[السقوط اللانهائي .. .. ... ...]
1.
لقد مر العقل البشري خلال تاريخ تطوره الطويل بانهيارات وحالات سقوط لا عدَّ لها ولا حصر.
إنَّهُ نوع من التسلق الشاق على سفوح عمودية لجبال وعرة كَؤودة تمزق أصابع اليد وتُدْمِي الأظافر. وحين ينظر الإنسان العاقل من القرن الحادي والعشرين إلى هذا التطور المديد للعقل فإنَّ عليه وبقدر ما يفخر بهذا الإنجاز التطوري فإنَّ عليه الدفاع عنه والمحافظة عليه.
2.
ولم تكن انهيارات العقل على طريق الرحلة المضنية الذي قطعته البشرية إلا نتيجة لعدم توفر ما يكفي من المعارف الأصيلة الواقعية "العلمية" لتغذية عمل العقل وتطوير القدرات البشرية على الإدراك والتفكير النقدي والتحليل والتجريد والتوصل إلى خلاصات ونتائج عملية تستجيب لقوانين التطور والطبيعة.
ولكن هناك نوع آخر من الإنهيارات:
رفض الكثير من الناس قبول التطور والنزوع إلى العودة إلى الماضي ومعاداة العلم .
3.
إنَّ غياب المعارف شرط موضوعي قد دفع بالبشر في مراحل مختلفة من التطور وفي تجمعات بشرية مختلفة إلى خلاصات خاطئة وتصورات خرافية تتعلق بالذات والكون والطبيعية ودفعتهم إلى الوصول إلى "الاعتقاد" بوجود قوى غيبية تحرك الوجود الإنساني والطبيعي وعوالم هي خارج العالم الواقعي يذهب إليها البشر حالما ينتهي وجودهم على الأرض!
إن هذا النوع من "الاعتقاد" لا يزال قائماً وسط الكثير من القبائل الإفريقية والقبائل التي تقطن على ضفاف الأمازون مثلاً.
لكننا لا يمكن – وبأي حال من الأحوال – أنَّ نصف حالة هذه القبائل بـ"سقوط العقل". لأنَّ سكان هذه المناطق على معرفة مدهشة بالطبيعة التي تحيط بهم وقادرون على الإيغال في هذه المعرفة.
بكلمة واضحة: أن معارفهم تنسجم مع الشروط التاريخية البيئية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية التي يعيشون في إطارها.
إنَّ "تخلفهم" العلمي يستجيب إلى هذه الشروط التي يمرون بها من جهة؛ وهم لا يتخلفون عن هذه الشروط من جهة أخرى.
4.
ومهما مر البشر بانتكاسات في طبيعة التفكير وقدرات العقل غير أنَّ من أسوء أنوع سقوط العقل والإنسان ذاته على حد سواء هو "الاعتقاد" الديني.
وبالرغم مِنْ أنَّ دينين إبراهيميين كاليهودية والمسيحية (الحق أنني لا أولي أية أهمية لمصطلح "الدين الإبراهيمي" ولا استخدمه إلا لأنَّ المسلمين يصرون عليه. ولهذا فإنَّ مقارنة تطور مجتمعات المسلمين "الإبراهيمية" مع المجتمعات اليهودية والمسيحية له مسوغات موضوعية) لا يزالان منتشرين فإن لمقارنتهما مع الإسلام لها مصداقية تاريخية.
لقد خضعت جلُّ هذه المجتمعات ذات "العقيدة الإبراهيمية" إلى قوانين التطور الحضاري – العلمي كمجتمعات حية، مثلما خضعت اليهودية والمسيحية، كعقيدتين دينيتين، إلى الدراسة العلمية الأكاديمية ولم تعد مناقشتهما الجذرية "تابو" وخضوعهما للبحوث المقارنة والأنثروبولوجيا الثقافية؛ كما تمت دراسة أدق التفصيلات المكونة للعهدين القديم والجديد والبحث عن أصولهما الثقافية والعقائدية من خارجها في الثقافة السومرية والأكدية مثلا.
5.
لكن "الاعتقادات الإسلامية" السنية والشيعية – وهذا ما يميزها كعقيدة عن باقي العقائد قد حوَّل لاهوتُها الخرافاتِ السقيمةَ والأوهامَ السخيفةَ إلى مبادئ "عقلية!!!" ونَظَرَت للتخلف باعتباره قيمة إيجابية وأخلاقية وثقافية محمودة!
إنه سقوط مريع للعقل و" نَسْخٌ" شاملٌ للتطور خلال القرون الأربعة عشر المنصرمة.
إنها عقيدة تعمل ببطء ولكن باستمرار من أجل تغييب العقل – وهم على استعداد (أنصاف المتعلمين وخريجي الجامعات عن طريق الامتحانات الشكلية) لكي يقبلوا منطق الأعراب من القرن السابع، وبمقدمتهم محمد شخصياً، والذي ينشره تيوس اللاهوت بأنَّ العقل في القلب!
6.
وخلافاً للقبائل الإفريقية والأمازونية فإن الحال مختلف تماماً في حالة المسلمين.
فجلُّ المجتمعات الإسلامية تعيش في شروط الحضارة المعاصرة جسدياً وتعتاش بالكامل على "منجزات" العلم والتكنولوجيا في مختلف مجالات الحياة لكنها ثقافياً وعقلياً تعيش في شروط القبائل المتخلفة!
المسلمون ينظرون إلى الوراء:
هناك في الماضي المتخلف؛
عقيدة القرون الثلاثة!
وإن هذه العقيدة لا تعني غير الخوف من الحاضر والمستقبل؛ لا قيمة للتطور ولا مناص من العودة إلى الوراء - إلى عصور السلف. فالنكوص "العودة إلى الوراء" هو "الخَيْرُ" والتقدم إلى الأمام هو "الشَّرُ"!
وكل هذا يحدث من خلال عبادة "النصوص" و"الموتى" التي تحجب عنهم رؤية الوقائع والعالم الذي يضج حولهم والأحياء فيه.
فالفهم الحرفي للنصوص والتطبيق الببغائي لمضامينها والسجود الذليل والأمعي أمام قبور فارغة حوَّل المسلم إلى جزيرة منعزلة عن التطور العام للبشرية. وإنَّ حصول المسلم على معارف علمية حقيقية وقبولها (وليس معلومات عن العلم واستهلاك منتجات العلم) لا يمكن أن تستقيم مع عقائد الإسلام بأي حال من الأحوال.
وإن ادعى بأنه مسلماً فقد تستر على أنه منافقاً!
وأنْ كان صادقاً فإنه من غير شك قد ودع الإسلام منذ زمن بعيد!
7.
هذه هي مفارقة الوجود الإسلامي:
الوجود الجسدي في الحاضر – أما ما تبقى من العقل فإنه يفكر كمن يعيش في القرن السابع الميلادي!
فهل ثمة إرادة في هذا السقوط العقلي والثقافي؟
8.
"الله" مخاوف بدائية:
من المثير للسخرية والعجب أن "يؤمن" المرء بأنه يؤمن بـ"إرادته" الحرة!
فهذه سذاجة عقلية جديرة بمسلم فقط.
إنَّ "الاعتقادات" - وكل اعتقاد خرافة (ومن بينها الخوف من شيء اسمه الله!) لا تختلف قيد شعرة عن الخوف من الأماكن المغلقة Claustrophobia، والخوف من الظلام Nyctophobia ، أو الخوف من الأماكن المرتفعة Acrophobia؛
هي "مشاعر" لا يمتلك الإنسان أية إرادة في ظهورها. إنها "مشاعر" مضببة وغير مدركة؛
إنها من بقايا "إرث" قديم من حياة الإنسان البدائي الذي لم تتوفر لدية المعلومات الكافية لكي يدرك بأن الظلام ليس "كياناً خرافياً" يمكن أن يبلعه في أية لحظة وليس الأماكن العالية غير حالة طبيعية تعبر عن اختلاف مستويات الأمكنة التي نكون فيها ولا تشكل خطراً على حياتنا إن أدركنا طبيعتها.
إنها مشاعر غامضة متغلغلة في العقل الباطن.
وإن دور "الإرادة" يكمن في السيطرة عليها والتخلي عن المخاوف النابعة منها.
وإلى حد ما يتعلق الأمر بالإرادة فهي من خصائص العقل العلمي وليس الإيمان – ليس في الإيمان إيُّ نوع من الإرادة.
وإذا ما استخدمنا "العقل" على "طريقة" المسلمين" والجهود الذي بذلوها في إضفاء "العقلانية!" على خرافات محمد فإنَّ نجاحهم سيكون مساوياً بذات الدرجة لو قاموا ببذل ذات الجهود بالعلاقة مع الخوف من الأماكن المغلقة والظلام والأماكن المرتفعة، ولوجدنا أمامنا "عقائد" دينية تمجدها وترفع من شأنها باعتبارها مشاعر مقدسة!
9.
الإرادة هي في رفض الإيمان:
إن المسلم (والمسلم العصابي المهوس بشكل خاص) هو شخص مُسَيَّر لا إرادة له وهو كالسائر في نومه الذي يعاني من اضطرابات somnambulism.
[هذه هي العقيدة: المشي على هاوية السقوط تحت ضوء القمر!]
فهو لا يعرف، بل ولا يدرك طبيعة الوضع الذي هو فيه ويعاني منه:
هكذا وجد نفسه، وهكذا من الممكن أن يعيش إلى أخر لحظة من عمره الضائع مسبقاً.
ولكي يستطيع الشخص الذي يعاني من هذا النوع من الاضطرابات (الخوف من خرافة "الله") التخلص منها فإنه يحتاج إلى إدراك هذا الاضطراب؛ وأن يعترف به أمام نفسه؛ وإن يمتلك الإرادة لكي يتخلى عن هذا الخوف ويحرر نفسه من عبودية الأوهام إلى حرية العقل.
10.
إرادة الحرية:
وهذه الخطوة: [الإدراك وإرادة التحرر] تؤدي إلى خارج عقائد الإسلام الخرافية ومغادرة مستنقع الدين إلى العالم الرحب.
هذه الخطوة قد قام بها الآلاف من المسلمين ويقوم بها كل يوم مسلمون جدد.
ليس للعبودية إرادة.
فالعبودية خضوع إمَّا بقوة خارجية أو عن طريق الأوهام والخرافات.
الإرادة الوحيدة هي النزوع إلى التحرر من أوهام "الله" والتخلص من العبودية وإنهاء الخضوع للخرافات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق