1.
كان عصر الحداثة بالنسبة للمسلمين محنة عجزوا عن الخروج منها ولم يخرجوا منها حتى اللحظة الراهنة. فقد طرحت الحداثة عليهم أسئلة لم يجدوا الإجابة عليها وتحديات عجزوا عن تخطيها.
فقد لعبت الوراثة دورها (ولا تزال!) في أن تجعلهم يجرجرون أذيال التخلف وراءهم من غير حول ولا قوة:
فالمسلمون عاجزون عن مواجهة العالم الذي حولهم بدون "السيف"!
2.
ولهذا فقد قرروا، مستلهمين استراتيجية النَّعَّامَة، أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال العربية أو في "تربهم" المقدسة [1]!
فعندما ينظر المرء إليهم من بعيد فإنه لا يعرف بالتأكيد فيما إذا كانوا يُصلُّون أمْ يقلدون في سلوكهم من الناحية السيكولوجية ما يسمى بـ"متلازمة النَّعَّامة" التي تدفن رأسها في الرمال هروباً من المخاطر [2]!
فعندما "يدَّعون" بأنَّ الإسلام "حرر العبيد!"، و "منح المرأة حقوقها!"، وهو "دين التسامح!" وغيرها من أحلام اليقظة التي تحولت إلى تعاويذ يهربون إليها للتخلص من حقائق الدين المُرَّة فإنهم يفعلون كما تفعل النَّعَّامة في المتلازمة الشهيرة!
3.
فمنطق الكتابات العربية – الإسلامية في منذ بداية القرن العشرين هو إمَّا تكرار مُمِلٌ خَالٍ من الموهبة والجِدَّة وإمَّا دفاع قبلي ببغائي عن إشكاليات العقيدة الإسلامية التي كشفت عنها الحداثة.
إلا أن اللاهوت الدفاعي الإسلامي بمرور السنين استحال إلى لاهوت للأكاذيب:
مرة على الآخرين!
ومرة على النفس!
وعندما اختلط نوعا الأكاذيب عليهم فَقَدْ فَقَدُوا تبين الحدود الفاصلة ما بين الكذب والحقيقة وهذه من أعراض "الذهان" الديني!
4.
هنا دخل المسلمون في الطور الثاني من المِحْنَة:
احتقار الحقائق والوقائع الملموسة!
إذن أن تخلف مضامين نصوصهم الدينية خلق أزمة دينية وأخلاقية وسط الشباب من جهة وفضحت الوجود الإسلامي بين الأمم من جهة أخرى. وكالعادة وبدلاً من تصحيح مسار عقيدتهم وإصلاحها يتبعون استراتيجية النَّعَّامة في المتلازمة المشار إليها ويقومون بصناعة عصرية تأويلية شاملة للنصوص التي أثبت التاريخ فشلها وتناقضها مع المنطق والأخلاق السوية حتى بالنسبة للكثير من المسلمين كمواطنين في مجتمعات معاصرة. فقد أصبح من الصعب على الناس العودة إلى عصور محمد والصحابة والتابعين المتخلفة.
5.
وها نحن في هذا الطور الإسلامي الذي تكلمت عنه في "ما الفرق ما بين الكذب النازي والإسلامي؟" هو الكذب الشامل على الذات هروباً من محن العصر وتحديات التطور البشري.
فعمليات الكذب على النفس لها مفعول المخدرات تدفع حيناً إلى النسيان وحيناً أخر إلى الهلوسة!
إن هذا الوهم الذي يعيش فيه المسلمون له في بعض الأحيان تأثيرات علاجية يعيد إليهم نوعاً من التوازن المفقود والشعور بالدونية. لكنه في نفس الوقت يحولهم إلى شيء مضحك لم يعد بالإمكان التستر عليه.
ملاحظات:
[1] "التُّربة" هي قطعة من الطين المجفف التي يدعي الشيعة بأنها مأخوذة من أرض مقدسة "كربلاء" يضعون عليها جباهم في السجود!
[2] إن تفسير الناس لدفن النعامة لرأسها في التراب لا يستجيب للتفسيرات العلمية. فللنعامة أسباب مختلفة في القيام بهذا السلوك، من ضمنها هو أنها تتأكد من بيوضها المدفونة في الأرض؛ كما أنها عن طريق الذبذبات المارة عبر الأرض تتعرف على صوت خطوات الحيوانات المفترسة.
لكن التصور الشائع لدفن النعامة رأسها في التراب تحول إلى "متلازمة" تعبر عن امتناع الناس عن مواجهة الحقائق والمشكلات التي تواجههم. وهم بدلاً من البحث عن الحلول الواقعية تراهم يفعلون كمن يدفع رأسه في التراب هروباً من المشاكل!
يقولون إن الشخص الذي يرفض مواجهة مشكلاته، أو يرفض أن ينظر للأمور بصورة واقعية، هو كمن يدفن رأسه في الرمال مثلما تفعل النعامة.
للمعلومات:
النعامة لها دماغ لا يتعدى حجم "حبة الفاصوليا"، وليس لهذا "الدماغ" إلا ثلاث وظائف:
1.الجنس والتكاثر.
2.البحث عن الغذاء.
3.والهروب من المخاطر.
قارن هذا مع عقلية المسلمين وسوف تجد أن في مقارنة المسلمين بالنعامة فيها ما يبررها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق