منع

لماذا يتدخل المسلمون في حياة الآخرين؟ أسئلة ليست محيرة . . .

صورة خضراء لفيروسات
مقدمة:
لا تختلف العدوى بـ"الفيروسات" عن "التدخل" في شؤون الناس الشخصية من قبل الآخرين أو الدولة أو هيئات العقائد الدينية وشرطتها المعلنة أو المستترة إلا من الناحية الشكلية.
ويتحول هذا "التدخل" إلى جائحة اجتماعية وثقافية وأخلاقية عندما تكتسب طابعاً جماعياً فتطيح بأي أمل لحياة طبيعية..
والنشاط الدعوي الإسلامي الفظ والمنافي لأبسط الحقوق الشخصية والموجه ضد حق الاختيار وحرية التفكير المستقل هو عن حق جائحة لا مصل مضاداً لها ولا علاج إلا بالعزل الحاسم للنشاط الدعوي الديني عن الدولة والسياسة والحياة العامة والشارع والمدرسة.
1.
كلما يفقد المسلم "إيمانه" بصحة عقيدته الدينية كلما سعى جاهداً وإلى حد الهوس إلى "البرهنة" على صحة هذه العقيدة "تاريخياً"!
وكلما يشعر المسلم بوحدته القاتلة في هذا العالم الفسيح كلما ازداد هوسه بالتدخل في حياة الآخرين...
وكلما يزداد المد اللاديني (وفي داخل المجتمع الإسلامي) ورفض الإيمان بالعقائد الإيمانية السنية والشيعية كلما ازداد المسلمون هوساً بالحديث عن الاستعمار والإمبريالية والصهيونية و"روسيا الشيوعية!" وماكدونالدز والكوكا كولا وغيرها الكثير من المشروبات والكيانات الحقيقية أو المفترضة!
2.
ولأنَّ المؤمن العصابي صاحب الثقافة الظلامية يكره التاريخ والوقائع ولا يكنَّ لها أيَّ احترام فإنه مستعد لتدمير معنى التاريخ وأهداف التاريخ وقيمة التاريخ من أجل أن يصطنع معنى وأهدافاً وقيماً أخرى تناسب رغائبه العقائدية من جهة، ووصف الوقائع بصورة مشوهة وما يناسب العقيدة الدينية من جهة أخرى.
3.
ومن هنا تبدأ رحلة المسلم الحركي الظلامي:
تدمير التاريخ والتستر على الوقائع وانتقاء ما يحلو له من أنصاف الحقائق و"الحوادث" الوهمية والشواهد الساذجة و"الشخصيات" الأسطورية والخرافية لكي "يبرهن!" على طريقته بأنه يؤمن بوجود "تاريخ" لا شك فيه!
وهكذا يعيد التوازن لإيمانه المهزوز بعقيدته الدينية ويشعر بنوع من الاستقرار النفسي إلى حين افتعال "معركة" جديدة "يجاهد من أجلها و"ينتصر!" فيها!
4.
فيأخذ "صاحبنا!" بالصراخ منتصراً في معارك بطولية وهمية وجدالات لا تعني أحداً غيره وطرح موضوعات أكل عليها الدهر وشرب لكي يعلن للملأ بأعلى صوته بأنه لا يزال يؤمن وبأنَّ "الله" في مكان ما يستوي على عرش وأنْ نبيه أحسن الأنبياء واصدقهم – وأن الإسلام "زي الفُل" والمشكلة الوحيدة هي "الخواجات" الذين يحرضون المسلمين على الإسلام!!!
فهل هذه الأسباب كافية للتدخل في حياة الآخرين؟
5.
حسناً:
ها أنت "برهنت!" على وجود الشياطين والأنبياء والسعالى والملائكة والطناطل والله والجن والرسل والأئمة المعصومين و"شق وسطيح" والغيلان وغيرها الكثير من قائمة الكائنات الخرافية!
فما قيمة هذا "البرهان"؟!
ماذا "ستفعل" به وما هو نفعه بالنسبة لك في عالم التخلف الذي تعيش فيه وتسهم في صنعه؟!
لكي تثبت بأنك لا تزال تؤمن فقط؟
حسناً:
فلتؤمن!
فما شأن الآخرين بهذا الإيمان الخرافي؟
وما شأن الآخرين بحيرتك وأزمتك الدينية وقلقك وشكوكك؟
وما شأن الآخرين بأنك اخترت ظلام الفكر وخيبة الإيمان؟
ما شأن الآخرين بكل هذا؟
6.
لا يوجد شخص واحد على الأرض (وأستطيع الجزم من غير أي تردد وأن أضيف: على المريخ وعطارد وزحل والزهرة والمشتري وأورانوس ونبتون والقمر ودرب التبانة وفي جميع أنحاء الكون) مهتم بإيمانك ومنشغل بقضية شكوكك على شرط واحد بسيط بساطة مذهلة ومدهشة، وليس ثمة شرط أكثر بساطة منه وأهمية:
ألَّا تحشرَ أنفُك فيما لا يعنيك وأنْ تترك الآخرين وشأنهم لكي يعيشوا حياتهم الخاصة بسلام!
7.
هل في هذا المطلب إجحاف بحقك؟
هل فيه تعدٍ على حقوقك أو خرق لها؟
هل فيه تدخل في خرافات ربك وأساطير نبيك وخزعبلات أوليائك الصالحين والأئمة المعصومين؟
هل ثمة حق بسيط أكثر بساطة من هذا الحق:
إن تترك الأخرين وشأنهم؟
هذه أسئلة ليست محيرة.



لا تنس ذكر "الله"!

بطاقة معلقة على مقبض الباب


 1.

يطالب الكهنوت الإسلامي والمؤسسات الحكومية في مملكة الظلام شفهياً وتحريرياً المواطنّ ألا ينسى "ذكر الله"، حتى أصبح هذا "الذكر" واجباً وطقساً يوميين على المواطن القيام به وإلا ستأكله السعالي والغيلان والقطارب!
فالنصوص المزخرفة بعبارة "لا تنس ذكر الله" تطالعك في كل مكان:
في الشارع ووسائط النقل وعلى الجدران في المؤسسات الحكومية في غرف الموظفين والممرات، وفي المدارس والجامعات والمحلات التجارية – بل وحتى في الشوارع والساحات والملاعب الرياضية؛ أما الإنترنت فحدَّث ولا حرج. إذ يعج بهذا النوع من اللافتات السخيفة، حتى كأن القيامة قد قامت – أو على وشك أن تقوم!
وكلها تزعق بصوت قبيح واحد: لا تنس ذكر "الله"!
2.
إذن، وهذا ما يبدو من التذكير المتواصل الذي لا ينقطع طوال اليوم وبكل الوسائل التقنية، أنَّ صاحبنا "المؤمن" ينسى "ذكر الله" حالما ينغمر في أعماله وتحصيل رزقه، راكناً ذكر هذا المدلل "الله" في زاوية مهملة من زوايا تلافيف دماغه.
3.
إلا أن المرء، من حيث المبدأ، لا ينسى ما هو ضروري وهام بالنسبة له:
فهو حالما يستيقظ يغسل أسنانه (إن اعتاد غسلها) بالفرشاة ولا ينسى أن يضع معجون الأسنان بدلاً من معجون الطماطم؛ ولا ينسى أن يفطر وأن يحتذي جواربه قبل أن يحتذي حذاه. فهذه أمور مهمة ولا حاجة له بلافتات مزخرفة تذكره بها؛ كما أنه لا ينسى أن ينزع بجامة النوم قبل الذهاب إلى العمل، مثلما لا ينسى أن يشتري تذكرة الباص ويدفع المقابل.
لكنه رغم كل ما يقوم به من أفعال يومية لا عدَّ لها ولا حصر، وهو بالكاد ينساها، ينسى "ذكر الله":
إنه ينسى ذكر ما لا يُنسى وما لا عليه أن ينساه!
ومع ذلك فهو ينساه ويعرض عنه!
4.
هذه حقيقة حياتية لا يمكن الشك فيها.
إنَّ "الجماعة" تنسى "الله"!
ولهذا يجب تذكير أفرادها في كل لحظة من ساعة الصحو أنْ يذكروا "الله".
وتقدم لنا [صور الإعراض عن ذكر "الله"] كما يراها الكهنوت عبأ ووطأة الإيمان في حياة المسلم:
الإعراض عن ذكر الله له صور:
إعراض مكاني: بحيث لا يجلس في مكان الذكر.
إعراض قلبي: بحيث يكره الذكر، حتى ولو جلس فهو -أيضاً- كاره، كأنه في سجن، أو قفص، مثل الطير يريد أن يطير، يريد أن ينفك.
إعراض عملي.
إعراض دَعَوي.
إعراض شعوري.
إذن فإنَّ على المؤمن أنْ يوظف كافة طاقته الحيوية في عملية "الذكر"؛ وإن عليه أنْ يكون في الجوامع والمساجد والحسينيات؛ وأنْ تكون فكرة "الله" قائمة في عقله 24 ساعة مردداً ما يعبر عن "الذكر" وإنْ لا يشعر بأي شكل من أشكال الحرية وكأنه طير طليق – فهذا كفر وإجحاف بحق ربه؛ وأن يذكر "الله" عملياً – ربما بالصلاة المتواصلة؛ وإنْ يدعو طوال حياته إلى الإيمان بالله؛ وأنْ يستشعر وجود "الله" في أعماقه من غير استراحة أو عطلة أسبوعية!
فهل ثمة جحيم آخر أكثر وطأة من هذا الجحيم؟
فيضانات من دموع المسلمين الإيمانية
[بدون تعيـــــــــليق!]
[بدون تعليق!]

5.
فما الذي سيحدث إنْ نسي المؤمن "الذكر" أو رفض أن يذكره والوقائع تقول إنه ينسى يومياً؟
أو بلغة الكهنوت: ما هي عقوبة نسيان "الله"؟!
هنا يأتي التهديد:
-"وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا"!
-"فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ"!
-"فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ"!
-"وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ"!
-"فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا"!
وصاحب هذا التهديد ليس أيا كان، بل هو "الله" شخصياً. فهو يطالب الناس أنْ تتذكره وتذكره وتذكر "آياته!" حتى لا يُصبح نسياً منسيا!
وهنا يقع مؤلف القريان في تناقض مميت مع نفسه.
فطالما قرر بأنَّ: "في الأرض آيات للموقنين" فإنَّ على الناس – وبشكل خاص المسلمين رؤية هذه "الآيات" طوال اليوم حولهم "فيتذكرون!".
ولكنهم وإذ ينسون "الله" رغم ما يدعون له من حضور شامل فإن الأمر لا يخرج عن احتمالين:
إما أنْ يكون مؤلف القريان كاذباً مدعياً ما لا وجود له؛
وإما لا يؤمن "المسلمون" بهذه "الآيات"!
فإي الإجابتين يختار المجاهدون؟
إنهم أحرار!
إلى جهنم!
6.
ولكن: لماذا يصر الكهنوت الإسلامي على/ويسعى إلى إجبار الناس أن "يتذكروا ربهم" 24 ساعة وحيث تقوم الدولة العربية (بقدر ما هي دولة!) بكل رحابة صدر بدعم هذا الإصرار والإجبار (عندما توظف جدران وغرف ومكاتب الدوائر والمؤسسات الحكومية الرسمية والمدارس والجامعات الحكومية ووسائط النقل الحكومية لهذا الغرض)؟
هل الأمر مجرد اعتراف ضمني بأنَّ الناس قد نسيت ما تؤمن به؟
أم أنَّ هذا النسيان متأتي من غياب الإيمان وأنَّ القوم قد أسلموا "ولم يدخل الإيمان قلوبهم"؟
رغم أنَّ السؤالين يمتلكان ما يكفي من المشروعية إلا أنَّ الهدف الحقيقي يختفي خلف أسوء الاحتمالات الواقعية (ضعف إيمان الناس واستعدادهم اللاشعوري لنسيان خرافة "الله"):
إنَّه اشغال الناس بقضية غيبية تأخذ بهم بعيداً عن مشاكل الحياة اليومية وصعوبات العيش وظلم السلطان وتخلف الظروف الاجتماعية والفساد المالي وسوء استخدام السلطة وخرق القوانين من قبل مؤسسات الدولة نفسها والتجاوز على حقوق البشر وعجز الدولة ذاتها في أن تكون دولة كأي دولة في حياة البشر المعاصرة.
7.
هذا هو "حشيش" كفافهم اليومي الذي يأخذه لمن لا يحشش!
إنه نوع من التحشيش الجماعي هدفه الوصل إلى حالة المسطلة "السَّطْلِ" الشاملة ونسيان الحياة الراهنة وتوجيه أنظار هم صوب قبورهم وليس غدهم المعتم!
ولهذا فإنَّ على الناس، ومنذ أن يفتح عينيه (إن فتحهما) صباحاً أن يقدموا أوراق اعتمادهم إلى الوهم الكبير: الله، وذكرها من غير انقطاع وهوادة والتخلي عن أنفسهم بمحض إرادتهم وترك الدولة في راحة البال وبعيداً عن همومهم الثقيلة وتعاستهم التي لا بداية من غير نهاية.
8.
خاتمة [1] للذين يعقلون:
"كلب بافلوف": الفعل المنعكس الشرطي
هو اسم التجارب التي قام بها العالم الروسي بافلوف (1849 -1936) في مجال "الاستجابات/الأفعال الشرطية". وقد بدأ بافلوف تجاربه على الكلاب حيث استطاع بعد تجارب كثيرة التوصل إلى أنَّ لعاب الكلاب يمكن أن يسيل ليس فقط بسبب الاستجابة لمنبهات واقعية فعلية - رؤية الطعام (اللحم) وإنما عند "تصور" اللحم:
رسم توضيحي عن الاستجابة الشرطية لبافلوف



ولهذا فقد قام بتجارب في إطار شروط منسجمة واحدة (كالوقت والمكان والشخص الذي يقدم الطعام وغيرها) بتقديم الطعام للكلب مصاحباً بإشارة صوتية أو ضوئية. ومن الطبيعي كان لعاب الكلب يسيل حال رؤية الطعام. وبعد تكرار التجربة مرات عديدة فإن الكلب اعتاد أن يرى أو يسمع المنبه حال الحصول على الطعام.
بعد ذلك تمت إعادة التجربة ولكن من غير تقديم الطعام الفعلي فسال لعاب الكلب عند سماع الإشارة الصوتية فقط من غير رؤية الطعام.
9.
خاتمة [2] للذين يعقلون:
هنا نحن أمام شيئين:
منبه؛
واستجابة.
إنَّ المنبه في حالتنا: هي "ذكر اسم الله"؛
أما الاستجابة: فهي تذكر ضرورة الخضوع.
غير أن الجميع يدركون أن الإنسان لا يخضع لفكرة وهمية وإن خضع فإن عليه مراجعة مصح الأمراض العقلية.
إن الثالوث المقدس الإسلامي (أنظر: محمد [1]: ثالوث الطاعة المقدس) = ثالوث الخضوع:
"الله" ومحمد وأولي الأمر!
ومن الناحية العملية فإن ديالكتيك الخضوع يبدأ بأولي الأمر: فإن تخضع لهم، فأنت تخضع "للرسول!"؛ وإن تخضع لهذا "الرسول" فأنت تخضع "لله".
ومن ثم بالعكس: أن تخضع "لله" فأنت تخضع "للرسول"؛ وأن تخضع "للرسول!" فأنت تخضع لأولي الأمر. وحين يسقط "الله" و"الرسول" من الحساب [وهما ساقطان من الناحية الواقعية] فأنت لا محالة خاضع لأولي الأمر.
ولهذا فإن تذكر اسم "الله" ليل نهار لا يعني غير أن تكون خاضعاً لأولي الأمر!
تهانينا! 
لقد ربحتَ جائزة الخضوع الأولى!


أحدث المقالات:

كتاب: حكاية الحمار العجيبة الذي قرر أن يكون مؤذناً!

المواضيع الأكثر قراءة:

◄ أربعة مقالات حول: خرافة "الرحمة" في الإسلام!

هل كان آينشتاين مؤمناً؟

مقالات عن الشيعة: اساطير التاريخ وأوهام الحاضر