منع

الهدية [16/حول أحداث 10/7]

1.سوف أكرر دائماً الفكرة الأساسية: 
الكذب واختلاق "الحقائق" لا علاقة لها بحرية الرأي. إذ ليس للمرء أنْ يدعي "حقيقة" ما لا يمتلك الدليل على وجودها.
2.
و"الحقيقة" التي لا أحتاج جهداً  كبيراً للبرهنة عليها هي التالية:
في يوم 7 أكتوبر 2023 رأى العالم أنَّ "حماس " وحركة "الجهاد" قدمتا هديَّةً ثمينة ذات أبعاد ثلاثة[ولا أحد يعرف الخلفية لهذا الحب] لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس حزب "الليكود" اليميني.
وهكذا قامت "حماس " وحركة "الجهاد" بإنقاذ نتنياهو من أزمات داخلية قاتلة من بينها عدم الثقة بإدارته ووفرت له المبررات العملية لإنقاذ نفسه من الهاوية السياسية التي كانت تنتظره.
وهذا هو البعد الأول للهديَّة.
3.
أما البعد الثاني من الهديَّة التي قدمتها "حماس " وحركة "الجهاد" لنتنياهو فله وجه مأساوي:
تدمير شامل لمدن وبلدات غزة تدمير لا يمكن إصلاحه لجيل كامل من الفلسطينيين؛ وسحق الفلسطينيين في غزة وفي سحقاً بالمعنى الحرفي للكلمة!
4.
غير أنَّ البعد الثالث للهديَّة الحمساوية المستتر هو أنها قدمت لإسرائيل الشروط الموضوعية للكشف عن منظومة من الأزمات  في المجال الأمني ودفعت إسرائيل إلى إعادة النظر بصورة جذرية في التقنيات والوسائل والمنظومات الدفاعية.
بل أنَّ هجوم السابع من أكتوبر ساهم بتدمير الاتجاه السلمي في المجتمع الإسرائيلي وخصوصاً اتجاه حزب العمل وحركة "السلام الآن" والكثير من الأصوات المنادية إلى سياسة سلمية مع الفلسطينيين من جهة، وإعطاء "التبريرات" للاتجاه الديني المتطرف لكي يحتل مكانة متميزة في السياسة الإسرائيلية والرافض للحلول السلمية.
5.
ما كان يمرُّ، وحتى في الأحلام، في رأس نتنياهو والليكود أن تتوفر لهم هذه الفرصة الذهبية التي لا يمكن تكررها بسهولة لتنفيذ عدد من المشاريع السياسية لحزب الليكود والتيارات المتطرفة السياسية والدينية في المجتمع الإسرائيلي من جهة؛ وامتلاك التبريرات السياسية أمام العالم لكي يقوم بتدمير البنية التحتية والسكنية والخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والمراكز التجارية والخدمية لقطاع غزة التي على مساحة تقدر بـــ 365 كيلومتراً مربعاً من جهة ثانية؛ والتدمير السكاني الجسدي والنفسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي لحوالي مليونين من المواطنين الفلسطينيين في بلدات ومدن غزة وإعادة حياتهم سبعين سنة إلى الوراء إلى ما كانت عليه حياة آبائهم وأجدادهم عام 1948 من جهة ثالثة.
فعدد القتلى الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية [هذا ما جنته "حماس" على الفلسطينيين : إما النزوح عن غزة وإما الموت! [3/حول أحداث 10/7] و[الضحايا البشرية المستترون بعد "النصر الساحق" لـ"حماس!!!"[6/حول أحداث 10/7] أصبح من الصعب إحصاءه الآن بسبب توالي موجات القصف الليلي الزلزالي في ظل انقطاع الكهرباء والاتصالات والانترنت، والأحياء منهم قد فقدوا مساكنهم ومصادر عيشهم ووجودهم نهائياً وهم الآن محصورون في بقعة من الأرض ما بين الدمار الشامل لعدد كبير من المدن والأحياء الغزَّاوية والحدود المصرية التي "اتفق" الجميع على عدم اجتيازها!
6.
إنَّ الحلم الليكودي قد تحقق كهبة من السماء بفضل "حماس " وحركة "الجهاد"- و"حماس " وحركة "الجهاد" فقط!
ولا يشكل بالنسبة لي أية قيمة فيما إذا كانت هذه الهدية قد قُدمت بصورة واعية [ولا تهمني حتى الأسباب] أم نتيجة للوعي والتفكير الإسلامي المنغلق والمتخلف والمتطرف لـ"حماس" ومن يتبعها من المنظمات الإرهابية المتطرفة التي لا يولي أية أهمية لحقائق الواقع والنتائج المترتبة على ما تقوم به – طالما كان الهدف القريب هو المزيد من "الشهداء"، أما الهدف البعيد فهو "الجنة"!
أما الفلسطينيين [وليس فلسطين فالوطن ليس أرضاً بل بشراً] فإننا نراهم الآن:
في المحرقة!
7.
وإذا ما كانت "حماس " وحركة "الجهاد" قد قامتا بهجوم 7 أكتوبر بصورة واعية للنتائج أم لا فإنهما في الحالتين قد ارتكبتا جريمة فظيعة بحق الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تغتفر.
من صور دمار غزة




أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر