوكيل زياد بن مروان بمبلغ 70000 ألف دينار، وكذلك علي بن أبي حمزة بمبلغ 30000 وعثمان بن عيسى الرواسي بنفس المبلغ، وإنما نازعوا في شرعية الرضا بدعوى أن الإمام السابق لم يمت، وإنما اختفى من العالم، ولذلك فهم يحتفظون بالأموال باسم الإمام موسى بن جعفر" [المهدي عند الشيعة، الدكتور جواد علي ص 16]
إذن لهذه "الأموال" أهمية كبرى في الخلافات على "الإمام". فـ"تخليف" إمام يعني صعود نجم جماعة سياسية موالية له، مثلما يعني مصالح مالية لهذه الجماعة. وهذا ما دعا الحسن بن موسى النوبختي – المؤرخ الشيعي [من أعلام الشيعي الأمامية من القرنين الثالث الرابع الهجري]:
بأن " فرق الأمة كلها المتشيعة وغيرها اختلفت في الإمامة في كل عصر ووقت كل إمام بعد وفاته وفي عصر حياته منذ قبض الله محمداً (ص)"[ فرق الشيعة، بيروت 2012، ص: 31]
وهذا ما يؤكده سعد بن عبد الله أبي خلف الأشعري القمي في [كتاب المقالات والفرق].
إن هذا التفرق والاختلاف " في كل عصر ووقت كل إمام بعد وفاته وفي عصر حياته" والتطاحن بين أجنحة الشيعة، التي لا تعد ولا تحصى، هو الصوهذا ما سوف نبحثه في الحلقة القادمة.فة المميزة لتاريخ الشيعي الحقيقي (وليس الأدبي).


للموضوع بقية ...








النقد البناء والنقد الهدام وأوهام الدين والكلام! : الخلاصات [5]

1.
المتابع للأجزاء الأربعة من هذا المقال يتذكر المقدمة التالية:
"من المفارقات المضحكة والمبكية، في آن واحد، هي أن يحلو للمسلمين الكلام عن النقد البناء والنقد الهدام!
ولكي أكون صادقاً معكم، فأنا لَمْ أضحكْ وَلَمْ أبكِ، فالأمر بالنسبة لي أقربُ إلى قلة الأدب منه إلى الضحك والبكاء!
فهذه الخزعبلات أعرفها، مثلما يعرفها الجميع، وهي تكاد تكون قديمة قِدَمُ عقيدتهم. لأنها تستند إلى قاعدة "الوعي المزيف" و"أوهام الحق" لا غير. أما الواقع فيقول لنا حقائق أخرى.
إنَّ إساءة الدين الإسلامي إلى اللغة العربية وصلت إلى حدٍ تحولت الأخيرة فيه إلى رهينة بيد اللاهوت الإسلامي.
ولماذا قلة أدب؟
لأنَّ الكلام عن "النقد البناء والهدام"، وإذا ما قرأناه وسمعناه بتأمل وإمعان سنجد أنه في جوهره شتائم سوقية مبطنة موجهة مباشرة (وحتى من غير ورقة التين للتستر) ضد الملحدين!
الأدلة؟
اصبروا فالحقيقة مع الصابرين!"
وكما يلاحظ القارئ من الحلقات الأربع ما هو موقف المسلمين (جميع المسلمين من غير استثناء) من الملحدين والإلحاد. وإن مثل هذا الموقف، وهذا الكلام للْعُقَّال فقط، لا يمكن أن يحتمل افتراضاً بأن يقدم الملحد نقداً بناء من وجهة نظرهم.
وها هي الخلاصات:
2.
قبل البدء في الخلاصات لابد من تثبيت حقيقة جوهرية:
الإسلام السلفي هو الإسلام الوحيد المنسجم مع مضامين نصوص "القرآن" من غير لف ودوران! وأية قراءة أخرى للقرآن خارج القراءة السلفية هي قراءة مفتعلة ومصطنعة ومحاولة للهروب من المشاكل السياسية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية التي تتضمنها هذه النصوص وتخلقها في كل عصر من العصور والتي لا يمكن تذليلها إلا بصناعة تأويلية مكشوفة وتنازلات محضة عن مبادئ "القرآن"!
الفكر السلفي (وتطبيقاته الصادقة في الوهابية والدولة الداعشية) هو الفكر الأكثر انسجاماً مع نصوص "القرآن" ولا يمكن العثور على أية تناقضات ما بين الاثنين. وإن أي فكر إسلامي يرفض الفكر السلفي هو فكر يرفض "القرآن"!
إن ما يردده الكثير من أنصار التيارات المختلفة عن "جوهر الإسلام الحنيف الوسطى المعتدل" هو خرافة يُحمدون عليها ويُشْكَرون بسببها لكنها خرافة تجعلهم يصنعون قرآناً جديداً (وأنا سعيد بذلك).
إذن، المسلم الحقيقي سلفي "بطبعه". ولهذا فإن أعداء "الفكر الهدام والنقد الهدام" هم سلفيون ويعنون الفكر الإلحادي والنقد الإلحادي.
والقرآن كان ولا يزال وسيبقى المصدر النقي للسلفية.
أما "أحاديث محمد" فهي التطبيقات الثقافية والسيكولوجية لهذا "القرآن"!
3.
الخلاصة الأولى:
كما يقرر الكتاب المسلمون فإن صفات الإلحاد والملحدون (في شبكة الملحدين مثلاً) هي كالتالي:
"حب الشهوات والرغبة الجامحة في الانفلات، والحرية اللاأخلاقية ولا حلال ولا حرام في ظل مملكة الإلحاد ولا رقيب ولا حساب ولا جزاء ولا “تأنيب الضمير" ويكذبون بدين الله ويرفضون الاستماع إلى الحق ويقلدون أئمة الضلال ويتصفون بالزيغ. كما أن الملحدون ضحية لخداع وهم يتصفون بالغرور بالنفس والأجر اليسير والفحش الكثير والخمر والحشيش والمواعيد الكاذبة، والأوهام الخادعة"!
"والإلحاد: هو الميل عن الحق، والانحراف عنه بشتى الاعتقادات، والتأويل الفاسد، والمنحرف عن صراط الله والمعاكس لحكمه يسمى ملحداً"
"الملحدون ضحية لخداع وهم يتصفون بالغرور بالنفس والأجر اليسير والفحش الكثير والخمر والحشيش والمواعيد الكاذبة، والأوهام الخادعة"!
"فيه غريزة فسق بهيمية متصلة بطور الحيوان الإنساني الأول وهي متغلغلة في أعصابه!".
وأعتقد أن هذه التصورات كافية لكي توضح الموقف الخفي للمسلمين من الإلحاد والملحدين.
هذا هو موقف المسلمين من غير هوادة ومن غير مكياج ولا تسامح والمُضاد للفكر الإلحادي.
الخلاصة الثانية:
الملحد كافر وزنديق وحكم الكافر القتل.
في الفتوى المسجلة على الفيديو (قناة fatwaksa) يقول صالح الفوزان (عضو هيئة كبار العلماء في السعودية عام 2009) رداً على سائل حول حرية الاعتقاد في الإسلام وآية " لا إكراه في الدين" في فيديو تحت عنوان (في حكم قتل الكفار والمشركين واستباحة دمائهم إذا رفضوا الدخول الى الإسلام ومنع حرية الفكر والاعتقاد):
"هذا كذب على الله عز وجل. الإسلام لم يأت بحرية الاعتقاد. الإسلام جاء بمنع الشرك والكفر وقتال المشركين. فلو كان جاء بحرية الاعتقاد لما احتاج الناس إلى مجيء الرسل ونزول الكتب ولا احتاج الناس إلى جهاد والقتال في سبيل الله [...] الدين كله لله والذي يأبى أن يعبد الله يُقَاتَل ولا يُترك حتى يرجع إلى الدين أو يُقتل ...." إلخ
ملاحظة هامة: هذا الكلام في عام 2009 ميلادية!
الخلاصة الثالثة:
ظهر بأن آية لا إكراه في الدين هي " كذب على الله عز وجل. الإسلام لم يأت بحرية الاعتقاد "
وإن حكم الكفار والمشركين (والملحد أشد كفراً) هو القتل واستباحة دمائهم إذا رفضوا الدخول الى الإسلام.
ولهذا فإن الموت يهدد حياة جميع الملحدين!
الخلاصة الرابعة:
فإذا كان الملحد هو ما تقوله الخلاصة الأولى وحكمه ما تقوله الخلاصة الثانية والثالثة:
فما هو الموقف من آراءه ونقده للإسلام؟
هل يَحُقُّ أن تكون له أراء بناءة؟
بلْ هل يَحُقُّ أن تكون له آراء؟
الجواب: واضح لا!
وبالتالي:
منْ هُم أصحاب النقد الهدام إذا لم يكونوا الملحدين؟
وما حُكْم أصحاب النقد الهدام؟
الجواب: القتل!
4.
فهل اتضح موقفي بأن الكلام عن "النقد البناء والهدام" في جوهره شتائم سوقية مبطنة موجهة مباشرة ضد الملحدين؟
وهل يمكن استخلاص نتائج أخرى مما سردنا جزءاً ضئيلاً منه حول موقف المسلمين (جميع المسلمين من غير استثناء) من الملحدين والإلحاد؟
وهل ثمة ضرورة للمزيد من الأدلة لأدراك معنى النقد البناء والنقد الهدام من وجهة نظر المسلمين؟!
نهاية مؤقتة!

النقد البناء والنقد الهدام وأوهام الدين والكلام! [3]


ولكن كيف ينظر المسلمون (إذا كانوا فعلاً مسلمين) إلى الإلحاد والملحدين؟
إن هذا سؤال في غاية الأهمية من وجهة النظر الجدالية. لأن طبيعة هذه النظرة سوف تحدد بداهة a priori طبيعة الموقف من آراء ونقد الملحدين.
1.
من بين أسباب الألحاد، كما يعتقد بوثوق، صالح بن عبد العزيزي هي التالي:
"السبب الرابع [من أسباب الإلحاد]: حب الشهوات والرغبة الجامحة في الإنفلات، أو ما يسمى بالحرية اللاأخلاقية؛ فهي تتناسب والإلحاد؛ فلا حلال ولا حرام في ظل مملكة الإلحاد، ولا رقيب ولا حساب ولا جزاء، ولا وجود لما يسمى باللسان المعاصر: "تأنيب الضمير"، أي النفس اللوامة التي تضرب المسلم بسياط الندم على اقتراف القبائح. ولذا فإن كثيراً ممن يميل إلى الإلحاد دافعهم الشهوة لا غير" [ص24]
" السبب السابع: وهو الأهم، وهو السبب الراجع إلى الملحد نفسه؛ فما ألحد أحدٌ ونكص على عقبيه إلا وقد أتي من قِبل كِبْر في نفسه [...]
وقد أدى هذا الكبر إلى ثمرات، منها:
أولا: أن يكذب بدين الله [...]
ثانياً: الإعراض ورفض الاستماع للحق [...]
ثالثاً" الفرح بما عنده من علوم كاسدة يعارض بها شرع الله [...]
رابعاً: تقليد أئمة الضلال [...]
وأخيراً: الزيغ" [ص26]
[الإلحاد وسائله وخطره وسبل مواجهته، د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي، 2013 بيروت]
ولنحدد مؤقتاً ما هي صفات الملحد:
"حب الشهوات والرغبة الجامحة في الانفلات، والحرية اللاأخلاقية ولا حلال ولا حرام في ظل مملكة الإلحاد ولا رقيب ولا حساب ولا جزاء ولا “تأنيب الضمير" ويكذبون بدين الله ويرفضون الاستماع إلى الحق ويقلدون أئمة الضلال ويتصفون بالزيغ"!
فهل هذا يكفي لكي نعرف كيف يفكر المسلمون (جميع المسلمين بدو استثناء) بصدد الإلحاد والملحدين؟!
2.
أما عبد الرحمن الميداني فخياله أكثر جموحاً من الأول وهو يعتقد وبكل ثقة بأنه:
" لو عرف كثير من الملاحدة أن اليهود المقنعين يحرثون على أكتافهم وظهورهم مزارع سياستهم، ولا يدفعون لهم مقابل ذلك إلا الغرور بالنفس والأجر اليسير، والفحش الكثير، والخمر والحشيش، والمواعيد الكاذبة، والأوهام الخادعة، لاستقام تفكيرهم، وتيقظت بصائرهم، ولرجعوا إلى صفوف المؤمنين بالله، يكافحون الإلحاد ومن يغذيه أو يدفع إليه" [ص12]
[صراع مع الملاحدة حتى العظم، عبد الرحمن حسن حبنمة الميداني، بيروت 1992]
فها هي صفات جديدة للملحد:
"الملحدون ضحية لخداع وهم يتصفون بالغرور بالنفس والأجر اليسير والفحش الكثير والخمر والحشيش والمواعيد الكاذبة، والأوهام الخادعة"!
فهل هذا يكفي؟
3.
لكن د. حسام الدين حامد أقل بربرة وثرثرة من الآخرين وأكثر ثقة بالنفس فهو يختار كلمة واحدة لا غير:
"ولو قيل لي اجمعْ الإلحاد في كلمة واحدة، لا يجاوز وصفُه رسمها، ولا تن حقيقته عن حرفها لقلت "التوهم"!" [ص8]
" إن هذا الخواء الروحي الذي يبتلع الألحاد، قد جعل منه مسخاً بأيدي أتباعه، فالملحد الذي هرب من الأديان، ذهب فنحت بيديه صنماً من الصلصال يعبده" [ص33]
[الإلحاد وثوقية التوهم وخواء العدم، د. حسام الدين حامد، 215 دار العصرية للنشر والتوزيع]
فبالإضافة إلى الخواء الروحي وتحول الملحد إلى مسخ، فأن "كلمة السر" بالنسبة له هي:
التَّوهم!
فهل هذا يكفي؟
4.
ثم يأتينا "الدكتور" الآخر د. سعيد بن علي بنوهف القحطاني (لا أعرف أي نوع من العلوم قد درس هؤلاء "الدكاترة" حتى يصلون إلى هذا الحد من الإسفاف؟ من حسن حظي أنا لا أميل إلى وضع الدال أمام أسمي) فهو يضيف صفات جديدة لنا ولكم وهو باعتباره "دكتوراً" يقرر أن يضع تعريفاً أكثر دقة من الناحية الدينية:
"والإلحاد: هو الميل عن الحق، والانحراف عنه بشتى الاعتقادات، والتأويل الفاسد، والمنحرف عن صراط الله والمعاكس لحكمه يسمى ملحداً" [ص 5]
[كيفية دعوة الملحدين إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة، د. سعيد بن علي بنوهف القحطاني، سلسلة الرسائل الدعوية (6) بدون تاريخ ومكان الإصدار]
الله أكبر!
فهل هذا يكفي؟
لا يكفي؟!
إذن:
للمقال بقية ...

النقد البناء والنقد الهدام وأوهام الدين والكلام! [2]




في الجزء الأول أشرت إلى أن من المفارقات المضحكة والمبكية أن يحلو للمسلمين الكلام عن النقد البناء والنقد الهدام! وأشرت إلى أنَّ الكلام عن "النقد البناء والهدام"، وإذا ما دققنا فيه بتأمل وإمعان سنجد أنه في جوهره شتائم سوقية مبطنة موجهة مباشرة (وحتى من غير ورقة التين للتستر) ضد الملحدين!
كما أصبح واضحاً بأن كل موقف أو مبدأ أو تصور إزاء العالم (وموقف المرء إلى ذاته) له منطلقات نظرية عامة (إذا كانت علمية في مجال البحث العلمي المختلفة) أو دينية ونجد مصدرها فيما يسمى بــ"الكتب المقدسة". وهذا ما يوفر علينا إلى حد ما مشقة تحليل هذا المواقف والتصورات. ورأينا كيف يؤسس القرآن (من غير لف ودوران) فكرة شاملة تتعلق بالصحة المطلقة للدين الإسلامي وبالخير المطلق للمسلمين وإن كل نقد سلبي للإسلام والمسلمين هو نقد هدام وكل نقد إيجابي ومديح للإسلام والمسلمين هو نقد بناء!
وقد وعدتكم بالأدلة. وها أنا أفي بوعدي:
1.
- في كتاب " قضايا وتجليات في رسائل النور" 2014 لمؤلفه الدكتور مأمون فريز جرار، نقرأ ما يلي:
"ونقرأ جوانب بعيدة المدى لإصلاح التعليم من خلال مدرسة الزهراء في نشر الفكر الإيجابي الذي ينشر السلام ويحارب الفكر الثوري الإلحادي الهدام" [ص68].
- " أيها القارئ في كل مكان، لا تدخل مع (ملحد) في سجال وأنت غير مهيأ لمثل هذه النقاشات، لأن هؤلاء (الشرذمة) من البشر (فراعنة)، كما قال فرعون عليه لعنة الله (وما رب العالمين) الشعراء 23.
في العصر الحالي اختلف الأمر، فهم اليوم مع وجود (الميديا) والتواصل الاجتماعي بدأوا يستغلون الشبكة العنكبوتية لنشر (مبادئهم الضالة المضلة الهدامة) وهي عملية تستوجب الوقفة من كل الأديان الرئيسية (الإسلام والمسيحية واليهودية)!
- "أمَّا سبيل المواجهة لهذا الفكر الهدام فهو العلاج؛ علاج من وقع – بالفعل - في حمأة الإلحاد، وهو في الغالب أحد رجلين:
مسلمٌ عرضت له شبهة إلحادية فوقع في شك، غير أنه لا يدعو إليه، ولا يسخر من الشريعة.
وعلاج هذا بالمناصحة الإيمانية والعقلية، وأن يُسعى حثيثًا في اجتثات هذا الفكر من نفسه بأسلوب هادئ حكيم، وهذا ما ينبغي أن يتصدى له داعية على علم، عنده باع في هذا الأمر، لا جاهلٌ يزيد الطين بلة.
ولا بد أن يستشعر هذا الداعية جانب الرحمة والشفقة بهذا المنصوح الذي احتالته الشياطين.
والآخر: متمرد يدعو إلى الإلحاد، ويقيم عليه الأدلة، ويسخر من الشريعة وأهلها؛ فهذا يجب أن يرد عليه ولا يجوز السكوت على باطله." [تهافت الملاحدة بقلم الدكتور عارف عوض الركابي]
- "قال الدكتور عبدالله رشدي، الداعية الإسلامي، إن ضعف الخطاب الديني والدور الهدام لوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي يقف وراء انتشار الموجة الإلحادية والانحلالية التي ضربت أجزاء من العالم الإسلامي خلال الفترة الأخيرة .
ووصف رشدي في حوار مع موقع www.amrkhaled.net، داعش و"التنويريين" والملاحدة بأنهم "وجهان لعملة واحدة".
- وإن أي انحراف تسرب إلى الشباب إنما جاء نتيجة تسلل الأفكار الإباحية والنشاط الإلحادي الهدام" [مشاكل الشباب المعاصرة .. الوقاية والعلاج، علال البوزيدي، مجلة الأمن والحياة، العدد _169) 1417 ه]
2.
الآن هل فَهِمَ الزملاء الفرق ما بين النقد البناء والنقد الهدام؟
إن الفكر الهدَّام (ولكل فكرٍ نقدٌ، وبالتالي هو نقدٌ هدامٌ) يرتبط، بالنسبة للمسلمين (ولا تصدقوا الذئاب المتلبسين بجلد الحمل)، بالإلحاد ولا شيء آخر. فالمعادلة بالنسبة لهم هي:
إنَّ الإسلام = (الفكر البناء)
الإلحاد = (الفكر الهدام).
وبالتالي:
النقد البناء = النقد الإسلامي
النقد الهدام = النقد الإلحادي

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر