منع

الدفاع عن الإيمان الديني هو الدفاع عن قضية فاشلة!


الدفاع اللاهوتي هو دفاع عن سلطة اللاهوت في الدولة والمجتمع:
مقدمات:
[1] إنَّ "الدفاع الديني" هو دفاع بأدوات لاهوتية إيمانية. ولهذا فهو فعلاً وحقاً "دفاع ديني" لا يسعى إلى قول الحقيقة، بل الدفاع عن "العقيدة الدينية" كما هي من غير أي تفريط لا بتاريخها ولا بمصالحها ولا بمادئها.
[2] لمن يتأمل الدفاع اللاهوتي السني والشيعي عن الإسلام (والمسيحية ليس استثناء) وبشكل خاص عن طوائفها، بتأن فإنه لا محالة، سيستشعر عن بعد رائحة معدن السيف والكراهية.
[3] الدفاع اللاهوتي هو استمرار بلغة الكلام للحروب القديمة وتمهيد لحروب قادمة.
1.
من المفارقات المثيرة للاهتمام (على الأقل من وجهة نظر المراقب المحايد) أن المؤمن يبدو "منسجماً" و"مقتنعاً" إلى حد الذوبان و"السخسخة" عندما يؤدي طقوسه الدينية بصمت.
لكنه حالما يتكلم وَيَشْرع بالدفاع عن "صحتها المطلقة" و"مصداقيتها التي لا تعرف المكان والزمان" يكشف بطريقة لا تقبل الشك عن أوهام هذه الطقوس وعن شكوكه على حد سواء!
فالمثل الشهير: "كل شيء زاد عن حده تحول إلى ضده يعمل بكامل القوة!
ولهذا:
فإنَّ صمته رحمة له ولنا على حد سواء. وهذا ما يحلم به الجميع: صمت المؤمن!
2.
فصمت المؤمن "يغطي" بطبقة كثيفة من الطقوس على وعيه المزيف إزاء عبث طقوسه الدينية من جهة، وإزاء خرافات الإيمان من جهة ثانية. ولهذا إذا أردت أن يكشفَ المؤمنُ بنفسه ومن غير إجبار عنْ وعيهِ المزيفِ ناقِشْهُ - ولكن عليك تحمل نتائجه نقاشه العبثية!
هنا سوف تسقط "صورة" التقوى وتظهر محلها: ثقافة الاستفراد بالكلام واللغة الإرهابية التهديدية حيث تحول كل هذا في الإسلام إلى "علم"!
والأمر لا يختلف بالنسبة للمسحيين العصابيين العرب (فالكثير من المسيحيين في العالم لم تعد المسيحية بالنسبة لهم غير نوع من "التقاليد" العائلية ولا شيء آخر) إلا من حيث الشكل والقوة. لكنهم عندما يكونون خارج مخاطر الرقابة الإسلامية وعلى مسافة رقمية " Digital" كافية، فإنهم يستخدمون ذات اللغة الإسلامية (فهم عاشوا معاً وتثقفوا معاً) ولكن بدل محمد سوف يتناهى إلى سمع القارئ اسم "يشوع" مرات لا تعد ولا تحصى. فتختفي فجأة خرافات الحب والتسامح وتظهر محلها ثقافة الحروب الصليبية التي لم تمت - بل اندثرت فقط تحت ضرورات الواقع التاريخي.
ملاحظة هامة [1]:
[فرقة العيارين]

3.
وهكذا سنرى هذا اللوحة المتكررة:
حالما يتكلم المؤمن يبدأ تخبطُهُ وعجزُهُ وغياب المنطق "يَنْدَلِقُ" اندلاقاً وكأنَّ قوةً "عُلْوِيَّةً" تجبره على ذلك. والقوة العلوية هذه هي:
وعيه المزيف عن الله أو الأب ويسوع ومن لمَّ لمهم من الأئمة الصالحين والطالحين الذين لا يعرفون الخطأ والزلل!
فحين يتكلم المؤمن عن "إيمانه" فهو يتكلم عن "وَهْمٍ". والبرهنة على "وجود الأوهام" مهمة مستحيلة.
فهو "يؤمن" ولا شيء آخر!
والإيمان موقف أعمى يُفسد آليات التفكير ويضطر المؤمن إلى ارتكاب عشرات السخافات اللغوية والمنطقية. وهذه هي الإيجابية والوحيدة كم مناقشة المؤمنين. فهم يزودوننا بالأدلة على زيف وعيهم وسذاجة قناعاتهم.
ملاحظة هامة [2]:
رغم هذه الخدمة التي يقدمها المؤمنون بالكشف عن هذا الزيف فأنا شخصياً قد مللت أن أكون شاهداً على مظاهر ثقافتهم.












4.
إلَّا أن المفارقة هذه لها وجه آخر مثير للضحك مرة "وربما" البكاء مرات:
فالمؤمن (المسلم والمسيحي "الشرق أوسطين" على حد سواء) يبرهن لك على عقيدته الدينية مستشهداً بالكتاب الذي يقدسه: الأول بالقرآن والثاني بالكتاب المقدس عنده!
أيْ أنه يبرهن على "صحة" وجهة نظره وخطأ وجهة نظرك بالشيء الذي ترفضه مقدماً ومبدئياً جملةَ وتفصيلاً ولا تؤمن حتى بوجوده!
وهو كل هذا يدعي "العلم" و"التفكير العلمي" مستشهداً بهذا "العالم" أو بذاك "المفكر".
تصوروا أن يبرهن الفيزيائي على فرضيته العلمية مستشهداً بجدته (أو بخالته أو بعمته لا فرق) التي تؤمن بظهور العذراء على الجبل أو تلك الجدة التي لا ترى في الليل غير الأشباح والسعالي والطناطل - وفي أحسن الأحوال الملائكة؟!
5.
هل يعرف هؤلاء البشر بأنهم لا يدافعون إلا عن قضية السلطة التي هم جزء منها – أو السلطة التي يحلمون بها، وإن قضيتهم الدينية فاشلة؟
إنني على يقين بأن أكثريتهم يعرفون هذه الحقيقة!
إنهم متورطون في وعيهم ومنجرون رغماً عن أنوفهم بحكم الثقافة إلى الانخراط في الدفاع عن قضية آيلة إلى الزوال.
غير أن قانون التعصب الطائفي المسيحي والإسلامي (السني والشيعي) يدفع بهم قُدماً، متناسين وجودهم الارضي الذي فرطوا به، إما إلى القَتْل والتهديد (حين يكون هذا بإمكانهم وفي متناول أيدهم) أو الردود السمجة والشتائم العلنية أو المستترة مستندين إلى نفس العقيدة المرفوضة من قبل المُنَاقِش أوْ المُعْتَرِض على عقيدتهم نفسها!
إنهم لا يفهمون ويرفضون أن يفهموا الخلاف العظيم ما بين أن يناقش نفسه أو جاره المؤمن بنفس خرافاته من جهة ومناقشة آخرين لا يرون في عقيدته غير خرافات أكل عليها الزمن وشرب!
6.
فهل ثمة جدوى من مناقشتهم؟
هذا السؤال لم أردده ولن أردده بحثاً عن إجابة.
فقد عرفتهم وخبرتهم حتى أشعر وكأنني أرى ذات الشيء Deja Vu وأسمع ذات الشيء عشرات المرات؛ إنه نوع من التكرار الكابوسي الذي يتحول إلى صلاة مقدسة معادية للجميع (الكاثوليكي يكره جميع الطوائف المسيحية الأخرى – والسني أو الشيعي يكره جميع الطوائف الإسلامية الأخرى).
ولهذا فأنا لا أنتظر إجابة من أحد (رغم أنني لا أرفض أي إجابة إن ارتأى القارئ ذلك).
إنني أريد أن أقول للعصابيين وأنصاف المتعلمين وخريجي مدارس الأحد المسيحية والحوزات الشيعية وثانويات الأزهر الريفية بأن دفاعهم عن إيمانهم قضية فاشلة لا يربحون منها غير الأوهام وضياع فرص الحياة.
فالحياة الوحيدة – ولا حياة غيرها – لا مكان لها إلا هنا على الأرض وإنهم يفرطون بها من أجل حياة وهمية!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر