[افتح يا سمسم!]
1.
إذا ما سألت الآن القراء عن أول كود ديجيتال للتحكم في فتح الأبواب عن بعد فإنهم من غير شك سوف يشيرون إلى التقنيات الحديثة.
ولكن ما رأيهم إن أخبرتهم بأن وصفاً لهذا النوع من التقنيات يعود إلى حوالي القرن العاشر في بغداد؟
ليس في الأمر أية لعبة من " ألعاب الكلام" ولا حلم من أحلام المنام!
بل لا يتعلق الأمر بأي نوع من "الإثارة الصحفية" على طريقة المتدينين (الحق أنها أقرب إلى الكذب والتدليس) الذين يتناسون أنفسهم ويحاولون في المنتديات وعلى اليوتوب والسوشيال ميديا، بيع بضاعة فاسدة من نوع:
- "الله أكبر الله أكبر اعجاز عقلي يدل على وجود وحكمة الله "!، أو مثل: معجزة إسلامية تشاهدها بعينيك"، وغيرها الكثير من الخزعبلات!
2.
وربما سيتساءل البعض بأنني أتبع أسلوب الإثارة هذا أيضاً، وإلا كيف أدعي أن أول وصف لـ"كود" صوتي ديجتال عربي للتحكم في فتح الأبواب عن بعد يعود إلى القرن العاشر أولاً، ولماذا لا أقول ما أريد وينتهي الموضوع ثانياً؟!
3.
اعترف، إنْ اعترض معترض على ما أقوم به، فهو محق. ولكن لكل كاتب هدف واستراتيجية في الكتابة. وإن هدفي بالذات هو الحديث عن أسلوب الإثارة الرخيص الذي يستخدمه المتدينون في عناوين الفيديوهات أو المدونات جميعاً (المسلمون والمسيحيون على حد سواء). فهم يعلنون عن "بضاعة" ما، وحالما يفتح المرء "العلبة" سيكتشف أنها فاسدة!
4.
هذا أسلوب يكاد أن يكون أسلوباً متميزاً، والمفارقة الكبيرة هي أنهم "يمارسونه حتى في منتديات الملحدين واللادينيين من غير أن يفكروا ولا لحظة واحدة بأن مثل هذه الخزعبلات والخدع الطفولية لم تخدع يوماً أحداً ولن تخدع غير أنفسهم وأشباههم.
5.
ولكن كما يقول المثل، لا يستطيع الإنسان أن يختار غريمه دائماً.
فنحن نصطدم بنفس المنطق الذي نرفضه في وسائل إعلام الإسلام والمسيحية: الاستخفاف بثقافة القارئ أو المشاهد، مسترشدين بالإيمان العقائدي بمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة". وهذا أمر سخيف جداً.
نحن لسنا من الناس الذين يقرأون النصَّ كنصٍّ لا غير. بل "النص" نصَّان واحد مرأيٌّ والآخر يختفي خلفه يكشف عن الكاتب: ثقافةً وعقيدةً وطريقةً في التفكير والعيش. وهذا النوع من الكتابات "استبذال" و"استخفاف" بما نسعى القيام به: أن نفكر، وأن نعقل العالم الذي نعيش فيه، وأن نصل إلى استنتاجات جديدة تقربنا من الحقيقة أكثر من الأمس وتكشف لنا آفاقاً أوسع مما نعتقد اليوم.
6.
كما ترون لم أكشف لحد الآن عن حقيقة العنوان، لكنني لم أتبع إثارة رخيصة أولاً، وسوف أخبركم حقيقة صادقة ثانياً. لقد رغبت أن أقدم لكم تجربة في أسلوب الإثارة، لكنه بعيداً عن رخص الكلام وابتذاله. كما آمل أن تكونوا قد استمتعتم وأنا أفكر بصوت عال.
6.
الكل قد سمع، وربما قرأ “حكايات ألف ليلة وليلة". ومن قرأ الحكايات فإنه لابد وأنه قد قرأ حكاية "على بابا والأربعين حرامي". ومن قرأ هذه الحكاية لابد وأنه يتذكر كيف يتم فتح باب المغارة التي يخفي فيها اللصوص كنوزاً وأموالاً ضخمة. والكيفية هي "كود" صوتي للتحكم في فتح الأبواب عن بعد وهو:
- افتح يا سمسم!
فحالما يلفظ المرء عن بعد هذه الجملة تنفتح أبواب المغارة بقدرة التكنولوجيا التي لم يكن يدركها أحد آنذاك!
وهذا هو أول مفتاح صوتي ديجتال!!!
7.
كما ترون فأنا كنت صادقاً معكم وأخبرتكم بما وعدتكم به (بكلمة أدق لفت انتباهكم لما لم تنتبهوا إليه) ولكن مع شيء إضافي:
دعوة إلى التفكير وعرض الآراء بصدق، لا بيع بضائع فاسدة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق