منع

لماذا بوتين على حق عندما يخشى على حياته؟ [2]: ملحق/ تاريخ اغتيالات الحكام العرب/ عرض تاريخي مختصر



1.
تكمن أهمية هذا الملحق المختصر حول مصير الحكام المسلمين في الماضي الحاضر [والمستقبل!] هي تقديم مثال تطبيقي على أنَّ الحكام المستبدين عاجزون عن التخلي عن السلطة إلا بثلاث طرق [والاستثناءات نادرة جداً]:
- إما بالاغتيال؛
- وإما بالموت الطبيعي؛
- وإما بانقلاب.
2.
وفي جميع الحالات ترك الحكام العرب وراءهم حمامات من دم المخالفين والمختلفين معهم والمعارضين لسلطتهم والكارهين لحكمهم حتى لو لم يشكلوا أية مخاطر على هذا الحكم [وهذه حكاية سوداء تحتاج إلى موضوع مستقل].
فالحاكم المسلم في الماضي والحاضر لديه تصورات خرافية عن نفسه وعن "حقه" في امتلاك الحكم ورغائب غريبة عجيبة في تأبيد سلطته حتى مماته [أو تصفيته جسدياً] أو توفير الشروط السياسية لتنصيب أبناءه. وفي التاريخ المعاصر لحكام مملكة الظلام أمثلة كثيرة يراها الجميع وهي مساعي حافظ الأسد وصدام حسين والقذافي وحسني مبارك في الاعداد لتنصيب أبنائهم. إذ لم ينجح إلا حافظ الأسد في تنصيب ابنه فإنَّ فشل الآخرين هو أمر خارج عن إرادتهم والكل يعرف مصيرهم.
أما ما يتعلق بمساعي "الملوك!" بـ"تهيئة الأوضاع" لحكم أبنائهم من بعدهم فهي لا تستحق حتى التعليق.
3.
وكما أشرت في موضوع [جذور الثقافة القمعية للدولة العربية[1]] فإنه ما خلت سلطة عربية/ إسلامية من القمع الرسمي للمعارضين سياسياً وللمختلفين دينياً. وأن ثقافة القمع التي يمارسها "أصحاب السلطة والخاضعين لهذه السلطة أرست "تقاليد" الاغتيالات المضادة وهذا ما تكشف عنه قائمة الاغتيالات الطويلة لرؤوس السلطة:
- يسرد الكتَّاب المسلمون عدة محاولات اغتيال لمحمد.
بل أن موته مسموماً من الاحتمالات الشائعة في كتب المسلمين.
- وهذا ما يتعلق أيضاً بموت أبي بكر. فموته مسموماً هو من الأخبار التي تناقلتها الكتب الإسلامية.
ومن أجل إبعاد الشبهات عن مسؤولية المسلمين في تسميم محمد وأبي بكر فقد قرر "الرواة" " تلفيق "حدوتات" عن مسؤولية اليهود في هذه الاغتيالات .
ومن "الطريف" - إذا كان في الأمر متسعاً من الطرافة، هو أن طريقة اغتيال أبي بكر تكرار ممل لطريقة اغتيال محمد!
- وإذا كانت أخبار هذين الاغتيالين من الأخبار التي لم تحظ بــ"الإجماع! " فإن اغتيال عمر وعثمان وعلي قد "أجمع " هواة الإجماع عليها!
إذ قُتل عمر بن الخطاب بخنجر أَبي لُؤْلُؤَةَ؛
وعثمان بن عفان قُتل بهمجية بسيوف "المسلمين" الغاضبين؛
ولم يخرج علي بن أبي طالب بموته عن التقاليد الإسلامية. فقد قتل بسيف عبد الرحمن بن ملجم في أثناء الصلاة أمام مئات الناس من أنصاره.
[هذا ما تقوله السير الأدبية الإسلامية]
 
4.
وبعد تصفية "الخلفاء الراشدين!!!" الذين كانوا أبعد ما يكون عن الرشد فإن خَلَفَهم من "الخلفاء" لم ينجُ منهم الكثير:
فقد قتل عبد الله وطلحة بن الزبير في حروبهما مع يزيد بن معاوية ومن ثمن عبد الملك بن مروان؛
فقد قتل عبد الله وطلحة بن الزبير في حروبهما مع يزيد بن معاوية ومن ثمن عبد الملك بن مروان؛
- وهذا أيضاً مصير مروان بن الحكم : يقال أن امرأته خنقته بمخدة؛
- عمر بن عبد العزيز : يُعتقد أنه مات مسموماً؛
- الوليد بن يزيد - قطّع بالسيوف؛
- إبراهيم بن الوليد: مات غرقاً؛
- مروان بن محمد - قتل بالسيف؛
- السفاح :قيل سمَّ ولم يصح، وقيل مات بالجدري؛
- محمد المهدي بن جعفر المنصور: مات مسموماً؛
- الهادي [بن محمد المهدي وأخو هارون الرشيد] مات مسموماً (وثمة من يعتقد بأنه مات خنقاً) من قبل أمه الخيزران لأنه قرر جعل ولاية العهد لولده جعفر وخلع هارون الرشيد من ولاية العهد؛
- هارون الرشيد: يقال أنه مات بسبب علاج خاطئ من طبيبه؛
الأمين: قتل بالسيف؛
المتوكل قطّع بالسيوف ؛
المنتصر: يعتقد أنه مات مسموماً؛
المستعين: قُتل بالسيف؛
المعتز: أدخل في الحمام وأغلق [عليه] حتى مات؛
المهتدي : قتل بخنجر؛
المعتمد: يعتقد بأنه مات مسموماً، وقيل وقع في حفرة ملئت بالريش فاغتّم ، فمات؛
المقتدر: قطع بالسيوف؛
المنذر : قيل سمّه أخوه في مبضع؛
هشام المؤيد : قتل خنقاً؛
المهدي: قطع بالسيف؛
سليمان بن الحكم: قطع بالسيوف ؛
المستظهر: قتل بالسيف؛
المستكفي: مات مسموماً؛
القاسم بن حمود: مات خنقاً [ثامن خلفاء الأندلس، وثاني حكام بني حمود]؛
علي بن حمود: قتل بالخناجر.[ الناصر لدين الله أبو الحسن علي بن حمود -سادس خلفاء الأندلس، وأول حكام بني حمود،]؛
يحيى بن علي بن حمود: قتل بالسيف؛ حسن بن يحيى بن علي بن حمود: مات مسموماً . ..
هذا عرض مختصر حقاً وإنَّ العرض الكامل يكاد يكون تكراراً مملاً لمصير الحكام المسلمين الآخرين.
5.
أما الحكام العرب المستبدون "المعاصرون" والمعارضون لهم على حد سواء فإنهم لم يتخلوا عن تقاليد السلف. إذ أصر الحكام العرب على السلطة و تشبثوا بها "حتى آخر رمق" ورفضوا مغادرة الحكم حتى في فيما يسمى "الجمهوريات العربية] من غير انقلاب أو تصفيتهم جسدياً أو الموت الطبيعي في أثناء سلطتهم. ولهذا فإنه لم يبق أمام المعارضين لهم غير ثقافة التصفيات الجسدية. فأضحت الانقلابات [والانقلابات المضادة العلنية والمستترة] الدموية والتصفيات الجسدية [المرئية أو المستترة] هي الطريقة الوحيدة لتبادل السلطة!
6.
وهكذا:
ففي القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين تعود عجلة القتل التي صنعتها الخلافة الإسلامية من جديد وتم تصفية الكثير من الحكام العرب وعلى أيدي عرب مسلمين:
- من بين 9 ملوك ورؤساء في العراق لم ينج منهم غير واحد فقط!
 - الملك فيصل بن حسين بن علي الحسين الهاشمي، أو فيصل الأول (1883 ـ 1933) مات مسموماً.
-  أما صاحب النهاية المأساوية الثاني فهو غازي بن فيصل بن الشريف حسين الهاشمي أو غازي الأول (1912 – 1939) وهو ثاني ملوك العراق، حكم من 1933 حتى 1939؛


-  أما صاحب النهاية المأساوية الثاني فهو غازي بن فيصل بن الشريف حسين الهاشمي أو غازي الأول (1912 – 1939) وهو ثاني ملوك العراق، حكم من 1933 حتى 1939؛
 - الثالث ذو النهاية المأساوية فهو الوصي عبد الإله بن علي (1939 ـ 1958). وقد قتل عبد الإله في 14 يوليوز 1958مع العائلة المالكة؛
- ورابع حاكم عراقي انتهى حكمه نهاية مأساوية هو الملك فيصل الثاني بن غازي 1939 ـ 1958. تولى الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية يوم 2 ماي 1953 وبقي ملكا على العراق حتى صباح يوم 14 يوليوز 1958 حيث انتهى العهد الملكي وقيام الجمهورية؛
- وخامس زعيم عراقي لاقى نهاية درامية هو الزعيم عبد الكريم قاسم (1914 ـ 1963)، الذي كان رئيسا للوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع في العراق من 14 يوليوز 1958 وحتى 1963؛
- عبد السلام عارف تم اغتياله عن طريق وضع متفجرات في الطائرة التي كان من المفروض أن تنقله من مدينة البصرة إلى بغداد في يوم 13 أبريل 1966. وقد احتل منصبه أخوه عبد الرحمن عارف – وهو الوحيد الذي لم يُقتل لأن حفاظه على حياته كان أكبر من ولعه بالسلطة فاستقال!
- استأنفت عجلة الموت والقتل في العراق باغتيال أحمد حسن البكر [الذي نَصب نفسه رئيسا لجمهورية العراق من 1968 إلى 1979 ] مسموماً من قبل نائبه صدام حسين وحل محله. وقد قام الأخير بسلسلة طويلة جداً من عمليات الاغتيالات لعدد كبير من قادة حزب البعث المنافسين له والسياسيين المعارضين له من الـأحزاب الأخرى. فهو لم يقتل أعضاء الحزب المنافسين له بل قام بتصفية حتى أقرب الأقرباء ومن ضمنهم زووج ابنته.
- بعد احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية وبعد محاكمة هزيلة وهزلية تم شنق صدام حسين - واحد من أكثر الحكام العرب سفالةً في التاريخ المعاصر. ولن يوازيه في سفالته غير معمر القذافي.
غير أن القائمة لم تنته:
- ومن الملوك العرب الذين تم اغتيالهم الملك عبد الله الأول مؤسس مملكة الأردن والملك فيصل، العاهل السعودي الثالث. كما وقتل وصفي التل- رئيس وزراء أردني.
- وقد قُتل الرؤساء اليمينيون إبراهيم بن محمد الحمدي أحمد حسين الغشمي، الرئيس الرابع لجمهورية اليمن وعلي عبد الله صالح
- كما وقتل الرئيس الجزائري محمد بوضياف.
- وفي لبنان تم اغتيال رياض الصلح - رئيس وزراء لبناني ورشيد كرامي- رئيس وزراء لبناني ومن ثم تم اغتيال الرئيسين اللبنانيين بشير الجميل ورينيه معوض. كما وتم اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري.
- وفي مصر تم اغتيال محمود فهمي النقراشي - رئيس وزراء ؛ ؛ بطرس غالي - رئيس وزراء؛ أحمد ماهر باشا - رئيس وزراء. وإذا تغيب الأدلة على فرضية موت جمال عبد الناصر مسموماً فإن الوقائع التي سردها الكثير من الكتاب تشير إلى أن موته لم يكن خارج الصراعات السياسية.
- ولم يتخل الحبيب أبو رقيبة [الذي حكم من عام 1957 حتى انقلاب زين العابدين عليه عام 1987] عن السلطة رغم أنه قد أخذ يخرف في آخر حياته. ولكنه ربما كان من أكثر الرؤوساء العرب وقاحة حيث قام عام 1974بتغيير الدستور لكي يسمح له أن يحكم حتى آخر حياته!
- وما كان خلفه أقل سوءاً منه. فقد أرسى زين العابدين بن علي أسس الحكم العائلي والشللي الاستبدادي ولم يتخل عن السلطة إلا بالأحداث السياسية العاصفة التي حصلت عام 2011.
[لحظة اغتيال السادات]



- أما اغتيال السادات فقد خُطط له أن يكون عرضاً عسكرياً [داخل العرض العسكري] لا يليق إلا به أمام كاميرات التلفزيون وأنظار الملايين من المشاهدين. وقد تمت تصفيته رشاشات الكلاشنكوف في نفس الوقت الذي لم يصب بشيء حسني مبارك الذي كان يجلس بجواره تماماً – يا لها من معجزة لا تليق إلا بمعجزات الإسلام!
- ولم يكن القذافي خارج تقاليد العرب والإسلام. فقد تشبث بالسلطة من عام 1969 حتى عام 2011.
وقد كان تاريخ استحواذه على السلطة مع أبناءه والمقربين منه هو تاريخ الاستبداد السياسي والاقتصادي وقام تصفية جميع معارضيه أو قضوا حياتهم في السجون. وما كان له لكي يتخلى عن السلطة إلا بانتفاضة الجميع ضد وقتله بصورة همجية لا تليق إلا بهمجيته.
- كما لم ينجُ من القتل علي صويلح - رئيس جزر القمر.
7.
هذا عرض مختصر سريع من ثقافة الاغتيالات العربية الإسلامية. فهناك العشرات من التصفيات لوزراء  وسياسيين ومثقفين معارضين والعشرات ولأعضاء الأحزاب المنافسين لقادتهم (كما حدث في حزب البعث العراقي والسوري)، والكثير من حالات الموت الغامضة والاختفاء المفاجئ للكثير من المعارضين والكثير من الخلافات العائلية في السلطة الحاكمة [في الجمهوريات والملكيات] التي تنتهي عادة بتصفية المنافسين.


ملاحظة: 
لم أتحدث عن "الحكام الملوك!" العرب فإنَّ تأبيد سلطتهم يدعمها "الدستور"، إنْ وجد، و"قوانين الطوارئ" غير المعلنة ضد أي نوع من الاحتجاج على وجودهم الثقيل! 
أما دور مراكز السلطة الدينية والجيش والشرطة ودوائر المخابرات العائلية في دعم سلطتهم فهو فولكلور معروف للقريب والبعيد.

الحلقة السابقة:
لماذا يخشى بوتين على حياته حقاً؟ [1] قوانين حكم الطغاة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر