[هذا هو الإله والكل يعرف ذلك!]
1.
لا أرغب ولا أسعى إلى إقناع أحد بأنَّ "رب العالمين" لا وجود له إلا في عقول المؤمنين به.
فقد أصبح هذا الموضوع مملاً ومثيراً للقرف. إذ كيف يمكن أن تقنع أحداً يؤمن باللاشيء بأن اللاشيء لا يعني شيئاً غير العدم والعدم لا يستحق الإيمان؟!
بل أنَّ الأصنام أكثر حضوراً من فكرة "رب العالمين"!
بكلمات أخرى: أنك تستطيع أن تؤمن باللاشيء – والدليل على ذلك هو أنك تؤمن به فعلياً. غير أن القضية الأكثر أهمية هي فيما إذا كان ثمة جدوى من أنْ تخسر سنين حياتك على الأرض (وهي الحياة الوحيدة التي تمتلكها) في السير على طريق لا تؤدي في أحسن الأحوال إلى شيء غير الهاوية.
فإذا كنت تعي هذا وتفهمه، فأنت حرٌّ:
لتؤمن باللاشيء!
2.
إن ما أريد قوله هنا هو أنك الشخص الوحيد المقتنع بجدوى الإيمان باللاشيء.
لماذا؟
لأن الإيمان كالتفكير والتنفس والعطش: فعل فردي ذاتي شخصي لا يستطيع أحدٌ آخر أن يقوم به بدلاً عنك. وإذا ما كان إيمانك قائماً لأنَّ ثمة آخرين يؤمنون باللاشيء فإن هذا يعني أن الإيمان باللاشيء هو أيديولوجيا حزبية دينية وليس عقيدة دينية.
أنْ تؤمن يعني أنْ تعتقد بالشيء وحدك فقط ولنفسك فقط.
وحالما يتجاوز إيمانك ذات نفسك فإنه يكُّف من أن يكون أيماناً.
إذن أنت عملياً لا تؤمن باللاشيء، لكنك تعتقد بأنَّ هذا "اللاشيء" يستحق الإيمان بسبب إيمان الآخرين. وبالتالي فإنَّ الأغلبية العظمى من المسلمين، وكل على انفراد، لا يؤمن إلا لأنَّ "الآخرين" يومنون!
3.
فإنْ لم أرد أن أقنعك بعدم جدوى الإيمان باللاشيء فإنني أريد أن أسألك:
هل تعتقد بأنَّ ربك (أو اللاشيء) الذي تؤمن به بهوس هو أكثر واقعية وأفضل من رب الآخر (أي: لاشيئه)؟
هل تعتقد أنَّك بإيمانك باللاشيء ستحقق "شيئاً" أكثر جدارة من "اللاشيء"؟
وهل تعتقد بأنَّ حياتك بدون هذا اللاشيء يمكن أن تكون أسوا مما هي الآن؟
4.
أنت فرح وفخور بأنك تؤمن.
وهذا أمر غريب. فحياتك تتسرب من بين يديك وأيامك تتبخر أمامك بالمعنى الحرفي للكلمة.فـ" اللاشيء" يحل محل وجودك – بل هو وجودك بالذات.
- أنت خائف مما يقوله "نبيٌّ" لا دليل على نبوته، قد اختاره "رب" لا دليل علة وجوده!
فهل تعتقد بأنَّ محمداً لو كان يؤمن حقاً بوجود "جهنم" سوف يوافق على أن يكون مثوى والديه؟
فإذا كنت تعتقد هذا حقاً فإنك مغفل!
هو على يقين بأنَّ لا جنة ولا نار أولاً؛ أما إذا كان يعتقد حقاً بوجود جهنم فإنه على يقين أيضاً بأن مثواك الأخير هو الجحيم مهما فعلتَ ومهما صليتَ وصمتَ ثانياً. أليس هو القائل:
"لن يُنْجى أحداً منكم عملُه، قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: ولا أنا، إلا أن يَتَغّمَّدَنِي الله برحمة ... إلخ"!
فهل تعتقد بأن "اللاشيء" سوف يتغمَّدك على الرغْم أنَّ "نبيك" بالذات لا ثقة له بهذا "التغمد"؟!
5.
حسناً:
أنت تصرُّ، لأسباب تجهلها لكنها تضغط عليك، بأنَّ عليك الإيمان بـ"اللاشيء". فأنت لا تعرف السبب – لقد أعطوك أسباباً منذ الطفولة وما عدت قادراً على التملص منها.
ولهذا لماذا لا تستكين وأخيراً وتعيش حياتك الشخصية على الأرض – وهي الحياة الوحيدة؟!
لماذا أراك، أيها المسلم، مُسْتَنْفَراً، مُسْتَفَزَّاً، مهوساً ليل نهار بهذا "اللاشيء"؟ هل لأنك تشكُّ به وعاجز عن التخلص منه فيدفعك الشكُّ إلى المبالغة بالإيمان؟
تأمل نفسك لعلك تأمن شرُّ الإيمان بـ"لا شيء" لا يجلب لك أيَّ شيء غير الخذلان قبل فوات الأوان!
ليس للموضوع بقية . . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق