منع

في أوقات الحرب الموتى فقط لا يكذبون!

[أما صور الدمار الشامل وطوابير المهجرين من ديارهم عنوة وفي عام 2023 فلا تكذب]


1.
في أوقات الحرب الموتى فقط لا يكذبون!
هذه قاعدة تكاد تكون من طبيعة الأشياء [هناك من الموتى الكذابون لما تركوه من كتب كاذبةٍ].
ولكن أكاذيب حروب المسلمين أكثر خطورة من أي نوع آخر من الأكاذيب. ومنشأ هذه الخطورة هو أنَّ المسلمين وحتى في زمن السلم يبيحون الكذب عندما يكون في خانة "الدفاع عن العقيدة". ولهذا فإن الكذب في زمن الحروب لم يعد "كذباً" بل هو من باب "وأعدوا لهم ما استطعتم ..." إلى آخره من الترهات.
2.
ولكن إذا كان "الكذب" مبرراً في زمن الحروب ضد الأعداء، كجزء من عمليات الخداع، فإنَّ ثمة نوع من الكذب يشكل مخاطر جسيمة على "القضية" التي يدعي المسلمون بأنهم يحاربون من أجلها أولاً، ويقوم بخداع الناس بـ" نتائج" لا وجود لها و"انتصارات" مزيفة لا تسندها الوقائع ثانياً.
إنه كذب يغطي على فشلهم في الحروب ويموه على الأخطاء الشنيعة المرتكبة، ويزيف الأهداف التي افتعلوا الحرب من أجلها ويتسترون على حجم الخسائر وعدد الضحايا التي لا تبرر الحرب نفسها.
3.
وهكذا يصبح المسلم العادي الذي "لا ناقة له ولا جمل" ضحية لسلسة من الأكاذيب ويصبح عاجزاً عن:
إدراك أهداف الحرب؛
وأسباب هذه الحرب؛
وحقيقة الانتصار والفشل.
4.
تقوم الأديان بالكذب من غير رقيب - فـ"الله" هو الرقيب الوحيد؛
ويقوم به السياسيون – الأغبياء منهم الذين لا يحسبون حساب المستقبل؛ أما الأذكياء فالأكاذيب آخر نافذة للنجاة؛
ويقوم به العسكريون، وهم يلتقون مع الكهنوت الإسلامي، من غير رقيب.
وأستطيع الاستمرار في القائمة:
أنصاف الصحفيين ذوي الخزين المتكون من ثلاث جمل بالفصحى؛ والكتبة المجاهدون الذين يتحول الكذب بالنسبة لهم إلى فريضة يأملون من وراءها الثواب من جهة، وعجزهم عن البحث عن المعلومات الصادقة من جهة أخرى؛
وأصحاب الشخابيط و"النقَّاشون" و"النقَّاشات" يكذبون لأنهم في حرب دائمة مع عدو تم برمجته منذ الطفولة في عقولهم الصغيرة؛
ورؤساء الحكومات والدول يكذبون للتستر على سياساتهم الخاطئة وعلى مشاريعهم السياسية المشبوهة أو المزيفة؛
وممثلو الدول في المنظمات العالمية يكذبون اضطراراً دفاعاً عن سياسة دولهم وإلا فسوف يتم فصلهم،وهكذا ...
5.
في أوقات الحروب عندما تسمع خبراً، فإن هذا الخبر يجب التأكد منه عن طريق الخبر التالي. وإذا ما كان الخبر التالي كاذباً فإن الخبر الأول قد لا يكون كاذباً. لكن الوقت قد فات لكي يأخذه الناس مأخذ الجد، وبالتالي هو الآخر كاذباً!
بل أن الكذب يستخدم حتى من قبل المراسلين في المناطق التي تجري فيها الحروب [وقد رأينا أمثلة في غزة]. فهناك من يرسل صوراً وفيديوهات تصور "أحداثاً" يفترض أنها قد حدثت ويدعي أنه رآها بـ"أم عينه"، لكن الأيام تكشف فيما بعد بأنها لم تحدث أو قد حدثت فعلاً ولكن ليس في الوقت والمكان المعلن عنه. ومن المراسلين من يدعي دخول قوات العدو في منطقة ما، لكنه في حقيقة الأمر لم ير شيئاً أو أن ما حدث فعلاً لكنه لم يره إطلاقاً فقد كان في مكان آخر!
6.
وبعد السابع من أكتوبر الماضي ظهرت قنوات عربية على منصة اليوتيوب وهي تستضيف "خبراء عسكريين عرب!" يتحدثون عن "العقل العسكري المفكر لحماس!"، و"انتصاراتها!" المذهلة لكن المرتزقة لم يتحدثوا عن الخسائر الكارثية البشرية والمادية وعدد الضحايا الكبير بين الفلسطينيين المدنيين وإن "حماس" لم تهتم بحماية المدنيين وإن النتائج العملية الواضحة هي انهيار كامل لحياة حوالي مليونين و300 ألف فلسطيني وإن الجيش الإسرائيلي يتنزه فوق أكثر من 60% من غزة!،
أما أرقام الضحايا فتتحول إلى شيء ما يشبه أرقام اليانصيب. فكل مراسل يقرر الرقم الذين يعجبه، أو الرقم الذي سمعه من هذا وهذاك من غير أن يتحقق منه.
7.
الكذب كارثة اجتماعية وثقافية. 
لكن الكارثة الأكبر هو إصرار وسائل الإعلام العربية على الأخبار والمعلومات والنتائج الكاذبة للحرب و"الانتصار!" المزيف وعلى تسويقها ونشرها من خلال مختلف القنوات الفضائية العربية والإنترنت حتى يتم صنع عالم مواز يصبح مواطن الدولة العربية ضحية له ولا يعرف "الخيط الأبيض من الخيط الأسود" على حد تعبير "نبيهم" الذي حلل الكذب بـ"المعاريض"!
وهذا ما حدث ويحدث الآن في غزة:
- فقد تحول نشاط فصائل دينية متطرفة إلى مقاومة!
- وتحول تهجير أكثر من 800 ألف مواطن فلسطيني من ديارهم وزجهم في مخيمات لا تتوفر فيها حتى الحد الأدنى من شروط الحياة إلى صمود!
- وتحولت الخسائر من آلاف الضحايا وعشرات الآلاف من الجرحى وآلاف المطمورين تحت الأنقاض إلى انتصار إلى مقاومة وامتحان!
- وتحول تدمير ما لا يقل عن 60% من البنية التحتية والمساكن والمؤسسات التعليمية والورش والمستشفيات والمحلات التجارية والمراكز الإدارية بسبب القصف الإسرائيلي إلى خطة محكمة قامت بها "حماس"!
- وتحولت تبادل 1% من المعتقلين الفلسطينيين والذين يتجاوز عددهم 8000 إلى عملية تحرير!
- وتحولت العمليات البرية للجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة بعد تسوية مناطق الشمال بالأرض إلى "استراتيجية" لإجبار الجيش الإسرائيلي للدخول في حرب برية!
8.
تمتلئ الأخبار التي تبثها وسائل الإعلام العربية بالكذب عندما يتعلق الأمر بحقيقة ما قامت به حماس!
إما القتلى الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين فقد دفعوا حياتهم ثمناً لمغامرات سياسية وعسكرية لفصائل متطرفة لم تدافع عنهم فقط بل ولم تهتم حتى في الدفاع عنهم أو أن توفر لهم أبسط شروط الحماية [وهذا موضوع مهيأ للنشر].
لقد كان موتهم حقيقة، للأسف، لا ريب فيها.
9.
سوف يقرر مجاهدو الإنترنت الصلاعمة و"المسلمون المستترون" [يا لهم من مستترين!] أنني أتحدث عن أكاذيب المسلمين ولكنني لا أتحدث عن أكاذيب إسرائيل [وهذه من والوسائل السخيفة في الدفاع والهجوم الصلعمي] فجوابي بسيط للغاية:
حسناً:
إسرائيل تكذب وهذه حقيقة.
وماذا بعد؟
هل أكاذيب إسرائيل "التي ريب فيها" تبرر أكاذيبكم؟!
يا لكم من ظرفاء!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر