1.
يعرف الجميع [تقريباً الجميع - خصوصاً المسلمين رغم أنهم قد اختلفوا حول طبيعة الكلام] بأنَّ "رب العالمين" يتكلم بلغة آدم والنبيين !
ويعرف الجميع أيضاً [تقريباً الجميع] بأنه بتاريخ 632 [كما قرر المسلمون في يوم صحراوي حارق] بأنَّ "رب العالمين" قد كف عن الكلام – أو كما يعبر محمد بلغة أدبية "بليغة" اعتدنا عليها: اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا [أي أن "الدين" ليس من عند "الله" وإنما هي صناعته – وهذا آخر آمل أنْ أصل إليه]!
هنا تعطلت لغة الكلام وبدأت لغة العسف.
2.
لكن موضوعي الراهن يتعلق بقضية مختلفة بعض الشيء:
إنَّ "رب العالمين" وحين كان "يكلَّم" البشر عن طريق ما "يُنزله" [كما تقول الخرافة] بواسطة كبير الملائكة جبرائيل كان بين الحين والآخر وبلغة وسائل التواصل الحديث " shares " يشارك نبيَّهُ آراءَهُ بعيداً عن أذان الآخرين – وخصوصاً الملائكة وجبريل. ورغم غرابة هذا الأمر، فإن "رب العالمين" يمتلك متسعاً من الوقت لكي يدردش مع آخر رسله إلى البشر - محمد ولكن "وجهاً لوجه" ومن غير تطفل جبرائيل.
إنها "دردشة" من القلب إلى القلب [الذي يصرُّ المسلمين على اعتباره عضو التفكير]
3.
ولكن كان هذا "الرسول" _ إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار بأنه تواصل كلامي ما بين اثنين – يسرَّب هذا الكلام من غير أنْ يضطره أحد إلى ذلك إطلاقاً.
بل اكتسب عادة غريبة عجيبة جداً:
إذ غالباً ما يبادر بسؤال أول من يصادفه على قارعة الطريق [إنْ كانت توجد طرق في الصحراء] من غير سبب أو مناسبة أو ربما بسبب الملل:
- "هل تعرف ماذا قال لي ربي"؟
ولأنَّ السذاجة قد حلت على الجميع، ولأنَّ الإيمان الأعمى قد سد منافذ الرؤية أمامهم فقد كان الجواب [ وهو أيضاً كالعادة]:
"الله ورسوله أعلم"؟
فيبدأ صاحبنا بالكلام وهو غالباً ما يبدأ بـ "قال لي ربي".
وقد سموا هذه ما كان يدور ما بين محمد و"ربه" دون تدخل جبرائيل: "أحاديث قدسية"!
4.
لا أشك بأن القارئ الذي لم يودع عقله قد أخذ يعرف مجانية "المقدس" في الثقافة الإسلامية. ولابد أنَّه يعرف بأنَّ "المقدس" عند المسلمين هو "الكلام" الذي يجعل من خرافة "رب العالمين" غصباً عن أنف المنطق والعقل "حقيقة" راسخة في أذهان المؤمنين.
أي: أن "المقدس" هو الكلام المجاني الذي لا معنى له إنْ حذفنا من وعينا فكرة خرافة "رب العالمين".
بكلمات أخرى المقدس هو ما يؤمن به السذج.
إنه الإيمان الأعمى بما يقوله محمد. وبمرور الزمن تحول هذا الإيمان الأعمى إلى عماء إيماني.
5.
هذا من الناحية الشكلية المحض.
فكلام "رب العالمين" في "الأحاديث القدسية!" [وهذا موضوع لم يحض باهتمام كاف] يشكل في نظري واحداً من الأدلة العيانية على أن "رب العالمين" و"النبوة" و"الوحي" و"قال لي ربي" هي من أسوء أنواع الخرافات التي توصل إليها الكهنوت الإسلامي – بل من أحطها. وإنَّ القراءة المتأنية سوف تكشف لمن لم يودع عقله اعتباطية القيم "الربانية" [استناداً إلى ما ينقله محمد] وتهافتها وسطحيتها وخلوها حتى من الحد الأدنى من المصداقية. أما الحكمة البشرية فلا وجود لها.
- ماذا قلتُ: الحكمة البشرية؟
- نعم: البشرية [السذج فقط يعتقدون بربانيتها].
6.
غير أن ما هو أكثر أهمية، بالنسبة لي، هي الصنعة المفضوحة وطابع التأليف والتوليف في كتابة – أو ارتجال! – هذه "الأحاديث القدسية!" [أما الأهداف فهي تعد ولا تحصى].
بل حتى مناسبات "التصريح" بها من قبل محمد [كما يدعون] تتسم بالافتعال وغياب التبريرات المنطقية. إذا ليس من المنطقي أن يسأل "النبي" أول من يلتقي به في الشارع سؤالاً من نوع "هل تعرف ماذا قال لي ربي"!
فالفكر والتصورات والمواضعات والقواعد التي يسعى صنَّاع هذا النوع من الكلام إدخالها في أذهان المؤمنين السذج [وهم الغالبية العظمى] من المسلمين هي:
- طالما ادعى محمد بأنه تكلم مع "رب العالمين" فهذا يعني أنه موجود؛
- وعليهم تصديق هذا "الكلام" باعتباره كلاماً "مقدساً"؛
- ومن ثم الخضوع التام لمقتضيات هذا "الكلام"؛
7.
إذن هذه السلسلة عن خرافة "الأحاديث القدسية" من أجل الكشف عن سخفها وابتذالها وانحطاط أهدافها. ومن لا تعجبه هذه التصورات فليبحث عن موضوع آخر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق