1.
استناداً إلى "سيد
المرسلين" [وهذا ما
يعرفه الكثير
الملحدين والمسلمين] بأنَّ
ربَّ العالمين" قد قال بلسان موسى [الشخصية المحورية في كتاب المسلمين]:
"يا
قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا
خاسرين"!
فــ" قالوا يا موسى إنَّ فيها
قوماً جبارين وإنَّا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنَّا
داخلون" - ولهم الحق في ذلك فهم خائفون. فالناس لا يريدون المجازفة بحياتهم
وهناك " قوم جبارون".
فغضبَ "رب العالمين" فأزبد وأرعد وتَعَصَّبَ وقال نقلاً عن موسى
طبعاً:
"فإنَّها محرمة عليهم أربعين
سنةً، يتيهون
في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين".
2.
وهذا كلام غريب عجيب من "ربٍ" كـ"رب العالمين".
فما هو وجه "الفسق" في خشية الناس من
"القوم الجبارين"؟ ولماذا يعاقبهم لأنَّهم خائفون؟!
أليس من المنطقي [والله يعرف ما في السماء والأرض] أن "يبيد"
"القوم الجبارين" على عادته المعروفة مرسلاً لهم طيراً أبابيل أو"طوفاناً"
من هنا وبضع "صواعق" من هناك ويمهد الطريق لبني إسرائيل الذين "اختارهم"
هو شخصياً وعلى علم من لدنه وفضلهم على العالمين أجمعين؟!
ولماذا يأخذ بيده اليمنى ما أعطى باليد اليسرى [أو بالعكس]؟
3.
ومع ذلك فلننس هذه المَخْرَقَة.
وهكذا وبعد أنْ انقضت الأربعون
سنةً، وبعد
أنْ قضى منهم من قضى نحبه، وحسب الكهنوت التفسيري، وبقيادة يوشع بن نون [وقد
اختلفوا هنا أيضاً إن كان هو أم موسى] عاد من تبقى من بني إسرائيل إلى "الأرض المقدسة" التي وعدهم بها "رب
العالمين" ولا أحد يعرف "العبرة" و"الحكمة" من هذا غير
أنَّ له "علم".
4.
ولأنني أعرف "ملاعيب" و"شقاليب" المسلمين فقد "بحثتُ"
وبقدر ما تسمح لي "سنين عمري" في كتب التفسير لعلني أجد ثمة
"تخريج" كالعادة و"تأويل" فيه مزيج من الفرادة والتخييل للرقم
"40 عاماً" يقلب الأمور ويحبط
السرور على بني إسرائيل.
ولكن، لا أعرف هل هو "لسوء
الحظ"
أم " لحسن الحظ"، لم أجد غير شيء واحد
لا غير:
الـ 40 سنة الواردة في "كلام رب العالمين" هي 40 سنةً بالكمال والتمام لا تأويل فيها ولا ألعاب حسابية وأرقام انقلابية – 40 سنة كاملات من غير تورية ولا مجاز. فـ" ربُّ العالمين" يعرف علم
الحساب والمعادلات.
5.
وهكذا واستناداً إلى كتاب المسلمين بالذات وهو " قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ وَالطُّورِ
وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ!"، ولم أضف منى ولا كلمة واحدة، يظهرُ بأنَّ "رب العالمين" قد وهب
بني إسرائيل أرض فلسطين هبة لا رجعة فيها لهم ولأحفادهم وأحفادِ أحفادِ أحفادِ
أحفادِهم إلى يوم الدين . . .
6.
وهذا هو عين السخف الديني، أيها القارئ الذي لم يودع عقله!
بل إنه مصيدة وقد عجز الكهنوت الإسلامي عن الخروج منها من غير ذَنَبٍ مقطوع:
فـ"رب العالمين" وحسب كلام "سيد المرسلين" قد فضَّل
بني إسرائيل على العالمين ووهبهم فلسطين حتى يوم الدين وانتهى الموضوع!
فهل يساوي هذا "الكلام" شروى
نقير؟
تنبيه [وغالباً ما لا ينفع
التنبيه]
الكل يعرف بأنني لا أشتري "كلام
الله" بفلس واحد [أو شيكل واحد – حسب وجهة نظر المدعي وليس المدعي عليه]؛
ولا أشتري كلام "أنبياءه"
و"أئمته" بذات الثمن. فهو [أيْ الكلام] وهُمْ على حد سواء خرافةٌ من
أكثر الخرافات قدماً في التاريخ وأبعد ما يكون عن العقل والمنطق السوي؛
ولا أشتري كلام الكهنوت الإسلامي ولا
مريدي العقائد الدينية جميعها وأياً كانت حتى بأقل من فلس واحد فهو تخريف ومَخْرَقَةٌ.
فليست "الأرض" ملكاً لخرافة
"قرروا" أنَّها "قررت" أنْ تهب لهذا أو ذاك وما شاءت أنْ تهب.
فالأرضُ في فجر التاريخ البشري ما
كانت لأحد وسكنها البشر من غير أنْ يأخذوا موافقة أحد. ولأن الحضارات تقوم وتنهار
وتحل إحداها محل الأخرى، والبشر يهاجرون من مكان إلى مكان طلباً للماء ووفرة
الغذاء ومناطق صالحة للرعي والعيش؛ وحدثت آلاف الكوارث الطبيعية، مثلما اندلعت
آلاف الحروب والحرائق فبدلت الكثير من بقاع الأرض سكانها، مثلما بدل الكثير من
البشر سُكْنَاهم ومواقع استقرارهم، حتى لم يعد يُعرف من كان هنا، وأين هاجر، ومتى
جاءت هذه الأقوام إلى هذا أو ذاك المكان حتى ظهور الدول والحُكَّام وأصحاب
المقاطعات فقاموا بترسيم الحدود واقتطاع الأرضي والسيطرة عليها إما استناداً إلى
مبدأ الأسبقية أو بالقوة والاستحواذ.
و"فلسطين" التي يموت من
أجل السكن فيها الآلاف من الأبرياء سكنتها أقوام كثيرة واحتلتها أقوام كثيرة بالسلم
مرة وبالغزو وحدِّ السيف ومبدأ الاستحواذ مرات كثيرة من الآراميين واليهود والروم،
وسبقتهم أقوام أكثر قدماً، حتى وصل أعراب الصحراء ، ثم سكنها يهود ومسيحيون
ومسلمون؛ فتخالطوا واختلطوا فاختلطت الأصول مثلما اختلطت الفصول وها نحن أمام
كوارث التاريخ ومآسيها وحسب الأصول!
هل اتضح الأمر؟
واستناداً إلى حكم التاريخ [وأحكام
التاريخ ليست عادلة دائماً] ووقائع السياسة و"موازين القوى" وافق
الفلسطينيون أنفسهم والغالبية العظمى من البشرية دولاً وحكومات ومؤسسات ومنظمات
[والحكومات العربية من بينهم] على أنْ تقوم دولتان: إسرائيلية وفلسطينية كاملتا
الحقوق والشرعية لكي يتنفس الشعب الفلسطيني الصعداء والعيش بسلام.
هل اتضح الأمر؟
إشارة أخيرة:
هذا النص، الذي يسميه المسلمون "سورة المائدة"، هو واحد من أكثر
الأدلة قوة وعمقاً على الأصول التوراتية لكتاب المسلمين – بل يكشف عن الميل
العاطفي العميق لمؤلف [أو مؤلفي] القريان إزاء بني إسرائيل وشغفهم بهم. فهذا
الكتاب "القريان" كتاب يروي قصة موسى [يرد اسمه 136 مرة بينما اسم محمد
قد تم حشره لاحقاً 4 مرات] وبني إسرائيل [40 مرة] أكثر من أي شيء آخر. ولكن لا ترد
ولا مرة واحدة كلمة "عرب، وإنما وردت كلمة "الأعراب".
و"الأعراب" هم البدو الرحل. أما صفة "عربي" التي وردت
5 مرات فهي تتعلق بـ"اللغة" فقط. ولا علاقة ما بين "اللغة
العربية" و"العرب والأعراب". وهذا موضوع آخر آمل أنْ أصل إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق